الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الزّكاة
باب زكاة الحيوان
1060 -
قول "المنهاج"[ص 160]: (إنَّما تجب منه في النَّعَم وهي: الإبل والبقر والغنم) كذا فسّر الفقهاء النَّعَم، ولم يجعله أهل اللُّغة شاملاً للبقر، إمَّا للإبل فقط، أو للإبل والغنم (1)، فلو اقتصر على قوله:(إنَّما تجب في إبل وبقر وغنم) .. لكان أحسن وأخصر؛ فإن الأدلة قائمة على هذه الأسماء لا على لفظ النعم.
1061 -
قوله: (لا المتولد من الغنم والظباء)(2) خرج به المتولد بين زكويين؛ كالإبل والبقر، أو البقر والغنم، فالظاهر: وجوب الزكاة فيه، لكن يُشكل بأيّ أصليه يلحق في كيفية زكاته، ولم أرَ من تعرض لذلك.
1062 -
قولهما: (وفي مئة وإحدى وعشرين: ثلاث بنات لبونٍ، ثم في كل أربعين: بنت لبونٍ، وفي كل خمسين: حِقَّة)(3) يقتضي أن استقامة الحساب بذلك يكون بعد مئة وإحدى وعشرين، وليس كذلك، بل يتغير الواجب بزيادة تسع، ثم بزيادة عشرٍ عشرٍ، ففي مئة وثلاثين: بنتا لبون وحِقَّة، وفي مئة وأربعين: حقتان وبنت لبون، وفي مئة وخمسين: ثلاث حقاق، وهكذا أبداً؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 208]:(وبعد تسعٍ، ثم كل عشر يتغير الواجب، في كل أربعين: بنت لبونٍ، وفي كل خمسين: حِقَّة).
1063 -
قول "التَّنبيه"[ص 56]: (ويجزئ في شاتها: الجذع من الضأن، وهو الذي له ستة أشهر، والثني من المعز، وهو الذي له سنة) الأصح: أن جذع الضأن: ما له سنة، وأن ثني المعز: ما له سنتان، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(4)، لكن قوله:(كما في الغنم)(5) أي: بالنسبة إلى السن لا بالنسبة إلى الأنوثة، وفي الرافعي في (الأضحية) عن أبي الحسن العبادي: أنَّه لو أجذع قبل تمام السنة .. كان مجزياً، كما لو تمت السنة قبل الجذع، ونزل ذلك منزلة البلوغ بالسن أو الاحتلام، قال: وهذا ما أورده صاحب "التهذيب"، وقال: الجذعة:
(1) انظر "لسان العرب"(12/ 585).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 160).
(3)
انظر "التَّنبيه"(ص 56)، و "المنهاج"(ص 160).
(4)
الحاوي (ص 207)، المنهاج (ص 160).
(5)
انظر "الحاوي"(ص 207).
هي التي استكملت سنة وطعنت في الثَّانية، أو أجذعت سنها من قبل ذلك. انتهى (1).
وظاهر كلام "التَّنبيه" و "الحاوي" التخيير بينهما، وبه صرح "المنهاج" فقال [ص 161]:(والأصح: أنَّه غير بينهما، ولا يتعين غالب غنم البلد) وعبر في "الروضة" بالصحيح (2)، وإذا قلنا به فاختار نوعاً منهما .. وجب من غنم البلد؛ أي: من صنف هو في البلد من ذلك النوع، وتحقيق هذا أنَّه إن كان النوعان في بلده واختار الضأن مثلًا .. وجب من صنف ضأن البلد، فإن كان بمكة .. وجب ضأنية مكية، أو ببغداد .. فضأنية بغدادية، فإن أخرج بمكة ضأنية بغداديةً أو عكسه .. لم يجزئ على المذهب إلَّا أن يكون مثل صنف البلد في القيمة أو خيراً منه، فعلى هذا ليس التخيير على إطلاقه.
1064 -
قوله "التَّنبيه"[ص 56]: (فإن أخرج منها بعيراً .. قبل منه) أي: بشرط كونه مجزئاً في الزكاة؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص 161]: (وكذا بعير الزكاة) والتقييد بذلك من زيادته على "المحرر"، وهو حسن، لكنَّه عطف ذلك على الأصح، وهو يفهم أن مقابله وجه: أن البعير لا يجزئ مطلقًا، وليس كذلك، بل مقابله ثلاثة أوجه، قيل: إنَّه يعتبر أن يكون قيمة البعير المخرج عن خمس قيمة شاة، وعن عشر قيمة شاتين
…
وهكذا نظرًا إلى أن الشياة أصل، وقيل: يجزئ ناقص القيمة عن المراض والمعيبة فقط، وقيل: لا يجزئ في عشر إلَّا حيوانان؛ شاتان، أو بعيران، أو بعير وشاة، ولا في خمسة عشر إلَّا ثلاث، ولا في عشرين إلَّا أربع، وعبارة "الحاوي" [ص 207]:(يجب فيما دون خمس وعشرين إبلاً إبلٌ)، وتعبيره في الواجب بقوله:(إبل) فاسد؛ لأنَّه اسم جمع لا ينطلق على الواحد، وأيضًا: ففاته التّقييد بالإجزاء في الزكاة.
1065 -
قول "التَّنبيه"[ص 56]: (فإن لم يكن في إبله بنت مخاض .. قبل منه ابن لبون ذكر) فيه أمور:
أحدها: المراد: إذا لم يكن في إبله بصفة الإجزاء، فالمعيبة كالمعدومة كما صرح به "المنهاج" و "الحاوي"(3).
ثانيها: يرد عليه: ما لو ملك بنت مخاض مغصوبة أو مرهونة .. فإن له إخراج ابن لبون كما في "شرح المهذب" عن الدَّارميُّ وغيره (4)، مع أنَّها في إبله حكمًا، لكن ليست فيها حسًّا، فقد لا ترد لذلك، وكذا قوله "المنهاج" [ص 161]:(فإن عدم بنت المخاض) محتمل؛ لأنَّه عادم حسًّا واجد ملكًا.
(1) فتح العزيز (12/ 63)، التهذيب (8/ 39).
(2)
الروضة (2/ 151).
(3)
الحاوي (ص 207، 208)، المنهاج (ص 161).
(4)
المجموع (5/ 355)
نعم؛ ترد على قول "الحاوي"[ص 207]: (فإن لم تكن له سليمة) لأنَّها له، وقد يقال: المراد بكينونتها له: تمكنه منها، فلا ترد عليه أيضاً.
ثالثها: يرد عليه أيضاً: ما لو أخرج خنثى من أولاد اللبون .. فالأصح: الإجزاء، وهذا وارد على "المنهاج" أيضاً؛ لأنَّه ليس ابن لبون، لكن "التَّنبيه" زاد عليه بالتأكيد بقوله:(ذكر) فكان الإيراد عليه أظهر، وقد تناوله قول "الحاوي"[ص 207، 208]: (فولد لبون)، وقال ابن المسلم: إنْ عدَّه أهل المواشي عيبًا والإبل سليمة .. ينبغي أن لا يجزئ.
رابعها: قد يفهم أنَّه لا يقبل منه الحِقّ، وليس كذلك كما صرح به "المنهاج" و "الحاوي"(1).
خامسها: عبارة الثلاثة تفهم أنَّه لا يجزئ ابن المخاض، وبه قال ابن الصباغ، لكن جزم الشَّيخ أبو حامد بالجواز، وقال القاضي حسين: إنَّه الظاهر من المذهب، حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه".
1066 -
قول "المنهاج"[ص 161]: (لا لبون في الأصح) أي: لا يؤخذ الحِقّ عن بنت اللبون عند فقدها، وعبر في "الروضة" بالمذهب، قال: وبه قطع الجمهور (2).
1067 -
قول "التَّنبيه"[ص 56]: (فإن اتفق فرضان في نصاب واحد؛ كالمئتين فيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون .. اختار الساعي أنفعهما للمساكين) محله: إذا وُجدا مسألة بصفة الإجزاء، كما أوضحه "المنهاج" و "الحاوي"(3).
1068 -
قوله: (وقيل: فيه قولان، أحدهما: ما ذكرت، والثَّاني: أنَّه يجب الحقاق)(4) هذه الطريقة هي الصحيحة، كما في "الشَّرح الصَّغير" و "شرح المهذب"(5).
وتعبير "المنهاج" بـ (المذهب)(6) قد يقتضي ترجيح طريقة القطع، وقد يقال: لا دلالة له على ذلك، إنَّما يدل على أن في المسألة طريقين، وأن هذا هو المرجح في الجملة؛ إمَّا من طريقة القطع، وإما من طريقة القولين، وعليه مشى في "المهمات" فقال: إنَّه لا يؤخذ منه ترجيح لشيء من الطريقين.
1069 -
قول "المنهاج"[ص 161]: (فإن وُجِدَ مسألة أحدهما) أي: تاماً - كما صرح به
(1) الحاوي (ص 208)، المنهاج (ص 161).
(2)
الروضة (2/ 157).
(3)
الحاوي (ص 208)، المنهاج (ص 161).
(4)
انظر "التَّنبيه"(ص 56).
(5)
المجموع (5/ 363).
(6)
المنهاج (ص 161).
"الحاوي" - مجزئاً لا معيباً، كما دل عليه كلامهما في فقد بنت المخاض، وقولهما:(أخذ)(1) أي: ولا يكلف تحصيل الآخر وإن كان أغبط كما في "الروضة" وغيرها (2)، ومقتضاه: أنَّه لو حَصَّل الآخر ودفعه .. أجزأه لا سيما إن كان أغبط، وعليه يدل كلام جماعة منهم الإمام والغزالي، وقاساه على الاكتفاء بابن لبون لفقد بنت مخاض (3)، لكن صرح جماعة بخلافه وأن الوجوب متعين فيه.
1070 -
قول "المنهاج"[ص 161]: (وإلا - أي: وإن لم يوجد مسألة واحد منهما، أو وُجد معيبًا - .. فله تحصيل ما شاء) بقي عليه: أن له أيضاً أن ينزل عن بنات اللبون إلى خمس بنات مخاض ويدفع خمس جبرانات، أو يصعد عن الحقاق إلى أربع جذعات ويأخذ أربع جبرانات، ويمتنع العكس، وهو أن يصعد عن بنات اللبون إلى الجذاع ويأخذ عشر جبرانات، أو ينزل عن الحقاق إلى بنات مخاض ويعطي ثماني جبرانات، وقد ذكره "الحاوي"(4)، فلو جعل الحقاق أصلاً ونزل إلى أربع بنات لبون يحصلها ويدفَع أربع جبرانات، أو جعل بنات اللبون أصلًا، وأراد أن يصعد إلى الحقاق، فيدفع خمس حقاق ويأخذ خمس جبرانات .. لم يتعرضوا له.
وقال شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه": الذي فرّعه في الحال: الرابع؛ أي: وهو أن يؤخذ بعض كل صنف، لا يبعُد عليه تجويز هذا، قال: ويحتمل جواز الصورة الأولى؛ لأنَّه لم يتكمل له من بنات اللبون جميع الواجب، دون الثَّانية؛ فإنَّه قد حصل الفرض، فليس له أن يعدل إلى الجبران، كما لو كان عليه بنت مخاض فلم يجدها وعنده ابن لبون .. فإنَّه لا يعدل إلى بنت اللبون ليأخذ الجبران على الأصح؛ لأنَّه بدل بنت المخاض بالنص، فكذلك لا ينبغي هنا بعد تحصيل الحقاق التي هي أحد الواجبين أن يدفعها بزيادة واحد ويأخذ الجبران. انتهى.
1071 -
قول "المنهاج"[ص 161]: (فإن وجدهما) أي: بصفة الإجزاء.
1072 -
قوله: (فالصحيح)(5) عبر في "الروضة" بالمذهب المنصوص وقول الجمهور (6).
1073 -
قوله: (ولا يجزئ غيره)(7) الظاهر: سحبُ الصَّحيح عليه، فيكون أشار إلى الخلاف.
(1) انظر "التَّنبيه"(ص 56)، و "المنهاج"(ص 161).
(2)
الروضة (2/ 157).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(3/ 97)، و "الوسيط"(2/ 409).
(4)
الحاوي (ص 209).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 161).
(6)
الروضة (2/ 158).
(7)
انظر "المنهاج"(ص 161).
1074 -
قوله: (إن دلس)(1) أي: المالك.
1075 -
قوله: (وإلا .. فيجزى)(2) أي: يحسب من الزكاة، وليس المراد: أنَّه يكتفي بذلك؛ فقد قال بعده: (والأصح: وجوب قدر التفاوت)(3)، قال السبكي؛ والتفاوت المشار إليه إنَّما يجب إذا غلط الساعي في الاجتهاد دون ما إذا اقتضى رأيه موافقة ابن سريج في أخذ غير الأغبط، وكان مأذوناً له في ذلك من جهة الإمام، فلا ينبغي أن يجب التفاوت هنا، وفي وجه: إنَّه لا يجزئ بحال؛ لأنَّه غير المأمور به، قال السبكي: وهو القياس.
1076 -
قوله: (ويجوز إخراجه دراهم، وقيل: يتعين تحصيل شقص به)(4) فيه أمران:
أحدهما: قال الرافعي: إطلاق الأصحاب الدراهم في هذا الفصل يشبه أن يكون مرادهم: نقد البلد دراهم كان أو دنانير، كما صرح به الشَّيخ إبراهيم المروروذي (5)، قال في "الروضة": مرادهم: نقد البلد قطعاً، وصرح به جماعة منهم القاضي حسين وغيره، وعليه يحمل قول صاحب "الحاوي" وإمام الحرمين وغيرهما: دراهم أو دنانير؛ يعنيان: أيهما كان نقد البلد. انتهى (6).
ثانيهما: أطلق الشقص، والأصح: أنَّه يتعين أن يكون من الأغبط؛ ولذلك عبر "الحاوي" بقوله [ص 209]: (وإن أخطأ .. جبر بالنقد أو بِشقصٍ من الأغبط).
1077 -
قول "المنهاج"[ص 161]: (ومن لزمه بنت مخاض فعدمها وعنده بنت لبون .. دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهمًا) فيه أمور:
أحدها: قوله: (فعدمها) قد يفهم أن المراد: العلم المطلق، وليس كذلك، وإنَّما المراد: عدمها في ملكه وإن أمكنه تحصيلها، وكذا تعبير "الحاوي" بـ (الفقد)(7)، فأحسن منهما قول "التَّنبيه" [ص 56]:(ولم يكن عنده).
نعم؛ يرد عليهم: ما لو كانت عنده معيبة .. فهي كالمعدومة، أو كريمة .. فلا يمنع وجودها الصعود والنزول وإن كان وجود كريمة يمنع العدول إلى ابن لبون في الأصح.
ثانيها: قوله: (وعنده بنت لبون) ليس ذلك شرطًا، فلو لم تكن عنده .. فله تحصيلها ودفعها، لكنَّه إذا حصّلها .. صدق حينئذ أنَّها عنده، فيدفعها، ولا يرد ذلك على "التَّنبيه" و "الحاوي".
(1) انظر "المنهاج "(ص 161).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 161).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 161).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 161).
(5)
انظر "فتح العزيز"(2/ 486).
(6)
الروضة (2/ 159)، وانظر "نهاية المطلب"(3/ 95)، و "الحاوي الكبير"(3/ 95).
(7)
الحاوي (ص 209).
ثالثها: يرد عليه وعلى "التَّنبيه": ما إذا وجد ابن لبون .. فليس له إخراج بنت اللبون وأخذ الجبران في الأصح، وقد ذكرها "الحاوي"(1).
رابعها: وقع في "الروضة" تبعاً للرافعي في الكلام على اجتماع فرضين في نصاب: أنَّه لو لزمته بنت مخاض فلم يجدها ولا ابن لبون لا في ماله ولا بالثمن .. يعدل إلى القيمة. انتهى (2).
ومقتضاه: أنَّه لا يتعين الانتقال إلى بنت اللبون، بل يجوز دفع قيمة بنت المخاض، ويطرد في سائر الصور، ولعلّه محمول على ما إذا فقد سائر أسنان الزكاة.
خامسها: اقتصر "المنهاج" على فقد بنت المخاض وبنت اللبون، ولم يذكر فقد بقية أسنان الزكاة، فأعم منه قول "التَّنبيه" [ص 56]:(ومن وجب عليه من ولم يكن عنده) لكن أورد عليه: أنَّه إن أراد: من الزكاة وهو الظاهر .. اقتضى منع الجبران إذا أخرج ثنية بدل جذعة، وهو الذي حسنه الرافعي (3)، ومشى عليه "الحاوي"(4)، وحكاه صاحب "التقريب" عن الأكثرين كما في "المهمات"، لكن الأصح في "الروضة" و "المنهاج": خلافه، وحكاه عن الجمهور (5)، وإن أراد: مطلق السنن ورد الفصيل إذا أخرجه مع الجبران .. فلا قائل بقبوله، فأحسن منهما قول "الحاوي" [ص 209]:(إن فقد الواجب).
1078 -
قول "التَّنبيه"[ص 56]: (والاختيار في الصعود والنزول إلى المصدق)، قال النووي في "التحرير" عن نسخة المصنف: إنَّه بتخفيف الصاد؛ أي: الساعي (6)، قال في "الكفاية": ونسب للإمام، ورجحه البندنيجي والماوردي. انتهى (7).
لكن الأصح: أن الخيرة في ذلك للمالك، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(8)، فيكون المصّدق بتشديد الصاد، وعبارة "المنهاج" [ص 161]:(وفي الصعود والنزول: للمالك في الأصح إلَّا أن تكون إبله معيبة) وفيها أمور:
أحدها: محل الخلاف: إذا دفع غير الأغبط، فإن دفع الأغبط .. أجيب قطعاً.
ثانيها: كلامه يفهم أنَّه إذا كانت الإبل معيبة .. لا خيرة للمالك مطلاً، وليس كذلك، فله الخيرة في النزول وفي الصعود إذا لم يأخذ جبراناً، والممتنع إنَّما هو في الصعود مع طلب الجبران.
(1) الحاوي (ص 209).
(2)
الروضة (3/ 95)، وانظر "فتح العزيز"(2/ 484).
(3)
انظر "فتح العزيز"(2/ 489، 490).
(4)
الحاوي (ص 209).
(5)
الروضة (2/ 162)، المنهاج (ص 162).
(6)
تحرير ألفاظ التَّنبيه (ص 105).
(7)
انظر "نهاية المطلب"(3/ 90)، و "الحاوي الكبير"(3/ 86).
(8)
الحاوي (ص 209)، المنهاج (ص 161)
ثالثها: يُضم إلى عيب الإبل:
- ما إذا كانت مريضة، وقد ذكره "الحاوي"(1).
- وما إذا كانت لا أثمان لها لِلُؤْمِهَا، نص عليه في "الأم" كما حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه"(2).
- وما إذا جاوز الجذعة إلى الثنية، كما تقدم عن "الحاوي" خلافًا للجمهور (3).
- وما إذا فقد بنت المخاض وعنده ابن لبون، فأراد إخراج بنت اللبون مع أخذ الجبران، وقد ذكرها "الحاوي" كما تقدم.
فالممتنع في هذه الصور كلها: أخذ الجبران عند إرادة الصعود، وعبارة "الحاوي" [ص 209]:(وأخذ، لا إن مرض إبله، أو تعيَّب، أو جاوز الجذعة، أو إلى بنت لبون وله ابن لبون) فهذه الصور مستثناة من أخذ المالك الجبران، فلو تبرع صاحب الإبل المعيبة وصعد إلى سليمة ليأخذ الجبران .. قال شيخنا ابن النقيب: ففيه للنظر مجال (4).
قلت: ينبغي الجزم بجوازه؛ فإن المدرك في الامتناع احتمال زيادة الجبران المأخوذ على المريض والمعيب المدفوع، وهذه العلة منتفية فيما إذا تبرع بالصعود إلى سليمة، والله أعلم.
1079 -
قول "المنهاج"[ص 162]: (وله صعود درجتين وأخذ جبرانين، ونزول درجتين مع جبرانين بشرط تعذر درجة في الأصح) يقول "الحاوي"[ص 209]: (فإن فقد أو قنع بجبران .. فدرجتين) وفيه أمران:
أحدهما: أن له الصعود والنزول بثلاث درجات أيضاً بشرط تعذر الدرجتين.
ثانيهما: المراد: تعذر درجة في تلك الجهة، فلو لزمه بنت لبون ففقدها وفقد الحقة، فهل له الصعود إلى جذعة مع وجود بنت مخاض عنده؛ فيه وجهان مرتبان على هذين الوجهين، وأولى بالجواز، كذا في "الروضة"(5)، وصرح في "شرح المهذب" بتصحيح الجواز (6)، وأورد في "الكفاية" على اقتصار "التَّنبيه" على الشاتين والعشرين درهمًا: أنَّه شامل لما لو نزل أو صعد بدرجتين لفقد درجة، وليس كذلك، بل عليه أو له أربع شياه، أو أربعون درهماً، أو شاتان وعشرون درهماً.
(1) الحاوي (ص 209).
(2)
الأم (2/ 7).
(3)
الحاوي (ص 209).
(4)
انظر "السِّرّج على نكت المنهاج"(2/ 55).
(5)
الروضة (2/ 163).
(6)
المجموع (5/ 359، 360).
1080 -
قوله "المنهاج"[ص 162]: (ولا تجزئ شاة وعشرة دراهم) هو معنى قوله "الحاوي"[ص 210]: (لا بالنوعين)، ويستثنى منه: ما إذا كان الآخذ للجبران هو المالك، ورضي بذلك، وقد ذكره "الحاوي"(1)، وقد يفهم ذلك من التعبير بعدم الإجزاء؛ لأنَّ الإجزاء وعدمه إنَّما يضافان إلى المزكي.
1081 -
قوله "التَّنبيه"[ص 56] و "الحاوي"[ص 210]: (وفي مئتين وواحدة: ثلاث شياه، ثم في كل مئة شاةٍ شاة) يقتضي أن في ثلاث مئة وواحدة: أربع شياه، وليس كذلك، ومرادهما: وفي مئتين وواحدة إلى ثلاث مئة: شاة، وهذا متَّفقٌ عليه؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 162]:(ومئتين وواحدة: ثلاث، وأربع مئة: أربع، ثم في كل مئةٍ: شاةٌ).
1082 -
قوله "المنهاج"[ص 162]: (إن اتحد نوع الماشية .. أُخذ الفرض منه، فلو أخذ عن ضأن مَعْز أو عكسه .. جاز في الأصح (تصحيح أخذ الضأن عن المعز وبالعكس كالمستثنى مما تقدم أولاً، وعبارة "الروضة" وأصلها تقتضي تصحيح المنع؛ فإنَّه جزم به أولاً، فقال: إن اتحد نوعها .. أخذ منها، ثم حكى الخلاف عن "التهذيب" وأنَّه صحح الجواز (2).
1083 -
قوله "التَّنبيه"[ص 56]: (وإن كانت المواشي أنواعاً؛ كالبخاتي والعراب والجواميس والبقر والضأن والمعز .. ففيه قولان، أحدهما: يؤخذ من الأكثر، والثَّاني: يجب في الجميع بالقسط) الثَّاني هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(3)، وكان ينبغي أن يجعل بدل البقر العراب، فهي أحد نوعي البقر، وكيف يكون البقر أحد نوعي البقر؟ !
1084 -
قوله "التَّنبيه"[ص 56]: (فإن كانت كلها ذكوراً .. أخذ في فرضها الذكر، إلَّا الإبل؛ فإنَّه لا يؤخذ في فرضها إلَّا الإناث، وقيل: يؤخذ في فرضها الذكور) هذا الثَّاني هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و "الحاوي"(4)، وفي "تصحيح" النووي، وشيخنا الإسنوي عطفاً على الأصح: وجواز أخذ ذَكَرٍ من الإبل والبقر الذُّكُورِ. انتهى (5).
ولا حاجة لاستدراك البقر؛ لدخوله في كلام "التَّنبيه" فإنَّه لم يستثن سوى الإبل.
1085 -
قوله: (فإن كانت الماشية إناثاً، أو ذكوراً وإناثًا .. لم يؤخذ في فرضها إلَّا الأنثى إلَّا في ثلاثين من البقر)(6) فيه أمران:
(1) الحاوي (ص 210).
(2)
الروضة (2/ 168)، التهذيب (3/ 33).
(3)
الحاوي (ص 210)، المنهاج (ص 162).
(4)
الحاوي (ص 210)، المنهاج (ص 162، 163).
(5)
تصحيح التَّنبيه (1/ 194)، تذكرة النبيه (3/ 9).
(6)
انظر "التَّنبيه"(ص 56).
أحدهما: قال في "الكفاية": لم يؤخذ في فرضها - أي: المتأَصّل - لتخرج شاة الإبل، وكذا ابن اللبون عن بنت المخاض، وكذا ينبَّه على ذلك في قول "المنهاج" [ص 162]:(ولا ذكرٌ إلَّا إذا وجب، وكذا لو تَمَحَّضَتْ ذكوراً في الأصح)، وفي قول "الحاوي" [ص 210]:(والذكر إن لم يكن له كامل في الأصح) وهو مفهوم من قولهم: (جذع، وثنى)(1)، قال في "الكفاية": وتحرَّزَ "التَّنبيه" بقوله: (في فرضها) عن إخراج ذَكَرٍ لما فوق فرضها؟ فإنَّه يجزئ في بعض الصور، وهو التبيعان عن المسنة.
ثانيهما: أفهم قوله: (ذكورًا وإناثاً) أنَّه لو تعدد الواجب والإناث بعضه .. تعينت الأنوثة في كل الواجب، والأصح: أنَّه بقدر ما يجد، وكذلك يرد على قول "المنهاج" [ص 162]:(وكذا لو تَمَحَّضَتْ ذكوراً في الأصح) فإنَّه في هذه الصورة يخرج الذكور وإن لم تتمحّض ذكوراً، وذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 210]:(وإن اختلف .. فالكامل بقدر ما يجد).
1086 -
قول "التَّنبيه"[ص 57]: (وإن كانت صغاراً: فإن كانت من الغنم .. أخذ منها صغيرة، وإن كانت من الإبل والبقر .. أخذ منها كبيرة) هذا قول ابن سريج والقاضي أبي الطَّيِّب، واختاره السبكي، لكن الأصح: أنَّه يؤخذ صغيرة من صغار الإبل والبقر أيضاً بشرط أن يجتهد الساعي، ويحترز عن التسوية بين القليل والكثير؛ ولذلك أطلق "المنهاج" في قوله [ص 56]:(وفي الصغار: صغيرة في الجديد) و "الحاوي" في قوله [ص 210]: (والذكر إن لم يكن له كامل)، ورجح في "الروضة" وأصلها كون الخلاف وجهين (2).
1087 -
قول "المنهاج"[ص 163]: (وحامل) أحسن من قول "التَّنبيه"[ص 57]: (ولا يؤخذ الماخض) لأنَّ المنقول من أهل اللُّغة أن الماخض: هي التي دنت ولادتها وأخذها المخاض وهو ألم الولادة (3)، والعامل إن بعدت ولادتها كذلك.
1088 -
قول "المنهاج"[ص 163]: (وخيار) وقول "التنبيه"[ص 57]: (ولا حزرات المال) من ذكر العام بعد الخاص.
نعم؛ لو كانت ماشية كلها سماناً .. طولب بسمينة، قاله في "الكفاية" وغيرها.
1089 -
قول "التَّنبيه"[ص 57]: (وفحل الغنم) هذا حيث يجزئ الذكر.
1090 -
قول "المنهاج"[ص 163]: (ولو اشترك أهل الزكاة في ماشية .. زكريا كرجل، وكذا لو خلطا مجاورةً) أهمل لذلك شروطاً:
(1) انظر "التنبيه"(ص 56)، و "الحاوي"(ص 210)، و "المنهاج"(ص 160).
(2)
الروضة (2/ 167).
(3)
انظر "لسان العرب"(7/ 228).
أحدها: دوام الخلطة سنة إن كان المال حولياً، وإلى زهو الثمر، واشتداد الحب في النبات.
ثانيها: كون مجموع المالين نصاباً فأكثر، وقد ذكرهما "التَّنبيه" و "الحاوي"(1)، إلَّا أن "التَّنبيه" لم يصرح بحكم زكاة النبات، ويرد على اعتبار النصاب: ما لو خلط خمسة عشر بمثلها غنمًا وانفرد بخمسين .. فمقتضاه: أنَّه لا زكاة على صاحب الخمسة عشر؛ لأنَّ المخلوط كله لا يبلغ نصاباً، وهذا تفريع على أضعف القولين أن الخلطة خلطة عين؛ أي: يقتصر حكمها على المخلوط، فأمَّا إذا فرعنا على الأصح: أن الخلطة خلطة ملك - أي: يثبت حكمها في كل ما في ملكه - .. فالأصح في "الروضة": تأثير الخلطة هنا، فيجب شاة منها على صاحب الخمسين ستة أثمان ونصف ثمن، والباقي على الآخر (2).
ثالثها: كون المالين من جنس واحد لا غنم مع بقر، ذكره "الحاوي"، وتعبير "التَّنبيه" بالمشرب أوضح من تعبير "المنهاج" و "الحاوي" بالمشرع (3)، فكان المراد به: موضع الشرب.
1091 -
قولهما: (والمسرح)(4) إن أراد به: مكان الرعي - وبه فسره النووي في "التحرير" وغيره (5) - .. وَرَدَ المكان الذي تجتمع فيه ثم تساق منه إلى المرعى، وقد اعتبره في "شرح المهذب" وغيره (6)، وإن أراد به: مكان اجتماعها لتساق إلى المرعى - وبه فسره في "الروضة" وأصلها (7) - .. وَرَدَ المرعى، وقد ذكر هما "الحاوي" فقال [ص 217]:(والمسرح، والمرعى) فدل على أنَّه أراد بالمسرح: مكان اجتماعها لتساق إلى المرعى، ويرد عليهم جميعاً شرطان آخران:
أحدهما: اتحاد الطَّريق بين المسرح والمرعى، ذكره في "شرح المهذب"(8)، وهو أحد ما قيل في تفسير المسرح.
ثانيهما: اتحاد المكان الذي توقف فيه عند إرادة سقيها، والذي تُنَحَّى إليه ليشرب غيرها، ذكره في "التتمة"، وهو نظير اشتراط اتحاد المسرح.
1092 -
قول "التَّنبيه"[ص 57] و "الحاوي"[ص 217]: (والمحلب) - هو بفتح الميم - هو
(1) التنبيه (ص 57)، الحاوي (ص 216).
(2)
الروضة (2/ 184)
(3)
التنبيه (ص 57)، الحاوي (ص 217)، المنهاج (ص 163).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 57)، و "المنهاج"(ص 163).
(5)
تحرير ألفاظ التَّنبيه (ص 108).
(6)
المجموع (5/ 391).
(7)
الروضة (2/ 171).
(8)
المجموع (5/ 391).
موضع الحلب، كما عبر به "المنهاج"(1)، وفي الرافعي و "الروضة" الجزم باشتراط اتحاده (2)، وفي "التصحيح" والتحرير" التعبير فيه بالأصح (3)، وهو يقتضي خلافًا، وأشار في "الكفاية" إلى استدراكه عليه، لكن حكى الروياني في "البحر" الخلاف فيه (4)، والعجب من قول النووي في "تهذيب الأسماء واللغات": إنَّه لا يشترط الاتحاد فيه بلا خلاف، وهو سبق قلم (5)، أما المحلب - بكسر الميم - وهو الإناء الذي يحلب فيه .. فلا يشترط اتحاده في الأصح، وكذا الحالب.
1093 -
قولهم: (والفحل)(6) محله: إذا اتحد نوع الماشية، فإن اختلف؛ كضأن ومعز .. فلا بد لكل نوع من فحل، ذكره في "شرح المهذب"(7)، وتعبير "المنهاج" في الفعل والراعي بالأصح فيه نظر؛ ففي "الروضة" في الفعل: إنَّه المذهب الذي قطع به الجمهور (8)، وفي "شرح المهذب" نقل طريقة القطع في اتحاد الراعي عن الأكثرين (9)، ويجوز تعدد الرعاة والفحول قطعًا، لكن يشترط ألَاّ تنفرد هذه عن هذه براعٍ ولا فحلٍ مع اتحاد النوع في الفعل كما تقدم.
1094 -
قول "التَّنبيه" - والعبارة له - و "الحاوي": (فإن أخذ الساعي الفرض من نصيب أحدهما .. رجع على خليطه بالحصة)(10) فيه أمران:
أحدهما: أنَّه شامل لما إذا كان ما أخذه من كل واحد واجبه؛ كأن خلط أربعين من البقر بثلاثين، فأخذ الساعي من صاحب الأربعين مسنة، ومن صاحب الثلاثين تبيعاً .. فيرجع صاحب المسنة بقيمة ثلاثة أسباعها، وصاحب التبيع بقيمة أربعة أسباعه، وكذا ذكره الرافعي تبعًا للإمام وغيره (11)، قال النووي: وأنكر عليهم بنص الشَّافعي على أنَّه لو استوت غنماهما وواجبها شاتان وأخذ من غنم كل شاة .. فلا تَراجُعَ، قال: وهو الظاهر في الدليل فليعتمد (12)، وذكر النسائي أن
(1) المنهاج (ص 163).
(2)
فتح العزيز (2/ 505)، الروضة (2/ 172).
(3)
تصحيح التَّنبيه (1/ 196)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص 108).
(4)
بحر المذهب (4/ 62).
(5)
تهذيب الأسماء واللغات (3/ 65) طبعة دار الفكر، وفيها:(المحلب بفتح الميم: وهو موضع الحلب، وهذا يشترط الاتحاد فيه في ثبوت الخلطة بلا خلاف)، وانظر أيضاً "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 68) طبعة دار الكتب العلمية، ومن هنا يتبين أن النسخة التي كانت بين يدي المصنف فيها زيادة (لا)، وهي من الناسخ وليست من النووي، وإذا تبيّن ذلك .. بطل العجب الذي ادعاه المصنف.
(6)
انظر "التنبيه"(ص 57)، و "الحاوي"(ص 217)، و "المنهاج"(ص 163).
(7)
المجموع (5/ 392).
(8)
الروضة (2/ 171).
(9)
المجموع (5/ 391).
(10)
التَّنبيه (ص 57)، الحاوي (ص 217).
(11)
انظر "نهاية المطلب"(3/ 150، 151)، و "فتح العزيز"(2/ 510).
(12)
انظر "المجموع"(5/ 407)، و "الأم"(2/ 14، 15).
كلام "التَّنبيه" يفهم أنَّه لا تَرَاجُع في هذه الصورة (1)، والذي أفهمه ما قدمته.
ثانيهما: هذا في خلطة الجوار، أما خلطة الشيوع: فإن كان المأخوذ من جنس النصاب .. فلا تراجع، كما ذكره الرافعي والنووي (2)، قال ابن الرفعة: وليس كذلك، بل يتصور فيما إذا كان بينهما أربعون من الغنم لأحدهما؛ في عشرين منها نصفها، وفي العشرين الأخرى نصفها وربعها. انتهى.
وإن كان من غير جنسه؛ كالشاة الواجبة في الإبل .. ثبت التراجع.
1095 -
قول "التَّنبيه"[ص 57]: (وإن كان بينهما نصاب من غير الماشية .. ففيه قولان، أصحهما: أنَّه كالماشية)، قال في "المنهاج" تبعاً لـ "المحرر": (بشرط ألا يتميز: الناطور، والجرين، والدكان، والحارس، ومكان الحفظ
…
ونحوها) (3)، وذكر "الحاوي" [ص 217]:(الجرين، والحافظ، والدكان، ومكان الحفظ)، قال شيخنا ابن النقيب: ولم أر من صرح باشتراط شيء من ذلك، وإنَّما ذكروه في معرض التعليل، قال الرافعي؛ لأنهما كما يرتفقان بالخلطة في المواشي لخفة المؤنة .. كذلك يرتفقان بها في غيرها باتحاد الجرين
…
إلى آخره، وأسقطه من "الروضة" بالجملة، فلم يذكره لا شرطاً ولا تعليلاً، ورأيت كلام كثير من الأصحاب بنحو كلام الرافعي. انتهى (4).
وزاد في "شرح المهذب": اتحاد الجراب، والميزان، والوزّان، والكيّال، والحمّال، والمتعهد، وجَدَّاد النخل (5)، وصرح في "الكفاية" باللقاط، وكذا بالملقح وإن كان الملقح يدخل في المتعهد، وصرح أيضاً في أموال التجارة بالاتحاد في النَقّاد، والمنادي، والمطالب بالأثمان، ونقلة عن البندنيجي، وأشار "المنهاج" لذلك جميعه بقوله:(ونحوها)، ولم يُفَصّل "المنهاج" و "الحاوي" ذلك، والذي ينبغي أن يقال في ذلك: أنَّه يعتبر في المعشّرات: الجرين، والحارس، وفي زكاة التجارة: الحارس، والدكان، ونحوهما، وفي زكاة النقد: الحافظ، ومكان الحفظ؛ من صندوق وخزانة ونحوهما.
1096 -
قول "التَّنبيه"[ص 56]: (وفي الأوقاص التي بين النُّصُب قولان، أحدهما: أنَّها عفو) هو الأصح، والأوقاص: ما بين الفريضتين، والشنق بمعناه، كذا في "الروضة"
(1) انظر "نكت النبيه على أحكام التَّنبيه"(ق 50).
(2)
انظر "فتح العزيز"(2/ 511)، و "المجموع"(5/ 407).
(3)
المحرر (ص 3)، المنهاج (ص 163)، والناطور: حافظ الكرم، والجرين: موضع تجفيف التمر. انظر "مختار الصحاح"(ص 43، 277).
(4)
انظر "السَّرَّاج على نكت المنهاج"(2/ 65، 66)، و "فتح العزيز"(2/ 507).
(5)
المجموع (5/ 409).
وأصلها (1)، وفي "البويطي": إن الأوقاص: ما لم يبلغ ما تجب فيه الزكاة، والشنق: ما بين السنين من العدد.
1097 -
قول "المنهاج"[ص 163]: (ولوجوب زكاة الماشية شرطان) فيه أمران: أحدهما: لو قال: (النعم) كما في "الروضة"(2) .. لكان أولى؛ لأنَّها هي الأخص المتكلِّم عليها.
ثانيهما: قال في "الروضة": لها ستة شروط: كونه نعماً متمحضة، والنصاب، والحول، ودوام الملك جميع الحول، وكماله، والسوم. انتهى (3).
والمختص بالنعم منها: الأول والأخير، وما عداهما فشرط في جميع الأنواع، ما عدا: الحول في المعشرات والمعدن والركاز؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 214]: (بزهو الثمر، واشتداد الحب، وحصول المعدن والركاز، وحول غير)، وذكر "المنهاج" النعم أول الباب كالأساس والأصل لا كالشرط (4)، واشتراط دوام الملك في ضمن اشتراط الحول (5)، واشتراط كماله في (باب من تلزمه الزكاة)(6)، والله أعلم.
1098 -
قولهم - والعبارة لي "المنهاج" -: (مضي الحول)(7) قيده في "الكفاية" بالتوالي، وتركوا التصريح بذلك؛ لوضوحه، ويستثنى من هذا الشرط: مسألة تتعلق بالنقدين، وهي: ما لو ملك نصاباً من نقد ستة أشهر مثلًا، ثم أقرضه إنساناً .. فإن الحول لا ينقطع، فإذا كان مليًا أو عاد إليه .. أخرج الزكاة عند تمام الأشهر الباقية، حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه" عن الشَّيخ أبي حامد في "تعليقه".
1099 -
قول "التَّنبيه"[ص 55]: (ولا تجب في الآخر حتَّى يتمكن من الأداء) ظاهره: أن الوجوب حال التمكن، وليس كذلك، وإنَّما المراد: أنَّه يتبين الوجوب عند تمام الحول، كما ذكره المتولي؛ ولهذا يحسب ابتداء الحول الثَّاني من انقضاء الأوَّل قبل الإمكان، قال في "شرح المهذب": بلا خلاف (8)، لكن في "الكفاية" وجه: أنَّه من التمكن؛ كمذهب مالك (9).
(1) الروضة (2/ 153).
(2)
الروضة (2/ 151).
(3)
الروضة (2/ 151).
(4)
المنهاج (ص 160).
(5)
المنهاج (ص 163).
(6)
المنهاج (ص 175).
(7)
انظر "التَّنبيه"(ص 55)، و "الحاوي"(ص 214)، و "المنهاج"(ص 163).
(8)
المجموع (5/ 331).
(9)
انظر "التاج والإكليل"(2/ 362، 363).
1100 -
قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (لكن ما نُتجَ من نصابٍ يُزَكَّى بحوله)(1) يشترط كون النتاج ملكًا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب، فلو أوصى بحمل لشخص .. لم يضم النتاج لحول الوارث، وكذا لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات، نقله في "الكفاية" عن صاحب "التتمة".
ولا بد من كون النتاج في أثناء الحول، كما صرح به "التَّنبيه"(2)، وهو مفهوم من قوله "المنهاج" [ص 163]:(يُزَكَّى بحوله)، وقوله "الحاوي" [ص 215]:(وللنتاج حول الأصل) لأنَّ ذلك الحول قد انقضى.
1101 -
قوله "المنهاج"[ص 163]: (فلو ادعى النِّتَاج بعد الحول .. صُدِّقَ، فإن إنّهم .. حُلِّفَ) أي: ندباً، فلو نكل .. ترك.
1102 -
قوله "التَّنبيه"[ص 55]: (وإن باع النصاب في أثناء الحول .. انقطع الحول) أي: سواء قصد الفرار من الزكاة أم لا، لكنَّه مع قصد الفرار يكره، وقد ذكره "التَّنبيه" في آخر (زكاة النبات) و "الحاوي"(3)، وهي كراهة تنزيه على المشهور، واختار الغزالي في "الوجيز": أنَّها كراهة تحريم (4)، وقال في "الإحياء": إنَّه لا تبرأ الذمة في الباطن (5)، وقال ابن الصلاح: يأثم بقصده لا بفعله (6)، وتعبير "المنهاج" بـ (زوال الملك)(7)، و "الحاوي" بقوله [ص 215]:(وبالنصاب بعينه كل الحول)، أعم من تعبير "التَّنبيه" بـ (البيع) فالبيع مثال، وجميع مزيلات الملك كذلك.
وتناول كلامهم: ما إذا باع النقد بعضه ببعض للتجارة كالصيارفة، وهو الأصح، ولا يختص ذلك بالنقد، بل لو كانت عنده سائمة نصاباً للتجارة، فبادل بها نصاباً من جنسها للتجارة .. كان كالمبادلة بالنقود، نقله شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه" عن مقتضى كلام الماوردي فيما إذا باع بشرط الخيار، وهو مقتضى إطلاق "الحاوي"(8).
1103 -
قوله "التَّنبيه"[ص 55]: (فإذا ملك نصاباً من السائمة حولاً كاملاً .. وجبت فيه الزكاة) فيه أمور:
(1) انظر "التنبيه"(ص 55)، و "الحاوي"(ص 21)، و "المنهاج"(ص 163).
(2)
التَّنبيه (ص 55).
(3)
التَّنبيه (ص 58)، "الحاوي"(ص 215).
(4)
الوجيز (1/ 219، 220).
(5)
إحياء علوم الدين (1/ 18).
(6)
انظر "مشكل الوسيط"(2/ 435).
(7)
المنهاج (ص 163).
(8)
انظر "الحاوي الكبير"(3/ 197)
أحدها: أن السائمة تخرج المعلوفة، والسوم والعلف هنا متقابلان، وأمَّا في (النفقات): فقد أطلقوا العلف على أعم من السوم، ومنه قول "التَّنبيه" فيمن ملك دابة [ص 210]:(وجب عليه القيام بعلفها)، ومراده: ما يغدوها من سوم أو علف.
ثانيها: تناول كلامه: المستامة بنفسها، والتي أسامها الغاصب والمشتري شراءً فاسدًا، والأصح: أنَّه لا زكاة فيها، وعن ذلك احترز "الحاوي" بقوله [ص 218]:(وإسامة المالك الماشية؛ فلا تجب في سائمة ورثها وتم حولها ولم يعلم، ولا في دين الحيوان) واعترض الرافعي على مسألة الدين: بجواز كون الماشية المستقرة في الذمة موصوفة بكونها سائمة، كما قالوا في السلم في اللحم: يتعرض لكونه لحم راعية أو معلوفة (1)، وضعفه القونوي: بأن المدعى امتناع اتصافه بالسوم المحقق، وثبوتها في الذمة سائمة أمر تقديري، وذكر "المنهاج": المستامة بنفسها (2).
ثالثها: تناول كلامه أيضاً: ما لو أسامها في كلأ مملوك له، وفيها وجهان، في زوائد "الروضة" عن "البيان" بلا ترجيح (3)، ورجح السبكي وجوبها إن لم تكن له قيمة، أو كانت يسيرة، وسقوطها إن كانت له قيمة يُعَدّ مثلها كُلفةً في مقابلة نمائها، وفي "فتاوى القفال": إن اشترى كلأ فَرَعَتْه في مكانها .. فسائمة، فلو جزَّه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد .. فمعلوفة، ولو رعاها ورقاً تناثر .. فسائمة، فلو جُمع وقدم لها .. فمعلوفة، واستحسنه في "المهمات"، وقال: ينبغي الأخذ به، وهذا وارد على "المنهاج" و "الحاوي" أيضاً.
رابعها: تناول كلامه أيضاً: السائمة العاملة في حرثٍ ونضح ونحوه، ولا زكاة فيها على الراجح، وقد ذكرها "الحاوي" و "المنهاج"(4)، لكن تعبيره فيها بالأصح يخالف قوله في "شرح المهذب": قطع الأكثرون بعدم الوجوب (5)، ورجح البغوي الوجوب فيها (6)، فلو كانت تعمل في بعض السنة .. ففي "تعليق" البندنيجي عن الشَّيخ أبي حامد أنَّه إذا استعملها القدر الذي لو علفها فيه سقطت الزكاة .. فإنَّه تسقط الزكاة هنا، قال: والصحيح عندي: أنَّه إنَّما تسقط الزكاة بالاستعمال والنية، حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه"، ولو كانت معدة لاستعمال محرم؛ كإغارة ونحوها .. فلا تجب الزكاة فيها أيضاً، كما صرح به الماوردي في (باب زكاة
(1) انظر "فتح العزيز"(2/ 542).
(2)
المنهاج (ص 163).
(3)
البيان (3/ 151)، الروضة (2/ 191).
(4)
الحاوي (ص 218)، المنهاج (ص 163)
(5)
المجموع (5/ 316).
(6)
انظر "التهذيب"(3/ 26).
النقدين) بخلاف نظيره من الحلي (1)، وهو داخل في إطلاق "الحاوي" [ص 218]:(العاملة) لكن أخرجه قول "المنهاج"[ص 163]: (في حرثٍ ونضحٍ ونحوه)، فإن صح ذلك .. فعبارة "الحاوي" أحسن، وإلا .. فعبارة "المنهاج".
خامسها: قد يفهم كلامه اعتبار السوم كل الحول، والأصح في "المنهاج" [ص 163]:(أنَّها إن علفت قدراً تعيش بدونه بلا ضرر بيَّن .. وجبت، وإلا .. فلا) وعليه مشى "الحاوي" بقوله فيما لا زكاة فيه [ص 218]: (والمعتلفة قدراً لولاه لتضررت)، وقوله:(بلا ضرر بيّن .. وجبت، وإلا .. فلا) من كلام الإمام، قال: ولا يبعد أن يلحق الضرر البيّن بالهلاك في هذه الطريقة. انتهى (2).
ورجح في "الشَّرح الصَّغير" وجهًا ثانياً: أنَّه إن عُلفت قدراً يُعَدُّ مؤنة بالإضافة إلى رفق السائمة .. فلا زكاة، وإلا .. وجبت، قال تبعاً للغزالي: إنَّه الأفقه (3)، وقال السبكي: إنَّه قوي في المعنى، قال الرافعي: وفسّر الرفق بالدر والنسل والصوف، قال: ويجوز أن يراد به: رفقها في المرعى؛ فإن مؤنته أخف، وإن كان العلف حقيراً بالإضافة إليه .. فلا عبرة به، ووراء ذلك وجهان آخران، ثم هذا الخلاف مطلق في "المنهاج" وأكثر الكتب، وقيده صاحب "العدَّة" وغيره بما إذا لم يقصد قطع السوم، فإن قصد .. انقطع لا محالة، وقال الرافعي: لعله الأقرب.
قال السبكي: وكذا حكاه الروياني عن النَّصُّ، لكنَّه استغربه، وزعم أن البندنيجي قال: إنَّه المذهب، وذلك يقتضي إثبات خلاف فيه. انتهى (4).
قلت: وبه صرح الجرجاني في "الشافي"، فقال: وإن علفها الحول أو بعضه، ولم ينو نقلها إلى العلف .. فلا حكم له، وإن نواه .. انقطع حولها في أصح الوجهين، حكاه في "المهمات".
* * *
(1) انظر "الحاوي الكبير"(3/ 273).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(3/ 205).
(3)
انظر "الوجيز"(1/ 220).
(4)
انظر "الأم"(2/ 48)، و "بحر المذهب"(4/ 99).