الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ، قال: اقْسِميها، فكانت عائشةُ إذا رَجَعَتِ الخادِمُ تقولُ: ما قالوا؟ تقولُ الخادم: قالوا: بارَكَ الله فيكُم، فتقول عائشةُ: وفيهِمْ بارَكَ الله، نرُدُّ عليهم مثلَ ما قالوا، ويبقى أجْرُنا لنا" (1).
هل يسلم المجاهد نفسه للأسر
(2)؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشَرَة رهطٍ (3) سريّةً عيناً، وأمَّرَ عليهم عاصمَ بنَ ثابت الأنصاري -جدَّ عاصم بن عمر بن الخطاب- فانطلقوا، حتى إذا كانوا بالهَدَأَة -وهو بين عُسْفَانَ ومكة- ذُكِروا لحِيٍّ من هُذَيْلٍ، يقال لهم بنو لِحْيَانَ (4)، فَنَفروا لهم قريباً من مائتي رجل كلُّهم رامٍ، فاقْتصُّوا آثارَهم حتى وجدوا مأكلهم تمراً، تَزَوَّدوه مِن المدينة، فقالوا: هذا تمرُ يثرب.
فاقتصُّوا (5) آثارهم، فلمّا رآهم عاصمٌ وأصحابُه لجئوا إلى فَدْفَدٍ (6)، وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزِلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهدُ والميثاقُ ولا نَقْتُل
(1) أخرجه ابن السني من طريق النسائي بسند جيِّد، وانظر "الكَلِم الطيب"(238).
(2)
هذا العنوان مُقتبس من "صحيح البخاري"(كتاب الجهاد)(باب - 170).
(3)
الرهط مِن الرجال ما دون العشرة، وقيل إلى أربعين، ولا يكون فيهم امرأة، ولا واحدَ له من لفظه. "عمدة القاري"(14/ 291).
(4)
بكسر اللام، وقيل بفتحها.
(5)
أي: اتَّبَعوها.
(6)
قال الحافظ رحمه الله: "هي الرابية المشرِفة، قال ابن الأثير: هو الموضع المرتفِع، ويُقال الأرض المستوية، والأول أصحّ".
منكم أحداً.
فقال عاصم بن ثابت -أمير السريّة-: أمّا أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمّة كافر، اللهم أخبر عنّا نبيّك، فرموهم بالنَّبْل، فقتلوا عاصماً في سبعة، فنزَلَ إليهم ثلاثة رهطٍ بالعهد والميثاق، منهم خُبَيْبٌ الأنصاريّ، وابن دَثِنَةَ ورجلٌ آخر، فلمّا استمكنوا منهم أطلقوا أوتارَ قِسِيِّهم (1) فأوثقوهم.
فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبُكم، إنّ لي في هؤلاء لأُسوةً -يريد القتلى- فجرّروه وعالجوه على أن يصحبَهم فأبى، فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دَثِنة؛ حتى باعوهما بمكّة بعد وقعة بدرٍ، فابتاع خبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيبٌ هو قَتَل الحارث بن عامر يوم بدرٍ، فلبِثَ خبيبٌ عندهم أسيراً. فأخبرني عبيد الله بن عِياض أنّ بنت الحارث أخبرته أنّهم حين اجتمعوا؛ استعار منها موسى يَسْتَحِدُّ بها (2) فأعارته، فأخذ ابناً لي وأنا غافلةٌ حين أتاه.
قالت: فوجدته مُجْلِسَه على فخذه والموسى بيده، ففزعْت فزعةً عَرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشَيْن أنْ أقتلَه؟ ما كنت لأفعل ذلك.
والله ما رأيت أسيراً قطُّ خيراً من خبيب، والله لقد وجدتُه يوماً يأكل من قِطْف عِنَبٍ في يده، وإنّه لموثَقٌ في الحديد وما بمكَّةَ مِن ثمر. وكانت تقول إنّه لَرِزق من الله رَزَقَه خُبيباً.
(1) جمع قوس.
(2)
يستحِدُّ بها: مِن الاستحداد، وهو حلْق شعر العانة، وهو استفعال مِن الحديد. "عمدة القاري".
فلمّا خرجوا مِن الحرَم ليقتلوه في الحِلِّ، قال لهم خُبَيب: ذروني أركعْ ركعتين، فتركوه فركَع ركعتين ثمّ قال: لولا أنْ تظنّوا أنّ ما بي جَزَع (1) لطوّلتُها، اللهم أحْصِهِم عَدَداً (2).
ولست أبالي حين أُقْتَلُ مسلماً
…
على أي شِقٍّ كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإنْ يَشَأْ
…
يُبارِك على أوصال (3) شِلْوٍ (4) مُمَزَّعِ (5)
فقتَله ابن الحارث، فكان خبيبٌ هو سنَّ الركعتين لكل امرئ مُسْلم قُتِلَ صَبْراً (6)، فاستجاب الله لعاصم بن ثابتٍ يوم أصيب. فأخبَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه خَبَرهم وما أُصِيبُوا، وبعَث ناسٌ من كُفّار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنّه قُتِل ليُؤْتَوا بشيء منه يُعْرَفُ، وكان قد قتل رجلاً مِن عظمائهم يوم بدر، فبُعِث على عاصمٍ مِثْلُ الظُّلّة (7) مِن الدَّبْرِ (8) فَحَمَتْه (9) من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا
(1) الجزع: نقيض الصبر.
(2)
دعا عليهم بالهلاك استِئصالاً، أي: لا تُبْقِ منهم أحَداً. "عمدة القاري".
(3)
الأوصال: جَمْع وَصل، وهو العضو.
(4)
الشِّلو -بكسر المعجمة-: الجسد، وقد يطلق على العضو، ولكن المراد به هنا الجسد.
(5)
الممزَّع: المُقطَّع.
(6)
قال في "النّهاية": "
…
وكلّ من قُتل في غير معركة، ولا حَرْب، ولا خطأ، فإنه مقتولٌ صبراً".
(7)
الظُلَّة: السَّحابة.
(8)
الدَّبر -بفتح المهملة وسكون الموحَّدة-: الزنانبير، وقيل ذكور النحل، ولا واحد له من لفظه. "الفتح".
(9)
مَنَعتْه منهم.