الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبرُها، وما حلّ بها، كما قال:{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (1)، وقال -تعالى-:{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} (2)، وقال:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ} (3).
فجعلهم عبرةً ونكالاً لمن في زمانهم، وعبرة لمن يأتي بعدهم بالخبر المتواتر عنهم، ولهذا قال:{وَمَوْعِظَةً للمُتَّقِينَ} ".
وفي الحديث: "لعَن الله اليهود إن الله حرّم عليهم الشحوم؛ فباعوها وأكلوا أثمانها وإنّ الله إذا حرّم على قوم أكْل شيء؛ حرّم عليهم ثمنَه"(4).
8 - ترْك البِدَع
ومن أسباب النصر والتمكين ترْك البِدع، ففي حديث العرباض بن سارية المتقدّم: "
…
إنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً
…
".
ثمّ كان بيان الدواء النبوي: "
…
وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإنّ كلّ بدعة ضلالة".
فقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ البدع سببٌ في الاختلاف الكثير، وأنّ تَرْك المحدثات طريق النجاة والائتلاف.
وإذا كانت كلّ بدعة ضلالة؛ فكيف يَنتصرُ الضالون؟!
(1) الأحقاف: 27.
(2)
الرعد: 31.
(3)
الأنبياء: 44.
(4)
أخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2978).
وإذا كانت البدعة تستجلب غضب الله؛ فكيف ينصرنا وهو غاضب علينا؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله حجَب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدَع بدعته"(1).
وهل ينتصر إلاّ التائبون.
ولا تنس أنّ المبتدع قد يبلغ أمره إلى حمْل السلاح ومقاتلة أهل الحقّ.
فعن الحَكَم بن المبارك عن عمر بن يحيى قال: سمعْتُ أبي يحدِّث عن أبيه قال: "كنّا نجلس على بابِ عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة، فإذا خرَج مشينا معه إلى المسجد، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال: أخرَج إليكم أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا، فجلس معنا حتى خرَج، فلمّا خرَج قمنا إليه جميعاً، فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن! إنّى رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرْتُه، ولم أرَ والحمد لله إلَاّ خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه.
قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كلّ حلقةٍ رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبّروا مائة، فيكبّرون مائة، فيقول: هلِّلوا مائة، فيهلّلون مائة، ويقول: سبِّحوا مائة، فيسبّحون مائة.
قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيك -أو انتظار أمرك-، قال: أفلا أمرْتَهم أن يعدّوا سيئاتهم، وضمِنْت لهم أن لا يضيع مِن حسناتهم شيء؟
ثمّ مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة مِن تلك الحلق، فوقَف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن! حصى نعدُّ به التكبير
(1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" وغيره، وانظر "صحيح الترغيب"(54) و"الصحيحة"(1620).