المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيفية تقسيم الغنائم - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٧

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌الجهاد

- ‌إيحابه:

- ‌الجهاد فرضُ كفاية إذا قام به قومٌ سقط عن الباقين

- ‌متى يتعيّن الجهاد

- ‌ماذا يُشترَط لوجوب الجهاد

- ‌متى تُشرع الحرب

- ‌مراتب الجهاد

- ‌الإخلاص في الجهاد

- ‌عذاب من يرائي في جهاده

- ‌الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغزُ

- ‌الجهاد في سبيل الله تجارة مُنجية

- ‌الجهاد من أفضل الأعمال عند الله -تعالى- وأَحبِّها إليه

- ‌الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌لا يجتمع غُبارٌ في سبيل الله ودخان جهنّم

- ‌يُنجّي الله -تعالى- بالجهاد من الهمّ والغمّ

- ‌المجاهد أفضل النّاس

- ‌ذِكر التسويةِ بين طالب العلم ومعلِّمهِ وبين المجاهدِ في سبيل الله

- ‌أي القتل أشرف

- ‌مقام الرجل في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً

- ‌للمجاهد في الجنّة مائة درجة

- ‌ما يعدِل الجهاد في سبيل الله عز وجل

- ‌فضل الشهادة في سبيل الله -سبحانه

- ‌فضل الرباط في سبيل الله -تعالى

- ‌فضل الرمي بنيّة الجهاد والتحريض عليه

- ‌اللهو بأدوات الحرب

- ‌إثم مَن تعلّم الرمي ثمّ تَركه

- ‌فضل احتباس الخيل للجهاد في سبيل الله

- ‌فضل النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة

- ‌أجر الشهادة بالنيّة لمن لم يستطع الجهاد

- ‌من صفات القائد

- ‌من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قُوّاده

- ‌ما يجب على أمير الجيش أو قائده

- ‌ذكر ما يُستحَبّ للإمام أن يستعين بالله -جلّ وعلا- على قتال الأعداء إذا عزَم على ذلك

- ‌الاستنصار بالضعفاء: بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم

- ‌جواز تخلّفِ الإمام عن السرية لمصلحة

- ‌إذا طلَب الإمام قَتْلَ رجل

- ‌البيان بأن صاحبَ السرية إذا خالَف الإمام فيما أمَره به كان على القوم أنْ يَعْزِلوه وُيولُّوا غيره

- ‌من تَأمَّر في الحرب مِن غير إمرةٍ إذا خاف العدو

- ‌توليةُ الإمِام أمراءَ جماعة واحداً بعد الآخر عند قَتْل الأول

- ‌متى تجب طاعة الجنود الأمير أو القائد

- ‌عقوبة مَن عصى الأمير أو القائد

- ‌مبادرة الإمام عند الفزع

- ‌تشييع المجاهدين ووداعُهم والدعاءُ لهم

- ‌من هديه صلى الله عليه وسلم في الجهاد، واقتداء الصحابة به في المعارك واستبسالهم فيها

- ‌عدد غزوات النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الطليعة واستطلاع الأخبار وابتعاث العيون

- ‌التورية في الغزو

- ‌الكَذِب والخداع في الحرب

- ‌التسبيح إذا هَبط وادياً والتكبير إذا عَلا شَرَفاً

- ‌إباحة تعاقب الجماعة الركُوبَ الواحد في الغزو عند عدم القدرة على غيره

- ‌مَن أَحبَّ الخروج للغزو يومَ الخميس

- ‌ما يُؤمَر من انضمام العسكر

- ‌في المياسرة والمرافقة في الغزو

- ‌حرمة نساء المجاهدين ومن خان غازياً في أهله

- ‌خروج النساء للتمريض ونحوه

- ‌حَمل الرجل امرأتَه في الغزو دون بعض نسائه

- ‌غزوة النساء مع الرجال

- ‌تحريم إسناد القتال إلى النّساء

- ‌فضل الخدمة في الغزو

- ‌إذن الوالدين في جهاد التطوع

- ‌هل يُستأذَن الدائن

- ‌حكم الاستعانة بالمشركين في الجهاد

- ‌النهي عن السفر بالمصحف إلى أَرض الحرب

- ‌ما يُنهى عنه في الحرب

- ‌هل تُرمى حصون العدوّ بالمنجنيق ونحوه من المهلكات وفيهم النساء والذرية

- ‌الدعوة قبل القتال

- ‌الدعاء عند القتال

- ‌الإلحاح على الله -تعالى- في طلب النصر

- ‌كراهةُ تمنّي لقاءَ العدْوّ، والأمرُ بالصبر عند اللقاء

- ‌وجوب الثبات عند لقاء العدوّ ومتى يجوز الفرار

- ‌المبايعة على الموت أو عدم الفرار

- ‌ التحنّط عند القتال:

- ‌مَا يُتَعَوَّذُ مِنْ الْجُبْنِ

- ‌ما جاء في المبارزة

- ‌ما يجوز للرجل مِنَ الحَمْل وحده على جيش العدوِّ وتأويل قول الله -تعالى-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌الخُيَلاء في الحرب

- ‌التكبيرُ عند الحرب

- ‌الغارة على الأعداء ليلاً

- ‌القتال أول النهار أو الانتظار حتى تهُبّ الريح

- ‌إذا ارتدّ على المقاتل سلاحه فقتله فله أجرُه مرّتين

- ‌من لهم ثواب الشهداء

- ‌ماذا يجد الشهيد من مسّ القتل

- ‌فضل الحرب في البحر

- ‌هل يسلم المجاهد نفسه للأسر

- ‌من ركع ركعتين عند القتل

- ‌استقبال الغزاة

- ‌مراسلة المجاهدين والديهم وأهليهم

- ‌انتهاء الحرب

- ‌لا يجوزُ نزْعُ ثيابِ الشهيد التي قُتل فيها

- ‌استحبابُ تكفين الشهيد بثوبٍ واحدٍ أو أكثر فوق ثيابهِ (2)

- ‌لا يُشْرَعُ غَسْلُ الشهيد قتيلِ المعركة ولو كان جُنُباً

- ‌أين يُدفن الشهيد

- ‌دفنْ أكثر من شهيد في قبر واحد إذا كَثُر القتلى

- ‌ما يقول إذا رجع من الغزو

- ‌إذا قَدِمَ الإمام أو القائد مِن الغزو يبدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين

- ‌مراجعة الإمام أو القائد مَن تخلّف من الغزو والقتال

- ‌قتال الإمام مانعي الزكاة

- ‌قتل الجاسوس

- ‌في حُكم قتل الجاسوس إذا كان مُسلماً

- ‌من قفز من عسكر المسلمين إلى عسكر الكُفّار

- ‌الهدنة

- ‌عقد الذمّة

- ‌موجب هذا العقد:

- ‌الأحكامُ التي تجري على أهل الذِّمَّة:

- ‌الجزية

- ‌مشروعيتها:

- ‌ممن تُقبَل

- ‌مقدار الجزية

- ‌ما يجوز للإمام اشتراطه

- ‌الزيادة من غير إجهاد ولا مشقّة

- ‌تحريم أخْذ ما يَشُقُّ على أهل الجزية

- ‌إعفاء من لم يقدر على أدائها

- ‌لا تُؤخَذ الجزية مِن النساء والصبيان

- ‌لا تؤخذ الجزية ممن أسلم ولو كان إسلامه فراراً من دفع الجزية

- ‌خَتْم رقابِ أهل الجزية في أعناقهم

- ‌بمَ يُنقض العهد

- ‌الغنائم

- ‌تعريفها:

- ‌إحلالها لهذه الأمّة دون غيرها

- ‌وجوب المجيء بالغنائم إذا نادى المُنادي في الناس بذلك

- ‌كيفية تقسيم الغنائم

- ‌يستوي في الغنائم مِن أفراد الجيش القوي والضعيف ومَن قاتَل ومن لم يُقاتِل

- ‌السَّلَب للقاتل

- ‌تخميس السَّلَب إذا بلغ مالاً كثيراً

- ‌جواز تنفيل بعض الجيش مِن الغنيمة

- ‌ردّ أموال وسبايا التائبين

- ‌إذا غنم المشركون مال المسلم ثمّ وجده المسلم

- ‌حُكم الأرض المغنومة

- ‌الغُلول

- ‌تعريفه:

- ‌تحريم الغُلول:

- ‌ما يجوز الانتفاع به قبل قسمة الغنائم

- ‌أسرى الحرب

- ‌جوازُ استرقاقِ الكُفّار مِنْ عربٍ أو عَجَم

- ‌إذا أسلم الأسير حَرُمَ قتْلُه

- ‌ما وَرَد في الإحسان إلى الأسرى

- ‌ما ورَد في الإحسان إلى الرقيق

- ‌ربط الأسير وحبْسُه

- ‌نفيُ جوازِ قتْلِ الحربيّ إذا أتى ببعضِ أَمارات الإسلام

- ‌تحرير الرقاب

- ‌الفيء

- ‌إنفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله نفقةَ سَنتِهِم مِن الفيء، وجعْل الباقي في مَجْعَل مال الله

- ‌يُراعى في قَسْم الفيء قِدَمُ الرجل في الإسلام وبلاؤُه، وعِيالُه وحاجتُه

- ‌إعطاء المتزوج حظّين والعزب حظاً واحداً

- ‌استيعاب الفيء عامّة المسلمين

- ‌عطاء المحرَّرين

- ‌كيفية تجزئة النبيّ صلى الله عليه وسلم الفيء

- ‌مصادر الفيء

- ‌مصارف الفيء

- ‌عقد الأمان

- ‌مَن أَمّنه أحد المسلمين صارَ آمناً

- ‌تحريم قتل المؤمَّن

- ‌حُكم الرسول كالمؤَمّن

- ‌المستأمَن

- ‌حقوقه

- ‌الواجب عليه

- ‌تطبيق حكم الإسلام عليه

- ‌مُصادرة ماله

- ‌ميراثه

- ‌العهود والمواثيق

- ‌شروط العهود:

- ‌نقض العهود:

- ‌الإعلام بالنقض تحرُّزاً عن الغدر

- ‌إقرار القوانين الدّولية في تحريم قتل الرسل

- ‌قتال البغاة

- ‌لا يُجهز على الجريح منهم ولا يُسلب القاتل ولا يُطلب المولّي

- ‌أقسام البغاة وما جاء في تأويلهم

- ‌هل البغاة والخوارج لفظان مترادفان أم لا

- ‌إذا بغت طائفة ولم تَقْبَل الصلح كانت بمنزلة الصائل

- ‌العدل بين الطائفتين وما يترتّب على ذلك مِن ضمان وقِصاص وحَمالة

- ‌ثواب صبر مَنْ يظُنّ أنّه مظلوم مبغيٌّ عليه

- ‌ما يفعله ولاة الأمور مع أقوام لم يصلّوا ولم يصوموا

- ‌لا يجوز لإحدى الطائفتين أن تقول: نأخذ حقّنا بأيدينا

- ‌مَن قَتَل أحداً بعد إصلاح

- ‌بيان طُرُق الإصلاح المذكور في قوله تعالى: {فأصلِحوا بين أخويكم}

- ‌متى يُقاتَل الخوارج والمتمرّدون على الإمام

- ‌ما جاء مِن نصوص تبيّن بعض أمارات الخوارج ومثيري الفتن

- ‌السمع والطاعة للإمام ما لم يَأْمُر بمعصية وما جاء في عدم منازعة الأمر أهله

- ‌السلام في الإسلام

- ‌أسباب النصر والتمكين

- ‌1 - التوحيد

- ‌2 - اتباع منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - اتباع مَنْهج السلف الصالح

- ‌4 - العلم

- ‌5 - تزكية النفوس والائتمار بما أمر الله -تعالى- والانتهاء عما نهى -سبحانه

- ‌6 - ترْك الذنوب والمعاصي والأهواء

- ‌7 - ترك التحايل

- ‌8 - ترْك البِدَع

- ‌9 - الإعداد العسكري

- ‌10 - الإعداد المعنوي

- ‌11 - التآلف واجتماع الكلمة، وعدم التفرق والاختلاف

- ‌لماذا هُزِم المسلمون

- ‌عوامل الهزيمة وأسباب الدَّمار

- ‌عجباً من التخبُّط والعشوائية في طلب النَّصر

- ‌البشرى بانتصار المسلمين وانتشار الإسلام

الفصل: ‌كيفية تقسيم الغنائم

أسمعتَ بلالاً يُنادي ثلاثاً؟ قال: نعم، قال: فما مَنَعك أن تجيء به؟ فاعتذَرَ فقال: كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبَلَه عنك" (1).

‌كيفية تقسيم الغنائم

لقد بيَّن الله سبحانه وتعالى كيفية تقسيم الغنائم، فقال:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2).

قال الإمام الطبري رحمه الله: "وهذا تعليمٌ من الله عز وجل المؤمنين قَسْم غنائمهم إذا غَنِموها".

واختلفَ أهل التأويل في قوله تعالى: {فأنَّ لله خُمُسَهُ} والراجح أنها مفتاحُ كلام.

وعن قيس بن مسلم قال: "سألْتُ الحسن بن محمّد عن قوله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} قال: هذا مفاتح كلام الله: الدنيا والآخرة لله

" (3).

فالآية الكريمة نصَّت على الخُمس، وأنه يُصرَف على المصارف التي ذكَرها الله سبحانه وتعالى، وهي: الله ورسوله، وذو القربى، واليتامى،

(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2359).

(2)

الأنفال: 41.

(3)

أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(3863)، وقال شيخنا رحمه الله:"صحيح الإسناد مرسل".

ص: 199

والمساكين، وابن السبيل، فيُنفق سهم الله ورسوله على الفقراء، والسلاح والخيل وغير ذلك مِن المصالح العامّة.

عن عمرو بن عَبَسة رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعيرٍ (1) مِن المغنم، فلمّا سلَّم، أخذ وَبَرَة مِن جنب البعير، ثمّ قال: ولا يَحِلُّ لي مِن غنائمكم مثل هذا إلاّ الخُمس، والخُمس مردودٌ فيكم"(2).

وعن عبادةَ بن الصامت رضي الله عنه قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين إلى جنب بعيرٍ مِن المقاسم، ثمّ تناوَل شيئاً مِن البعير، فأخَذ منه قَرَدَةً -يعني وَبَرَة (3) - فجَعل بين إصبعيه، ثمّ قال: يا أيها الناس إنّ هذا مِن غنائمكم، أدّوا الخَيْط والمِخْيَط، فما فوق ذلك، فما دون ذلك، فإنّ الغُلول عارٌ على أهله يوم القيامة وشَنارٌ (4) ونار"(5).

وفي الحديث: "وأيّما قرية عَصَت الله ورسولَه، فإنّ خمسَها لله ورسوله، ثمّ هي لكم"(6).

قال في "عون المعبود"(7/ 309): "أي مصروفٌ في مصالحكم مِن

(1) أي: جَعَلَهُ سُترة.

(2)

أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2393)، والبيهقي والحاكم، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(1240).

(3)

أي: شعرة.

(4)

الشنّار: العيب والعار، وقيل: هو العيب الذي فيه عار. "النّهاية".

(5)

أخرجه ابن ماجه وغيره، وانظر "الصحيحة"(985)، و"الإرواء"(5/ 74).

(6)

أخرجه مسلم: 1756.

ص: 200

السلاح والخيل وغير ذلك، فيه أنّ أربعة أخماس الغنيمة للغانمين، وأنّها لم تكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الشوكانّي: لا يَأْخُذ الإمامُ من الغنيمة إلَاّ الخُمس، ويقسم الباقي منها بين الغانمين، والخُمس الذي يَأخذه أيضاً ليس هو له وحده، بل يجب عليه أن يرُدّه على المسلمين على حسب ما فصَّله الله -تعالى- في كتابه بقوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ". انتهى.

أمّا نفقات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت ممّا أفاء الله سبحانه وتعالى عليه من أموال بني النضير كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في باب (الفيء).

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "رأيت المغانم تُجزّأ خمسة أجزاء، ثمّ يُسْهَم عليها، فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له يَتَخير"(1).

وعن رجل مِن بلقين قال: "أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى فقلت: يا رسول الله لمن المغنم؟ فقال: لله سهم، ولهؤلاء أربعة أسهم، قلت: فهل أحد أحقّ بشيء من المغنم من أحد؟ قال: لا؛ حتى السهم يأخذه أحدكم من حينه؛ فليس بأحقَّ به مِن أخيه"(2).

(1) أخرجه الطحاوي وأحمد، وانظر "الإرواء" تحت الحديث (1225).

(2)

أخرجه الطحاوي وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(5/ 60) تحت الحديث (1225).

ص: 201

وأمّا الأربعة الأخماس الباقية، فتُعطى للجيش، ويختصُّ بها الذكور، الأحرار، البالغون، العقلاء.

جاء في "الروضة الندية"(2/ 732): "وما غَنِمَه الجيش كان لهم أربعةُ أخماسهِ، وخُمُسه يَصرفهُ الإمام في مصارفهِ لقوله -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} قلت: اتفق أهل العلم على أن الغنيمة تُخَمّس، فالخُمُس للأصناف التي ذُكِرت في القرآن، وأربعة أخماسها للغانمين".

وسَهْم ذوي القُربى: أي قرابة رسولِ الله، وهم بنو هاشم، وحُلفاؤُهم مِن بني المطلب (1) ممّن آزرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم وناصَرَه، دون مَن خذَلَه منهم.

عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: "مَشَيْتُ أنا وَعثْمانُ بنُ عفانَ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أَعْطَيْتَ بَني المطَّلِبِ وتركْتنا، ونحْنُ وَهُمْ منكَ بِمنْزلةٍ وَاحدةٍ، فقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّما بنو المطَّلبِ وبنُو هاشمٍ شيءٌ واحدٌ"(2).

وفي لفظٍ: قال جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: "مَشَيْتُ أنا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا: أَعْطَيْتَ بَنِي المطَّلبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ وَتركْتنا وَنحْنُ بِمنْزلَةٍ واحدةٍ مِنْكَ، فقال: إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو المطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، قَالَ جُبَيْرٌ: وَلم يَقْسِمْ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا"(3).

(1) انظر ترجيح ابن جرير الطبري في "تفسيره"، وأدلته في ذلك.

(2)

أخرجه البخاري: 3140.

(3)

أخرجه البخاري: 4229.

ص: 202

وفي لفظٍ: قال جبير بن مطعم: "لما كان يوم خيبر قَسَم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، فأتيتُ أنا وعُثمان بن عفّان، فقلْنا: يا رسول الله، أمّا بنو هاشم، فلا نُنكر فضلَهم؛ لمكانِك الذي وضعكَ اللهُ بهِ منْهم، فما بالُ إخواننا من بَني المُطلب أعطيتَهم وتركْتَنا، وإنّما نحنُ وَهُمْ بمنزلةٍ واحدة؟! فقال: إنّهم لمْ يفارِقوني في جاهليةٍ ولا إسْلام، وإنّما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، وشبك أصابعه"(1).

وقد ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه كان سيُعطي منه عمّه العبّاس -وهو غنيّ-، ويُعطي عمّته صفيّة رضي الله عنهما (2).

والعبّاس رضي الله عنه كان موسراً في الجاهلية والإسلام؛ كما جزَم بذلك غيرُ واحدٍ من الحُفّاظ؛ منهم أبو جعفر الطحاوي رحمه الله (3).

يأخذ الفارس مِن الغنيمة ثلاثة أسهم، والراجل (4) سهماً

عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعَل للفرس سهمين، ولصاحبه سهماً"(5)، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور (6).

وفي لفظٍ: عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: "قَسَمَ رَسُولُ الله

(1) انظر "الإرواء"(1242).

(2)

انظر "الإرواء"(1243).

(3)

انظر "الإرواء"(5/ 79).

(4)

وهو الماشي على رجليه.

(5)

أخرجه البخاري: 2863، ومسلم:1762.

(6)

انظر "الروضة النّديّة"(2/ 735).

ص: 203

- صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خيْبرَ لِلْفرَس سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِل سَهْماً، قَالَ: فَسَّرَهُ نَافِعٌ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ، فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ" (1).

وقال مالك: "يُسهم للخيل والبراذين (2) منها لقوله: {وَالخيلَ وَالبِغَالَ وَاَلحَمِيرَ لِتَركَبُوهَا (3)} (4) ولا يُسهَم لأكثر من فرس"(5).

قال الإمام النّووي رحمه الله (12/ 83): "واختلف العلماء في سهم الفارس والراجل مِن الغنيمة؛ فقال الجمهور: يكون للراجل سهمٌ واحد وللفارس ثلاثة أسهم، سهمان بسبب فرسه، وسهم بسبب نفسه.

ممّن قال بهذا: ابن عباس ومجاهد والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز

(1) أخرجه البخاري: 4228، ومسلم: 1762 بلفظ: "قَسَمَ فِي النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْماً". والمراد بالنفل هنا: الغنيمة.

(2)

البراذين: جمع بِرذَون، والمراد: الجفاة الخِلْقة من الخيل، وأكثر ما تُجلَب مِن بلاد الروم، ولها جَلَدٌ على السير في الشعاب والجبال والوعر، بخلاف الخيل العربية. "الفتح".

(3)

جاء في "الفتح"(6/ 67): "قال ابن بطال: وجه الاحتجاج بالآية؛ أنّ الله -تعالى- امتنّ بركوب الخيل وقد أسهم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. واسم الخيل يقع على البِرذَون والهجين؛ بخلاف البغال والحمير، وكأنّ الآية استوعَبت ما يُركَب من هذا الجنس؛ لما يقتضيه الامتنان، فلمّا لم ينصّ على البِرذَون والهجين فيها، دلّ على دخولها في الخيل. قلت: وإنما ذكَر الهجين لأن مالكاً ذكَر هذا الكلام في الموطأ وفيه "والهجين" والمراد بالهجين: ما يكون أحد أبويه عربيا والآخر غير عربي، وقيل: الهجين: الذي أبوه فقط عربي وأمّا الذي أمّه فقط عربية، فيُسمّى المقرف، وعن أحمد: الهجين: البِرذَون".

(4)

النحل: 8.

(5)

انظر "صحيح البخاري" تحت الحديث السابق (2863).

ص: 204

ومالك والأوزاعي والثوري والليث والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وابن جرير وآخرون.

وقال أبو حنيفة: للفارس سهمان فقط، سهم لها وسهم له، قالوا: ولم يقل بقوله هذا أحد إلَاّ ما روي عن علي وأبي موسى.

وحُجّة الجمهور هذا الحديث، وهو صريح على رواية مَن روى "للفرس سهمين، وللرجل سهماً" بغير ألف في (الرجل) وهي رواية الأكثرين، ومن روى (وللراجل) روايتهُ محتَملة، فيتعيّنَ حمْلها على موافقة الأولى جمعاً بين الروايتين، قال أصحابنا وغيرهم: ويرفَع هذا الاحتمال ما وَرَدَ مُفسَّراً في غير هذه الرواية، في حديث ابن عمر هذا؛ من رواية أبي معاوية وعبد الله بن نمير وأبي أسامة وغيرهم بإسنادهم عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه"، ومِثْلُه من رواية ابن عباس وأبي عمرة الأنصاري رضي الله عنهم. والله أعلم".

أقول: المراد مِن قوله صلى الله عليه وسلم "جعَل للفرس سهمين، ولصاحبه سهماً" أي غير سهمي الفرس، فيصير للفارس ثلاثة أسهم كما قال الحافظ رحمه الله:"وسيأتي في غزوة خيبر أنّ نافعاً فسّره كذلك، ولفظه: "إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم" (1).

وعن أبي عمرة عن أبيه قال: "أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعةَ نَفَر، ومعنا فرس،

(1) أخرجه البخاري: 4228.

ص: 205