المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الجماعة - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌باب صلاة الجماعة

‌بابُ صلاة الجماعة

674 -

قول "التنبيه"[ص 37]: (الجماعة سنة في الصلوات الخمس، وقيل: هي فرض على الكفاية) صحح الرافعي الأول (1)، وعليه مشى "الحاوي"(2)، وصحح النووي الثاني (3)، وبين "المنهاج" التصحيحين (4)، ويرد على عبارة "التنبيه" و"المنهاج" أمور:

أحدها: أن محل الخلاف: في المؤداة، فليست الجماعة في المقضية فرض كفاية قطعًا، كذا في زيادة "الروضة"(5)، ونازع فيه شيخنا الإمام سراج الدين البلقيني، وقال: إنه ممنوع، وفيما قاله نظر، وهل هي سنة فيهما؟ حكى الرافعي عن القاضي حسين: أنَّه لا يشرع لها الجماعة (6)، وقد تقرر أن معنى قولهم:(لا يشرع): لا يستحب، وقال النووي: إن الجماعة سنة في الفائتة إن لم يصلها خلف مؤداة، فالانفراد أفضل من صلاة المقضية خلف المؤداة، وبالعكس؛ للخروج من الخلاف (7)، وفي معنى فعلها خلف مؤداة: فعلها خلف مقضية غيرها؛ لاختلاف النية، واقتضى إطلاق "الحاوي": استحباب الجماعة فيها مطلقًا (8)، وهو مخالف لإطلاق الرافعي وتفصيل النووي.

ثانيها: ومحل الخلاف أيضًا: في غير العراة؛ فالخلاف في حقهم في الاستحباب، صحح الرافعي: الاستحباب (9)، وعليه إطلاق "الحاوي"(10)، وصحح النووي: أن الجماعة والانفراد لهم سيان (11).

ثالثها: ومحل الخلاف أيضًا: في غير صلاة المسافر، فقال الإمام: ولا شك أن المسافرين لا يتعرضون لهذا الفرض (12)، وجزم به النووي في "التحقيق"(13)، لكن قال السبكي: نص

(1) انظر "فتح العزيز"(2/ 141).

(2)

الحاوي (ص 175).

(3)

انظر "المجموع"(4/ 161).

(4)

المنهاج (ص 118).

(5)

الروضة (1/ 340).

(6)

انظر "فتح العزيز"(2/ 200).

(7)

انظر "المجموع"(4/ 183).

(8)

الحاوي (ص 175).

(9)

انظر "فتح العزيز"(2/ 39).

(10)

الحاوي (ص 176).

(11)

انظر "المجموع"(3/ 186).

(12)

انظر "نهاية المطلب"(2/ 366).

(13)

التحقيق (ص 257).

ص: 321

الشَّافعي في "الأم" يرد عليهما؛ فإنه قال: حتَّى لا يخلو جماعةٌ مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاةُ جماعةٍ (1).

رابعها: ومحل الخلاف أيضًا: في الأحرار، فليست فرضًا على العبد قطعًا، ذكره في "الكفاية"، وقال شيخنا الإمام جمال الدين في "تصحيحه": إنه الصواب (2)، وقال القاضي حسين: للسيد منعه من حضورها، إلَّا ألَاّ يكون له شغل ويقصد تفويت الفضيلة عليه.

ويختص "التنبيه" بأمرين:

أحدهما: أنَّه أطلق قول فرض الكفاية، ومحله: في الرجال، كما صرح به "المنهاج"(3)، فالجماعة في حق النساء سنة قطعًا، ومع ذلك فلا تتأكد في حقهن كتأكدها في حق الرجال على الأصح، وقد صرح به في "المنهاج"، لكنه أطلق أولًا أنَّها سنة مؤكدة (4)، وتعبيره بالرجال يوهم أن الخناثى يتعرضون لهذا الفرض.

قال في "المهمات": والقواعد تاباه، وكلامهم في (الجمعة) يدل عليه؛ فإن الجماعة شرط فيها، وقد صرحوا بعدم وجوبها عليهم. انتهى.

ثانيهما: أنَّه أطلق الخلاف في أن الجماعة سنة أو فرض كفاية، ومحله: في غير الجمعة، وكذا يرد على "الحاوي" إطلاقه أن الجماعة سنة في أفضل من الراتبة (5)، وكأنهما إنما تركا ذلك لوضوحه وتقرره في بابه، وقد صرح به "المنهاج"، ويختص "المنهاج" بأنه أطلق ذكر الفرائض، فدخل في عبارته المنذورة مع أنَّه لا يشرع فيها الجماعة؛ كما صرح به الرافعي في (الأذان)(6)، وهذا وارد على إطلاق "الحاوي" أن الجماعة سنة في أفضل من الراتبة (7)؛ فإن المنذورة أفضل من الراتبة، ومعنى عدم المشروعية: عدم الاستحباب كما تقدم؛ ولذلك قيد "التنبيه" و"المحرر" الفرائض بالخمس، فخرجت المنذورة (8).

675 -

قول "المنهاج" تفريعًا على أن الجماعة فرض كفاية [ص 118]: (فتجب بحيث يظهر الشعار في القرية) قد يخرج البادية، وفى تعرض أهلها الساكنين بها لهذا الفرض احتمالان للإمام، اختيار النووي منهما: نعم، وقطع الإمام بعدم الفرضية فيما لو قل عدد ساكني قرية،

(1) الأم (1/ 153).

(2)

تذكرة النبيه (2/ 491).

(3)

المنهاج (ص 118).

(4)

المنهاج (ص 118).

(5)

الحاوي (ص 175).

(6)

انظر "فتح العزيز"(1/ 410).

(7)

الحاوي (ص 175).

(8)

التنبيه (ص 37)، المحرر (ص 49).

ص: 322

وأقره في "الروضة"، لكنه اختار في "شرح المهذب" خلافه (1).

تنبيه: قولهم: (الجماعة سنة)(2) يفهم صحة الصلاة بالمتابعة دونها، والأصح: أنَّه إن تابع بدونها، أو مع الشك فيها، وطال انتظاره .. بطلت، ذكره في "الكفاية"، لكنهم قد ذكروا اشتراط نية المتابعة بعد هذا.

676 -

قول "التنبيه"[ص 37]: (وفعلها فيما كثر فيه الجمع من المساجد أفضل) فيه أمور:

أحدها: يستثنى من تفضيل كثرة الجماعة مسألتان:

إحداهما: ذكرها عقب ذلك بقوله: (وإن كان في جواره مسجد ليس فيه جماعة .. كان فعلها في مسجد الجوار أفضل)(3) لكن عبارته تفهم أن الانفراد في مسجد الجوار أفضل، وليس كذلك بلا خلاف كما في "شرح المهذب"(4)، وقال القاضي حسين والبغوي: الأَوْلى: أن يصلي فيه منفردًا لم يدرك مسجد الجماعة ليصلي معهم فيحوز الفضيلتين (5)، وقد ذكرها "المنهاج" و"الحاوي" على الصواب، فاستثنياها من تفضيل ما كثر جمعه (6)، فيحمل كلام "التنبيه" على أن معناه: وبصلاته فيه تحصل جماعة قليلة، ويمكن عود الضمير في قوله:(فعلها) على الجماعة.

الثانية: أن يكون إمام المسجد الكثير الجماعة مبتدعا، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 118]:(إلَّا لبدعة إمامه).

قال المحاملي وغيره: وكذا لو كان حنفيًا، ونقل في "الكفاية" الاتفاق عليه، وصرح به في "الحاوي"(7)، وهو مثال، فالتعليل بأنه لا يعتقد وجوب بعض الأركان يقتضي إلحاق المالكي وغيره من المخالفين به، وقد صرح في "شرح المهذب" بذلك، وبأن الفاسق كالمبتدع (8).

الأمر الثاني: يستثنى من تفضيل جماعة المسجد على جماعة البيت: المرأة، فجماعة البيت لها أفضل، وقد صرح به "المنهاج" بقوله [ص 118]:(وفي المسجد لغير المرأة أفضل) و"الحاوي" بقوله [ص 175]: (وفي المسجد له) أي: للرجل أفضل، ومقتضى عبارة "المنهاج": أن المسجد للصبي أفضل، وكذا هو مقتضى عبارة "الحاوي" إن فسرنا الرجل هنا بأنه خلاف المرأة،

(1) الروضة (1/ 339، 340)، المجموع (4/ 162)، وانظر "نهاية المطلب"(2/ 366).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 37)، و"الحاوي"(ص 175)، و"المنهاج"(ص 118).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 37).

(4)

المجموع (4/ 170).

(5)

انظر "التهذيب"(2/ 249).

(6)

الحاوي (ص 175)، المنهاج (ص 118).

(7)

الحاوي (ص 175).

(8)

المجموع (4/ 170).

ص: 323

فإن فسرناه بأنه البالغ .. اقتضى كلامه أن الأفضل للصبي: البيت، ولم أر ذلك مصرحًا به؛ ولعله فيمن يخشى الفتنة به لجماله.

الأمر الثالث: قد يفهم من تقييده أفضلية كثرة الجمع بكونه في المساجد: أنَّه لو كانت جماعة المسجد أقل من جماعة بيته .. فالمسجد أولى، وبه صرح الماوردي (1)، وهو مقتضى إطلاق الرافعي (2)، وقال القاضي أَبو الطيب: بيته أولى، ولا يفهم من عبارة "المنهاج" و"الحاوي" في ذلك شيء؛ لأنهما ذكرا أفضلية المسجد وأفضلية كثرة الجمع وسكتا عن تعارضهما، ويستثنى من هذا الخلاف: ما لو كانت الجماعة القليلة في أحد المساجد الثلاثة، بل الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها كما صرح به المتولي، ونظير تعارض كثرة الجماعة والمسجد: إذا كان لو صلى منفردًا .. خشع، ولو صلى في جماعة .. لم يخشع، فأفتى الغزالي بأن الانفراد أفضل (3)، فتستثنى هذه الصورة من كلامهم إن صح ذلك، أما لو كان إذا صلى في بيته صلى جماعة وإذا صلى في المسجد صلى وحده .. ففي بيته أولى.

677 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (فإن كان للمسجد إمام راتب .. كره لغيره إقامة الجماعة فيه) فيه أمران:

أحدهما: أن هذا في غير المسجد المطروق.

ثانيهما: ويستثنى من غير المطروق: ما إذا لم يحضر الإمام وخيف من انتظاره فوات أول الوقت ولم يخش فتنة، فإن خيف فتنة .. صلوا فرادى، ويستحب لهم الإعادة معه إن حضر بعد ذلك، كذا في زيادة "الروضة"(4)، قال في "المهمات": وخالف في "شرح المهذب"، فحكى عن الشَّافعي والأصحاب في خوف الفتنة أنَّه إذا طال الانتظار وخافوا فوت الوقت كله .. صلوا جماعة (5).

قلت: لا مُخَالَفَةُ بينهما؛ لأن كلام "الروضة" فيما إذا خيف فوت أول الوقت، وكلام "شرح المهذب" فيما إذا خيف فوت الوقت كله، وهذا واضح، والله أعلم.

678 -

قول "المنهاج" في فضيلة تكبيرة الإحرام [ص 118]: (وإنَّما تحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم إمامه) وهو مثل قول "الحاوي"[ص 176]: (وفضل التحرم بشهوده والاتباع) وفي "شرح المهذب": لو أخر لوسوسة .. حصلت الفضيلة (6).

(1) انظر "الحاوي الكبير"(2/ 303).

(2)

انظر "فتح العزيز"(2/ 143).

(3)

انظر "الوجيز"(1/ 74).

(4)

الروضة (1/ 357).

(5)

المجموع (4/ 180).

(6)

المجموع (4/ 179).

ص: 324

واستشكل: بأن الوسوسة ليست عذرًا في التخلف عن الإمام بتمام ركنين فعليين، كما في "شرح المهذب"، فيحتاج إلى الفرق؛ ولعل المذكور هنا محمول على ما إذا لم يطل الزمن في الوسوسة، بدليل قوله في "شرح المهذب":(من غير وسوسة ظاهرة)، ويكون طول الزمن هو المراد بالظهور، فهو قيد فيه، والتخلف بتمام ركنين فعليين طويل، فاستويا (1).

679 -

قول "المنهاج"[ص 118]: (وقيل: بإدراك بعض القيام، وقيل: بأول ركوع) محلهما: فيمن لم يحضر إحرام الإمام، أما من حضر وأخر .. فلا، حكاه في زيادة "الروضة" عن "البسيط"(2).

680 -

قول "الحاوي"[ص 176]: (وتحصل -أي: فضيلة الجماعة - بإدراك جزءٍ) قد يفهم أنَّه لو أدرك جزءًا من التسليم .. حصلت؛ لأنه من الصلاة، وليس كذلك، فتعبير "التنبيه" و"المنهاج" بإدراك ما قبل التسليم أحسن (3)، وهو متناول لما إذا سلم الإمام قبل قعوده، وهو كذلك، لكن تعبير "المنهاج" عن ذلك بالصحيح يقتضي ضعف مقابله، وهو موافق لكون الرافعي والنووي لم ينقلاه إلَّا عن الغزالي (4)، وفي "الروضة": إنه شاذ ضعيف (5)، وليس كذلك، فهو محكي عن الفوراني والمحاملي (6)، وحكاه القاضي حسين عن عامة أصحابنا، والجيلي عن المراوزة، والكلام في غير الجمعة كما هو في بابها، وصرح به "الحاوي" هنا فقال [ص 176]:(والجمعة بركعة).

681 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (ويستحب للإمام أن يخفف الأذكار) قد يخرج القراءة، وبه صرح في "الكفاية" فقال: إن التخفيف فيها غير مستحب، وحكاه عن القاضي حسين، لكن في "المهذب": استحباب تخفيف القراءة أيضًا، ونقله في "شرح المهذب" عن الشَّافعي والأصحاب (7)، وهو ظاهر.

682 -

قول "المنهاج"[ص 118]: (وليخفف الإمام مع فعل الأبعاض والهيئات) لكن لا يفهم من عبارتهما كراهة التطويل، وقد نص عليها في "الأم"(8)، وقول "المنهاج" [ص 118]: (إلَّا أن

(1) المجموع (4/ 179).

(2)

الروضة (1/ 342).

(3)

التنبيه (ص 38)، المنهاج (ص 118).

(4)

انظر "فتح العزيز"(2/ 144)، و"المجموع"(4/ 191).

(5)

الروضة (1/ 341).

(6)

انظر "اللباب"(ص 163).

(7)

المجموع (4/ 199)، وانظر "الأم"(1/ 161).

(8)

الأم (7/ 228).

ص: 325

يرضى بتطويله محصورون) مراده: إلَّا أن يكون المأمومون كلهم راضين محصورين، وعبارته لا تعطي ذلك، بل تعطي أنَّه متى رضي محصورون وإن كانوا بعض المأمومين .. ندب التطويل، وعبارة "المحرر":(إلَّا أن يرضى الجميع بالتطويل، وهم محصورون)(1)، وكذلك قول "التنبيه" [ص 38]:(إلَّا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل)، وكلاهما وافٍ بالغرض وإن كانت الأولى أصرح، وفي "فتاوى ابن الصلاح": لو آثروا التطويل إلَّا واحدًا أو اثنين: فإن قل حضوره .. خفف، وإن كثر .. طول؛ لئلا يفوت حقهم لواحد (2)، قال النووي: وهو حسن متعين (3)، وخالفهما السبكي.

واعلم: أنهما استثنيا حالة رضى المأمومين من استحباب التخفيف، فمفهومه: أنهم إذا رضوا .. لا يستحب التخفيف، ولا يلزم من ذلك استحباب التطويل، بل يصدق باستواء الطرفين، ويوافق ذلك تعبير "الروضة" بأنه لا بأس بالتطويل (4)، لكن ذكر السبكي والإسنوي وغيرهما أنَّه مستحب، وهذا هو الحق، وغايته: أن عدم رضى المأمومين المحصورين مانع من التطويل، فإذا رضوا .. زال ذلك المانع وعاد الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وهو الاستحباب، وإنَّما سكتا عن التصريح بحكم هذا المستثنى؛ لوضوحه وتقريره قبل ذلك، ومن الغريب أن الدارمي حكى في "الاستذكار" وجهين في استحباب التطويل عند رضى المحصورين، وفي المنفرد أيضًا.

683 -

قول "المنهاج"[ص 118]: (ويكره التطويل ليلحق آخرون) استشكله السبكي: بأن المختار: تطويل الركعة الأولى؛ لحديث أبي قَتَادة في "الصحيحين": (أنَّه عليه الصلاة والسلام كان يفعله)(5)، وعلل بإدراك القاصدين لها، وجاء التعليل مصرحًا به في رواية صحيحة:(كي يُدْرِكَ الناس)(6)، وفي رواية ضعيفة:(يقوم حتَّى لا يُسْمَعَ وَقْعُ قَدَمٍ)(7) فإذن انتظارهم قائمًا ليأتوا أفواجًا أفواجًا غير مكروه، إلَّا إذا آذى الحاضرين .. فيكره، ثم جزمهم بالكراهة هنا ليس منافيا للخلاف في المسألة عقبها؛ فإن تلك فيمن دخل المسجد وعرف به الإمام، وهذه بخلافها.

684 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (وإذا أحس الإمام بداخل وهو راكع .. استحب له أن ينتظره في أصح القولين، ويكره في القول الآخر) فيه أمور:

(1) المحرر (ص 50).

(2)

فتاوى ابن الصلاح (1/ 234).

(3)

انظر "المجموع"(4/ 199).

(4)

الروضة (1/ 342).

(5)

البخاري (725)، مسلم (451).

(6)

أخرجه أَبو داوود (800)، وعبد الرزاق (2675)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2316) من حديث أبي قَتَادة.

(7)

أخرجه أَبو داوود (802)، وأحمد (19169)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2317) من حديث عبد الله بنُ أبي أوفى.

ص: 326

أحدها: اقتصاره على الركوع يخرج التشهد الأخير، والمذهب: التسوية، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(1).

ثانيها: هذه الطريقة هي المصححة في "شرح المهذب"(2)، والذي حكاه الرافعي عن معظم الأصحاب: أنَّه ليس الخلاف في الاستحباب، وإنَّما هو في الكراهة، فأحد القولين: يكره، والثاني: لا يكره (3)، وقال في "المهمات": والمعروف ما قاله الرافعي، ومشى على هذه الطريقة في "المحرر"، فرجح عدم الكراهة (4)، وكذا "الحاوي" فجزم بعدم الكراهة (5)، لكن استدرك في "المنهاج" فقال [ص 118]:(المذهب: استحباب انتظاره) فجنح إلى طريقة "التنبيه"، واختار السبكي: أن الانتظار مكروه، وحكاه في "المهمات" عن أبي إسحاق المروزي والشيخ أبي حامد والبندنيجي والمحاملي والماوردي والإمام والغزالي وصاحب "الفروع"، قال: وحكاه في "البيان" عن الأكثرين، وحكاه الرافعي عن تصحيح الإمام وآخرين، ولم يحك تصحيح عدم الكراهة إلَّا عن الروياني (6).

ثالثها: أهمل لذلك شرطين ذكرهما "المنهاج" و"الحاوي"، وهما: عدم المبالغة، والتفريقِ بين الداخلين (7)، وفهم من تعبيرهم بالدخول شرط ثالث، وهو: أن يكون دخل المسجد أو مكان الصلاة، فلو لم يشرع في الدخول بعد .. لم ينتظره قطعًا، وفي "الكفاية": لو قيل: محله: إذا لم يدخل، فإن دخل فلا ينتظر قطعا .. لاتَّجَه؛ لتمكنه حينئذ من الإحرام، وقال المحب الطَّبري: علة ما قالوه التطويل، قال: لكنه منتقض بالخارج القريب؛ لصغر المسجد، والبعيد (8)، لسعته، والوجه: مراعاة هذا التفصيل. انتهى.

رابعها: لو أحس المنفرد بداخل وهو في الركوع أو التشهد الأخير .. فالمتجه: أنَّه في ذلك كالإمام، بل أولى؛ لاحتياجه إلى تحصيل الجماعة، ولم أر من تعرض لذلك، وتعبير "التنبيه" بـ (الإمام) يخرجه، وفي "المنهاج" [ص 118]:(ولو أحس في الركوع) فإن أعدنا الضمير على

(1) الحاوي (ص 176)، المنهاج (ص 118).

(2)

المجموع (4/ 200).

(3)

انظر "فتح العزيز"(2/ 146).

(4)

المحرر (ص 50).

(5)

الحاوي (ص 176).

(6)

انظر" الحاوي الكبير"(2/ 320)، و"نهاية المطلب"(2/ 377)، و"بحر المذهب"(9/ 402، 410)، و"الوسيط"(2/ 222)، و"البيان"(2/ 384)، و"فتح العزيز"(2/ 146).

(7)

الحاوي (ص 176)، المنهاج (ص 118).

(8)

كذا في النسخ، ولعل التعبير بـ (الداخل البعيد) أوضح، كما هي عبارة "نهاية المحتاج" (2/ 148) إذ قال: (

وداخل بعيد

).

ص: 327

الإمام لتقدم ذكره .. فهو كـ "التنبيه" في ذلك، وإن أعدناه على المصلي للعلم به .. تناول المنفرد، وقول "الحاوي" [ص 176]:(ولا يكره انتظار الداخل) يتناول المنفرد جزمًا، وخطر لي أنا إن أثبتنا ذلك للمنفرد .. لم يشترط فيه عدم التطويل؛ إذ ليس وراءه من يتضرر بتطويله، وفيه احتمال، ويستثنى من إطلاقهم الركوع: الركوع الثاني من الخسوف، فلا انتظار فيه؛ إذ لا يحصل بإدراكه الركعة على الأصح.

685 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (ومن صلى منفردًا ثم أدرك جماعة يصلون .. استحب له أن يصليها معهم) يقتضي أن المصلي في جماعة ليس كذلك، وهو وجه، الأصح: خلافه، وقد صرح به "المنهاج"(1)، وهو مقتضى إطلاق "الحاوي"(2)، لكن قيل: إن قوله: (منفردًا) ليس في نسخة المصنِّف، فلا إيراد، ثم في كلامهم أمور:

أحدها: أنَّه لو أدرك منفردًا يصلي .. استحب له الصلاة معه ولو كان صلى أولًا في جماعة؛ ليحصل له فضيلة الجماعة، كما جزم به في زيادة "الروضة"(3)، وحكى في "الكفاية" الاتفاق عليه، وقد يقال: لا ترد هذه الصورة على عبارة "الحاوي" لأن قوله [ص 175]: (كإعادة الفرض بالجماعة) يتناول هذه الصورة؛ فإنه لم يعدها إلَّا بجماعة، فإنها انعقدت به وبإمامه، بخلاف قول "التنبيه" [ص 38]:(ثم أدرك جماعة)، وقول "المنهاج" [ص 119]:(إعادتها مع جماعة).

ثانيها: يستثنى من كلامهم: صلاة الجنازة؛ فإنه لا يستحب إعادتها على الصحيح كما سيأتي في بابه، وكذلك صلاة الجمعة لا يجوز إعادتها؛ لأن الجمعة لا تقام بعد أخرى، قال في "المهمات": فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع .. فالقياس: أنَّها كغيرها.

ثالثها: قال في "المهمات" أيضًا: (تصويرهم يشعر بأن الإعادة إنما تستحب إذا حضر في الثانية من لم يحضر في الأولى، وهو ظاهر، وإلا .. لزم استغراق ذلك الوقت، وقد يقال بالمشروعية إذا اختلفت الأئمة) انتهى.

رابعها: ظاهر إطلاق "التنبيه" و"المنهاج" يتناول ما يستحب فيه الجماعة من النوافل، وهو القياس كما في "المهمات"، قال: وتعليل الرافعي بحصول فضيلة الجماعة يدل عليه، لكنه فرض المسألة أولًا فيمن انفرد بصلاة من الصلوات الخمس، وكذا في "الروضة"، وكذا قيد "الحاوي" بالفرض، فقال [ص 175]:(كإعادة الفرض)(4).

(1) المنهاج (ص 119).

(2)

الحاوي (ص 175).

(3)

الروضة (1/ 344).

(4)

انظر "فتح العزيز"(2/ 148)، و"الروضة"(1/ 344).

ص: 328

خامسها: هذا إذا كان الوقت باقيًا، فأما بعد فواته .. فلا يستحب قطعًا، قاله صاحب "المعين" اليمني، قال بعضهم: ويلزم عليه أنَّه لا يستحب إعادة المغرب تفريعًا على الجديد، وهو ضيق وقتها، وهذا مردود؛ لاتساع وقتها لإيقاعها مرتين ولو قلنا بالتضييق لاعتبار قدر الطهارة وستر العورة والأذان والإقامة وفعل خمس ركعات أو سبع وتناول لقم أو الشبع كما هو مقرر في موضعه.

ويرد على تعبير "المنهاج" و"الحاوي" بالإعادة: أنَّه مخالف لتعريفها بالعبادة الواقعة في الوقت إذا كانت مسبوقة بأداء مختل، وهو ما فقد فيه ركن أو شرط، وهو المذكور في الأصول؛ ولذلك لم يعبر بها "التنبيه"، والمراد عند من عبر بها: معناها اللغوي دون الاصطلاحي.

686 -

قول "المنهاج"[ص 119]: (والأصح: أنَّه ينوي بالئانية الفرض) ظاهره يقثضي جريان الوجهين، على الجديد: أن الفرض الأولى، وعلى مقابله، وكذا في "المحرر"(1)، لكن في "الروضة": إن قلنا بغير الجديد .. نوى الفرض، وإن قلنا بالجديد .. فالأصح الذي قاله الأكثرون: ينوي بها الفرض أيضًا، والثاني اختاره الإمام: ينوي الظهر أو العصر، ولا يتعرض للفرض، زاد النووي: أن الراجح: اختيار الإمام (2).

وقال السبكي: يحتمل أن يريد الأكثرون: أنَّه ينوي إعادة الصلاة المفروضة حتَّى لا يكون نفلًا مبتدأ، لا أن إعادتها فرض.

687 -

قول "المنهاج" و"الحاوي" في (أعذار الجماعة): (كمطر)(3) شرطه: حصول المشقة بالخروج معه، صرح به الرافعي في الكلام على المرض (4)، ولذلك قال في "التنبيه" هنا [ص 38]:(ومن يتأذى بالمطر) وفي (الجمعة)[ص 41]: (من تبتل ثيابه بالمطر) وهو معنى تقييد الماوردي بالمطر الشديد (5)، فعلى هذا لا يعذر بالخفيف، ولا بالشديد إذا كان يمشي في كن.

688 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (والريح الباردة في الليلة المظلمة) ليست الظلمة شرطًا، بل الليل كاف؛ ولذلك أطلقه "المنهاج" و"الحاوي"(6)، قال الرافعي:(وليس وصف بعضهم الليلة بالمظلمة للاشتراط) انتهى (7).

(1) المحرر (ص 50).

(2)

الروضة (1/ 344)، وانظر "نهاية المطلب"(2/ 213).

(3)

الحاوي (ص 176)، المنهاج (ص 119).

(4)

انظر "فتح العزيز"(2/ 151).

(5)

انظر "الحاوي الكبير"(2/ 304).

(6)

الحاوي (ص 176)، المنهاج (ص 119).

(7)

انظر "فتح العزيز"(2/ 151).

ص: 329

قال المحب الطَّبري: والمختار: أن شدة الظلمة وحدها عذر، وقيد "التنبيه" الريح بكونها باردة، وتبعه في "شرح المهذب"(1)، وقيدها "المنهاج" بكونها عاصفة (2)، و"الحاوي" بكونها شديدة (3)، والعاصفة هي الشديدة، وقال في "المهمات": والظاهر: أن الريح الشديدة وحدها عذر بالليل، والتعبير بالباردة لكونه الغالب، وقال المحب الطَّبري: المختار: أن كلًا من الظلمة والبرد والريح الشديدة عذر بالليل، ويدل له: أن شدة البرد عذر ليلًا ونهاراً، وتعبيرهم بالليل يخرج صلاة الصبح، والمتجه في "المهمات": إلحاقها بالليل في ذلك، ويختص "الحاوي" بأنه عد شدة الريح بالليل عذرًا في الجماعة والجمعة، ومن المعلوم عدم تأتي ذلك في الجمعة؛ إذ لا تكون ليلًا.

689 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (والوحل) لا يتخيل أنَّه مطلق، بل هو معطوف على المطر المقيد بالتأذي به، والخفيف لا يحصل التأذي به، وكذلك قيد في "المنهاج" فقال [ص 119]:(وكذا وَحَلٌ شديدٌ)، وكذا هو في "الحاوي" مجرور عطفًا على الريح في قوله [ص 176]:(وشدة الريح).

نعم؛ أطلقه في "التحقيق" و"شرح المهذب"(4).

690 -

قول "التنبيه"[ص 38] و"الحاوي"[ص 176]: (والمرض) قيده "المنهاج" بكونه شديدًا (5)، والمراد: المرض الذي يشق الخروج معه كمشقة المطر، ولا يشترط كونه مجوزًا للقعود في الصلاة، وهذا القدر خفيف من وجه وشديد من وجه.

691 -

قول "المنهاج" في الأعذار الخاصة [ص 119]: (وحرٍّ وبرب شديدينِ) مخالف لكلام "الروضة" وأصلها في عدهما من الأعذار العامة، وهو أظهر، ثم إن الذي في الرافعي و"الروضة": تقييد شدة الحر بكونها في الظهر (6).

692 -

قوله: (وجوعٍ وعطشٍ ظاهرين)(7) هو معنى تقييد "الحاوي" بشدتهما (8)، ولا يشترط مع ذلك حفور الطَّعام والشراب، خلافًا لما وقع في "الشرح" و"الروضة" من تقييده بالحضور

(1) المجموع (4/ 176).

(2)

المنهال (ص 119).

(3)

الحاوي (ص 176).

(4)

التحقيق (ص 259)، المجموع (4/ 176).

(5)

المنهال (ص 119).

(6)

فتح العزيز (2/ 153)، الروضة (1/ 345).

(7)

انظر "المنهاج"(ص 119).

(8)

الحاوي (ص 176).

ص: 330

والتوقان (1)، وهو عجيب، فالحضور والتوقان عذر وإن لم ينضم إليهما جوع ولا عطش، وقد صرح بذلك "التنبيه" هنا فقال [ص 38]:(ومن حضره الطَّعام ونفسه تتوق إليه) وذكره "المنهاج" في كراهة الدخول في الصلاة معه فقال [ص 109]: (أو بحضرة طعام يتوق إليه) ومتى كرهت الصلاة معه .. كان التأخير له عذرًا، فإنهم رخصوا بما لم ينته إلى الكراهة، فما انتهى إليها أولى، بل في "الكفاية" تبعًا لابن يونس: أن توقان النفس إلى الشيء عذر وإن لم يحضر.

693 -

قول "التنبيه"[ص 38]: (أو يدافع الأخبثين) المراد: مدافعة أحدهما، ولا يشترط اجتماعهما، وفي معناه: مدافعة الريح، وقول "الحاوي" [ص 176]:(والحقن) إنما هو حقيقة في مدافعة البول، فقول "المنهاج" [ص 119]:(ومدافعة حدثٍ) أعم منهما وأحسن، وقيد "الحاوي" الحقن بسعة الوقت، أي: فإن ضاق الوقت .. صلى مع الحقن، ولا معنى لهذا التقييد هنا، إنما ينبغي ذكره في كراهة الصلاة معه، والكلام هنا في عذر الجماعة.

694 -

قول "المنهاج"[ص 119] و"الحاوي"[ص 176]: (وخوف ظالم) زاد "المنهاج"[ص 119]: (على نفس أو مال) لا يتناول ما إذا كان خبزه في التنور، أو قِدْرُه على النار، وليس هناك متعهد، وإن كان في "الروضة" تبعًا لأصله أن ذلك يدخل في الخوف على المال (2)، لكن التقييد بظالم يخرجه.

نعم؛ يتناوله قول "التنبيه"[ص 38]: (أو يخاف ضررًا في نفسه أو ماله) فهو من هذه الجهة أحسن، لكن لا يتناول خوف الضرر في نفس غيره ومال غيره مما يجب الذب عنه، فعبارتهما من جهة هذا أحسن.

695 -

قول "المنهاج"[ص 119]: (وملازمة غريم معسرٍ) هو بغير تنوين مضاف إلى معسر؛ أي: ملازمة غريمه له وهو معسر، وفهم هذا من عبارته قلق، فقول "الحاوي" [ص 176]:(والغريم للمعسر) أوضح، ومحل هذا: إذا عسر عليه إثبات إعساره، وإلَّا .. لم يعذر كما في "البسيط".

696 -

قول "الحاوي"[ص 176]: (ورجاء عفو العقوبة) أحسن من قول "المنهاج"[ص 119]: (وعقوبةٍ يُرْجَى تركها إن تَغَيَّبَ أيامًا) لأنه لا يلزم من ترك المطالبة العفو، واستشكله الإمام؛ لأن موجب القصاص من الكبائر فكيف يخفف عليه بجواز التغييب عن المستحق؟ ثم أجاب عنه: بأن المستحق مندوب للعفو، والتغييب طريق إليه (3).

(1) فتح العزيز (2/ 152)، الروضة (1/ 345، 346).

(2)

الروضة (1/ 345).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(2/ 368).

ص: 331

وخرج برجاء العفو ما لا يقبل العفو؛ كحد السرقة والزنا، وقيده في "شرح المهذب" ببلوغ الإمام (1)، فأفهم جواز تغييبه عن الشهود حتَّى لا يرفعوا أمره للإمام.

697 -

قول "المنهاج"[ص 119] و"الحاوي"[ص 176]: (والعُرْي) أي: بألَّا يجد ثوبا يليق به سواء وجد ساتر العورة أم لا، فيؤخذ منه أن من اعتاد الخروج مع ساتر العورة فقط .. لم تسقط عنه الجماعة عند فقد الزائد عليه، وأن ما لا يليق به؛ كالقباء في حق الفقيه .. كالمعدوم، وبه صرح بعضهم.

698 -

قول "المنهاج"[ص 119]: (ولكل ذي ريح كريهٍ) قيده في "المحرر" و"الحاوي" بكونه نيئًا (2)؛ ليخرج المطبوخ، وحذفه "المنهاج" اعتمادًا على أن الطبخ يزيل رائحته، وذكره أحسن، فلا بد فيه من رائحة كريهة، لكنها اغتفرت؛ لقلتها، وشرط في "الروضة" تبعًا لأصله: ألَّا يمكنه إزالة الرائحة بغسل ومعالجة (3)، قال في "المهمات": ومقتضاه: أن الإزالة إذا أمكنت بمشقة شديدة .. يؤمر بها ولا يعذر في التخلف، والقياس الموافق للقواعد خلافه، قال: ويؤخذ منه سقوطها بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى، قال: وفي الجذام والبرص نظر، والظاهر عدم السقوط.

699 -

قول "المنهاج"[ص 119]: (وحضور قريب محتضر أو مريض بلا متعهد أو يأنس به) فيه أمور:

أحدها: الاحتضار هو مراد "الحاوي" بالإشراف و"التنبيه" بخوف الموت (4)، ولا فرق في ذلك بين أن يكون له متعهد أم لا، ويلحق بالاحتضار مجرد الاستئناس به، وهو وارد على "التنبيه" و"الحاوي" فلم يذكراه، وقد ذكره "المنهاج"، لكن في عبارته إشكال؛ لأن قوله:(مريض) إن عطف على (محتضر) على أنَّه صفة لقريب .. خرج تمريض الأجنبي، وهو عذر، وهو مقتضى إطلاق "التنبيه" و"الحاوي"، وإن عطف على (قريب) أي: وحضور مريض ليشمل الأجنبي كما هو الصواب .. شمله في مسألة الأنس أيضًا، وهي لا تشمله، بل هي خاصة بالقريب، وعبارة "المحرر" واضحة في المراد؛ حيث قال:(وإنما يكون التمريض عذرًا إذا لم يكن للمريض متعهد، فإن كان له متعهد: فإن كان قريبًا مشرفًا على الوفاة أو كان يستأنس به .. فهو معذور، وإلا .. فلا)(5) وظهر بذلك أن قوله: (أو يأنس به) معطوف على (محتضر) على أنَّه صفة

(1) المجموع (4/ 178).

(2)

المحرر (ص 52)، الحاوي (ص 176).

(3)

الروضة (1/ 346).

(4)

التنبيه (ص 38)، الحاوي (ص 176).

(5)

المحرر (ص 52).

ص: 332