الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبكي، وأطلق "التنبيه" و"الحاوي" استحباب المبيت بمزدلفة إلى طلوع الفجر (1)، ومحله: في غير النساء والضعفة أما هم: فيسن تقديمهم بعد نصف الليل إلى منى، ذكره "المنهاج"(2)، وهو المنقول، وقال السبكي: الأحاديث تدل على أن ذلك رخصة، وليس نسكًا، وتعبيرهم بأنه سنة لعلهم أرادوا؛ لأن السنة للإمام: تقديمهم، وأما هم: فلا يندب لهم.
قلت: ويدل لذلك تعبيرهم بقولهم: (يسن تقديم النساء)، ولم يقولوا:(تقدمهن)، لكن عبر شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" بعبارة تقتضي استحباب ذلك لهن، فقال:(والصواب في غير الأقوياء كالنساء والضعفة: استحباب دفعهم من مزدلفة بعد نصف الليل، ولا يقيمون بها كغيرهم إلى طلوع الفجر)(3).
1506 -
قول "التنبيه"[ص 77]: (ثم يصلي الصبح في أول الوقت) و"المنهاج"[ص 102]: (مُغَلِّسين) هو مستحب كل يوم، لكن في هذا اليوم هناك أشد استحبابًا.
1507 -
قولهما: (ويأخذ منها حصى الجمار)(4) يقتضي أخذ جميعها، وهو سبعون حصاة لجميع الرمي، وهو وجه، والأصح: أنه يأخذ سبع حصيات ليوم النحر فقط.
1508 -
قول "التنبيه"[ص 77]: (ومن حيث أخذ .. جاز) إن أراد: الجواز المستوي الطرفين .. ورد عليه أنه يكره من المسجد والحُشِّ (5) والمرمى، وزاد في "شرح المهذب": ومن الحل (6)، ولم يذكره الرافعي وصاحب "الكفاية"، ونص عليه الشافعي (7)، قال السبكي: وينبغي تحريم أخذه من المسجد إن كان جزءًا منه، أو للمسجد به نفع.
قلت: وصرح بذلك النووي في (باب الغسل) من "شرح المهذب" فقال: ولا يجوز أخذ شيء من أجزاء المسجد كحصاة وحجر وتراب وغيره (8).
تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار
؟ ]
قال الجمهور: يتزود الحصى ليلًا قبل أن يصلي الصبح، وقال البغوي: يؤخر أخذها عن
(1) التنبيه (ص 77)، المنهاج (ص 201).
(2)
المنهاج (ص 201).
(3)
تذكرة النبيه (3/ 63).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و"المنهاج"(ص 201، 202).
(5)
الحش بضم الحاء وفتحها: محل قضاء الحاجة، ويسمى بيت الخلاء. انظر "مختار الصحاح"(ص 58).
(6)
المجموع (8/ 124).
(7)
انظر "الأم"(2/ 213).
(8)
المجموع (8/ 206).
الصلاة (1)، قال في "المهمات": وهو الصواب نقلًا ودليلًا؛ فقد رأيته منصوصًا عليه في "الأم" و"الإملاء"(2)، وروى النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للفضل غداة يوم النحر: "التقط لي حصىً
…
" (3) الحديث. انتهى.
ويوافقه قول "المنهاج"[ص 201]: (ويأخذون من مزدلفة حصى الرمي) إن جعلناه معطوفًا على قوله قبله: (ثم يدفعون إلى منىً)(4) .. فإن ذلك بعد صلاة الصبح، لكن الظاهر: أنه معطوف على قوله في أول الفصل: (ويببتون)(5) لأنه يلزم من عطفه على قوله: (يدفعون)(6) قَصرُ الاستحباب على غير الضعفة والنساء، وهو يعمهم.
1509 -
قولهم: (ويقف بالمشعر الحرام)(7) أي: الأفضل ذلك، ولو وقف في غيره من المزدلفة تأدَّى أصل السنة على الأصح، وكذا لو مَرّ ولم يقف .. كفاه؛ كما في "الكفاية" عن القاضي حسين، وأقره، وصرح "التنبيه" بأن قزح هو المشعر الحرام (8)، وقال الرافعي: هو جبل بالمشعر (9)، وقال النووي تبعًا لابن الصلاح: هو جبل صغير في آخر المزدلفة، قالا: وقد استبدل الناس به الوقوف على بناء محدث هناك يظنونه المشعر الحرام، وليس كما يظنون، لكنه يحصل بالوقوف عنده أصل السنة كما تقدم (10).
وقال المحب الطبري: هو بأوسط المزدلفة، وقد بني عليه بناء، ثم حكى كلام ابن الصلاح، ثم قال: والظاهر: أن البناء إنما هو على الجبل، والمشاهدة تشهد له، قال: ولم أر ما ذكره - يعني: ابن الصلاح - لغيره.
1510 -
قولهم: (ويقطع التلبية مع أول حصاة)(11) محله: إذا جعله أول أسباب التحلل، كما هو الأفضل، أما إذا قدم الطواف أو الحلق عليه .. قطع التلبية من حينئذ، وأما المعتمر: فيقطع التلبية عند ابتداء الطواف.
(1) انظر "التهذيب"(3/ 267)، و"فتح العزيز"(3/ 422).
(2)
الأم (2/ 213).
(3)
سنن النسائي (3057).
(4)
المنهاج (ص 201).
(5)
المنهاج (ص 201).
(6)
المنهاج (ص 201).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و"الحاوي"(ص 247)، و"المنهاج"(ص 202).
(8)
التنبيه (ص 77).
(9)
انظر "فتح العزيز"(3/ 423).
(10)
المجموع (8/ 126).
(11)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و"الحاوي"(ص 247)، و"المنهاج"(ص 202).
1511 -
قول "التنبيه"[ص 77]: (ويرفع يده حتى يُرى بياض إبطيه) محله: في الرجل، أما المرأة: فلا ترفع، صرح به الماوردي (1)، وذكره النووي في "تصحيحه" بلفظ:(الأصح)(2)، ومقتضاه: أن فيه وجهًا: أنها ترفع، قال النشائي وغيره:(ولم أره)(3)، ويظهر أن الخنثى في ذلك كالمرأة.
1512 -
قوله: (فإذا رمى .. ذبح هديًا إن كان معه)(4) الهدي المتطوع به لا يدخل وقت ذبحه بالفراغ من الرمي إلا إذا رمى في الوقت المسنون؛ لأن الأصح: اختصاصه بوقت الأضحية، وقد ذكره "المنهاج" بعد ذلك (5).
1513 -
قول "المنهاج"[ص 202]: (والحلق أفضل) هذا في الحج، وكذا العمرة، كما هو ظاهر إطلاق الشافعي والأصحاب، وأطلق النووي في "شرح مسلم": أنه يستحب للمتمتع أن يقصر في العمرة، ويحلق في الحج؛ لأنه أكمل العبادتين، وفصّل الشافعي في "الإملاء" فقال: إن قدم قبل وقت الحج بزمن لو حلق حَمَّمَ رأسه حتى يأتي يوم النحر وثم شعر يُحْلَق .. أحببت له الحلق، وإن قدم يوم التروية أو عرفة في وقت لو حلق لم يحمّم رأسه .. اخترت له أن يقصّر؛ ليحلق يوم النحر، واعتمد في "المهمات" هذا النص، وقال: إنها مسألة نفيسة (6).
1514 -
قولهم: (وتقصّر المرأة)(7) زاد "التنبيه"[ص 77]: (ولا تحلق)، وفي "شرح المهذب" وجهان، أصحهما: أنه مكروه لها، والثاني: حرام (8)، وقيد في "المهمات" الكراهة بثلاث شروط:
أحدها: أن تكون المرأة كبيرة، وقال: المتجه في صغيرة لم تنته إلى سن يترك فيه شعرها: أنها كالرجل في استحباب الحلق.
الثاني: أن تكون حرة؛ فالأمة إن منعها السيد من الحلق .. حرم، وكذا إن لم يمنع ولم يأذن على المتجه.
الثالث: أن تكون خليّة عن الأزواج؛ فالمتزوجة إن منعها الزوج الحلق .. احتمل الجزم
(1) انظر "الحاوي الكبير"(4/ 183).
(2)
تصحيح التنبيه (1/ 250، 253).
(3)
انظر "نكت التنبيه على أحكام التنبيه"(ق 71).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 77).
(5)
المنهاج (ص 202).
(6)
في (د): (ومحل قولنا: إن الحلق أفضل: ما إذا لم ينذره، فإن نذره .. تعين، وقد ذكره "الحاوي"). انظر "الحاوي"(ص 243).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و "الحاوي"(ص 247)، و"المنهاج"(ص 202).
(8)
المجموع (8/ 150، 151).
بامتناعه؛ لأن فيه تشويهًا، واحتمل تخريجه على الخلاف في إجبارها على ما يتوقف عليه كمال الاستمتاع، والأصح: الإجبار، قال: وفي التحريم عليها عند منع الوالد نظر، والأوجه: إثباته. انتهى.
وفي "شرح المهذب" عن العجلي: أن الخنثى كالمرأة (1).
1515 -
قول "التنبيه"[ص 77]: (وهل الحِلاق نسك أم لا؟ قولان) الأظهر كما في "الروضة": أنه نسك (2)، وفي "المنهاج": أنه المشهور (3)، وبينهما في اصطلاحه تناف، وقد حكى "التنبيه" هذا الخلاف أيضًا في (باب فرض الحج والعمرة وسننهما) وجعل بدل كونه نسكًا: أنه من الواجبات (4)، والأظهر: أنه ركن، وقد ذكره "المنهاج" بعد ذلك، وعليه مشى "الحاوي"(5).
1516 -
قولهم: (وأقله: ثلاث شعرات)(6) ظاهره: أنه لا فرق بين أن يأخذها دفعة أو متفرقًا، وهو المذهب في "شرح المهذب"، وجزم به في "المناسك"(7)، لكن كلام "الروضة" وأصلها قبل موانع الحج يقتضي تصحيح أنه لا يكفي أخذها متفرقًا؛ فإنه خرجه على تكميل الدم بذلك، والأصح: عدم التكميل، بل يجب ثلاثة أمداد.
1517 -
قول "المنهاج"[ص 202]: (حلقًا أو نتفًا أو تقصيرًا أو إحراقًا أو قصًّا) محله: إذا لم يَنذِرِ الحلقَ، فإن نذره وقلنا بوجوبه وهو الأصح .. تعين استيعابه بالحلق، وقد ذكره "الحاوي"(8).
1518 -
قولهما: (ومن لا شعر برأسه .. يستحب إمرار الموسى عليه)(9) يقتضي كما في "المهمات" أنه إذا كان على بعض رأسه شعر .. لا يستحب إمرار الموسى على الباقي، قال: والقياس: خلافه.
1519 -
قول "التنبيه"[ص 77، 78]: (ثم يخطب الإمام بالناس بمنى بعد الظهر، قال: ثم يفيض إلى مكة، ويغتسل ويطوف طواف الزيارة) فيه أمران:
(1) المجموع (8/ 151).
(2)
الروضة (3/ 101).
(3)
المنهاج (ص 202).
(4)
التنبيه (ص 80).
(5)
الحاوي (ص 247)، المنهاج (ص 204).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و "الحاوي"(ص 243)، و "المنهاج"(ص 202).
(7)
المجموع (8/ 150)، الإيضاح في المناسك (ص 117).
(8)
الحاوي (ص 243).
(9)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و"المنهاج"(ص 202).
أحدهما: أنه صريح في أنه لا يستحب أن يذهب لمكة لطواف الزيارة إلا بعد الظهر، وليس كذلك، بل يستحب أن يذهب لها ضحوة ثم يعود إلى منى قبل صلاة الظهر بحيث يصليها بمنى؛ ولهذا قال "المنهاج" [ص 202]:(فإذا حلق أو قصر .. دخل مكة وطاف طواف الركن) فظاهره: فعل ذلك بعد الحلق من غير تأخير إلى بعد الظهر.
ثانيهما: استحباب الغسل لطواف الركن قول قديم جزم به النووي في "مناسكه الكبرى"(1)، والجديد: خلافه.
1520 -
قولهم: (ويدخل وقتها بنصف ليلة النحر)(2) أي: بشرط تقديم الوقوف عليها، فلو فعل شيئًا منها قبله .. لم يعتد به.
1521 -
قول "المنهاج"[ص 202]: (ويبقى وقت الرمي إلى آخر يوم النحر) كذا صححه في "الروضة" وأصلها (3)، وقيل: يمتد تلك الليلة إلى الفجر، وصححه النووي في "مناسكه" عند الكلام على رمي التشريق (4).
1522 -
قول "المنهاج"[ص 202]: (ولا يختص الذبح بزمن) يُبيّن أن إطلاق دخول وقتها بنصف ليلة النحر محله: في غير الذبح، ثم استدرك فقال:(الصحيح: اختصاصه بوقت الأضحية، وسيأتي في آخر باب "محرمات الإحرام" على الصواب)(5).
واعْتُرض عليه: بأن الهدي يطلق على دم الجبران والمحظور، وهذا لا يختص بزمان؛ كالدين، وهو المراد هنا، وفي قوله أولًا:(ثم يذبح من معه هدي)(6)، وعلى ما يساق تقربًا إلى الله تعالى، وهذا هو المختص بوقت الأضحية على الصحيح، وهو المذكور في آخر محرمات الإحرام، فلم يتوارد الكلامان على محل واحد حتى يُعَد ذلك تناقضًا، وقد أوضح الرافعي ذلك في (باب الهدي) من "شرحه الكبير"، فذكر أن الهدي يقع على الكل، وأن الممنوع فعله في غير وقت الأضحية هو ما يسوقه المحرم، فظن النووي أن المراد بالهدي هنا: ما يساق فقط، عكس مراد الرافعي على ما بينه في "الشرح"، فاستدركه عليه، وكيف يجيء الاستدراك مع تصريح الرافعي هناك بما يبين المراد (7)؟ وقد اعترض بهذا شيخنا الإسنوي في "المهمات" و"شرح
(1) الإيضاح في المناسك (ص 38).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 78)، و"الحاوي"(ص 248)، و"المنهاج"(ص 202).
(3)
الروضة (3/ 103).
(4)
الإيضاح في المناسك (ص 123).
(5)
المنهاج (ص 202).
(6)
المنهاج (ص 202).
(7)
فتح العزيز (3/ 550)، وانظر "الروضة"(3/ 103).
المنهاج"، لكنه في "الجواهر" وافق النووي، وعدّه تناقضًا، ووافقه شيخنا ابن النقيب، وقال: ما استدركه النووي متوجه من وجهين: أحدهما:
أن المساق هو الظاهر عند إطلاق لفظ الهدي.
والثاني: أنه اللائق بما يفعل يوم النحر؛ فإن دم المحظور قد لا يجوز تأخيره إلى يوم النحر؛ لكون سببه محرمًا، وقد لا يكون وُجِد بعدُ؛ فإنه قد يفعل سببه بعد ذلك، وذلك يقوي أن قوله أولًا:(ثم يذبح من معه هدي) أنه المساق تقربًا، وحينئذ .. فيرجع قوله:(ولا يختص الذبح بزمن) إلى ذبح الهدي المُساق؛ فيتوجه الاستدراك على ظاهر لفظ "المحرر" هنا مأخوذًا من إتيانه به على الصواب في محرمات الإحرام، وأما كون الرافعي في "الشرح" ذكر أن الهدي يطلق على الكل .. فلا يدفع الإيراد عن "المحرر" مع ظهور غير المراد منه. انتهى (1).
1523 -
قوله: (والحلق والطواف والسعي لا آخر لوقتها)(2) أي: ويبقى محرمًا حتى يأتي بها، صرح به في "شرح المهذب"، لكن يكره تأخير الطواف عن يوم النحر، وكراهته عن أيام التشريق أشد، وإذا أخره عن أيام التشريق .. لا يوصف بأنه قضاء، خلافًا للمتولي (3).
قال ابن الرفعة: الذي يظهر لي امتناع تأخيره لمن لم يتحلل التحلل الأول، بل يمتنع تأخير التحلل الأول إلى العام القابل؛ لأنه يصير محرمًا بالحج في غير أشهره، وأيده بأن من فاته الحج .. يلزمه التحلل على الفور، لكن المحصر لا يجب عليه التحلل.
قال شيخنا ابن النقيب: ولم يظهر لي تعليل ابن الرفعة وغيره منع التأخير بكونه محرمًا بالحج في غير الأشهر، ووقت الحج يخرج بفجر يوم النحر، ولا يجب التحلل قبله قطعأ، بل الأفضل: تأخيره عنه (4).
قلت: ويظهر أن الممنوع منه ابتداء الإحرام بالحج في غير أشهره، لا دوامه وإن كان المنقول خلافه.
1524 -
قول "التنبيه"[ص 78]: (وفيما يحل بالتحلل الأول والثاني قولان، أصحهما: أنه يحل بالأول ما سوى النساء، ويحل بالثاني النساء) إن أراد بالنساء: وَطْأَهُنَّ خاصّة .. خرج به عقد النكاح، والمباشرة فيما دون الفرج بشهوة، فيحلان بالتحلل الأول، وهو المصحح في "الشرح الصغير" فيهما، وفي "المحرر" في العقد، وعليه مشى "الحاوي"(5)، وإن أراد: كل ما حرم
(1) انظر "السراج على نكت المنهاج"(2/ 309)، و "المحرر"(ص 135).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 202).
(3)
المجموع (8/ 158).
(4)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(2/ 310).
(5)
المحرر (ص 130)، الحاوي (ص 248).