الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
وعن سويد بن مقرّن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قُتل دون مظلمته فهو شهيد"(1).
8 -
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومَن قُتِل دون دمه فهو شهيد"(2).
ماذا يجد الشهيد من مسّ القتل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يجدُ الشهيد من مسّ القتل إلاّ كما يجدُ أحدكم مِن مسّ القَرْصَة"(3).
فضل الحرب في البحر
عن أمّ حرام رضي الله عنها عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "المَائِدُ (4) في البحر الذي يُصيبُه القيء له أجرُ شهيد، والغَرِقُ له أجرُ شهيدين"(5).
(1) أخرجه النسائي وصححه لغيره شيخنا رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب"(1413).
(2)
أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه، وأحمد، وانظر "أحكام الجنائز"(ص 57).
(3)
أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1362)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2260)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(2963)، وانظر "الصحيحة"(960).
(4)
المائد: هو الذي يُدارُ برأسه من ريح البحر واضطراب السّفينة بالأمواج. "النّهاية".
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2177)، وحسنه شيخنا الألباني رحمه الله في "الإرواء"(1194).
في زيادة الأجر للمجاهدين (1) عند الإخفاق (2):
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن غازية تغزو في سبيل الله، فيصيبون غنيمةً؛ إلَاّ تعجَّلوا ثُلُثَي أجرهِم مِن الآخرة، ويبقى لهم الثُّلُث، فإن لم يصيبوا غنيمةً؛ تمَّ لهم أجرهم"(3).
وفي لفظ: "ما مِن غازية أو سريّة، تغزو فتغنم وتسلم؛ إلَاّ كانوا قد تعجّلوا ثُلُثي أُجورِهم، وما من غازيةٍ أو سريّة تخفق وتُصاب، إلاّ تم أجورهم"(4).
ظاهر هذا الحديث أنَّ مَن غزا فغنِمَ، نَقَصَ أجرُ جهادِه -كما ذهَب إلى ذلك قوم-، وليس معنى ذلك كذلك عند أهل العلم والتحقيق، بل أجْرُ الجهاد كاملٌ لكلِّ واحدٍ منهم، بفضل الله -تعالى-، وإنّما يفترقون في زيادة الأجر فوق ثوابِ الجهاد؛ فأمّا مَن غَنِم، فقد حَصَل له في الحال من السرور، ونشاط النفس بالظهور والغُنْم، ما يَدْفعُ عنه آثارَ الجهد في الغزو، وتخلّف المال في النفقة، ونحو ذلك ممّا تَفترق فيه حالُه مِنْ حال مَنْ غزا فلم يُصبْ شيئاً، ولا عفَّى على كدِّه ونفقته خَلَفٌ، فلهؤلاء زيادةُ أجرٍ فوق أجر الجهاد، مِن حيثُ تضاعُفِ آثار الجَهدِ والكرب بفوت المغنم، كما يُؤجَر مَن أُصيب بجهدٍ في نفسه، أو تَلفِ شيءٍ مِن ماله، وذلك أنَّ حالهَم بالإضافة إلى مَن غَنِمَ حالُ مَن أُصيب بفوتِ مثل ذلك.
(1) هذا العنوان وما يتضمنه من "الإنجاد"(1/ 87). بزيادة وتصرُّف.
(2)
قال أهل اللغة: الإخفاق: أن يغزوا فلا يغنموا شيئاً، وكذلك كلّ طالب حاجة إذا لم تحصُل فقد أخفَق، ومنه أخفق الصائد: إذا لم يقع له صيد "شرح النّووي".
(3)
أخرجه مسلم: 1906.
(4)
أخرجه مسلم: 1906.
فعلى نحو هذا تترتَّبُ زيادةُ الأجر لمِن لم يغنم، ويَتَّصِفُ مَنْ غَنِمَ؛ بنقصان الأجر إذا أضيف أجرُه في ذلك؛ إلى الحَظِّ الذي زِيدَ في ثواب مَنْ لم يغنم، والله أعلم.
…
وأدلُّ دليلٍ في ذلك وأوضحه: قوله صلى الله عليه وسلم -وقد ذكر ما فضَّله الله -تعالى- به، وخصَّه من كَرمِه-:"أُعطيتُ خمساً لم يُعطهنَّ أحدٌ قبلي؛ كان كلُّ نبيٍّ يُبعث إلى قومه خاصَّةً، وبُعثتُ إلى كلِّ أحمر وأسود، وأُحِلَّت لي الغنائم، ولم تَحِلَّ لأحدٍ قبلي"
…
الحديث، ثبت في "الصحيحين": البخاري ومسلم (1) ".
فلو كانت الغنيمة تُحبطُ أجر الجهاد أو تُنْقِصُه، ما كانت فضيلةً، وهذا ظاهر".
قلت: إنَّ أَجْر مَن أخفَق ومَنْ غَنِم؛ لا يعلمه إلَاّ الله -تعالى-، وكذا الأجر الكامل وثلثاه، وفي كُلٍّ خيرٌ، وجزالةُ مثوبة، ولكن المراد من الحديث تحفيز هِمّةِ مَن لم يغنَموا؛ بما لهم عند الله -تعالى-؛ فحين يَعْلَم مَن أخفَق أَنَّ له ما هو أفضل من الغنيمة -وهو الأجر المُدَّخَرُ عند الله تعالى-؛ كان ذلك سبيلاً للمزيد مِن الصبر والاحتساب.
وفي مِثل هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَوَدَّنَّ أهل العافية يومَ القيامة؛ أنَّ جلودهم قُرضت بالمقاريض؛ مما يَرَوْن مِن ثواب أهل البلاء"(2).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه: "أنّه دخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مَوْعوكٌ عليه قَطيفَةٌ، فوضَع يدَه فَوْقَ القَطيفَةِ، فقال: ما أشَدَّ حُمَّاك يا رسول الله!
(1) أخرجه البخاري: 335، 438، ومسلم:521.
(2)
أخرجه الترمذي، وغيره، وحسنه شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(2206).
قال: إنا كذلك يُشَدَّدُ علينا البَلاءُ، ويضاعَفُ لنا الأجْرُ. ثمّ قال: يا رسول الله! مَنْ أشدُّ الناس بلاءً؟ قال: الأنبياءُ. قال؛ ثمّ مَن؟ قال: العُلماءُ. قال: ثمّ مَنْ؟ قال: الصالحِونَ، وكان أحدُهم يُبتلى بالقَمْلِ حتى يَقْتُلَه، ويُبْتلى أحدُهم بالفقر حتى ما يجدَ إلَاّ العباءةَ يلبَسُها، ولأَحدُهم كان أشدَّ فَرَحاً بالبلاءِ مِنْ أحدِكُم بالعطاء" (1).
والشاهد فيه: "إنَّا كذلك يُشدَّد علينا البلاء، ويُضاعف لنا الأجر".
فإذا قُلنا إنَّ الإخفاق مِن البلاء، فإنَّ فيه زيادةَ الأجر والثواب. والله -تعالى- أعلم بالصواب.
قال الإمام النّووي رحمه الله في "شرحه"(13/ 52): "وأمّا معنى الحديث: فالصواب الذي لا يجوز غيره، أنَّ الغزاة إذا سَلِموا أو غنموا؛ يكون أجْرُهم أقلّ مِن أجرِ مَن لم يَسلَم أو سَلِم ولم يَغنم، وأنّ الغنيمة هي في مقابلة جُزءٍ مِنْ أجرِ غزوهم، فإذا حَصَلَت لهم فقد تعجَّلوا ثُلُثي أجرِهم المترَتِّب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة مِنْ جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: "مِنَّا مَن مات ولم يأكل مِن أجرِه شيئاً، ومِنَّا من أينعَت له ثمرتُه فهو يهدبها " أي: يجتنيها. فهذا الذي ذَكَرْنا هو الصواب، وهو ظاهر الحديث ولم يأتِ حديث صريح صحيح يخالِفُ هذا؛ فتعيَّن حَمْلُه على ما ذَكَرنا
…
".
قلت: وكلام الإمام النّووي رحمه الله هو الأرجح لدلالة النصوص على ذلك، ويؤيد هذا ما ثبَت عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: "أُهْدِيَتْ
(1) أخرجه ابن ماجه، وغيره، وصححه شيخنا رحمه الله في "صحيح الترغيب والترهيب"(3403).