المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لكن مذهب الشافعي، وبعض أصحاب أحمد؛ أنّه ليس للأغنياء الذين - الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة - جـ ٧

[حسين العوايشة]

فهرس الكتاب

- ‌الجهاد

- ‌إيحابه:

- ‌الجهاد فرضُ كفاية إذا قام به قومٌ سقط عن الباقين

- ‌متى يتعيّن الجهاد

- ‌ماذا يُشترَط لوجوب الجهاد

- ‌متى تُشرع الحرب

- ‌مراتب الجهاد

- ‌الإخلاص في الجهاد

- ‌عذاب من يرائي في جهاده

- ‌الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغزُ

- ‌الجهاد في سبيل الله تجارة مُنجية

- ‌الجهاد من أفضل الأعمال عند الله -تعالى- وأَحبِّها إليه

- ‌الجنة تحت ظلال السيوف

- ‌لا يجتمع غُبارٌ في سبيل الله ودخان جهنّم

- ‌يُنجّي الله -تعالى- بالجهاد من الهمّ والغمّ

- ‌المجاهد أفضل النّاس

- ‌ذِكر التسويةِ بين طالب العلم ومعلِّمهِ وبين المجاهدِ في سبيل الله

- ‌أي القتل أشرف

- ‌مقام الرجل في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاماً

- ‌للمجاهد في الجنّة مائة درجة

- ‌ما يعدِل الجهاد في سبيل الله عز وجل

- ‌فضل الشهادة في سبيل الله -سبحانه

- ‌فضل الرباط في سبيل الله -تعالى

- ‌فضل الرمي بنيّة الجهاد والتحريض عليه

- ‌اللهو بأدوات الحرب

- ‌إثم مَن تعلّم الرمي ثمّ تَركه

- ‌فضل احتباس الخيل للجهاد في سبيل الله

- ‌فضل النفقة في سبيل الله وتجهيز الغزاة

- ‌أجر الشهادة بالنيّة لمن لم يستطع الجهاد

- ‌من صفات القائد

- ‌من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قُوّاده

- ‌ما يجب على أمير الجيش أو قائده

- ‌ذكر ما يُستحَبّ للإمام أن يستعين بالله -جلّ وعلا- على قتال الأعداء إذا عزَم على ذلك

- ‌الاستنصار بالضعفاء: بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم

- ‌جواز تخلّفِ الإمام عن السرية لمصلحة

- ‌إذا طلَب الإمام قَتْلَ رجل

- ‌البيان بأن صاحبَ السرية إذا خالَف الإمام فيما أمَره به كان على القوم أنْ يَعْزِلوه وُيولُّوا غيره

- ‌من تَأمَّر في الحرب مِن غير إمرةٍ إذا خاف العدو

- ‌توليةُ الإمِام أمراءَ جماعة واحداً بعد الآخر عند قَتْل الأول

- ‌متى تجب طاعة الجنود الأمير أو القائد

- ‌عقوبة مَن عصى الأمير أو القائد

- ‌مبادرة الإمام عند الفزع

- ‌تشييع المجاهدين ووداعُهم والدعاءُ لهم

- ‌من هديه صلى الله عليه وسلم في الجهاد، واقتداء الصحابة به في المعارك واستبسالهم فيها

- ‌عدد غزوات النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الطليعة واستطلاع الأخبار وابتعاث العيون

- ‌التورية في الغزو

- ‌الكَذِب والخداع في الحرب

- ‌التسبيح إذا هَبط وادياً والتكبير إذا عَلا شَرَفاً

- ‌إباحة تعاقب الجماعة الركُوبَ الواحد في الغزو عند عدم القدرة على غيره

- ‌مَن أَحبَّ الخروج للغزو يومَ الخميس

- ‌ما يُؤمَر من انضمام العسكر

- ‌في المياسرة والمرافقة في الغزو

- ‌حرمة نساء المجاهدين ومن خان غازياً في أهله

- ‌خروج النساء للتمريض ونحوه

- ‌حَمل الرجل امرأتَه في الغزو دون بعض نسائه

- ‌غزوة النساء مع الرجال

- ‌تحريم إسناد القتال إلى النّساء

- ‌فضل الخدمة في الغزو

- ‌إذن الوالدين في جهاد التطوع

- ‌هل يُستأذَن الدائن

- ‌حكم الاستعانة بالمشركين في الجهاد

- ‌النهي عن السفر بالمصحف إلى أَرض الحرب

- ‌ما يُنهى عنه في الحرب

- ‌هل تُرمى حصون العدوّ بالمنجنيق ونحوه من المهلكات وفيهم النساء والذرية

- ‌الدعوة قبل القتال

- ‌الدعاء عند القتال

- ‌الإلحاح على الله -تعالى- في طلب النصر

- ‌كراهةُ تمنّي لقاءَ العدْوّ، والأمرُ بالصبر عند اللقاء

- ‌وجوب الثبات عند لقاء العدوّ ومتى يجوز الفرار

- ‌المبايعة على الموت أو عدم الفرار

- ‌ التحنّط عند القتال:

- ‌مَا يُتَعَوَّذُ مِنْ الْجُبْنِ

- ‌ما جاء في المبارزة

- ‌ما يجوز للرجل مِنَ الحَمْل وحده على جيش العدوِّ وتأويل قول الله -تعالى-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌الخُيَلاء في الحرب

- ‌التكبيرُ عند الحرب

- ‌الغارة على الأعداء ليلاً

- ‌القتال أول النهار أو الانتظار حتى تهُبّ الريح

- ‌إذا ارتدّ على المقاتل سلاحه فقتله فله أجرُه مرّتين

- ‌من لهم ثواب الشهداء

- ‌ماذا يجد الشهيد من مسّ القتل

- ‌فضل الحرب في البحر

- ‌هل يسلم المجاهد نفسه للأسر

- ‌من ركع ركعتين عند القتل

- ‌استقبال الغزاة

- ‌مراسلة المجاهدين والديهم وأهليهم

- ‌انتهاء الحرب

- ‌لا يجوزُ نزْعُ ثيابِ الشهيد التي قُتل فيها

- ‌استحبابُ تكفين الشهيد بثوبٍ واحدٍ أو أكثر فوق ثيابهِ (2)

- ‌لا يُشْرَعُ غَسْلُ الشهيد قتيلِ المعركة ولو كان جُنُباً

- ‌أين يُدفن الشهيد

- ‌دفنْ أكثر من شهيد في قبر واحد إذا كَثُر القتلى

- ‌ما يقول إذا رجع من الغزو

- ‌إذا قَدِمَ الإمام أو القائد مِن الغزو يبدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين

- ‌مراجعة الإمام أو القائد مَن تخلّف من الغزو والقتال

- ‌قتال الإمام مانعي الزكاة

- ‌قتل الجاسوس

- ‌في حُكم قتل الجاسوس إذا كان مُسلماً

- ‌من قفز من عسكر المسلمين إلى عسكر الكُفّار

- ‌الهدنة

- ‌عقد الذمّة

- ‌موجب هذا العقد:

- ‌الأحكامُ التي تجري على أهل الذِّمَّة:

- ‌الجزية

- ‌مشروعيتها:

- ‌ممن تُقبَل

- ‌مقدار الجزية

- ‌ما يجوز للإمام اشتراطه

- ‌الزيادة من غير إجهاد ولا مشقّة

- ‌تحريم أخْذ ما يَشُقُّ على أهل الجزية

- ‌إعفاء من لم يقدر على أدائها

- ‌لا تُؤخَذ الجزية مِن النساء والصبيان

- ‌لا تؤخذ الجزية ممن أسلم ولو كان إسلامه فراراً من دفع الجزية

- ‌خَتْم رقابِ أهل الجزية في أعناقهم

- ‌بمَ يُنقض العهد

- ‌الغنائم

- ‌تعريفها:

- ‌إحلالها لهذه الأمّة دون غيرها

- ‌وجوب المجيء بالغنائم إذا نادى المُنادي في الناس بذلك

- ‌كيفية تقسيم الغنائم

- ‌يستوي في الغنائم مِن أفراد الجيش القوي والضعيف ومَن قاتَل ومن لم يُقاتِل

- ‌السَّلَب للقاتل

- ‌تخميس السَّلَب إذا بلغ مالاً كثيراً

- ‌جواز تنفيل بعض الجيش مِن الغنيمة

- ‌ردّ أموال وسبايا التائبين

- ‌إذا غنم المشركون مال المسلم ثمّ وجده المسلم

- ‌حُكم الأرض المغنومة

- ‌الغُلول

- ‌تعريفه:

- ‌تحريم الغُلول:

- ‌ما يجوز الانتفاع به قبل قسمة الغنائم

- ‌أسرى الحرب

- ‌جوازُ استرقاقِ الكُفّار مِنْ عربٍ أو عَجَم

- ‌إذا أسلم الأسير حَرُمَ قتْلُه

- ‌ما وَرَد في الإحسان إلى الأسرى

- ‌ما ورَد في الإحسان إلى الرقيق

- ‌ربط الأسير وحبْسُه

- ‌نفيُ جوازِ قتْلِ الحربيّ إذا أتى ببعضِ أَمارات الإسلام

- ‌تحرير الرقاب

- ‌الفيء

- ‌إنفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله نفقةَ سَنتِهِم مِن الفيء، وجعْل الباقي في مَجْعَل مال الله

- ‌يُراعى في قَسْم الفيء قِدَمُ الرجل في الإسلام وبلاؤُه، وعِيالُه وحاجتُه

- ‌إعطاء المتزوج حظّين والعزب حظاً واحداً

- ‌استيعاب الفيء عامّة المسلمين

- ‌عطاء المحرَّرين

- ‌كيفية تجزئة النبيّ صلى الله عليه وسلم الفيء

- ‌مصادر الفيء

- ‌مصارف الفيء

- ‌عقد الأمان

- ‌مَن أَمّنه أحد المسلمين صارَ آمناً

- ‌تحريم قتل المؤمَّن

- ‌حُكم الرسول كالمؤَمّن

- ‌المستأمَن

- ‌حقوقه

- ‌الواجب عليه

- ‌تطبيق حكم الإسلام عليه

- ‌مُصادرة ماله

- ‌ميراثه

- ‌العهود والمواثيق

- ‌شروط العهود:

- ‌نقض العهود:

- ‌الإعلام بالنقض تحرُّزاً عن الغدر

- ‌إقرار القوانين الدّولية في تحريم قتل الرسل

- ‌قتال البغاة

- ‌لا يُجهز على الجريح منهم ولا يُسلب القاتل ولا يُطلب المولّي

- ‌أقسام البغاة وما جاء في تأويلهم

- ‌هل البغاة والخوارج لفظان مترادفان أم لا

- ‌إذا بغت طائفة ولم تَقْبَل الصلح كانت بمنزلة الصائل

- ‌العدل بين الطائفتين وما يترتّب على ذلك مِن ضمان وقِصاص وحَمالة

- ‌ثواب صبر مَنْ يظُنّ أنّه مظلوم مبغيٌّ عليه

- ‌ما يفعله ولاة الأمور مع أقوام لم يصلّوا ولم يصوموا

- ‌لا يجوز لإحدى الطائفتين أن تقول: نأخذ حقّنا بأيدينا

- ‌مَن قَتَل أحداً بعد إصلاح

- ‌بيان طُرُق الإصلاح المذكور في قوله تعالى: {فأصلِحوا بين أخويكم}

- ‌متى يُقاتَل الخوارج والمتمرّدون على الإمام

- ‌ما جاء مِن نصوص تبيّن بعض أمارات الخوارج ومثيري الفتن

- ‌السمع والطاعة للإمام ما لم يَأْمُر بمعصية وما جاء في عدم منازعة الأمر أهله

- ‌السلام في الإسلام

- ‌أسباب النصر والتمكين

- ‌1 - التوحيد

- ‌2 - اتباع منهج النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - اتباع مَنْهج السلف الصالح

- ‌4 - العلم

- ‌5 - تزكية النفوس والائتمار بما أمر الله -تعالى- والانتهاء عما نهى -سبحانه

- ‌6 - ترْك الذنوب والمعاصي والأهواء

- ‌7 - ترك التحايل

- ‌8 - ترْك البِدَع

- ‌9 - الإعداد العسكري

- ‌10 - الإعداد المعنوي

- ‌11 - التآلف واجتماع الكلمة، وعدم التفرق والاختلاف

- ‌لماذا هُزِم المسلمون

- ‌عوامل الهزيمة وأسباب الدَّمار

- ‌عجباً من التخبُّط والعشوائية في طلب النَّصر

- ‌البشرى بانتصار المسلمين وانتشار الإسلام

الفصل: لكن مذهب الشافعي، وبعض أصحاب أحمد؛ أنّه ليس للأغنياء الذين

لكن مذهب الشافعي، وبعض أصحاب أحمد؛ أنّه ليس للأغنياء الذين لا منفعةَ للمسلمين بهم فيه حقٌّ إذا فضُل المال واتسع عن حاجات المسلمين كما فعَل عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه لمّا كَثُر المال أعطى منهم عامّة المسلمين؛ فكان لجميع أصناف المسلمين فرضٌ في ديوان عمر بن الخطاب؛ غنيّهِم وفقيرِهم.

لكن كان أهلُ الديوان نوعين: مقاتلة -وهم البالغون- وذرية -وهم الصغار والنساء الذين ليسوا من أهل القتال-؛ ومع هذا فالواجب تقديمُ الفقراءِ على الأغنياء الذين لا منفعةَ فيهم فلا يُعطَى غنيٌّ شيئاً حتى يَفضُل عن الفقراء.

هذا مذهب الجمهور؛ كمالك وأحمد في الصحيح من الروايتين عنه. ومذهب الشافعي -كما تقدم- تخصيص الفقراء بالفاضل"* (1).

‌عقد الأمان

إذا طلَب الأمانَ أيُّ فردٍ مِن الأعداء المحاربين، قُبِل منه، وصار بذلك آمناً؛ لا يجوز الاعتداء عليه؛ بأيّ وجهٍ مِن الوجوه، يقول الله- سبحانه وتعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} (2). (3).

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى لنبيِّه -صلوات الله وسلامه عليه-: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين أمَرْتُكَ بقتالهم، وأحلَلْتُ لك استباحة

(1) ما بين نجمتين من "مجموع الفتاوى"(28/ 564).

(2)

التوبة: 6.

(3)

انظر "فقه السُّنَّة"(3/ 48).

ص: 258

نفوسهم وأموالهم، {اسْتَجَارَكَ} أي: استأمَنك، فأجِبْه إلى طِلْبته {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} أي: القرآن تقرؤه عليه وتذكُر له شيئاً من أمر الدين تُقيم عليه به حُجَّة الله، {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} أي: وهو آمِنٌ مُستمرّ الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنِه، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} أي: إنما شَرَعْنا أمانَ مِثْلِ هؤلاء ليعلموا دين الله، وتنتشر دعوة الله في عباده.

وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في تفسير هذه الآية، قال:"إنسانٌ يأتيك ليسمع ما تقول، وما أُنزِل عليك، فهو آمِنٌ حتى يأتيَك فيسمعَ كلام الله، وحتى يبلغَ مأمنَه حيث جاء".

ومِن هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعطي الأمان لمن جاءه، مُسترشداً أو في رسالة، كما جاءه يوم الحديبية جماعةٌ مِن الرسُل مِن قريش، منهم: عروة بن مسعود، ومِكْرَز بن حفص، وسهيل بن عمرو، وغيرهم؛ واحداً بعد واحد، يتردّدون في القضية بينه وبين المشركين، فرأَوا مِن إعظام المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بَهَرهم وما لم يشاهدوه عند مَلِكٍ ولا قيصر، فرجعوا إلى قومهم فأخبَروهم بذلك، وكان ذلك وأمثالُه مِن أكبر أسباب هداية أكثرِهم (1).

(1) قلت: يُشير الحافظ ابن كثير رحمه الله إلى قصة الحديبية وفيها"

ثمّ إنّ عروةَ جَعَل يرمُق أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال فوالله ما تنخَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم نُخامةً إلَاّ وقعَت في كفِّ رجلٍ منهم، فدَلَكَ بها وجهَه وجِلده وإذا أمَرَهم ابتدروا أمْرَه وإذا توضَّأ كادوا يَقْتتِلون على وَضوئه، وإذا تكلَّم خَفضوا أصواتَهم عنده، وما يُحدّون إليه النَّظَر تعظيماً له، فرجَع عروة إلى أصحابه، فقال: أيْ قومِ، والله لقد وَفَدْت على الملوك، ووفدْتُ على قيصر وكسرى والنجاشيّ، والله إنْ رأيت مَلِكاً قطُّ يُعظِّمه أصحابه ما يُعظِّم أصحابُ محمّد =

ص: 259

ولهذا أيضاً لمّا قَدِم رسولُ مسيلمةَ الكذّاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له:"أتشهدُ أنَّ مسيلمة رسول الله؟ قال: نعم، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: لولا أن الرسلَ لا تُقتَل لضَربْتُ عُنُقَك"(1). وقد قيّض الله له ضَرْب العُنُق في إمارة ابن مسعود على الكوفة، وكان يقال له: ابن النواحة، ظَهَر عنه في زمانِ ابن مسعودٍ أنّه يشهد لمسيلمةَ بالرسالة، فأرسَل إليه ابن مسعودٍ فقال له: إنك الآن لستَ في رسالة، وأمَرَ به فضُرِبت عنقُه، لا رحمه الله ولَعَنه (2).

والغرض أنّ مَن قَدِمَ من دار الحرب إلى دار الإسلام، في أداء رسالة أو تجارة، أو طَلَبِ صُلحٍ أو مهادنة أو حَمْلِ جِزية، أو نحو ذلك من الأسباب، فطلَب من الإمام أو نائبه أمانًا -أُعطي أماناً ما دام مُتردّدًا في دار الإسلام، وحتى يرجع

= صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إنْ يتنخم نخامة إلَاّ وقَعَت في كفِّ رجلٍ منهم؛ فدلَك بها وجهه وجِلْده وإذا أمَرهم ابتدروا أمْرَه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلَّم خَفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحدّون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عَرَض عليكم خُطَةَ رُشْدِ فاقبلوها" أخرجه أحمد، والبخاري (2731، 2732).

يرمُق: اْي يَلحظ، قال الحافظ رحمه الله: وذكَر الثلاثة [قيصر، وكسرى، والنّجاشي] لكونهم أعظمَ ذلك الزَّمان.

(1)

أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2399) وغيرهما.

(2)

عن حارثةَ بنِ مُضرب أنّه أتى عبد الله فقال: "ما بيني وبين أحدٍ من العرب حِنَةٌ وإني مرَرْتُ بمسجدٍ لبني حنيفة، فإذا هم يؤمنون بمسيلمة، فأرسل إليهم عبد الله، فجيء بهم فاستتابَهم، غير ابن النواحة قال له: سمعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنك رسولٌ لضربتُ عنقَك. فأنت اليوم لست برسول، فأمَر قَرظَة بن كعب، فضَرَب عُنُقَه في السوق، ثمّ قال: مَن أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلاً بالسوق". أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2400) وغيره.

ص: 260