الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الحَيْض
336 -
قول "التنبيه"[ص 21]: (أقل سن تحيض فيه المرأة: تسع سنين) أورد عليه في "الكفاية": أنه جعل التسع ظرفًا للحيض، ولا قائل بأن كلها ظرف له، قال: ولعل مراده: التاسعة. انتهى.
وجوابه: أن حقيقة التسع إنما يتحقق بكمالها، وهو المظروف، وغايته: أن يقع الحيض في آخر التاسعة، وهو منطبق على ضابط التقريب، وهو: أن ترى الدم قبله بزمن لا يسع حيضًا وطهرًا.
وفي "المنهاج"[ص 87]: (أقل سنه: تسع سنين) وهي مثل عبارة "التنبيه"، وفي "الحاوي" [ص 142]:(دم ترى بعد تسع) فسلم مما اعترض به عليهما.
لكن يرد عليه: أنها على الأصح تقريب، فلو رأته قبل استكمالها بزمن لا يسع حيضًا وطهرًا .. فهو حيض مع أنه ليس بعد التسع بل قبلها.
وقال الماوردي: (لو ظهر الدم قبل التسع بيوم أو يومين .. كان حيضًا)(1).
ويوافقه اعتبار شيخنا الإِمام البلقيني في "التدريب" العرف في ذلك.
337 -
قول "الحاوي"[ص 142]: (ولم يتقدم عليه حيض أو نفاس دون خمسة عشر) يقتضي أنه إذا تقدم عليه نفاس كامل وكان بينهما دون خمسة عشر .. أنه لا يكون حيضًا، وهو خلاف ما صححه النووي في "شرح المهذب" في الكلام على دم الحامل (2)، وهو مقتضى دولهما:(وأقل طهر فاصل بين الحيضتين: خمسة عشر يومًا)(3) فإنَّ ذكر الحيضتين للاحتراز عن حيض ونفاس سواء تقدم الحيض على النفاس أو تأخر عنه (4).
338 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (وقيل: يحرم العبور فيه، وقيل: لا يحرم)، قال النووي وشيخنا جمال الدين في "تصحيحهما":(الأصح: جواز عبورها في المسجد إذا أمنت التلويث)(5).
واعترض عليهما: بأن التقييد بأمن التلويث لا حاجه إليه؛ فإن الكلام في خاصية الحيض،
(1) انظر "الحاوي الكبير"(1/ 389).
(2)
المجموع (2/ 378).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "المنهاج"(ص 87).
(4)
انظر "تصحيح الحاوي"(ق 10).
(5)
تصحيح التنبيه (1/ 99)، تذكرة النبيه (2/ 438).
وخوف التلويث لا يختص به، بل المستحاضة، وسلس البول، ومن به جراحة نضاخة يخشى من مرور التلويث، كذلك ذكره الرافعي وغيره (1).
وفي "المنهاج"[ص 87]: (وعبور المسجد إن خافت تلويثه) ولا بد له من هذا القيد؛ لأنه جزم بالتحريم، ولو أمنت التلويث .. لم يكن التحريم مجزومًا به، بل ولا مرجحًا، وإنما هو وجه مرجوح، فلا يقال فيه: لا حاجة فيه لهذا القيد، وإنما يقال: لا حاجة لذكره هذا الحكم، وهو: تحريم العبور في هذه الصورة؛ لأنه ليس من خاصية الحيض كما تقدم؛ ولذلك لم يذكره "الحاوي".
ثم اعلم أن النووي نبه في "نكته" على أن مسألة العبور ليست في نسخة المصنف، وفي إثباتها إشكال؛ لأنه سيقول بعد هذا:(وتبقى سائر المحرمات إلى أن تغتسل)(2) ومعلوم أن تحريم العبور عند من يحرمه يرتفع بانقطاع الدم ويصير كالجنب، قال: فحذف هذه الزيادة هو الصواب. انتهى.
لكنه في "التصحيح" مشى على إثباتها، وبيّن الصحيح فيها كما قدمته (3).
339 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (ويسقط عنها فرضها) تعبيره بالسقوط يوهم الوجوب، وليس كذلك.
نعم؛ هو وجه في الصوم، فقول "المنهاج" في الصوم [ص 87]:(ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة) أحسن منه، بل يزاد على كونه لا يجب قضاء الصلاة: أنه يحرم، فلو قالت: أنا أتبرع بقضاء الصلاة .. قلنا: لا يجوز لك ذلك، قاله القاضي أبو بكر البيضاوي في "تعليل مسائل التبصرة".
ويستثنى من كلامهما: ركعتا الطواف؛ كما ذكره الروياني في "الفروق"، ونقله النووي في "شرح مسلم" عن الأصحاب (4)، وفي "شرح المهذب" عن صاحبي "التلخيص" و "المعاياة"، ثم قال:(وأنكره الشيخ أبو على، وهو الصواب)(5).
340 -
قولهم: (إنه يحرم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها)(6) يفهم جواز الاستمتاع بنفس السرة والركبة.
(1) انظر "فتح العزيز"(1/ 293).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 22).
(3)
تصحيح التنبيه (1/ 99).
(4)
شرح مسلم (4/ 26).
(5)
المجموع (2/ 356)، وانظر "التلخيص"(ص 135).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "الحاوي"(ص 131)، و "المنهاج"(ص 87).
قال في "شرح المهذب": (ولم أر فيه نقلًا، والمختار: الجزم بالحل، ويحتمل أن يخرج على الخلاف في كونهما عورة)(1).
قال في "التصحيح": (والمختار: أنه لا يحرم من الحائض غير الفرج) انتهى (2).
وهو اختيار الماوردي في "الإقناع"(3) والروياني في "الحلية"، وإذا قلنا: لا يحرم .. فهو مكروه.
واستحسن في "شرح المهذب" وجهًا ثالثًا: أنه إن وثق المباشر تحت الإزار بترك الوطء لورع أو قلة شهوة .. جاز، وإلا .. فلا (4).
341 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (وإذا انقطع الدم .. ارتفع تحريم الصوم، وتبقى سائر المحرمات إلى أن تغتسل) فيه أمران:
أحدهما: أنه أورد عليه: أنه كان ينبغي أن يستثنى: الطلاق أيضًا؛ فإن تحريمه يزول بمجرد الانقطاع، وقد استثناه في "المنهاج"(5).
وأجاب عنه ابن الرفعة: بأنه لم يذكره في المحرمات؛ فإنه يحرم على الزوج لا عليها.
قال النسائي: (وقد يعتذر بالاكتفاء بذكره في الطلاق)(6).
وأورد عليه: أن هذا يحسن اعتذارًا عن إهمال الشيخ مسألة الطلاق هنا، لا عن إتيانه بصيغة دالة على بقاء تحريمه الذي هو حرف السؤال.
واستثنى في "التصحيح" من كلام "التنبيه" أيضًا: عبور المسجد، فقال:(وأنه إذا قلنا بتحريمه فانقطع دمها .. جاز قبل الغسل) انتهى (7).
وقد عرفت أن مجرد العبور لا يحرم في الأصح، والاستثناء إنما هو على وجه؛ ولذلك قال:(إذا قلنا بتحريمه).
وقول ابن الرفعة: (رجحه في "الروضة")(8) يريد: تفريعًا على التحريم، ولا يرد هذا على "المنهاج" لأنه إنما ذكر تحريم العبور مع خوف التلويث، وإذا انقطع الدم .. أمن التلويث.
(1) المجموع (2/ 366، 367).
(2)
تصحيح التنبيه (1/ 98).
(3)
الإقناع (ص 29).
(4)
المجموع (2/ 366).
(5)
المنهاج (ص 87).
(6)
انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 15).
(7)
تصحيح التنبيه (1/ 99).
(8)
الروضة (1/ 137).
واستثنى بعضهم: الغسل؛ فإنه قبل الانقطاع بنية التعبد حرام، وسقوط قضاء الصلاة، ولم يذكر "الحاوي" في المحرمات: الطلاق، وتحريم العبور، ولما ذكر تحريم الصوم .. ذكر استمراره إلى الطهر، ولم يذكر ذلك في غيره من المحرمات.
ثانيهما: لو قال: (إلى أن تطهر) .. لكان أحسن؛ ليشمل التيمم بشرطه، وقد عبر به "الحاوي" فقال [ص 131]:(والصوم إلى الطهر) وعبر "المنهاج" و "الحاوي" بالغسل كـ "التنبيه"، على أنه يرد على التعبير بالتطهر: الصلاة إذا فقدت الطهورين؛ فإنها تجب عليها، إلا أن يقال: إنها صورة صلاة لا صلاة.
342 -
قولهم في المستحاضة: (وتعصبه)(1) فيه أمران:
أحدهما: أن محل وجوب التعصيب: إذا لم تتأذ باجتماع الدم، فإن تأذت به .. فلا تعصب، وتصلي مع السيلان.
ثانيهما: أن التعصيب إنما هو بعد حشو الفرج بقطنة أو نحوها إذا لم يندفع الدم بالحشو، كذا في "الشرح" و "الروضة"(2)، وفي "الكفاية" عكسه؛ أي: إن لم يندفع بالعصابة .. حشته، ويستثنى من الحشو: إذا كانت صائمة .. فلا تحشوه نهارًا، قاله الرافعي (3).
قال في "الكفاية": (وينبغي تخريجه على مسألة الخيط إذا أصبح وبعضه مبتلع).
وجعل بعضهم الحشو عند الاحتياج إليه من كمال التعصيب، فلا إيراد.
343 -
قول "التنبيه"[ص 22، 23]: (وتتوضأ لكل فريضة) يشترط: كون الوضوء في الوقت، وقد صرح به "الحاوي"، فقال [ص 148]:(وتتوضأ لكل فرض في الوقت) وهو معنى قول "المنهاج"[ص 87]: (وتتوضأ وقت الصلاة) ولا يقال: يندرج في كلامه: النوافل المؤقتة، فيقتضي الوضوء لكل نافلة مؤقتة، وليس كذلك؛ لأن المراد: الصلاة المعهودة، وهي الفريضة، وقد قال بعد ذلك:(ويجب الوضوء لكل فرض)(4).
ولو قالوا: (فتتوضأ) بالفاء .. لكان أحسن؛ لأن الأصح في "شرح مسلم" والمجزوم به في "التحقيق": اشتراط تعقيب الوضوء غسل الفرج وتعصيبه (5).
344 -
قول "التنبيه"[ص 23]: (ولا تؤخر بعد الطهارة الاشتغال بأسباب الصلاة والدخول فيها، فإن أخرت ودمها يجري .. استأنفت الطهارة) يستثنى: ما لو كان التأخير لمصلحة الصلاة؛
(1) انظر "التنبيه"(ص 22)، و "الحاوي"(ص 148)، و "المنهاج"(ص 87).
(2)
فتح العزيز (1/ 299)، الروضة (1/ 137).
(3)
انظر "فتح العزيز"(1/ 299).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 87).
(5)
شرح مسلم (4/ 18)، التحقيق (ص 144).
كانتظار الجماعة .. فالذي أورده الرافعي وهو المذهب في "شرح المهذب": أنها لا تجدد (1)، وقول الرافعي:(إن لها التأخير لهذا بلا خلاف)(2) فيه نظر؛ ففي "الحاوي" حكايته وجه: أنه لا يجوز (3)، والمشهور في "الكفاية": التفريق بين ما هو سببها وسبب كمالها؛ كالجماعة، وقد صرح "المنهاج" بهذا، فقال [ص 87]:(فلو أخرت لمصلحة الصلاة؛ كستر، وانتظار جماعة) و "الحاوي"، فقال [ق 7]:(فإن اشتغلت بما لا يتعلق بالصلاة).
345 -
قول "التنبيه"[ص 23]: (وإن انقطع دمها في الصلاة) كذلك لو انقطع قبل الصلاة، وقول "الحاوي" [ص 148]:(أو انقطع قبلها) كذلك إذا انقطع فيها (4)، فكلا العبارتين ناقصة، وأحسن منهما قول "المنهاج" [ص 87]:(ولو انقطع دمها بعد الوضوء) فإنه شامل لانقطاعه قبل الصلاة ولو عقب الوضوء متصلًا به، ولانقطاعه في أثناء الصلاة، فهو متناول لصورتي "التنبيه" و "الحاوي"، وينبغي أن يحمل قول "المنهاج":(بعد الوضوء) أي: بعد الشروع فيه؛ ليشمل ما إذا وجد الانقطاع في أثنائه، على أن صاحب "المصباح" قال:(إن "الحاوي" لم يرد بقوله: "قبلها": قبل الشروع فيها، وإنما أراد: قبل الفراغ منها).
ويمكن أن يقال: إنه لم يحترز عن الانقطاع فيها، بل أشار به إن وجوب المبادرة للتجديد قبل الصلاة، فلو صلت بغير تجديد .. قضت ولو عاد قبل مضي قدر وضوء وصلاة؛ لترددها في النية أولًا.
346 -
قول "التنبيه"[ص 23]: (استأنفت الطهارة والصلاة) محله كما في "المنهاج"[ص 87]: (إذا لم تعتد انقطاعه وعوده، أو اعتادت ووسع زمن الانقطاع وضوءًا والصلاة) ومع ذلك فلو عاد قبل إمكان الطهارة والصلاة .. فالأصح: بقاء وضوئها، لكن تعيد ما صلته به في الأصح؛ لتردد النية كما قدمته، أما إذا اعتادت انقطاعًا لا يسعهما .. لم تبطل طهارتها.
لكن قول "المنهاج"[ص 87]: (وجب الوضوء) تبع فيه "المحرر"(5)، ولو عبر بالطهارة؛ كما في "التنبيه" ليشمل غسل الفرج عن النجاسة .. لكان أحسن.
ثم إنه يرد على مفهومه: ما إذا طال زمن هذا الانقطاع على خلاف عادتها .. فإن الأصح: أنا نتبين البطلان.
ويرد عليه أيضًا: ما إذا لم تعتد الانقطاع وأخبرها عارف بأنه لا يعود إلا بعد ما يسعهما، أو
(1) فتح العزيز (1/ 299)، المجموع (2/ 496).
(2)
انظر "فتح العزيز"(1/ 299).
(3)
الحاوي (ص 148).
(4)
انظر "تصحيح الحاوي"(ق 10).
(5)
المحرر (ص 23).
يعود قريبًا .. فكاعتياد ذلك، وقد استوفى ذلك "الحاوي" بقوله [ص 148]:(جددت، لا إن علمت قرب العود، فإن دام .. قضت) فلا يرد عليه شيء مما تقدم، إلا أنه قد يتخيل ورود الأخيرة عليه، وهي: ما إذا أخبرها عارف بعوده قريبًا، مع أنها لا ترد عليه؛ لدخولها في قوله:(علمت) فإن علمها بذلك إما باعتياد وإما بإخبار عارف به، فهي عبارة مختصرة شاملة في غاية الحسن.
347 -
قول "المنهاج"[ص 88]: (رأت لسن الحيض أقله) أي: فأكثر؛ فإن أقله لا يمكن أن يعبر أكثره، وكذا قول "الحاوي" [ص 142]:(يومًا وليلة) أي: فما زاد.
348 -
قول "المنهاج"[ص 88]: (والصفرة والكدرة حيض في الأصح) عبر في "الروضة" بالصحيح، ومحل هذا الخلاف: إذا رأته في غير أيام العادة، فإن رأته في العادة .. فحيض جزمًا، قاله في "الروضة"(1).
لكن في "التتمة": لا بد من قوي معه، وقيل: يجب تقدم القوي، فيحسن حينئذ إطلاق الخلاف.
349 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (فإن كانت مميزة، وهي: التي ترى في بعض الأيام دمًا أسود وفي بعضها دمًا أحمر .. كان حيضها أيام الأسود) فيه أمور:
أحدها: أنه يقتضي حصر المميزة فيما ذكر، ولا قائل به، بل الأصحاب متفقون على أنها التي انقسم دمها إلى قوي وضعيف، وإنما اختلفوا فيما به الاعتبار في القوة والضعف، فقيل: اللون فقط، والأصح: أنه لا يختص به، بل الرائحة والثخانة كذلك، فالدم الأقوى هو: الذي صفاته من الثخن والنتن والسواد أكثر، فإن لم يكن سواد .. فالحمرة، فإن لم تكن .. فالشقرة، فإن لم تكن .. فالصفرة، فإن اجتمعت في دم دون غيره، أو وُجد منها فيه اثنان وفي غيره واحد، أو وُجد منها فيه واحد وانتفت في غيره .. فهو الحيض، فإن تكافأت الدماء في وجود الثلاثة، أو انتفائها، أو وجود اثنين منها، أو واحد .. فالسابق هو الأقوى، كما نقله الرافعي عن صاحب "التتمة"، وقال:(هو موضع التأمل)(2)، وجزم به في "التحقيق"(3)، وقد جمع "الحاوي" ذلك كله بقوله [ص 143]:(وما صفاته من ثخن، ونتن، وسواد، ثم حمرة، ثم شقرة، ثم صفرة أكثر، ثم ما سبق أقوى)، وأشار إليه "المنهاج" إجمالًا بقوله [ص 88]:(بأن ترى قويًا وضعيفًا).
ثانيها: قد يفهم كلامه: أنه إذا اجتمع السواد والحمرة والصفرة .. أن حيضها الأسود فقط،
(1) الروضة (1/ 152).
(2)
انظر "فتح العزيز"(1/ 306).
(3)
التحقيق (ص 122).
وهو كذلك عند تقدم الحمرة، فإن تقدم السواد وأمكن الجمع .. فكلاهما حيض في الأصح، وقد ذكر "الحاوي" هذه الصورة بقوله [ص 143]:(ولا حقٍ نسبيّ إن أمكن الجمع).
ولا ترد على "المنهاج" لأنه قال [ص 88]: (فالضعيف استحاضة، والقوي حيض) فإن الأحمر إن جعل (ضعيفًا)(1) بالنسبة إلى السواد قبله .. فهو قوي بالنسبة إلى الصفرة بعده.
ثالثها: لاعتبار التمييز ثلاثة شروط:
- ألَاّ ينقص القوي عن أقل الحيض.
- ولا يزيد على أكثره.
- ولا ينقص الضعيف عن أقل الطهر.
وقد صرح بها "المنهاج"(2) وأشار إليها "الحاوي" بقوله [ص 142]: (بالشروط) وقد تفهم مما قدمه "التنبيه" في مقدار ذلك.
350 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (وإن لم تكن مميزة ولا عادة لها وهي المبتدأة .. ففيها قولان، أحدهما: أنها تحيض أقل الحيض) هذا هو الأصح، وكلامه يقتضي أنه لا يصدق عليها اسم المبتدأة إلا مع فقد التمييز، وليس كذلك، فالمبتدأة مميزة وغير مميزة، وكلام "المنهاج" مصرح بذلك (3).
لكن اعترض قوله: (أو مبتدأة لا مميزة)(4) بأن من فقدت شرط التمييز .. مميزة، لكن تمييزها غير معتبر.
وأجيب عنه: بأن قوله بعده: (أو فقدت شرط تمييز)(5) معطوف على قوله: (لا مميزة) وتقديره: أو مبتدأة لا مميزة، أو مبتدأة مميزة فقدت شرط التمييز.
351 -
قولهم في المبتدأة: (إن حيضها: يوم وليلة)(6) محله: إذا عرفت وقت ابتداء الدم، وإلا .. فهي كالمتحيرة.
352 -
قول "المنهاج"[ص 88]: (وطهرها تسع وعشرون) يحتمل عود (الأظهر) إليه أيضًا؛ أي: الأظهر: أن حيضها الأقل، لا الغالب، والأظهر أيضًا: أن طهرها تسع وعشرون، لا الغالب، وحينئذ .. فيقرأ:(وطهرها) بالنصب، ويحتمل أنه مفرع على القول الأول، فيقرأ
(1) في (أ): (قويًا)، والمثبت من باقي النسخ.
(2)
المنهاج (ص 88).
(3)
المنهاج (ص 88).
(4)
انظر "المنهاج"(ص 88).
(5)
انظر "المنهاج"(ص 88).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "الحاوي"(ص 142)، و "المنهاج"(ص 88).
بالرفع، والأول أقرب إلى عبارة "المحرر"(1).
353 -
قولهما: (إن المعتادة تُرَدّ لعادتها)(2) محله: ما إذا كانت العادة متفقة أو مختلفة متسقة، فإن كانت مختلفة غير متسقة أو مختلفة متسقة ونسيت النوبة التي استحيضت عقبها .. اغتسلت في آخر منوبة، وقد ذكره "الحاوي"(3).
354 -
قول "المنهاج"[ص 88]: (وتثبت بمرة في الأصح) هذا في العادة المتفقة، أما المختلفة: فإنما تثبت بمرتين في الأصح، وقد ذكره "الحاوي"(4)، ومحل الخلاف: في عادة الحيض، أما الاستحاضة: فتثبت بمرة قطعًا.
355 -
قول "الحاوي"[ص 144]: (وتثبت العادة بالتمييز) أي: كما إذا رأت خمسة سوادًا وباقي الشهر حمرة مرارًا ثم أطبق السواد أو الحمرة .. فحيضها خمسة من أول الدور لما استقر من عادتها، كذا ذكره الرافعي هنا، وقال في المستحاضة الأولى: لو رأت خمسة سوادًا ثم حمرة مستمرة .. فلا حيض لها في الأشهر التي استمرت فيها الحمرة، خلافًا لما دل عليه كلام الغزالي (5)، فما ذكره هنا مخالف لما تقدم فيما إذا أطبقت الحمرة لا السواد.
356 -
قول "التنبيه" في المتحيرة [ص 22]: (لا يطؤها الزوج) لو قال كـ "المنهاج"[ص 88]: (فيحرم الوطء) .. لكان أولى؛ ليتناول وطء السيد، ومع ذلك فيفهم من كلامهما: الجزم بإباحة الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها، وليس كذلك، بل هي في ذلك كالحائض، وقد تناوله قول "الحاوي" [ص 145]:(فهي كالحائض).
357 -
قولهما: (وتغتسل لكل فرض)(6) يستثنى منه: ذات التقطع في النقاء؛ فإنه لا غسل عليها، وقد استثناه "الحاوي"(7).
ويرد عليهم جميعًا: أن محل الغسل لكل فرض: إذا لم تعلم وقتًا لانقطاع دمها، فإن علمت؛ كعند الغروب مثلًا دائمًا .. لم تغتسل إلا للمغرب فقط في كل يوم وليلة، قاله النووي في "التحقيق"(8) وابن الرفعة في "الكفاية"، وسكوتهما عن قضاء الصلاة بعد فعلها في الوقت مشعر
(1) المحرر (ص 23).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "المنهاج"(ص 88).
(3)
الحاوي (ص 145).
(4)
الحاوي (ص 144).
(5)
انظر "الوجيز"(1/ 142)، و "الوسيط"(1/ 424)، و "فتح العزيز"(1/ 320، 321).
(6)
انظر "التنبيه" ص (22)، و "المنهاج"(ص 88).
(7)
الحاوي (ص 145).
(8)
التحقيق (ص 129، 130).
بعدم وجوبه، وهو الذي حكاه الدارمي والماوردي والشيخ نصر وآخرون عن جمهور أصحابنا (1)، ونص عليه الشافعي كما نقله الروياني في "البحر"(2)، وقال شيخنا في "المهمات":(إنه المفتى به).
لكن الذي رجحه الرافعي والنووي: وجوب القضاء (3)، وقد ذكره "الحاوي"(4)، لكن قوله:(أو تقضي لكل ستة عشر يومًا الخمس)(5) مخالف لما ذكره الرافعي والنووي: من أنها تقضي الخمس لكل خمسة عشر يومًا (6)، لكن صوب شيخنا في "المهمات" ما قاله "الحاوي" لأن القضاء إنما يجب لاحتمال الانقطاع، ولا يتصور في الستة عشر إلا مرة، والله أعلم.
358 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (وتصوم رمضان ثم تصوم شهرًا آخر، فيصح لها من ذلك ثمانية وعشرون يومًا) قيده "المنهاج" بأن يكونا كاملين (7)، فإن الناقص لا يحصل منه إلا ثلاثة عشر يومًا، ولم يقيد "المحرر" و "الحاوي" رمضان بالكمال (8)، وهو أحسن؛ فإنه متى نقص وكان الثاني كاملًا .. لا يجب سوى قضاء يومين أيضًا؛ لأن المفروض تسعة وعشرون يومًا، وقد حصلت منها سبعة وعشرين يومًا، وتقييد "المنهاج" صحيح بالنسبة إلى حصول أربعة عشر من كل منهما، فإنه عبر بقوله:(فيحصل من كل أربعة عشر)(9) فظهر أنه إن كان المحكوم به بقاء يومين .. فلا حاجة لتقييد رمضان بالكمال؛ فإنه متى كمل الثاني .. لا تقضي سوى يومين كمل رمضان أو نقص، وإن كان المحكوم به حصول أربعة عشر منه .. فلا بد من تقييده بالكمال؛ فإنه متى لم يكمل .. لا يصح منه سوى ثلاثة عشر وإن كان لا يجب سوى قضاء يومين إذا كمل الثاني.
359 -
قولهما في قضاء يومين: (ثم تصوم ستة أيام من ثمانية عشر يومًا، ثلاثة في أولها، وثلالة في آخرها)(10) صحيح، لكنه غير متعين، وضابط هذه الطريقة - وهي طريقة الجمهور -: أن تضعف ما عليها وتزيد يومين، فتصوم ما عليها وتصوم مثله من سابع عشر صومها الأول، وتصوم يومين بينهما كيفما كان متصلين بالصوم الأول أو بالصوم الثاني أو أحدهما متصلًا بالأول
(1) انظر "الحاوي الكبير"(1/ 417).
(2)
بحر المذهب (1/ 395)، وانظر "الأم"(1/ 68).
(3)
انظر "فتح العزيز"(1/ 328)، و "المجموع"(2/ 427)، و "الروضة"(1/ 154).
(4)
الحاوي (ص 145).
(5)
انظر "الحاوي"(ق 145).
(6)
انظر "فتح العزيز"(1/ 328)، و "المجموع"(2/ 427)، و"الروضة"(1/ 154).
(7)
المنهاج (ص 88).
(8)
المحرر (ص 24)، الحاوي (ص 145).
(9)
انظر "المنهاج"(ص 88).
(10)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "المنهاج"(ص 88).
والآخر بالأخير، وهي صورة "التنبيه" و "المنهاج"، أو ليسا متصلين بواحد منهما، بل في وسط المدة مجتمعين أو متفرقين، وهذه الطريقة تأتي في أربعة عشر يومًا وما دونها، وقد ذكرها "الحاوي" بقوله [ص 146]:(أو تصوم مثل الفائت ولاءً، ثم مرة من السابع عشر وتصوم يومين بينهما، هذا في أربعة عشر ودونها).
360 -
قول "المنهاج"[ص 88]: (ويمكن قضاء يوم بصوم يوم ثم الثالث والسابع عشر) صحيح أيضًا، لكنه يوهم أنه لا يمكن قضاء يومين بأقل من ستة أيام؛ فإنه في معرض بيان الأقل، وليس كذلك، بل يمكن بخمسة على هذه الطريقة، وهي طريقة الدارمي، واستحسنها النووي في "شرح المهذب"(1)، وهي تأتي من يوم سبعة، وضابطها: أن تأتي بما عليها مع زيادة صوم يوم مفرقًا في خمسة عشر يومًا؛ أي: على أيّ وجه شاءت، ثم تأتي به مرة أخرى بدون زيادة يوم، بحيث يقع كل يوم في المرة الثانية سابع عشر ما يناظره من المرة الأولى إلى خامس عشر ثاني ما يناظره من الأولى، وقد ذكرها "الحاوي" بقوله [ص 146]:(وتأتي بفائت الصوم مرة بزيادة واحد في خمسة عشر متفرقًا، ومرة سابع عشر كل إلى خامس عشر ثانيه، هذا في سبعة ودونها، فلقضاء يومين .. تصوم يومًا، وثالثه، وخامسه، وسابع عشره، وتاسع عشره).
ويمكن أن يجاب عن "المنهاج": بأنه نبه بمجموع كلامه على الطريقتين، وهذه الطريقة ترد على "التنبيه" فإنه لم يتعرض لها أصلًا، وأفهم كلامه: أنه لا يحصل صوم يومين بدون ستة، وقد عرفت أنه بهذه الطريقة تحصل بخمسة، والله أعلم.
361 -
قولهم -والعبارة لـ "الحاوي"-: (ولو حفظت الوقت أو القدر)(2) إنما يخرج عن التحير المطلق بحفظ القدر إذا علمت قدر الدور وأوله.
نعم؛ يصح لها من صوم رمضان إذا كان كاملًا أربعة وعشرون يومًا إذا كان حيضها خمسة من ثلاثين، ذكره النووي في "شرح المهذب"(3).
362 -
قولهما: (إن الأظهر: أن دم الحامل حيض)(4) فيه أمران:
أحدهما: يستثنى منه: الدم الخارج عند الطلق أو مع الولد، فالأصح: أنه ليس بحيض ولا نفاس، وقد استثناه "الحاوي" فقال [ص 142]:(لا عند الطلق).
ثانيهما: ظاهر كلامهما: أنه يثبت فيه سائر أحكام الحيض، ويستثنى من ذلك: أنه لا يحرم
(1) المجموع (2/ 432، 435).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "الحاوي"(ص 147)، و "المنهاج"(ص 88).
(3)
المجموع (2/ 452).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 22)، و "المنهاج"(ص 89).
فيه الطلاق، ولا تنقضي به عدة صاحب الحمل إلا إن وطئها بشبهة وهي حامل .. فتنقضي به عدة ذلك الوطء في الأصح، وتنقضي به عدة غيره، كما ذكره القاضي حسين.
لكن في "أصل الروضة": إنه ضعيف (1)، وضعفه الإِمام والغزالي (2)، وهذا يرد على "الحاوي" أيضًا.
363 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (وإذا رأت المرأة يومًا طهرًا ويومًا دمًا .. ففيه قولان، أحدهما: تضم الطهر إلى الطهر والدم إلى الدم، والثاني: لا تضم، بل الجميع حيض) فيه أمور:
أحدها: لا فرق بين التقطع بيوم وفوقه ودونه، فذكر اليوم على سبيل المثال، أو المراد به: الوقت؛ كما قيل في قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} ولعله ذكره ليُستغنى عن التصريح باشتراط: ألَاّ ينقص مجموع الدماء في المدة المذكورة عن أقل الحيض، وهو: يوم وليلة.
ثانيها: كيف يسميه أولًا طهرًا مع أن هذا موضع الخلاف؟ وكان ينبغي التعبير بالنقاء.
ثالثها: محل الخلاف: في النقاء الذي بين الدمين، أما النقاء المتقدم على الدم: فليس حيضًا قطعًا، ولم يقيد موضع الخلاف، بل أوهم جريانه في هذه الصورة بتقديم ذكر الطهر في اللفظ.
رابعها: الأصح: الثاني، وهو أن الجميع حيض.
خامسها: صورة المسألة: في النقاء الزائد على الفترات المعتادة بين دفعات الدم، فأما الفترات: فحيض قطعًا، ولا يرد شيء من ذلك على قول "الحاوي"[ص 142، 143]: (بنقاء تخلل) ويرد الأخير فقط على قول "المنهاج"[ص 89]: (والأظهر: أن النقاء بين الدمين حيض).
وقوله: (بين الدمين) قال الشيخ برهان الدين بن الفركاح: (كذا هو في عدة نسخ، وقيل: إنه كان هكذا في نسخة المصنف، وإنه أُصْلِحَ بعده بقوله: "بين أقل الحيض" لأن الراجح: أن محل القولين ذلك) انتهى (3).
وهي النسخة التي شرح عليها الشيخ تقي الدين السبكي.
قال شيخنا شهاب الدين بن النقيب: (وقد رأيت نسخة المصنف التي بخطه، وقد أُصْلِحَت - كما قال - بغير خطه) انتهى (4).
(1) الروضة (8/ 388).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(1/ 443، 444)، و "الوسيط"(1/ 478).
(3)
انظر "بيان غرض المحتاج إلى كتاب المنهاج"(ق 3).
(4)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(1/ 232).
364 -
قول "المنهاج"[ص 89] و"الحاوي"[ص 147]: (وأقل النفاس: لحظة) وفي "التنبيه"[ص 22]: (مجة) وفي "الشرح" و" الروضة ": (لا حد لأقله، بل يثبت حكمه لما وجدته وإن قلّ)(1).
365 -
قول "التنبيه"[ص 22]: (ويسقط عنها ما يسقط عن الحائض) يستثنى منه: أقل النفاس؛ فإنه لا يسقط قضاء الصلاة، كما نقله ابن الرفعة عن البندنيجي وأقره؛ وذلك لأن أقل النفاس لا يمكن أن يستغرق وقت الصلاة، بخلاف أقل الحيض.
366 -
قوله: (وإذا عبر الدم الأكثر .. فهو كالحيض في الرد إلى التمييز والعادة والأقل والغالب)(2) قال في " الكفاية ": (أفهم: أن المتحيرة لا تكون في النفاس، وليس كذلك في ذاكرة العدد أو الوقت، بخلاف المتحيرة بناء على المذهب في أن التي عادتها عدم النفاس إذا ولدت ورأت الدم وعبر الأكثر .. تكون مبتدأة؛ لانتفاء التحير بعلم الابتداء) انتهى.
وأطلق " المنهاج " أنه كعبور الحيض أكثره (3).
(1) فتح العزيز (1/ 356)، الروضة (1/ 174).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 22).
(3)
المنهاج (ص 89).