الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَاّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالآْخَرُ نَاجِزٌ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ حَتَّى يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ، إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ أَيِ الرِّبَا (1) .
لِهَذَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمُتَصَارِفَيْنِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَأَرَادَا الاِفْتِرَاقَ، لَزِمَهُمَا دِيَانَةً أَنْ يَتَفَاسَخَا الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا قَبْل التَّفَرُّقِ كَيْ لَا يَأْثَمَا بِتَأْخِيرِ الْعِوَضَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، لأَِنَّ الشَّارِعَ نَهَى عَنْ هَذَا الْعَقْدِ إلَاّ يَدًا بِيَدٍ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رِبًا إلَاّ هَاءَ وَهَاءَ، فَمَتَى لَمْ يَحْصُل هَذَا الشَّرْطُ حَصَل الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ رِبَا النَّسَاءِ، وَهُوَ حَرَامٌ، وَفِي التَّفَاسُخِ قَبْل التَّفَرُّقِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ، فَلَا تَلْزَمُهُمَا شُرُوطُهُ (2) .
لَكِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الأَْصْل الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ - هُوَ اشْتِرَاطُ التَّقَابُضِ قَبْل التَّفَرُّقِ لِصِحَّةِ الصَّرْفِ - مَا لَوْ تَفَرَّقَا قَبْل التَّقَابُضِ غَلَبَةً، أَيْ بِمَا يُغْلَبَانِ عَلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا، كَنِسْيَانٍ أَوْ غَلَطٍ أَوْ سَرِقَةٍ مِنَ الصَّرَّافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ:
(1) أثر ابن عمر: أخرجه البيهقي، ومالك، وعبد الرزاق في مصنفه، (انظر نصب الراية 4 / 56، والسنن الكبرى للبيهقي 5 / 284) .
(2)
المجموع شرح المهذب للنووي 9 / 404، وتكملة المجموع للسبكي 10 / 14.
وَقَدْ تَكُونُ الْغَلَبَةُ بِحَيْلُولَةِ سَيْلٍ أَوْ نَارٍ أَوْ عَدُوٍّ قَبْل التَّقَابُضِ (1) وَقَالُوا بِعَدَمِ بُطْلَانِ الصَّرْفِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (2) .
(ثَانِيًا) بَيْعُ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ بِبَعْضِهَا:
40 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الأَْمْوَال الرِّبَوِيَّةِ بِجِنْسِهَا الْحُلُول وَانْتِفَاءُ النَّسِيئَةِ، وَكَذَا إذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا، وَكَانَ الْمَالَانِ الرِّبَوِيَّانِ تَجْمَعُهُمَا عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، إلَاّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ ثَمَنًا وَالآْخَرُ مُثَمَّنًا، كَبَيْعِ الْمَوْزُونَاتِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (3) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ. (4)
غَيْرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ هَذَا عَلَى
(1) التاج والإكليل 4 / 307، ومنح الجليل 2 / 508.
(2)
القوانين الفقهية ص276 (دار العلم للملايين) ، وبداية المجتهد 2 / 164 ط الجمالية.
(3)
أحكام القرآن للجصاص 1 / 552، والأم 3 / 26، 31 ط بولاق، وروضة الطالبين 3 / 378 وما بعدها، والدر المختار مع رد المحتار 5 / 172 ط. الحلبي، وبداية المجتهد 2 / 107 ط الجمالية 1329 هـ) ، والمنتقى للباجي 5 / 3، وكشاف القناع 3 / 215، وما بعدها ط السنة المحمدية، والمغني 4 / 9 وما بعدها ط. دار المنار.
(4)
تقدم تخريجه ف39.