الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابُ الرَّهْن
2041 -
قولهما: (لا يصح إلَّا بإيجاب وقبول)(1) يرد على الحصر: الاستيجاب مع الإيجاب، وقد ذكره "الحاوي"(2)، وذكر الرافعي والنووي أنَّه يأتي هنا الخلاف في المعاطاة أيضًا (3)، ومنع ذلك شيخنا الإمام البلقيني وقال: لا يأتي خلاف المعاطاة هنا؛ لأنها إنما جرت في البيع لتقرر الثمن والمثمن، ثم يقع الفعل، فيُكْتَفَى به إما في المحقرات، وإما فيما دون نصاب السرقة، وإما في غير ذلك عند من أطلق، وكل ذلك بقرينة المعاوضة والتقابل من الجانبين، وليس كذلك في الرَّهْن. انتهى.
2042 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (وإن شرط الرَّهْن في البيع، وامتنع من الإقباض، أو قبضه ووجد به عيبًا .. ثبت له الخيار في فسخ البيع) يستثنى منه: ما إذا لم يطلع على العيب إلَّا بعد هلاك الرَّهْن .. فلا خيار في الأصح.
وقد يجاب عنه: بأن ذلك غيرُ وجدانٍ، وإنَّما هو اطلاع على أمر كان، فلا يقال: واجد إلَّا للمطلع حالة الوجود.
2043 -
قوله: (وإن شرط في البيع رهنًا فاسدًا .. بطل البيع في أحد القولين)(4) هو الأصح، وهو داخل في قوله في (باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز):(وإن شرط ما سوى ذلك مما ينافي موجب البيع)(5)، والزائد هنا: الخلاف فيما يُفرَدُ عن البيع بعقد.
2044 -
قول "المنهاج"[ص 242]: (وشرط العاقد: كونه مطلق التصرف، فلا يرهن الولي
…
إلى آخره) لو عبر بالواو .. لكان أحسن؛ فإن اشتراط إطلاق التصرف لا يتسبب عنه امتناع الولي من ذلك؛ فإن الولي مطلق التصرف في مال المحجور عليه إلَّا أنَّه لا يتبرع به.
2045 -
وقوله: (مال الصبي والمجنون)(6) لو عبر بالمحجور .. لكان أولى؛ ليتناول السفيه؛ ولذلك أطلق "الحاوي" ذكر الولي (7).
(1) انظر "التنبيه"(ص 100)، و"المنهاج"(ص 242).
(2)
الحاوي (ص 297).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 463)، و"الروضة"(4/ 57).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 100).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 90).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 242).
(7)
الحاوي (ص 297).
2046 -
قول "المنهاج"[ص 242]: (إلا لضرورةٍ أو غبطةٍ ظاهرة) فصّل ذلك "الحاوي" بقوله [ص 297]: (وَرَهنَ الولي، والمكاتب، والمأذون، إن ساوى المشترى الثمن والمرهون) إلى قوله: (أو ورث دينًا مؤجلًا) وفيه أمور:
أحدها: أن قوله: (أو لنفقة أو إصلاح ضياعه ارتقابًا لارتفاع غَلَّاته أو حلول دينه أو نَفاقِ متاعه)(1) لا يأتي شيء منه في العبد المأذون، وقد نبه على ذلك في "التعليقة"، وهو واضح.
ثانيها: التسوية في ذلك بين المكاتب والولي هو الذي في "الروضة" وأصلها هنا (2)، لكن صحح في "الشرح الصغير" و"التذنيب" هنا: المنع من استقلال المكاتب بذلك (3)، وحكاه في "الشرحين" في (باب الكتابة) عن الأكثرين (4)، وفي "المهمات": أن الفتوى على المذكور هنا.
ثالثها: قوله: (أو لنهب)(5) أي: ويكون الرَّهْن عند من لا يمتد النهب إلى يده، وإلا .. فلا فائدة فيه.
رابعها: حيث جاز الرَّهْن فيما ذكر .. فالشرط: أن يرهن من أمين يجوز الإيداع عنده.
2047 -
قول "المنهاج"[ص 242]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 298]: (وشرط الرَّهْن: كونه عينًا في الأصح) وهو مفهوم من قول "التنبيه"[ص 100]: (وكل عين جاز بيعها جاز رهنها) فيه أمور:
أحدها: أنَّه نص عليه الشَّافعي (6)، كما حكاه أَبو على السنجي في "شرح التلخيص"، فكان ينبغي التعبير عنه بالنص.
ثانيها: استثنى صاحب "الاستقصاء": رهن الدين ممن هو عليه، وقال: يجوز وجهًا واحدًا، قال السبكي: وليس كما قال، بل الصحيح: أنَّه لا فرق بين رهنه ممن هو عليه وغيره.
قلت: وصرح بذلك المتولي في "التتمة"، فالمعتمد حينئذ: إطلاق المنع.
ثالثها: يستثنى من ذلك: ما لو جُنِيَ على المرهون؛ فإنَّ بدله في ذمة الجاني محكوم عليه بأنه رهن على الأصح؛ لامتناع الإبراء منه.
واستثنى بعضهم منه أيضًا: ما إذا مات وعليه دين، وخلف دينًا .. فإن الدين متعلق بالتركة جميعها تعلق رهن على الصحيح.
(1) انظر "الحاوي"(ص 297).
(2)
الروضة (4/ 64، 65).
(3)
التذنيب (ص 599).
(4)
فتح العزيز (13/ 546).
(5)
انظر "الحاوي"(ص 297).
(6)
انظر "مختصر المزني"(ص 93).
ويختص "المنهاج" بأمرين:
أحدهما: أن مقابل العين: الدين والمنفعة، والخلاف إنما هو في رهن الدين، أما المنفعة: فلا ترهن جزمًا، وقد تفهم عبارته إجراء الخلاف فيها أيضًا.
ثانيهما: أنَّه أطلق الوجه المرجوح في رهن الدين، وله شرط، وهو: أن يكون على مليّ، حكاه النووي في "نكت الوسيط" عن ابن أَبى عصرون، وأقره.
2048 -
قول "المنهاج"[ص 242] في رهن الأم دون ولدها، وعكسه:(وعند الحاجة يباعان، وبوزع الثمن) محله: في الآدميات، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لكونه ذكره في البيع، وقيد ذلك بقوله:(إلى التمييز)(1) فأخرج البهيمة.
2049 -
قول "المنهاج"[ص 242]: (والأصح: أنَّه تقوّم الأم وحدها ثم مع الولد فالزائد قيمته) محله: إذا كانت الأم هي المرهونة، فلو كان الولد هو المرهون .. انعكس العمل، فالأصح: تقويم الولد وحده ثم يقوم معها فالزائد قيمتها، فكان ينبغي أن يقول: يقوّم المرهون وحده ثم مع الآخر فالزائد قيمة الآخر؛ لكونه فرض المسألة أولًا في رهن الأم دون ولدها، وعكسه، ولم يخصها برهن الأم دون ولدها حتَّى يخص هذا التفريع بالذكر، وهذا وارد على "الحاوي" أيضًا؛ لقوله [ص 267]:(وإن رُهن واحدٌ .. وُزِّع بقيمتهما وقيمتها) أي: الأم، فلو قال:(وقيمتِهِ) أي: المرهون .. لاستقام، ووقع ذلك في "الروضة" وأصلها كذلك بهذا الخلل (2)، وصوابه: ما ذكرته.
2050 -
قول "المنهاج"[ص 242]: (ورهن جان ومرتد كبيعهما) يقتضي أن في الجاني الطرق المتقدمة في البيع بما فيها من الترجيح، والذي في "شرحي الرافعي" و"الروضة": إن بطل البيع .. فالرهن أولى، وإلَّا .. فقولان، والفرق: أن الجناية العارضة تقدم على حق المرتهن (3)، فأولى أن تمنعه في الابتداء، فإن صح .. فلا يكون به ملتزمًا للفداء عند الجمهور، بخلاف بيعه (4).
وليس في هذا الكلام ما يؤخذ منه تصحيح صحة رهن الجاني عمدًا، وإنَّما ذلك في "المحرر"(5)، وحكاه السبكي عن النص، واستشكله، وقال: لولا النص .. لجزمت ببطلان رهن الجاني مطلقًا.
(1) الحاوي (ص 266).
(2)
الروضة (4/ 42).
(3)
في (أ)، (ج):(الراهن)، والمثبت من باقي النسخ، وهو الموافق لما في "الروضة".
(4)
فتح العزيز (4/ 447)، الروضة (4/ 45).
(5)
المحرر (ص 164، 165).
2051 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (وقيل: إن المدبر لا يجوز رهنه، وقيل: يجوز، وقيل: على قولين) فيه أمران:
اْحدهما: أن الأصح: الأول، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، وقوى النووي في "الروضة"الثاني في الدليل (2)، فلذلك قال شيخنا الإسنوي في "تصحيحه": إنه المختار (3).
ثانيهما: قال النووي في "التحرير": قوله: (وقيل: يجوز) تكرار؛ لأن قوله: (وكل عين جاز بيعها جاز رهنها) مغن عنه (4).
وأجاب عنه في "الكفاية": بأنه ذكره ليقام عليه دليل خاص.
وأجيب عنه أيضًا: بأنه ذكره ليبين أنَّه طريقة، وذلك لا يفهم من دخوله فيما ذكره أولًا.
2052 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (والمعتق بصفة تتقدم على حلول الحق لا يجوز رهنه) فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح: بطلان الرَّهْن أيضًا فيما إذا احتمل تقدمها على حلول الحق وتأخرها عنه، كما إذا علق بقدوم زيد؛ ولذلك عبر "المنهاج" بقوله [ص 242]:(يمكن سبقها حلول الدين) و"الحاوي" بقوله [ص 298]: (قد تقدم)، ومع ذلك فيرد عليهما: ما إذا عُلم مقارنة الصفة حلول الدين، أو أمكن المقارنة والتأخر؛ فإن مقتضى عبارتهما في هاتين الصورتين: الصحة؛ لكون الصفة فيهما لا يمكن سبقها حلول الدين مع أن الذي يظهر فيهما البطلان، كما قاله شيخنا ابن النقيب، قال: فكان ينبغي أن يقول: يمكن مقارنتها؛ ليبطل عند العلم بها، أو بالسبق، أو بإمكانه من باب أولى. انتهى (5).
ثانيهما: يستثنى من البطلان: ما إذا شرط بيعه قبل وجود الصفة .. فإنه يصح، كما قاله ابن أبي عصرون في "المرشد"، وهو وارد على "المنهاج" و"الحاوي" فإنهما لم يذكراه، وليس في كلام الرافعي والنووي، وهو واضح.
2053 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (وما يسرع إليه الفساد لا يجوز رهنه بدين مؤجل في أصح القولين) فيه أمور:
أحدها: أن محله: فيما لا يمكن تجفيفه، فإن أمكن؛ كالرطب .. صح الرَّهْن، وجفف.
(1) الحاوي (ص 298)، المنهاج (ص 242).
(2)
الروضة (4/ 46، 47).
(3)
تذكرة النبيه (3/ 114).
(4)
تحرير ألفاظ التنبيه (ص 194).
(5)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 174).
ثانيها: يستثنى منه أيضًا: ما إذا شرط بيعه عند الإشراف على الفساد، وجعل ثمنه رهنًا مكانه .. فيصح أيضًا.
ثالثها: يستثنى منه أيضًا: ما إذا عُلم حلول الأجل قبل فساده .. فيصح أيضًا، وكذا إذا لم يعلم هل يفسد قبل الأجل؛ فإنه يصح أيضًا في الأظهر، وقد ذكر "المنهاج" و"الحاوي" جميع ذلك (1).
رابعها: ما صححه من البطلان مع هذه الشروط هو المصحح في "المحرر " و"المنهاج"، والمذكور في "الحاوي"(2)، وحكاه الرافعي عن تصحيح العراقيين (3)، وحكى في "الشرح الصغير" عن الأكثرين: أنَّه يصح، ويجبر على بيعه عند خوف الفساد، ويكون ثمنه رهنًا؛ إذ هو المتعارف، فنزل الإطلاق عليه، وذكر في "الكبير" أن ميل غير العراقيين إليه، وهو الموافق لنصه في "المختصر"(4).
قال في "المهمات": وعليه الفتوى؛ لنقل الرافعي إياه عن أكثرين.
2054 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (وإن رهن الثمرة قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع .. جاز في أصح القولين) فيه أمور:
أحدها: أن محله: إذا كان الدين حالًا، أو يحل مع بدو الصلاح، أو بعده، أما إذا كان يحل قبله .. فالأظهر: عدم الصحة، إلَّا إن شرط القطع عند المحل .. فالمذهب: القطع بالجواز.
ثانيها: أن صورة المسألة: إذا أمكن تجفيفها، فإن لم يمكن .. فهو كَرَهْن ما يسرع فساده.
ثالثها: أن صورتها أيضًا: في رهن الثمرة وحدها، فلو رهنها مع الشجرة .. صح مطلقًا إن أمكن تجفيفها، وإن لم يمكن ولم نصحح رهن ما يسرع فساده .. فالأصح: أنَّه لا يصح في الثمرة، وفي الشجرة قولا تفريق الصفقة.
2055 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه) يستثنى منه: الجارية التي لا يجوز بيعها دون ولدها .. فإنه يجوز رهنها دون ولدها كما تقدم.
2056 -
قوله: (وما لا يجوز في البيع من الغرر لا يجوز في الرَّهْن)(5)، قال في "الكفاية":
(1) الحاوي (ص 299)، المنهاج (ص 243).
(2)
المحرر (ص 165)، الحاوي (ص 299)، المنهاج (ص 243).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 445، 446).
(4)
مختصر المزني (ص 96)، فتح العزيز (4/ 446).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 100).
قد يظن دخول هذا في قوله: (وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه)، وليس كذلك؛ لرجوع الثاني إلى العقد والأول إلى المبيع.
2057 -
فوله في (باب العارية): (وإن استعار شيئًا ليرهنه بدين فرهنه .. ففيه قولان، أحدهما: أن حكمه حكم العارية، فإن تلفت في يد المرتهن، أو بيعت في الدين .. ضمنها المستعير بقيمتها، والثاني: أن المعير كالضامن للدين، فلا يجوز حتَّى يبين جنس الدين وقدره وصفته، فإن بيع في الدين .. رجع بما بيع به)(1) فيه أمور:
أحدها: أن الأصح: القول الثاني، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(2).
ثانيها: أنَّه يفهم من إطلاق القول الأول أن حكمه حكم العارية: جواز الرجوع عنه بعد القبض، والأصح: خلافه تفريعًا على ذلك القول.
ثالثها: الأصح - تفريعا على العارية -: أنَّها إذا بيعت بأكثر من القيمة .. ضمنت بما بيعت به، كما استحسنه الرافعي، وصوبه النووي، وإن كان أكثرون على خلافه (3)، ولذلك أطلق "المنهاج" في قوله [ص 243]:(ثم يرجعُ المالكُ بما بيع به) فجعله تفريعًا على القولين معًا، لكن يستثنى منه: ما إذا بيع بأقل من قيمته .. فإنه يرجع بالقيمة تفريعا على العارية.
رابعها: الأصح - تفريعًا على الضمان -: أنَّه لابد من معرفة المرهون عنده أيضًا، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(4).
خامسها: يقتضى كونه كالضمان: أنَّه لو تلف عند الراهن .. فلا ضمان كالمرتهن، وهو ظاهر قول "الحاوي" [ص 298]:(وإن تلف .. فلا ضمان)، لكن الأصح: الضمان في هذه الصورة، وهو مفهوم قول "المنهاج" [ص 243]:(فلو تلف في يد المرتهن .. فلا ضمان).
2058 -
قول "التنبيه"[ص 100]: (فإن رهن المبيع قبل القبض .. جاز) الأصح: خلافه، وهو مقتضى قوله في (باب ما يتم به البيع):(ولا يملك المشتري التصرف في المبيع حتَّى ينقطع خيار البائع ويقبض المبيع)(5) فإنه أطلق منع التصرف، وصرح"المنهاج" و"الحاوي" هناك بمنع الرَّهْن (6)، وفي "الكفاية": أن الأصح المنصوص: صحته من البائع، وصحح النووي في "نكته": الصحة مطلقًا كـ "التنبيه".
(1) انظر "التنبيه"(ص 113).
(2)
الحاوي (ص 298)، المنهاج (ص 243).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 455)، و"الروضة"(4/ 51).
(4)
الحاوي (ص 298)، المنهاج (ص 243).
(5)
التنبيه (ص 87).
(6)
الحاوي (ص 280)، المنهاج (ص 224).