المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [من شروط الصلاة استقبال الكعبة] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌فصل [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

في " الروضة " و" المنهاج " إلى قوله: (مقاماً محموداً) بالتنكير؛ لأنه ثبت كذا في الصحيح، وموافقة لقوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ، قاله في " الدقائق "(1).

ولا شك أنه بالتنكير أشهر، وهو الذي في " صحيح البخاري "(2)، لكن رواية المقام المحمود بالتعريف رواها ابن حبان في " صحيحه " عن شيخه ابن خزيمة (3).

425 -

قول " التنبيه "[ص 27]: (وإذا لم يوجد من يتطوع بالأذان .. رزق الإمام من يقوم به) فيه أمران:

أحدهما: يستثنى منه صورتان: أحدهما: إذا كان المتطوع فاسقاً .. فالصحيح: أن للإمام أن يرزق أميناً.

الثانية: إذا كان غير المتطوع أحسن صوتاً منه .. فالأصح: جواز رزقه إذا رآه.

ثانيهما: أنه يفهم أنه إذا أمكن جمع أهل البلد في مسجد من مساجدها .. أن الإمام يخص من يؤذن فيه بالرزق؛ لأنه تقوم به الكفاية، والأصح في " الروضة ": أنه يعمها؛ لئلا تتعطل (4).

426 -

قوله: (فإن استأجر عليه .. جاز)(5) أي: إذا لم يجد متطوعاً كما سبق، ويفهم منه: اعتبار بيان المدة كما في سائر الإجارات، والأصح: خلافه إن كان من بيت المال، فإن استأجر الإمام من ماله أو آحاد الناس .. فالأصح: اشتراطه.

‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

427 -

قولهما: (استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة)(6) لو عبَّرا بالكعبة كما فعل في " الحاوي "(7) .. لكان أحسن؛ لأن فيه بيان القبلة المأمور بها، وقيد " المنهاج " ذلك بصلاة القادر؛ ليحترز به عن العاجز؛ كمريض عجز عمن يوجهه إلى القبلة، ومربوط على خشبة، وغريق على لوح يخاف من استقباله الغرق، ومن خاف من نزوله عن دابته على نفسه أو ماله أو

(1) دقائق المنهاج (ص 42)، وانظر الروضة (1/ 203)، والمنهاج (ص 94).

(2)

صحيح البخاري (589)، (4442).

(3)

صحيح ابن خزيمة (420)، صحيح ابن حبان (1689).

(4)

الروضة (1/ 205).

(5)

انظر " التنبيه "(ص 27).

(6)

انظر " التنبيه "(ص 29)، و" المنهاج "(ص 94).

(7)

الحاوي (ص 156).

ص: 227

انقطاعاً عن رفقته .. فيصلي على حسب حاله ويعيد.

قال في " الكفاية ": وجوب الإعادة دليل الاشتراط؛ أي: فلا يحتاج إلى التقييد بالقادر؛ فإنها شرط للعاجز أيضاً، بدليل القضاء؛ ولذلك لم يذكره في " التنبيه " و" الحاوي "، لكن قال السبكي: لو كان شرطاً .. لما صحت الصلاة بدونه، ووجوب القضاء لا دليل فيه.

428 -

قولهما: (إلا في شدة الخوف، وفي النافلة في السفر)(1) عبر في " الحاوي " عن الأول بقوله [ص 156]: (شُرِط لصلاة الأمن) وليس وافياً بالمقصود؛ لأن ضد الأمن الخوف، وليس ترك الاستقبال جائزاً في كل خوف، وإنما هو في شدة الخوف فقط، فتعبيرهما أولى، ويستثنى من شدة الخوف: ما إذا أمن وهو راكب؛ فإنه لا يستدبر القبلة، فإن استدبرها .. بطلت صلاته بالاتفاق، كما قاله في " الروضة "(2)، ولم يحتج في " الحاوي " إلى ذكر نافلة السفر هنا؛ لكونه ذكرها بعد ذلك.

ويرد عليهما: أنهما أطلقا ذكر السفر، والمراد به: المباح ذو المقصد المعين، وقد ذكر في " الحاوي " الثاني، فقال [ص 157]:(من له مقصد معين) ويرد عليه الأول، ويختص " التنبيه " بأن محل ذلك: إذا لم يمكنه الاستقبال، فإن أمكنه؛ بأن صلى في هودج أو سفينة .. وجب عليه الاستقبال، وقد ذكره " المنهاج " بقوله [ص 94]:(فإن أمكن استقبال الراكب في مرقد، وإتمام ركوعه وسجوده .. لزمه)، و" الحاوي " بقوله [ص 157]:(لا في سفينة وهودج) ويستثنى من كلامه: ملاح السفينة الذي يسيرها؛ فإنه يتنفل إلى جهة مقصده، كما صرح به أصحاب " العدة " و" الحاوي " و" البحر "(3)، وقال في " الروضة ": لا بد منه، وجزم به في " التحقيق "(4)، وصحح في " الشرح الصغير ": أنه كغيره، ولم يصرح في " المنهاج " بمسألة السفينة حتى تستثنى هذه الصورة من كلامه، لكنها -أعني: السفينة- في معنى ما ذكره من المرقد، ويشترط أيضاً: ترك الفعل الكثير بلا حاجة؛ كالركض والعدو بلا عذر، ولم يذكراه، وقد ذكره " الحاوي " بقوله [ص 158]:(أو عدى أو أعدى بغير عذر).

429 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (فإن كان ماشياً أو على دابة يمكن توجيهها إلى القبلة .. لم يجز حتى يستقبل القبلة في الإحرام والركوع والسجود) فيه أمران:

أحدهما: لفظ الإمكان لا يستلزم السهولة، والعبرة بها وباستقبال الراكب لا بتوجيهه الدابة؛

(1) انظر " التنبيه "(ص 29)، و" المنهاج "(ص 94).

(2)

الروضة (2/ 64).

(3)

الحاوي الكبير (2/ 74)، بحر المذهب (2/ 86).

(4)

الروضة (1/ 210)، التحقيق (ص 187).

ص: 228

ولهذا عبر في " المنهاج " و" الحاوي " بسهولة الاستقبال (1). ثانيهما: قال النووي في " تصحيحه ": (والصواب: أنه لا يشترط في المتنفل راكبًا الاستقبال في الركوع والسجود)(2).

قال شيخنا جمال الدين في " تصحيحه ": (وتعبيره بالصواب ممنوع؛ فإن في " الكفاية " و" شرح المهذب " وجهين)(3).

قلت: وجه الاشتراط حكاه القاضي أبو الطيب، وذكره الروياني والبندنيجي أيضاً (4)، لكن النووي لما حكاه في " شرح المهذب " قال: إنه باطل لا أصل له (5)، فإذا كان عنده غير ثابت .. استقام لفظ الصواب على رأيه.

430 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (فإنه يصليها حيث توجه) قد يقتضي أنه لا يجوز له الانحراف عن جهة توجهه ولو إلى القبلة، وكذا قول " الحاوي " [ص 157]:(إنَّ صوب السفر بدل في النفل) إلا أن يقال: إن قوله: (إنه بدل) يفهم أنه لو استقبل الأصل، وهو القبلة .. جاز، وقد صرح به في " المنهاج " فقال [ص 94]:(ويحرم انحرافه عن طريقه إلا إلى القبلة)، وفي " فتاوى القاضي حسين ": إذا ركب الحمار معكوسًا فصلى إلى القبلة .. يحتمل وجهين: أحدهما: يجوز؛ لأنه استقبل، والثاني: لا؛ لأن قبلته وجه دابته وطريقه، والعادة لم تجر بركوب الحمار معكوساً. انتهى.

وهذا الاحتمال الثاني غريب، ويستثنى من كلام " التنبيه " و" المنهاج ": من انحرف زمناً يسيراً ناسيًا، أو خطأً، أو لجماح الدابة، أو عروض الريح للسفينة، وقد صرح به في " الحاوي " فقال [ص 157، 158]: (وإن استدبر ناسياً، أو خطأً، أو للجماح .. سجد للسهو إن قَصُر) ولو عبر بالانحراف .. لكان أعم من الاستدبار، وقد حمل البارزي في " توضيحه الكبير " قول " الحاوي ":(سجد للسهو) على الأخيرة فقط، وهي صورة الجماح، لكنه في صورة النسيان قد صححه الرافعي في " الشرح الصغير "، ونص عليه الشافعي كما نقله الخوارزمي في " الكافي "(6)، وهو الظاهر من كلامهم في صورة الخطأ أيضاً، فالأولى: حمل كلامه على الثلاثة، وإنما حمل البارزي كلامه على صورة الجماح فقط؛ لأن المنصوص -كما حكاه في

(1) الحاوي (ص 157)، المنهاج (ص 95).

(2)

تصحيح التنبيه (1/ 120).

(3)

تذكرة النبيه (2/ 459)، وانظر " المجموع "(3/ 208، 209).

(4)

انظر " بحر المذهب "(2/ 86).

(5)

المجموع (3/ 209).

(6)

انظر " الأم "(1/ 98).

ص: 229

" الشرح " و" الروضة "- في صورة النسيان: أنه لا يسجد (1)، وصرح بتصحيحه في " شرح المهذب "(2)، خلاف ما تقدم تصحيحه عن " الشرح الصغير ".

وقول " الحاوي " في المسألة [ص 158]: (لا إن كثرت) أي: لا تبطل صلاته فيما إذا وطئ على نجاسة إذا كثرت النجاسة في طريقه، ولا بد من تقييده بكونها يابسة، ومع ذلك فالذي ذكره " الحاوي " احتمال للإمام، حكاه عنه الرافعي، ولم يحك غيره (3)، لكن قال في " التحقيق ":(ولا يكلف ماش الاحتياط في التصون، فإن تعمدها .. بطلت، وفيما إذا كانت يابسة لا معدل عنها احتمال)(4).

431 -

قول " المنهاج "[ص 94] و" الحاوي "[ص 158]: (إنه لو صلى فرضاً على دابة وهي واقفة .. جاز) قال في " المحرر ": (وهي واقفة معقولة)(5)، قال في " الدقائق ":(الصواب: حذفه)(6)، ولم يقيد به في " الشرح " و" الروضة "(7)، وقولهما:(أو سائرة .. فلا)(8) يستثنى منه: ما لو خاف من النزول انقطاعاً عن الرفقة، أو على نفسه، أو ماله .. فإنه يصلي عليها الفرض بالإيماء كما تقدم ويعيد.

432 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (ومن صلى في الكعبة أو على ظهرها وبين يديه سترة متصلة .. جازت صلاته) أحسن من قول " المنهاج "[ص 95]: (أو على سطحها مستقبلاً من بنائها ما سبق .. جاز) لأنه يخرج بالبناء إذا استقبل شجرة فيها، أو جمع شيئاً من ترابها، أو حفر حفرة فنزل فيها، وكل ذلك داخل في قول " التنبيه " [ص 29]:(وبين يديه سترة متصلة)، وكذا في قول " الحاوي " [ص 156]:(وجزئها) بل قد يقال: إنه أحسن؛ لأن العصا المغروزة تدخل في السترة المتصلة ولا تدخل في جزئها، مع أنها لا تكفي، لكن قيل: إن المتصلة هي المثبتة أو المسمرة، فلا يتناول حينئذ المغروزة.

وقدر السترة: ثلثا ذراع؛ كما صرح به في " المنهاج " و" الحاوي "(9).

(1) فتح العزيز (1/ 436، 437)، الروضة (1/ 212).

(2)

المجموع (3/ 210).

(3)

انظر " نهاية المطلب "(2/ 84، 85)، و " فتح العزيز "(1/ 440).

(4)

التحقيق (ص 188).

(5)

المحرر (ص 29).

(6)

الدقائق (ص 42).

(7)

فتح العزيز (1/ 431، 432)، الروضة (1/ 210).

(8)

انظر " الحاوي "(ص 158)، و " المنهاج "(ص 94).

(9)

الحاوي (ص 156)، المنهاج (ص 95).

ص: 230

433 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (والفرض في القبلة: إصابة العين، فمن قرب منها .. لزمه ذلك بيقين) وهو معنى قول " المنهاج "[ص 95]: (ومن أمكنه علم القبلة .. حرم عليه التقليد والاجتهاد)، وكذا قال " الحاوي " [ص 156]:(يقيناً)، ويستثنى من كلامهم: من هو بمكة إذا حال بينه وبين الكعبة حائل أصلي؛ كالجبل .. فله الاجتهاد، ولا يكلف الرقي فوقه ليرى الكعبة، وكذا إن كان الحائل حادثاً؛ كالأبنية في الأصح، كذا في " الشرح " و" الروضة "(1)، لكن نص في " البويطي " على الإعادة (2)، وأقل مراتبه: حمله على الحائل الحادث، وفي " النهاية " عن العراقيين: لو بنى حائلاً مغ المشاهدة بلا حاجة .. لم تصح صلاته بالاجتهاد؛ لتفريطه (3)، وحمل في " الكفاية " القرب في كلام " التنبيه " على داخل المسجد، والبعد على خارجه، وليس في اللفظ ما يدل عليه.

434 -

قول "التنبيه"[ص 29]: (ومن بعد عنها .. لزمه ذلك بالظن في أحد القولين) هو الأصح، والظن إما بالخبر، أو الاجتهاد، أو التقليد، وتخصيصه في " الكفاية " بالاجتهاد ليس بجيد.

435 -

قول " الحاوي "[ص 156]: (ثم بقول عدل) أي: يخبر عن علم، كما صرح به في " التنبيه " و" المنهاج " (4) كأن يقول: أنا أشاهد الكعبة وهي هنا، والمراد: عدالة الرواية، حتى يكفي خبر العبد والمرأة، وعبر في " التنبيه " و" المنهاج " بالثقة (5).

436 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (وإن رأى محاريب المسلمين في بلد .. صلى إليها ولم يجتهد) فيه أمور:

أحدها: خرج بالبلد: القرية الصغيرة، لكن إن نشأ بها قرون من المسلمين، وسلم محرابها من الطعن .. فهي كالبلد، كما ذكره في " النهاية "(6)، وكذلك يعتمد المحراب إذا كان في طريق مطروق، كما ذكره البغوي (7).

ثانيها: لعل المراد بالرؤية: العلم؛ حتى يعتمده الأعمى، ومن في ظلمة بالمس، قال في " الكفاية ": وكذا إذا أخبر عدل أنه رأى جماعة من المسلمين اتفقوا على هذه الجهة، وإخبار صاحب المنزل .. فيعتمده ولا يجتهد.

(1) فتح العزيز (1/ 448)، الروضة (1/ 216).

(2)

مختصر البويطي (ق 33).

(3)

نهاية المطلب (2/ 91).

(4)

التنبيه (ص 29)، المنهاج (ص 95).

(5)

التنبيه (ص 29)، المنهاج (ص 95).

(6)

نهاية المطلب (2/ 92).

(7)

انظر " التهذيب "(2/ 66).

ص: 231

ثالثها: ظاهره: أنه لا يجتهد فيها بالتيامن والتياسر، وهو وجه، والأصح: جوازه، وللسبكي احتمالان في وجوبه، ذكرهما في مصنف له في هذه المسألة، ومال إلى الوجوب، قال: ثم إذا اجتهد وجوباً أو جوازاً وظهر له الحق قطعأ أو ظناً .. فلا يسوغ له التقليد أصلاً. انتهى.

نعم؛ كلامه على إطلاقه في محراب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ويعني بمحرابه: مكان صلاته؛ فإنه لم يكن في زمنه عليه الصلاة والسلام محراب؛ أي: طاق، وكذلك قال النووي في " التحقيق ":(وكل موضع صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبط موقفه تعيّن، ولا يجتهد فيه بتيامن ولا تياسر)(1)، وقال في " الحاوي "[ص 156، 157]: (لا في محراب الرسول عليه السلام يمنة ويسرة، وفي محراب المسلمين جهة) ويرد عليه: القرية الصغيرة إذا لم تنشأ بها قرون من المسلمين؛ فإنه لا يعتمد محرابها كما تقدم مع أنها داخلة في قوله: (محراب المسلمين).

رابعها: لم يتعرض في " المنهاج " لذكر المحاريب، وهو في معنى خبر الثقة الذي ذكره، قال في " الروضة ":(قد يكون الخبر صريح لفظ، وقد يكون دلالة؛ كالمحراب المعتمد) انتهى (2).

وفي كلام بعض الأصحاب تسميته تقليداً، وتردد في ذلك السبكي فقال: يحتمل أن يكون تقليداً، ويحتمل أن يقال: إنه بمنزلة الخبر .. فلا يجتهد فيه، قال: ويظهر أثر الاحتمالين في العارف بأدلة القبلة، هل يجوز له الاجتهاد فيها أو لا؟ إن قلنا: بمنزلة الخبر .. لم يجز، وإن قلنا: إنه تقليد .. جاز، قال: بل قد يقال بوجوبه؛ لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً، قال: والأظهر: توسط، وهو: أنه في الجهة بمنزلة الخبر؛ ولهذا اتفقوا على أنه لا يجوز الاجتهاد في الجهة، ولا كذلك في التيامن والتياسر؛ فلذلك نوجبه فيه. انتهى.

437 -

قول " المنهاج "[ص 95]: (فإن فقد وأمكن الاجتهاد .. حرم التقليد) وفي معناه قول " التنبيه "[ص 29]: (وإن كان في برية واشتبهت عليه القبلة .. اجتهد في طلبها بالدلائل) وقول " الحاوي "[ص 156]: (ثم للبصير باجتهاد) ويستثنى من كلامهم: ما إذا ضاق الوقت عن الاجتهاد، فالأصح: أنه لا يجتهد، بل يصلي على حسب حاله ويعيد.

438 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (ومن صلى بالاجتهاد .. أعاد الاجتهاد للصلاة الأخرى) وقول " المنهاج "[ص 95]: (ويجب تجديد الاجتهاد لكل صلاة تحضر على الصحيح)، وعبر في " الروضة " بالأصح (3)، هو في الفرض، أما النفل: فله صلاته بالأول قطعاً؛ ولذلك قال في

(1) التحقيق (ص 191).

(2)

الروضة (1/ 217).

(3)

الروضة (1/ 221).

ص: 232

" الحاوي "[ص 156]: (لكل فرض) وقد يقال: إنه مفهوم من ذكر " التنبيه " الصلاة معرفة، قال في " الكفاية ": وحيث يُقَلِّدُ .. فإعادة التقليد كإعادة الاجتهاد.

439 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (فإن لم يعرف الدلائل أو كان أعمى .. قلد بصيراً يعرف) فيه أمران:

أحدهما: أن كلامه يشمل ما إذا قدر على التعلم، والأصح في هذه الصورة: أنه لا يقلد بناء على وجوب التعلم كما سأذكره، فلعل المراد: العجز عن تعلم الأدلة، وقد عبر به في " المنهاج " و" الحاوي "(1).

ثانيهما: لا بد في البصير الذي يقلده من أن يكون ثقة، كما صرح به في " المنهاج "(2)، واعتبر في " الحاوي " أن يكون مكلفاً عدلاً (3)، ولم يذكر في " المنهاج " التكليف؛ لأن لفظ الثقة يشمله؛ إذ لا وثوق بقول صبي ولا مجنون، واعتذر في " الكفاية " عن كون " التنبيه " لم يذكر كونه ثقة: بأنه يعرف من اعتباره في الإخبار من باب أولى.

440 -

قول " المنهاج "[ص 95]: (وإن قدر .. فالأصح: وجوب النعلم فيحرم التقليد) وهو مفهوم من اشتراط " الحاوي " في التقليد العجز عن التعلم، وتبعا في ذلك الرافعي (4)، ومقابله وجهان:

أحدهما: أن التعلم فرض كفاية.

والثاني: التفرقة بين أن يريد سفراً أم لا، واختاره النووي في " الروضة "(5)، وصححه في " شرح المهذب " و" التحقيق "(6).

قال السبكي: وينبغي أن يكون مراده: سفرأيغلب فيه ذلك، أما الركب الكبير كالحجيج .. فهو كالبلد؛ لكثرة العارفين فيه.

441 -

قولهما -والعبارة لـ" المنهاج "-: (ومن صلى بالاجتهاد فتيقن الخطأ .. قضى في الأظهر)(7) فيه أمور:

أحدها: صورة المسألة: أن يتيقن الخطأ معيناً، كما في " الحاوي "(8)، أما إذا لم تتعين

(1) الحاوي (ص 157)، المنهاج (ص 95).

(2)

المنهاج (ص 95).

(3)

الحاوي (ص 157).

(4)

انظر " فتح العزيز "(1/ 449).

(5)

الروضة (1/ 218).

(6)

المجموع (3/ 199)، التحقيق (ص 191).

(7)

انظر " التنبيه "(ص 29)، و" المنهاج "(ص 95).

(8)

الحاوي (ص 158).

ص: 233

الصلاة التي أخطأ فيها؛ كأن صلى أربع صلوات إلى أربع جهات، فإنه يتيقن الخطأ في بعضها لكن لا يعينها .. فلا إعادة، وهو مفهوم من قول " المنهاج " بعد ذلك [ص 95]:(حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد .. فلا قضاء).

ثانيها: دخل في كلامهما: تيقن الخطأ في الجهة، وفي التيامن أو التياسر دون الجهة، وصرح به في " الحاوي "(1)، وهو الذي حكاه الروياني (2)، وخصه الماوردي بالخطأ من جهة إلى جهة، وقال: إنه إذا أخطأ العين إلى الجهة .. لا قضاء، ونص عليه في " الأم "(3).

ثالثها: زاد في " الحاوي "[ص 158]: (أو تيقنه مخبر المقلد) وهو داخل في تعبير " التنبيه " و"المنهاج " بالاجتهاد؛ لأنه شامل لاجتهاد نفسه إن كان مجتهداً، واجتهاد مقلَّده إن لم يكن مجتهداً.

رابعها: تناول كلامهما وكلام " الحاوي ": ما إذا لم يتيقن معه الصواب، وهو الأصح، ورجح في " الكفاية ": المنع، وحكاه عن جماعة.

خامسها: المراد باليقين هنا: ما يمتنع معه الاجتهاد، فيدخل فيه خبر الثقة عن معاينه.

442 -

قولهم -والعبارة لـ" المنهاج "-: (وإن تغير اجتهاده .. عمل بالثاني ولا قضاء)(4)، قال في " الكفاية ": عن القاضي: أن محله: إذا كان أقوى من الأول، فإن كان أضعف .. فكالعدم، أو مثله .. فكالمتحير يصلي إلى ما شاء منهما ويقضي الثانية فقط. انتهى.

ولا يحتاج إلى هذا التقييد؛ لأن الظن لا يتغير إلا بالأوضح والأقوى، وقد ذكر الرافعي في " الشرح " هذا القيد فيما إذا تغير اجتهاده قبل الصلاة، وأطلق ذلك في تغيره بعدها، ونقل عن البغوي: التقييد به فيما إذا تغير في أثنائها، وأنه قال فيما إذا استويا: أتم صلاته إلى الجهة الأولى ولا إعادة، وناقشه الرافعي: بأن الأضعف لا يتغير به الاجتهاد، وقضية المساوي التوقف، فلا يكون الصواب ظاهراً له. انتهى (5).

وهو بحث صحيح، لكنه يرد عليه في تقييده التغير قبلها بذلك، وحذف في " الروضة " بحث الرافعي هذا، وقال في " شرح المهذب ": المشهور: إطلاق الوجهين (6).

(1) الحاوي (ص 158).

(2)

انظر " بحر المذهب "(2/ 100، 101).

(3)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 71)، و" الأم "(1/ 95).

(4)

انظر " التنبيه "(ص 29)، و" الحاوي"(ص 158)، و" المنهاج "(ص 95).

(5)

فتح العزيز (1/ 453، 454)، وانظر " التهذيب "(2/ 69).

(6)

المجموع (3/ 201).

ص: 234