المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابُ البيع 1660 - قول "التنبيه" [ص 87]: (باب ما يتم - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌ ‌كتابُ البيع 1660 - قول "التنبيه" [ص 87]: (باب ما يتم

‌كتابُ البيع

1660 -

قول "التنبيه"[ص 87]: (باب ما يتم به البيع)، قال في "الكفاية": إنها ترجمة زائدة على ما في الباب؛ لأن الأمور المعتبرة في البيع: الصيغة، والعاقد، والمعقود عليه، مع أن هذا الأمر الثالث إنما هو مذكور في الباب الذي يليه.

وأجيب عنه: بأن المقصود في البيع: المعقود عليه، فكان غيره بالتتمة أليق.

1661 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (شرطه: الإيجاب، والقبول) موافق لاختيار الرافعي في "شرحيه" أن الصيغة والعاقد والمعقود عليه ليست أركانًا (1)، لكن الظاهر: أنَّها أركان، وهو الذي في "شرح المهذب" تبعًا للغزالي (2)، وسواء جعلنا الصيغة شرطًا أو ركنًا .. فيستثنى من اعتبارها: البيع الضمني؛ كقوله: أعتق عبدك عني بألفٍ، فلا يعتبر فيه إيجاب وقبول، بل يكفي الالتماس والجواب، وهذا وارد على "التنبيه" و"الحاوي" أيضًا، وقد ذكروه في بابه، والمختار: صحة البيع بالمعاطاة فيما يعد فيه بيعًا، والأحسن في الترتيب: تقديم العاقد، ثم المعقود عليه، ثم الصيغة، وبدأ في "المنهاج" و"الحاوي" بالصيغة، ثم العاقد، ثم المعقود عليه (3)، وبدأ في "التنبيه" بالعاقد، ثم الصيغة، ثم المعقود عليه (4).

1662 -

قول "التنبيه"[ص 87]: (بعتك أو ملكتك) أحسن من قول "المنهاج"[ص 210]: (وملكتك) بالواو، وهما معا أحسن من قول "الحاوي" [ص 259]:(بعت) فإن في تعبيرهما بكاف الخطاب إشارة إلى مسألة الوكيل في الشراء، فإنه المخاطب بالإيجاب، فلو قال:(بعت موكلك) .. لم يصح، بخلاف وكيل قبول النكاح، وأيضًا: فلو قال المشتري لصاحب السلعة: (بعت هذا بكذا)، فقال:(بعت) بغير كاف الخطاب .. فقيل: لم يصح، قاله شيخنا جمال الدين في "شرح المنهاج"، لكن لو قال المتوسط بينهما:(بعت هذا بألف)، فقال:(بعت أو نعم) .. فالأصح: أنَّه إيجاب صحيح، وهذه الصورة قد ترد على قول "التنبيه" [ص 87]:(وهو أن يقول البائع، ويقول المشتري).

1663 -

قول "الحاوي"[ص 259]: (وشريت) تبع فيه الرافعي وغيره (5)، لكن اختار السبكي أنَّه كناية.

(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 9).

(2)

المجموع (9/ 140)، وانظر "الوجيز"(1/ 277، 278).

(3)

الحاوي (ص 259، 262)، المنهاج (ص 210).

(4)

التنبيه (ص 87).

(5)

انظر "فتح العزيز"(4/ 9).

ص: 678

1664 -

قوله: (واشتر)(1) كذا صححه في "شرح المهذب"، وأطلق في "الروضة" وجهين (2).

1665 -

قوله: (ولو مع: "إن شئت")(3) يقتضي بإطلاقه أنَّه لا فرق بين أن يقدمها على الإيجاب أو يؤخرها عنه، وقد قال السبكي: إن الصحة إنما هي فيما إذا أخرها، فقال: بعتك إن شئت، فلو قدمها فقال:(إن شئت بعتك) .. بطل قطعًا؛ لأن مأخذ الصحة أن المعلق تمام البيع لا أصله، فالذي من جهة البائع - وهو إنشاء البيع - لا يقبل التعليق، وتمامه - وهو القبول - موقوف على مشيئة المشتري، وبه يكمل حقيقة البيع. انتهى.

ومقتضى عبارة "الحاوي": انحصار الإيجاب في الألفاظ التي ذكرها، وهي:(بعت وشريت وملكت واشتر)، ثم ذكر بعد ذلك (نعم) في جواب بعت، ثم ذكر لفظ الهبة، وذكر شيخنا جمال الدين في "شرحه" ألفاظًا نقل بعضها واستنبط بعضها؛ كقوله: وليتك، وأشركتك، وصالحتك بشرطه، وعوضتك، وهذا لك، وعقدت معك، والتقرير، والترك بعد انفساخ العقد، وكذا لفظ السلم في الأصح.

قلت: الأصح: البطلان في لفظ السلم، وقد ذكره "الحاوي"(4)، واقتصر "التنبيه" و"المنهاج" على (بعت) و (ملكت)(5)، ولم يحصرا الإيجاب فيهما.

1666 -

قول "الحاوي" في عد صيغ الإيجاب [ص 259]: (اشتر) وفي صيغ القبول: (بِعْنِي) فيه نظر؛ فإن الأول ليس إيجابًا، وإنَّما يقوم مقامه، والثاني ليس قبولًا، وإنَّما يقوم مقامه.

1667 -

قوله في القبول: (ونعم لجواب بعت واشتريت)(6) إنما يكون نعم قبولًا في جواب اشتريت، وأما في جواب بعت .. فهي إيجاب، فكان ينبغي ذكرها مع الإيجاب.

وجوابه: أن لفظ (نعم) يقوم مقام الإيجاب مرة ومقام القبول أخرى، فأخرها عن أمثلتهما جميعًا، ويرد على حصره ألفاظ القبول فيما ذكره قول المشتري: رضيت؛ فإنه يكفي، كما ذكره القاضي أَبو الطيب والروياني (7).

1668 -

قوله: (وإن باع مال الطفل من نفسه، وعكسه)(8) أي: يجب القبول، كذا صححه

(1) انظر "الحاوي"(ص 259).

(2)

المجموع (9/ 160)، الروضة (3/ 373).

(3)

انظر "الحاوي"(ص 259).

(4)

الحاوي (ص 260).

(5)

التنبيه (ص 87)، المنهاج (ص 210).

(6)

انظر "الحاوي"(ص 259).

(7)

انظر "بحر المذهب"(6/ 83).

(8)

انظر "الحاوي"(ص 259).

ص: 679

في "شرح المهذب"(1)، وهو ظاهر إطلاق "التنبيه" و"المنهاج"، وأطلق في "الروضة" وجهين (2)، قال الإمام: وموضعهما في القبول ما إذا أتى بلفظ مستقل، كقوله: اشتريت لطفلي، أو اتهبت له، أما إذا قال: قبلت البيع والهبة .. فلا يمكن الاقتصار عليه بحال، حكاه عنه الرافعي في (الهبة)، وأقره (3)، وحكى الماوردي ثالثًا: أنَّه لا حاجة للفظ، بل ينعقد بالرضا (4)، قال في "المهمات": وهو قوي.

1669 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (ويجوز تقدم لفظ المشتري) أي: في غير لفظ قبلت؛ فإنه لا يجوز تقديمه، كما صرح به الإمام (5)، لكن في "الشرح" و"الروضة" في التوكيل في النكاح: صحة العقد به مع تقدم هذا اللفظ (6).

ويسثنى أيضًا: لفظ (نعم) إذا قبل بها، وهو مفهوم من قول "الحاوي" [ص 259]:(ونعم لجواب بعت واشتريت) فإنه يفهم عدم الاكتفاء به إذا لم يتقدمه أحد اللفظين.

1670 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (ولو قال: "يعني"، فقال: "بعتك" .. انعقد في الأظهر)، كذا نقلهما في "الوسيط" منصوصين (7)، وصوبه في "المهمات"، لكن صحح في "الروضة" و"شرح المهذب" تبعًا لـ"الشرح الصغير" أنهما وجهان (8)، وقد يفهم من عبارته وعبارة "التنبيه": البطلان في قول البائع: اشتر مني، والأصح فيه: الصحة، كما ذكره في "الحاوي"، وقد تقدم (9).

1671 -

قول "المنهاج"[ص 210] و"الحاوي"[ص 259]: (وينعقد بالكناية) أي: مع النية، ويستثنى: بيع الوكيل الذي شرط عليه فيه الإشهاد؛ فإنه لا ينعقد بالكناية جزمًا، لكن في "الوسيط": الظاهر في هذه الصورة: الصحة عند توفر القرائن (10)، وأقره الرافعي والنووي (11)، لكن أنكره في "المطلب" فقال: إنه مخالف لكلام الأئمة، وقول "المنهاج" [ص 210]:

(1) المجموع (9/ 161).

(2)

الروضة (3/ 340)، (5/ 367).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(8/ 409)، و"فتح العزيز"(6/ 309).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(6/ 29، 30).

(5)

انظر "نهاية المطلب"(8/ 408).

(6)

فتح العزيز (7/ 569)، الروضة (7/ 75).

(7)

الوسيط (3/ 9).

(8)

الروضة (3/ 373)، المجموع (9/ 159، 160).

(9)

الحاوي (ص 259).

(10)

الوسيط (3/ 10).

(11)

انظر "فتح العزيز"(4/ 13)، و"الروضة"(3/ 339).

ص: 680

(كـ "جعلته لك بكذا" في الأصح) يتعلق بقوله: (وينعقد بالكناية)، لا بالمثال الذي ذكره، فلو قدمه كما في "المحرر"(1) .. لكان أحسن، ثم محل الوجهين كما قال الإمام وأقره الرافعي والنووي: ما إذا عُدمت القرائن (2)، فإن توفرت وأفادت التفاهم .. وجب القطع بالصحة (3)، ولم يذكر "التنبيه" انعقاد البيع بالكناية، فيرد عليه.

ويرد على حصر "الحاوي" الكناية في الألفاظ التي ذكرها قوله: (سلطتك عليه) كما صححه النووي (4)، وقوله:(باعك الله) كما في زيادة "الروضة" عن "فتاوى الغزالي"(5)، والكتابة، فيصح بها البيع إذا كتب إلى غائب، فإن كتب لحاضر .. فوجهان، قال السبكي: ينبغي أن يكون أصحهما: الصحة.

1672 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (ويشترط ألَّا يطول الفصل) أي: بحيث يشعر بالإعراض عن القبول، ومقتضاه: اغتفار الفصل اليسير، ويخالفه قول "الحاوي" [ص 259]:(بلا فصل)، لكنه محمول على أن المراد: الفصل الطويل (6)، وقول "المنهاج" [ص 210]:(بين لفظيهما)، لو قال:(بين الإيجاب والقبول) .. لكان أحسن؛ لئلا ترد الكتابة وإشارة الأخرس.

1673 -

قول "الحاوي"[ص 259]: (وتخلل كلام أجنبي) مفتضاه: عدم الانعقاد ولو كان يسيرًا، وبه صرح في "شرح المهذب"(7)، وصححه الرافعي في (النكاح)(8)، لكنه صحح في (الطلاق والخلع): أنَّه لا يضر اليسير (9).

1674 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (وأن يَقْبَلَ على وفق الإيجاب) أي: في المعنى، ولا يشترط اتفاق اللفظ، فلو قال:(بعتك)، فقال:(اشتريت) .. صح؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 259]: (موافق في المعنى)، ومقتضى كلامهما: البطلان فيما لو قال: بعتك بألف، فقال: قبلت نصفه بخمس مئة ونصفه بخمس مئة، لكن في "التتمة": إنه يصح، واستشكله الرافعي: بأنه أوجب عقدًا فقبل عقدين (10)، قال في "شرح المهذب": والأمر كما قال

(1) المحرر (ص 136).

(2)

الوسيط (3/ 10).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 393)، و"فتح العزيز"(4/ 13)، و"الروضة"(3/ 339).

(4)

انظر "المجموع"(9/ 158).

(5)

فتاوى الغزالي (ص 38) مسألة (28)، الروضة (3/ 393).

(6)

في (أ): (الفصل غير اليسير).

(7)

المجموع (9/ 160).

(8)

انظر "فتح العزيز"(7/ 489).

(9)

انظر "فتح العزيز"(8/ 409، 454).

(10)

انظر "فتح العزيز"(4/ 14).

ص: 681

الرافعي من الإشكال، لكن الظاهر: الصحة (1).

قال في "المهمات": وإنَّما ساق الرافعي مقالة "التتمة" مساق الأوجه الضعيفة، ومقتضى كلامهما: البطلان أيضًا فيما لو باعه بألف فقبله بألف وخمس مئة، وبه جزم الرافعي في (كتاب الوكالة والخلع)(2)، لكنه حكى هنا عن "فتاوى القفال" الصحة، واستغربه (3)، والذي في أوائل "فتاوى القفال": الجزم بالبطلان، لكنه أعاد المسألة بعد ذلك بيسير، وقال فيها: جاز أن يوجد البيع مرة أخرى، وكأنه أشار بذلك إلى التفاء بوجود القبول على وفق الإيجاب مرة أخرى من غير إعادة الإيجاب، فلم يقف الرافعي على كلامه الأول، ووقف على أول الثاني ذاهلًا عن تتمته، قاله في "المهمات"، قال: وإذا قلنا بالصحة .. صح بالألف فقط، ولغا ذكر الخمس مئة، كما أشار إليه الإمام (4).

1675 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (وإشارة الأخرس بالعقد كالنطق) ذكر في "الدقائق" أنَّه زاد على "المحرر" لفظة: (بالعقد) ليحترز عن إشارته في الصلاة وبالشهادة، فليس لها حكم النطق فيهما في الأصح. انتهى (5).

ويلتحق بهاتين الصورتين ما إذا حلف الأخرس أنَّه لا يتكلم، فأشار إشارة مفهمة .. فالأصح: أنَّه لا يحنث، لكن ذكر السبكي أن هذه الزِّيادة مضرة؛ لأن الفسخ في ذلك كالعقد، قال غيره: وكذا الدعوى والإقرار إشارته بهما كالنطق، وذكر الشيخ فخر الدين محمد بنُ على المصري: أنَّه يحتاج أن يزيد فيه، فيقول:(كالنطق فيه)، وإلا .. يلزمه أن يكون قبول الأخرس البيع في الصلاة كقبوله بالنطق، فتبطل صلاته.

1676 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (وشرط العاقد: الرشد، وعدم الإكراه بغير حق) ذكر في "الدقائق" أنَّه أصوب من قول "المحرر": (يعتبر في المتبايعين التكليف) لأنه يرد عليه ثلاثة أشياء، أحدها: أنَّه ينتقض بالسكران؛ فإنه يصح بيعه على المذهب مع أنَّه غير مكلف كما تقرر في كتب الأصول، والثاني: أنَّه يرد عليه المحجور عليه لسفهٍ؛ فإنه لا يصح بيعه مع أنَّه مكلف، والثالث: المكره بغير حق؛ فإنه مكلف لا يصح بيعه، قال: ولا يرد واحد منها على "المنهال". انتهى (6).

(1) المجموع (9/ 161).

(2)

انظر "فتح العزيز"(8/ 409).

(3)

انظر "فتح العزيز"(4/ 14).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(13/ 446).

(5)

الدقائق (ص 59)، وانظر المحرر (ص 136).

(6)

الدقائق (ص 59)، وانظر المحرر (ص 136).

ص: 682

وقد اعترض عليه بأمور:

أحدها: أن ما ذكره من صحة بيع السكران مع أنَّه غير مكلف كلامان متنافيان لا يمكن اجتماعهما.

فالأول للفقهاء: صححوا تصرفاته النافعة له والمضرة به حتَّى ما يوجب الحد، ولا معنى للتكليف سوى هذا.

والثاني لأهل الأصول؛ قالوا: إنه غير مكلف، فلا أثر لتصرفاته عندهم لا النافعة ولا المضرة، فخلط النووي طريقة الفقهاء بطريقة الأصوليين.

ثانيها: أن الشَّافعي رضي الله عنه نص على أنَّه مكلف، فقال: وهذا - أي: السكران - آثمٌ مضروبٌ على السُّكْرِ غَيْرُ مرفوع عنه القَلَمُ. انتهى (1).

وهو خلاف ما قاله النووي من أنَّه غير مكلف.

ثالثها: أن السفيه والمكره لا يردان على عبارة "المحرر" أيضًا؛ لأن معنى قوله: (ويعتبر في المتبايعين التكليف) أنَّه لا بد في كل بيع منه؛ أي: من التكليف، وهذا صحيح، ولا يلزم عكسه، وهو اعتبار بيع كل مكلف، لكن التعرض لهما أحسن، لكن لا يردان على "المحرر".

واعترض على تعبير المنهاج بـ (الرشد) بأمور:

أحدها: أنَّه يخرج السكران أيضًا كما أخرجه قيد التكليف عند الأصوليين، إلَّا أن يفرض في سكر لا يخرجه عن الرشد لجهل أو إكراه، وهو نادر.

ثانيها: أنَّه يرد عليه الفاسق؛ فإن بيعه صحيح، وليس برشيد؛ إذ الرشد صلاح الدين والمال.

ثالثها: أورد عليه أيضًا من طرأ سفهه بعد فك الحجر عنه؛ فإنه لا بد من إعادة الحجر عليه على الصحيح، فإذا باع قبل إعادة الحجر .. صح مع أنَّه ليس برشيد.

رابعها: أن عبارته تتناول الصبي؛ فإنه وصفه بالرشد في قوله في الصيام: (أو صبيانٍ رشداء)(2) مع أنَّه لا يصح بيعه، أورده الشيخ فخر الدين المصري، وقال: ولو قال: (شرطه: أن يكون مختارًا غير محجور عليه) .. لم يرد شيء.

واعترض على هذه العبارة: بأن السكران يصح بيعه ولا يتحقق أنَّه مختار، والمكره بحق يصح بيعه وليس بمختار، فالأحسن أن يقال: غير مكره بباطل ولا محجور، وعبر "التنبيه" بقوله [ص 87]: "لا يصح البيع إلَّا من مطلق التصرف غير محجور عليه).

ويرد عليه: عدم الإكراه بغير حق، وذكر في "الكفاية": أن مقتضى كلامه: تحقق الرشد،

(1) انظر "الأم"(5/ 253).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 179).

ص: 683

حتَّى لو جهل رشده .. لا يصح، قال: ولم أره لأحد.

قلت: في اقتضاء عبارته لذلك نظر، وتعبير "المنهاج" بالرشد أقرب إلى اقتضاء ذلك من تعبير "التنبيه" بعدم الحجر، ولم يذكر "الحاوي" شيئا من هذه الشروط للعاقد.

وأجيب عنه: بأنه أهمل التكليف؛ لذكره له في الحجر، والاختيار؛ لتعرضه له في الطلاق.

1677 -

قول "المنهاج"[ص 210]: (وعدم الإكراه بغير حق) فيه أمران:

أحدهما: يستثنى منه: ما لو أكره المالك رجلًا على بيع مال نفسه فباع .. فإنه يصح، كما قاله القاضي حسين في (كتاب الطلاق)، وهو الأصح في نظيره من الطلاق، ولو أكره أجنبي الوكيل على بيع ما وكل فيه .. فأصح احتمالي أبي العباس الروياني عنده: البطلان، والثاني: الصحة.

ثانيهما: صوّر في "الروضة" الإكراه بحق بأن توجه عليه بيع ماله لوفاء دين عليه أو شراء مال أسلم إليه فيه، فأكرهه الحاكم عليه .. فإنه يصح بيعه وشراؤه (1)، وقال السبكي: كان بعض شيوخنا يصوره بمن أمر عبده بالبيع، فامتنع، فأكرهه .. فإنه يصح؛ لأنه من الاستخدام الواجب، ورده شيخنا جمال الدين رحمه الله بإلزام الإبطال فيما إذا قال: بع عبدي وإلَّا قتلتك؛ إذ لا استخدام له عليه مع أنَّه يصح كما تقدم؛ لكونه أبلغ في الإذن، فكأنه ليس إكراهًا، بل هو إذن مؤكد.

قال شيخنا الإمام شهاب الدين بنُ النقيب: وفي الرد نظر؛ فإن قوله: (بع عبدي وإلَّا .. قتلتك) إكراه بغير حق، لا طريق إلى تصحيح البيع فيه إلَّا كونه إذنًا مؤكدًا، وأما هنا: فإنه إكراه بحق وعلة حَقّيَّتِه الاستخدام، فالمعلل هنا: كونه بحق، وصحة البيع مرتبة عليه، والمعلل هناك: صحة البيع؛ لكونه مأذونًا فيه، فافترقا. انتهى (2).

وصورّه بعضهم: بما إذا أسلم عبدِ لكافر محجور عليه .. فإن الحاكم يجبر الولي على بيعه، وذكر شيخنا جمال الدين من صوره: ما إذا أذن شخص لعبد غيره في بيع ماله، قال: فللسيد إكراهه على بيعه.

1678 -

قولهما - والعبارة لـ"التنبيه" -: (وإن باع عبدًا مسلمًا من كافر .. بطل البيع في أصح القولين)(3) فيه أمور:

أحدها: أن هذا إنما هو فيما إذا اشتراه لنفسه، فإن اشتراه لمسلم .. صح إن سمى الموكل، وكذا إن نواه، وقلنا: يقع الملك أولًا للموكل، وهو الأصح، ويشكل: بمنع توكيل المسلم كافرًا في قبول نكاح مسلمة.

(1) الروضة (3/ 342).

(2)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 11).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 90)، و"المنهاج"(ص 211).

ص: 684

ثانيها: أنَّه يلتحق ببيعه لكافر بيعه لمسلم يشتريه بطريق الوكالة لكافر .. فلا يصح، ولا ترد الصورتان على "الحاوي" لتعبيره بقوله [ص 260]:(وإسلام من يُشْتَرى له) فبين أن النظر للمُشْتَرَى له لا لمن يباشر الشراء كما اقتضته عبارتهما.

ثالثها: أفهم كلامهما صحة بيع المرتد من الكافر، وكذا أفهمه كلام "الحاوي"، وهو ظاهر قول الرافعي والنووي: إن الخلاف فيه كالوجهين في قتله بالذمي؛ لأن الأصح: قتله به (1)، لكن صحح في "شرح المهذب": أنَّه لا يصح بيعه له؛ لبقاء علقة الإسلام (2).

را بعها: بيع بعضه ككله، والهبة والوصية كالشراء، وقد ذكرهما "الحاوي"(3).

خامسها: يستثنى من ذلك: ما إذا كان يعتق عليه .. فإنه يصح في الأصح، وقد ذكره "المنهاج"(4)، وصحح في "شرح المهذب": القطع به، ثم قال: وقيل: على القولين. انتهى (5).

فحكى طريقة الخلاف قولين، وهي في "المنهاج" وجهان، وذكره "الحاوي" أيضًا بقوله [ص 260]:(ومسلم لا يعتق بعده).

وقد يقال: إن هذا الكلام يتناول ثلاث صور:

شراء القريب: وقوله: أعتق عبدك المسلم عني بعوض أو بغير عوض، فأجابه. وإذا أقر بحرية مسلم في يد غيره ثم اشتراه؛ لأنه يعتق في الصور الثلاثة بعد الشراء.

وقد يقال: إنما تناول كلامهما الصورة الأولى فقط، فترد الثانية والثالثة، وفي "الروضة" من زيادته: قال المحاملي في "اللباب": لا يدخل عبدِ مسلم في ملك كافر ابتداءً إلَّا في ست مسائل:

إحداها: بالإرث.

والثانية: يسترجعه بإفلاس المشتري.

الثالثة: يرجع في هبته لولده.

الرابعة: إذا رد عليه بعيب.

الخامسة: إذا قال لمسلم: أعتق عبدك عني، فأعتقه وصححناه.

السادسة: إذا كاتب عبده الكافر، فأسلم العبد، ثم عجز عن النجوم .. فله تعجيزه، قال

(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 19)، و"الروضة"(3/ 346).

(2)

المجموع (9/ 338).

(3)

الحاوي (ص 260).

(4)

المنهاج (ص 211).

(5)

المجموع (9/ 337).

ص: 685

النووي: وهذه السادسة فيها تساهل؛ فإن المكاتب لا يزول الملك فيه ليتجدد بالتعجيز.

وترك سابعة، وهي: ما إذا اشترى من يعتق عليه، والله أعلم (1).

قال في "المهمات": وافقه عليه ابن الرفعة في "المطلب" وغيره، وهو عجب (2)! فقد تركا مسائل كثيرة تزيد على ثلاثين مسألة:

إحداها: أن يرجع إليه بتلف مقابله قبل القبض، وفي معناه: ما إذا أتلفه متلف .. فإنا نُخير البائع، فإذا خيرناه، فاختار الفسخ .. عاد الملك إلى البائع الكافر.

الثانية: أن يبيع الكافر عبدًا مسلمًا بثوب، ثم يجد بالثوب عيبًا .. فله أن يرد الثوب ويسترد العبد على الصحيح، كما ذكره الرافعي والنووي في هذا الباب (3).

الثالثة: إذا تبايع كافران عبدًا كافرًا، فأسلم العبد قبل القبض .. فإن المشتري يثبت له الخيار إذا قلنا: يمتنع عليه قبضه، كذا قاله الإمام، وامتناع القبض قد صححه الرافعي والإمام (4)، فإذا فسخ .. فقد دخل المبيع المسلم في ملك البائع الكافر.

الرابعة: إذا باع الكافر العبد المسلم لمسلم بشرط الخيار للمشتري .. فإن الصحيح: أن الملك لمن له الخيار، وبالفسخ يدخل في ملك الكافر.

الخامسة: أن يتبايع كافران كافرًا بشرط الخيار للبائع، فيُسلم العبد .. فانه يدخل في ملك الكافر بانقضاء خيار البائع.

السادسة: أن يرده عليه لا بالعيب، بل لفوات شرط كالكتابة والخياطة ونحوهما، ولو قيل: بأنه يمتنع على المشتري رده بالعيب إذا وقع الإسلام في يده .. لكان متجهًا؛ لما حدث عنده من السبب المقتضي لرفع يده ويد أمثاله من الكفار عنه.

السابعة: إذا اشترى ثمارًا بعبد كافر، فأسلم، ثم اختلطت الثمار وفسخ العقد كما هو مقرر في بابه.

الثامنة: إذا كان للكافر عبدِ مسلم مغصوب، فباعه ممن يقدر على انتزاعه، فعجز قبل قبضه .. فإن للمشتري أن يفسخ، ومثله: ما إذا باعه وهو غير مغصوب، فغصب قبل قبضه.

التاسعة: إذا باعه من مسلِم رآه قبل العقد، ثم وجده المسلم متغيرًا عما كان .. فله الفسخ.

العاشرة: أن يبيعه لمسلم وماله غائب في مسافة القصر .. فللكافر الفسخ؛ لتضرره بالصبر إلى إحضار الثمن.

(1) الروضة (3/ 348)، وانظر اللباب (ص 236).

(2)

كذا في كل النسخ إلَّا (ج) ففيها: (عجيب).

(3)

انظر "فتح العزيز"(4/ 18)، و"الروضة"(3/ 345).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 427، 428)، و "فتح العزيز"(4/ 19).

ص: 686

الحادية عشر: أن يبيعه بصبرة من طعام، ثم يظهر أن تحتها دَكَّةً أو غيرها .. فله الفسخ؛ لأنه كالتدليس.

الثانية عشر: أن يبيع العبد المسلم لمسلم، ثم يتقايلا .. فلا يجوز إن جعلنا الإقالة بيعا، وإن جعلناها فسخًا - وهو الصحيح - .. فعلى الوجهين في الرد بالعيب كما قاله الرافعي (1).

الثالثة عشر: أن يجعل الكافر عبده المسلم رأس مال سلم، أو يجعل عبده الكافر كذلك، ثم يسلم العبد، وينقطع المسلم فيه .. فإن الفسخ جائز، وحينئذ .. فيعود المسلم إلى ملك الكافر على قياس ما سبق من المسائل.

الرابعة عشر: أن يُقرض عبده الكافر، فيُسلم العبد في يد المقترض .. فيجوز للمقرض الكافر أن يرجع فيه كما جوزنا له الرجوع في الهبة على ما سبق، بل أولى؛ لأن القرض وُضِع للرجوع في شيء؛ إما العين المُقْرَضَة أو مثلها، بخلاف الهبة؛ فإنها لم توضع لذلك، بل الغالب على الواهبين وإن كانوا أصولًا عدم الرجوع.

وهذه المسألة إنما تستثنى إذا فرعنا على أن ما لا مثل له يرد مثله صورة، وعلى أن المقترض يجوز له أن يرجع في عين ما أعطاه، وهو الصحيح فيهما، ولو أسلم في ملك الكافر، فأقرضه لمسلم، أو وهبه لولده المسلم .. فمقتضى إطلاقهم الأمر بإزالة الملك: أنَّه يكفي ذلك، وحينئذ .. فلا يختص جواز الرجوع بالمثال المتقدم.

نعم؛ في الاكتفاء بهما نظر ظاهر، ويحتمل التفاء، ويمنع الرجوع.

الخامسة عشر: ذكرها الرافعي في (الرَّهْن): إذا ورث الكافر عبدًا مسلمًا أو كافرًا فأسلم في يده، شم باعه، ثم ظهر دين على التركة، أو حدث بردّ مبيع بعيب ونحوه، فلم يقض الوارث الدين .. فإن الأصح: فسخ البيع فيه، ويعود إلى ملك الوارث متعلقًا به الدين (2).

السادسة عشر: أن يتوكل في شراء كافر معين أو غير معين، فاشتراه، ثم أسلم، وظهر أنَّه معيب، وأخر الوكيل الرد، فلم يرد المالك أيضًا .. فإنه يقع عن الوكيل كما أوضحوه في (باب الوكالة)، وحينئذ .. فقياس ما سبق من الصور عوده إلى الكافر.

السابعة عشر: أن يشتري العامل الكافر عبيدًا للقراض ثم يقسمان بعد إسلامهم .. فإن قياس المذهب: صحته، وحينئذ .. فيدخل المسلم في ملكه؛ لأن العامل لا يملك حصته إلَّا بالقسمة.

الثامنة عشر: أن يجعله أجرة أو جعلًا، ثم يقتضي الحال فسخ ذلك بسبب من الأسباب.

التاسعة عشر: إذا التقط ملتقط شخصًا محكومًا بكفره بشرطه المعروف وهو إما عدم التمييز،

(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 19).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 497).

ص: 687

أو في وقت النهب أو الغارة فأسلم، ثم أثبت كافر أنَّه كان ملكه .. فإنه يرجع فيه؛ فإنهم صرحوا بأن التملك بالالتقاط كالتملك بالقرض.

العشرون: أن يقف على كافر أمة كافرة، فَتُسْلِم، ثم تأتي بولد من نكاح أو زنا .. فإنه يكون مسلمًا تبعًا لأمه، ويدخل في ملك الكافر؛ لأن نِتَاج الموقوفة ملك للموقوف عليه على الصحيح.

الحادية والعشرون: أن يوصي لكافر بما تحمله أمته الكافرة من زوجها الكافر، فيقبل الموصى له الوصية بشرطه، ثم تسلِم الجارية، وتأتي بولد.

الثانية والعشرون: أن يتزوج المسلم بأمة لكتابي؛ فإنه يصح على الصحيح بالشروط المعروفة، وحينئذ: فإذا أتت بولد .. فإنه يكون مسلما مملوكا لسيد الأمة، وهكذا لو نكحها وهو كافر ثم أسلم.

الثالثة والعشرون: إذا وطئ الكافر جارية مسلمة لولده، أو لولده فيها البعض، وأولدها .. فإنها تنتقل إليه، وتصير مستولدة له، ذكره الرافعي والنووي (1).

الرابعة والعشرون: إذا وطئ مسلم أمة لكافر على ظن أنَّها زوجته الأمة .. فالولد مسلم مملوك للكافر، سواء كان الواطئ حرًا أو عبدًا.

الخامسة والعشرون: أن يصدق الكافر زوجته عبدًا كافرًا، فيسلم العبد، ثم يقتضي الحال رجوعه أو بعضه إلى الزوج؛ إما بطلاق أو بفسخ عيب، أو إعسار، أو إسلام، أو فوات شرط، أو بالتحالف.

السادسة والعشرون: أن يخالع الكافر زوجته الكافرة على عبدِ كافر، فيسلم، ثم يقتضي الحال فسخ الخلع فيه إما بعيب، أو فوات شرط، أو غيرهما .. فإنه يرجع إلى الكافرة.

السابعة والعشرون: إذا أسلم عبد الكافر بعد أن جنى جناية توجب ما لا يتعلق برقبته، وباعه بعد اختيار الفداء، فتعذر تحصيل الفداء، أو تأخر لإفلاسه، أو غيبته، أو صبره على الحبس .. فإنه يفسخ البيع، ويعود إلى ملك سيده الكافر، ثم يباع في الجناية، كما قاله الأصحاب (2).

الثامنة والعشرون: إذا حضر الكفار الجهاد بإذن الإمام، وكانت الغنيمة أطفالًا أو نساء أو عبيدًا، فأسلموا بالاستقلال أو بالتبعية، ثم اختار الغانمون التملك .. فقياس المذهب أن للإمام أن يرضخ للكفار مما وجد؛ لتقدم سبب الاستحقاق، وهو حضور الوقعة، وحصول الاختيار المقتضي للملك على الصحيح.

التاسعة والعشرون: أن يكون بين كافرين أو مسلم وكافر عبيد مسلمون، أو بعضهم مسلم

(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 20)، و"الروضة"(3/ 347).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 38، 39)، و"الروضة"(3/ 357، 358).

ص: 688

وبعضهم كافر، فيقتسمون، وقلنا: القسمة إفراز .. فقياس المذهب: يقتضي الجواز، وحينئذ .. فيدخل المسلم أو بعضه في ملك الكافر.

الثلاثون: أن يعتق الكافر نصيبه من عبدِ مسلم؛ فإن الباقي يدخل في ملكه، ويُقَوّم عليه، كما نقله في (البيع) من "شرح المهذب" عن البغوي، وأقره عليه (1).

الحادية والثلاثون: إذا أسلمت أمة الكافر، ثم ولدت من غيره بنكاح أو زنا قبل زوال ملكه .. فإنه يدخل في ملكه.

الثانية والثلاثون: أن يكاتب الكافر عبده المسلم أو الكافر، فيسلم، ثم يشتري المكاتب عبدًا مسلمًا، أو تأتي أمته المسلمة بولد من نكاح أو زنا، ثم يعجز نفسه .. فإن أمواله تدخل في ملك السيد، ومن جملتها المسلم الذي اشتراه، وأولاد أمته.

الثالثة والثلاثون: أن تسلم مستولدته، ثم تأتي بولد من نكاح أو زنا .. فإنه يكون مملوكا له، ويثبت له حكم أمه. انتهى كلام "المهمات".

وقد أهمل ما إذا أقر بحرية مسلم في يد غيره، ثم اشتراه، فليست هذه الصورة فيما ذكره النووي عند حصره الصور هنا، ولا فيما زاده شيخنا عليه مع أن الرافعي والنووي ذكراها هنا.

واستثنى في "الحاوي" من هذه المسائل: الإرث، والاسترداد بعيب أو إقالة (2).

1679 -

قول "التنبيه"[ص 90]: (ويصح في الآخر، ويؤمر بإزالة الملك عنه) يرد عليه الكتابة؛ فإنها تكفي على الأصح أو الأظهر، وليس فيها إزالة ملك، وقد ذكرها "الحاوي"(3).

1680 -

قول "الحاوي"[ص 260]: (والمودعِ) أي: لا يشترط إسلامه، فيجوز إيداع العبد المسلم عند الكافر.

قال السبكي: وفيه إشكال من جهة وضع يده عليه، لا سيما إذا كان صغيرًا، قال: والذي لا أشك فيه أنَّه لا يجوز إيداع المصحف عنده. انتهى.

والإعارة كالإيداع.

1681 -

قوله: (والمستأجر)(4) أي: لا يشترط إسلامه، ثم قال:(ويؤمر الكافر بإزالة ملكه عنه؛ ككتابته) قد يفهم أنَّه لا يؤمر بأن يزيل ملكه عن المنافع؛ بأن يؤجره مسلمًا، والأصح في "شرح المهذب": خلافه (5).

(1) المجموع (9/ 340، 341)، وانظر "التهذيب"(4/ 23).

(2)

الحاوي (ص 260).

(3)

الحاوي (ص 260).

(4)

انظر "الحاوي"(ص 260).

(5)

المجموع (9/ 340).

ص: 689

فرع: [لو حملت أمة كافرة من كافر فأسلم] أمة كافرة حملت من كافر، فأسلم .. فالحمل مسلم، فيحتمل أن يؤمر مالك الأمة الكافرة بإزالة ملكه عن الأم إن قلنا: الحمل يعطى حكم المعلوم، قاله في "البحر"(1).

1682 -

قوله: (وتفريق المستولدة والمدبر)(2) محله: في المدبر إذا دَبَّرَه قبل إسلامه؛ فإنه لا يباع، بل يحال بينهما، فلو دبره بعد إسلامه .. لم يكف، ويباع، وقد أوضح "المنهاج" الصورتين في (التدبير)(3).

1683 -

قول "الحاوي"[ص 261]: (إن امتنع - أي: الكافر من إزالة ملكه، أو الكتابة حيث أُمر بها - بِيع) أي: بثمن المثل، فإن لم يجد مشتريًا به .. صبر، وحيل بينهما، ويستكسب له، وتؤخذ نفقته منه.

1684 -

قول "المنهاج"[ص 210، 211]: (ولا يصح شراء الكافر المصحف والمسلم في الأظهر) ينبغي أن يتعلق قوله: (في الأظهر) بالأخيرة فقط؛ فإن الأصح: القطع بأنه لا يصح شراؤه المصحف، وفرق الرافعي: بأن العبد يمكنه الاستغاثة ودفع الذل عن نفسه (4)، وفرق الماوردي: بأن المصحف أكثر حرمة؛ بدليل حرمة مسه على المحدث (5)، وفرق في "الأم": برجاء عتق العبد (6).

وينبني على هذه الفروق بيع العبد الصغير، وبيع غير المصحف مما منعناه، والله أعلم.

والعبرة بمن يُشْتَرَى له لا بمن يباشر الشراء كما تقدم في شراء المسلم، وبذلك عبرة "الحاوي"(7)، وفي معنى المصحف: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكره "الحاوي"(8)، خلافًا للماوردي؛ فإنه لم يلحقه بالمصحف، كذا ذكره هنا، واقتصر الرافعي والنووي على حكايته عنه (9)، لكنه فَصّل في عقد الذمة فقال: إن كان المذكور في كتب الحديث صفته وسيرته .. فيجوز قطعًا، وإن كان فيها كلامه من أمره ونهيه وأحكامه .. ففي المنع وجهان (10).

(1) بحر المذهب (6/ 233).

(2)

انظر "الحاوي"(ص 260، 261).

(3)

المنهاج (ص 592).

(4)

انظر "فتح العزيز"(4/ 17).

(5)

انظر "الحاوي الكبير"(14/ 391).

(6)

الأم (3/ 193).

(7)

الحاوي (ص 260).

(8)

الحاوي (ص 260).

(9)

انظر "فتح العزيز"(4/ 17)، و"الروضة"(3/ 344)، و"المجموع"(9/ 337).

(10)

انظر "الحاوي الكبير"(14/ 391).

ص: 690

قال العراقيون: وكتب الفقه التي فيها آثار السلف لها حكم المصحف في هذا، قال السبكي: الأحسن: إطلاق المنع من بيع كتب العلم للكافر وإن خلت عن الآثار؛ تعظيمًا للعلم الشرعي، قال ولده شيخنا القاضي تاج الدين: وقوله: (تعظيمًا للعلم الشرعي) يفيد جواز بيعهم كتب علوم غير شرعية، وينبغي المنع من بيع ما يتعلق منها بالشرع؛ ككتب النحو واللغة وأمثالها. انتهى.

وقال النووي: الخلاف في بيع العبد والمصحف والحديث والفقه إنما هو في صحة العقد مع أنَّه حرام بلا خلاف (1).

واعترضه في "المهمات" في نفي الخلاف بالنسبة إلى كتب الفقه؛ بأن في "الإيضاح" للصيمري: فأما إذا اشتروا كتب الفقه والطب والنحو .. فلا حرج عليهم، وزعم بعض أصحابنا أن النصراني إذا ابتاع كتاب "المزني" .. كان كمن ابتاع مصحفًا، والصحيح: خلافه. انتهى.

1685 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (ولا الحربي سلاحًا) وفي وجه: يصح مع التحريم، قال في "الوسيط": إنه منقاس (2).

قال الروياني: ويؤمر بإزالة الملك عنه (3)، وصرحوا في صلاة الخوف بأن الترس والدرع ليسا من السلاح، وهو مقتضى قولهم في السَّلَب: كدرع وسلاح، لكن كلام الإمام يقتضي أنَّه منه؛ فإنه استدل على بيع السلاح ورهنه من الذِّمِّيُّ: بأنه عليه الصلاة والسلام توفي ودرعه مرهونة عند يهودي (4)، فدل على أنَّه يسمى سلاحًا، ويظهر ترجيحه هنا؛ فإنهم يستعينون به على قتالنا.

1686 -

قول "التنبيه"[ص 90]: (وإن باع العصير ممن يتخذ الخمر، أو السلاح ممن يعصي الله تعالى به، أو باع ماله ممن أكثر ماله حرام .. كره) فيه أمور:

أحدها: أن قوله: (ممن يتخذ الخمر) أي: شأنه كذلك، فلو تحقق أنَّه يتخذه خمرًا .. حرم في الأصح في "الروضة"(5)، وقيل: لا، وعليه الأكثرون، كما في "التتمة" و"البحر"، ونص عليه في "الأم"(6)، وفي "المنهاج" في البيوع المنهي عنها [ص 217]:(وبيع الرّطَبِ والعِنَبِ لعَاصِرِ الخَمْرِ)، قال السبكي: ولا أستحضر فيه نهيًا خاصًا، لكن روى التِّرمِذي: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها

) الحديث (7).

(1) انظر "الروضة"(3/ 344).

(2)

الوسيط (3/ 69).

(3)

انظر "بحر المذهب"(6/ 270، 271).

(4)

انظر "نهاية المطلب"(6/ 217، 218).

(5)

الروضة (3/ 416).

(6)

الأم (3/ 74)، بحر المذهب (6/ 270).

(7)

سنن التِّرمِذي (1295).

ص: 691

وجه الاحتجاج: أن العاصر كالبائع في أن كلًا منهما مُعين على معصية مظنونة، فال: والمأخذ يقتضي أن تسليمه إليهم حرام، وذلك يقتضي فساد البيع، والأصحاب جزموا بصحته.

ثانيها: الأصح في "شرح المهذب": أنَّه إذا تحقق عصيانه بالسلاح .. حرم أيضًا (1).

ثالثها: يستثنى من العصاة: أهل الحرب؛ فبيع السلاح لهم حرام بالإجماع، وباطل على المشهور كما تقدم (2)، وقد يقال: إن بين عبارة "التنبيه" و"المنهاج" عمومًا وخصوصًا؛ فإن الحربي قد يعصي به وقد لا يعصي، والعاصي قد يكون حربيًا وقد لا يكون.

رابعها: يستثنى من مسألتي العصير والسلاح: ما إذا كان ليتيم، وأراد الولي البيع، وهناك اثنان بدل أحدهما أكثر من الآخر، لكن يقصد جعله خمرًا أو آلة للقتل المحرم .. فهل يبيع منه أو من باذل الأقل؟ فيه احتمالان للروياني (3).

خامسها: يستثنى من المسألة الثالثة: إذا تحقق أخذ الحرام .. فإنه يحرم.

سادسها: مفهومه: أنَّه لا كراهة إذا لم يكن أكثر ماله حرام؛ بأن استوى الحرام والحلال، أو كان أكثره حلالًا، وليس كذلك، بل يكره مطلقا إذا لم يتحقق أخذ الحرام؛ ولعله إنما خص الأكثر بالذكر؛ لمخالفة شيخه أبي حامد؛ فإنه قال في صورة الأكثر: بالتحريم، وتبعه الغزالي في "الإحياء"(4).

سابعها: يستثنى منه: إذا علم حل ما يأخذه .. فإنه لا كراهة حينئذ ولو كان أكثر ماله حرامًا، والكراهة إنما هي مع الاشتباه، والله أعلم.

1687 -

قولهم: (إن للمبيع شروطًا، فذكروا: الطهارة، والنفع، وإمكان التسليم، والمِلْك، والعلم)(5) فيه أمور:

أحدها: قال السبكي: الذي يتحرر منها الملك والمنفعة، فلا شرط له غيرهما، وأما اشتراط الطهارة: فمستفاد من المِلْك؛ لأن النجس غير مملوك، وأما القدرة على التسليم والعلم به: فشرط في العاقد، وكذا كون الملك لمن له العقد.

ثانيها: قال في "المهمات": هذه الشروط التي ذكروها موجودة في حَرِيمِ (6) المِلْك، مع أنَّه

(1) المجموع (9/ 335).

(2)

انظر "المجموع"(9/ 335).

(3)

انظر "بحر المذهب"(6/ 155).

(4)

إحياء علوم الدين (2/ 65).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 88)، و"الحاوي"(ص 261، 262)، و"المنهاج"(ص 211).

(6)

الحريم: هي المواضع القريبة التي يُحْتَاج إليها لتمام الانتفاع؛ كالطريق ومسيل الماء ونحوهما. انظر "فتح العزيز"(6/ 212).

ص: 692

لو باعه وحده .. لم يصح، حكاه الرافعي في (الإحياء) عن العبادي، وأقره (1).

ثالثها: اعترض في "المطلب" على حصرها في خمسة: بأن للرِّبَوِيَّاتِ شروطًا أخرى.

1688 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (طهارة عينه) وقول "التنبيه"[ص 88]: (ولا يجوز البيع إلَّا في عين طاهرة) يرد على مفهومه: متنجس لا يطهر بالغسل؛ فإنه طاهر العين ولا يصح بيعه كما ذكراه بعد ذلك، وأفهم كلامهما: أن امتناع بيعه متفرع على اشتراط طهارة العين، وليس كذلك؛ فإنه طاهر العين ومع ذلك لا يصح بيعه؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 262]:(طاهر، أو يَطْهر بالغسل) فلم يعتبر طهارة عينه، وإنَّما اعتبر ألَاّ يكون نجسًا نجاسة لا تطهر بالغسل.

1689 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (وكذا الدهن في الأصح) أي: لا يمكن تطهيره.

مقابله: أنَّه يمكن تطهيره؛ بأن يوضع على قلتين أو يصب عليه ماء يغمره، ثم يحرك حتَّى يصل إلى جميعه، وظاهر كلامه: صحة البيع إذا قلنا به، والأصح - تفريعًا عليه أيضًا -: المنع، ويشكل الفرق بينه وبين الثوب المتنجس؛ حيث صح بيعه قطعًا، والأصح: أن الماء المتنجس لا يصح بيعه.

والمسألة مكررة في "المنهاج" فإنها مذكورة في النجاسات (2)، وكلامه يقتضي أن غير الدهن من المائعات لا يمكن تطهيره قطعًا، وهو المعروف، لكن في "الشرح الصغير": إنه لا يبعد طرد الخلاف في سائر المائعات؛ لأن إيصال الماء إلى أجزائها بالصّبِّ والتحريك ممكن، والغسالة طاهرة على الأصح، فلا يضر بقاؤها. انتهى.

قال في "المهمات": وهو ضعيف؛ لأنه إن كان الماء قليلًا .. فلا يرد على جميع أجزائه إلَّا وهو متغير؛ لاختلاطه به، بخلاف الدهن، وإن كان كثيرًا جدًا بحيث يزول اسم المائع .. خرج عن المقصود؛ فإن الغرض أن يطهره ويبيعه على حاله. انتهى.

وقول "المنهاج"[ص 211]: (الدهن) أعم من قول "التنبيه"[ص 88]: (الزيت النجس).

1690 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (ويجوز بيع الثوب النجس) أي: إن لم يستتر بالنجاسة، فإن استتر بها .. خرج على بيع الغائب (3).

1691 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (ولا يصح إلَّا فيما فيه منفعة) مثل قول "المنهاج"[ص 211]: (الثاني: النفع) والمراد: منفعة مباحة شرعًا؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 261]: (في منتفعٍ به شرعًا).

(1) انظر "فتح العزيز"(كتاب إحياء الموات)(6/ 212).

(2)

المنهاج (ص 81).

(3)

انظر "فتح العزيز"(4/ 24)، و"الروضة"(3/ 349).

ص: 693

1692 -

قولهما: (لا يصح بيع الحشرات)(1) يستثنى منه: العَلَق؛ فيصح بيعه على الأصح؛ لمنفعة امتصاص الدم.

1693 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (وكل سَبُعٍ لا ينفع) أعم من قول "الحاوي"[ص 261]: (لا يصيد) ومن قول "التنبيه"[ص 88]: (لا تصلح للاصطياد) لأن المنفعة قد تكون لغير الصيد؛ كالقتال على الفيل وحراسة القرد .. فيصح بيعها لذلك.

1694 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (وآلة اللهو) أي: المُحَرّم، وسيأتي في (الشهادات).

1695 -

قوله: (وقيل: يصح في الآلة إن عُدَّ رِضَاضُها مالًا)(2) يفهم أنَّه إذا لم يُعّد مالًا؛ كمزمار صغير من قصب .. يمتنع جزمًا، وهو المعروف، وفيه وجه شاذ في "شرح المهذب"(3).

1696 -

قول "الحاوي" في المنتفع به [ص 261]: (والبناء على السقف، وبهدمه يَغْرَم للفُرْقَة) محله: إذا كان الهدم قبل البناء، فإن كان بعده .. فالمذهب: أنَّه لا يلزمه إعادته، فلا قيمة للفرقة إلَّا بالهدم قبل البناء، وإن أطلقه "الحاوي".

1697 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (إمكان تسليمه) فيه أمران:

أحدهما: كان ينبغي التعبير ب (القدرة) بدل الإمكان، كما في "التنبيه" و"الحاوي" وسائر كتب الرافعي والنووي (4)، فإنه لا يلزم من ثبوت إمكانه القدرة عليه؛ فإن الشيء قد لا يكون مستحيلًا، ومع ذلك فلا يتمكن الشخص منه.

ثانيهما: وكان ينبغي أيضًا التعبير بالتسلُّم - بضم اللام - لا بالتسليم؛ ليشمل مسألة بيع المغصوب ممن يقدر على انتزاعه وتسلمه، والتسليم فعل البائع، ذكره في "المطلب"، وهذا وارد على "التنبيه" و"الحاوي" أيضًا.

1698 -

قولهما: (إنه لا يصح بيع العبد الآبق)(5) فيه أمران:

أحدهما: إن ظاهر كلامهما منع بيعه مطلقًا، وهو المشهور، وفي وجه: أنَّه إن عرف موضعه وعلم أنَّه يصل إليه إذا أراد .. صح، واستحسنه الرافعي (6)، وفي "الروضة" وأصلها: لو باع الآبق ممن يسهل عليه رده .. ففيه الوجهان في المغصوب (7)، ومقتضاه: تصحيح الصحة، وكذا

(1) انظر "التنبيه"(ص 88)، و"المنهاج"(ص 211).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 211).

(3)

المجموع (9/ 243).

(4)

التنبيه (ص 88)، الحاوي (ص 262)، وانظر "فتح العزيز"(4/ 34)، و"المحرر"(ص 136)، و"الروضة (3/ 553)، و"المجموع" (9/ 270).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 88)، و"المنهاج"(ص 211).

(6)

انظر "فتح العزيز"(4/ 35).

(7)

الروضة (3/ 356).

ص: 694

صححه في "شرح المهذب"(1)، ومشى عليه في "الحاوي" فقال [ص 262]:(والآبق، إلَّا أن يقدر المشتري على قبضه)، لكن رده شيخنا الإمام البلقيني، وقال: المذهب: أنَّه لا يجوز، والفرق بينه وبين المغصوب: أن المغصوب تحت يد شخص عليه عهدته، بخلاف الآبق؛ فإنه ليس تحت يد أحد، قال: فإن كان تحت يد شخص .. صار قريبًا من صورة الغصب.

ثانيهما: ذكر الثعالبي أنَّه لا يُطْلَق الآبق إلَّا على عبدِ ذهب من غير خوفٍ، ولا كدٍّ في العمل، فإن ذهب لذلك .. فهو هارب (2)، فكان ينبغي التعبير بعبارة جامعة للنوعين، وهذا وارد على "الحاوي" أيضًا.

1699 -

قول "المنهاج" و"الحاوي" في المغصوب: (إنه لو باعه لقادر على انتزاعه .. صح)(3) قال في "المطلب": ينبغي البطلان فيما لو كانت قدرة المشتري تحتاج إلى مؤنة، وقول "المنهاج" [ص 211]:(على الصحيح) عبر في "الروضة" بالأصح (4)، فلو كان البائع قادرًا على انتزاعه .. انعقد قطعًا، قال في "المطلب": إلَّا إذا كان فيه كلفة .. فينبغي أن يكون فيه ما في بيع السمك في البركة، والأصح: عدم الصحة، قال: وهذا عندي لا مدفع له، وقد استشكل في "المهمات" المنع من بيع الضال والآبق والمغصوب: بأن إعتاقهم جائز، وقد صرحوا بأن العبد إذا لم يكن في شرائه منفعة إلَّا حصول الثواب بالعتق؛ كالعبد الزمن .. صح بيعه، وإعتاق المبيع قبل قبضه صحيح على الصحيح، ويكون قبضًا، قال: فلم لا صح بيع هؤلاء إذا كانوا زَمْنَى، بل مطلقًا؛ لوجود منفعةٍ من المنافع التي يصح لها الشراء. انتهى.

قلت: الزمن ليست فيه منفعة قد حيل بين المشتري وبينها، بخلاف المغصوب ونحوه، والله أعلم.

1700 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (كالطير الطائر) أعم من قول "الحاوي"[ص 262]: (لا حمام البرج الخارج) لكن يستثنى منه: النحل، فالأصح: صحة بيعه خارج الكوارة إذا كان معلومًا.

1701 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (ولا يصح بيع نصفٍ معينٍ من الإناء والسيف ونحوهما) أي: مما تنقص قيمته بكسره أو قطعه كثوب نفيس، وقد صرح به في "التنبيه"(5)، وتعبير "الحاوي" بقوله [ص 262]:(وبعض معيّن ينقص بالفصل) يشمل الجميع، قال النووي: فطريقه

(1) المجموع (9/ 271).

(2)

انظر "فقه اللغة"(ص 60).

(3)

الحاوي (ص 262)، المنهاج (ص 211).

(4)

الروضة (3/ 356).

(5)

التنبيه (ص 88).

ص: 695

أن يقطعه مالكه قبل ذلك، ثم يشتريه منه، فيصح جزمًا. انتهى (1).

وفي إباحة ذلك نظر، وفي الثوب وجه: أنَّه يصح، قال به صاحب "التقريب" والقاضي أَبو الطيب والماوردي وابن الصباغ (2)، واختاره السبكي، وقال: قد يكون له فيه غرض صحيح. انتهى.

وقال الرافعي: القياس: طرده في الإناء والسيف (3).

1702 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (ويصح في الثوب الذي لا ينقص بقطعه في الأصح) عبر في "الروضة" بالمذهب، وقال: وبه قطع الجمهور (4).

1703 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (إنه لا يصح بيع المرهون) أي: بغير إذن مرتهنه، كما صرح به "المنهاج"(5)، ويرد عليهما: أن ذلك إنما يمتنع بعد القبض، ولغير المرتهن، فلو باعه للمرتهن .. صح، وهذا الأخير قد يفهم من تجويز "المنهاج" بيعه بإذن المرتهن، والمسألة مكررة في (كتاب الرَّهْن) فيهما (6).

1704 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (وفي العبد الجاني قولان، وقيل: إن كانت الجناية خطأ .. لم يجز قولًا واحدًا، وإنَّما القولان في جناية العمد، وقيل: إن كانت الجناية عمدًا .. جاز قولًا واحدًا، وإنَّما القولان إذا كانت الجناية خطأ) الأصح: الطريقة الثالثة، والأصح من القولين: البطلان، لكن التعبير بالخطأ عبارة ناقصة، فلو كانت الجناية شبه عمدٍ، أو عمدًا لا قصاص فيه، أو فيه قصاص وعُفي على مال .. فهو كما لو كانت خطأ، وقد تناول هذه الصور قول "المنهاج" [ص 211]:(ولا الجاني المتعلق برقبته مالٌ في الأظهر)، وقول "الحاوي" [ص 262]:(وجانٍ تعلق الأرش برقبته)، ثم في كلامهم أمور:

أحدها: أن محل المنع: إذا بيع بغير حق الجناية.

ثانيها: أن محله أيضًا: إذا استغرق المال قيمته، أو زاد، فإن نقص .. ففي "المطلب": يشبه أن يخرج على الخلاف في أن الدّين إذا تعلق بالتركة، وقلنا: هو كتعلق أرش الجناية .. هل يمنع التصرف في الكل، أو في قدره فقط؟

ثالثها: أن محل الخلاف: أن يبيعه وهو موسر، فإن باعه معسرًا .. بطل جزمًا، وقيل: بالقولين.

(1) انظر "المجموع"(9/ 301).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(5/ 331).

(3)

انظر "فتح العزيز (4/ 37).

(4)

الروضة (3/ 357).

(5)

المنهاج (ص 211).

(6)

انظر "التنبيه"(ص 100)، و"المنهاج"(ص 244).

ص: 696

رابعها: ومحل الخلاف أيضًا: أن يبيعه قبل اختيار الفداء، فلو باعه بعد الفداء .. صح قطعًا، أو قبله ولكن بعد اختياره .. فقال البغوي: يصح أيضًا، حكاه عنه الرافعي والنووي، وأقراه (1)، لكن مقتضى إطلاق الماوردي: أنَّه على الخلاف (2)، قال السبكي: وهو الحق؛ لأن اختيار الفداء قبل الفداء يصح الرجوع عنه، والبغوي ممن يوافق على ذلك. انتهى.

وقد حكى الإمام الاتفاق على أن له الرجوع عنه (3).

1705 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (وكذا تعلق القصاص) أي: برقبته، فإن تعلق بعضوه .. صح بيعه قطعًا، كما سيأتي في (باب الخيار) في قوله:(كقطعه بجنايةٍ سابقةٍ)(4)، وقوله:(في الأظهر)(5) الأصح: القطع به، فكان ينبغي التعبير ب (المذهب).

1706 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (ولا يجوز بيع ما يبطل به حق آدمي؛ كالوقف وأم الولد) جوّز القفال بيع أم الولد من نفسها فقال: إنه الظاهر، حكاه عنه الرافعي في بابه، وأقره (6).

وفي كتاب "الخصال" لأبي بكر الخفاف: أنَّه لا يجوز بيع أم الولد إلَّا عند أربع خصال: المرهونة؛ أي: إذا كان معسرًا، وأن يكون الوطء في غير ملكه وتلده في ملكه، وأن يكون وطؤه بعد أن حجر عليه فيها، وأن تحمل منه وهو مكاتب .. فيجوز له بيعها بعد عتقه. انتهى.

1707 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (الرابع: الملك لمن له العقد) هذا الضابط ذكره في "الوجيز"، فتبعه الرافعي والنووي (7).

ويدخل فيه: المالك، والوكيل، والولي، والقاضي في الممتنع، وملتقط الحيوان ونحوه، والظافر بغير جنس حقه.

وقصدوا إخراج بيع الفضولي، وليس خارجًا، بل داخل؛ فإن العقد يقع للمالك موقوفًا على إجازته عند من يقول به، ذكر هذا الإيراد في "المطلب" عن بعضهم، وهو ظاهر، وقد سلم من هذا الإيراد "الحاوي" بقوله [ص 262]:(يَلِيهِ العاقد) فخرج الفضولي العاقد؛ إذ ليس له عليه ولاية، و"التنبيه" بقوله [ص 88]:(ولا يجوز بغ ما لا يملكه إلَّا بولاية أو نيابة) وليس الفضولي ولي المالك، ولا نائبه، فتعبيرهما أحسن من تعبير "المنهاج".

(1) انظر "التهذيب"(3/ 465)، و"فتح العزيز"(4/ 38)، و"الروضة"(3/ 573، 358).

(2)

انظر "الحاوي الكبير"(5/ 264).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 270).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 220).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 211).

(6)

انظر "فتح العزيز"(13/ 592).

(7)

الوجيز (1/ 279)، وانظر "فتح العزيز"(4/ 31)، و"الروضة"(3/ 353).

ص: 697

1708 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (فبيع الفُضُوليِّ باطل) كذلك شراءه، وقد صرح به في "الحاوي"(1)، وقوله:(بعين مال غيره)(2) كذا إذا اشتراه بثمن في ذمة غيره؛ بأن قال: اشتريت لفلان بألف في ذمته، وهو مفهوم من طريق الأولى؛ إذ لا سبيل له على ذمته بحال، وكذا لو اقتصر على قوله: اشتريت لفلان بألف، ولم يضف الثمن إلى ذمته، كما رجحه في "الوسيط"(3)، لكن في "الروضة" وأصلها وجهان بلا ترجيح: هذا (4)، والوقوع عن المباشر (5)، وكذا "التنبيه" لم يذكر سوى البيع (6)، ولو عبروا بـ (العقد) .. لشمل البيع والشراء.

1709 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (وفي القديم: موقوف؛ إن أجاز مالكه .. نَفَذَ، وإلَّا .. فلا) فيه أمور:

أحدها: أنَّه نص عليه في الجديد أيضًا، ذكره الجويني في "السلسلة" في (القضاء)، وسليم في "المجرد" والروياني كلاهما في (القراض)(7)، ونص عليه في "الأم" في (الغصب)(8)، كما حكاه في "المطلب"، ونص في "البويطي" على تعليقه على صحة حديث عروة البارقي (9)، ونَقْلُ "الروضة" عن نص "البويطي" الصحة موقوفًا .. مردود، وإنَّما فيه التعليق، قال النووي: والقديم قوي في الدليل (10).

ثانيها: أن المراد: على القديم بالموقوف الملك، وأما الصحة: فناجزة، قاله الإمام (11)، ويوافقه تصريح"المحرر " بأنه ينعقد موقوفًا (12)، ولا معنى للانعقاد إلَّا الصحة.

ثالثها: المراد بالمالك في قوله: (إن أجاز مالكه): مالك التصرف فيه حال العقد، فلو باع

(1) الحاوي (ص 262).

(2)

انظر "الحاوي"(ص 262).

(3)

الوسيط (3/ 22، 23).

(4)

أي: الذي رجحه في "الوسيط"، وهو أن العقد لاغٍ.

(5)

الروضة (3/ 354).

(6)

التنبيه (ص 88).

(7)

انظر "بحر المذهب"(9/ 214).

(8)

الأم (3/ 252).

(9)

عن سيدنا عروة البارقي رضي الله عنه قال: دفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارًا لأشتري له شاةً، فاشتريت له شاتين، فبعت إحداهما بدينارٍ وجئت بالشاة والدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ما كان من أمره، فقال له:"بارك الله لك في صفقة يمينك" فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم، فكان من أكثر أهل الكوفة مالًا. أخرجه أَبو داوود (3384)، والتِّرمِذي (1258).

(10)

انظر "الروضة"(3/ 354).

(11)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 409).

(12)

المحرر (ص 137).

ص: 698

فضولي مال الطفل، ثم بلغ وأجاز .. لم ينفذ، وإنَّما ينفذ بإجازة الولي، وكذا لو باع ملك الغير، ثم ملكه البائع وأجاز .. لم ينفذ.

1710 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (ولو باع مال مُوَرِّثهِ) أعم من قول "الروضة": (مال أبيه)(1) ومثله: لو باع عبده الآبق أو المكاتب فبان راجعًا أو فاسخًا للكتابة، وقد تناولهما قول "الحاوي" [ص 262]:(وإن ظَنّ عَدَمَهَا) أي: عدم الولاية عليه، فهي أعم وأحسن، ولو باع شيئًا ظنه لغيره فبان له .. جزم الإمام بالصحة (2)؛ لأن الجهل في تلك الصور استند إلى أصل، وهو بقاء ملك المورث، فبطل على قول، ولو زوج أمة أبيه، فبان ميتًا .. جرى الخلاف، ومقتضاه: تصحيح الصحة.

واستشكل لأجل الاحتياط في البضع، وقد قالوا: لو تزوج الخنثى امرأة .. بطل ولو بأن رجلًا، وكذا لو تزوج من يظن أنَّها مُحَرّمة عليه فبانت حلالًا.

1711 -

قول "المنهاج"[ص 211]: (صح في الأظهر) يقتضي أن الخلاف قولان، وهو المشهور، وصوبه في "المهمات"، وحكاه جماعة وجهين، وصححه النووي في المسح على الخفين من "شرح المهذب"(3)، وذكر الشيخ أَبو حامد أن الخلاف في هذه المسألة إنما هو في الباطن، وأما في الظاهر: فإنه مؤاخذ به.

1712 -

قوله: (الخامس: العلم به)(4) أي: لا من كل وجهٍ، بل جنسًا وصفةً وقدرًا، واستثنى بعضهم من ذلك صورًا:

إحداها: لو اختلط حمام برج بآخر .. فلأحدهما البيع من صاحب الآخر في الأصح مع الجهل.

الثانية: إذا باع صاعًا من صُبْرَةٍ مجهولةٍ .. فإن المبيع واحد مبهم.

الثالثة: لو باع المال الزكوي بعد الوجوب .. فإن الأصح: البطلان في قدر الزكاة، والصحة في غيره وهو مجهول العين.

1713 -

قوله: (وكذا إن جُهلت في الأصح)(5) حكاه الرافعي عن النص، قال: وهو الأظهر في المذهب على ما حكاه المعتبرون، ولكن القياس: البطلان كما لو فرقها وباع واحدًا منها (6).

(1) الروضة (3/ 355).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 408).

(3)

المجموع (1/ 558).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 211).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 211).

(6)

انظر "فتح العزيز"(4/ 44).

ص: 699

1714 -

قوله: (ولو باع بِمِلءِ ذا البيت حنطةً

إلى آخره) (1) لو علم قدر ذلك قبل العقد .. صح، ويكون صورة الصحة في مسألة الفرس أن يقول: بمثل ما باع، أو يقصد المثلية، وإلَّا .. ففيه الخلاف في قوله:(أوصيت له بنصيب ابني) كما ذكره الرافعي في (الوصية)(2).

وقوله: (بملء) كذا في "المحرر" مجرور بالحرف (3)، فيكون من صور الثمن، والذي في "الروضة" وأصلها:(ملء) منصوب، ولا حرف معه (4)، فيكون من صور المبيع، وهو أحسن؛ لأن الكلام فيه، وصورته: إذا كان الثمن في الذمة، كما يمتنع في السلم كذلك ما إذا قال: بعتك بملء هذا الكوز من هذه الدراهم .. فلا يظهر إلَّا الصحة كالمثمن؛ فإنه لو قال: بعتك ملء هذا الكوز من هذه الحنطة .. صح في الأصح؛ لإمكان الاستيفاء به قبل التلف، ففي الثمن أولى، كما قاله ابن الرفعة وغيره، وقد فهم ذلك من قول "الحاوي" [ص 263]:(والقدر في الذمة) فإنه يدل على أنَّه إنما يشترط العلم بالقدر إذا كان في الذمة، فإن كان معينًا .. فلا، وكذا في "الشرح" و"الروضة" ما كان في الذمة من العوضين اشترط كونه معلوم القدر (5).

1715 -

قول "المنهاج"[ص 212]: (ولو باع بنقدٍ) كذا لو باع بعرض وغلب في البلد نوع منه .. فالأصح: تنزيله عليه، مثل: أن يبيعه ثوبًا بصاع حنطة، والمعروف في البلد نوع منها، فلو عبر بـ (الثمن) بدل (النقد) .. لكان أشمل.

1716 -

قوله: (وفي البلد نقدٌ غالبٌ)(6) يندرج فيه ما لو كان في البلد دراهم عددية ناقصة الوزن؛ كالمسعودية بمكة، أو زائدة، والأصح: تنزيل العقد عليها، ولو غلبت الفلوس .. حمل العقد عليها أيضًا، وفي "فتاوى البغوي": أنَّه لو باع بوزن عشرة دراهم فضة، ولم يبين أمضروبة هي أم تبر؟ بطل العقد؛ لتردده بينهما، ولا يحمل على النقد الغالب؛ ولعل تعبير "المنهاج" بـ (النقد) دون الدراهم والدنانير لهذا.

وقوله: (أو نقدان لم يَغْلِبْ أحدهما .. اشترط التعيين)(7)، كذا أطلقه الرافعي والنووي، وصوّره في "البيان" بما إذا اختلفت قيمتهما، وإلَّا .. فأصح الوجهين: أنَّه لا يجب التعيين، وجزم به الرافعي في نظيره من الصحاح والمُكَسّرة (8).

(1) انظر "المنهاج"(ص 212).

(2)

انظر "فتح العزيز"(7/ 140).

(3)

المحرر (ص 137).

(4)

الروضة (3/ 362).

(5)

فتح العزيز (4/ 46)، الروضة (3/ 362).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 212).

(7)

انظر "المنهاج"(ص 212).

(8)

انظر "فتح العزيز"(4/ 47)، و"الروضة"(3/ 363)، و"البيان"(5/ 107).

ص: 700

1717 -

وقوله: (اشترط التعيين)(1) أي: باللفظ، فلو عينا بالنية .. لم يكف، ويكفي ذلك في نظيره من الخلع في الأصح (2)، وأيضًا فالأصح: أنَّه إذا قال من له بنات: زوجتك بنتي، ونويا واحدة .. الصحة، فيحتاج إلى الفرق.

1718 -

قوله: (ولو باعها بمئة درهمٍ كُلَّ صاعٍ بدرهمٍ .. صح إن خرجت مئة، وإلَّا .. فلا على الصحيح)(3) يقتضي ضعف الخلاف، وأنه وجهان، وعبر في "الروضة" بالأظهر (4)، فهو يخالفه من وجهين.

1719 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (وفي بيع الأعيان التي لم يرها المشتري قولان) يقتضي القطع بالبطلان في التي لم يرها البائع، وهي طريقة، والأصح: طرد القولين فيها أيضًا، وهو مقتضى قول "المنهاج" [ص 212]:(والأظهر: أنَّه لا يصح بيع الغائب) لأن إطلاقه يتناول الغائب عن البائع وعن المشتري، لكن مقتضاه: القطع بأنه لا يصح بيع الحاضر إذا لم يُرَ، وهي طريقة، والأصح: طرد القولين في الحاضر أيضًا، وهو المجزوم به في "الشرح" و"الروضة"(5)، وهو مقتضى عبارة "التنبيه".

1720 -

قول "المنهاج"[ص 212]: (والثاني: يصح) أي: إذا وصفها، كما صرح به "التنبيه"(6)، والمراد بالوصف: ذكر الجنس والنوع فقط؛ كالفرس العربي والعبد الحبشي، فلو كان له من نوع اثنان .. تعين الوصف بما يُمَيّز، وقيل: يشترط مع الجنس والنوع وصفها؛ كالدعوى، وقيل: كالسلم، وقيل: يكفي ذكر الجنس، وقيل: لا يشترط شيء، فيصح: بعتك ما في كمي.

1721 -

قولهما على هذا القول: (إنه يثبت الخيار عند الرؤية)(7) قد يقتضي أنَّه لا يثبت قبلها لا الفسخ ولا الإجازة، والأصح: نفوذ الأول دون الثاني، وقد يفهم من قول "التنبيه" [ص 88]:(إذا رآها)، وقول "المنهاج" [ص 212]:(عند الرؤية) أن الخيار يتقيد بحالة الرؤية على الفور، والأصح: أنَّه يمتد ما دام في المجلس.

1722 -

قول "التنبيه"[ص 88]: (ويثبت للمشتري الخيار إذا رآها) قد يخرج البائع، فيقتضي

(1) انظر "المنهاج"(ص 212).

(2)

في (ج) زيادة: (وفرق بينهما بأنه يغتفر في الخلع ما لا يغتفر في البيع، وفي الفرق نظر).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 212).

(4)

الروضة (3/ 366).

(5)

فتح العزيز (4/ 51)، والروضة (3/ 368).

(6)

التنبيه (ص 88).

(7)

انظر "التنبيه"(ص 88)، و"المنهاج"(ص 212).

ص: 701

أنه لا يثبت له الخيار عند الرؤية إذا لم يكن رآها، وقد صححه في "أصل الروضة" موهماً أنه عند الرافعي، وليس كذلك (1)، فقد أطلق الرافعي هنا وجهين من غير ترجيح، لكنه صحح في الكلام على شراء الأعمى: ثبوت الخيار له (2)، وهو مقتضى إطلاق "المنهاج" في قوله [ص 212]:(ويثبت الخيار عند الرؤية).

ويستثنى من اشتراطهم الرؤية مسألتان:

إحداهما: بيع الفقاع في كوزه صحيح على الأصح، لمشقة رؤيته.

ثانيهما: الأعمى يصح أن يشتري نفسه من سيده؛ لأنه لا يجهل نفسه، بل البصير لا يرى وجه نفسه.

1723 -

قول "المنهاج"[ص 212]: (وتكفي الرؤية قبل العقد فيما لا يتغير غالباً إلى وقت العقد، دون ما يتغير غالباً) فيه أمران:

أحدهما: إذا احتمل التغير وعدمه على السواء .. فالأصح: الصحة، ومفهوم "المنهاج" فيها متدافع؛ فإن مفهوم أول كلامه: البطلان، ومفهوم آخره: الصحة، ومقتضى عبارة "الحاوي": الصحة؛ حيث قال [ص 264]: (لا قبله إن غلب تغيره) أي: لا يكفي الرؤية قبل العقد إن غلب التغير، فمفهومه أنها تكفي إذا غلب عدم التغير أو استوى الاحتمالان، وقول "التنبيه" [ص 88]:(فإن رآها قبل العقد وهي مما لا يتغير .. جاز) لا يفهم منه الحكم في صورة الاستواء، إلا أن بعضهم قال: إن قوله: (وهي مما لا يتغير) أي: غالباً، وحينئذ .. فيكون مفهومه البطلان في صورة الاستواء، وهو خلاف الأصح؛ ولهذا أورده عليه النووي وشيخنا الإسنوي في "تصحيحهما"(3).

ثانيهما: قال الماوردي: صورة الاكتفاء بالرؤية السابقة: أن يكون ذاكراً لأوصفها حالة البيع، فلو نسيها .. فهو كمن لم ير (4)، وقال في "شرح المهذب": إنه غريب، ولم يتعرض له الجمهور (5).

قلت: لكن تبعه الروياني فيه (6)، وجزم به في "الكفاية"، وقال النشائي: إنه ظاهر النص (7).

(1) الروضة (3/ 366).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 53).

(3)

تصحيح التنبيه (1/ 286)، تذكرة النبيه (3/ 90).

(4)

انظر "الحاوي الكبير"(5/ 26).

(5)

المجموع (9/ 282).

(6)

انظر "بحر المذهب"(6/ 27).

(7)

انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 83).

ص: 702

1724 -

قول "المنهاج"[ص 212]: (أو كان صِوَاناً للباقي خِلقةً) كذا قيد تبعاً لـ"المحرر" الصوان بكونه خِلقة؛ ليحترز به عن جلد الكتاب (1)، فإن رؤيته لا تكفي، لكنه ينتقض بالخشكنان (2)، فإنه يصح بيعه مع أن قشره صوان غير خلقي، وفي "شرح المهذب": يصح بيع الخشكنان قطعاً وإن لم يدل قشره على باطنه؛ لأنه صوان له (3)، وذكر بعضهم أنه ينتقض أيضاً بالفقاع (4)، فيصح بيعه كما صححه النووي، والحق: أن هذه الصورة لا ترد هنا؛ لأن المبيع هو نفس الفقاع، وليس كوزه داخلاً في البيع، وإنما يستثنى من اشتراط الرؤية كما قدمته، وَلِمَا ذكرناه من النقض لم يقيد "الحاوي" الصوان بكونه خِلقةً، وكذا لم يذكر هذا القيد في "الروضة" وأصلها (5).

1725 -

قول "المنهاج"[ص 212]: (ويصح سَلَمُ الأعمى) أي: بشرط كون رأس المال موصوفاً في الذمة، ثم يحضر في المجلس، فإن كان معيناً .. لم يصح، وإذا صح سلمه .. لم يصح قبضه في الأصح، بل يوكل.

(1) المحرر (ص 138).

(2)

الخشكنان: هو فطيرة رقيقة يوضع فيها شيء من السكر واللوز وتسوى بالنار، فتكفي رؤية الفطيرة التي هي القشرة عن رؤية ما فيها؛ لأنها صوان له، وهو فارسي بمعنى: الخبز اليابس. انظر "حواشي الشرواني"(4/ 269)، و"المعجم الوسيط"(1/ 236).

(3)

المجموع (9/ 277).

(4)

الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سُمِّيَ به لما يعلوه من الزبد. انظر "لسان العرب"(8/ 256).

(5)

الحاوي (ص 264)، الروضة (3/ 371).

ص: 703