الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَفْضَل الطَّاعَاتِ، وَأَنَّ الْوُلَاةَ الْمُقْسِطِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَجَل قَدْرًا مِنْ غَيْرِهِمْ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عز وجل وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ (1) ، وَلِكَثْرَةِ مَا يَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ إِقَامَةِ الْحَقِّ، وَدَرْءِ الْبَاطِل، وَجَلْبِ الْمَصَالِحِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمْ يَقُول الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ فَيَدْفَعُ بِهَا مَظَالِمَ كَثِيرَةً، أَوْ يَجْلِبُ بِهَا مَصَالِحَ كَثِيرَةً، فَإِذَا أَمَرَ الإِْمَامُ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ الْعَامَّةِ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ بِحَسَبِ مَا دَعَا إِلَيْهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَمَا زَجَرَ عَنْهُ مِنَ الْمَفَاسِدِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لأَُجِرَ عَلَيْهَا بِعَدَدِ مُتَعَلِّقَاتِهَا، وَكَذَلِكَ أَجْرُ أَعْوَانِهِ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ.
وَمِنْ أَجْل هَذَا أَصْبَحَ الْقَاضِي أَفْضَل وَأَعْظَم أَجْرًا مِنَ الْمُفْتِي، لأَِنَّ الْقَاضِيَ يُفْتِي وَيُلْزِمُ، فَلَهُ أَجْرَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى فُتْيَاهُ، وَالآْخَرُ: عَلَى إِلْزَامِهِ، وَهَذَا إِذَا اسْتَوَتِ الْوَاقِعَةُ الَّتِي فِيهَا الْفُتْيَا وَالْحُكْمُ، وَإِلَاّ فَتَخْتَلِفُ أُجُورُهُمَا بِاخْتِلَافِ مَا يَجْلِبَانِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ، وَيَدْرَآنِهِ مِنَ الْمَفَاسِدِ، وَلَكِنَّ تَصَدِّي الْقَاضِي لِلْحُكْمِ أَفْضَل مِنْ تَصَدِّي الْمُفْتِي لِلْفُتْيَا.
(1) حديث: " إن المقسطين عند الله على منابر من نور. . . " أخرجه مسلم (3 / 1458) من حديث عبد الله بن عمرو.
وَفِي الْمُقَابِل فَإِنَّ وُلَاةَ السُّوءِ وَقُضَاةَ الْجَوْرِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ وِزْرًا، وَأَحَطِّهِمْ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ، لِعُمُومِ مَا يَجْرِي عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ جَلْبِ الْمَفَاسِدِ الْعِظَامِ، وَدَرْءِ الْمَصَالِحِ الْجِسَامِ، وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُول الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ فَيَأْثَمُ بِهَا أَلْفَ إِثْمٍ وَأَكْثَرَ، عَلَى حَسَبِ عُمُومِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ، وَعَلَى حَسَبِ مَا يَدْفَعُهُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَأَنْ يَأْمُرَ - مَثَلاً - بِقِتَال طَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ (1) ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.
حَادِيَ عَشَرَ - الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي فَضَائِل الأَْعْمَال:
16 -
قَال الْعُلَمَاءُ: يَجُوزُ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ بِشُرُوطٍ، مِنْهَا:
أ - أَنْ لَا يَكُونَ شَدِيدَ الضَّعْفِ، فَإِذَا كَانَ شَدِيدَ الضَّعْفِ كَكَوْنِ الرَّاوِي كَذَّابًا، أَوْ فَاحِشَ الْغَلَطِ، فَلَا يَجُوزُ الْعَمَل بِهِ.
ب - أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِصِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الْعَقِيدَةِ، وَلَا بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ مِنَ الْحَلَال وَالْحَرَامِ وَنَحْوِهَا.
ج - أَنْ يَنْدَرِجَ تَحْتَ أَصْلٍ عَامٍّ مِنْ أُصُول الشَّرِيعَةِ.
(1) قواعد الأحكام 1 / 120 - 122، ومغني المحتاج 4 / 34 وما بعدها.