الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُعاهَداً (1) في غير كُنهِهِ (2) حرّم الله عليه الجنّة" (3).
شروط العهود:
ويشترط في العهود التي يجب احترامها والوفاء بها، الشروط الآتية:
1 -
ألا تخالف حُكْماً مِن الأحكام الشرعية المتَّفق عليها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان مِن شرط ليس في كتاب الله فهو باطل؛ وإنْ كان مائةَ شرط"(4).
2 -
أن تكون عن رضا واختيار، فإنَّ الإكراه يَسْلُب الإرادة، ولا احترامَ لعقْدٍ لم تتوفر فيه حريتُها.
3 -
أن تكون بيّنةً واضحةً، لا لُبْس فيها ولا غموض؛ حتى لا تؤوّلَ تأويلاً يكون مثاراً للاختلاف عند التطبيق.
نقض العهود:
ولا تُنقَضُ العهود إلاّ في إحدى الحالات الآتية:
1 -
إذا كانت مؤقتةً أو مُحدَّدةً بظرف، وانتهت مدّتُها أو ظرفُها.
(1) المعاهَد: مَن كان بينك وبينه عهد، وأكثر ما يُطلَق في الحديث على أهل الذمّة، وقد يُطلَق على غيرهم من الكُفار؛ إذا صولحوا على تَرْك الحرب مُدّة ما. "النّهاية".
(2)
كُنه الأمر: حقيقته وقيل: وقْتُه وقَدره، وقيل: غايته، يعنيَ من قَتَلَه في غير وَقْتِه أو غاية أمرِه الذي يجوز فيه قَتْلُه. "النّهاية".
(3)
أخرجه أحمد في مسنده وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2398)، وغيرهما.
(4)
أخرجه البخاري: 2729، ومسلم:1504.
عن سُلَيم بن عامر -رجلٍ مِن حِمْيَر- قال: "كان بين معاويةَ وبينَ الروم عهدٌ، وكان يسيرُ نحو بلادِهم؛ حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجلٌ على فرَس أو بِرذَون (1)، وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غَدر، فنظروا فإذا عمرو بن عَبَسَة، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعْتُ رسول صلى الله عليه وسلم يقول: مَن كان بينه وبين قوم عهد؛ فلا يشدَّ عقدةً ولا يحُلّها (2) حتى ينقضيَ أمدُها أو يَنْبِذَ (3) إليهم (4) على سواء (5)، فرجع معاوية (6) "(7).
(1) قال في "المرقاة"(7/ 535): "المراد بالفرس هنا العربيّ، والبِرذَون التركي من الخيل".
(2)
يَحُلُّها مِن الحلّ، بمعنى نقْض العهد، والشدّ ضدّه، والظاهر أنّ المجموع كناية عن حِفظ العهد، وعدم التعرض له، ولفظ الترمذي "فلا يحلّن عهداً ولا يشدنّه" قال في "المرقاة" (7/ 536): "أراد به المبالغة عن عدم التغيير، وإلا فلا مانع من الزيادة في العهد والتأكيد، والمعنى: لا يُغيّرنّ عهداً ولا ينقضنّه بوجه
…
قال الطيبي: هكذا بجملته عبارة عن عدم التغيير في العهد، فلا يذهب على اعتبار معاني مفرداتها".
(3)
أي يرمي عهدَهم.
(4)
بأن يُخبرهم أنّ نقض العهد على تقدير خوفِ الخيانة منهم "المرقاة"(7/ 536).
(5)
قال الطيبي: "قوله: (على سواء): حال. قال المظهر: أي يُعلمهم أنّه يريد أن يغزوَهم، وأنّ الصلح قد ارتفَع، فيكون الفريقان في عِلم ذلك سواء". انظر"المصدر السابق".
(6)
أي بالناس، وهي بعض الروايات الثابتة. وانظر "صحيح سنن الترمذي"(1285).
(7)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2397) والترمذي، "صحيح سنن الترمذي"(1285)، وانظر "المشكاة"(3980).
(8)
التوبة: 4.
2 -
إذا أخلّ العدو بالعهد: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} (1). {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (2).
3 -
إذا ظهرت بوادر الغدر، ودلائل الخيانة:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (3).
قلت: قال ابن كثير رحمه الله: "يقول -تعالى- لنبيّه صلوات الله وسلامه عليه {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} قد عاهدْتهم {خِيَانَةً} أي: نَقْضًا لما بينك وبينهم؛ مِن المواثيق والعهود، {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ} أي: عَهْدَهم {عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعْلِمْهم بأنك قد نقضْتَ عهدَهم؛ حتى يبقى عِلمُك وعِلْمَهم بأنك حرْبٌ لهم، وهم حَرْبٌ لك، وأنه لا عهدَ بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز:
فَاضْرِبْ وُجُوهَ الغُدّر الأعْداء
…
حتى يجيبوك إلى السواء
وعن الوليد بن مسلم أنّه قال في قوله: {فانبِذْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: على مهل، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} أي: حتى ولو في حقّ الكافرين، لا يحبّها أيضاً.
(1) التوبة: 7.
(2)
التوبة: 12 - 13.
(3)
سورة الأنفال: 58.