الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يذكر جميع مسائل الكتب الثلاثة؛ بل يتخير منها ما يحتاج إلى تعليق، أو تحرير، أو بيان راجح، أو تقييد مطلق، أو تفصيل مجمل.
وحوى الكتاب كثيراً من المناقشات والحوارات العلمية التي جرت بينه وبين شيوخه وعلماء عصره؛ كوالده، وشيخه البلقيني، وكذا نقولات كثيرة من كتب الفتاوى، وكثيراً ما ينقل نصوصاً كاملة دون تصريح أو إشارة إلن مصدر نقله، وقد يكون نقله حرفياً؛ وبخاصة في نقله من "السراج على نكت المنهاج" لشيخه شهاب الدين ابن النقيب، وإذا كان التنكيت على "التنبيه" .. فكثيراً ما ينقل عن "نكت النبيه على أحكام التنبيه" للنشائي، ويمكن القول: إن الكتاب جامع للمختصرات الثلاثة ونكتها وتصحيحها وشروحها.
وقد يرى الناظر في الكتاب لأول وهلة أن المصنف مجرد جامع لأقوال أئمة المذهب، إلا أن الدارس للكتاب والمستقرئ لمسائله يتضح له منهجية المصنف في اختياراته، وذلك بالانتقاء من آراء العلماء ونقولاتهم ما يفيد أنه الراجح عنده وإن لم يصرح به.
ويعد الكتاب مرجعا لمعرفة الراجح من المذهب الشافعي؛ فقد اهتم المؤلف بذكر رأي الشيخين: الرافعي والنووي وترجيحاتهما، مضيفاً إليهما اختيارات السبكي، وهذا الذي استقر عليه المتأخرون.
ومن اهتمام المؤلف بذكر رأي الرافعي والنووي أنه يعقد أحياناً مقارنة بين أقوال الرافعي في كتبه والنووي في كتبه، فيذكر كلام الرافعي مثلاً في"الشرح الكبير" ويقارنه بما في "الشرح الصغير" و"المحرر" و"التذنيب"، وكذلك في كلام النووي يعقد مقارنة بين كلامه في "التحقيق" و"شرح المهذب" و"الروضة" و"المنهاج" و"الأذكار" و"شرح مسلم".
ولم يستدل المصنف بالآيات القرآنية ولا الأحاديث والآثار إلا قليلاً؛ لأن موضوع الكتاب: الجمع بين المختصرات الثلاثة، والتنكيت والتعليق عليها، وتحرير الراجح المفتى به؛ فنزّل المصنف أقوال أئمة المذهب منزلة الأدلة، وعليها يعلق، وبها يستشهد.
ج- مصطلحات الكتاب
وتنقسم إلى: مصطلحات خاصة بكتب الشافعية، ومصطلحات خاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي".
أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:
- الأقوال: هي اجتهادات الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، سواء كانت قديمة أو جديدة.
- القول القديم: هو ما قاله الإمام الشافعي قبل انتقاله إلى مصر تصنيفاً أو إفتاء، سواء أكان رجع عنه -وهو الأكثر- أم لم يرجع عنه، ويسمى أيضًا بالمذهب القديم.
وأبرز رواته الزعفراني والكرابيسي وأبو ثور.
- القول الجديد: هو ما قاله الشافعي بمصر تصنيفا أو إفتاء، ويسمى بالمذهب الجديد.
وأبرز رواته: البويطي والمزني والربيع المرادي.
- الأظهر: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال للإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين القولين قويا، بالنظر إلى قوة دليل كل منهما، وترجح أحدهما على الآخر، فالراجح من أقوال الإمام الشافعي حينئذ هو الأظهر.
ويقابله الظاهر الذي يشاركه في الظهور، لكن الأظهر أشد منه ظهوراً في الرجحان.
- المشهور: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال للإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين القولين ضعيفاً، فالراجح من أقوال الإمام الشافعي حينئذ هو المشهور.
ويقابله الغريب الذي ضعف دليله.
- الأصحاب: هم فقهاء الشافعية الذين بلغوا في العلم مبلغاً عظيمًا حتى كانت لهم اجتهاداتهم الفقهية الخاصة، التي خرّجوها على أصول الإمام الشافعي واستنبطوها من خلال تطبيق قواعده؛ وهم في ذلك منسوبون إلى الإمام الشافعي ومذهبه، ويسمون أصحاب الوجوه.
- الوجوه (الأوجه): هي اجتهادات الأصحاب المنتسبين إلى الإمام الشافعي ومذهبه، التي استنبطوها على ضوء الأصول العامة للمذهب، والقواعد التي رسمها الإمام الشافعي، وهي لا تخرج عن نطاق المذهب.
- الطرق: يطلق هذا الاصطلاح على اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب.
كأن يقول بعضهم: في المسألة قولان، ويقول آخرون: لا يجوز إلا قول واحد أو وجه واحد.
أو يقول أحدهم: في المسألة تفصيل، ويقول الآخر: فيها خلاف مطلق.
ونحو ذلك من الاختلاف.
- المذهب: يطلق على الرأي الراجح في حكاية المذهب، وذلك عند اختلاف الأصحاب في حكايته بذكرهم طريقين أو أكثر، فيختار المصنف ما هو الراجح منها ويقول: على المذهب
…
- الأصح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين الوجهين قوياً، بالنظر إلى قوة دليل كل منهما، وترجّح أحدهما على الآخر، فالراجح من الوجوه حينئذ هو الأصح.
ويقابله الصحيح الذي يشاركه في الصحة، لكن الأصح أقوى منه في قوة دليله فترجّح عليه لذلك.
- الصحيح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين الوجهين ضعيفًا، بأن كان دليل المرجوح منهما في غاية الضعف، فالراجح من الوجوه حينئذ هو الصحيح.
ويقابله الضعيف أو الفاسد، ويعبّر عنه بقولهم: وفي وجه كذا
…
- النص: هو القول المنصوص عليه في كتاب الإمام الشافعي، وسمي نصا؛ لأنه مرفوع القدر بتنصيص الإمام عليه، ويقابله القول المخرّج.
- التخريج: هو أن يجيب الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين ولم يظهر ما يصلح للفرق بينهما، فينقل الأصحاب جوابه في كل صورة إلى الأخرى، فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج، المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقال فيهما قولان بالنقل والتخريج.
والغالب في مثل هذا عدم إطباق الأصحاب على التخريج، بل منهم من يخرّج، ومنهم من يبدي فرقا بين الصورتين، والأصح أن القول المخرج لا ينسب للشافعي؛ لأنه ربما روجع فيه، فذكر فرقاً.
- الأشبه: هو الحكم الأقوى شبها بالعلة، وذلك فيما لو كان للمسألة حكمان مبنيان على قياسين، لكن العلة في أحدهما أقوى من الآخر.
- الاختيار والمختار: ما استنبطه المجتهد باجتهاده من الأدلة الأصولية.
- التفريع: هو أن يثبت لمتعلق أمر حكم بعد إثباته لمتعلق له آخر على وجه يشعر بالتفريع والتعقيب.
- العراقيون: هم الطائفة الكبرى في الاهتمام بفقه الشافعي ونقل أقواله، ويقال لهم أيضًا: البغداديون؛ لأن معظمهم سكن بغداد وما حولها. ومدار طريقة العراقيين وكتبهم أو جماهيرهم مع جماعات من الخراسانيين على الشيخ أبي حامد الإسفراييني (ت 406 هـ) و"تعليقته"؛ وهو شيخ طريقة العراقيين، وعنه انتشر فقههم، انتهت إليه رياسة المذهب الشافعي ببغداد، واشتهرت طريقتهم في تدوين الفروع بطريقة العراقيين، وتمتاز طريقة العراقيين بأنها أتقن في نقل نصوص الشافعي، وقواعد مذهبه، ووجوه متقدمي الأصحاب، وأثبت من نقل الخراسانيين غالبًا.
- الخراسانيون: هم الطائفة الكبرى بعد العراقيين في الاهتمام بفقه الشافعي ونقل أقواله، ويقال لهم أيضاً: المراوزة؛ لأن شيخهم ومعظم أتباعهم مراوزة؛ فتارة يقال لهم: الخراسانيون، وتارة: المراوزة، وهما عبارتان بمعنى واحد، ومدار طريقة الخراسانيين على القفال الصغير، وهو عبد الله بن أحمد المروزي (ت 417 هـ)، المتكرر ذكره في كتب متأخري الخراسانيين؛ لأنه
الأشهر في نقل المذهب؛ فهو شيخ طريقة الخراسانيين، الذي انتهت إليه رياسة المذهب في عصره، فسلك طريقة أخرى في تدوين الفروع، واشتهرت طريقتهم في تدوين الفروع بطريقة الخراسانيين، وكان اشتهارها في القرن الرابع والخامس الهجريين، وتمتاز طريقة الخراسانيين بأنها أحسن تصرفاً وبحثاً وتفريعاً غالباً.
- صيغ التضعيف: يستعمل فقهاء الشافعية في مصنفاتهم عدداً من المصطلحات الخاصة ببيان ضعف الاجتهادات الفقهية، أو ضعف أدلتها، ومن أبرزها:
قولهم: زعم فلان
…
: فهو بمعنى قال. إلا أنه أكثر ما يستعمل فيما يشك فيه.
قولهم: إن قيل، أو قيل كذا، أو قيل فيه
…
: فهي لإشارة إلى ضعف الرأي المنقول، أو ضعف دليله.
قولهم: وهو محتمل: فإن ضبطوها بفتح الميم الثانية (محتمَل) .. فهو مُشعر بالترجيح؛ لأنه بمعنى قريب.
وإن ضبطوها بكسر الميم الثانية (محتمِل) .. فلا يُشعر بالترجيح؛ لأنه بمعنى ذي احتمال؛ أي قابل للتأويل.
قولهم: وقع لفلان كذا: فإن صرحوا بعده بتضعيف أو ترجيح -وهو الأكثر- .. فهو كما قالوا، وإن لم يصرِّحوا .. كان رأياً ضعيفاً.
قولهم: (إن صح هذا .. فكذا): فهو عند عدم ارتضاء الرأي.
- صيغ التوضيح: يستعمل فقهاء الشافعية بعض التعبيرات بقصد توضيح مرادهم، أو التنبيه على أمور دقيقة، ومن أبرز هذه التعبيرات:
قولهم: محصل الكلام: هو إجمال بعد تفصيل في عرض المسألة.
قولهم: حاصل الكلام: هو تفصيل بعد إجمال في عرض المسألة.
قولهم: تحريره أو تنقيحه: يستعملها أصحاب الحواشي والشروح للإشارة إلى قصور في الأصل، أو إلى اشتماله على الحشو، وأحياناً يستعملونها لزيادة توضيح.
قولهم في ختام الكلام: تأمل: فهو إشارة إلى دقة المقام أو إلى خدش فيه، والسياق هو الذي يبين أي المعنيين قصده المصنف.
قولهم: اعلم: لبيان شدة الاعتناء بما بعده من تفصيل للآراء وأدلتها.
قولهم: لو قيل كذا .. لم يَبعُد، وليس ببعيد، أو لكان قريباً، أو هو أقرب:
فهذه كلها من صيغ الترجيح.
وقول الرافعي والنووي: وعليه العمل؛ فهي صيغة ترجيح أيضاً.