الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخميس السَّلَب إذا بلغ مالاً كثيراً
لقد تقدّم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسَّلَب للقاتل، ولم يُخمّس السَّلَب، ولكن وردت بعض الآثار في التخميس.
فقد بارز البراء مرزبان الزارة (1) فقتله، فبلغ سواره ومِنطَقَته (2)، ثلاثين ألفاً فخمّسه (3) عمر ودفَعَه إليه.
عن أنس بن مالك: أنّ البراء بن مالك أخا أنس بن مالك؛ بارز مرزبان الزارة، فطَعنه طعنة فكسر القَرَبوس (4)، وخَلص إليه فَقَتَله، فقوَّم سَلَبَه ثلاثين ألفا، فلمّا صلّينا الصبح، غدا علينا عمر، فقال لأبي طلحة: إنّا كنّا لا نُخمِّس الأسلاب، وإنَّ سَلَب البراء قد بلغ مالاً، ولا أرانا إلَاّ خامسيه، فقوَّمناه ثلاثين ألفا، فدفَعْنا إلى عمر ستة آلاف" (5).
وفي لفظ: "إن أول سَلَبٍ خمّس في الإسلام، سَلَب البراء بن مالك، كان حَمَل على المرزبان فطعَنه، فقتَله، وتفرّق عنه أصحابه، فنزل إليه، فأخذ منطقته وسواريه، فلمّا قَدِم، مشى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى أتى أبا طلحة الأنصاري
…
" فذكره مثل رواية الطحاوي، دون قوله في آخرها:
(1) الزارة: بلدة كبير: بالبحرين.
(2)
ما يُشدّ به الوسط.
(3)
أي: أخذ منه الخُمس: ستة آلاف، وأعطى البراء رضي الله عنه الباقي.
(4)
هو حِنو السرج، قال في "القاموس المحيط" القَرَبوس:"حِنو السرج" والحِنو عود الرَّحل.
(5)
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإرواء"(5/ 58) تحت الحديث (1224).
"فدفعنا إلى عمر ستة آلاف"(1).
وفي لفظ: "فنَفَلَه السلاح وقوّم المنطقة ثلاثين ألفاً، فخمَّسَها، وقال: إنها مال"(2).
أقول: ولا تعارُض بين عدم تخميسه صلى الله عليه وسلم السَّلَب، وبين فِعْل عمر رضي الله عنه، لأنّ السَّلَب الذي عُرف بقيمته المتداولة الشائعة؛ هو الذي لا يُخمَّس، أمّا إذا بلغَ مالاً كثيراً؛ فإنّه يُخمّس ليكون النفع أكثر، والفائدة أعمّ، مع تحقيق معنى استفادة المقاتل مِن ذلك، والله -تعالى- أعلم.
الرّضخ (3) من الغنيمة لمن حضر
وَيرْضَخ الإمامُ لمن حضَر، مِن النساء والعبيد -ممن لا سهم له في الغنيمة-.
عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ "أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْألهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لهُنَّ بِسَهْمٍ؟ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ؟ وَمَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟ وَعَنْ الْخُمْسِ لمِنْ هُوَ؟
فكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتبتَ تَسْألُني هَلْ كَانَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم ِيَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟
(1) وصحّح إسناده شيخنا رحمه الله في المصدر السابق.
(2)
وقال شيخنا رحمه الله في المصدر المذكور: وإسناده لا بأس به.
(3)
الرضخ: هو العطية القليلة. "النّهاية".
وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الجرْحَى وَيُحْذَيْنَ (1) مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لهُنَّ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ، فَلَا تَقْتُلْ الصِّبْيَانَ.
وَكَتَبْتَ تَسْألنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتيمِ؛ فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لتنْبُتُ لحيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النّاس؛ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ.
وَكَتَبْتَ تَسْألنِي عَنْ الْخُمْسِ لمِنْ هُوَ؟ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ: هُوَ لَنَا فَأبى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ" (2).
وفي رواية: "وسألت عن المرأة والعبد: هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا البأس؟ فإنهم لم يكن لهم سهمٌ معلوم إلَاّ أن يُحذَيا مِن غنائم القوم"(3).
وفي زيادة: "وأما العبد فليس له من المغنم نصيب، ولكنهم قد كان يُرضَخ لهم"(4).
وعن عمير مولى آبي اللحم قال: "شَهِدْت خيبر مع سادتي، فكلّموا فيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمَرَ بي، فقُلّدْتُ سيفاً، فإذا أنا أجرّه (5)، فأُخبِر أني مملوك، فأَمَر لي
(1) أي: يُعطين.
(2)
أخرجه مسلم: 1812.
(3)
أخرجه مسلم: 1812.
(4)
انظر "الإرواء" تحت الحديث (1236).
(5)
أي: أسحب السيف على الأرض مِن صِغَر سنّي أو قِصَر قامتي. "عون المعبود".