الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب سجود التِّلاوة
631 -
قول "الحاوي"[ص 171]: (لا في "ص") أي: ليست من العزائم، فلا يسجد فيها في الصلاة، ويستحب السجود فيها في غير الصلاة، وقد صرح به "المنهاج"(1)، وهو مفهوم قول "التنبيه" [ص 35]:(فإن قرأها في صلاة .. لم يسجد، وقيل: يسجد)، وقال في "التصحيح":(الأصح: بطلان صلاة من سجد في صلاته لقراءة "ص")(2) فأفهم أن هذا استدراك عليه، وليس كذلك، بل هو فرع مرتب على ما ذكره، فبطلان الصلاة بالسجود فيها يترتب على منعه، وعدم البطلان يترتب على جوازه، وكذلك "المنهاج" لم يتعرض للبطلان، وإنَّما ذكر التحريم فقط، فقال:(وتحرم فيها في الأصح)(3)، فهي كعبارة "التنبيه".
632 -
قولهم: (تسن للقارئ والمستمع)(4) فيه أمور:
أحدها: أنَّه يدخل فيه مستمع قراءة الجنب والسكران، وفي "فتاوى القاضي الحسين": أنَّه لا يسجد لسماع قراءتهما خلافًا لأبي حنيفة، وقال في "الروضة": تسن للمستمع إلى قراءة المحدث والصبي والكافر على الأصح (5).
ثانيها: أنَّه يدخل فيه القارئ أو السامع أول دخوله المسجد قبل أن يصلي التحية، قال السبكي: ولم أرها منقولة، والأقرب: أنَّه يسجد، لكن هل يكون ذلك عذرًا في عدم فوات التحية حتَّى يصليها بعد السجود أو تفوت؟ فيه نظر. انتهى.
ثاللها: أن لفظ المستمع يخرج السامع، والأصح: استحبابها له، وقد صرح به "المنهاج"(6)، لكن في "الروضة": لا يتأكد له تأكدها للمستمع (7).
رابعها: يستثنى من كلامهم: ما لو قرأها المصلي في غير محل القراءة؛ كالركوع والسجود .. فلا يسجد.
خامسها: ويستثنى أيضًا: ما لو قرأ آية أو آيتين فيهما سجدة لغرض السجود فقط، وكان ذلك في الصلاة أو في وقت الكراهة .. فقال النووي: مقتضى مذهبنا: أن فيه الوجهين فيمن دخل
(1) المنهاج (ص 113).
(2)
تصحيح التنبيه (1/ 135).
(3)
المنهاج (ص 113).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 35)، و"الحاوي"(ص 171)، و"المنهاج"(ص 113).
(5)
الروضة (1/ 319).
(6)
المنهاج (ص 113).
(7)
الروضة (1/ 320).
المسجد في هذه الأوقات لا لغرض سوى صلاة التحية، والأصح: أنَّه يكره له الصلاة (1)، ونازعه شيخنا الإمام سراج الدين البلقيني فيما إذا كان في الصلاة، وقال: لا نهي في قارئ السجدة في الصلاة ليسجد. انتهى. وقال القاضي حسين: لا يستحب له جمع آيات السجود وقراءتها دفعة واحدة من أجل السجود. انتهى.
وذلك يقتضي جوازه، ومنعه الشيخ عَزَّ الدين بنُ عبدِ السلام، وأفتى ببطلان الصلاة.
ويختص "التنبيه" بأنه يستثنى من قوله: (المستمع): المأموم إذا لم يسجد إمامه، والمصلي إذا استمع قارئًا خارج الصلاة، ولا يرد على "المنهاج" لتصريحه به بقوله [ص 113]:(وإن قرأ في الصلاة .. سجد الإمام والمنفرد لقراءته فقط، والمأموم لسجدة إمامه) ولا "الحاوي" لقوله [ص 171]: (لغير المأموم لقراءته) وغير المأموم هو الإمام والمنفرد، وفهم منه أن المأموم لا يسجد لقراءة نفسه، وقد علم من خارج أنَّه يسجد لسجود إمامه.
633 -
قول "المنهاج"[ص 113]: (فإن سجد إمامه فتخلف، أو انعكس .. بطلت صلاته) هذا مع استمراره مأمومًا، فإن أخرج نفسه من الجماعة لأجل السجدة .. فهل هي مفارقة بعذر أم بغيره؟ مقتضى ما في "شرح المهذب": أنَّها بعذر (2).
634 -
قوله: (وتكبيرة الإحرام شرط على الصحيح)(3) فيه أمور:
أحدها: أنَّه عبر في "الروضة" بالأصح (4).
ثانيها: أن تعبيره بالشرط تساهل، وإنما هي ركن.
ثالثها: أنَّه لم يذكر مع ذلك النية مع قوله أولًا: (نوى) فلو عبر بـ (التحرم) كما فعل "الحاوي" .. لتناولهما، ولم يذكر "التنبيه" النية بالكلية.
635 -
قول "التنبيه"[ص 35]: (وقيل: يتشهد ويسلم، وقيل: يسلم ولا يتشهد، والمنصوص: أنَّه لا يتشهد ولا يسلم) والأصح: أنَّه يسلم ولا يتشهد، وقد ذكر "المنهاج" و"الحاوي" وجوب السلام (5)، وفهم عدم التشهد من سكوتهما عنه.
636 -
قول "الحاوي"[ص 171]: (ونُدب تكبير الهويِّ) وكذا تكبير الرفع، وقد صرح به "التنبيه" و"المنهاج"(6).
(1) انظر "الروضة"(1/ 324).
(2)
المجموع (4/ 69).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 113).
(4)
الروضة (1/ 321).
(5)
الحاوي (ص 171)، المنهاج (ص 113).
(6)
التنبيه (ص 35)، المنهاج (ص 113).
637 -
قول "الحاوي"[ص 171]: (ورفع اليدين) أي: في تكبيرة الإحرام فقط، وقد صرحا به (1)، ويستثنى من إطلاقهم سجود التلاوة في الصلاة: صلاة الجنازة؛ فإنه إذا قرأ فيها آية سجدة .. لا يسجد فيها قطعًا، ولا بعدها في الأصح.
638 -
قول "المنهاج"[ص 113]: (ويقول: "سجد وجهي للذي خلقه
…
" إلى آخره) قال في "الروضة": ولو قال ما يقوله في سجوده .. جاز (2)، وقال في "شرح المهذب": كان حسنًا (3)، وقد يفهم ذلك من كون "التنبيه" و"الحاوي" لم يذكرا لها ذكرًا مخصوصًا.
639 -
قول "المنهاج"[ص 114]: (ولو كرر آية في مجلسين .. سجد لكل، وكذا المجلس في الأصح) محله: إذا سجد للأولى ثم كرر الآية .. فيسجد ثانيًا، فلو كررها قبل السجود .. اقتصر على سجدة واحدة قطعًا، وقد يرد ذلك على قول "الحاوي" أيضًا [ص 171]:(ويُكَرِّرُ إن تَكَرَّرَ).
640 -
قول "المنهاج"[ص 114] و"الحاوي"[ص 171]: (وتسن سجدة الشكر لهجوم نعمة، أو اندفاع نقمة) وزاد في "المحرر": (من حيث لا يحتسب)(4)، وكذا في "الشرح" و"الروضة"(5)، وهو مفهوم من لفظ الهجوم فَذِكْرُهُ تأكيدٌ وإيضاح، وفي "التنبيه" [ص 35]:(ومن تجددت عنده نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة) فذكر بدل الهجوم الظهور، والظاهر: أنهما بمعنى واحد، والمقصود: الاحتراز من النعم المستمرة؛ كالعافية والإسلام والغنى عن الناس ونحوها، وبنى في "المهمات" على أن الظهور ليس بمعنى الهجوم، وقال: الصواب: عدم التقييد بالظهور؛ فإن عدم ظهور ذلك للناس لا أثر له فيما نحن فيه، وقوله:(استحب له أن يسجد شكرا لله تعالى)(6) زيادة إيضاح توهم وجوب الإضافة لله تعالى، وإلَّا .. فما الفرق بينها وبين كل ما سبق؟
641 -
قول "المنهاج"[ص 114] و"الحاوي"[ص 171]: (أو رؤية مبتلًى أو عاصٍ. ويظهرها للعاصي لا للمبتلى) فيه أمور:
أحدها: أنَّه يفهم أن رؤية المبتلى والعاصي لا تدخل في هجوم اندفاع النقمة، وهو الظاهر، وقد يدعى أن عبارة "التنبيه" تقتضي دخولها فيه؛ لكونه لم يفردها بالذكر.
ثانيها: لو شاركه في ذلك البلاء أو العصيان .. فهل يسجد؟ لم أر من تعرض له، وظاهر
(1) التنبيه (ص 35)، المنهاج (ص 113).
(2)
الروضة (1/ 322).
(3)
المجموع (4/ 74).
(4)
المحرر (ص 47).
(5)
فتح العزيز (2/ 114)، الروضة (1/ 324).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 35).
إطلاقهم يقتضي السجود، والمعنى يقتضي عدمه، فيستثنى حينئذ.
ثالثها: تعبير "الحاوي" بالفاسق أولى من تعبير "المنهاج" بالعاصي؛ لإطلاق المعصية على الصغيرة من غير إصرار، ولا يسجد عند رؤية مرتكبها.
رابعها: قيد في "الكفاية" الفاسق بالمتظاهر ناقلًا له عن الأصحاب، وهو ظاهر.
خامسها: في معنى الفاسق: الكافر، وبه صرح الروياني في "البحر"(1)، بل هو أولى بذلك.
سادسها: إنما يظهرها للفاسق إذا لم يخف ضررًا، فإن خاف .. أخفى، قاله في "شرح المهذب"(2).
سابعها: ذكر القاضي الحسين والفوراني وابن يونس في "شرح التعجيز" أنَّه يظهر للمبتلى إذا كان غير معذور؛ كالمقطوع في السرقة، وبحث في "المهمات" أن المقطوع إن تاب فالسجود على البلية الحاضرة .. فلا يظهر، وإن لم يتب .. سجد وأظهر.
ثامنها: هل يظهرها للفاسق المجاهر المبتلى فى بدنه بما هو معذور فيه؟ يحتمل الاظهار؛ لأنه أحق بالزجر، والإخفاء؛ لئلا يفهم أنَّه على الابتلاء، فينكسر قلبه، ويحتمل أنَّه يظهر ويبين له السبب، وهو الفسق، ولم أر فى ذلك نقلًا.
تاسعها: يرد على التعبير بالرؤية: أنَّه لو حضر المبتلى، أو العاصي في ظلمة، أو عند أعمى، أو سمع سامع صوتهما ولم يحضرا عنده .. فالمتجه كما قال في "المهمات": استحباب السجود أيضًا.
عاشرها: لم يذكر الإظهار في السجود لهجوم نعمة، أو اندفاع نقمة، وفي "الشرح" و"الروضة": إظهارها إذا لم تتعلق النعمة أو البلية بالغير (3)، وقال ابن يونس في "شرح التعجيز": عندي أنَّه لا يظهر السجود لتجدد الثروة بحضور الفقير؛ لما فيه من الانكسار، واستحسنه في "المهمات"، وهو موافق لما تقدم.
642 -
قول "التنبيه"[ص 35]: (وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل في استقبال القبلة وسائر الشروط) كذلك سجود الشكر، ولم يذكر "الحاوي" ذلك أيضًا في سجود الشكر، وصرح به "المنهال" فيهما (4).
(1) بحر المذهب (2/ 306، 307).
(2)
المجموع (4/ 77).
(3)
فتح العزيز (2/ 114)، الروضة (3241).
(4)
المنهاج (ص 114).