الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغزالي والنووي (1)، وقيده عبد الملك المقدسي بما إذا تعين عليه، قال السبكي: وفيه نظر؛ لأنه يؤدي إلى التواكل، والمراد: الشخص المشرف على الهلاك، أما لو أفطر لتخليص مال مشرف على الهلاك .. لم تجب فدية، كما صرح به القفال في "فتاويه".
1330 -
قول "التنبيه"[ص 67]: (ولا يجوز أن يؤخر القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر) هذا في الفائت بعذر، فأما الفائت بغير عذر .. فيجب قضاؤه على الفور في الأصح.
1331 -
قوله: (فإن أخره .. لزمه مع القضاء عن كل يوم مدّ من الطعام)(2) قد يفهم أنه لا يجب غير ذلك، وليس كذلك، بل الأصح: أنه يتكرر بتكرر السنين، وقد صرح به "المنهاج"(3)، وهو مفهوم من قول "الحاوي" [ص 229]:(ومؤخّر القضاء عن كل سنة) فلو أخره بعذر؛ كسفر ومرض .. فلا فدية، كذا مثل الرافعي هنا بالسفر (4)، ونقل في صوم التطوع عن البغوي تحريم تأخيره للسفر (5)، ومتى حرم التأخير، فهو بغير عذر .. فتجب الفدية، ومحل الخلاف في التكرر بتكرر السنين: ما إذا لم يكن أخرج الفدية، فإن أخرجها .. تكررت جزماً، صرح به البغوي والخوارزمي (6).
1332 -
قول "المنهاج"[ص 184]: (وأنه لو أخر القضاء مع إمكانه فمات .. أخرج من تَرِكَتِهِ لكل يومٍ مُدَّانِ: مُدّ للفوات ومُدّ للتأخير) لا يخفى أن هذا تفريع على الجديد، فأما على القديم: فإذا صام الولي .. حصل تدراك أصل الصوم، وتجب فدية للتأخير.
فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]
1333 -
قول "التنبيه"[ص 67]: (وإن جامع امرأته في نهار رمضان من غير عذر .. لزمهما القضاء، وفي الكفارة ثلالة أقوال) فيه أمور:
أحدها: أنه يتناول الجماع بعد الفطر بجماع أو غيره مع أنه لا كفارة فيه، ويخرج عنه جماع جاريته مع أنها كالمرأة في ذلك، بل الموطوءة بشبهة والمزني بها كذلك في جريان القولين الأولين - وهما وجوب الكفارة عليهما، وعليه دونها - لكن لا يأتي القول الثالث - وهو وجوب كفارة عنه
(1) انظر "فتاوى الغزالي"(ص 32، 33) مسألة (21)، و"المجموع"(6/ 340)
(2)
انظر "التنبيه"(ص 67).
(3)
المنهاج (ص 184).
(4)
انظر "فتح العزيز"(3/ 240).
(5)
انظر "التهذيب"(3/ 179)، و"فتح العزيز"(3/ 245).
(6)
انظر "التهذيب"(3/ 180).
وعنها - بل تلزمه كفارة عنه، ولا شيء عليها على الأصح؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 185]:(تجب الكفارة بإفساد صوم يوم من رمضان بجماع أثم به بسبب الصوم) فأخرج الجماع بعد الفطر؛ لأن الصوم لم يفسد به، بل فسد قبله، وتناول كل جماع، وقد يقال: لم يتناول الزاني عمدًا؛ لأن إثمه بسبب الزنا، والحق: أنه أثم بسببهما معاً، فتناولته عبارته، لكن يرد عليه: أنه لا يأتي فيه القول بوجوب كفارة عنه وعنها، وزاد "الحاوي" في الضابط المذكور في "المنهاج": تقييد الجماع بكونه تامًا (1)؛ ليحترز به عن جماع المرأة؛ فإنه يفسد صومها قبل صدق اسم الجماع بوصول رأس الذكر إلى باطنها، وقد تبع في هذا القيد الغزالي (2)، وأسقطه "المحرر" و"المنهاج" إذ لا فائدة فيه؛ فإن فساد صومها في هذه الصورة بغير الجماع، بل بوصول عين إلى جوفها، فقد خرجت بقولنا: بجماع، ولو أولج فيها نائمة أو ناسية ثم استيقظت أو تذكرت واستدامت .. ففساد صومها هنا بجماع تام لا بوصول عين؛ لأن استدامة الجماع جماع، ومع هذا لا كفارة عليها، فظهر بهذا أن عدم وجوب الكفارة على المرأة ليس لانتفاء الجماع التام في حقها، بل ولو وجد الإفطار بالجماع التام .. لم يكن عليها كفارة، ومع ذلك فأورد على هذا الضابط أمور:
أحدها: لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام .. وجبت الكفارة، مع أنه لا يقال: فسد صومه؛ فإن المشهور: أنه لم ينعقد، والفساد فرع الانعقاد.
الثاني: لو جامع شاكًا في الغروب .. حرم، كما في "الروضة"، ولا كفارة، كما في "التهذيب" وغيره (3)، وهو داخل في قول "المنهاج" بعد ذلك [ص 185]:(ولا كفارة على من ظن الليل فبان نهاراً)، لكن قال الرافعي والنووي بعد نقلهما عدم الكفارة عن صاحب "التهذيب" وغيره: وهذا ينبغي أن يكون مفرعاً على تجويز الإفطار والحالة هذه، وإلا .. فتجب الكفارة وفاءً بالضابط المذكور لوجوب الكفارة (4)، ولم يتناول قول "الحاوي" [ص 229]:(وظان بقاء الليل) إلا ما إذا كان ذلك في أول النهار.
الثالث: لو جامع مسافرًا ونحوه امرأته، ففسد صومها .. لا كفارة عليه بإفساد صومها، فينبغي التقييد بصوم نفسه.
الرابع: أنه لا بد من تقييد ذلك بكون الواطئ مكلفاً، فلو كان صبياً .. لم تلزمه كفارة في الأصح.
(1) الحاوي (ص 229).
(2)
انظر "الوسيط"(2/ 544).
(3)
التهذيب (3/ 168)، الروضة (2/ 377، 378).
(4)
انظر "فتح العزيز"(3/ 231)، و"الروضة"(2/ 378).
الأمر الثاني: مما يرد على "التنبيه": أن ظاهره أنه لا فرق بين أن يطرأ عليه ما يبيح الفطر كالمرض والسفر، أو يسقط الصوم كالجنون والحيض أم لا، والأصح في المرض والسفر: أنه لا يسقط، وفي الباقي: السقوط، وقد ذكره "الحاوي"، وذكر "المنهاج" الأول، وهو عدم السقوط بالسفر والمرض (1).
الأمر الثالث: الأصح: القول الثاني، وهو وجوب الكفارة عليه دونها، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(2).
الأمر الرابع: شرط القول بوجوب الكفارة عليها: أن يكون الوطء في قبلها، فالموطوءة في الدبر لا كفارة عليها، ذكره ابن الرفعة، ويستثنى: المتحيرة، فالأصح من زيادة " الروضة " في (الحيض): لا تلزمها الكفارة (3)، وهذا وارد على " المنهاج " أيضًا.
الأمر الخامس: في تحرير القول بانه يجب عليه كفارة عنه وعنها أوجه في " البحر " للروياني و" شرح السبكي ":
أحدها: أنه يجب على كل واحد النصف، ثم يتحمل الزوج.
والثاني: يجب على كل واحد كفارة تامة، ثم يتحمل، فيتداخلان.
الثالث: تجب الكفارة الواحدة على كل منهما، ولكن إذا أخرجها الزوج .. سقطت عنها؛ كالدين على الضامن والمضمون متعلق بكل منهما، فإذا أدى .. برئت الذمتان (4).
1334 -
قول " التنبيه "[ص 67]: (فإن لم يجد .. ثبت في ذمته في أحد القولين إلى أن يجد، ويسقط في الثاني) فيه أمران:
أحدهما: أن الأول هو الأظهر، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(5).
ثانيهما: قال في " الكفاية " في قوله: (فإن لم يجد): أي: الطعام، ثم قال: وكلامه يقتضي أن الثابت في ذمته إنما هو الإطعام، والذي أورده القاضي والرافعي أن ما قدر عليه من الخصال بعد ذلك .. يلزمه الإتيان به، وكلام القاضي أبي الطيب يقتضي التخيير بين الخصال الثلاث. انتهى (6).
(1) الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 185).
(2)
الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 185).
(3)
الروضة (1/ 153).
(4)
بحر المذهب (4/ 284).
(5)
الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 185).
(6)
انظر " فتح العزيز "(3/ 235).
وعلى ذلك مشى " المنهاج " فقال [ص 185]: (فلو عجز عن الجميع .. استقرت في ذمته في الأظهر، فإذا قدر على خصلةٍ .. فعلها) و" الحاوي " فقال [ص 229]: (وتستقر في الذمة إن عجز) ويوافق كلامهم ما في بعض نسخ " التنبيه " بدل: (ثبت): (ثبتت) أي: الكفارة، وقد يحمل قوله في النسخة المشهورة:(ثبت) على الواجب لا على ما حمله عليه في " الكفاية " من الطعام، وحينئذ .. فلا إيراد، والله أعلم.