المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [فيما يترتب على لزوم الرهن] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌فصل [فيما يترتب على لزوم الرهن]

وشرط جعل الثمن رهنًا، أما لو كان الدين حالًا، وأراد كونه مرهونًا .. صح قطعًا؛ لأنه تصريح بمقتضى الإطلاق، فإن الإذن في الحال محمول على الوفاء، فلا يتسلط الراهن على الثمن، قال: وحكاية الخلاف في الحال إذا شرط جعل الثمن رهنًا لم يتعرض له غير القاضي حسين والبغوي والرافعي، وفيه نظر (1).

‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

2088 -

قول "المنهاج"[ص 245]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 303]-: (إذا لزِمَ الرهنُ .. فاليدُ فيه للمرتهن) يستثنى منه: ما لو رهن عبدًا مسلمًا أو مصحفًا من كافرٍ أو سلاحًا من حربي .. فإنه يوضع عند عدل، ولو رهن جارية، فإن كانت مَحْرَمًا للمرتهن، أو طفلة، أو كان المرتهن امرأة، أو أجنبيًا ثقة وعنده زوجة، أو أمة، أو نسوة ثقات .. وضعت عنده، وإلَّا .. فعند مَحْرَمٍ لها أو امرأة ثقة أو عدل بالصفة المذكورة، والخنثى كالجارية، لكن لا يوضع عند امرأة، وقول "التنبيه" [ص 100]:(فإن اتفقا على أن يكون في يد المرتهن .. جاز) يقتضي أنَّه إنما يكون اليد له باتفاقهما، وقد ادُعي أن مقتضاه: أنهما لو اتفقا على أن يكون في يد الراهن .. لم يجز، وبه صرح ابن يونس في "النبيه"، وعلله في "التنويه": بأن يده لا تصلح للنيابة عن غيره، وهو مستقلٌ بالملك، وسبقه إلى ذلك الغزالي (2)، ومقتضى كلام ابن الرفعة في "المطلب": أنَّه يصح؛ فإنه حمل كلام الغزالي على ابتداء القبض.

2089 -

قولهما - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولو شرطا وضعه عند عدل .. جاز)(3) وكذا في "المحرر"(4)، وعبارة "الروضة" و"الشرحين": في يد ثالث (5)، فيشمل الفاسق، قال شيخنا الإسنوي: وهو الصواب، فإن الفاسق كالعدل في ذلك.

قلت: ويوافق ذلك عبارة "الحاوي" حيث قال: (ومن ائتمناه)، فلم يعتبر قدرًا زائدًا على ائتمانهما، ثم قال:(ولكل طلب التحويل منه إن فسق أو زاد فسقه)(6)، وهو صريح في ائتمان الفاسق في ذلك.

(1) انظر "التهذيب"(4/ 69)، و"فتح العزيز"(4/ 495).

(2)

انظر "الوسيط"(3/ 505).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 100)، و"المنهاج"(ص 245).

(4)

المحرر (ص 168).

(5)

فتح العزيز (4/ 498)، الروضة (4/ 86).

(6)

الحاوي (ص 304).

ص: 839

2090 -

قول "المنهاج"[ص 245]: (ولو مات العدل أو فسق .. جعلاه حيث يتفقان) فيه أمور: أحدها: في معنى ذلك: ما إذا كان الذي اتفقا على وضعه عنده فاسقًا ثم زاد فسقه، وقد ذكره "الحاوي"(1)، وكذا لو عجز عن الحفظ أو عادى أحدهما.

ثانيها: لا يختص ذلك بالعدل، فلو كان عند المرتهن فطرأ عليه ذلك .. كان الحكم كذلك.

ثالثها: لا يختص ذلك بحالة موته أو فسقه، فلهما مع بقائه على حاله الاتفاق على نقله إلى غيره، كذا أورد شيخنا ابن النقيب (2)، لكن في صورة حدوث الفسق ونحوه، لو طلب أحدهما النقل وامتنع الآخر .. أجبر الممتنع، وعند بقائه على حاله .. لا يجبر الممتنع من نقله، والله أعلم.

2091 -

قولهما: (وإن تشاحا .. سلمه الحاكم إلى عدل)(3) حمله في "الكفاية" على ما إذا كان الرَّهْن مشروطًا في بيع، قال: فإن لم يكن مشروطًا في بيع .. فيظهر أن لا يسلم إلى عدل إلَّا برضا الراهن؛ لأن له الامتناع من أصل الإقباض.

قلت: فجعل صورة "التنبيه" في التنازع فيمن يضعانه عنده في الابتداء، و"المنهاج" إنما ذكر هذا فيما إذا مات من اتفقا على وضعه عنده أو فسق.

قال السبكي: والذي يظهر أنَّه ليس للحاكم في المشاحة قبل القبض التسليم إلى عدل إلَّا برضاهما، سواء أكان مشروطًا في بيع أم لا، وكيف يجبر والرهن لم يلزم؟ (4)

2092 -

قول "المنهاج"[ص 245]: (ويستحق بيع المرهون عند الحاجة) أخذ منه ابن الرفعة أنَّه لا يجب على الراهن أداء الدين من غير الثمن، وإن طلبه المرتهن، وقدر الراهن عليه، وبه صرح الإمام في "النهاية"(5)، واستشكله ابن عبدِ السلام؛ لما فيه من تأخير الحق الواجب على الفور، قال السبكي: وهو معذور في استشكاله، والمختار: الوجوب؛ إما منه، أو من غيره.

2093 -

قوله: (ويبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن)(6) أي: أو وكيله، وأهمل "المنهاج" ذكر وكيل المرتهن.

(1) الحاوي (ص 304).

(2)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 192).

(3)

انظر "التنبيه"(ص 100)، و"المنهاج"(ص 245).

(4)

انظر "حاشية الرملي"(2/ 166).

(5)

نهاية المطلب (6/ 181).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 245).

ص: 840

2094 -

قوله: (ولو باعه المرتهن بإذن الراهن .. فالأصح: أنَّه إن باع بحضرته .. صح، وإلَّا .. فلا)(1) فيه أمور:

أحدها: عبر في "الروضة" عن الأول بـ (الصحيح)، وعن الثاني بـ (الأصح)(2).

ثانيها: اختار السبكي الصحة مطلقًا (3)، وهو مذهب الأئمة الثلاثة.

ثالثها: محل الصحة: ما إذا قال: (بعه لي)، وكذا إن أطلق في الأصح، فلو قال:(بعه لنفسك) .. لم يصح في الأظهر (4).

رابعها: مدرك التفصيل: التهمة، ومدرك المنع مطلقًا: أنَّه توكيل فيما يتعلق بحقه؛ إذ المرتهن مستحق للبيع، فلو قدّر الثمن .. انتفت التهمة دون الاستحقاق، ولو كان الدين مؤجلًا .. انتفى الأمران، فيصح بحضوره وغيبته، فإن أذن له مع ذلك في استيفاء حقه من ثمنه .. جاءت التهمة، ذكره الرافعي والنووي (5).

2095 -

قوله: (ولو شرط أن يبيعه العدل .. جاز)(6) يقتضي أن مجرد اشتراط بيع العدل يكفي عن الإذن له؛ لأنه يتضمنه، وكلام الماوردي يقتضي أنَّه لا بد من الإذن له بعد ذلك (7)، وعبارة "الحاوي" [ص 304]:(ويبيع بالإذن الأول)، وهو معنى قول "المنهاج" [ص 246]:(ولا تُشتَرط مراجعة الراهن في الأصح) وسكت عن مراجعة المرتهن، وفي "الروضة" وأصلها عن العراقيين: القطع باشتراطها، وعن الإمام: القطع بعدمه (8)، وذكر السبكي أن الإمام فرض محل الوجهين في مراجعة الراهن: فيما إذا كانا قد أذنا له، وفرضه العراقيون فيما إذا شرط في الرَّهْن أن العدل يبيع، أو وكله الراهن فقط ولم يأذن المرتهن، فعلى فرضهم: لا بد من إذنه؛ إذ لم يأذن قبل ذلك، وعلى فرض الإمام: لا يحتاج لتقدم إذنه، ولم يتطابق العراقيون والإمام على مسألة واحدة، والرافعي قال بعد نقل الطريقين: فتأمل في بُعد إحدى الطريقين عن الأخرى (9)، قال السبكي: وأظن الحامل له على ذلك أنَّه رأى كلام العراقيين مصورًا في الاشتراط، والشرط إنما

(1) انظر "المنهاج"(ص 246).

(2)

الروضة (4/ 88).

(3)

في (د): (وهو مقتضى كلام "الحاوي" كما سيأتي).

(4)

في (د): (وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 305]: "فسد ماله" ومفهومه الصحة في الصورتين الأوليتين وإن لم يكن بحضرة الراهن).

(5)

انظر "فتح العزيز"(4/ 527)، و"الروضة"(4/ 89).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 246).

(7)

انظر الحاوي الكبير" (6/ 132).

(8)

الروضة (4/ 90)، وانظر "نهاية المطلب"(6/ 183).

(9)

انظر "فتح العزيز"(4/ 501).

ص: 841

يكون منهما، وهو متضمن للإذن، والجواب: أن إذن المرتهن في البيع إنما يصح بعد القبض، والراهن يصح إذنه قبله.

2096 -

قول "المنهاج"[ص 246]: (ولو تَلِفَ ثمنهُ في يَدِ العدلِ، ثم استُحِقَّ المرهُون، فإن شاء المشتري .. رجع على العدلِ، وإن شاءَ .. رَجَعَ على الراهنِ، والقرار عليه) فيه أمور:

أحدها: أن مقتضى إطلاقه أنَّه لا فرق بين أن يكون التلف بتفريط من العدل أو بغير تفريط منه، وصَوَّرَهُ الإمام بما إذا كان بغير تفريط (1)، ومقتضاه: أنَّه إذا تلف بتفريط .. اختصاص الضمان بالعدل، قال السبكي: وهو الأقرب.

ثانيها: هذا هو المجزوم به في "المحرر" و"الروضة" وأصلها هنا (2)، وحكوا في (الوكالة) أوجهًا، قيل: القرار على العدل، وقيل: لا يرجع مَنْ غَرمَ، وقيل: يطالب الراهن فقط ولا رجوع له، وقيل: يطالب العدل فقط وله الرجوع، وقيل: لا رجوع له (3).

قال السبكي: وهو القياس؛ لأن الموكل - الذي هو الراهن - لم يضع يده على الثمن، والعقد فاسد، فلا يتعلق به عهدة، وحينئذ .. فالقول: بتضمينه مشكل جدًا، وإن قاله الجمهور.

ثالثها: محل الرجوع على العدل: إذا لم يكن مأذونا من جهة الحاكم، فإن كان لموت الراهن أو غيبته .. فالأصح: أنَّه يرجع على الراهن فقط إن كان حيًا، وإلَّا .. ففي تركته، ولا يكون العدل طريقًا في الضمان.

2097 -

قوله: (ولا يبيعُ العدلُ إلَّا بثمن مِثلِهِ حالًا من نقد البلد)(4) يوهم أن الراهن والمرتهن ليسا كالعدل، والمتجه: إلحاقهما به، فلو عبر بقوله:(ولا يباع) .. لكان أعم، قاله شيخنا الإسنوي.

قال شيخنا ابن النقيب: قد يقال: إنهما إذا اتفقا على بيعه بشيء .. لا اعتراض عليهما؛ لأن الحق لا يعد وهمًا، والله أعلم (5).

2098 -

قوله: (فإن زادَ راغبٌ قبل انقضاءِ الخيار .. فليفسغ وليبعهُ)(6) فيه أمور:

أحدها: أنَّه يشمل خيار الشرط، فهو أحسن من قول "المحرر" و"الشرح": قبل التفرق (7)، فإن حكم الخيارين سواء، كما في زيادة "الروضة" عن "الشامل" وغيره (8)، وهو واضح.

(1) انظر "نهاية المطلب"(6/ 187).

(2)

المحرر (ص 168)، الروضة (4/ 91).

(3)

انظر "الروضة"(4/ 328).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 246).

(5)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 196).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 246).

(7)

المحرر (ص 169)، فتح العزيز (4/ 503).

(8)

الروضة (4/ 93).

ص: 842

ثانيها: أنَّه لا يتعين الفسخ، فلو باع من الراغب بالزِّيادة من غير فسخ .. صح على الأصح، فلو قال:(يخير بين الفسخ والبيع بلا فسخ) .. لكان أولى، بل قد يقال: البيع له بدون فسخ أحوط؛ لأنه قد يفسخ ويرجع الراغب، لكن الفسخ مجزوم به، والبيع قبل الفسخ مختلف فيه.

ثالثها: لو لم يعلم العدل بالزِّيادة حتَّى انقضى الخيار والزِّيادة مستقرة .. فقال السبكي: الأقرب عندي: تبيّن الفسخ، لكني لم أر من صرح به. انتهى.

فإن صح ما ذكره .. ففي هذه الصورة ينفسخ من غير فسخ.

2099 -

قولهم: (ومؤنة المرهون على الراهن)(1) أورد عليه: أنَّه يستثنى من ذلك: المؤن المتعلقة بالمداواة، كالفصد والحجامة، وتوديج الدابة وهو بمنزلة الفصد في الآدميين والمعالجة بالأدوية .. فلا تجب عليه.

وجوابه: أن هذه لا تسمى مؤنة، فلم يتناولها كلامهم، وقد ذكرها "المنهاج" عقبه بقوله [ص 246]:(ولا يُمنعُ الراهنُ من مصلحة المرهون، كفصدٍ وحجامةٍ) فدل على عدم دخولها فيما تقدم.

2100 -

قول "المنهاج"[ص 246]: (ويُجبرُ عليها لحق المرتهن على الصحيح) فيه أمران:

أحدهما: أن الأحسن: حذف الواو فقط، أو حذفها مع المعطوف بها؛ لأنه حشو، ويوهم أن الخلاف مخصوص بالإجبار، وا لوجوب مجزوم به، وليس كذلك، ذكره شيخنا الإسنوي.

قال شيخنا ابن النقيب: وعبارة "الروضة" قد توهمه أيضًا، فإنه قال: مؤنة الرَّهْن على الراهن، ثم قال: وحكى الإمام والمتولي وجهين في أن هذه المؤن، هل يجبر عليها الراهن من ماله؟ أصحهما: الإجبار (2).

ثانيهما: كذا في "الروضة" وأصلها، حكاية هذا الخلاف وجهين (3)، لكنه حكاه في "المحرر" قولين (4).

2101 -

قوله: (ولا يُمنع الراهن من مصلحة المرهون، كفصدٍ وحجامةٍ)(5) أي: وختان، وقد ذكره "الحاوي"(6)، ومحله: في وقت اعتدال الهواء إذا لم يكن به عارض يخاف من الختان معه، وكان يندمل قبل الحلول، أو لا تنقص القيمة به مع عدم الاندمال، قال في "الروضة":

(1) انظر "التنبيه"(ص 101)، و"الحاوي"(ص 304)، و"المنهاج"(ص 246).

(2)

السراج على نكت المنهاج (3/ 197)، وانظر "نهاية المطلب"(6/ 254)، و"الروضة"(4/ 93).

(3)

الروضة (4/ 93).

(4)

المحرر (ص 169).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 246).

(6)

الحاوي (ص 301).

ص: 843

كذا أطلق أكثر الأصحاب أو كثيرون منهم جواز الختان من غير فرق بين الكبير والصغير، وصرح به المتولي والشيخ نصر، وقال صاحب "المهذب" ومن تابعه: يمنع من ختان الكبير دون الصغير؛ لخوف التلف، وهذا ظاهر نصه في "الأم" و"المختصر"، ويؤيده أنهم عدوا عدم الختان عيبًا في الكبير دون الصغير، كما سبق (1).

وهو ميل إلى ترجيح الفرق بينهما، ومراده بما سبق: الرد بالعيب، لكنه قيد هناك الكبير بالذي يخاف عليه من الختان، وذكر هذا في العبد، وأما الأمة: فأطلق أن عدم الختان فيها ليس بعيب.

2102 -

قول "الحاوي" فيما يمتنع على الراهن [ص 301]: (وقطعٌ فيه خطرٌ) يستثنى منه: ما إذا كان الغالب في القطع السلامة .. فالأصح: جوازه، فيحمل كلامه على أن المراد: خطر يغلب على احتمال السلامة.

2103 -

قول "المنهاج"[ص 246]: (وهو أمانةٌ في يد المرتهن، ولا يسقُطُ بتلفه شيءٌ من الدين) أحسن من قول "المحرر" و"الروضة" وأصلها: (لا يسقط) بغير واو (2)؛ لأنه يقتضي ثبوت الأمانة مطلقًا في كل حكم، وحذفها يقتضي تفسير الأمانة: بأنه لا يسقط بتلفه شيء من الدين، فلا يؤخذ منه عدم وجوب القيمة، ولا تصديقه في التلف، وأحسن منهما تعبير "التنبيه" بـ (الفاء)(3)، فتفيد الأمانة مطلقًا، وأنه يتسبب عنها عدم السقوط.

2104 -

قول "المنهاج"[ص 246] و"الحاوي"[ص 303]: (وحكم فاسد العقود حكم صها في اضمان) أي: إن اقتضى صحيحه الضمان .. ففاسده كذلك، وإن اقتضى صحيحه عدم الضمان .. ففاسده كذلك، وفيه أمور:

أحدها: أنَّه يستثنى من الأول مسائل:

الأولى: إذا قال: قارضتك على أن الربح كله لي .. فالصحيح: أنَّه قراض فاسد، ومع ذلك لا يستحق العامل أجرة على الصحيح.

الثانية: إذا صدر عقد الذمة من غير الإمام .. لم يصح على الصحيح، ولا جزية فيه على الذِّمِّيُّ على الأصح.

الثالثة: إذا استأجر أَبو الطفل أمه لإرضاعه، وقلنا: لا يجوز .. فهل تستحق أجرة المثل؟ فيه وجهان، الأصح: أنَّها لا تستحق.

(1) الروضة (4/ 95)، وانظر "المهذب"(1/ 286).

(2)

المحرر (ص 169)، الروضة (4/ 96).

(3)

التنبيه (ص 100).

ص: 844

الرابعة: إذا ساقاه على أن الثمرة جميعها لرب المال .. فإنه كالقراض، كما قاله الرافعي، فتكون فاسدة، ولا يستحق أجرة (1).

الخامسة: إذا ساقاه على وَديٍّ (2) ليغرسه ويكون الشجر بينهما، أو ليغرسه ويتعهده مدة والثمر بينهما .. فالصحيح: فسادها، ثم إن كانت الثمرة لا تتوقع في هذه المدة .. ففي استحقاقه أجرة المثل الوجهان في اشتراط الثمرة كلها للمالك، كما قاله الرافعي، قال: وهكذا إذا ساقاه على ودي مغروس وقدّر مدة لا يثمر فيها في العادة (3).

السادسة: إذا قال الإمام لمسلم: (إن دللتني على القلعة الفلانية .. فلك منها جارية) ولم يعين الجارية .. فالصحيح: الصحة، كما لو جرى مع كافر، فإن قلنا: لا تصح هذه الجعالة .. لم يستحق أجرة.

السابعة: المسابقة إذا كانت صحيحة .. يكون العمل فيها مضمونًا، وإذا كانت فاسدة .. لا تضمن وفي وجه.

ويستثنى من الثاني مسائل:

الأولى: الشَّرِكةَ لا يضمن كل منهما عمل صاحبه في ماله مع صحتها، ويضمنه مع فسادها.

الثانية: إذا صدر الرَّهْن أو الإجارة من الغاصب، فتلفت العين في يد المرتهن أو المستأجر .. فللمالك تضمينه على الصحيح وإن كان القرار على الغاصب مع أنَّه لا ضمان في صحيح الرَّهْن والإجارة.

الثالثة: الهبة إذا صحت .. لا تكون العين فيها مضمونة، وإذا فسدت .. ضُمِنَتْ على وجه، ولم يستثن ابن المرحل في "الأشباه والنظائر" غير هذه الصورة، وهي على وجه مرجوح.

الأمر الثاني: أن محل هذا: إذا صدر العقد من رشيد، فلو صدر من صبي أو سفيه ما لا يقتضي صحيحه الضمان .. كان مضمونًا أيضًا مع فساده.

الأمر الثالث: أن المراد: التسوية في أصل الضمان؛ فقد لا يستويان في الضامن، كما لو استأجر الولي للصبي على عمل إجارة فاسدة، ففعله الأجير للصبي .. فالأجرة على الولي دون مال الصبي، كما صرح به البغوي في "فتاويه"، بخلاف الصحيحة، ولا في المقدار؛ فإن صحيح البيع مضمون بالثمن، وفاسده بالقيمة أو المثل على ما تقدم، وصحيح القرض مضمون بالمثل

(1) انظر "فتح العزيز"(6/ 62).

(2)

الوديّ على فعيل: فسيل النخل وصغاره، واحدتها: ودية، وقيل: تجمع الودية: ودايا. انظر "لسان العرب"(15/ 386).

(3)

انظر "فتح العزيز"(6/ 60).

ص: 845

مطلقًا، وفاسده بالمثل أو القيمة، وصحيح القراض والمساقاة والإجارة والمسابقة ونحوها مضمون بالمسمى، وفاسدها بأجرة المثل.

2105 -

قول "المنهاج"[ص 246]: (ولو شَرَطَ كون المرهون مبيعًا له عند الحلول .. فسدا) قد يتناول ما إذا علق ذلك على عدم القضاء، فقال:(رهنتك، وإذا لم أقضك عند الحلول .. فهو مبيع منك)، ولا شك في فساد البيع في هذه الصورة أيضًا، وأما الرَّهْن: فقال السبكي: يظهر صحته، وكلام الروياني يقتضيه. انتهى.

وكذا إذا لم يأت بذلك على سبيل الشرط، بل رهنه رهنًا صحيحًا، وأقبضه، ثم قال له:(إذا حل الأجل .. فهو مبيع منك بكذا) وقبل .. فالبيع باطل، والرهن صحيح بحاله.

2106 -

قوله: (وهو قبل المحلِّ أمانةٌ)(1) أي: في هذه الصورة؛ لأنه رهن فاسد، ومفهومه: أنَّه بعد المحل مضمون، وهو كذلك؛ لأنه بيع فاسد.

2107 -

قوله: (ويصدق المرتهن في دعوى التلف بيمينه)(2) أي: إذا لم يذكر سبب التلف، أو ذكر سببًا خفيًّا، فإن ذكر ظاهرًا .. ففيه التفصيل المذكور في الوديعة، والمراد بتصديقه في التلف: أنَّه لا يضمن، وإلَّا .. فالغاصب ونحوه مصدق فيه أيضًا، لكنه ضامن.

2108 -

قوله: (ولو وَطِئَ المرتهن المرهونة بلا شبةٍ .. فزان)(3)، قال السبكي: هو منتقد في اللفظ؛ لأن (لو) لا تجاب بالفاء، ويقع هذا في كلام الفقهاء، كأنهم أجروها مجرى (إن)، أو يُقدر الجواب محذوفًا تقديره: حد، فهو زانٍ، وهذه الجملة تعليل للجواب وحُذِف المبتدأ منها، ولو قال:(كان زانيًا) .. خلص عن الإيراد. انتهى.

2109 -

قوله: (وإن وَطِئَ بإذن الراهن .. قُبِلَ دعواه جَهْل التحريم في الأصح ولا حد، ويجب المهر إن أكرهها)(4) فيه أمران:

أحدهما: اعترض عليه: بأن وجوب المهر مفرع على عدم الحد، فأما إذا حد .. فيترتب عليه حكم الزنا في عدم المهر وما بعده من الفروع، فكان ينبغي أن يقول:(فيجب) بالفاء؛ ليفيد ذلك.

ثانيهما: حكى في "المحرر" وجهًا بعدم وجوب المهر في هذه الصورة (5)، وحكاه غيره قولًا، وأسقطه "المنهاج"، وعبارة "الحاوي" في هذا [ص 304]: (فوطؤه زنًا - ولو بإذنٍ -

(1) انظر "المنهاج"(ص 246).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 246).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(4)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(5)

المحرر (ص 169).

ص: 846

وبظن الحل شبهة)، وقد عرفت أن ظن الحل إنما يكون شبهة عند إذن الراهن في الوطء، فعبارة "المنهاج" في هذا أحسن.

2110 -

قول "المنهاج"[ص 247]: (ولو أتلَفَ المرهونَ وقبض بَدَلهُ .. صار رهنًا) فيه أمران: أحدهما: أنَّه يقتضي أن لا يكون رهنًا قبل قبضه، والأصح: خلافه، وقد تقدم ذلك في قوله:(وشرط الرَّهْن: كونه عينًا)(1).

ثانيهما: قوله: (صار رهنا) يخالفه قوله في "الروضة" في (الوقف): فيما إذا اشترى بقيمة المتلف مثله .. هل تصير وقفا بالشراء، أم لا بد من وقف جديد؛ فيه وجهان جاريان في بدل المرهون، وبالثاني قطع المتولي وآخرون، وصححه النووي من زيادته في مسألة الوقف (2)، وهو مقتضى تصحيح مثله هنا، لكن استبعده السبكي وقال: إنه لا وجه لطرد الخلاف فيه.

2111 -

قوله: (فإن لم يخاصم .. لم يخاصم المرتهن في الأصح)(3) فيه أمران:

أحدهما: أنَّه تبع "المحرر" في حكاية الخلاف وجهين، وهو في "الروضة" وأصلها قولان (4).

ثانيهما: أن الرافعي جزم في آخر (الدعاوى) نقلًا عن "فتاوى القفال" وغيره: بأن للمرتهن أن يخاصم (5)، وأسقطه في "الروضة"، واختاره السبكي، ويوافقه ما في "الروضة" وأصلها في (الحج) في محظورات الإحرام: أن المودع يخاصم (6)، لكن المشهور فيهما: المنع، وعبارة "الحاوي" في آخر (الإجارة) [ص 386]:(ولا يخاصم المستأجرُ والمرتهنُ الغاصبَ كالمودعَ والمستعيرِ، والأقيس: خلافه).

2112 -

قوله: (فلو وجب قصاصٌ .. اقتص الراهن)(7) أي: جوازًا، فلو قال:(لا أقتص ولا أعفو) .. قال ابن أبي هريرة: للمرتهن إجباره على القصاص أو أخذ المال، ورجحه ابن أبي عصرون وابن الرفعة، وخرجه الداركي على موجب القصاص؛ إن قلنا: القود .. لم يُجبر، أو أحد الأمرين .. أجبر.

وقال النووي: ينبغي إن قلنا: إن العفو على أن لا مال باطل .. يُجبر، وإلَّا .. فلا (8)، وقال

(1) انظر "المنهاج"(ص 242)، وفي (د):(وهو مقتضى قولا الحاوي" [ص 304]: "وبدله بالجناية رهنٌ").

(2)

الروضة (5/ 354).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(4)

المحرر (ص 169)، الروضة (4/ 100).

(5)

انظر "فتح العزيز"(13/ 287).

(6)

فتح العزيز (3/ 478)، الروضة (3/ 137).

(7)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(8)

انظر "الروضة"(4/ 101).

ص: 847

السبكي: القول بالاجبار مشكل كيف فرض، والقياس: عدمه مطلقًا. انتهى.

والأصح: صحة العفو على أن لا مال، فلا إجبار على ما قاله النووي.

2113 -

قوله: (وفات الرَّهْن)(1) أي: عند الجناية على النفس، فإن كانت على الطرف .. فالرهن باق بحاله؛ ولهذا عبر "الحاوي" فيما ينفك به الرَّهْن بقوله [ص 304]:(والقتل للجناية)، وهذا واضح.

2114 -

قول "المنهاج"[ص 247]: (فلو وجب المال بعفوه أو بجناية خطإٍ .. لم يصح عفوه عنه) لو وجب المال بجناية عمد ابتداءً؛ لكون الجاني حرًا أو والدًا أو غير ذلك مما يمنع القصاص .. لم يصح عفوه عنه أيضًا، فوجوبه بعفوه أو بجناية خطأ ليس قيدًا في الحكم، وإنَّما هو مثال.

2115 -

قوله: (ولا يسري الرَّهْن إلى زيادته المنفصلة؛ كثمرٍ وولدٍ)(2) أي: حدث الحمل بهما بعد الرَّهْن، وانفصلا قبل البيع؛ ولهذا عبر "التنبيه" بقوله [ص 101]:(وإن حدث من عين الرَّهْن فائدة لم تكن حال العقد) وقد علم ذلك من قول "المنهاج" بعده [ص 247]: (فيما لو رهن حاملًا وولدته .. بيع معها في الأظهر).

2116 -

قوله: (وإن كانت حاملًا عند البيع دون الرَّهْن .. فالولد ليس برهنٍ في الأظهر)(3) يقتضي أن مقابله: أن الولد يكون مرهونًا، وليس كذلك؛ لأنه مفرع على أن الحمل لا يعلم .. فكيف يرهن؟ وإنَّما المراد: أنَّه يباع معها تبعا كالسمن، وعلى الأظهر: لا يباع حتَّى تضع؛ لأن استثناء الحمل ممتنع، وبيعها حاملًا يقتضي التوزيع، والحمل لا تعرف قيمته، فكان ينبغي أن يقول:(فلا تباع حتَّى تضع في الأظهر).

واعترضه في "المهمات": بأن المديون إذا امتنع من الوفاء من جهة أخرى .. أجبره الحاكم على بيعها إن لم يكن له مال غيرها، أو بيع ما شاء من أمواله؛ إما هي أو غيرها إن كان له ذلك؛ لأن الحاكم يجبره عليه عند عدم الرَّهْن .. فمع وجوده أولى، ثم إن تساوى الثمن والدين .. فلا كلام، وإن فضل من الثمن شيء .. أخذه المالك، وإن نقص .. طولب بالباقي، فكيف يجيء إطلاق التعذر؟ قال: وقد نص في "الأم" على أن الراهن لو سأل بيعها وتسليم الثمن كله للمرتهن .. كان له ذلك (4)، قال: فصورة المسألة: إذا تعلق بالحمل حق ثالثٍ بفلسٍ أو موتٍ أو وصيةٍ، أو تعلق الدين برقبة الأم دون ذمة مالكها؛ كالجانية والمعارة للرهن ونحوه.

(1) انظر "المنهاج"(ص 247).

(2)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(3)

انظر "المنهاج"(ص 247).

(4)

الأم (3/ 145).

ص: 848