الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يجوز الانتفاع به قبل قسمة الغنائم
يُباح للمقاتلين أن ينتفعوا بالطعام وعَلَف الدواب؛ ما داموا في أرض العدوّ، قبل أنْ تُقسّم عليهم.
عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قال: "كنّا محاصِرين قصرَ خيبر، فرمى إنسانٌ بجرابٍ (1) فيه شحم، فنزوت (2) لآخذه، فالتفتُّ، فإذا النبيّ صلى الله عليه وسلم فاستحييتُ منه"(3). وفي رواية " فالتَفَتُّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتبسّماً"(4).
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "أصبنا طعاماً يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثمّ ينصرف"(5).
وعن ابن -عمر رضي الله عنهما " كنّا نُصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه (6) "(7).
(1) الجراب: وعاء مِن جِلد.
(2)
أي: وَثَبْت، وهي رواية مسلم:1772.
(3)
أخرجه البخاري: 3153 واللفظ له، ومسلم:1772.
(4)
أخرجه مسلم: 1772.
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2353)، والحاكم (2/ 126) وقال: صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي، وشيخنا رحمه الله في "التعليقات الرضية"(3/ 468) وكذا البيهقي.
(6)
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح": "أي ولا نحمله على سبيل الادّخار، ويُحتمل أن يُريد ولا نرفعه إلى متولّي أمر الغنيمة، أو إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا نستأذنه في أكْلِه، اكتفاءً بما سَبَق منه مِن الإذن".
(7)
أخرجه البخاري: 3154.
جاء في "الروضة النديّة"(2/ 745): "قال مالك في "الموطأ": لا أرى بأساً أن يأكُل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو مِن طعامهم؛ ما وجدوا مِن ذلك كلّه، قبل أن تقع في المقاسم".
وقال أيضاً: "أنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام؛ يأكُلُ منه المسلمون إذا دخَلوا أرض العدو؛ كما يأكلون الطعام".
وقال: "ولو أنّ ذلك لا يُؤكَل حتى يحضُر النّاس المقاسم ويُقسَم بينهم؛ أضرَّ ذلك بالجيوش، قال: فلا أرى بأساً بما أُكل من ذلك كلّه؛ على وجه المعروف والحاجة إليه، ولا أرى أن يدّخِرَ ذلك شيئاً؛ يَرجِع به إلى أهله. قلت: وعليه أهل العلم". انتهى.
قلت: ويجوز ركوب الدوابّ وما في معناها، ولبس الثياب، مِن غير إتلاف ولا إخلاق.
فعَنْ رُوَيْفعِ بْنِ ثَابِتٍ الأنصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ المسْلِمِينَ، حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا (1) رَدَّهَا فِيهِ (2)، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْباً مِنْ فَيْءِ المسْلِمِينَ، حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ (3) رَدَّهُ فِيهِ"(4).
(1) أعْجَفَها: أي أضعَفها وأهزلها "عون المعبود"(7/ 268).
(2)
أي: الفيء.
(3)
أخلَقَه: أي أبلاه.
(4)
أخرجه أحمد وأبو داود (2078) وغيرهما، وقال شيخنا رحمه الله حسن صحيح، وانظر "التعلقيات الرضية على الروضة الندية"(3/ 467).
جاء في عون المعبود (7/ 268): "قال في "السبيل": يُؤخَذ منه جوازُ الركوبِ ولبسِ الثوب، وإنما يتوجه النهي إلى الإعجاف والإخلاق للثوب، فلو رَكِب من غير إعجاف، وَلَبِس من غَير إخلاق وإتلافٍ؛ جاز. انتهى.
قال في "الفتح": وقد اتفقوا على جواز رُكوب دوابِّهم يعني؛ أهلَ الحرب ولبس ثيابِهم، واستعمال سلاحهم حال الحرب، ورد ذلك بعد انقضاء الحرب. وشرط الأوزاعي فيه إذن الإمام وعليه أن يردّ كلما فرغت حاجته، ولا يستعمله في غير الحرب، ولا ينتظر بردّه انقضاء الحرب لئلا يُعرّضه للهلاك".
قلت: وقوله بإذن الإمام ليس على الإطلاق، لحديث عبد الله بن مغفّل رضي الله عنه قال:"أصبت جراباً من شحم يوم خيبر، فقال: فالتزمتُه، فقلت: لا أُعطي اليوم أحداً من هذا شيئاً؛ فالتفتّ فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم متبسَّماً"(1).
قال النّووي رحمه الله: "ويجوز بإذن الإمام وبغير إذنه، ولم يشترط أحد من العلماء استئذانه إلَاّ الزهري
…
".
…
(1) أخرجه مسلم: 1772.