الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصلاتهم وإخلاصهم" (1).
إِنهم ينفقون مما أعطاهم الله -سبحانه-: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2).
ثمّ قال -سبحانه-: {أُولَئِكَ هُمُ المؤمُنونَ حَقّاً} (3).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "أي المتصفون بهذه الصفات هم المؤمنون حقّ الإيمان".
ويتضمّن ما سَبق:
6 - ترْك الذنوب والمعاصي والأهواء
قال الله -تعالى-: {فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله} (4)، فكيف تريد أمةٌ حَربَ المشركين والكفّار والملحدين وقد آذَنَها الله بالحرب.
فالله أكبر مِن خلقه جميعاً، والله أعزُّ مما يُخاف ويُحذَر.
فعلينا أن نزيل الخطر الذي ذكَر الله -تعالى- بكتابه، ولا ملجأ منه إليه، بترك اجتراح الخطايا واقتراف الذنوب، ثمّ نلتفت إلى ما بعده.
وعن أبي عامر الهوزني قال: سمعت معاوية رضي الله عنه يقول: "يا
(1) أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي"(2978)، وانظر "الصحيحة"(2/ 409)، وقد ذكَرْته في باب (الانتصار بالضعفاء: بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم).
(2)
المعارج: 24 - 25.
(3)
الأنفال: 4.
(4)
البقرة: 279.
معشر العرب، والله لئن لم تقوموا بما جاء به نبيّكم لَغَيركم مِن الناس؛ أحرى أن لا يقوم به، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا يوماً فذكَر أنّ أهل الكتاب قبلكم افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة في الأهواء، ألا وإنّ هذه الأمّة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فرقةً في الأهواء" (1).
وقال الله -تعالى-: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} (2).
وجاء في "التفسير القيّم"(ص 545): "وهل زالت عن أحد قطّ نعمةٌ إلاّ بشؤم معصيته، فإنّ الله إذا أنعم على عبدٍ نعمة حَفِظَها عليه، ولا يُغيّرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (3)، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (4).
ومَن تأمَّل ما قصَّ الله في كتابه مِن أحوال الأُمم الذين أزال نِعَمَه عنهم، وجَد سبب ذلك جميعه؛ إنما هو مخالفة أمره، وعصيان رُسُله عليهم السلام، وكذلك مَن نظَر في أحوال أهل عصره، وما أزال الله عنهم مِن نِعمه، وجَد ذلك كلَّه مِن سوء عواقب الذنوب، كما قيل:
إذا كنت في نعمةٍ فارْعَها
…
فإنّ المعاصي تزيل النِّعَم
(1) انظر تخريج شيخنا رحمه الله لكتاب "السُّنَّة" لابن أبي عاصم (68، 69).
(2)
الرعد: 11.
(3)
الرعد: 11.
(4)
الأنفال: 53.
فما حُفظت نعمةُ الله بشيءٍ قطّ، مِثْل طاعتهِ، ولا حَصَلت فيها الزيادة بمثلِ شُكره.
ولا زالت عن العبد نعمة بِمثل معصيته لربّه، فإنها نار النعم التي تعمل فيها؛ كما تعمل النار في الحطب اليابس، ومَن سافر بفكره في أحوال العالم؛ استغنى عن تعريف غيرِه له".
وقال شيخنا عقب كلام الحافظ ابن حجر -رحمهما الله تعالى- بعد وصف تردي الأحوال: "ما أشبه الليلة بالبارحة، بل الأمر أسوأ، فإنّه لا خليفةَ اليوم لهم، لا اسماً ولا رسماً، وقد تغلَّبت اليهود والشيوعيون والمنافقون على كثير مِن البلاد الإسلامية.
فالله -تعالى- هو المسؤول أن يوفّق المسلمين أن يأتمروا بأمره في كل ما شَرَع لهم، وأن يُلْهِم الحُكّام منهم أن يتحدوا في دولة واحدة تَحْكُمْ بشريعته، حتى يُعزّهم الله في الدنيا، ويُسعِدَهم في الآخرة، وإلاّ فالأمر كما قال -تعالى-:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (1).
وتفسيرها في الحديث الصحيح: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذُلاّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"، فإلى دينكم أيها المسلمون حُكّاماً ومحكومين" (2).
وقال شيخنا رحمه الله تحت عنوان (الخلافة في قريش ما أطاعوا الله)
(1) الرعد: 11.
(2)
انظر "الصحيحة" المجلد السادس، القسم الثاني، تحت الحديث (2856) وتقدّم.