الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الرِّبا
1726 -
قول "التنبيه"[ص 90]: (فمتى باع شيئاً من ذلك بجنسه .. حرم فيه التفاضل والنَّساء والتفرق قبل التقابض) فيه أمور:
أحدها: أنه لا يلزم من تحريم هذه الأمور عدم صحة العقد عند وجود أحدها، وذلك مفهوم من تعبير "المنهاج" بالاشتراط و"الحاوي" بعدم الانعقاد (1)، لكن لا يفهم من عبارتهما تحريم تعاطي ما خلا منها؛ ففي كلا التعبيرين نقص، والتعبير الكامل: اشترط كذا وكذا، وحرم تعاطي ما خلا منه.
ثانيها: كذا عبر "المنهاج" و"الحاوي" أيضاً بالتقابض (2)، ولو عبروا بـ (القبض منهما) .. لكان أحسن؛ لأنه يشترط القبض لا الإقباض، فلو كان العوض معيناً، فاستقل بقبضه .. كفى.
ثالثها: يرد عليه وعلى "المنهاج" أيضاً: أن التخاير في معنى التفرق، فلو تخايرا في المجلس قبل التقابض .. بطل العقد، ذكره "الحاوي"(3) وصححه في "الروضة" وأصلها هنا (4)، لكنهما قالا فيما ينقطع به الخيار: لو تقابضا في الصرف، ثم أجازا في المجلس .. لزم العقد، فإن أجازاه قبل التقابض .. فوجهان:
أحدهما: تلغوا الإجازة، فيبقى الخيار.
والثاني: يلزم العقد، وعليهما التقابض، وصححه في "شرح المهذب"(5)، ولم يتعرضا للمذكور هنا من البطلان.
1727 -
قول "المنهاج"[ص 213]: (والطعام ما قُصِدَ للطُّعْمِ اقتياتاً اْو تَفَكُّهاً أو تداوياً) فيه أمور:
أحدها: قوله: (قُصد للطعم) أي: للآدميين، لا للجن والبهائم.
ثانيها: لو حذف قوله: (للطعم) .. لجاز.
ثالثها: عبارة "الروضة": (ما يُعد للطعم غالباً تقوتاً أو تأدماً أو تفكهاً أو غيرها)(6)، فأسقط "المنهاج" التقييد بالغلبة والتأدم، وسيأتي في (الأيمان) أن الطعام يتناول القوت والفاكهة والأدم
(1) الحاوي (ص 264)، المنهاج (ص 213).
(2)
الحاوي (ص 264)، المنهاج (ص 213).
(3)
الحاوي (ص 264).
(4)
فتح العزيز (4/ 78)، الروضة (3/ 379).
(5)
انظر "فتح العزيز"(4/ 175)، و"الروضة"(3/ 437)، و"المجموع"(9/ 170).
(6)
الروضة (3/ 377).
والحلوى، ولم يذكروا التداوي؛ لأن العرف لا يقتضيه، فمأخذ البابين مختلف.
رابعها: أورد على الضابط: الماء؛ فإنه ربوي في الأصح، وقد يدعى دخوله في قوله:(تقوتاً)، وفيه نظر.
1728 -
قول "التنبيه"[ص 91]: (وكل شيئين جمعهما اسم خاص؛ كالتمر المعقلي والبرني .. فهما جنس واحد) يستثنى من ذلك: البطيخ الأصفر مع الأخضر - وهو الهندي - فهما جنسان في الأصح، وقد ذكره "التصحيح"(1)، وزيت الزيتون مع زيت الفجل، والتمر المعروف مع التمر الهندي أجناس على المذهب، وقد ذكر "الحاوي" الأولين بقوله [ص 266]:(والزيت والبطيخ يخالف زيت الفجل والهندي).
1729 -
قول "المنهاج" - والعبارة له - و"الحاوي": (وما جُهِلَ يُرْعَى فيه عادة بلد البيع)(2) ثم حكى "المنهاج" بقية الأوجه، ومحلها: إذا لم يكن أكبر جرماً من التمر، فإن كان أكبر .. فالاعتبار فيه بالوزن، لا بِعَادةِ بلد البيع ولا غيرها، حكاه في "الروضة" وأصلها عن المتولي، وجزم به في "الشرح الصغير" وكذا في "الكبير" في آخر الباب، فقال: ثم المعيار في الجوز الوزن؛ لأنه أكبر جرماً من التمر (3).
ونقل السبكي ضبط محل الوفاق: بما زاد على جرم التمر عن القفال والقاضي حسين أيضاً، قال: وقال الجُوريُّ: محل الخلاف: فيما كاله قوم ووزنه قوم، أما ما اتفقوا فيه على شيء .. فهو أصله؛ كالسكر لم يكن بالمدينة، واتفق الناس على وزنه، وأغرب ابن أبي الدم، فحكى وجهاً عن أبي إسحاق: أن السكر مكيل. انتهى.
1730 -
قول "التنبيه"[ص 90]: (فأما الذهب والفضة: فإنه يحرم فيهما الربا بعلة واحدة، وهي أنهما قيم الأشياء)، قال في "شرح المهذب": أنكره القاضي أبو الطيب وغيره على من قاله من أصحابنا؛ لأن الأواني والتبر والحلي يجري فيها الربا، وليس مما يقوم بها، قال: والعبارة الصحيحة عند الأصحاب - وهي التي نقلها الماوردي وغيره عن النص -: كونها جنس الأثمان غالباً. انتهى (4).
ويرد ذلك على قول "المنهاج"[ص 213]: (والنقد بالنقد كطعامٍ بطعامٍ) لأن النقد خاص بالمضروب، فيخرج عنه الأواني والتبر والحلي والسبائك، وقد سلم من ذلك "الحاوي" بقوله [ص 264]:(وجوهَرَي الثّمَنِيَّةِ).
(1) تصحيح التنبيه (1/ 291).
(2)
الحاوي (ص 264)، المنهاج (ص 213).
(3)
فتح العزيز (4/ 99)، الروضة (3/ 381).
(4)
المجموع (9/ 380)، وانظر "الحاوي الكبير"(5/ 91).
1731 -
قول "المنهاج"[ص 213]: (فلو باع جزافاً تخميناً .. لم يصح)، وقول "الحاوي" [ص 264]:(فيبطل بيع صبرةٍ بصبرةٍ جزافاً) أي: مع اتحاد الجنس؛ فإنَّ بيع صبرة حنطة بصبرة شعير جزافاً صحيح، وقول "المنهاج":(تخميناً) يحتمل أن يدل على البطلان في الجزاف بلا تخمين من طريق الأولى، ويحتمل أنه احترز به عما إذا علما تماثل الصبرتين، ثم تبايعا جزافاً .. فإنه يصح، كما حُكي عن القاضي الحسين، ولا يحتاج في قبضها إلى كيل، وعلى هذا الاحتمال الثاني ترد هذه الصورة على عبارة "الحاوي".
1732 -
قول "المنهاج"[ص 213]: (وقد يُعتبر الكمال أولاً) عُدَّ من مشكلاته؛ لعسر الاهتداء للمراد به، والظاهر: أنه أراد به: إدخال عصير الرطب والعنب؛ فإنه يباع بعضه ببعض متماثلاً، ولا يتوقف الحال على الكمال الأخير، وهو صيرورته تمراً وزبيباً، ذكره السبكي وقال: فكأنه قال: يعتبر الكمال ولو أولاً. انتهى.
ويدخل في ذلك اللبن أيضاً؛ فإنه كامل في أول أحواله، وهو الحليب، ورجح شيخنا جمال الدين: أنه أشار به للعرايا؛ فإن اعتبار الجفاف في التماثل وإن وجد لكنه لم يوجد آخراً؛ أي: عند الجفاف، وإنما وجد أولاً؛ أي: في حال الرطوبة، فيباع حال رطوبته بمثله إذا جف، فقوله:(وقد يعتبر الكمال) أي: الجفاف.
1733 -
قول "المنهاج"[ص 213]: (فلا يباع رُطَبٌ بِرُطَبٍ ولا بتمرٍ) يستثنى منه: العرايا، وقد صرح باستثنائها هنا "التنبيه" فقال [ص 91]:(ولا رطْبِهِ بيابِسِهِ إلا في العرايا) واستثناها "الحاوي" معنى فقال بعد اعتبار الجفاف في الثمار: (والعرايا
…
رخصة) (1)، وذكرها "المنهاج" في آخر (باب الأصول والثمار)(2).
1734 -
قول "التنبيه"[ص 91]: (وإن كان مما لا يكال ولا يوزن .. ففيه قولان، أحدهما: لا يجوز بيع بعضه ببعضر، والثاني: يجوز إذا تساويا في الوزن) صحح النووي في "التصحيح": الأول (3).
وأُورِد على إطلاقه: الجوز والبيض؛ فإن الأصح: الجواز فيهما مع عدم الكيل والوزن.
وأجيب عنه: بأن معيارهما الوزن، وفيه نظر؛ لأن المراد: أنهما لا يوزنان عادة، ثم محل القولين: فيما لا يجفف؛ كالقُثَّاء (4) ونحوه، فأما ما يجفف؛ كالبطيخ الذي يفلق وحب الرمان
(1) الحاوي (ص 265).
(2)
المنهاج (ص 231).
(3)
تصحيح التنبيه (1/ 292).
(4)
القثاء: الخيار. انظر "العين"(5/ 203).
الحامض .. فإنه يباع بعضه ببعض جافاً على الصحيح؛ ولذلك عبر "المنهاج" بقوله [ص 214]: (وما لا جفاف له كالقثَّاء والعنب الذي لا يَتَزَبَّبُ لا يباع أصلاً، وفي قول: تكفي مماثلته رطباً) ففرض القولين فيما لا جفاف له، ومع ذلك ففيه أمور:
أحدها: أن المراد: أنه لا يباع بعضه ببعض رطباً، وفي تعبيره بقوله:(لا يباع أصلاً) إيهام.
ثانيها: أنه قد يفهم أنه لو جفف على ندور .. لا يباع جافاً، قال السبكي: والأقيس: الصحة.
ثالثها: يستثنى من كلامه: الزيتون؛ فإنه لا يجفف، ومع ذلك فيجوز بيع بعضه ببعض، كما جزم به في "الوسيط"، وحكاه الإمام عن صاحب "التقريب"، ووافقوه عليه (1).
1735 -
قول "المنهاج"[ص 214]: (وفي اللبن: لبناً أو سمناً أو مخيضاً) وقول "الحاوي"[ص 265]: (كاللبن والسمن والمخيض) في جعلهما المخيض قسيماً للبن نظر؛ فإنه قسم منه، وجواز بيع اللبن باللبن وارد على قول "التنبيه" [ص 91]:(ولا رطْبهِ برطْبِهِ).
1736 -
قول "التنبيه"[ص 91]: (ولا مطبوخِهِ بمطبوخِهِ) أَحسن منه قول "المنهاج"[ص 214]: (ولا تكفي مماثلة ما أثّرت فيه النار بالطبخ أو القلي أو الشي، ولا يضر تأثير تمييزٍ كالعسل والسمن) وقول "الحاوي"[ص 265]: (ومعروض النار لا للتمييز) وقد دخل في عبارتهم: بيع السكر والفانيذ والقَنْد والدِّبس بمثله (2)، والأصح: منعه، لكن صحح في "التصحيح": صحة السلم فيها، وقال: إن نارها لطيفة (3).
واستشكل الفرق بينهما، إلا أن يفرق بضيق باب الربا.
ويجوز بيع الماء المغلي بمثله، صرح به الإمام (4).
1737 -
قول "الحاوي"[ص 265]: (والجوز واللوز وزناً) فيه أمران:
أحدهما: أن هذا إذا كانا جافين.
الثاني: ما ذكره في اللوز وجه حكاه صاحب "البحر"(5)، والذي جزم به الرافعي: أنه يباع اللوز باللوز كيلاً (6).
(1) الوسيط (3/ 53)، وانظر "نهاية المطلب"(5/ 73).
(2)
الفانيذ: نوع من الحلوى يعمل من القَنْد والنشا، وهي كلمة أعجمية؛ لفقد فاعيل من الكلام العربي؛ ولهذا لم يذكرها أهل اللغة. انظر "المصباح المنير" (2/ 481). القَنْد: ما يعمل منه السكر، فالسكر من القند كالسمن من الزبد. انظر "المصباح المنير" (2/ 517). الدِّبس - بالكسر -: عصارة الرطب. انظر "المصباح المنير"(1/ 189).
(3)
تصحيح التنبيه (1/ 307).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(5/ 82).
(5)
بحر المذهب (6/ 103).
(6)
انظر "فتح العزيز"(4/ 99).
1738 -
قول "المنهاج"[ص 214]: (وإذا جَمَعَتِ الصفقة ربوياً من الجانبين
…
إلى آخره) فيه أمور:
أحدها: أنه يخرج ما إذا تعددت الصفقة؛ وذلك يكون بتفصيل الثمن؛ بأن جعل الدرهم مقابلاً بالدرهم والمدّ بالمدّ؛ فهنا يصح، ويكون بتعدد البائع أو المشتري، وفي هاتين لا يصح أيضاً، فيرد على مفهوم عبارته وعبارة "الحاوي"(1)، ولا يرد ذلك على "التنبيه" فإنه قال [ص 92]: (وما حرم فيه الربا لا يباع الجنس الواحد بعضه ببعض
…
إلى آخره)، فتناول تعدد العاقد واتحاده، كذا أورد، وهو ضعيف؛ لأنه متى كان البائع للدرهم كير البائع لمد العجوة .. فلا شك في صحته وإن كان البائعان باعا مجموع الأمرين، فلم تخرج الصفقة الواحدة عن اشمالتها على ربوي من الجانبين ومع أحدهما جنس آخر.
ثانيها: قوله: (ربوياً من الجانبين) لا بد من تقييد الربوي من الجانبين بكونه جنسا واحداً، فيقول:(جنساً ربوياً)، وإلا .. ورد عليه بيع ذهب وفضة بحنطة فقط، أو بشعير فقط، أو بهما وما أشبه ذلك؛ فإنه يجوز مع دخوله فيما ضبط به المنع؛ ولذلك عبر "المحرر" بقوله:(وإذا اشتملت الصفقة على جنس واحد من أموال الربا من الجانبين)(2) و"التنبيه" بقوله [ص 92]: (لا يباع الجنس الواحد بعضه ببعض) و"الحاوي" بقوله [ص 266]: (وإن جمع عقد جنساً ربوياً في طرفيه).
ثالثها: قوله: (واختلف الجنس) ليس المراد: الجنس الربوي المعتبر وجوده من الجانبين؛ فإن ذاك متحد كما تقدم، وإنما المراد: اختلف جنس المبيع؛ بأن يكون مع الربوي جنس آخر كما يظهر ذلك من مثاله، ولو عبر بقوله:(واختلف المبيع جنساً) .. لاستقام، وأوضح من ذلك قول "التنبيه" [ص 92]:(ومع أحد العوضين جنس آخر)، وقول "الحاوي" [ص 266]:(واختلاف الجنس)، لكن تقييد "التنبيه" الجنس الآخر بقوله [ص 92]:(يخالفه في القيمة) يفهم أنه لو باع مد عجوة ودرهماً بمدّي عجوة، وقيمة المد درهم .. صح، قال في "الكفاية": ولم أعثر على ما يوافقه، والمنقول في الرافعي وغيره: المنع؛ فإن التقويم تخمين، والجهل بالمماثلة كحقيقية المفاضلة.
نعم؛ إن عُلم اتحاد القيمة بأن كان المدان من نخلة والدرهمان من ضرب واحد .. ففيه وجه مشهور، وفي حمل كلام الشيخ عليه بعد. انتهى (3).
(1) الحاوي (ص 266).
(2)
المحرر (ص 139).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 85، 86).
وقال ابن الصلاح في "فتاويه": هو وصف لازم لاختلاف الجنس؛ لأن اختلاف الجنس مظنة اختلاف القيمة، فمهما وجد اختلاف الجنس .. مَنَعْنَا وإن قضى المقومون باتفاق القيمة؛ لأن التقويم أمر مظنون (1).
رابعها: قوله: (منهما) وكذا من أحدهما، وعليه يدل تمثيله بمد ودرهم بمدين أو درهمين.
خامسها: لا فرق في الجنس الآخر بين أن يكون ربوياً أم لا، وهو مقتضى إطلاق "التنبيه" و"المنهاج"، لكن لو مثَّلا بدرهم وثوب بدرهم وثوب أو درهمين .. لكان أولى؛ لأن تمثيلهما قد يفهم أنه يعتبر في الجنس الآخر كونه ربوياً.
سادسها: يشترط كون الجنس الآخر مقصوداً؛ فإن الأصح: الصحة فيما إذا باع داراً فيها بئر ماء عذب بمثلها، وقلنا: إن الماء ربوي؛ لأنه تابع، وكذلك لو باع داراً بذهب، فظهر فيها معدن ذهب، بخلاف بيع دار مُوّهت بذهب تمويهاً يحصل منه شيء بذهب .. فإنه لا يصح، وقد صرح بذلك "الحاوي"(2)، وهذا وارد على "التنبيه" أيضاً؛ فإنه لم يذكره، ويحتمل أنه احترز عنه بقوله:(يخالفه في القيمة)(3) فإنه إذا كان تابعاً لغيره .. فهو غير متقوم ولا منظور إليه، وما ذكرناه في بيع دار بذهب فظهر فيها معدن ذهب هو الذي صححه الرافعي والنووي هنا (4)، لكنهما قالا فيما يدخل تحت لفظ الدار من الألفاظ المطلقة: لا يجوز من جهة الربا (5).
قال البارزي: ويمكن أن يقال: الأول: إذا لم يعلم أن فيها معدناً، والثاني: إذا علم.
وقال في "المهمات": ليس بين الصورتين فرق إلا أن الأولى: فرضها عند عدم العلم، ولا أثر للجهل بالمفسد في باب الربا مطلقاً.
سابعها: قوله: (أو النَّوع؛ كصحاحٍ ومُكَسَّرَةٍ)(6) لو مثَّل: بـ (المعقلي والبرني) .. لكان أحسن؛ فإن الصحة والتكسير اختلاف صفة لا اختلاف نوع، وإن كان اختلاف الصفة مضراً .. فيحمل النوع في عبارته على ما ليس بجنس؛ ليشمل اختلاف الصفة، فيصح التمثيل؛ ولذلك مثل "التنبيه" للنوع بمثالين القاساني والنيسابوري والصحيح والقراضة.
ثامنها: يشترط كون قيمة المكسر أقل من الصحيح، وإلا .. لم يضر، وهذا يرد على "التنبيه" أيضاً.
(1) فتاوى ابن الصلاح (1/ 276).
(2)
الحاوي (ص 266).
(3)
التنبيه (ص 92).
(4)
انظر "فتح العزيز"(4/ 88)، و"الروضة"(3/ 386).
(5)
انظر "فتح العزيز"(4/ 336)، و"الروضة"(3/ 545).
(6)
انظر "المنهاج"(ص 214).
تاسعها: يشترط تميز أحد النوعين عن الآخر، فلو باع صاعاً من رديء وجيد مخلوطين بمثله أو جيد أو رديء .. جاز؛ لأن التوزيع عند التمييز، وهذا وارد على "التنبيه" أيضاً، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 266]:(مع تمييز أحد النوعين عن الآخر).
عاشرها: ذكر صاحب "التتمة" أنه إذا باع مداً ودرهماً بمدين .. بطل في المد المضموم إلى الدرهم وفيما يقابله من المدين، وفي الباقي قولا تفريق الصفقة؛ ولذلك في جميع صوره قال الرافعي: ويمكن تنزيل إطلاقهم عليه (1).
قال السبكي: وفيه نظر؛ لأن التقسيط لو اعتبر هنا .. لصح فيما إذا اتفقت القيمة؛ أي: فيما إذا كان المدان من نخلة واحدة والدرهمان من ضرب واحد، والرافعي موافق للجمهور على المنع منه. انتهى.
وقال في "المطلب": وجه عدم تخريج هذه القاعدة على تفريق الصفقة: أن التفريق إنما يكون عند فوات شرط بعض المعقود عليه، وهنا الفساد للهيئة الاجتماعية كالعقد على خمس نسوة؛ فإنه يبطل في الكل. انتهى.
وما ذكره المتولي تبعه عليه الروياني في "البحر"(2)، قال السبكي: والعبارة المحررة: أن تجمع الصفقة جنساً ربوياً من الجانبين، ويختلف العوضان، أو أحدهما جنساً أو نوعاً أو صفة، وإن شئت قلت: أن يبيع ربويًّا بجنسه ومع أحدهما غيره، سواء أكانت المغايرة في الجنس أم النوع أم الصفة، وسواء أكان المضموم ربوياً أم غيره. انتهى.
ويرد على ما ذكره: أنه لا بد من تقييده بكونه مقصوداً، ولا بد من التقييد عند اختلاف الصفة باختلاف القيمة كما تقدم.
ومن الفروع الغريبة الداخلة في هذه القاعدة: لو كان لبنته مئة درهم، فقال لغيره: زوجتك بنتي وملكتك هذه المئة بهاتين المئتين لك .. فالبيع والصداق باطلان، كما نقله الرافعي في الباب الثاني من أبواب الصداق عن نصه في "الأم"(3).
1739 -
قول "التنبيه"[ص 92]: (ولا يباع نوعان مختلفا القيمة من جنس بنوع واحد منه متفق القيمة) في قوله: (مختلفا القيمة) ما تقدم في قوله: (يخالفه في القيمة)(4)، وتقييده النوع الآخر بكونه متفق القيمة ليس شرطاً، بل ذكره لدفع توهم اشتراط اختلافهما كالنوعين، وقال
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 86).
(2)
بحر المذهب (6/ 111).
(3)
الأم (5/ 67)، وانظر "فتح العزيز"(8/ 259).
(4)
التنبيه (ص 92).
النووي في "نكته": اتفاق القيمة زيادة لا فائدة فيها.
1740 -
قول "التنبيه"[ص 92]: (وفي بيعه بحيوان كير مأكول قولان) أظهرهما: المنع، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(1).
1741 -
قول "التنبيه"[ص 92]: (ولا يجوز بيع اللبن بشاة في ضرعها لبن) أطلق اللبن، والمراد: لبن شاة أما إذا كان لبن إبل أو بقر، وقلنا: الألبان أجناس وهو الأظهر .. ففيه قولا الجمع بين مختلفي الحكم، والأصح: الجواز.
ونظير المسألة: بيع بيض بدجاجة فيها بيض، كذا في "الروضة" وأصلها (2)، وحكى الماوردي فيها قولين مبنيين على أن الحمل هل يأخذ قسطاً من الثمن أم لا؟ فيبطل على الأول دون الثاني، والفرق بينه وبين بيع لبن بشاة في ضرعها لبن حيث جزموا هناك بالبطلان: قُدْرَةُ صاحب اللبن علي أخذه، فهو كالموجود، فيقابل بقسط من الثمن قطعا، بخلاف البيض؛ فإنه كالحمل؛ لأنه لا يقدر على أخذ كل منهما، والله أعلم (3).
1742 -
قوله: (وإن اصطرف رجلان وتقابضا، ووجد أحدهما بما قبض عيباً؛ فإن وقع العقد على العين ورده .. انفسخ البيع، ولم يجز أخذ البدل)(4) كونه لا يجوز أخذ البدل مفهوم من قوله: (انفسخ العقد)، والقصد به: التنبيه على تعين النقد بالتعيين خلافاً لأبي حنيفة (5).
1743 -
قوله: (وإن كان على عوض في الذمة .. جاز أن يرده، ويطالب بالبدل قبل التفرق، وبعد التفرق قولان، أحدهما: أنه يرده ويأخذ بدله)(6) هو الأصح، لكن يشترط: قبض البدل في مجلس الرد، قال في "الكفاية": ومقتضى كلامه: أن له خيار الفسخ وبه صرح القاضي أبو الطيب، لكن ينبغي إذا جُوّز أخذ البدل .. خلافه؛ لبقاء المبيع في الذمة كالمسلم فيه، وبه صرح المتولي وابن التلمساني في "شرحه".
(1) الحاوي (ص 266)، المنهاج (ص 214).
(2)
الروضة (3/ 394).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(5/ 123: 125).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 91).
(5)
انظر "الحجة"(2/ 581، 582).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 91).