الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في "المغني"(10/ 575): قال الأثرم: "قيل لأبي عبد الله، فيُزاد اليوم فيه ويُنقص؟ يعني -الجزية- قال: نعم، يُزاد فيه ويُنقص على قَدْر طاقتهم، على قدر ما يرى الإمام".
ما يجوز للإمام اشتراطه
ويجوز للإمام أن يَشْترِط على أهل الجزية، ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين، وإصلاح القناطر -وهي الجسور المتقوّسة المبنية فوق الأنهار لتسهيل العبور-، وأن يدفعوا دِيَة مَن يُقتَل مِن المسلمين بأرضهم.
فعن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه " أنّ عمر بن الخطاب ضرَبَ الجزية على أهل الذّهب أربعة دنانير، وعلى أهل الوَرِق أربعين درهماً، ومع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام"(1).
وقال ابن قدامة في "المغني"(10/ 602): "حديث عمر رضي الله عنه لا شكَّ في صحتة وشهرته بين الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم، لم يُنكِره مُنكر، ولا خلاف فيه، وعَمِل به مَن بعده من الخلفاء رضي الله عنهم فصار إجماعاً لا يجوز الخطأ عليه".
الزيادة من غير إجهاد ولا مشقّة
ولأثر عمر رضي الله عنه السابق طريق أخرى يرويه شعبة، قال: أخبرني
(1) أخرجه مالك ومن طريقه، أخرجه أبو عبيد (100)، وأخرجه البيهقي من طريق آخر عن نافع به أتمّ منه. وقال شيخنا رحمه الله:"وإسناده صحيح غاية". وتقدّم.
الحَكَم قال: "سمعت عمرو بن ميمون، يُحدّث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره، قال: ثمّ أتاه عثمان بن حنيف، فجعَل يُكلّمه مِن وراء الفسطاط، يقول: والله لئن وضعْتَ على كل جريبٍ (1) من أرضٍ درهماً وقفيزاً (2) مِنْ طعام، وزدت على كل رأسٍ درهمين؛ لا يشق ذلك عليهم ولا يجهدهم، قال: نعم، فكان ثمانية وأربعين، فجعلها خمسين"(3).
وعن الأحنف بن قيس: "أنّ عمر شرَطَ على أهل الذِّمّة ضيافة يوم وليلة، وأن يُصلحوا القناطر، وإنْ قُتِل رجل من المسلمين بأرضهم؛ فعليهم ديَته"(4).
وقد روى أسلَم عن عمر أنّه ضَرَبَ عليهم ضيافة ثلاثة أيام، كما تقدّم في الأثر قبل هذا، وقال البيهقي:
"حدث أسلم أشبه، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعَل الضيافة ثلاثاً، وقد يجوز أن
(1) جاء في كتاب "المكاييل والأوزان الإسلامية"، ترجمة الدكتور كامل العسلي (ص 96): كان الجريب، [مقياساً] للأرض، يساوي شرعاً في أوائل العصور الوسطى، وفي أوجها 100 قصبة مربعة، وبذلك يكون الجريب -على وجه الدقة 1592 متراً مربعاً (القصبة تساوي 399 سم).
(2)
جاء في المصدر السابق (ص 66) القفيز: أقدم رواية مؤكدة عن هذا المكيال تتعلق بقفيز الحجاج، وبمقتضاها كان القفيز يساوي صاع النبيّ، أي:4.2125 لتر. في القرن العاشر كان في العراق قفيزان: القفيز الكبير، ويستعمل بالتحديد في بغداد والكوفة ويتسع لـ 8 مكاكيك، كل مكوك 3 كيلجات كل كيلجة 600 درهم، أي حوالي 45 كغم (قمح).
(3)
أخرجه أبو عبيد والبيهقي والسياق له. وقال شيخنا رحمه الله: "وإسناده صحيح أيضاً على شرطهما".
(4)
أخرجه البيهقي وحسنه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(1262).