المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الإحصار والفوات - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌باب الإحصار والفوات

‌باب الإحصار والفوات

1642 -

قول "المنهاج"[ص 209]: (من أُحصر .. تحلل) فيه أمور:

أحدها: أن مراده: ما إذا أحصره عدو، كما صرح به "التنبيه"(1)، فاما حصر المرض: فسيذكره بعده.

وقد اعترض عليهما: بأن الأشهر في اللغة - كما قال النووي -: أنَّه يقال: أحصره المرض إحصارًا، فهو محصر، وحصره العدو حصرًا فهو محصور، فكان ينبغي أن يقولا:(من حُصِر)، وكذلك يرد على تعبير "الحاوي" ب (المحصر)(2).

وأجيب عنه: بأن المفهوم من كلام أهل اللغة - كما ذكره السبكي -: أن الإحصار: المنع من المقصود سواء منع منه مرض أو عدو أو حبس، والحصر: التضييق؛ ويؤيده: أن الآية نزلت في منع العدو مطلقًا زمن الحديبية، وقد عبر فيها بالإحصار.

ثانيها: أن المراد: التحلل جوازًا، والأولى للمعتمر: الصبر، وكذا للحاج إن اتسع الوقت، وإن ضاق .. فالأولى: التعجيل.

استثنى منه الماوردي: ما إذا تيقن انكشاف العدو؛ لعلمه بأنهم لا يمكنهم الإقامة، فإن كان في الحج، وعلم أنَّه يمكنه بعد انكشافهم إدراكه، أو كان في العمرة وتيقن انكشافهم إلى ثلاثة أيام .. لم يجز التحلل (3).

ويستثنى منه أيضًا: ما إذا أحاط العدو بهم من جميع الجوانب، وهم فرقة واحدة .. فلا يجوز التحلل، كما استنبطه في "المهمات" من تعليل الرافعي ما صححه من جواز التحلل ولو أحاط بهم العدو من جميع الجوانب: بأنهم يستفيدون به الأمن من العدو الذي بين أيديهم (4).

ثالثها: أنَّه يتناول من أحصر عن الوقوف دون البيت، وعكسه، كما صرح به "الحاوي"(5)، لكنه لا يتحلل في الحال؛ ففي الأولى: يدخل مكة ويتحلل بعمل عمرة، كما في "أصل الروضة" في آخر الباب (6)، وفي الثانية: يقف، ثم يتحلل، كما في "شرح المهذب" عن الماوردي، وأقره (7)،

(1) التنبيه (ص 80).

(2)

الحاوي (ص 256).

(3)

انظر "الحاوي الكبير"(4/ 346، 347).

(4)

انظر "فتح العزيز"(3/ 526).

(5)

الحاوي (ص 256).

(6)

الروضة (3/ 182).

(7)

المجموع (8/ 228)، وانظر "الحاوي الكبير"(4/ 349).

ص: 669

وفي الصورتين لا قضاء، واستنبط شيخنا الإمام البلقيني رحمه الله من الإحصار عن الطواف: أن الحائض إذا لم تطف للإفاضة، ولم يمكنها الإقامة حتَّى تطهر، وجاءت بلدها وهي محرمة، وعدمت النفقة، ولم يمكنها الوصول إلى البيت .. أنَّها كالمحصر، فتتحلل بالنية والذبح والحلق، وأيده بأن في "شرح المهذب" عن صاحب "الفروع" والروياني والعمراني وغيرهم فيمن صد عن طريق، ووجد آخر أطول: إن لم يكن معه نفقة تكفيه لذلك الطَّرِيقِ .. فله التحلل (1)، وهو استنباط حسن.

أما لو أحصر عن غير الأركان؛ كالرمي والمبيت .. لم يجز التحلل، كما في "شرح المهذب" عن الروياني وغيره؛ لتمكنه من التحلل بالطواف والحلق، ويجزيه، والرمي والمبيت يجبران بالدم (2).

رابعها: أنَّه يتناول ما إذا احتاج في الدفع إلى قتال أو بذل مال .. فلا يجبان، بل له التحلل، وقد صرح به "الحاوي"(3)، لكن استثنى منه السبكي: الإحرام الذي يحصل به إحياء الكعبة إذا لم تقم به طائفة قبلهم في تلك السنة، قال: فينبغي أن يجب قتالهم كسائر فروض الكفايات.

1643 -

قول "المنهاج"[ص 209]: (وقيل: لا تَتَحَلَّلُ الشِّرْذِمَةُ) يقتضي أنَّه وجه، وعبارة "الروضة": جاز التحلل على المذهب، وبه قطع العراقيون، وقال المراوزة: فيه قولان، أظهرهما: الجواز، ومحل ذلك: مع العذر؛ كمن حبس ظلما أو بدين يعجز عنه، أما غيره؛ كالقادر على أداء دين حبس به .. فلا يتحلل (4).

1644 -

قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولا تحلل بالمرض، فإن شرطه .. تحلل به)(5) لا يختص ذلك بالمرض، فلو شرطه لعذر آخر؛ كضلال الطَّرِيقِ، ونفاد النفقة .. كان كذلك في الأصح، وعبارتهم تقتضى لزوم الهدي في الاشتراط، وهو كذلك إن شرطه بهدي، فإن شرطه بغير هدي .. لم يلزم شيء، وكذا إن أطلق في الأصح، وإنما يحتاج إلى التحلل إذا شرط التحلل، فلو قال:(إن مرضت .. فأنا حلال) .. صار حلالًا بنفس المرض على الأصح، ولو قال:(إن مرضت .. قلبت حجي عمرة) .. فالمذهب المنصوص: الصحة، وهو أولى بالصحة من شرط التحلل، وقول "المنهاج" [ص 209]:(على المشهور) كان ينبغي أن يقول: (على المذهب (فإن في "الروضة" طريقين، قال الجمهور: يصح في القديم، وفي الجدبد قولان، أظهرهما:

(1) المجموع (8/ 224)، وانظر "بحر المذهب"(5/ 453)، و"البيان"(4/ 386).

(2)

المجموع (8/ 232)، وانظر "بحر المذهب"(5/ 483).

(3)

الحاوي (ص 256 - 257).

(4)

الروضة (3/ 175).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 80)، و"الحاوي"(ص 257)، و"المنهاج"(ص 209).

ص: 670

الصحة، والطريق الثاني: القطع بالصحة (1)، وجعلها في "شرح المهذب" الصواب؛ لصحة حديث ضباعة فيه، وقال: إن الطَّرِيقِ الأولى أشهر (2).

1645 -

قول "التنبيه" في المحصر [ص 80]: (ذبح هديًا، وتحلل) يقتضي حصول التحلل بمجرد ذلك، وليس كذلك، بل لا بد من نية التحلل، ومن الحلق إن جعلناه نسكا، وهو الأظهر، وكذا يرد ذلك على قول "المحرر":(ومن تحلل .. ذبح شاة)(3)، ويرد عليه أيضًا: أن ظاهره: تأخر الذبح عن التحلل، وليس كذلك، فيحمل على أن مراده؛ ومن أراد التحلل؛ ولذلك استدرك "المنهاج" فقال [ص 209]:(إنما يحصل التحلل بالذبح ونية التحلل، وكذا الحلق إن جعلناه نُسكًا)، وفي "الحاوي" [ص 257]:(بالنية والحلق وذبح شاة)، وتعبير "التنبيه" بالهدي أحسن من تعبيرهما بالشاة؛ لتناوله البدنة والبقرة وسُبعْ أحدهما، ودلالة لفظ الهدي على السن المعتبر فيه شرعًا بخلاف لفظ الشاة.

ويشترط: تأخر الحلق عن الذبح كما في "المهمات" عن الماوردي وغيره (4)، ومقارنة نية التحلل للذبح، وكذا مقارنتها للحلق، كما حكاه ابن الرفعة عن الأصحاب، وجزم به في "الروضة" عند الكلام في تحلل العبد (5)، وسكت الأكثرون عن اشتراطه، وقال في "المهمات": إنه متجه فيما إذا لم يقدر على الذبح، فإن قدر عليه .. كفت مقارنته له، كما يكفي اقتران النية بأول الوضوء والصلاة وغيرهما.

1646 -

قول "المنهاج"[ص 209] و"الحاوي"[ص 257]: (حيث أحصر) يفهم أنَّه لو أراد الذبح في موضع من الحل غير موضع الإحصار .. لم يجز، وهو الذي في "شرح المهذب" عن الدارمي وغيره (6)، ويفهم جواز الذبح في موضعه إذا أحصر في الحل ولو تمكن من بعض الحرم، وهو الأصح في "أصل الروضة"(7)، لكن رجح شيخنا الإمام البلقيني مقابله، وقال: إن الماوردي قال: إنه المذهب، وحكاه عن البصريين، وأن الشيخ أبا حامد حكاه عن نص الشَّافعي،

(1) الروضة (3/ 173 - 174).

(2)

المجموع (8/ 236)، وحديث ضباعة أخرجه البخاري (4801)، ومسلم (1207) من حديث سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزُّبَير فقال لها: "أردت الحج؟ " قالت: والله ما أجدني إلَّا وجعة، فقال لها:"حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني"

(3)

المحرر (ص 134).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(4/ 186).

(5)

الروضة (3/ 178).

(6)

المجموع (8/ 229 - 230).

(7)

الروضة (3/ 175).

ص: 671

ثم حكى شيخنا النص، وعبارته: فإن قدر على أن يكون الذبح بمكة .. لم يجز إلَّا بها، وإن لم يَقْدِر .. ذبح حيث يَقْدِر. انتهى (1).

وليس في هذا النص مطلق الحرم، وإنَّما فيه موضع مخصوص منه، وهو مكة، ومتى قدر على مكة .. لزمه الدخول إليها والتحلل بعمل عمرة كما تقدم، فليس في هذا النص ما ينافي المصحح في "الروضة"، والله أعلم.

1647 -

قول "التنبيه"[ص 80]: (وإن لم يكن معه هدي .. ففيه قولان، أحدهما: لا بدل للهدي، والثاني: له بدل) الأظهر: الثاني، لكن قال "التنبيه" [ص 80]:(وهو الصوم)، وهو قول مرجوح، والأظهر: أن بدله طعامٌ بقيمة الشاة، فإن عجز .. صام عن كل مذ يومًا، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(2).

1648 -

قول "التنبيه" - تفريعًا على ما جزم به من أن بدله الصوم -[ص 80]: (وفيه ثلاثة أقوال، أحدها: صوم التمتع، والثاني: صوم الحلق، والثالث: صوم التعديل عن كل مد يومًا) صحح الفارقي: الثالث، ولم يصحح الرافعي ولا النووي واحدًا منها.

1649 -

قوله: (وفي تحلله قبل أن يصوم في أحد القولين وقبل أن يهدي في القول الآخر .. قولان)(3) الأظهر: الجواز، وقال النووي في "شرح المهذب": وحكى الأكثرون الخلاف وجهين (4)، قال النشائي: ولا حرج فيه؛ لأن الخلاف فيه مرتب على القولين في الذبح وأولى بالتحلل (5).

1650 -

قول "المنهاج"[ص 209]: (وله التحلل في الحال في الأظهر) غير الخلاف الذي في "التنبيه" لأن ذلك مفرع على ضعيفين؛ إما على أن الهدي لا بدل له، وإما على أن بدله الصوم، والذي في "المنهاج" تفريع على الأظهر: أن بدله الطَّعام، فإن عجز .. فصوم التعديل، فله التحلل قبل فراغه من الصوم على الأظهر، لتضرره بطوله، وكذا صحح في "شرح المهذب"(6)، ولم يفصح في "الروضة" بتصحيح، وإنَّما قال: وإن قلنا: له بدل " فإن كان يطعم .. توقف التحلل عليه كالذبح، وإن كان يصوم .. فكذلك مع ترتب الخلاف، ومنع التوقف هنا أولى؛ للمشقة بطول مدة الصوم (7).

(1) انظر "الأم"(2/ 161)، و"الحاوي الكبير"(4/ 350).

(2)

الحاوي (ص 257)، والمنهاج (ص 209).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 80).

(4)

المجموع (8/ 231).

(5)

انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 73).

(6)

المجموع (8/ 227).

(7)

الروضة (3/ 175).

ص: 672

قال السبكي: ووقع في كلام الرافعي و"الروضة" خلل؛ فإنهما لم يحكيا القول بالتحلل قبل الذبح للقادر، وحكيا الترتيب المذكور، فكأن الرافعي اشتغل أولًا عن حكاية القول بشرح المسألة وتقسيمها، ثم ذكر الترتيب في آخرها؛ لِمَا في ذهنه من "الوجيز"، فصار ترتيبًا على غير مذكور في كلامه وإن كان مذكورًا في الجملة، ولخصه في "الروضة" من غير تأمل. انتهى.

وعبر "المنهاج" عن عدم الهدي معه بقوله [ص 209]: (فإن فُقِد الدم)، والمراد: الفقد الحسي أو الشرعي؛ لاحتياجه إلى ثمنه أو وجدوه غاليًا.

1651 -

قولهما: (وإذا أحرم العبد بغير إذن مولاه .. جاز له أن يحلله)(1) فيه أمور:

أحدها: أن الأمة كذلك، وقد ذكر ابن حزم أن لفظ العبد يتناولها لغة (2).

ثانبها: لا يختص ذلك بالقن، فالمبعض والمكاتب كذلك.

ثالثها: معنى تحليل السيد له: أن يأمره به، فيتحلل بالنية والحلق، وليس معناه: أن السيد يتعاطى الأسباب، فإن امتنع .. كان للسيد أن يعامله معاملة الحلال، فيطأ الأمة، ويستعمله في ذبح الصيد ونحوه.

ولا يرد شيء من ذلك على قول "الحاوي"[ص 256]: (وللسيد منع المحرم بغير إذنه، وتحلل)، لكنه سوى بينه وبين المحصر في التحلل بالنية والحلق والذبح، وليس كذلك، فالأصح: القطع بأنه لا يتوقف تحلله على الذبح، بل يكفي في تحلله النية والحلق إن جعلناه نسكًا.

رابعها: أورد عليهم: أن مفهوم كلامهم أنَّه إذا أحرم بالإذن .. لا يحلله، فإن أريد: مطلق الإحرام .. تناول ما لو أحرم قبل الوقت المأذون فيه؛ بأن أذن له في الإحرام في ذي القعدة، فأحرم في شوال مع أن له تحليله قبل دخول ذي القعدة لا بعده، وكذلك المكان، وإن أريد: الإحرام بصفاته المأذون فيها .. تناول ما لو أذن له في الحج، فأحرم بالعمرة أو قرن مع أنَّه ليس له تحليله في هاتين الصورتين، بخلاف ما لو أذن له في العمرة، فأحرم بالحج .. فله تحليله.

1652 -

قولهما: (وإن أحرمت المرأة بحج التطوع بغير إذن زوجها .. جاز له أن يحللها)(3) المراد بذلك: أمرها به كما تقدم في العبد، لكن التحلل هنا يكون بالنية والحلق والذبح، فإن أبت .. ففي "الروضة" وأصلها: أن الإمام نقل عن الصيدلاني: أن له وطئها، وتوقف فيه؛ لأنه

(1) انظر "التنبيه"(ص 80)، و"المنهاج"(ص 209).

(2)

انظر "المحلى"(8/ 424).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 80)، و "المنهاج"(ص 209).

ص: 673

حق الله تعالى (1)، لكنه في "شرح المهذب" قال: إنه المذهب (2)، ولذلك عبر "الحاوي" [ص 256]:(بأن للزوج مَنعَ المحرم بغير إذنه)، وتناولت عبارته العمرة أيضًا، وليس له تحليل الرجعية، ولكن له حبسها، وحبس البائن للعدة.

1653 -

قول "التنبيه"[ص 80]: (وفي حجة الإسلام قولان) أظهرهما: أن له ذلك، وعليه مشى "الحاوي"، فأطلق المنع (3)، و"المنهاج" فقال [ص 209]:(وكذا من الفرض في الأظهر)، وتعبيره بالفرض أعم من تعبير "التنبيه" بحجة الإسلام؛ لتناوله القضاء، وقد ذكره في "شرح المهذب" بحثًا (4)، لكن حكى فيه البغوي والمتولي وجهين (5)، وبناهما المتولي على الفور في القضاء، ومقتضاه: ترجيح أنَّه ليس له المنع؛ لأن الأصح: أنَّه على الفور كما سيأتي، ويتناول المنذورة أيضًا، وهي كحجة الإسلام، كما في "شرح المهذب" عن الدارمي والجرجاني (6)، وقال في "المهمات": يتجه أنَّه ليس له المنع منه إن كان النذر قبل النكاح وتعلق بزمان بعينه، كما صرح به الرافعي في (النفقات) في نذر الصوم؛ لسبقه حقه، وإن تعلق بزمن غير معين؛ فإن كان قبل النكاح أو بعده ولكن بإذنه .. فعلى الخلاف في حجة الإسلام، وإن كان بعده وبغير إذنه .. فله المنع قطعا؛ لتعديها، وأطلق الرافعي في نظيره من الصوم أن له المنع على الصحيح.

واقتصروا على التحليل (7)، وفي "المحرر" حكاية الخلاف فيه وفي المنع من ابتداء الإحرام، فقال:(وله منعها من حج الفرض في أصح القولين، والتحليل إن أحرمت بغير إذنه)(8)، فسوى بينهما، وفي "الروضة" وأصلها في المنع ابتداءً قولان، فإن جوزناه له .. ففي التحليل إن لم يأذن قولان.

وأطلق في "الروضة" وأصلها هنا: أنَّه يستحب لها أن لا تحرم إلَّا بإذنه، لكنه قال بعده: إن الأمة المزوجة لا يجوز لها الإحرام إلَّا بإذن السيد والزوج جميعًا (9)، وهو صريح في وجوب استئذان الزوج، وكونها حرة أو أمة لا أثر له في ذلك، وهو قياس ما تقرر في الصوم والاعتكاف

(1) الروضة (3/ 179)، وانظر "نهاية المطلب"(4/ 444).

(2)

المجموع (8/ 240).

(3)

الحاوي (ص 257).

(4)

المجموع (8/ 240).

(5)

انظر "التهذيب"(3/ 275).

(6)

المجموع (8/ 240).

(7)

انظر "فتح العزيز"(10/ 36).

(8)

المحرر (ص 134).

(9)

الروضة (3/ 179).

ص: 674