الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ تَقْدِيرًا وَحُكْمًا، وَتَرْتِيبَ أَحْكَامِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي حَالَاتٍ ثَلَاثٍ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: عِنْدَ إقْبَاضِ الْمَنْقُولَاتِ بِالتَّخْلِيَةِ مَعَ التَّمْكِينِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا الطَّرَفُ الآْخَرُ حَقِيقَةً، حَيْثُ إنَّهُمْ يَعُدُّونَ تَنَاوُلَهَا بِالْيَدِ قَبْضًا حَقِيقِيًّا، وَالْقَبْضَ بِالتَّخْلِيَةِ قَبْضًا حُكْمِيًّا، بِمَعْنَى أَنَّ الأَْحْكَامَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ كَأَحْكَامِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ (1) .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا وَجَبَ الإِْقْبَاضُ وَاتَّحَدَتْ يَدُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ وَقَعَ الْقَبْضُ بِالنِّيَّةِ (2)، قَال الْقَرَافِيُّ: وَمِنَ الإِْقْبَاضِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَدْيُونِ حَقٌّ فِي يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ، فَيَأْمُرَهُ بِقَبْضِهِ مِنْ يَدِهِ لِنَفْسِهِ، فَهُوَ إقْبَاضٌ بِمُجَرَّدِ الإِْذْنِ، وَيَصِيرُ قَبْضُهُ لَهُ بِالنِّيَّةِ، كَقَبْضِ الأَْبِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَال وَلَدِهِ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ (3) .
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: اعْتِبَارُ الدَّائِنِ قَابِضًا حُكْمًا وَتَقْدِيرًا لِلدَّيْنِ إذَا كَانَتْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً بِمِثْلِهِ (4) لِلْمَدِينِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَال الثَّابِتَ فِي
(1) بدائع الصنائع 5 / 244، وم 263، 462 من مجلة الأحكام العدلية، ورد المحتار 4 / 561، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام العدلية لعلي حيدر 2 / 217.
(2)
تنقيح الفصول وشرحه للقرافي ص456، وانظر قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2 / 72 (ط. المكتبة التجارية الكبرى بمصر) .
(3)
شرح تنقيح الفصول للقرافي ص456.
(4)
أي بمثله في الجنس والصفة ووقت الأداء.
الذِّمَّةِ إذَا اسْتَحَقَّ الْمَدِينُ قَبْضَ مِثْلِهِ مِنْ دَائِنِهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ أَوْ بِأَحَدِ مُوجِبَاتِ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَقْبُوضًا حُكْمًا مِنْ قِبَل ذَلِكَ الْمَدِينِ. وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِ الْفُقَهَاءِ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا:
أ -
اقْتِضَاءُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الآْخَرِ:
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيَجُوزُ اقْتِضَاءُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الآْخَرِ، وَيَكُونُ صَرْفًا بِعَيْنٍ وَذِمَّةٍ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ (1)، وَقَال الأُْبِّيُّ الْمَالِكِيُّ: لأَِنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الصَّرْفِ الْمُنَاجَزَةُ، وَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَسْرَعُ مُنَاجَزَةً مِنْ صَرْفِ الْمُعَيَّنَاتِ، لأَِنَّ صَرْفَ مَا فِي الذِّمَّةِ يَنْقَضِي بِنَفْسِ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول وَالْقَبْضِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَصَرْفُ الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَنْقَضِي إلَاّ بِقَبْضِهِمَا مَعًا، فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلْعُدُول، فَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنْتُ أَبِيعُ الإِْبِل بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَال: لَا بَأْسَ أَنْ
(1) المغني لابن قدامة 4 / 54 (ط. مكتبة الرياض الحديثة) .
(2)
شرح الأبي على صحيح مسلم 4 / 264.