الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي عن السفر بالمصحف إلى أَرض الحرب
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أنْ يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدوِّ"(1). وفي رواية: "أنَّه كان ينهى أنْ يُسافَر بالقرآن إلى أرض العدوِّ؛ مخافةَ أن ينالَه العدوُّ"(2). وفي رواية أخرى: "لا تسافروا بالقرآن؛ فإنّي لا آمَنُ أنْ ينالَه العدوُّ"(3).
ما يُنهى عنه في الحرب
قال الله -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (4).
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": وقوله: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} أي: قاتلوا في سبيل الله، ولا تعتدوا في ذلك، ويَدْخُل في ذلك ارتكاب المناهي -كما قاله الحسَن البصري- من المُثلة، والغُلول، وقتل النساء، والصبيان، والشيوخ الذين لا رأيَ لهم ولا قتالَ فيهم، والرُّهبانِ وأصحابِ الصوامع، وتحريقِ الأشجار، وقتلِ الحيوانات لغير مصلحة، كما قال ذلك ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، ومقاتل بن حيان وغيرهم
…
".
وتقدّم حديث بريدة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أمّرَ
(1) أخرجه البخاري: 2990، ومسلم:1869.
(2)
مسلم: 1869 - 94.
(3)
مسلم: 1869 - 94.
(4)
البقرة: 190.
أميراً على جيش أو سريَّة (1) أوصاه في خاصَّته بتقوى الله ومَن معه مِن المُسلمين خيراً، ثمَّ قال:"اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا مَن كَفر بالله اغْزوا ولا تَغُلّوا ولا تَغدرِوا ولا تَمْثُلوا ولا تقتلوا وليداً"(2).
ومما ينهى عنه في الحرب:
1 -
قَتْل النساء والوِلدان.
عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: "إنّ امرأةً وُجِدت في بعض مغازي النبيّ صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكَر رسول الله صلى الله عليه وسلم قَتْل النساء والصبيان"(3).
وعن رباح بن ربيع رضي الله عنه قال: "كُنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فرأى النّاس مجُتمعين على شيء، فبعَث رجلاً فقال: انظر عَلامَ اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأةٍ قَتيل، فقال: ما كانت لتُقاتِل! قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد، فبعَث رجلاً ففال: قُل لخالد لا تقتلنَّ امرأةً ولا عسيفاً (4) "(5).
قال القاري رحمه الله: ولعلّ علامته أن يكون بلا سلاح.
(1) السريَّة: هي قطعة من الجيش؛ تخرج منه، تغير وترجع إليه، قالوا: سُميّت سريّة؛ لأنّها تسري الليل ويخفى ذهابُها. "شرح النّووي" وتقدّم.
(2)
أخرجه مسلم: 1731 وتقدم غير بعيد.
(3)
أخرجه البخاري: 3014، ومسلم:1744.
(4)
عسيفاً: أي أجيراً.
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2324)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(2294)، وانظر "الصحيحة"(701).
قال الخطابي رحمه الله: "في الحديث دليل على أنّ المرأة إذا قاتَلت قُتِلَت، ألا ترى أنه جَعل العِلَّة في تحريم قَتْلها لأنّها لا تُقاتِل، فإذا قاتَلَت دَلّ على جواز قتْلها"(1).
قلت: ويجوز قتْلها إذا كان هناك سببٌ يدعو إلى ذلك.
فقد ورَد قتل المرأة صريحاً؛ كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "لم يُقتَل مِن نِسائهم -تعني بني قريظة- إلَاّ امرأة إنها لعندي تُحَدِّثُ: تضحك ظهراً وبطناً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتُل رجالَهم بالسيوف، إذ هتَف هاتف باسمها أين فلانة؟ قالت: أنا، قُلت وما شَأنُكِ؟ قالت: حَدَثٌ أحْدَثْتُهُ قالت: فانطُلِق بها، فضُرِبَت عنُقها، فما أنسى عجَباً منها، أنّها تضحك ظهراً وبطناً، وقد عَلِمت أنها تُقتَل"(2).
قال الخطّابي رحمه الله: "يُقال إنّها كانت شَتَمت النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو الحَدث الذي أحدَثَتْهُ، وفيه دلالة على وجوب قَتْلِ مَنْ فَعَل ذلك
…
" (3).
وعن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: "أتيتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم وغزوت معه، فأصبْتُ ظهرَ أفضل النّاس يومئذٍ، حتى قتلوا الوِلدان- وقال مرَّةً: الذرِّيَّة.
فبلَغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما بال قومٍ جاوزهم القَتْلُ اليومَ حتى قَتَلُوا الذرِّيَّة؟! فقال رجلٌ: يا رسول الله! إنَّما هُمْ أولاد المشركين! فقال: ألا إنَّ خِيارَكُم أبناء المشركين. ثمَّ قال: ألا لا تقتلوا ذُرِّيَّةً، ألا لا تقتلوا ذُرِّيَّةً.
(1) انظر "عون المعبود"(7/ 236).
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2325).
(3)
انظر "عون المعبود"(7/ 238).
قال: كلّ نَسَمَةٍ تُولد على الفطرة (1)، حتى يَهُبَّ (2) عنها لسانها (3)؛ فأبواها يُهَوِّدانها ويُنَصِّرانها" (4).
وعن الصَّعب بن جَثَّامة "أنه سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الدار من المشركين يُبَيَّتُون فيُصاب مِن ذراريِّهم ونسائهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هُم مِنهُم".
[قال الزهري: ثمّ نَهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان.](5).
قال الإمام النّووي رحمه الله في "شرح مسلم"(12/ 49) -بحذف-
(1) التي فطَر النّاس عليها أي الخِلقة التي خَلَق النّاس عليها، من الاستعداد لقَبول الدين والنُّهي للتحلّي بالحق، وقَبول الاستعداد، والتأبّي عن الباطل، والتمييز بين الخطأ والصواب. "فيض القدير".
(2)
وفي لفظ (يُعرب)، انظر "صحيح الجامع"(4435)، وانظر لزاماً "الصحيحة"(401).
(3)
فحينئذ إنْ تُرك بحاله، وخُلّي وطَبعه؛ ولم يتعرض له مِن الخارج مَن يصدُّه عن النظر الصحيح مِن فساد التربية، وتقليد الأبوين، والإلف بالمحسوسات، والانهماك في الشهوات، ونحو ذلك؛ لينظر فيما نصب من الدلالة الجلية على التوحيد، وصِدْق الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك نظرًا صحيحاً؛ يوصله إلى الحق، وإلى الرشد، عَرف الصواب، ولَزِم ما طُبع عليه في الأصل، ولم يختر إلَاّ الملة الحنيفية، وإن لم يُترك بحاله بأن كان أبواه نحو يهوديين أو نصرانيين، فأبواه هما اللذان يهوّدانه أي يُصيِّرانه يهوديّاً، بأن يُدخلاه في دين اليهودية المحرَّف المبدَّل، بتفويتهما له أو ينصرانه، أي يصيِّرانه نصرانيّاً
…
"فيض القدير"(5/ 34).
(4)
أخرجه أحمد والنسائي في "الكبرى" والدارمي وغير هم وصححه شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(402).
(5)
أخرجه البخاري: 3012، ومسلم: 1745، وما بين المعقوفتين لأبي داود (2672) وانظر "صحيح سنن أبي داود"(2326).
"وتقديره: سُئل عن حُكمِ صبيان المشركين الذين يُبَيَّتون فيُصاب مِن نسائهم وصبيانهم بالقتل، فقال: هم مِن آبائهم أي لا بأس بذلك؛ لأنّ أحكام آبائهم جارية عليهم في الميراث وفي النكاح وفي القِصاص والدِّيات وغير ذلك، والمراد إذا لم يُتعمَّدوا مِن غير ضرورة، وأمّا الحديث السابق (1) في النهي عن قتل النساء والصبيان، فالمراد به إذا تميّزوا، وهذا الحديث الذي ذكرناه من جواز بياتهم وقتْل النساء والصبيان في البيات؛ هو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور، ومعنى البيات وُيبَيَّتُون: أن يُغار عليهم بالليل، بحيث لا يُعرف الرجل من المرأة والصبي.
وفي هذا الحديث: دليلٌ لجواز البيات، وجواز الإغارة على مَن بلَغتهُم الدعوة مِن غير إعلامهم بذلك". انتهى.
قلت: وخلاصة القول: عدم جواز تعمُّد قَتْل النساء والصبيان (2)، وجواز ذلك إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء المقاتلين، لاختلاطهم.
والضابط في عدم قتل الصبيان؛ عدم الإنبات، جاء في "صحيح ابن حبان":
"الأمر بقتل مَن أنْبَت الشعر في دار الحرب والإغضاء (3) على مَن لم يُنْبِت"(4) ثمّ ذكَر تحته حديث عطية القُرظي رضي الله عنه قال: "عُرضْتُ على
(1) يشير إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذَكَرْتُه في بداية البحث.
(2)
قال النّووي رحمه الله في "شرح مسلم"(12/ 48): "أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث! نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قَتْل النساء والصبيان" وتحريم قَتْل النساء والصبيان إذا لم يقاتِلوا، فإنْ قاتلوا؛ قال جماهير العلماء: يُقتلون".
(3)
أي الأمر بإبقائه والسكوت عنه.
(4)
هذا العنوان من "صحيح ابن حبان""التعليقات الحِسان"(7/ 154).
رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة، فشكُّوا فيّ، فقيل لي: هل أنبتَّ (1)، ففتّشوني (2)، فوجدوني لم أُنبِت، فُخلّيَ سبيلي" (3) ".
2 -
قتْل الأُجَراء، لحديث رباح رضي الله عنه المتقدّم:"لا تَقْتُلَنَّ امرأةً ولا عَسيفاً".
3 -
قتل المجانين: لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "رُفِع القلم عن ثلاث
…
وعن المجنون حتى يستيقظ".
قال في "الإنجاد"(1/ 228): "وأمّا المجنون فلا ينبغي أن يكون فيه خلاف أنّه لا يُقتَل
…
".
4 -
قَتْل الرهبان وأصحاب الصوامع الذين لا يخالطون النّاس، وليسوا مِن أهل القتال ولا هم من أهل المشورة والرأي فيه (4).
وجاء في "مجموع الفتاوى"(28/ 659): "الرهبان الذين تنازَع العلماء في قَتْلِهم، وأخْذِ الجزية منهم: هم المذكورون في الحديث المأثورِ عن خليفةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّه قال في وصيته ليزيد بن أبي سفيان لمّا بَعَثَه أميراً على فَتْح الشام، فقال له في وصيته: وستجدون أقواماً قد حبَسوا أنفسهم في الصوامع، فذروهم وما حبَسوا أنفسهم له، وستجدون أقواماً قد
(1) أي: هل نبَت شعر عانتك؟
(2)
يعني كشفوا العانة، ونظروا أأنبَتُّ أم لا.
(3)
أخرجه ابن حبان في "صحيحه""التعليقات الحِسان"(4760) وأبو داود وابن ماجة وغيرهم.
(4)
قال في "المغني"(1/ 543): "لأنّ الرأي مِن أعظم المعونة في الحرب".
فحصوا (1) عن أوساط رءوسهم، فاضربوا ما فحصوا عنه بالسيف، وذلك بأنّ الله يقول:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} (2).
وإنما نَهَى عن قَتْل هؤلاء، لأنهم قوم مُنقَطعون عن الناس، محبوسون في الصوامع، يُسمَّى أحدُهم حبيساً، لا يعاوِنون أهلَ دينهم على أمرٍ فيه ضررٌ على المسلمين أصْلاً، ولا يخالطونهم في دنياهم؛ ولكن يكتفي أحدُهم بقدر ما يتبلّغ به. فتنازَع العلماء في قَتْلهم، كتنازُعهم في قَتْل مَن لا يضُرّ المسلمين؛ لا بيده ولا لسانه؛ كالأعمى، والزَّمِن، والشيخ الكبير، ونحوِه؛ كالنساء والصبيان.
فالجمهور يقولون: لا يُقتَل إلَاّ مَن كان مِن المعاونين لهم على القتال في الجملة، وإلا كان كالنساء والصبيان. ومِنهم مَن يقول: بل مجرّد الكفر، هو المبيح للقتل، وإنّما استثني النساء والصبيان، لأنهم أموال. وعلى هذا الأصل ينبني أخْذ الجزية.
وأمّا الراهب الذي يعاوِن أهلَ دينه بيده ولسانه: مثل أن يكون له رأي يرجعون إليه في القتال، أو نوع مِن التحضيض: فهذا يُقتَل باتفاق العلماء، إذا قُدِر عليه، وتُؤخَذ منه الجزية -وإنْ كان حبيساً منفرداً في مُتعبّده- فكيف بمن هم كسائر النصارى في معائشهم، ومخالطتهم الناس، واكتساب الأموال بالتجارات والزراعات والصناعات، واتخاذ الديارات الجامعات لغيرهم، وإنّما تميَّزوا على غيرهم بما يُغلِظ كفرهم، ويجعلهم أئمةً في الكُفر، مثل التعبّد بالنجاسات، وترْك النكاح واللحم واللباس؛ الذي هو شعار الكفر، لا سيما وهم الذين يقيمون دين
(1) أي: كشفوا عنها بإزالة الشعر.
(2)
التوبة: 12.
النصارى؛ بما يُظهرونه مِن الحِيَل الباطلة التي صَنَّف الفضلاء فيها مُصنّفات، ومِن العبادات الفاسدة، وقَبول نذورهم وأوقافهم.
والراهب عندهم شَرْطُه تَرْك النكاح فقط، وهم مع هذا يُجوِّزون أن يكون بتركاً، وبطرقاً، وقسيساً، وغيرهم مِن أئمّة الكفر، الذين يَصْدُرون عن أمْرِهم ونَهْيهم؛ ولهم أنْ يكتسبوا الأموال، كما لغيرهم مِثْل ذلك.
فهؤلاء لا يَتنازَع العلماء في أنّهم مِن أحقّ النصارى بالقتل عند المحاربة، وبأخذ الجزية عند المسالمة، وأنّهم مِن جنس أئمّة الكفر الذين قال فيهم الصدِّيق رضي الله عنه ما قال، وتلا قوله -تعالى-:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} ".
5 -
قتل الهَرِم والأعمى، والمقعد -بالقيد السابق-.
جاء في "الإنجاد"(1/ 227): "وذهب مالك إلى أنه لا يُقتَل الهَرِم، ولا الأعمى، ولا المعتوه، ولا المُقْعَد، ولا أصحاب الصوامع الذين لا يخالطون النّاس، يعني: أنه لا أذى عندهم بقتال ولا مشاركة رأي؛ لانفرادهم ونحو ذلك، ورُوي عن أبي حنيفة وأصحابه، وقال الأوزاعيّ: "لا يُقْتل الحرّاث، ولا الراهب ولا الشيخ الكبير ولا المجنون".
وجاء في "المغني"(10/ 542): "ولنا في الزَّمِن (1) والأعمى أنّهما ليسا من أهل القتال فأشبها المرأة".
قلت: وقد اختلف العلماء في العِلَّة الموجبة للقتل، فمنهم مَن قال:
(1) الزَّمِن: مَنْ مَرِض مرضاً يدوم زماناً طويلاً وضعف بكِبر سنٍّ أو مطاولة عِلَّة.
العِلَّة هي الكُفر (1) لقوله -تعالى-: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (2)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرتُ أن أُقاتل النّاس حتى يقولوا: لا إله إلَاّ الله
…
" (3). ومنهم من قال: العِلَّة هي القتال وما في معناه؛ كالمشاركة في الرأي والمشورة.
قلت: والراجح هو الثاني لما يأتي:
أ. قوله -تعالى-: {وَقاتلُوا في سَبِيلِ اللهِ الذين يُقاتلُونَكم} (4)، ففيه عدم قتال من لم يُقاتِل.
ب. لاستثناء أصنافٍ من الكُفار؛ كالنساء والصبيان والعسفاء، كما في النصوص الثابتة المتقدِّمة، فلا يُسلَّم لهم بما ذهبوا إليه مِن عموم قوله -تعالى-:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (5).
ج. تعليل إنكار النبيّ صلى الله عليه وسلم قَتْل المرأة في الحديث المتقدّم بقوله: "ما كانت تقاتل".
(1) انظر "المحلى"(المسألة 928).
(2)
التوبة: 5.
(3)
أخرجه البخاري: 1399، ومسلم:20.
(4)
البقرة: 190.
(5)
قلت: بل إنّ هذه الآية الكريمة هي إباحةٌ بعد حظر، ونَصُّ الآية:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ، فبعد الإباحة يَرجع الحُكم إلى ما كان قبل الحظر -واجباً كان أو مستحباً- كما في "المسوَّدة" وهو هنا يرجع إلى وجوب القتال، وما هي سِمة القتال: إنها على النَّحو الذي كان قبل حظر القتال، وليس له علاقة بما ذهبوا إليه من قَتْلِ كلّ مشرك؛ ومنهم الرهبان وأصحاب الصوامع
…
!! بل ينبغي تقييد الآية السابقة بقوله -تعالى-: {وَقاتِلُوا في سَبِيلِ اللهِ الذين يُقاتِلُونَكم} فيكون المعنى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حيث وجدتموهم} ، وكذا ينبغي إخراج الأصناف الثابت إخراجها من هذه الآية؛ كالنساء والصبيان والعسفاء
…
إلخ. والله -تعالى- أعلم.
د. وهذا يقوِّي ما قاله الفقهاء من عدم مشروعية مقاتلة مَن لا رأيَ لهم في القتال، ولا هم فيه مِن أهل المشورة.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(28/ 354): "وإذا كان أَصْل القتال المشروع هو الجهاد، ومقصودُه هو أن يكونَ الدين كلُّه لله، وأن تكونَ كلمة الله هي العليا، فمن امتنَع مِن هذا قوتل باتفاق المسلمين.
وأمّا من لم يكن مِن أهل الممانعة والمقاتَلة، كالنساء والصبيان، والراهب، والشيخ الكبير، والأعمى، والزَّمِن، ونحوِهم فلا يُقْتَل عند جمهور العلماء؛ إلَاّ أن يُقاتِل بقولِه أو فِعْلِه، وإنْ كان بعضهم يرى إباحةَ قَتْلِ الجميع لمجرد الكفر؛ إلَاّ النساءَ والصبيان؛ لكونهم مالاً للمسلمين.
والأوّل هو الصواب؛ لأن القتال هو لمن يقاتلنا، إذا أرَدْنا إظهارَ دينِ الله، كما قال الله -تعالى-:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1)، وفي "السنن" عنه صلى الله عليه وسلم:"أنَّه مرَّ على امرأةٍ مقتولة في بعض مغازيه، قد وقف عليها الناس. فقال: ما كانت هذه لتُقاتِل"(2). وقال لأحدهم: "الحَقْ خالداً فقل له: لا تَقْتُلوا ذُريّةً ولا عسيفاً"(3).
وذلكَ أنّ الله تعالى أباحَ مِنْ قَتْلِ النفوس ما يُحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال -تعالى-:{وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (4). أي: أنّ القتل وإنْ كان فيه شرٌّ وفساد، ففِي فِتْنة الكُفّار مِن الشرّ والفساد ما هو أكبر منه.
(1) البقرة: 190.
(2)
تقدّم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
البقرة: 217.
فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مَضَرَّةُ كُفْره إلَاّ على نفسه؛ ولهذا قال الفقهاء: إنّ الداعية إلى البِدع المخالفةِ للكتاب والسنة؛ يعاقَب بما لا يُعاقَب به الساكت
…
".
6 -
النهي عن التحريق بالنّار:
عن حمزةَ الأسلمي رضي الله عنه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّره على سريَّة، قال: فخرجْتُ فيها، وقال: إنْ وَجدْتُم فلاناً فأحرقوه بالنار، فولَّيْتُ، فناداني فرجعتُ إليه، فقال: إنْ وجدتم فلاناً فاقتلوه، ولا تُحْرِقُوه، فإنّه لا يُعذِّبُ بالنار إلَاّ ربُّ النَّار"(1).
وعن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرَة (2) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمَّرَة فجعلت تُفَرِّشُ (3)، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مَن فَجَع هذه بولدها؟ ردُّوا ولدها إليها.
ورأى قرية نملٍ قد حرقناها، فقال من حَرق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنّه لا ينبغي أن يُعذّب بالنار إلَاّ ربّ النار" (4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "بَعَثَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعثٍ فقال: إنْ وجدْتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنّار، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -حين أردنا الخروج-: إنّي أمرتُكم أن تُحرقوا فلاناً وفلاناً، وإنَّ النّار لا يُعذِّب بها إلَاّ الله،
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2327).
(2)
طائر صغير كالعصفور، "النّهاية".
(3)
هو أن تفْرش جناحيها وتقرُب من الأرض وتُرفرف، "النّهاية".
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2329).
فإنْ وجدتموهما فاقتُلوهما" (1).
وأمّا ما ورد في إحراق زروع الكفّار وقطْع أشجارهم، فهذا مِن باب قوله -تعالى-:{فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (2). وقوله -تعالى-: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (3). وقوله -تعالى-: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (4).
قال ابن القيم رحمه الله في "أعلام الموقعين"(1/ 328):
"وقد صرَّح الفقهاء بجواز إحراق زروع الكفار وقطْع أشجارهم إذا كانوا يفعلون ذلك بنا وهذا عين المسألة، وقد أقرّ الله -سبحانه- الصحابة على قطْع نخل اليهود لما فيه مِن خزيهم، وهذا يدلّ على أنه -سبحانه- يُحبّ خزي الجاني الظالم ويُشرِّعُه".
قلت: يُشير رحمه الله إلى قوله- سبحانه-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ (5) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (6).
(1) أخرجه البخاري: 3016.
(2)
البقرة: 194.
(3)
الشورى: 40.
(4)
النحل: 126.
(5)
قال الحافظ في "الفتح"(8/ 629): "قال أبو عبيدة في قوله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}: أي مِن نخلة، وهي من الألوان، ما لم تكن عجوة أو برنية، إلَاّ أن الواو ذهبَت بكسر اللام، وعند الترمذي من حديث ابن عباس "اللينة: النخلة" في أثناء حديث، وروى سعيد بن منصور من طريق عكرمة قال: اللينة: ما دون العجوة. وقال سفيان: هي شديدة الصفرة تنشق عن النّوى".
(6)
الحشر: 5.
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "حرَّق نخل بني النّضير وقطع، وهي البويرة (1)، فأنزَل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} "(2).
قال أبو عيسى: "وقد ذهَب قومٌ من أهل العلم، إلى هذا، ولم يروا بأساً بقطع الأشجار، وتخريب الحصون، وَكَرِهَ بعضُهم ذلك وهو قول الأوزاعي، قال الأوزاعي: ونهى أبو بكر الصديقُ يزيدَ أن يَقطَع شجراً مُثمراً أو يُخرِّب عامراً، وعمل بذلك المسلمون بعده.
وقال الشافعي: لا بأس بالتحريق في أرض العدو وقطْع الأشجار والثمار، وقال أحمد: وقد تكون في مواضع لا يجدون منهُ بداً، فأمَّا بالعَبَث فلا تُحرَق، وقال إسحق: التحريقُ سُنة إذا كان أنكى فيهم" (3).
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(5/ 9) قوله (4): " (بابُ قطعِ الشجر والنخل) أي: للحاجة والمصلحة؛ إذا تعيّنَت طريقاً في نكاية العدو، ونحو ذلك.
وخالف في ذلك بعض أهل العلم، فقالوا: لا يجوز قطْعُ الشجر المثمر أصلاً، وحَملوا ما ورَدَ مِن ذلك إمّا على غير المُثمر، وإمّا على أنّ الشجر الذي قُطع في قصة بني النضير؛ كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور.
وقال أيضاً (6/ 155): وقد ذهَب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب
(1) البُويرة: موضع نخل بني النضير "شرح النّووي".
(2)
أخرجه البخاري: 4884، وفي مواضع عديدة، ومسلم:1756.
(3)
انظر "سنن الترمذي" تحت حديث رقم (1552).
(4)
أي الإمام البخاري رحمه الله.
في بلاد العدو، وكرهه الأوزاعي والليث وأبو ثور، واحتجُّوا بوصية أبي بكر لجيوشه أن لا يفعلوا شيئاً مِن ذلك.
وأجاب الطبري بأنَّ النَّهي محمولٌ على القصد لذلك، بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال؛ كما وقَع في نصب المنجنيق على الطائف، وهو نحو ما أجاب به في النهي عن قَتْل النساء والصبيان، وبهذا قال أكثر أهل العلم، ونحو ذلك القتل بالتغريق.
وقال غيرُه: إنما نهى أبو بكر جيوشَه عن ذلك؛ لأنّه علم أنّ تلك البلاد ستُفتَح فأراد إبقاءها على المسلمين. والله أعلم". انتهى.
قلت: والذي يترجّح لديّ أنّ الحرق والقطع ونحوَهما جائز بنص الكتاب والسُّنة، والأمر يرجع إلى الحاكم في الفعل والترك، فإنْ رأى مصلحةً في مرحلةٍ ما في حرق الزروع والثمار -ومثل ذلك هدم مؤسسات ومبانٍ (1) - فعلَ ذلك، وإنْ رجّح الاستفادة منها لنصرٍ يرجوه، ولم يرَ فائدةً مِن قطعها وحرْقها لم يفعل.
أمّا أبو بكر رضي الله عنه فإنّه لم يَفُتهُ دليل الكتاب والسنّة، ولكن لا يخفى أنّ الدليل يدلّ على المشروعية، والمشروعية قد تكون ركناً أو واجباً، أو مندوباً أوُ مستحَبّاً.
وقد كان موقف أبي بكر رضي الله عنه لمصلحةٍ رآها جمْعاً بين النصوص؛ والله -تعالى- أعلم (2).
(1) قال الإمام البخاري رحمه الله في (كتاب الجهاد باب - 154): (باب حرق الدور والنخيل).
(2)
انظر ما جاء في كتابي "الموسوعة"(6/ 205 - 211).
7 -
النهي عن المُثلَة: كما في حديث بريدة رضي الله عنه المتقدم "ولا تَمثُلُوا".
أمّا ما ورد في حديث أبي قلابةَ عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنّ رهطاً من عُكل -أو قال: عُرَيْنةَ، ولا أعلَمُه إلاّ قال: مِن عُكْلٍ- قَدموا المدينة، فأمَر لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بِلِقاح (1)، وأمَرَهم أن يخرجوا فيشربوا مِن أبوالها وألبانها، فشربوا حتى إذا برئوا قَتَلوا الراعي، واستاقوا النَّعَم، فبلغَ النبي صلى الله عليه وسلم غُدوةً، فبعَث الطّلبَ في إثرِهم، فما ارتفَع النهار حتى جيء بهم، فأمَرَ بهم فقطَع أيديَهم وأرجلَهم، وسمَر (2) أعينهم، فأُلْقُوا بالحرّة يَسْتَسْقُون فلا يُسقَون"(3).
قال أبو قِلابةَ: "هؤلاء قوم سَرَقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله"(4).
وفي رواية: "فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (5) "(6).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ونَزَلت فيهم آية المحاربة"(7).
(1) اللقاح: جمع لِقحة وهي الناقة الحَلوب، "شرح الكرماني".
(2)
سمرَ: -مخفّفة ومشددة- أي كَحَلَها بمسامير، "شرح الكرماني".
(3)
أخرجه البخاري: (6805)، ومسلم (1671).
(4)
أخرجه البخاري: (6805).
(5)
المائدة: 33.
(6)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3670).
(7)
أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي": (3772).
وفي رواية: "
…
فلمّا صحّوا كفروا بعد إسلامهم، وقتَلوا راعيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمِناً، واستاقوا ذود (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلقوا محاربين" (2).
فهذا من باب عقوبة الحِرابة وقد قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3).
وعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم "أنّه نهى عن النُّهْبَة والمُثْلَة"(4).
وعن الهيّاج بن عمران أنّ عمران أبَقَ (5) له غلام، فجعَل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده، فأرسلني لأسأل له، فأتيت سَمَرة بن جُنْدُب فسألتُه، فقال: كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المُثْلَة، فأتيت عمران بن حصين فسألته، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثّنا على الصدقة وينهانا عن المُثلَة" (6).
8 -
الغُلول والنُّهْبَة: كما في حديث بريدة رضي الله عنه المتقدّم"
…
ولا تغُلُّوا".
(1) الذّود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل ما بين الثلاث إلى العشر "النّهاية".
(2)
"صحيح سنن النسائي"(3762)، وأصل أكثر هذه الألفاظ في "الصحيحين" كما تقدّم.
(3)
المائدة: 33 - 34.
(4)
أخرجه البخاري: 5516.
(5)
أي: هرب.
(6)
أخرجه أبو داود (2676)، وصححه شيخنا رحمه الله وانظر "الإرواء"(2230).
وسيأتي الحديث عن الغلول في باب خاصٍّ؛ حين التحدّث عن الغنيمة؛ بإذن الله -تعالى-.
وعن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنّه نهى عن النُّهْبَة والمُثْلَة"(1).
وقال الحافظ رحمه الله (9/ 644): "النّهب: أخْذ مال المسلم قهراً جهراً، ومنه أخذ مال الغنيمة؟ قبل القسمة، اختطافاً بغير تسوية".
9 -
النهي عن الغدر: كما في حديث بريدة رضي الله عنه أيضاً المتقدّم: "
…
ولا تغدِروا".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبيّ يقول: "لكل غادرٍ لواء يُنصب بغدرته يوم القيامة"(2).
قلت: وهذا اللفظ عام يتضمن الغدر للمسلم والكافر.
لذلك بوّب له الإمام البخاري رحمه الله في "صحيحه" بقوله: "باب إثم الغادر للبَرِّ والفاجر"(3).
…
(1) أخرجه البخاري: 5516، وتقدّم.
(2)
أخرجه البخاري: 3188، ومسلم:1735.
(3)
انظر "صحيح البخاري"(كتاب الجزية والموادعة باب - 22).