الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله .. فلا مضل له، ومن يضلل .. فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} .
أما بعد:
فإن الاشتغال بعلوم الدين من أهم الفضائل والأعمال التي يقوم بها الإنسان؛ ولذا تواترت النصوص والأخبار في الحث على طلبها وتعلمها وتعليمها، ومن ذلك علم الفقه.
قال ابن الجوزي: (أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته، ومن تأمل ثمرة الفقه .. علم أنه أفضل العلوم؛ فإن أرباب المذاهب فاقوا بالفقه على الخلائق أبداً وإن كان في زمن أحدهم من هو أعلم منه بالقرآن أو بالحديث أو باللغة).
ولما أدرك سلف هذه الأمة ما للفقه في الدين من الفضل عند الله تعالي .. اشتغلوا به تعلماً وتعليماً وتأليفاً.
ولا شك في أن تراثنا الفقهي تراث عظيم، وما طُبع منه يدل على ذلك، وبعض هذا التراث يتميز بخصائص معينة تزيد من هذه الأهمية؛ فبعض كتب الفقه في تراثنا تعد علامة بارزة في تاريخ التصنيف الفقهي؛ إما لأنها حلقة وسيطة في تاريخ التصنيف، ونقلة بين ما قبلها وما بعدها من كتب الفقه، وإما لروعة التصنيف ودقة التحليل والتعليل، أو لغير ذلك من خصائص التميز، ولا يزال هذا التراث بحاجة إلى مزيد من الجهود الجادة لاستخراج بقيَّة من درره المخطوطة، التي لا زالت حبيسة مكتبات العالم.
وتحقيق المخطوط وإبرازه هو من نشر العلم الذي هو من أفضل الأعمال؛ ولذلك وقع اختياري على كتاب "تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي" للحافظ الإمام الفقيه الأصولي المفنن أبي زرعة أحمد بن الحافظ الكبير أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين، المعروف بابن العراقي.
قال الحافظ ابن حجر: (تلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرؤوه عليه).
وسبب تحقيقي لهذا الكتاب:
أولاً: عِظَم شأن مؤلفه، وسيتبين ذلك من خلال الترجمة المفصلة له فيما سيأتي.
ثانياً: قوة مادة الكتاب؛ فقد جمع ولي الدين العراقي فيه بين ثلاثة مختصرات تعد العمدة في الفقه الشافعي، وهي:
"التنبيه في فروع الشافعية" لأبي إسحاق، إبراهيم بن علي الشيرازي، المتوفى سنة (476 هـ). "الحاوي الصغير" للإمام نجم الدين، عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني، المتوفى سنة (665 هـ).
"منهاج الطالبين" للإمام محيي الدين، أبي زكريا، يحيى بن شرف النووي، المتوفى سنة (676 هـ).
ولم يقتصر أبو زرعة في كتابه على عبارات الكتب الثلاثة، وإنما أضاف إليها فوائد وزيادات وتعليقات من بعض المصنفات البارزة في الفقه الشافعي منها:
- "نكت النبيه على أحكام التنبيه" لأحمد بن عمر النشائي، المتوفى سنة (758 هـ).
- "السراج على نكت المنهاج" لشهاب الدين، أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله بن النقيب، المتوفى سنة (769 هـ).
- "توشيح التصحيح" لتاج الدين، عبد الوهاب بن علي السبكي، المتوفى سنة (771 هـ).
-"تصحيح الحاوي" لسراج الدين، عمر بن علي بن أحمد بن الملقن، المتوفى سنة (804 هـ).
- "تصحيح المنهاج" لسراج الدين، عمر بن رسلان البلقيني، المتوفى سنة (805 هـ).
وغير ذلك الكثير مما سيتضح للقارئ في الكتاب.
ومما سبق تتبين أهمية الكتاب ومدى الحاجة الداعية إلى تحقيقه، والوقوف على محتواه الفقهي الزاخر بالفوائد الجمة المختلفة، فالحمد لله الذي أعانني على تحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى النور.
وبما أن الكتاب يدور حول الكتب الثلاثة "التنبيه" و"المنهاج" و"الحاوي" .. قدمت بين يدي الكتاب بمقدمة بينت فيها ما يلي:
- ترجمة الإمام الشيرازي، وبيان عناية العلماء بكتاب "التنبيه".
- ترجمة الإمام القزويني، وبيان عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير".
- ترجمة الإمام النووي، وبيان عناية العلماء بكتاب "منهاج الطالبين".
- ترجمة المؤلف ولي الدين العراقي.
- التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي" ويشتمل على:
1 -
توثيق نسبة الكتاب للمؤلف.
ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي".
ج- مصطلحات الكتاب.
- التعريف بنسخ الكتاب المخطوطة.
- منهج تحقيق الكتاب.
* * *