الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الكفن وحمل الجنازة
973 -
قول "الحاوي"[ص 202]: (وأقله: ثوب لجميع البدن) تبع فيه الإمام والغزالي (1)، وصححه النووي في "مناسكه"(2)، لكن قال الرافعي في "شرحه الصغير": الأَوْلى للنص: وجوب ساتر العورة (3)، وصححه النووي في بقية كتبه، وعزاه للجمهور (4)، واستشكله في "المهمات" بقولهم في (النفقات): لا يحل الاقتصار في كسوة العبد على ستر العورة وإن لم يتأذَّ بحرٍّ أو برد؛ لأنه تحقير وإذلال، قال: فامتناعه في الميت الحر أولى من الحي الرقيق؛ لأن الأول أولى بعدم التحقير، وعلى المرجح: فيختلف الواجب بذكورة الميت وأنوثته، لا برقه وحريته كما اقتضاه كلامهم، وهو الظاهر في "الكفاية"، فيجب في المرأة: ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها حرة كانت أو أمة، وعلته: أن الرق يزول بالموت، كما في الرافعي في (الأيمان)(5) و"الكفاية" هنا، لكن في "المهمات" عن الشيخ أبي على خلافه، والله أعلم.
ولا يخفى أن قول "الحاوي"[ص 202]: (لجميع البدن) يريد به: غير رأس المحرم ووجه المحرمة، لما قرره من بقاء أثر الإحرام، وأطلق "التنبيه" و"المنهاج" أن أقله: ثوب (6)، وهو محتمل لكلا الوجهين، ولم يرجح الرافعي في "شرحه الكبير" شيئاً (7).
974 -
قول "التنبيه"[ص 50]: (ويستحب أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب: إزار ولفافتين) فيه أمور:
أحدها: لو عبر بـ (الذكر) .. لكان أولى؛ لأن الصبي كذلك، وقد عبر "المنهاج" أيضاً بالرجل (8)، لكنه قال بعد ذلك:(والصبي كبالغٍ في تكفينه بأثوابٍ)(9)، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لأنه أطلق أولاً استحباب ثلاث لفائف، ثم بيَّن حكم المرأة بعد ذلك (10)، فعُلم أن الأول حكم من عداها ولو صبياً، لكن مقتضاه: استحباب الاقتصار في الخنثى على ثلاثة، وليس
(1) انظر "نهاية المطلب"(3/ 19)، و"الوسيط"(2/ 370).
(2)
الإيضاح في المناسك (ص 29).
(3)
انظر "الأم"(1/ 266).
(4)
انظر "المجموع"(5/ 148)، و"الروضة"(2/ 110)، و"شرح مسلم"(7/ 7).
(5)
فتح العزيز (12/ 278).
(6)
التنبيه (ص 50)، المنهاج (ص 150).
(7)
فتح العزيز (2/ 410، 411).
(8)
المنهاج (ص 150).
(9)
المنهاج (ص 157).
(10)
الحاوي (ص 203).
كذلك، بل هو كالمرأة في ذلك، والله أعلم.
ثانيها: يستثنى من استحباب ثلاثة: ما إذا كفن من بيت المال حيث يجب .. فلا يزاد على واحد في الأصح، وقد ذكره "الحاوي"(1)، وما إذا كفن من مال المسلمين عند فقد بيت المال، كما ذكره القاضي حسين والبغوي (2)، قال ابن الصلاح في "فتاويه": وكذا وقف الأكفان (3)، قال ابن سُراقة في "التلقين": والمحرم لا يزاد على إزار ورداء.
ثالثها: قال شيخنا الإسنوي في "تصحيحه": الصواب: عدم استحباب تكفين الرجل في إزار ولفافتين، بل المشهور: أن الثلاثة تعم البدن، وقيل: الأول يكون من سرته إلى ركبته وهو المسمى بالإزار، والثاني من عنقه إلى كعبه، والثالث يَعُمُّهُ. انتهى (4).
وهو اعتماد على ما في "الروضة" تبعاً لأصلها (5)، لكن الذي في "التنبيه" نقله النووي في "شرح المهذب" عن الشافعي والأصحاب من غير زيادة عليه ولا استدراك (6)، فالتعبير عن مقابله بـ (الصواب) مشكل.
نعم؛ الصحيح: أنها لفائف تعم البدن، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(7).
975 -
قول "المنهاج"[ص 150]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 203]: (ويجوز رابع وخامس) يقتضي تحريم الزيادة على الخمسة، وبه صرح ابن يونس في "شرح التنبيه"، وذكره النووي بحثاً (8)، لكن المشهور: الكراهة، فيحمل الجواز على المستوي الطرفين لا على مطلق الإباحة.
976 -
قول "التنبيه"[ص 50]: (ويجب ذلك في ماله مقدماً على الدَّيْن والوصية) و"المنهاج"[ص 151]: (ومحله: أصل التركة) أي: وكذا سائر مؤن التجهيز، قال في "التصحيح": والصواب: أنه إذا تعلق بعين المال حقٌ؛ كالزكاة، والجاني، والمرهون، والمبيع إذا مات المشتري مفلساً .. قدم على كفنه وسائر مؤن تجهيزه. انتهى (9).
قال شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" بعد أن عبر في ذلك بالأصح: وتعبيره في "التصحيح"
(1) الحاوي (ص 203).
(2)
انظر "التهذيب"(2/ 420).
(3)
فتاوى ابن الصلاح (1/ 259).
(4)
تذكرة النبيه (2/ 539).
(5)
الروضة (2/ 112، 113).
(6)
المجموع (5/ 159، 160).
(7)
الحاوي (ص 202)، المنهاج (ص 150).
(8)
انظر "المجموع"(5/ 159).
(9)
تصحيح التنبيه (1/ 180).
بالصواب ممنوع؛ ففي "الكفاية" في (الفرائض) وجه أنه يقدم حق الميت على المجني عليه والمرتهن. وأما الزكاة: فإن الديون مقدمة عليها في قولٍ مشهورٍ وإن كان الزكوي باقياً، وحق الميت يقدم على الديون، والمُقَدَّمُ على المُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ. انتهى (1).
وقد ذكر هذا الاستثناء "المنهاج" و"الحاوي" في (الفرائض)(2)، وسنذكر هناك ما أهملاه من الصور.
977 -
قول "المنهاج"[ص 151]: (فإن لم تكن .. فعلى من عليه نفقته من قريبٍ وسيدٍ، وكذا الزوج في الأصح) يقتضي أنه إنما يجب على الزوج إذا لم يكن لها مال، وكذا مقتضى عبارة "المحرر" و"الشرح الصغير"(3)، لكن الذي في "الروضة" وأصلها: وجوبه على الزوج، فإن لم يكن له مال .. وجب في مالها، وعليه مشى "التنبيه" و"الحاوي"(4)، وقال في "شرح المهذب": قيد الغزالي وجوب الكفن على الزوج بشرط إعسار المرأة، وأنكروه عليه. انتهى (5).
وقال في "التوشيح": القول بأنه يجب في مالها، فإن لم يكن .. فعليه، لم أره لأحد، وتوجيه كلامه أنه يقال: قوله: (وكذا الزوج) معطوف على قوله: (ومحله: أصل التركة) لا على ما بعده. انتهى.
وفي حكم الزوجة خادمتها، كما ذكره الرافعي في "النفقات"(6)، ويستثنى من وجوب مؤنة التجهيز على الزوج: ما إذا ماتت ناشزة على الأظهر عند الروياني من احتمالين حكاهما عن والده، والثاني: الوجوب؛ لزوال النشوز بالموت (7).
978 -
قول "التنبيه"[ص 50]: (وإن كان محرماً .. لم يقرب الطيب، ولا يلبس المخيط، ولا يخمر رأسه) هذان الحكمان الأخيران إنما هما في حق الرجل؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص 151]: (ولا يلبس المحرم الذكر مخيطاً، ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة)، وتعبير "الحاوي" بقوله [ص 202]:(وبقّى أثر الإحرام) أعم وأخصر، وأيضاً: فقد يرد على عبارتهما أنه لو مات المحرم بعد التحلل الأول وقبل الثاني .. لم يمتنع شيء من ذلك مع كونه محرماً، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لأن هذه الأمور من الآثار التي انقطعت بالتحلل الأول، ووقع في "المحرر": أن
(1) تذكرة النبيه (2/ 538).
(2)
الحاوي (ص 410)، المنهاج (ص 337).
(3)
المحرر (ص 83).
(4)
التنبيه (ص 50)، الحاوي (ص 203)، الروضة (2/ 111).
(5)
المجموع (5/ 146)، وانظر "الوسيط"(2/ 371).
(6)
انظر "فتح العزيز"(10/ 10).
(7)
انظر "بحر المذهب"(3/ 329).
المحرمة أيضاً لا تلبس المخيط (1)، وهو وهم.
979 -
قول "المنهاج"[ص 151]: (وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من التربيع في الأصح) عبر في "الروضة" بالصحيح (2)، وفي "التنبيه" [ص 52]:(الأفضل: أن يجمع في حمل الجنازة بين التربيع والحمل بين العمودين، فإن أراد أحدهما .. فالحمل بين العمودين أفضل) ومراده بالجمع بينهما: أن يحمل على هذه الهيئة تارة وعلى هذه الهيئة أخرى، وحكاه في "الروضة" وأصلها عن بعض الأصحاب (3).
980 -
قولهم: (والمشي أمامها)(4) هو المشهور مطلقاً، وفي "شرح المسند" للرافعي: أنه يستحب أن يكون خلفها إن كان راكباً، وهو خلاف مذهب الشافعي، تبع فيه الخطابي.
981 -
قولهما: (بقربها)(5) أهمله "الحاوي"، وهو من زيادة "المنهاج" على "المحرر"، وتناول كلامهم النساء مع أنه يكره لهنّ تشييع الجنازة إن لم يتضمن محرماً.
982 -
قول "التنبيه"[ص 52، و"الحاوي" [ص 203]: (والإسراع بها)، قال "المنهاج" [ص 151]:(إن لم يخف تغيره).
983 -
قول "الحاوي"[ص 203]: (والمكث إلى المواراة أولى) مبني على حصول القيراط الثاني بذلك، وهو الذي اختاره الإمام (6)، لكن المختار في "الروضة" والصحيح في "شرح المهذب": أنه لا يحصل إلا بالفراغ (7).
* * *
(1) المحرر (ص 83).
(2)
الروضة (2/ 115).
(3)
الروضة (2/ 115).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 52)، و"الحاوي"(ص 203)، و"المنهاج"(ص 151).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 52)، و"المنهاج"(ص 151).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(3/ 32).
(7)
الروضة (2/ 137)، المجموع (5/ 232).