الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَضَائِل
التَّعْرِيفُ:
1 -
الْفَضَائِل فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ فَضِيلَةٍ، وَهِيَ الدَّرَجَةُ الرَّفِيعَةُ فِي الْفَضْل وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَفَضِيلَةُ الشَّيْءِ: مَرْتَبَتُهُ أَوْ وَظِيفَتُهُ الَّتِي قُصِدَتْ مِنْهُ، وَالْفَاضِلَةُ: النِّعْمَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْفَضْل وَالْفَضِيلَةُ: الْخَيْرُ وَالزِّيَادَةُ، وَهُوَ خِلَافُ النَّقِيصَةِ (1) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْفَضَائِل:
أَوَّلاً - فَضَائِل الْقُرْآنِ:
2 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَل مِنَ الأَْذْكَارِ وَالأَْوْرَادِ الأُْخْرَى الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ (3) ، لِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، وغريب القرآن للأصفهاني.
(2)
دليل الفالحين 3 / 471.
(3)
مغني المحتاج 1 / 38، ودليل الفالحين شرح رياض الصالحين 3 / 471 وما بعدها، والإتقان في علوم القرآن 2 / 151 وما بعدها، وفتح المبين شرح الأربعين ص270.
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقُومُ} (1)، وَقَوْلُهُ:{وَنُنَزِّل مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (2) وَقَوْلُهُ: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (3) .
وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُتَعْتِعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ (4)، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُول: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ (5)، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: يُقَال لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّل كَمَا كُنْتَ تُرَتِّل فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا (6) .
3 -
إِلَاّ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
(1) سورة الإسراء / 9.
(2)
سورة الإسراء / 82.
(3)
سورة الحشر / 21.
(4)
حديث: " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام. . . ". أخرجه مسلم (1 / 550) من حديث عائشة.
(5)
حديث: " من قرأ حرفًا من كتاب الله. . . " أخرجه الترمذي (5 / 175) من حديث ابن مسعود، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(6)
حديث: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق. . . " أخرجه الترمذي (5 / 177) من حديث عبد الله بن عمرو، وقال: حديث حسن صحيح.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ سُوَرِ وَآيَاتِ الْقُرْآنِ أَفْضَل مِنْ بَعْضٍ، لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، مِنْهَا قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ؟ قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً، شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (2)، وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيَّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَال: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ (3) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَرَأَ بِالآْيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ (4) .
وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَبُو الْحَسَنِ الأَْشْعَرِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَاّنِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَفْضَل مِنْ شَيْءٍ، لأَِنَّ الْجَمِيعَ كَلَامُ اللَّهِ،
(1) حديث: " ألم تر آيات أنزلت الليلة. . . " أخرجه مسلم (1 / 558) من حديث عقبة بن عامر.
(2)
حديث: " إن سورة في القرآن ثلاثون آية. . . . " أخرجه الترمذي (5 / 164) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن.
(3)
حديث أُبي بن كعب: " يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله. . . " أخرجه مسلم (1 / 556) .
(4)
حديث: " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 55) ، ومسلم (1 / 555) من حديث أبي مسعود الأنصاري، واللفظ للبخاري.
فَكَيْفَ يَفْضُل بَعْضُهُ بَعْضًا، وَكَيْفَ يَكُونُ بَعْضُهُ أَشْرَفَ مِنْ بَعْضٍ؟ وَلِئَلَاّ يُوهِمَ التَّفْضِيل نَقْصَ الْمُفَضَّل عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ كَرِهَ الإِْمَامُ مَالِكٌ أَنْ تُعَادَ قِرَاءَةُ سُورَةٍ أَوْ تُرَدَّدَ دُونَ غَيْرِهَا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّفْضِيل فِي السَّبَبِ الَّذِي يُفَضَّل بِهِ بَعْضُ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ، فَقَال بَعْضُهُمْ: الْفَضْل رَاجِعٌ إِلَى عِظَمِ الأَْجْرِ وَمُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ، بِحَسَبِ انْتِقَالَاتِ النَّفْسِ وَخَشْيَتِهَا وَتَدَبُّرِهَا وَتَفَكُّرِهَا عِنْدَ وُرُودِ أَوْصَافِ الْعَلِيِّ الْحَكِيمِ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ التَّفْضِيل يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ تَعَبُّدِيٍّ لَا يَظْهَرُ لَنَا، فَتَكُونُ سُورَةٌ أَفْضَل مِنْ سُورَةٍ، لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى جَعَل قِرَاءَتَهَا كَقِرَاءَةِ أَضْعَافِهَا مِمَّا سِوَاهَا، وَأَوْجَبَ بِهَا مِنَ الثَّوَابِ مَا لَمْ يُوجِبْ بِغَيْرِهَا، كَمَا جَعَل يَوْمًا أَفْضَل مِنْ يَوْمٍ وَشَهْرًا أَفْضَل مِنْ شَهْرٍ، بِمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهِ تَفْضُل عَلَى الْعِبَادَةِ فِي غَيْرِهِ، وَالذَّنْبَ فِيهِ أَعْظَمُ مِنَ الذَّنْبِ فِي غَيْرِهِ، وَكَمَا جَعَل الْحَرَمَ أَفْضَل مِنَ الْحِل، لأَِنَّهُ يَتَأَدَّى فِيهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ مَا لَا يَتَأَدَّى فِي غَيْرِهِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ يُضَاعَفُ أَجْرُهَا أَكْثَرَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ.
وَقَال آخَرُونَ: إِنَّ الْفَضْل يَرْجِعُ لِذَاتِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ