المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تعجيل الزكاة - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌باب تعجيل الزكاة

‌باب تعجيل الزّكاة

كذا بوب في "الروضة"(1)، وهو أولى من ترجمة "المنهاج" عنه ب (فصل)(2)؛ لأنه لا يظهر اندراجه في التبويب المتقدم كما تقدم في الفصل قبله.

1228 -

قول "المنهاج"[ص 176]: (لا يصح تعجيل الزكاة على ملك النصاب) محله: في الزكاة العينية، فأما في زكاة التجارة: فإنه إذا اشترى عرضاً للتجارة بمئة مثلاً، وهو لا يملك غيرها، وهو يساوي دون مائتين، فعجل زكاة مئتين، فحال الحول وقيمته مئتان .. أجزأه المعجل على المذهب، بناء (على المذهب) أن النصاب إنما يعتبر آخر الحول، وهذا وارد أيضًا على مفهوم قول "التنبيه"[ص 61، 62]: (وكل مال تجب الزكاة فيه بالحول والنصاب .. جاز تقديمها على الحول) فإن مفهومه منع تقديمها على النصاب، فيستثنى منه هذه المسألة، وقد ذكرها "الحاوي" مع مسألة أخرى فقال [ص 221]:(والمُعجّل يجزئ إن انعقد حوله ولو قبل نصابه؛ كمال التجارة، وشاتين في مئة بنتاجها تم نصابهما).

وصورة الثانية: ما إذا ملك مئة من الغنم، فعجل عنها شاتين، ثم بلغت قبل الحول مئة وإحدى وعشرين بنتاجها، وما ذكره فيها من الإجزاء صححه الغزالي (3)، لكن نقل الرافعي والنووي عن الأكثرين عدم الإجزاء (4)، فخالف "الحاوي" ما عليه المعظم خلاف شرطه، ثم إن عبارته تقتضى إجزاء التعجيل قبل النصاب مطلقًا، وأن ذلك لا يختص بهاتين الصورتين، وإنما هما مثال، وليس كذلك.

1229 -

قول "المنهاج"[ص 176]: (ويجوز قبل الحول) أي: قبل تمامه، وكذا قول "التنبيه" [ص 62]:(جاز تقديمها على الحول) أي: على تمامه، وقول "الحاوي" [ص 221]:(إن انعقد حوله) أي: بعد الدخول فيه وقبل تمامه.

1230 -

قول "المنهاج"[ص 176]: (ولا تعجَّل لعامين في الأصح) الخلاف في العام الثاني، فيجزئ في العام الأول كما صرح به الإمام (5)، قال في "المهمات": وهو مسلّم مع تمييز حصة كل سنة، فإن لم يميز .. فينبغي ألا يجزئ؛ لأن المجزئ عن خمسين شاة مثلاً إنما هو: شاة كاملة، لا مشاعة ولا مبهمة، وهنا ليست كذلك. انتهى.

(1) الروضة (2/ 212).

(2)

المنهاج (ص 176).

(3)

انظر "الوسيط"(2/ 446، 447).

(4)

انظر "فتح العزيز"(3/ 16)، و"المجموع"(6/ 129).

(5)

انظر " نهاية المطلب"(3/ 174).

ص: 515

ولا يختص الخلاف بعامين، بل يجزئ فيما زاد أيضًا حتى لو ملك خمسين شاة، فعجل عشرة لعشرة أعوام .. جاء الخلاف، ونقل في "المهمات" عن الأكثرين تصحيح الجواز، وقال: إن ما صححه الرافعي والنووي من المنع لم نجد من سبقهما إليه غير البغوي (1).

1231 -

قوله عطفاً على الصحيح: (وأنه لا يجوز إخراج زكاة الثمر قبل بدو صلاحه، ولا الحب قبل اشتداده)(2) محل الخلاف: فيما بعد ظهوره، أما قبله: فيمتنع قطعاً.

1232 -

قول "التنبيه"[ص 62]: (وإن هلك الفقير أو استغنى من غير الزكاة قبل الحول .. لم يجزئه عن الفرض) يتناول ما إذا طرأ له بعد الغنى فقر، وحال عليه الحول، وهو فقير، والأصح في هذه الصورة: الإجزاء؛ ولهذا اعتبر "المنهاج" كون القابض في آخر الحول مستحقًّا، و"الحاوي" وجود شروط الإجزاء وقت وجوبه (3).

1233 -

قولهما - والعبارة لـ "المنهاج" -: (ولا يضر غناه بالزكاة)(4) فيه أمران: أحدهما: أنه يتناول استغناءه بهذه الزكاة المعجلة وبغيرها من الزكوات، لكن قال السبكي: إن استغناءه بزكاة أخرى كاستغنائه بغير الزكاة، كما يشير إليه كلام الأصحاب، قال: ولم أر من صرح به إلا الفارقي في كلامه على "المهذب"، واستشكله السبكي بما إذا كانتا معجلتين واتفق حولهما؛ إذ ليس استرجاع إحداهما بأولى من الأخرى، ثم قال: والثانية أولى بالاسترجاع، وكلام الفارقي يشعر باسترجاع الأولى، ولو كانت الثانية واجبة .. فالأولى هي المسترجعة، وعكسه بالعكس. انتهى.

وقد يقال: لم تتناول عبارته زكاة أخرى، واللام في عبارته للعهد، والمراد: الزكاة التي قبضها معجلة.

ثانيهما: قد تفهم عبارته أنه إذا استغنى بها وبغيرها .. أنه يضر، وبه جزم الجرجاني في "الشافي"، لكن الذي جزم به الرافعي والنووي: أنه لا يضر (5)، وقد يقال: مراد "المنهاج" باستغنائه بالزكاة: أن يكون لها مدخل في صيرورته غنياً وإن لم يكن غناه بها وحدها.

1234 -

قول "المنهاج"[ص 176]: (والأصح: أنه إن قال: " هذه زكاتى المعجلة" فقط .. استرد) محل الخلاف: ما إذا دفعها المالك، فإن دفعها الإمام .. استرد قطعاً؛ إذ لا يمكن جعله تطوعاً، قال الرافعي: لكن لو لم يعلم أنه زكاة غيره، فيجوز أن يقال: لا يسترد على وجه،

(1) انظر "التهذيب"(3/ 57).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 176).

(3)

الحاوي (ص 221)، المنهاج (ص 176).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 62)، و"المنهاج"(ص 176).

(5)

انظر "فتح العزيز"(3/ 21)، و"الروضة"(2/ 214)، و"المجموع"(6/ 136).

ص: 516

ويضمنه الإمام للمالك لتقصيره، وصرح بذلك في "الشرح الصغير" أيضًا، فقال: إنما يسترد إذا علم القابض أنها زكاة غيره، وإلا .. فيجيء فيه وجه (1).

وتقييد محل الخلاف بما ذكرته مفهوم من قول "المنهاج": (زكاتي) فإن الإمام لا يضيفها إلى نفسه، وإطلاق "التنبيه" و"الحاوي" الاسترجاع عند البيان يتناول المالك والإمام؛ فإنهما لم يحكيا خلافًا (2).

1235 -

قول "التنبيه"[ص 62]: (واسترجع إن كان قد بين أنها زكاة معجلة) كذا إذا علمه القابض، وإن لم يكن ببيان من الدافع؛ ولهذا رتب "الحاوي" الحكم على علم المستحق (3)، وهو مفهوم من قول "المنهاج" [ص 176]:(إن لم يتعرض للتعجيل ولم يعلمه القابض .. لم يسترد).

1236 -

قول "المنهاج" عطفاً على الأصح [ص 176]: (وأنه إن لم يتعرض للتعجيل ولم يعلمه القابض .. لم يسترد) مخالف لتعبيره عنه في "الروضة" بالمذهب (4)، ووقع في "شرح المهذب" أن الرافعي رجح الرجوع (5)، وهو سبق قلم، قال السبكي: وعلم القابض إنما يؤثر إذا اقترن بالقبض، فإن تجدد بعده .. فلم أر فيه تصريحًا، والأقرب: أنه كالمقارن، وفي كلام الشيخ أبي حامد والإمام ما يوهم خلافه.

1237 -

قوله: (وأنهما لو اختلفا في مُثْبِتِ الاسترداد .. صُدَّقَ القابض بيمينه)(6) موافق لتصحيح "الروضة"، لكنه صحح في "شرح المهذب": تصديق الدافع (7)، ويستثنى من الخلاف: ما إذا ادعى المالك علم القابض بالتعجيل، وأنكر القابض، وما إذا قال المالك: قصدت التعجيل، وفرعنا على إثبات الرجوع عند الدفع ساكتًا، وأنكر القابض .. فالمصدق في الأولى القابض، وفي الثانية المالك بلا خلاف فيهما مع اختلافهما في مثبت الاسترداد.

1238 -

قوله: (والأصح: اعتبار قيمة يوم القبض)(8) محله: في المتقوم، أما المثلي .. فيضمن بالمثل؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 222]:(وقيمته يوم القبض إن تلف متقوماً) وصحح

(1) انظر "فتح العزيز"(3/ 27).

(2)

التنبيه (ص 62)، الحاوي (ص 221).

(3)

الحاوي (221).

(4)

الروضة (2/ 218).

(5)

المجموع (6/ 131)، وانظر "فتح العزيز"(3/ 27).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 176).

(7)

الروضة (2/ 218)، المجموع (6/ 132).

(8)

انظر "المنهاج"(ص 176، 177).

ص: 517

السبكي: الضمان بالمثل مطلقًا، وعزاه إلى ظاهر النص.

1239 -

قول "المنهاج" عطفاً على الأصح [ص 177]: (وأنه إن وجده ناقصاً .. فلا أرش) عبر عنه في "الروضة" بالصحيح (1)، فدل على ضعف مقابله، ومحل ذلك: في نقص الصفة؛ كالمرض والهزال، أما نقص الجزء؛ كتلف شاة من شاتين .. فإنه يرجع ببدل التالف قطعًا، وهذا وارد أيضًا على إطلاق قول "الحاوي" عطفاً على المنفي [ص 222]:(وأرش نقصٍ).

1240 -

قول "المنهاج" عطفاً على الأصح [ص 177]: (وأنه لا يسترد زيادةً منفصلة) مخالف لتعبير"الروضة" عنه بالمذهب الذي قطع به الجمهور، ونص عليه الشافعي، ثم قال: وقيل: وجهان (2).

قال البغوي وغيره: وهذا فيما إذا كان القابض حال القبض مستحقاً، أما لو بأن أنه كان حينئذ غنيًا، أو عبداً، أو كافراً .. استرده بزوائده كلها، وبأرش نقصه بلا خلاف (3) وإن كان عند الحول مستحقاً؛ لفساد القبض، قال الإمام: ومحل عدم الرجوع بالزيادة المنفصلة وأرش النقص: ما إذا وُجِدا قبل حدوث سبب الرجوع، فإن وجدا بعده .. رجع بهما (4)، وهذان واردان على إطلاق "الحاوي" أيضاً.

1241 -

قول "التنبيه"[ص 62]: (وإن تسلف الإمام الزكاة من غير مسألة الفقراء فهلك في يده .. ضمنها) يدخل في مسألة الفقراء سؤالهم إذا كانوا رشداء، وسؤال أوليائهم إذا لم يكونوا رشداء، فإن كان الإمام ولي غير الرشيد .. فحاجته مغنية عن السؤال، فيقع الموقع، ولا ضمان؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 221]:(وقبضه بلا سؤال المستحق وحاجة الطفل) فجعل حاجة الطفل كسؤال المستحق، وهو محمول على الطفل الذي هو محجوره، فإن كان محجور غيره .. فلا بد من سؤال وليّه، كما قدمته، ويستثنى من كلامهما: ما إذا بقي المالك بصفة الوجوب إلى آخر الحول .. فإنه يجزئ، ويكون كأنه أخرجها عند الحول، حكاه في "الكفاية" عن الفوراني، وقال القاضي الحسين: إن القفال أجاب به ثانياً.

1242 -

قول "التنبيه"[ص 62]: (وإن تسلف بمسألة الفقراء .. فهو من ضمانهم) أراد بالفقراء: جميع أصناف الزكاة؛ أي: طائفة من كل صنف؛ ولهذا عبر "الحاوي" بالمستحق كما تقدم (5)، وقال بعضهم: يجوز أن يحمل كلام "التنبيه" على حقيقته؛ لأن للإمام دفع زكاة الواحد

(1) الروضة (2/ 220).

(2)

الروضة (2/ 220).

(3)

انظر "التهذيب"(3/ 59).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(3/ 183).

(5)

الحاوي (ص 221).

ص: 518

لواحد من الأصناف الثمانية، ذكره في "المهمات".

1243 -

قوله: (وإن تسلف بمسألة أرباب الأموال .. فهو من ضمانهم)(1) محله: ما إذا لم يفرط الإمام، فإن فرط .. فهو من ضمانه؛ ولهذا قال "الحاوي" [ص 221]:(وضمن الإمام من ماله إن فرط أو أخذ بلا سؤال).

1244 -

قول "التنبيه"[ص 62]: (وإن تسلف بمسألة الجميع .. فقد قيل: إنه من ضمان الفقراء، وقيل: من ضمان أرباب الأموال) الأصح: الأول، وهو مأخوذ من مفهوم قول "الحاوي" [ص 221]:(وقبضه بلا سؤال المستحق) فإن مفهومه الإجزاء إذا كان بسؤال المستحق ولو انضم إليه سؤال المالك.

قال صاحب "المعين": ومحل الخلاف: ما إذا نوى الإمام عند أخذها النيابة عن الجميع، فلو نوى عن أحدهما .. كان من ضمان من عينه بالنية قطعًا، واعلم: أن الساعي في جميع ما ذكرناه كالإمام، والكلام في التلف قبل الحول، أما بعده .. فلا ضمان إلا أن يكون بتفريط الإمام، وإليه أشار "الحاوي" بقوله [ص 221]:(لا إن تلف قبله) أي: قبل الحول.

1245 -

قول "المنهاج"[ص 177]: (وتأخير الزكاة بعد التمكن يوجب الضمان وإن تلف المال) فيه أمر ان:

أحدهما: ليس المراد بالضمان: ما يتبادر إلى الفهم من ضمان القيمة، وإنما المراد: استمرار وجوب ما كان واجباً قبل ذلك.

ثانيهما: في جعل التلف غاية نظر؛ فإن ذلك هو محل الضمان، وأما قبل التلف .. فيقال: وجب الأداء، ولا يحسن فيه القول بالضمان، فكان ينبغي إسقاط الواو، وقد عبر "التنبيه" و"الحاوي" بالضمان، لكنهما لم يجعلا التلف غاية، بل أطلقا الضمان (2)، ومحله: عند التلف.

1246 -

قول "المنهاج"[ص 177]: (ولو تلف بعضه .. فالأظهر: أنه يَغْرَمُ قسط ما بقِيَ) فيه أمران:

أحدهما: أنه لو احترز عن لفظ الغرم، وعبر باللزوم .. لكان أحسن، وعبارة "المحرر":(يبقى قسط ما بقي)(3)، لكنه عبر بالغرم قبل ذلك.

ثانيهما: أنه لم يبين هل المغروم قسط من النصاب أو المال؟ وهو مبني على أصل أسقطه

(1) انظر "التنبيه"(ص 62).

(2)

التنبيه (ص 62)، الحاوي (ص 221).

(3)

المحرر (ص 107).

ص: 519

"المنهاج"، وذكره "التنبيه" فقال [ص 56]:(وفي الأوقاص التي بين النصب قولان، أحدهما: إنه عفو، والثاني: إن فرض النصاب يتعلق بالجميع) والأظهر: الأول، فعلى هذا يكون القسط من النصاب، فلو ملك تسعًا من الإبل، فهلك منها أربع بعد الحول وقبل التمكن، وفرعنا على أن التمكن شرط في الضمان، وأن الوقص عفو، وهو الأظهر فيهما .. وجب شاة، وإن لم نجعله عفواً .. وجب القسط من جميع المال، فتجب خمسة أتساع شاة، وقد عبر "الحاوي" بقوله [ص 219]:(وما تلف قبله لا الوقص .. سقط) فسلم من الأمرين.

1247 -

قول "التنبيه"[ص 55]: (وهل تجب في أعيانها أو في الذمة؟ قولان) الأظهر: الأول، وعليه مشى "المنهاج" فقال [ص 177]:(وهي تتعلق بالمال تعلق الشركة) و"الحاوي" فقال [ص 220]: (والمستحق شريك بالواجب من جنسه، وبقدر قيمته من غير جنسه) وهذا كالشرح لتعلق الشركة الذي في "المنهاج".

1248 -

قول "المنهاج"[ص 177]: (وفى قولٍ: تَعَلُّقَ الرَّهن) قد يفهم أن جميع المال مرهون، والأصح: أن المرهون قدر الزكاة فقط.

1249 -

قول "التنبيه" تفريعاً على الأظهر [ص 55]: (فإن لم يخرج منه شيء .. لم يجب في السنة الثانية زكاة) فيه أمور:

أحدها: أن صورة المسألة: أن يكون المال قدر النصاب فقط من غير زيادة؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 220]: (ولو تكرر الحول في نصاب فقط .. لم يتكرر الوجوب).

ثانيها: أن منطوقه تناول مسألتين:

إحداهما: إذ لم يخرج الزكاة أصلاً، وإنما لم تجب في الثانية؛ لأن الفقراء ملكوا قدر الزكاة، فبقي على ملكه دون النصاب، ولا تأثير لخلطتهم.

الثانية: إذا أخرج من غيره، وما اقتضاه كلامه فيها من عدم الوجوب في السنة الثانية هو أظهر القولين عند العراقيين؛ لأن ملكه زال عند الحول عن قدر الزكاة، ثم عاد بالإخراج من غيرها، فانقطع الحول؛ لنقص المال عن النصاب، ومقتضى هذا التعليل: أنه لو عجل الإخراج قبل الوجوب، أو أخرجها حالة الوجوب .. لم ينقطع الحول، ووجبت الزكاة في الثانية.

وما حكيته عن العراقيين هو في "الروضة" وأصلها في الخلطة فيما لو ملك أربعين شاة ستة أشهر، ثم باع نصفها مشاعاً - وفرعنا على المذهب: أن الحول لا ينقطع؛ لاستمرار النصاب بصفة الانفراد ثم بصفة الاشتراك - فأخرج البائع بعد مضي ستة أشهر من يوم الشراء نصف شاة من غير المشترك، وفرعنا على الأظهر، وهو: تعلق الزكاة بالعين، فهل ينقطع حول المشترى؟ قالا هناك: فيه قولان، أظهرهما عند العراقيين: الانقطاع، ومأخذهما: أن إخراج الزكاة من موضع

ص: 520

آخر يمنع زوال الملك عن قدر الزكاة، أو يفيد عوده بعد الزوال. انتهى (1).

وكلام "الكفاية" ينازع في الصورة الثانية، وقال: إنه لو أخرج من غير المال .. وجبت في السنة الثانية بلا خلاف، وفي نفي الخلاف نظر؛ لما عرفته، وعبارة "الحاوي" المتقدمة موافقة "للتنبيه" أيضاً؛ لإطلاقه أنه لا يتكرر الوجوب.

ثالثها: الصورة الخارجة بمفهوم "التنبيه" و"الحاوي" - وهي أن يخرج الزكاة منه، فلم يتكرر الحول في نصاب - لا زكاة فيها أيضًا؛ لعدم مقتضى الزكاة فيها، وهو ملك النصاب تاما حولاً كاملاً، فهي أولى بعدم الوجوب؛ لنقص النصاب حساً، وهذه من مفهوم الموافقة، وقد ظهر بذلك أنهما لو حذفا التقييد .. لكان أولى؛ لعدم وجوب الزكاة في جميع الصور، وإن أخذنا بما في "الكفاية" في الصورة الثانية .. فكان ينبغي لـ "التنبيه" أن يقول:(فإن لم يخرج من غيره شيء .. لم تجب في السنة الثانية زكاة)، ولـ"الحاوي" أن يقول:(إلا أن يخرج من غيره).

واعلم: أن الأصحاب لم يفرقوا في الشركة بين الدين والعين، فيترتب على ذلك أمور مهمة ينبغي التفطن لها، منها: أن صاحب الدين بعد حولان الحول لا يدعي ملك جميعه، ولا يحلف عليه، ولا يشهد له الشهود بملك جميعه، بل طريق الدعوى والشهادة أن يقال: إنه باق في ذمته، وإنه يستحق قبضه؛ لأن له ولاية التفرقة في القدر الذي ملكه أصحاب الأصناف، نبّه على ذلك السبكي، وتبعه في "المهمات"، وهو حسن دقيق، والله أعلم.

(1) فتح العزيز (3/ 34)، الروضة (2/ 179).

ص: 521