الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفي الصوم نفي العبادة، وصحح في "شرح المهذب": أنه يثاب عليه، وليس في صوم شرعي (1)، وفي "المهمات": مقتضى القواعد: الجزم بالثواب؛ لقيامه بواجب، ومقتضى كلامهم: أنه لا يجب الإمساك إلا بعد ثبوت كونه من رمضان، وهو كذلك، وفي "المهمات": نص المالكية على استحبابه قبل الثبوت، والقياس: خلافه؛ لأن صومه حرام، فلا يشرع التشبه به (2).
فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]
1320 -
قول "المنهاج"[ص 184]: (من فاته شيء من رمضان، فمات قبل إمكان القضاء .. فلا تدارك له ولا إثم) محله: فيما إذا فات لعذر، وذلك مفهوم من قول "المحرر":(كما إذا دام مرضه)(3)، أما غير المعذور .. فيأثم ويتدارك عنه بالفدية، صرح به الرافعي في نذر صوم الدهر، وجعله أصلاً قاس عليه (4)، وأسقطه في "الروضة"، وهذا وارد أيضاً على مفهوم قول "التنبيه" [ص 67]:(ومن مات وعليه صوم تمكن من فعله) و"الحاوي"[ص 229]: (متمكن القضاء) فإن مفهومه: أنه متى لم يتمكن من فعله .. لا تدارك عليه، وذلك شامل لما إذا كان بغير عذر، فيحمل على حالة العذر، وصور في "الروضة" وأصلها موته قبل إمكان القضاء: بأن لا يزال مريضًا أو مسافراً من أول شوال حتى يموت (5).
والصواب: اعتبار ذلك من قبل الفجر من اليوم الثاني من شوال؛ لأن ما قبل ذلك لا يصح صومه، بل لو طرأ حيض، أو نفاس، أو مرض قبل الغروب من ثاني شوال .. لم يحصل التمكن أيضًا، ذكره في "المهمات" وقال: ولو لزمه يوم، فسافر بعد الفجر من اليوم الثاني، واستمر السفر إلى رمضان .. ففي وجوب الفدية احتمالان، حكاهما الروياني عن والده، وقال: الأصح عندي: عدم الوجوب (6).
1321 -
قول "المنهاج"[ص 184]: (وإن مات بعد التمكن .. لم يصم عنه وليه في الجديد) فيه أمور:
(1) المجموع (6/ 273، 274).
(2)
انظر "حاشية الدسوقي"(1/ 514)، و"منح الجليل"(2/ 117).
(3)
المحرر (ص 114).
(4)
انظر "فتح العزيز"(3/ 248).
(5)
الروضة (2/ 382).
(6)
انظر "بحر المذهب"(4/ 312، 313).
أحدها: أنه لا فرق في هذا القسم بين فواته بعذر أو بغيره، وتقدم تقييد مورد التقسيم بالعذر، فالتركيب مشكل.
ثانيها: أن معنى قوله: (لم يصم عنه وليه): أنه لا يصح صومه عنه، وليس معناه: عدم الوجوب خاصة.
ثالثها: ليس هذا جديداً محضاً، فقد نص عليه في أكثر كتبه القديمة أيضاً، كما حكاه القاضي أبو الطيب، وقال الماوردي في مقابله: أنكر سائر أصحابنا كونه مذهباً له (1).
1322 -
قوله: (وكذا النذر والكفارة)(2) أطلقه الرافعي والنووي في كتبهما (3)، وقيده "الحاوي" بكفارة القتل (4)، قيل: وليس في غيره، ووخهَه بعضهم: بأن غيرها يَخلُفُ صومَها الإطعامُ، والعجز بالموت كغيره، فيجب في التركة ما قدره الشرع، وهو ستون مداً، وأما كفارة القتل: فلا إطعام فيها في الأصح، فالفائت فيها صوم لا محالة، وإطلاق "التنبيه" الصوم دخل فيه صوم النذر والكفارة بأنواعها (5).
1323 -
قوله: (وفيه قول آخر: أنه يصام عنه)(6) معناه: أنه يجوز لوليّه الصوم عنه، وليس المراد: أنه يتعين عليه ذلك، بل هو مخير بين الصوم والإطعام، قال في "شرح المهذب": إنه لا خلاف في ذلك (7)، لكن في "المهمات" عن القاضي أبي الطيب وجوبه، وصرح في "شرح مسلم" باستحباب الصوم عنه على القديم، واقتصر في "الروضة" على الجواز (8)، قال في "المنهاج" [ص 184]:(قلت: القديم هنا أظهر)، وقد يفهم هذا التعبير ترجيحه من جهة المذهب، وإنما هو راجح من جهة الدليل، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"من مات وعليه صيام .. صام عنه وليه" رواه مسلم في "صحيحه"(9) ولذلك عبر عنه في "التصحيح" بالمختار (10)، وقال في "الروضة": المشهور في المذهب: تصحيح الجديد، وذهب جماعة من محققي أصحابنا إلى تصحيح القديم، وهو الصواب، بل ينبغي الجزم به، للأحاديث الصحيحة
(1) انظر "الحاوي الكبير"(3/ 452).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 184).
(3)
انظر "المحرر"(ص 114)، و"فتح العزيز"(3/ 239)، و"الروضة"(2/ 382)، و"المجموع"(6/ 394).
(4)
الحاوي (ص 229).
(5)
التنبيه (ص 67).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 67).
(7)
المجموع (6/ 389).
(8)
شرح مسلم (8/ 25)، الروضة (2/ 381).
(9)
صحيح مسلم (1147) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(10)
تصحيح التنبيه (1/ 226).
فيه، وليس للجديد حجة من السنة؛ فالحديث الوارد بالإطعام ضعيف (1).
1324 -
قوله: (والولي: كلل قريبٍ على المختار)(2) تبع في اختياره ابن الصلاح والقاضي مجلّيًا (3)، وتوقف الإمام في أن المراد: الولاية، أو مطلق القرابة، أو بشرط العصوبة، أو الإرث، وقال: لا نقل عندي في ذلك (4)، قال الرافعي: وأنت إذا فحصت عن نظائره .. وجدت الأشبه: اعتبار الإرث (5)، وخالفه النووي، فاختار مطلق القرابة (6)، وكلامهم يقتضي أنه لا نقل في المسألة، وليس كذلك؛ ففي "المهمات" عن القاضي أبي الطيب اعتبار القرابة، وعن الماوردي والبغوي وغيرهما اعتبار الإرث (7).
1325 -
قوله: (ولو صام أجنبي بإذن الولي .. صح)(8) كذا لو صام بوصية ممن عليه الصوم، كما صرح به الرافعي في (الوصية)(9)، ولا يخفى تفريع الأمرين على القول القديم، وتناول هذا ما لو صام عنه ثلاثون إنساناً في يوم واحد عن جميع رمضان، قال النووي: ولم أر لأصحابنا فيه كلاماً، وذكر البخاري في "صحيحه" عن الحسن: أنه يجزئه، قال: وهو الظاهر (10).
1326 -
قوله: (ولو مات وعليه صلاةٌ أو اعتكافٌ .. لم يُفْعَلْ عنه ولا فدية، وفي الاعتكاف قول)(11) لم يبين حقيقة هذا القول، هل هو في فعله عنه أو في الفدية؛ وهو مختلف فيه، قال الرافعي: نقل البويطي أن الشافعي قال: يعتكف عنه وليّه، وفي رواية: يطعم عنه، وقال البغوي: لا يبعد تخريجه في الصلاة؛ فيُطعم لكل صلاة مدّ، وقال الجويني: كل يوم وليلة في الاعتكاف يُقابل بمُدٍّ، واستشكله الإمام بأن كل لحظةٍ عبادة تامة (12)، ونقل النووي عن القاضي عياض وأصحابنا الإجماع أنه لا يصلي عنه (13)، لكن الرافعي في (الوصية) أشار إلى وجه
(1) الروضة (2/ 382).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 184).
(3)
انظر "مشكل الوسيط"(2/ 552).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(4/ 62)
(5)
انظر "فتح العزيز"(3/ 237).
(6)
انظر "الروضة"(2/ 381).
(7)
انظر "الحاوي الكبير"(3/ 453)، و"التهذيب"(3/ 180).
(8)
انظر "المنهاج"(ص 184).
(9)
انظر "فتح العزيز"(7/ 130).
(10)
انظر "المجموع"(6/ 394)، وصحيح البخاري (كتاب الصوم)، (باب من مات وعليه صوم)(2/ 690)
(11)
انظر "المنهاج"(ص 184).
(12)
انظر "فتح العزيز"(3/ 238)، و"نهاية المطلب"(4/ 122)، و"التهذيب"(3/ 182).
(13)
انظر "المجموع"(6/ 394).
فيه (1)، واختار الجواز ابن أبي عصرون والسبكي.
1327 -
قوله: (والأظهر: وجوب المُدّ على من أفطر لِلْكِبَرِ)(2) في معناه: المريض الذي لا يرجى برؤه، وقد ذكره "التنبيه"(3)، فلو قدر بعد ذلك على الصوم .. فكالمَعْضُوب في الحج، ولو قَدَرَ الهرم بعد ذلك .. لم يلزمه القضاء، كما نقله في "التهذيب"، وقاله أيضاً القاضي الحسين والخوارزمي، وقال البغوي من عند نفسه: إن قَدَرَ قبل الفدية .. صام، أو بعدها .. احتمل وجهين (4)، ونقل صاحب "التتمة" وآخرون خلافاً في أنه هل خوطب بالصوم ثم انتقل بالعجز إلى الفداء، أم خوطب بالفداء ابتداء؟ وصحح في "شرح المهذب": الأول (5)، وفي "الكفاية": الثاني.
1328 -
قول "التنبيه"[ص 66]: (وإن خافتا - أي: الحامل والمرضع - على ولديهما .. أفطرتا وعليهما القضاء، وفي الفدية ثلالة أقوال، أحدها: أنه يجب عليهما عن كل يوم مدّ من الطعام) هو الأظهر، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(6)، وتعبيرهما بالولد أحسن من تعبير "التنبيه" بولديهما؛ لأن المتبرعة كالأم وإن لم تتعين، ذكره في "الروضة"(7)، وكذا صحح النووي: أن المستأجرة لو خافت على الولد المستأجرة لإرضاعه .. أفطرت ووجبت الفدية، وهل الفدية عليها أم على المستأجر؛ فيه احتمالان للقاضي الحسين؛ كدم التمتع، قال في "شرح المهذب": ولعل الأصح: أنها عليها، بخلاف دم التمتع؛ فإنه على المستأجر في الأصح؛ لأن الأول من تتمة إيصال المنفعة الواجبة، بخلاف دم التمتع؛ فإنه من تمام الحج الواجب عليه (8)، وقال شيخنا الإمام البلقيني: لا يتخرج على الوجهين المذكورين؛ لأن العبادة هناك وقعت للمستأجر، وأما هنا: فإن العبادة إنما تقع لها، فتكون الفدية عليها جزماً.
1329 -
قول "المنهاج" - والعبارة له - و"الحاوي": (والأصح: أنه يُلْحَقُ بالمرضع من أفطر لإنقاذ مشرفي على هلاكٍ)(9) أي: إذا لم يمكنه تخليصه إلا بالفطر، ويجب الفطر، صرح به
(1) انظر "فتح العزيز"(7/ 131).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 184).
(3)
التنبيه (ص 65).
(4)
التهذيب (3/ 172).
(5)
المجموع (6/ 257)، ونصه:(الأصح: أنه يخاطب بالفدية ابتداءً) فيكون المصحح هو الثاني وليس الأول كما قال المصنف.
(6)
الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 184).
(7)
الروضة (2/ 383).
(8)
المجموع (6/ 268).
(9)
الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 184).