الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الصَّلاة
367 -
كان ينبغي لـ" المنهاج " أن يقول عقبه:
(باب
مواقيت الصلاة) كما فعل " التنبيه ".
368 -
قول " التنبيه " في وقت الظهر [ص 24]: (وآخره: إذا صار ظل كل شيء مثله) أي: سوى ظل استواء الشمس، كما صرح به " المنهاج "(1)، وهو مفهوم من قول " الحاوي " [ص 149]:(وقت الظهر: بين الزوال وزيادة الظل مثله) فإنه يدل على أن المعتبر: الظل الزائد على ظل الاستواء، فلا عبرة بظل الاستواء، ولم يذكروا للظهر وقت اختيار، وهو: ما بعد الفضيلة إلى آخر الوقت.
وقال القاضي: وقته: إذا صار الظل مثل نصفه.
369 -
قول " التنبيه "[ص 24]: (والعصر، وأول وقته: إذا صار ظل كل شيء مثله وزاد عليه أدنى زيادة) قال في " الكفاية ": (ظاهره مع ما تقدم: أن هذه الزيادة فاصلة بين الوقتين، وهو وجه) انتهى.
وهذا الوجه يرد على قول " الروضة ": (وأما العصر: فيدخل وقتها بخروج وقت الظهر بلا خلاف) انتهى (2).
وعبارة الشافعي رضي الله عنه كعبارة الشيخ (3)، فقيل: هذه الزيادة فاصلة بين الوقتين، وقيل: هي من وقت الظهر.
وحمل النص على أن وقتها لا يكاد يعرف انقضاؤه إلا بها، وقيل: إنها من وقت العصر، وهو الأصح؛ ولذلك لم يذكر هذه الزيادة " المنهاج " و" الحاوي ".
370 -
قول " التنبيه "[ص 24]: (وآخره: إذا صار ظل كل شئ مثليه، ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الجواز إلى الغروب) يوهم السامع أولاً أنه لا يمتد إلى الغروب، وكذا كلامه في وقت العشاء والصبح، فلو ذكر وقت الجواز أولاً ثم الوقت المختار .. لزال هذا التوهم؛ كما قال " المنهاج " [ص 90]:(ويبقى حتى تغرب، والاختيار: ألا تؤخر عن مصير الظل مثلين)، وبنحوه عبر " الحاوي "(4)، وقد أطلقوا أن من مصير الظل مثليه إلى الغروب وقت جواز، وهو قسمان:
جواز بلا كراهة إلى الاصفرار، وبكراهة إلى الغروب.
(1) المنهاج (ص 90).
(2)
الروضة (1/ 180).
(3)
انظر " الأم "(1/ 73).
(4)
الحاوي (ص 149).
371 -
قول " التنبيه " في المغرب [ص 24، 26]: (ولا وقت لها إلا وقت واحد في أظهر القولين، وهو بمقدار ما يتوضأ ويستر العورة ويؤذن ويقيم) فيه أمور:
أحدها: ما صححه من تضييق وقت المغرب مشى عليه " الحاوي "(1)، وحكاه النووي في " شرح المهذب " عن الجمهور، لكنه رجح مقابله، وهو: امتداده إلى مغيب الشفق الأحمر، فقال فيه: إنه الصحيح (2)، وفي " الروضة ": إنه الصواب (3)، وفي " التحقيق " و" التصحيح ": إنه المختار (4)، وفي " المنهاج " [ص 90]:(إنه أظهر)، لكنه جعله قديماً مع أنه ليس قديماً محضاً؛ لأن الشافعي في " الإملاء " -وهو من الجديد- علق القول به على ثبوت الحديث، وقد ثبتت فيه أحاديث عديدة (5).
ثانيها: التعبير بالوضوء عبر به " المنهاج " و" الحاوي " أيضاً (6)، وفي " النهاية " و" شرح المهذب " التعبير بالطهارة (7)، وهو شامل للغسل والتيمم وإزالة النجاسة.
ثالثها: التعبير بستر العورة عبر به " المنهاج " أيضاً (8)، وفي " الحاوي " [ص 149]:(وستر) ولم يقيد ذلك بالعورة، فالظاهر: أنه محمول على عبارتهما، وقد يقال: أراد: ستر البدن مطلقاً؛ فإنه مطلوب في الصلاة، وقد عبر الماوردي في " الإقناع " وسليم في " المجرد " والشيخ نصر في " المقصود " بلبس الثياب (9)، واستحسنه شيخنا في " المهمات " لتناوله التعمم والتقمص والارتداء ونحوها؛ فإنه مستحب للصلاة.
رابعها: اعتبر "المنهاج " و" الحاوي " مع ذلك قدر خمس ركعات (10)؛ أي: الفرض وركعتان بعده، وقد صحح النووي: استحباب ركعتين قبل المغرب (11)، فينبغي اعتبار سبع لا خمس.
خامسها: يعتبر مع ما ذكروه: أكل لقم يكسر بها حدة الجوع، قاله الرافعي (12)، وقال النووي
(1) الحاوي (ص 149).
(2)
المجموع (3/ 33).
(3)
الروضة (1/ 181).
(4)
التحقيق (ص 161)، التصحيح (1/ 110).
(5)
منها ما رواه مسلم في " صحيحه "(612): عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ".
(6)
الحاوي (ص 149)، المنهاج (ص 90).
(7)
نهاية المطلب (2/ 16)، المجموع (3/ 35).
(8)
المنهاج (ص 90).
(9)
الإقناع (ص 34).
(10)
الحاوي (ص 149)، المنهاج (ص 90).
(11)
انظر " المجموع "(3/ 35).
(12)
انظر " فتح العزيز "(1/ 371).
في " شرح المهذب ": (الصواب: أنه لا ينحصر الجواز في أكل لقم؛ ففي " الصحيحين ": " إذا قدم العشاء .. فابدأوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم ")(1).
وقال شيخنا في " المهمات ": (المتجه: اعتبار الاجتهاد في القبلة، لكونه شرطاً، قال: وفي اعتبار مدة المضي للجماعة نظر).
سادسها: المعتبر في الركعات: الوسط المعتدل، قاله الرافعي (2)، وقال القفال: يعتبر في حق كل إنسان الوسط من فعل نفسه، واستحسنه في " المهمات "، وقال: إنه يصلح أن يكون شرحاً لكلام الرافعي، فليحمل عليه.
سابعها: قوى في " شرح المهذب ": الأخذ بالعرف في خروج وقت المغرب (3).
372 -
قولهما: (وله أن يستديمها إلى أن يغيب الشفق)(4) هذا شيء اختصت به المغرب، فلها وقت ابتداء ووقت استدامة، فله المد ولو حكمنا بخروج الوقت، ولا يتخرج على الخلاف في الإتيان ببعض الصلاة في الوقت وبعضها خارجه، ولو مد إلى ما بعد مغيب الشفق .. خرج على الخلاف فيما لو مد غيرها حتى خرج الوقت، فيجوز على الأصح بلا كراهة.
372 -
قولهم: (إن وقت العشاء: بمغيب الشفق)(5) يستثنى: بلاد لا يغيب فيها الشفق؛ لقصر الليل فيها، فوقت عشائهم: أن يمضي بعد الغروب زمن يغيب فيه شفق أقرب البلاد إليهم.
373 -
قول " التنبيه "[ص 26]: (وآخره: إذا ذهب ثلث الليل في أحد القولين، ونصفه في الآخر) الأول هو الأصح في " المنهاج " وسائر كتب الرافعي والنووي (6)، إلا في " شرح مسلم " فإنه صحح: امتداده إلى النصف (7).
374 -
قولهم: (إن وقت الجواز إلى الفجر)(8) أي: مع كراهة، كما صرح به الروياني في "البحر"(9).
375 -
قول " المنهاج "[ص 90]: (والصبح: بالفجر الصادق) تقييده هنا بالصادق وإهماله في
(1) المجموع (3/ 35)، وانظر " البخاري "(641)، و" مسلم "(557).
(2)
انظر " فتح العزيز "(1/ 371).
(3)
المجموع (3/ 35).
(4)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" المنهاج "(ص 90).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" الحاوي "(ص 149)، و" المنهاج "(ص 90).
(6)
المنهاج (ص 90)، وانظر " فتح العزيز "(1/ 372)، و" المحرر "(ص 25)، و" المجموع "(3/ 41)، و" الروضة "(1/ 182)، و" التحقيق "(ص 162).
(7)
شرح مسلم (5/ 116).
(8)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" الحاوي "(ص 149)، و" المنهاج "(ص 90).
(9)
بحر المذهب (2/ 22).
خروج وقت العشاء قد يفهم أنه لا يعتبر هذا الوصف هناك، وليس كذلك، بل وقت العشاء إنما يخرج بالصادق الذي يدخل به وقت الصبح، فلو عكس فوصفه به أولاً وأطلقه ثانياً بلام العهد ليعود إليه .. لكان أولى، وقد وصفه به " الحاوي " أولاً (1)، وقال " التنبيه " في الموضعين [ص 26]:(الفجر الثاني).
376 -
قولهم: (إن وقت الجواز إلى طلوع الشمس)(2) أي: بلا كراهة إلى الحمرة، وبكراهة إلى الطلوع.
377 -
قولهما: (يكره أن يقال للعشاء: عتمة)(3) كذا جزم بكراهته أيضاً في زيادة " الروضة " و" التحقيق "(4)، وحكى في " شرح المهذب " عن المحققين: أنه خلاف المستحب (5).
378 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (يكره الحديث بعدها) أي: بعد فعلها، وذلك يشمل: ما إذا جمعها تقديمًا مع المغرب.
قال شيخنا شهاب الدين بن النقيب: (ولم أره مصرحاً به نقلاً، قال: ومفهومه: أنه لا يكره قبل فعلها وإن كثر، وفيه نظر، ولو قيل: إنه بالكراهة أولى؛ لزيادة المحذور بتأخير العشاء على القول بأفضلية التقديم .. لكان له وجه ظاهر) انتهى.
379 -
قوله: (إلا في خير)(6) ويستثنى أيضاً: الحاجة، ذكره في " الروضة "(7).
380 -
قولهم: (إن الأفضل: تقديم الصلاة في أول الوقت، إلا في الإبراد بالظهر بشروطه)(8) يستثنى مع ذلك مسائل أخر:
الأولى: المقيم بمنى يندب له تأخير الظهر وتقديم الرمي عليه، حكاه في " شرح المهذب " في بابه عن نص الشافعي واتفاق الأصحاب (9).
الثانية: المسافر إذا كان سائراً وقت الأولى، فإن تأخيرها إلى الثانية أفضل، وقد ذكرها " التنبيه " و" المنهاج " في بابها (10).
(1) الحاوي (ص 149).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" الحاوي "(ص 149)، و" المنهاج "(ص 90).
(3)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" المنهاج "(ص 91).
(4)
الروضة (1/ 182)، التحقيق (ص 162).
(5)
المجموع (3/ 43).
(6)
انظر " المنهاج "(ص 91).
(7)
الروضة (1/ 182).
(8)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" الحاوي "(ص 149، 150)، و" المنهاج "(ص 91).
(9)
المجموع (8/ 169).
(10)
التنبيه (ص 41)، المنهاج (ص 130).
الثالثة: من يدافعه الحدث، أو حضره طعام يتوق إليه، وغير ذلك من الأعذار المذكورة في الجماعة .. فالأفضل: التأخير؛ ليزول العذر.
الرابعة: إذا تيقن الماء آخر الوقت.
الخامسة: إذا تيقن السترة آخره، وقد ذكرهما " الحاوي " في التيمم (1)، وذكر " التنبيه " و" المنهاج " مسألة الماء فقط (2).
السادسة: المريض الذي لا يقدر على القيام أول الوقت ويعلم قدرته عليه آخره.
السابعة: المستحاضة ذات التقطع ترجو انقطاعه آخر الوقت.
الثامنة: المنفرد الذي يعلم حضور الجماعة آخر الوقت إذا قلنا باستحباب التأخير له.
التاسعة: إذا كان يوم غيم .. فيستحب له أن يؤخر الصلاة حتى يتيقن الوقت، أو لا يبقى إلا وقت لو أخر عنه أمكن خروج الوقت، كما حكاه النووي في " شرح المهذب " عن الأصحاب (3).
العاشرة: الواقف بعرفة يستحب له تأخير المغرب؛ ليجمعها مع العشاء وإن كان وقت الأولى نازلاً. الحادية عشر: المعذور في ترك الجمعة يستحب له تأخير الظهر إلى اليأس من الجمعة إذا أمكن زوال عذره، وقد ذكرها الثلاثة في بابها (4)، وأورد في " الكفاية " على " التنبيه ": أن ظاهره: أنه لو شرع فيها أوله واستدام حتى سلم في آخره .. لم يكن مستحباً، قال القاضي: ولا خلاف أنه مستحب، ومثله: قول " المنهاج "[ص 91]: (ويسن تعجيل الصلاة لأول الوقت) وكلامهما محمول على أن المراد: تقديم ابتدائها والتعجيل به، لا جميعها، ولا يرد ذلك على " الحاوي " لأنه بين أن التعجيل الذي استحبه هو: أن يشتغل بأسباب الصلاة كما دخل الوقت (5).
381 -
قول " الحاوي "[ص 149]: (بأن يشتغل بأسباب الصلاة كما دخل الوقت)، قال صاحب " الذخائر ": وكذا لو اشتغل بالأسباب قبل الوقت وأخر الصلاة بعده بقدر الأسباب .. فإنه ينال الفضيلة أيضاً.
382 -
قول " التنبيه "[ص 26]: (إلا الظهر في الحر لمن يمضي إلى جماعة) المعتبر: شدة الحر، كما عبر به " المنهاج " و" الحاوي "(6)، وقد عبر به في " المهذب "(7)، وعبر عنه شيخنا
(1) الحاوي (ص 136).
(2)
التنبيه (ص 21)، المنهاج (ص 82).
(3)
المجموع (3/ 61).
(4)
انظر " التنبيه "(ص 43)، و" الحاوي "(ص 191)، و" المنهاج "(ص 132).
(5)
انظر " الحاوي "(ص 148).
(6)
الحاوي (ص 150)، المنهاج (ص 91).
(7)
المهذب (1/ 53).
الإسنوي في " تصحيحه ": بالصواب (1)، فاقتضى أنه لا خلاف فيه، قال في " المنهاج " [ص 91]:(والأصح: اختصاصه ببلد حار، وجماعة مسجد يقصدونه من بُعْدٍ) وكذا قال " الحاوي "[ص 150]: (بقطر حار لطالب الجماعة في المسجد يأتي الناس من بُعْدٍ) فزاد: اشتراط بلد حار، والقصد من بُعْدٍ.
ولفظ المسجد في كلامهما خرج مخرج الغالب، والمراد: موضع الاجتماع للصلاة، فتعبير " التنبيه " بالمضي إلى جماعة أحسن؛ لعمومه.
وأفهم بقوله: (يمضي) نفي استحبابه لمن يصلي في بيته ولو في جماعة، وكذا أفهمه قول " المنهاج ":(وجماعة مسجد)، وقول " الحاوي ": الطالب الجماعة في مسجد).
ويشترط أيضاً: ألا يكون له كنّ يمشي فيه، وقد أهمله " المنهاج " و" الحاوي " أيضاً.
وأجيب: بأنه يفهم من اعتبار شدة الحر، ورجح السبكي: عدم اختصاصه بالبلد الحار، وقال: شدة الحر كافية، وعبارة " الروضة ":(ولو قربت منازلهم من المسجد أو حضر جماعة في موضع لا يأتيهم غيرهم .. لا يبردون على الأظهر)(2) فجعل الخلاف في هذه قولين.
383 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (ومن جهل الوقت .. اجتهد بِوِرْدٍ ونحوه)، وقول " الحاوي " [ص 150]:(وتحرى الوقت) محل الاجتهاد: ما إذا لم يخبره ثقة عن علم، فإن أخبره عن علم بمشاهدة؛ كقوله: رأيت الفجر طالعاً أو الشمس غاربة .. لزمه قبوله ولا يجتهد، وقد صرح به " التنبيه "، فقال [ص 26]:(ومن شك في دخول الوقت فأخبره ثقة عن علم .. عمل بقوله ولم يجتهد) وقد يقال: لا يرد ذلك على " المنهاج " لأنه متى أخبره ثقة عن علم .. فهو غير جاهل بالوقت، ومقتضى كلام " التنبيه " العمل بقول المخبر عن علم ولو أمكنه هو العلم، وهذا مقتضى كلام " شرح المهذب " فإن فيه: أنه لو كان في ظلمة وأمكنه الخروج ورؤية الشمس .. فالصحيح: جواز الاجتهاد (3)، لكن صرحوا في القبلة بأنه لا يعتمد الخبر عن علم إلا إذا تعذر علمه (4)، فيحتاج إلى الفرق بينهما، وقد يفرق بتكرر الأوقات فيعسر العلم كل وقت، بخلاف القبلة؛ فإنه إذا علم عينها مرة واحدة .. اكتفى به بقية عمره ما دام مقيماً بمكة، فلا عسر.
وفي " الكفاية " عن الماوردي: أنه متى أمكنه العلم .. لا يعمل بقول المخبر عن علم (5).
ومقتضى كلام " المنهاج ": تحتم الاجتهاد ومنع التقليد.
(1) تذكرة النبيه (2/ 450).
(2)
الروضة (1/ 184)
(3)
المجموع (79/ 3).
(4)
انظر " التنبيه "(ص 29)، و" الحاوي "(ص 157)، و" المنهاج "(ص 95).
(5)
انظر " الحاوي الكبير "(2/ 87).
وصرح به " التنبيه " بقوله [ص 26]: (وإن أخبره عن اجتهاد .. لم يقلده) ويستثنى من ذلك: الأعمى، والبصير العاجز عن الاجتهاد، فلهما تقليد من أخبرهما عن اجتهاد، وقد استدركه في " التصحيح "، فقال:(والأصح: أن للأعمى والبصير العاجز عن الاجتهاد في الوقت تقليد من أخبر عنه باجتهاد)(1) أي: للأعمى وإن أمكنه الاجتهاد، والبصير بشرط العجز.
وقد صرح " الحاوي " بمسألة الأعمى، فقال [ص 150]:(والأعمى تحرى أو قلد) وترد عليه مسألة البصير العاجز كما ترد على " التنبيه " و" المنهاج ".
وأجيب عنهم: بأنها مفهومة من قولهم: (يجتهد)(2) فإنه لا يجتهد إلا القادر، وإذا لم يجتهد .. لم يبقى إلا التقليد، ويرد عليهم جميعاً: ما صححه النووي: من أن للبصير تقليد المؤذن الثقة البصير العارف بالوقت صحواً وغيماً (3)، وصحح الرافعي: أنه يقلده في الصحو دون الغيم (4)، ولا شك أنه يوم الصحو مشاهد، فهو مخبر عن علم، والأخذ بقوله ليس تقليداً، فلا إيراد عليهم على تصحيح الرافعي، وذكر القاضي حسين والمتولي: أنه يجوز أن يعتمد على صياح الديك المجرب إصابته.
384 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (فإن تيقن صلاته قبل الوقت .. قضى في الأظهر) محلهما: إذا لم يعلم إلا بعد خروج الوقت، أما إذا أدرك الوقت .. صلاها فيه أداء جزماً، وقوله:(في الأظهر) كذا في " التحقيق "(5)، وعبر في " الروضة " بالمشهور (6).
385 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (ويبادر بالفائت) أي: ندباً على الصحيح إن فاتت بعذر، وحتماً على الأصح إن فاتت بغير عذر، ولذلك قال " الحاوي " في تارك الصلاة بنوم أو نسيان [ص 200]:(قضى موسعاً)، وقول " التنبيه " [ص 26]:(وقيل: إن فاتت بغير عذر .. لزمه قضاؤها على الفور) هو الأصح.
386 -
قولهما- والعبارة ل " التنبيه "-: (والأولى: أن يقضيهما مرتباً، إلا أن يخشى فوات الحاضرة .. فيلزمه البداة بها)(7) كذا عبر الرافعي أيضاً بالفوات (8)، وظاهره: أنه لو كان إذا قدم
(1) تصحيح التنبيه (1/ 112).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" الحاوي "(ص 156)، و" المنهاج "(ص 91).
(3)
انظر " المجموع "(3/ 79).
(4)
انظر " فتح العزيز "(1/ 382).
(5)
التحقيق (ص 165).
(6)
الروضة (1/ 186).
(7)
انظر " التنبيه "(ص 26)، و" المنهاج "(ص 91).
(8)
انظر " فتح العزيز "(1/ 544).
الفائتة أدرك من الحاضرة ركعة في الوقت، وقلنا بالأصح: إن الكل أداء .. يقدم الفائتة، وقد صرح به ابن الرفعة، وفيه نظر؛ لأنهم: قالوا يحرم إخراج جزء من الصلاة عن الوقت على المذهب وإن كان الكل أداء، واعتبر في " الروضة " ضيق وقت الحاضرة لا خشية فواتها (1)، وهو أحسن؛ فإنه متى كان لو قدم الفائتة خرج جزء من الحاضرة عن الوقت وإن قل .. فقد ضاق وقت الحاضرة، واستثنى ابن يونس في " النبيه " من تقديم الأولى: أن تقام الحاضرة جماعة فيقدمها على الأولى، وسبقه إلى ذلك البغوي في " فتاويه "، والغزالي في " الإحياء "(2)، ونقله الروياني عن والده، وأنه قال: يستحب له إعادة الحاضرة خروجاً من الخلاف (3)، وذكر في " الروضة " من زيادته: أنه يرتب أيضاً، ويصليها منفرداً، وعلله: بأن الترتيب مختلف فيه، والقضاء قبل الأداء مختلف في جوازه .. فاستحب الخروج من الخلاف (4).
387 -
قولهم: (وتكره الصلاة في الأوقات المعروفة)(5) هي كراهة تحريم، كما نص عليه الشافعي في " الرسالة "(6)، نقله في " المهمات "، وهو الأصح في " الروضة "، و" شرحي المهذب والوسيط "(7)، وصحح في " التحقيق ": أنها كراهة تنزيه، وكذا في (الطهارة) من " شرح المهذب "(8)، وذكر في " الحاوي ": أنها تبطل؛ أي: لا تنعقد (9).
وظاهره: عدم انعقادها ولو قيل بكراهة التنزيه، وهو الذي في " شرح الوسيط " تبعاً لابن الصلاح (10)، واستشكله شيخنا في " المهمات " وغيره: بأنه كيف يباح الإقدام على ما لا ينعقد؟ وهو تلاعب، ولا إشكال فيه؛ لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة .. يضاد الصحة؛ كنهي التحريم، كما هو مقرر في الأصول.
وحاصله: أن المكروه لا يدخل تحت مطلق الأمر، وإلا .. يلزم كون الشيء مطلوباً منهياً، ولا يصح إلا ما كان مطلوباً.
وقد عد " المنهاج " الأوقات ثلاثة: عند الاستواء، وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس، وبعد
(1) الروضة (1/ 269).
(2)
إحياء علوم الدين (1/ 190).
(3)
انظر " بحر المذهب "(2/ 116).
(4)
الروضة (1/ 270).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 37)، و" الحاوي "(ص 151)، و" المنهاج "(ص 91).
(6)
الرسالة (ص 318).
(7)
الروضة (1/ 194)، المجموع (4/ 159)، شرح الوسيط (2/ 33).
(8)
التحقيق (ص 255)، المجموع (1/ 134).
(9)
الحاوي (ق 8).
(10)
شرح الوسيط (2/ 39)، وانظر " مشكل الوسيط "(2/ 40).
العصر حتى تغرب (1)، وعدها في " التنبيه " و" الحاوي " خمسة، وعليه مشى الأكثرون ومنهم الرافعي حتى في " المحرر ": بعد الصبح، وبعد العصر، وعند الطلوع إلى الارتفاع، والاصفرار إلى الغروب، والاستواء (2).
وقال في " شرح المهذب ": (إن عدها خمسة أجود؛ لأن من لم يصل الصبحَ حتى طلعت الشمس، أو العصرَ حتى غربت (3) .. يكره له التنفل) (4).
وهذا لا يفهم من عدها ثلاثة، وعدها الدارمي سبعة، فزاد اثنين فيهما وجهان، وهما: بعد طلوع الفجر إلى صلاته، وبعد الغروب إلى صلاتها.
388 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (وبعد الصبح والعصر) أحسن منه قول " التنبيه "[ص 37]: (بعد صلاة الصبح وصلاة العصر) وأحسن منهما قول " الحاوي "[ص 152]: (بعد فرض الصبح والعصر) وهذا مرادهما، وحينئذ .. فقد تناول إطلاقهم ما إذا صلى العصر في وقت الظهر جمعًا .. فإنه يكره النفل بعدها، كما حكاه البندنيجي عن نص الشافعي والأصحاب، كما في " الكفاية " في (باب صلاة المسافر)، ولا اعتبار بفتيا العماد ابن يونس: أن له التنفل في هذه الصورة، والظن به أنه لو رأى هذا النقل .. لم يُفْتِ بذلك.
389 -
قولهما: (ولا يكره فيها ما له سبب)(5) أي: متقدم أو مقارن، فإن تأخر؛ كالإحرام، والاستخارة .. فيكره في الأصح.
ومقابله قوي، كما في " شرح المهذب "(6)، وقد صرح في " الحاوي " بمسألة الإحرام، فقال [ص 151]:(وتكره صلاة لا سبب لها؛ كالإحرام) فمثل بها لما لا سبب له، وكأن مراده: لا سبب لها موجود؛ فإن ركعتي الإحرام لهما سبب ولكن لم يوجد إلى الآن.
390 -
قول " المنهاج " في أمثلة ما له سبب [ص 91]: (وتحية) أي: إن دخل لا يقصدها، فإن دخل ليصلي التحية فقط .. فالأصح: المنع، قال الرافعي:(كما لو تعمد تأخير الفائتة ليقضيها في هذه الأوقات) انتهى (7).
فيستثنى هذا من الفوائت أيضاً، وهاتان الصورتان تردان أيضاً على إطلاق " التنبيه "
(1) المنهاج (ص 91).
(2)
التنبيه (ص 37)، الحاوي (ص 151)، فتح العزيز (1/ 395)، المحرر (ص 27).
(3)
كذا في النسخ، والذي في " المجموع ":(حتى اصفرت)، ولعله الصواب، والله أعلم.
(4)
المجموع (4/ 151).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 37)، و" المنهاج "(ص 91).
(6)
المجموع (4/ 153، 154).
(7)
انظر " فتح العزيز "(1/ 397).