الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأوزاعي: ينتقض عهده بذلك.
وعن فرات بن حيّان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ بقتله -وكان عيناً لأبي سفيان، وحليفاً لرجُل مِن الأنصار-، فمرّ بحلقة من الأنصار، فقال: إنّي مسلم، فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله إنه يقول إنّى مُسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ منكم رجالاً نَكِلُهم إلى إيمانهم؛ منهم فُراتُ بنُ حيان (1) " (2).
في حُكم قتل الجاسوس إذا كان مُسلماً
فيه الحديث المتقدّم في شأن فُرات بن حيّان.
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: "بعثَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبيرَ والمقدادَ
(1) فُرات بن حَيان بن ثعلبة بن عبد العزى بن حبيب بن حية بن ربيعة بن صعب بن عجل بن لجيم الربعي اليشكري ثمّ العجلي حليف بني سهم
…
قال البخاري: وتَبِعَه أبو حاتم، كان هاجَر إلى النبي -صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم-، زاد أبو حاتم أنّه كوفي، وقال البغوي: سكن الكوفة، وابتنى بها داراً، وله عقب بالكوفة، وأقطعه أرضاً بالبحرين.
وقال ابن السكن: له صُحبة وذكَره ابن سعد في طبقة أهل الخندق وقال نزَل الكوفة، روى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"إنّ منكم رجالاً نَكِلُهم إلى إيمانهم؛ منهم فرات بن حيان".
أخرجه أبو داود والبخاري في "التاريخ" وفيه قصّةٌ.
وروى عنه حارثة بن مضرب، وقيس بن زهير، والحسن البصريّ، وكان عيناً لأبي سفيان في حروبه، ثمّ أسلَم، فحسُن إسلامه، وقال المرزباني كان ممن هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ مدَحه فقَبِل مدْحه.
(2)
أخرجه البخاري في "التاريخ" وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2310) والحاكم وغيرهم، وانظر "الصحيحة"(1701).
ابنَ الأسودِ، وقال: انطلِقوا حتى تأتوا روضة خاخ (1) فإنّ بها ظعينةً (2) ومعها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تَعادَى (3) بنا خيلنا؛ حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أَخْرجي الكتاب، فقالت: ما معي مِن كتاب، فقلنا: لتُخْرِجِنّ الكتاب أو لنُلقينّ الثياب، فأخرَجَتْه مِن عِقاصها (4).
فأتينا به رسول صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: من حاطب بن أبي بَلْتَعة إلى أناسٍ مِن المشركين مِن أهل مكة؛ يُخبِرهم ببعض أمْرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله لا تعجَلْ عليّ، إنّي كنتُ امرَءاً مُلصَقاً في قريش، ولم أكن مِن أنفُسِها وكان مَن معك مِن المهاجرين لهم قَرابات بمكّة؛ يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببتُ إذ فاتني ذلك مِن النَّسَب فيهم؛ أن أتخذ عندهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلتُ كُفراً ولا ارتداداً، ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لقد صدَقكم.
فقال عمرُ: يا رسولَ الله دعني أضربْ عُنُقَ هذا المنافق، قال: إنه قد شهِد بدراً، وما يدريك لعلّ الله أن يكون قد اطَّلَع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرْتُ لكم" (5).
قال ابن القيّم رحمه الله في "زاد المعاد"(3/ 115): "فاستدلَّ به مَن لا
(1) موضع بين مكّة والمدينة.
(2)
الظعينة: هنا الجارية، وأصلها الهودج، وسُميّت بها الجارية لأنها تكون فيه. "شرح النّووي".
(3)
أي: تجري.
(4)
أي: شعرها المضفور، وهو جمع عقيصة "شرح النّووي".
(5)
أخرجه البخاري: 3007، 3081 ومواطن أخرى، ومسلم:2494.
يرى قَتْل المسلم الجاسوس؛ كالشافعي وأحمد، وأبي حنيفة رحمهم الله واستدل به من يرى قَتْلَه؛ كمالك، وابن عقيل من أصحاب أحمد رحمه الله وغيرهما.
قالوا: لأنه علّل بعلّة مانعةٍ من القتل، منتفية في غيره (1)، ولو كان الإسلام مانعاً من قَتْله؛ لم يُعلّل بأخص منه (2)، لأن الحكم إذا علّل بالأعم (3) كان الأخص (4) عديم التأثير وهذا أقوى. والله أعلم".
وقال رحمه الله أيضاً- (ص 422): "وفيها (5) جواز قَتْل الجاسوس -وإنْ كان مُسلِماً- لأن عمر رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قَتْل حاطب بن أبي بلتعة، لمّا بعَث يُخبر أهل مكة بالخبر، ولم يَقُل صلى الله عليه وسلم لا يحلّ قتلُه إنه مسلم، بل قال وما يدريك لعل الله قد اطلَع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم.
فأجاب بأنّ فيه مانعاً مِنْ قَتْله وهو شهودُه بدراً، وفي الجواب بهذا؛ كالتنبيه على جواز قَتْل جاسوسٍ ليس له مِثل هذا المانع.
وهذا مذهب مالك، وأحد الوجهين في مذهب أحمد، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يُقتَل وهو ظاهر مذهبِ أحمد والفريقان يحتجّون بقصة حاطب.
والصحيح أن قَتْله راجع إلى رأي الامام فإنْ رأى في قَتْله مصلحة
(1) وهي شهود بدر.
(2)
أي لو كان الإسلام مانعاً مِن قتله؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يُعلّل عدم الإذن بقتله؛ لكونهِ من أهل بدر، بل لإسلامه فحسب.
(3)
وهو الإسلام هنا.
(4)
وهو شهود بدر هنا.
(5)
أي في قصة فتح مكة.