الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأرادوك أن تُنزِلهم على حُكم الله؛ فلا تَنزِلْهم على حُكم الله، ولكن أنزلهم على حُكمك، فإنك لا تدري أتصيب حُكم الله فيهم أم لا" (1).
ما يجب على أمير الجيش أو قائده
(2)
1 -
يجب على القائد أن يشاور أهل الرأي، لقول الله -تعالى-:{وَشَاوِرهُم في الأَمر} (3).
ولما ثَبَت عن أنس رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بَلَغه إقبالُ أبي سفيان قال: فتكلَّم أبو بكر فأعرَض عنه، ثمّ تكلَّم عمر فأعرَض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أَمَرتنا أن نُخيضَها البحر لأخَضناها، ولو أَمَرْتنا أن نضرِب أكبادها (4) إلى بَرْك (5) الغِماد لفَعَلنا، قال: فندَب رسول الله صلى الله عليه وسلم النّاس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا"(6).
(1) أخرجه مسلم: 1731.
(2)
انظر للمزيد- إن شئت- "الروضة الندية"(2/ 723).
(3)
آل عمران: 159.
(4)
قال بعض العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "لو أمَرْتنا أن نضربَ أكبادها" أي: الخيل والمراد ركوبها والسير عليها مهما نأى المكان، وخصَّ ضرب الأكباد بالذكر؛ لأن الفارس كان إذا أراد إسراع مركوبه؛ حرّك رجليه ضارباً على موضع كبده.
(5)
انظر للمزيد -إن شئت- في ضبط هذه الكلمة ما جاء في "شرح النووي"(12/ 125)، وهو موضع من وراء مكّة بخمس ليال، بناحية الساحل، وقيل غير ذلك وانظر المصدر السابق.
(6)
أخرجه مسلم: 1779.
وعن ابن عباس -رضي الله- عنهما- قال: "قدم عيينةُ بن حِصن بن حذيفة فنزَل على ابن أخيه الحُرّ بن قيس، وكان من النّفر الذين يُدنِيهم عمر، وكيان القُرّاء أصحابَ مجالس عمر ومُشاورته كهولاً (1) كانوا أو شُبّاناً
…
" (2).
واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما في أُسارى بدر.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لمّا أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ "(3).
وقال قتادة: "ما تشاور قومٌ يبتغون وجه الله؛ إلَاّ هدوا لأرشد أمورهم".
2 -
الرفق بهم والاجتهاد والنصح لهم.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهمّ مَن ولِيَ مِن أمر أُمتي شيئاً فَشَقَّ عليهم فاشقُق عليه، ومَن وَلِيَ من أمر أُمّتي شيئاً فرَفَق بهم، فارفُق به"(4).
وعن جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتَخلّف في المسير
(1) الكَهْل من الرجال: مَنْ زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين، وقيل: هو مِن ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين. "النهاية".
(2)
أخرجه البخاري: 4642.
(3)
أخرجه مسلم: 1763 من حديث عمر رضي الله عنه.، ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في "الكَلِم الطيّب"(ص 71).
(4)
أخرجه مسلم: 1828.
فيُزْجي (1) الضعيف، ويُرْدِفُ (2) ويدعو لهم" (3).
وعن مَعْقِل بن يَسار رضي الله عنه قال: سمعْتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِنْ عبدِ استرعاه الله رَعيّة، فلم يَحُطها بنصيحة؛ إلاّ لم يَجِد رائحة الجنَّة"(4).
وفي رواية: "ما من والٍ يلي رعيّةً من المسلمين، فيموت وهو غاشٌّ لهم؛ إلَاّ حرّم اللهُ عليه الجنّة"(5).
وفي لفظ: "ما من أميرٍ يلي أمرَ المسلمين، ثمّ لا يَجْتَهد لهم وينصح؛ إلَاّ لم يدخُل معهم الجنَّة"(6).
3 -
عقد الألوية والرايات، وذلك لاسترداد ما اغتُصِب من ديار المسلمين، وتحقيق الفتوحات؛ لنشر التوحيد والدعوة إلى الله -تعالى- وإخراج النّاس مِن الظُلمات إلى النور بإذن الله -سبحانه-.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان لواءُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أبيض
(1) يزجي: أي يسوق ويدفع.
(2)
الردف: الراكب خلف الراكب، والمراد أنّه صلى الله عليه وسلم كان يُرْدفُ خلفه من ليس له راحلة؛ إذا كان يضعف عن المشي. انظر "نيل الأوطار"(8/ 48).
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2298) والحاكم وانظر "الصحيحة"(2120).
(4)
أخرجه البخاري: 7150، ومسلم:142.
(5)
أخرجه البخاري: 7151، ومسلم:142.
(6)
أخرجه مسلم: 142 كتاب الإمارة (5) باب فضيلة الإمام العادل رقم (22)، (ص 1460).
ورايته سوداء" (1).
وعن عطاء بن أبي رباح قال: كنت مع عبد الله بن عمر فأتاه فتى يسأله عن إسدال العمامة، [فذكر الحديث إلى أن قال]: "
…
ثمّ أمر (2) عبد الرحمن بن عوف يتجهز لسرية بعثه عليها، وأصبح عبد الرحمن قد اعتمّ بعمامة من كرابيس سوداء، فأدناه النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ نقضه وعمّمه بعمامة بيضاء، وأرسل من خلفه أربع أصابع، أو نحو ذلك، وقال: هكذا يا ابن عوف اعتمّ فإنه أعرب وأحسن، ثمّ أمَر النبيّ صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يدفع إليه اللواء، فحمد الله وصلى على النبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: خذ ابن عوف؛ فاغزوا جميعاً في سبيل الله، فقاتلوا مَن كفَر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليداً، فهذا عهد الله وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم" (3).
4 -
تخيُّر المنازل المُلائمة للقتال والمواقع الصالحة لذلك.
5 -
أن يكون على دراية بأحوال الجنود، * فلا يستصحب الأمير معه مُخَذِّلاً، وهو الذي يُثبِّط النّاس عن الغزو، ويُزهِّدهُم في الخروج إليه والقتال والجهاد، مِثل أنْ يقول: الحرُّ أو البردُ شديدٌ، والمشقَّة شديدة، ولا
(1) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1374)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2274) وانظر "الصحيحة"(2100).
(2)
أي: النبيّ صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 540) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح. قال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة" تحت الحديث (106): بل هو حسن الإسناد؛ فإن ابن غيلان هذا قد ضعفه بعضهم، ولكن وثقه الجمهور، وقال الحافظ في "التقريب":"صدوق، فقيه، رمي بالقدر".
تُؤمَنُ هزيمةُ هذا الجيش.
وأشْباه هذا، ولا مُرجِفاً، وهو الذي: يقول هَلَكَت سريَّةُ المسلمين، وما لَهم مدَدٌ، ولا طاقة لهم بالكُفَّار، والكفّار لهم قوّةٌ ومَدَدٌ وصبرٌ، ولا يَثبُتُ لهم أحدٌ، ونحو هذا.
ولا مَن يُعين على المسلمين بالتّجسُُّس للكفَّار، وإطْلاعِهم على عَوْراتِ المسلمين، ومُكاتَبَتِهم بأخبارهم، ودلالتِهم على عَوْراتِهم، أو إيوَاءِ جواسيسهم.
ولا مَن يُوقِعُ العداوة بين المسلمين، ويسعى بالفساد، لقول الله -تعالى-:{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ (1) وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا (2) وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ (3)} (4).
ولأنّ هؤلاء مضرّةٌ على المسلمين، فيلزَمهُ مَنعُهُم"* (5).
(1) فثبَّطهم أي: فثقَّل عليهم الخروج، حتى استخفوا القعود في منازلهم خلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك. "تفسير الطبري".
(2)
خَبالاً: فساداً. وضُرّاً.
(3)
أي: ولأسرعوا السير والمشي بينكم؛ بالنميمة والبغضاء والفتنة. وانظر "تفسير ابن كثير".
(4)
التوبة: 46، 47.
(5)
ما بين نجمتين من كتاب "المغني"(13/ 15).