الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ أَوْ دَارَهُ، فَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنَافِعَهَا، وَلَا يَمْلِكُ مِنْ رَقَبَتِهَا شَيْئًا، لأَِنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ عز وجل، فَكَانَ ذَلِكَ شَبِيهًا بِمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ لِلَّهِ عز وجل، فَكَمَا أَنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ بِالْقَوْل وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ مَعَ الْقَوْل (1) ، فَكَذَلِكَ الْوَقْفُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ مَعَ الْقَوْل، وَلأَِنَّنَا لَوْ أَوْجَبْنَا الْقَبْضَ فِيهِ، فَإِنَّ الْقَابِضَ يَقْبِضُ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْوَقْفِ، فَيَكُونُ قَبْضُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً (2) .
(وَالثَّانِي)
لاِبْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَهُوَ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ إلَاّ بِقَبْضِهِ وَإِخْرَاجِ الْوَاقِفِ لَهُ عَنْ يَدِهِ، وَيَكُونُ الْقَبْضُ بِأَنْ يَجْعَل لَهُ قَيِّمًا وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ، وَفِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يُخَلِّيَهُ وَيُصَلِّيَ النَّاسُ فِيهِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنِ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِيهَا فَمَا فَوْقَ (3) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَصَدُّقٌ بِالْمَنَافِعِ، وَالْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ لَا تَلْزَمُ إلَاّ بِالْقَبْضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَبْضُ لِلُزُومِهِ.
(وَالثَّالِثُ)
لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ
(1) شرح معاني الآثار للطحاوي 4 / 98، وبدائع الصنائع 6 / 219، المغني لابن قدامة 5 / 547 ط. دار المنار.
(2)
شرح معاني الآثار 4 / 98.
(3)
لسان الحكام ص114، خزانة الفقه للسمرقندي ص268 وما بعدها، بدائع الصنائع 6 / 219، القواعد لابن رجب ص71، المغني 5 / 547.
الْقَبْضُ لِتَمَامِ الْوَقْفِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ مَرِضَ أَوْ أَفْلَسَ قَبْل قَبْضِ الْمَوْقُوفِ بَطَل الْوَقْفُ، وَيَكُونُ الْقَبْضُ فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَالطَّاحُونِ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَوْقُوفِ وَبَيْنَ النَّاسِ (1) .
(ثَالِثًا) الْقَرْضُ:
48 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي مِلْكِ الْقَرْضِ أَوْ لُزُومِهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ عَقْدِ الْقَرْضِ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُقْتَرِضُ، بَل يَلْزَمُ بِالْقَوْل (2) .
وَالثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ، قَالُوا: يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ.
وَالثَّالِثُ لِلْحَنَابِلَةِ، قَالُوا: يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ (3) .
(رَابِعًا) الرَّهْنُ:
49 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي لُزُومِ الرَّهْنِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي لُزُومِ الرَّهْنِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلرَّاهِنِ قَبْل الْقَبْضِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ (4) .
(1) لباب اللباب للقفصي ص239، وكفاية الطالبي الرباني وحاشية العدوي عليه 2 / 203، 212.
(2)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 226.
(3)
مغني المحتاج 2 / 128، منتهى الإرادات 1 / 397.
(4)
رد المحتار 6 / 479، تبيين الحقائق للزيلعي 6 / 63، مغني المحتاج 2 / 128، المهذب 1 / 312، الأشباه والنظائر للسيوطي ص280، المغني 4 / 328 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 272 وما بعدها ط. السنة المحمدية، وشرح منتهى الإرادات 2 / 232.