الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1426 -
قول " الحاوي "[ص 241]: (وإن طاف فشك - أي: شك بعد الطواف فيما أحرم به أولًا - سعى وحلق وأحرم بالحج وَبَرِئَ منه) يقتضي: أمره بذلك، وبه قال ابن الحداد، وقال الأكثرون: إن فعل ذلك .. فالجواب ما ذكره، ولكن لا نفتيه به؛ لاحتمال أنه مُحْرِم بالحج، فكيف يحلق؟ واختار الغزالي الأول (1)؛ لأن الحلق يباح بالعذر، فضرر الاشتباه أكثر، وصححه في " شرح المهذب "(2)، ونبه شيخنا الإمام البلقيني على أمرين:
أحدهما: منع الحلق، وأنه يقتصر على التقصير بأقل ما يمكن؛ لأن به تزول الضرورة، قال: ولم أر من تعرض لذلك، وهو من النفائس.
ثانيهما: أن هذا الحلق لا يستفيد به حل الجماع ولا غيره من المحرمات المتوقفة على التحلل الأول، فلو جامع ثم أحرم بالحج .. لم يصح حجه؛ لجواز كون إحرامه السابق حجًا، وقد جامع فيه قبل التحلل الأول، ففسد نسكه، وما أتى به لا يقتضي صحته، قال: ولم أر من تعرض لذلك.
فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]
1427 -
قول " التنبيه "[ص 71]: (وينوي الإحرام) اعترض عليه: بأن الإحرام هو النية، وقد ذكر ذلك " الحاوي " في قوله [ص 239]:(وركنهما الإحرام).
وجوابه: أن الإحرام يطلق على النية، وهو مراد " الحاوي "، وعلى نفس الدخول في النسك، وهو مراد " التنبيه " بقوله [ص 71]:(وينوي الإحرام)، وهو معنى قول " المنهاج " [ص 195]:(المحرم ينوي) أي: الدخول في النسك، قال في " الروضة ": صفة النية: أن ينوي الدخول في الحج أو العمرة أو فيهما، والتلبس به، والواجب: أن ينوي هذا بقلبه، وإن ضم إلى نية القلب التلفظ .. كان أفضل. انتهى (3).
ولا يجب التعرض لنية الفرضية جزمًا، كما اقتضاه كلام البندنيجي والماوردي (4)؛ لأنه لو نوى النفل .. وقع فرضًا.
1428 -
قول " التنبيه "[ص 71]: (ولا يستحب أن يذكر ما أحرم به في تلبيته) فيه أمران:
(1) انظر " الوسيط "(2/ 632، 633).
(2)
المجموع (7/ 212).
(3)
الروضة (3/ 59).
(4)
انظر " الحاوي الكبير "(4/ 83).
أحدهما: أن الأحسن: أن يقول: ويستحب ألَّا يذكر ما أحرم به في تلبيته؛ فإنه لا يلزم من عدم استحباب الذكر استحباب عدم الذكر.
ثانيهما: محل ذلك: في غير التلبية الأولى، فيستحب في الأولى التي عند الإحرام تسمية ما أحرم به، حكاه في " شرح المهذب " عن الشيخ أبي محمد، وجزم به ابن الصلاح في " المناسك " والنووي في " الأذكار "، وصوبه السبكي (1)، قال في " المهمات ": لكن في " التقريب " عن النص في " الإملاء " وغيره: أنه لا يستحب التعيين في التلبية الأولى أيضًا، فثبت أن الصواب: هو الإطلاق. انتهى.
واعلم: أنهم عللوا كونه لا يذكر ما أحرم به في تلبيته: بأن إخفاء العبادة أفضل، قال في " المهمات ": وهو تعليل عجيب؛ فإن الحج والعمرة من العبادات التي لا يتأتى فيها الإخفاء، سلمنا، لكن إظهار العبادة الواجبة أفضل، فينبغي التفرقة.
1429 -
قول " الحاوي "[ص 244]: (والسنة الغسل للإحرام ولو في الحيض) كذا النفاس، فلو لم يذكر هذه الزيادة كما في " التنبيه " و" المنهاج " .. لكان أبعد من الإيهام، ومقتضى إطلاقهم استحبابه للمجنون والصبي غير المميز، قال في " المهمات ": وهو صحيح.
1430 -
قول " التنبيه "[ص 71]: (فإن لم يجد الماء .. تيمم) كذا لو امتنع استعماله لمرض أو احتاج إليه لعطش، فلو قال:(فإن عجز) كما في " المنهاج " و" الحاوي "(2) .. لكان أحسن، فإن وجد بحض ما يكفيه .. توضأ، حكاه الرافعي عن " التهذيب "، وأقره (3)، واعترضه النووي، فقال: إن أراد: يتوضأ، ثم يتيمم .. فحسن، وإن أراد: الاقتصار على الوضوء .. فليس بجيد؛ لأن المطلوب الغسل، فالتيمم يقوم مقامه دون الوضوء. انتهى (4).
ونص الشافعي يقتضي الاقتصار على الوضوء؛ حيث قال: (فإن لم يجد ماء يكفيه للغسل .. توضأ، فإن لم يجد ماء بحالٍ .. تيمم) فيقوم ذلك مقام الغسل والوضوء، حكاه المحاملي والماوردي (5).
1431 -
قولهم: (ولدخول مكة)(6) يستثنى منه: ما إذا خرج من مكة، فأحرم بالعمرة من التنعيم، واغتسل لإحرامه، ثم أراد دخول مكة .. فلا يغتسل، بخلاف ما إذا أحرم من مكان
(1) المجموع (7/ 204)، الأذكار (ص 153).
(2)
الحاوي (ص 244)، المنهاج (ص 195).
(3)
التهذيب (1/ 381، 382)، وانظر " فتح العزيز "(3/ 376).
(4)
انظر " الروضة "(3/ 69).
(5)
انظر " الحاوي الكبير "(1/ 223).
(6)
انظر " التنبيه "(ص 20)، و" الحاوي "(ص 244)، و" المنهاج "(ص 195).
بعيد، كالجعرانة والحديبية، قاله الماوردي (1)، قال ابن الرفعة: ويظهر أن يقال بمثله في الحج إذا أحرم به من التنعيم ونحوه، لكونه لم يخطر له إلا ذلك الوقت.
1432 -
قول " الحاوي "[ص 244]: (بذي طوى) محله: إذا كانت طريقه، وإلا .. فيغتسل من نحو تلك المسافة.
واعلم: أن استحباب هذا الغسل لا يختص بالمُحْرِم، بل هو مستحب للحلال أيضًا، كما نقله الشافعي في " الأم " عن فعله عليه الصلاة والسلام عام الفتح (2)، وكذا يستحب لدخول المدينة أيضًا، كما في كتاب " الأقسام والخصال " لأبي بكر الخفاف، وفيه: أنه يستحب لدخول الحرم أيضًا.
1433 -
قول " الحاوي "[ص 244]: (ومزدلفة) أي: غداة النحر، كما صرح به "المنهاج "(3).
1434 -
قول " التنبيه "[ص 20]: (والغسل للرمي) أي: أيام التشريق، كما صرح به " المنهاج " و" الحاوي "(4)، ولا يستحب لرمي جمرة العقبة يوم النحر، وجزم الخفاف في " الخصال " باستحبابه، وهو غريب، وإنما يستحب في أيام التشريق الثلاثة إن لم يتعجل، فإن تعجل .. ففي اثنين فقط.
1435 -
قول " التنبيه "[ص 20]: (والغسل للطواف) أي: طواف الركن، كما قيده في " الكفاية "، وهو قول قديم، وجزم به النووي في " مناسكه "(5)، لكن الصحيح (6): المنع؛ ولذلك لم يذكره " المنهاج " و" الحاوي "، وجزم النووي في " مناسكه " أيضًا باستحبابه لطواف الوداع (7)، وأجرى القاضي أبو الطيب القول القديم في طواف القدوم أيضًا.
1436 -
قول " المنهاج "[ص 196]: (وأن يُطَيِّب بدنه للإحرام، وكذا ثوبه في الأصح) تبع فيه " المحرر "(8)، وهو ظاهر قول " التنبيه " [ص 71]:(وتطيب) وقول " الحاوي "[ص 244]: (والتطيب)، لكن الذي في " الروضة " وأصلها حكاية الخلاف في الثوب في الجواز، وتصيم الجواز، وتوجيه المنع: بأنه ينزع، ثم يلبس، فلبسه ثانيًا حرام (9)، فليحترز من ذلك على الوجه
(1) انظر " الحاوي الكبير "(4/ 130).
(2)
الأم (2/ 169).
(3)
المنهاج (ص 196).
(4)
الحاوي (ص 244)، المنهاج (ص 196).
(5)
الإيضاح في المناسك (ص 38).
(6)
في (أ)، و (ج):(الجديد).
(7)
الإيضاح في المناسك (ص 38).
(8)
المحرر (ص 124).
(9)
الروضة (3/ 71).
المصحح، وفي " شرح المهذب ": أنه لا يُندب جزمًا، وأغرب المتولي، فحكى فيه خلافًا (1)، قال في " المهمات ": وسبقه إليه شيخه القاضي حسين.
قلت: فعلى الأول تحمل عبارة " التنبيه " و" الحاوي " على تطييب البدن خاصة.
1437 -
قول " المنهاج "[ص 196]: (وأن تُخَضِّب المرأة للإحرام بدها) و" الحاوي "[ص 244]: (والمرأة تخضب كل اليد) أي: إلى الكوعين فقط، ويندب أيضًا: أن تمسح وجهها بحناء، والخنثى هنا كالرجل، فيحرم عليه الاختضاب، ذكره في " شرح المهذب "(2).
1438 -
قول " التنبيه "[ص 71]: (ويتجرد عن المخيط) أي: الرجل، كما قيده " المنهاج " من زيادته على " المحرر "(3)، قال في " الكفاية ": وكأن الشيخ أهمله لوضوحه، وقد ضبط النووي في " المنهاج " قوله [ص 196]:(يَتَجَرَّدُ) بخطه بضم الدال؛ أي؛ لأنه واجب، فلا يعطف على السنن، ويوافقه أن الرافعي لما حكى عن الغزالي التجرد بالصفة المذكورة .. قال: وأما مجرد التجرد، فلا يمكن عده من السنن؛ لأن ترك لبس المخيط في الإحرام لازم، ومن ضرورة ذلك لزوم التجرد قبل الإحرام (4).
قال السبكي: وفيما قاله نظر؛ لأنه لم يحصل سبب الوجوب قبل الإحرام، وإنما يجب عليه النزع إذا أحرم، ولا يكون عاصيًا بنزعه، وتقديم النزع قبل الإحرام سنة، قال: فصح أن يقرأ: (ويتجرد) بالنصب، وهو أحسن. انتهى.
ويؤيده قول الرافعي والنووي في الصيد: إنه لا خلاف أنه لا يجب عليه إزالته عن ملكه قبل الإحرام (5)، ويوافقه أيضًا: أنه لو قال لزوجته: إن وطئتك فأنت طالق .. لا يمتنع وطئها على الصحيح، ويجب النزع بمجرد الإيلاج. وقول " التنبيه " [ص 71]:(عن المخيط) أحسن من قول " المنهاج "[ص 196]: (عن مخيط الثياب) لتناوله الخف والنعل؛ فهما مخيطان وليسا من الثياب، ويرد عليهما معًا: أن في معنى المخيط: اللبد والمنسوج ونحوهما مما له استدارةٌ، فلو عبرا بـ (المُحيط) بضم الميم وبالحاء المهملة .. لكان أحسن وأعم.
1439 -
قول " التنبيه "[ص 71]: (في إزار ورداء أبيضين جديدين أو نظيفين) قد يفهم مساواة المغسول للجديد، وليس كذلك.
(1) المجموع (7/ 195، 196).
(2)
المجموع (7/ 196).
(3)
المنهاج (ص 196).
(4)
انظر " فتح العزيز "(3/ 380).
(5)
انظر " فتح العزيز "(3/ 500، 501)، و" المجموع "(7/ 278، 300).
1440 -
قولهم: (ويصلى ركعتين)(1) يستثنى منه: وقت الكراهة، فلا يفعلهما فيه على الأصح.
1441 -
قول " الحاوي "[ص 245]: (وتأدّت بفريضةٍ) كذا في " الروضة " وأصلها (2)، وقال في " شرح المهذب ": فيه نظر؛ لأنها مقصودة، فلا تندرج كسنة الصبح. انتهى (3).
ويشهد له قوله في " الأم ": (أَحْبَبْتُ له أن يصلي نافلة، فإن أَهَلَّ في إِثْرِ مكتوبةٍ أو في غير إثر صلاةٍ .. فلا بأس)(4).
وكذا تتأدى بالسنة الراتبة كما ذكره القاضي حسين، وعليه الإشكال المتقدم، وفي " الكفاية " عن الماوردي وغيره: أن استحباب الركعتين إذا لم يكن إحرامه في وقت فريضة أو راتبة، وإلا .. صلى ذلك، ثم أحرم (5).
1442 -
قول " المنهاج "[ص 196]: (الأفضل: أن يُحْرِمَ إذا انبعثت به راحلته أو توجه لطريقه ماشيًا) عبارة " المحرر ": (دابته)(6) وهي أشمل، ولكن أراد في " المنهاج ": التبرك بلفظ الحديث، وتناول ذلك كله قول " التنبيه " [ص 71]:(فإذا بدأ بالسير .. أحرم)، ويستثنى من ذلك: الإمام الذي يخطب يوم السابع؛ فإنه يندب أن يخطب محرمًا، فيتقدم إحرامه على سيره بيوم، قاله الماوردي (7).
1443 -
قولهما: (ويستحب إكثار التلبية)(8) قال " الحاوي "[ص 245]: (لا في طواف القدوم) أي: فإنه لا يستحب التلبية فيه، وذكره في " المنهاج " بعد ذلك (9)، وكذا السعي وطواف الإفاضة والوداع أيضًا، وخص القدوم بالذكر للخلاف فيه، ولو حُذِفَ القدوم وأُطْلِقَ الطواف .. لكان أحسن، كما في " التنبيه "، ولا يلبي في الطواف، قال القاضي أبو الطيب: وتكره التلبية في الأخلية ومواضع النجاسات.
1444 -
قول " المنهاج "[ص 196]: (وَرَفْعُ صَوْتهِ بها) محله: في الرجل، أما المرأة ..
(1) انظر " التنبيه "(ص 71)، و" الحاوي "(ص 245)، و" المنهاج "(ص 196).
(2)
فح العزيز (3/ 381)، الروضة (3/ 72).
(3)
المجموع (7/ 198).
(4)
الأم (2/ 205).
(5)
انظر " الحاوي الكبير "(4/ 80).
(6)
المحرر (ص 124).
(7)
انظر " الحاوي الكبير "(4/ 166).
(8)
انظر " التنبيه "(ص 71)، و " المنهاج "(ص 196).
(9)
المنهاج (ص 196).
فتخفض صوتها بحيث تقتصر على إسماع نفسها، وقد صرح به " التنبيه " و" الحاوي "(1)، وقد يفهم من تذكير " المنهاج " الضمير في قوله:(صوته) فهو أحسن من تعبير " المحرر " بـ (الصوت)(2)، والخنثى كالمرأة، قاله في " البيان "(3)، فإن جهرت .. لم يحرم؛ لأن صوتها ليس بعورة على الصحيح، كذا في " الروضة " وأصلها عن الروياني من غير مخالفة، قال النووي: بل يكره (4)، قال الدارمي: ويحتاج إلى الفرق بينه وبين الأذان حيث صححوا تحريم رفع صوتها به (5)، وفي " شرح مسلم " للنووي: ليس لها الرفع بالتلبية؛ فإنه يخاف الفتنة بصوتها. انتهى (6).
وظاهره: التحريم، وفي الرافعي:(كما لا يجهرن بالقراءة في الصلاة)(7)، ومقتضى التشبيه بالصلاة: جهر المرأة بها إذا كانت وحدها أو بحضرة زوج أو محرم؛ لأن الصحيح في الصلاة: الجهر لها في هذه الأحوال.
واستثنى الشيخ أبو محمد من الرفع: التلبية المقترنة بالإحرام، فلا يجهر بها، وأقره النووي عليه (8)، وهو مفهوم من قول " المنهاج " [ص 196]:(في دوام إحرامه).
1445 -
قوله: (وخاصة عند تغاير الأحوال)(9) ليس في " المحرر ".
1446 -
قولهما: (وإذا فرغ من تلبيته .. صلئ على النبي صلى الله عليه وسلم (10) قد يفهم أنه يرفع صوته به كالتلبية، وقد قال النووي: يأتي بها بصوت أخفض من صوت التلبية (11).
1447 -
قولهما: (وإذا رأى شيئًا يعجبه .. قال: " لبيك إن العيش عيش الآخرة ")(12) كذا إذا رأى شيئًا يكرهه.
(1) التنبيه (ص 71)، الحاوي (ص 245).
(2)
المحرر (ص 125).
(3)
البيان (4/ 141).
(4)
فتح العزيز (3/ 383)، الروضة (3/ 73) وانظر " بحر المذهب "(5/ 96).
(5)
في (ج): (وقد يفرق بينهما: بأن المطلوب في الأذان الإصغاء، فربما يحصل الافتتان، بخلاف التلبية؛ فإن كل أحد مشغول بنفسه).
(6)
شرح مسلم (90/ 8).
(7)
انظر " فتح العزيز "(3/ 383).
(8)
انظر " المجموع "(7/ 204).
(9)
انظر " المنهاج "(ص 196).
(10)
انظر " التنبيه "(ص 72)، و " المنهاج "(ص 196).
(11)
انظر " المجموع "(7/ 218).
(12)
انظر " التنبيه "(ص 72)، و" المنهاج "(ص 196).