الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا كَانَ بِالنَّازِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ، فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَوْمَ النَّحْرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ.
كَمَا رُوِيَ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الآْثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ.
قَال ابْنُ رُشْدٍ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَأَنَّهُ مَنْ فَاتَهُ فَعَلَيْهِ حَجٌّ مِنْ قَابِلٍ (1) . وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَإِنَّهَا لَا تَفُوتُ بَعْدَ الإِْحْرَامِ بِهَا بِالإِْجْمَاعِ، لأَِنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ، إنَّمَا تَفُوتُ بِفَوَاتِ الْعُمُرِ. (2)
(ر: عُمْرَةٌ) .
تَحَلُّل مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ:
10 -
لَمَّا كَانَ لِلْحَجِّ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ مِنَ الْعَامِ لَا يُؤَدَّى فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَكُونُ الْحَجُّ فِي الْعَامِ إلَاّ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَمَّا كَانَ الإِْحْرَامُ بِالْحَجِّ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ، وَلَهُ مَحْظُورَاتٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهَا، وَيَشُقُّ تَحَمُّلُهَا زَمَنًا طَوِيلاً، فَقَدْ شُرِعَ لِمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَنْ يَتَحَلَّل بِأَعْمَال الْعُمْرَةِ مِنْ إحْرَامِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الْحَجُّ فَرْضًا أَوْ نَفْلاً، صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا،
(1) بداية المجتهد 1 / 335.
(2)
المسلك المتقسط ص285.
وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَوَاتُ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَهَذَا التَّحَلُّل وَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَقِيَ مُحْرِمًا إلَى الْعَامِ الْقَادِمِ وَصَابَرَ الإِْحْرَامَ، فَحَجَّ بِذَلِكَ الإِْحْرَامِ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِمَا سَبَقَ مِنَ الأَْدِلَّةِ وَالآْثَارِ حَتَّى قِيل: هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ. (1)
وَلأَِنَّ مُوجَبَ إحْرَامِ حَجِّهِ تَغَيَّرَ شَرْعًا بِالْفَوَاتِ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُوجَبِهِ (2) وَعَلَّل الشَّافِعِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لِئَلَاّ يَصِيرَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ. (3)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِل، وَإِنْ شَاءَ تَحَلَّل، وَالتَّحَلُّل أَفْضَل مُطْلَقًا حَسَبَ ظَاهِرِ الْحَنَابِلَةِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إنْ دَخَل مَكَّةَ أَوْ قَارَبَهَا فَالأَْفْضَل لَهُ التَّحَلُّل، وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ، فَإِنْ هَذَا مَحَلُّهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الإِْحْرَامِ وَالإِْحْلَال عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. (4) وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا التَّخْيِيرِ بِمَا قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ: إنَّ تَطَاوُل الْمُدَّةِ بَيْنَ الإِْحْرَامِ وَفِعْل
(1) المجموع 8 / 234.
(2)
المسلك المتقسط ص284.
(3)
المجموع 8 / 234، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 489، 480، ط بولاق وهذا بناء على مذهب الشافعية أنه لا يصح الإحرام بالحج في غير أشهر الحج، كما سبق في الإحرام (ف 34) .
(4)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 95، والمغني 3 / 529.