الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]
اعتبروا فيما يُمْسَح عليه: ستر محل الفرض، وإمكان متابعة المشي عليه، وزاد "التنبيه" و"الحاوي": كونه خفًا، وزاد "التنبيه": كونه صحيحًا، وزاد "المنهاج" و"الحاوي": كونه طاهرًا يمنع نفوذ الماء (1).
174 -
قول "التنبيه"[ص 16]: (وفي المسح على الجرموقين قولان) أظهرهما -كما في "المنهاج"-: أنه لا يجوز (2).
وصورة المسألة: أن يكون كل منهما صالحًا للمسح عليه، فإن لم يصلح واحد منهما للمسح عليه .. لم يصح قطعًا، وإن صلح الأعلى دون الأسفل .. صح المسح عليه والأسفل كلفافة، وإن صلح الأسفل دون الأعلى؛ فإن لم يصل البلل للأسفل .. لم يصح، وإن وصل إليه .. صح إن قصدهما بالمسح أو لم يقصد واحدًا منهما أو قصد الأسفل فقط، فإن قصد الأعلى فقط .. لم يصح، وإلى هذا التفصيل أشار "الحاوي" بقوله -عطفًا على المنفي-:(وجرموقًا فوق قوي، لا أن يصل البلل إليه، لا بقصد الجرموق فقط)(3).
فقوله: (فوق قوي) يشمل كون الأعلى قويًا، وكونه ضعيفًا.
وقوله: (لا أن يصل البلل إليه) أي: إلى الأسفل، فيصح.
وقوله: (لا بقصد الجرموق فقط) فلا يصح، فعلم صحته في ثلاث صور.
وخرج بقوله: (فوق قوي): أن يكونا ضعيفين، وأن يكون الأسفل ضعيفًا والأعلى قويًا، ولا يخفى البطلان في الأولى والصحة في الثانية.
ومقتضى عبارة "الحاوي" فيما إذا كانا صالحين ومسح الأعلى فوصل البلل للأسفل: مجيء التفصيل المتقدم.
وقال شيخنا شهاب الدين بن النقيب: (الذي يظهر منعه؛ لأن الفرض أنهما صالحان، وشرط الصالح: منع النفوذ، إلا إذا صورنا منع النفوذ بالمسح .. فيتصور بالصب)(4).
175 -
قول "المنهاج"[ص 77]: (ويجزئ مشقوق قدم شُدَّ في الأصح)، وفي "الروضة":(في الصحيح)(5).
(1) التنبيه (ص 16)، الحاوي (ص 124)، المنهاج (ص 77).
(2)
المنهاج (ص 77).
(3)
الحاوي (ص 125).
(4)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(1/ 140).
(5)
الروضة (1/ 125، 126).
176 -
قول "التنبيه"[ص 16]: (والسنة: أن يمسح أعلى الخف وأسفله، فيضع يده اليمنى على موضع الأصابع واليسرى تحت عقبه، ثم يمر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى موضع الأصابع) فيه أمور:
أحدها: ظاهره: استيعابه بالمسح، وهو الذي أطلقه الجمهور، كما في "شرح المهذب"(1)، والأصح: لا، كما صرح به "الحاوي"(2)، فيمسحه خطوطًا، كما في "المحرر" و"المنهاج"(3).
ثانيها: خرج باقتصار "التنبيه" و"المنهاج" على الأعلى والأسفل: العقب، والأظهر: استحباب مسحه، وقد صرح به في "الحاوي"(4)، وفي "شرح الكفاية" للصيمري: يختار أن يمسح حول العقب، وفي "الحاوي" للماوردي: هل يمسح حول العقب؟ فيه وجهان (5).
ثالثها: ليست اليد ولا اليمنى شرطًا في تأدية ذلك، ولكنه أكمل.
177 -
قول "التنبيه"[ص 16]: (فإن اقتصر على مسح القليل من أعلاه .. أجزأه، وإن اقتصر على ذلك من أسفله .. لم يجزئه) فيه أمور:
أحدها: عقبه وحرفه كأسفله، كما صرح به "المنهاج"(6).
ثانيها: المراد: ظاهر الأعلى، فلو مسح باطن الأعلى .. لم يكف، وهذا وارد على "الحاوي" أيضًا.
ثالثها: لو بل أو غسل .. أجزأه، مع كونه ليس مسحًا، كما تقدم في الرأس، وهذا وارد على "المنهاج" أيضًا.
178 -
قوله: (وإن شك في وقت المسح أو في انقضاء مدة المسح .. بني الأمر على ما يوجب الغسل)(7) صور في "الكفاية":
الأولى: بما إذا تيقن أنه مسح حضرًا أو سفرًا، وشك أن حدثه وقت الظهر أو العصر مثلًا.
والثانية: بأن يتيقن أن حدثه وقت الظهر، وشك أن مسحه في الحضر أو السفر.
ومنهم من عكس ذلك، قال ابن يونس: وهو الأشهر، وتبعه النووي في "نكته"، وقال ابن الرفعة:(إنه ليس بشيء).
(1) المجموع (1/ 587).
(2)
الحاوي (ص 125).
(3)
المحرر (ص 14)، المنهاج (ص 77).
(4)
الحاوي (ص 125).
(5)
الحاوي الكبير (1/ 370).
(6)
المنهاج (ص 77).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 16).
ويلزم من الشك في الابتداء الشك في الانتهاء، ولا عكس؛ ولذلك اقتصر عليه "الحاوي" بقوله [ص 125]:(أو شك في الانقضاء)، وعبر "المنهاج" بقوله [ص 77]:(ولا مسح لشاك في بقاء المدة) وهو شامل للصورتين.
179 -
قول "المنهاج"[ص 77]: (فإن أجنب .. وجب تجديد لبس) فيه أمران:
أحدهما: في معناه: الحيض والنفاس وولادة جاف، فالضابط: وجوب الغسل؛ ولذلك عبر به "الحاوي"(1).
ثانيهما: قوله: (وجب تجديد لبس) أي: إن أراد المسح.
وسلم من ذلك "الحاوي" حيث قال في موانع إتمام المدة: (أو وجب الغسل)(2).
180 -
قول "المنهاج"[ص 77]: (ومن نزع وهو يطهر المسح .. غسل قدميه) أحسن منه قول "التنبيه"[ص 16]: (وإن ظهرت الرجل أو انقضت مدة المسح) فزاد مسألة انقضاء المدة، وكان تعبيره بظهور الرجل أحسن من التعبير بالنزع؛ لأنه قد تظهر الرجل من غير نزع؛ بأن ينخرق الخف، وأحسن منهما قول "الحاوي" [ص 125]:(أو بدا بعض رجل) لتصريحه بأن حكم ظهور بعض الرجل كحكم ظهور كلها، لكنه لم يقيده بأن يكون على طهارة المسح، وكأنه تركه لوضوحه، ولم يذكر انقضاء المدة؛ لفهمه من طريق الأولى من ذكر الشك في الانقضاء، وظهور اللفافة أو بعضها كظهور الرجل.
واعلم أن النووي اختار في "شرح المهذب" تبعًا لابن المنذر: أنه لا يجب غسل القدمين ما لم يحدث سواء أخلع الخف أم لا، وصرح الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني بحكايته وجهًا (3).
* * *
(1) الحاوي (ص 125).
(2)
الحاوي (ص 125).
(3)
المجموع (1/ 592)، وانظر "الإشراف على مذاهب العلماء"(1/ 247، 248).