الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: قَوْل مُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَهِيَ كَالنُّقُودِ.
الاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهَا وَسَطٌ بَيْنَ الْعُرُوضِ وَالنُّقُودِ، فَهِيَ كَالنَّقْدِ فِي نَحْوِ الصَّرْفِ وَالرِّبَا، وَهِيَ كَالْعُرُوضِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا الاِتِّجَاهِ يُكْرَهُ التَّفَاضُل عِنْدَ بَيْعِ الْفُلُوسِ بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلاً مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ، وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ عَنِ الرِّبَا وَتُسْتَحَبُّ شُرُوطُ الصَّرْفِ.
أَمَّا إذَا كَانَتِ الْفُلُوسُ كَاسِدَةً غَيْرَ رَائِجَةٍ فَهِيَ عُرُوضٌ بِاتِّفَاقٍ. (1)
تَغْيِيرُ الْفُلُوسِ:
6 -
قَدْ تَتَغَيَّرُ الْفُلُوسُ بِمَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ كَسَادٍ أَوِ انْقِطَاعٍ أَوْ رُخْصِ قِيمَتِهَا وَغَلَائِهَا، وَهَذَا مِمَّا يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ اعْتِمَادِهَا فِي سُوقِ التَّعَامُل.
وَتَكْسُدُ الْفُلُوسُ بِتَرْكِ التَّعَامُل بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَتَنْقَطِعُ بِأَنْ لَا تُوجَدَ إلَاّ فِي أَيْدِي الصَّيَارِفَةِ أَوْ يُلْغِيَهَا السُّلْطَانُ، وَتَرْخُصُ
(1) العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير 5 / 287 ط بولاق، وحاشية ابن عابدين 5 / 180، وفتح القدير 5 / 14، وتهذيب الفروق 3 / 251 - 252، وحاشية القليوبي وعميرة 2 / 170 ومغني المحتاج 2 / 25، 4 / 159، والمغني مع الشرح الكبير 4 / 108 - 109، وكشاف القناع 3 / 264، وحاشية الدسوقي 3 / 517، والمحلي على منهاج الطالبين 2 / 170، 3 / 52، وشرح منتهى الإرادات 2 / 32.
قِيمَتُهَا وَتَزِيدُ بِحَسَبِ مَا تُسَاوِيهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
فَإِذَا طَرَأَ مِثْل هَذِهِ الأُْمُورِ عَلَى الْفُلُوسِ وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَمِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قَضَاءِ هَذِهِ الدُّيُونِ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:
أَوَّلاً - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
7 -
الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ إذَا اشْتَرَى بِهَا أَحَدٌ ثُمَّ كَسَدَتْ أَوِ انْقَطَعَتْ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُل، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَيَرُدُّ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَاّ فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْقَبْضُ حَاصِلاً، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَبِيعُ مَقْبُوضًا فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْبَيْعِ أَصْلاً، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَبْطُل الْبَيْعُ، لأَِنَّ الْمُتَعَذِّرَ إنَّمَا هُوَ التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْكَسَادِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْفَسَادِ لاِحْتِمَال زَوَال الْكَسَادِ بِالرَّوَاجِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَيْئًا بِالرَّطْبَةِ ثُمَّ انْقَطَعَ، فَإِذَا لَمْ يَتَقَرَّرْ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي وَقْتِ الْقِيمَةِ، فَقَال أَبُو يُوسُفَ: تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْكَسَادِ وَهُوَ آخِرُ مَا يَتَعَامَل بِهِ النَّاسُ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْفَتْوَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَفِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ: أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْمُحِيطِ