الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و" الحاوي " أن له أن يفعل فيها ما له سبب، ولو نذر صلاة .. فله فعلها في هذه الأوقات، ولو نذر الصلاة في هذه الأوقات .. انعقد نذره إن قلنا: تنعقد صلاته، ثم الأولى أن يصلي في وقت آخر، كذا في " الشرح " و" الروضة "(1)، وفي " الحاوي " في هذه الثانية أوجه:
أحدها: يبطل نذره، والثاني: يصح ويصلي؛ لأنها بالنذر صارت ذات سبب، والثالث: يصح ويصلي في وقت آخر (2).
391 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (وسجدة شكر) أي: وتلاوة، كما في " المحرر "(3)، واقتصر في " التنبيه " على سجود التلاوة (4).
قال الروياني: (ولو قرأ آية السجدة في وقت جواز الصلاة، ثم سجد في الوقت المنهي عنه .. لم يجز)(5).
392 -
قول " التنبيه "[ص 37]: (ولا يكره شيء من هذه الصلاة في هذه الساعات بمكة) لا يختص ذلك بها، بل سائر الحرم كذلك على الأصح، وقد صرح به " المنهاج " فقال [ص 91]:(وإلا في حرم مكة)، و" الحاوي " فقال [ص 151]:(لا بالحرم)، ثم الاستثناء في حق من يطوف، أما غيره: ففيه وجهان في " الاستذكار " للدارمي. انتهى.
وهما كالوجهين فيمن لم يحضر الجمعة يوم الجمعة، وذكر المحاملي في " المقنع ": أن الصلاة في هذه الأوقات بحرم مكة .. خلاف الأولى، حكاه عنه في " المهمات ".
فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]
393 -
قول " التنبيه "[ص 24]: (وأما الكافر إن كان أصلياً .. فلا تجب عليه) كيف يجتمع هذا مع قول أصحابنا في الأصول: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟ (6)
وجوابه: أن المراد: نفي وجوب القضاء بعد الإسلام، بدليل قوله بعده:(وإن كان مرتداً .. وجبت عليه)(7) والمراد: القضاء، فقول " المنهاج " [ص 91]:(ولا قضاء على الكافر)
(1) فتح العزيز (1/ 401)، الروضة (1/ 194).
(2)
الحاوي الكبير (15/ 501).
(3)
المحرر (ص 27).
(4)
التنبيه (ص 37).
(5)
انظر " بحر المذهب "(2/ 273).
(6)
انظر " التبصرة " للشيرازي (ص 80)، و" المنخول "(ص 31)، و" التحبير شرح التحرير "(3/ 1144).
(7)
انظر " التنبيه "(ص 24).
أحسن، لتصريحه بالمراد من غير إيهام.
394 -
قولهما: (إنه يجب القضاء على المرتد)(1) يستثنى منه: زمن الحيض، فلا تقضي المرتدة زمن الحيض، بخلاف زمن الجنون؛ لأن ترك الصلاة في الحيض عزيمة، وفي الجنون رخصة، وقد صرح به في " الحاوي " فقال [ص 151]:(وقضى المرتد مع زمن الجنون لا الحيض).
395 -
قولهما: (ويؤمر الصبي بالصلاة لسبع، ويضرب على تركها لعشر)(2) فيه أمور:
أحدها: قال النووي في " شرح المهذب " معترضاً على اقتصاره في " المهذب " أيضاً على الصبي: لو قال: (الصبي والصبية) .. لكان أولى؛ لأنه لا فرق بينهما بلا خلاف. انتهى (3).
ولذلك عبر في " الحاوي " بالطفل (4)، وهو شامل لهما، لكن نقل ابن حزم في أوائل " المحلى ": أن لفظ الصبي في اللغة يتناول الذكر والأنثى (5)، فلا اعتراض إذًا، وفي قول النووي:(إنه لا فرق بينهما بلا خلاف) نظر؛ فإن في " الكفاية " خلافا في علة الضرب، فقيل: لأنه سن يحتمل الضرب، فلا فرق بينهما، وقيل: يحتمل البلوغ، فعلى هذا تضرب الصبية لتسع، وبه صرح الماوردي في " الحاوي "(6).
ثانيها: لا بد مع السبع من التمييز، ذكره في " شرح المهذب " و" التحقيق "(7)، وهو ظاهر، وقال ابن الفركاح في " الإقليد ": إن المناط التمييز، وإن التقدير في الحديث بالسبع .. إنما هو لوقوع التمييز في هذا السن غالبًا، وإن من ميز .. يؤمر ويضرب، وقد حكى القاضي أبو الطيب هذا عن بعض الأصحاب، قال في " المهمات ":(وأحسن ما قيل في التمييز هنا: أن يصير الطفل بحيث يأكل ويشرب ويستنجي وحده).
ثالثها: المراد: استكمال السبع والعشر، كما صرح به الشيخ نصر المقدسي في " المقصود ".
رابعها: الآمر له بذلك الولي أباً، أو جداً، أو وصياً، أو قيماً من جهة الحاكم، قاله في " شرح المهذب "(8)، قال في " المهمات ": (وفي معناه: الملتقط، ومالك الرقيق، وكذا
(1) انظر " التنبيه "(ص 24)، و" المنهاج "(ص 91).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 24)، و" المنهاج "(ص 91).
(3)
المجموع (3/ 11).
(4)
الحاوي (ص 151).
(5)
المحلى (1/ 88).
(6)
الحاوي الكبير (2/ 313).
(7)
المجموع (3/ 11)، التحقيق (ص 158).
(8)
المجموع (3/ 11).
المودع، والمستعير، ونحوهما فيما يظهر).
خامسها: قال المحب الطبري: (لا يقتصر في الأمر على مجرد صيغته، بل لا بد معه من التهديد).
وهذه التنبيهات التي بعد الأول تأتي في كلام " الحاوي " أيضاً.
396 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (إنه لا قضاء على ذي جنون، أو إغماء) وكذا نحوهما؛ كالمبرسم والمعتوه، فقول " التنبيه " [ص 24]:(ومن زال عقله بجنون أو مرض) أعم، ويستثنى من كلامهما: من جن في الردة؛ فانه يقضي زمن جنونه أيضاً، وقد صرح به " الحاوي " كما تقدم (1)، وهو داخل في قولهما:(إنه يجب القضاء على المرتد)(2)، واقتصارهما على هذين الوصفين يفهم خطاب النائم بالصلاة، ويؤيده قول " التنبيه " بعده [ص 24]:(ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت إلا نائم)، لكن في " الذخائر ": أن من زال عقله بالنوم وطبق الوقت .. فهو غير مخاطب بتلك الصلاة، وصار بعض الفقهاء إلى تكليف النائم في بعض الأحكام، ثم قال: فإن قيل: فلم أوجبتم القضاء عليه؟ قلنا: للأمر الجديد. انتهى.
وفهم من اقتصارهما أيضاً على هذين الوصفين: الوجوب على من شرب ما ظنه مسكراً فزال عقله، وإليه أشار في " المهذب "(3)، وصرح به في " التتمة "، وأورد في " الكفاية " على قول " التنبيه ":(ومن زال عقله بجنون): أنه يفهم أنه إذا حصل بتسببه .. لا يجب، وذكره القاضي احتمالاً، ورجحه الإمام (4)، والذي في الرافعي: الوجوب (5)، بمعنى القضاء بعد الإفاقة، وقد يدعى خروج هذه الصورة من كلامه؛ كما أن السكر خارج من كلامه، فأي فرق بين العاصي بالسكر والعاصي بالدواء حتى يخرج الأول فقط؛ وعبارة " المنهاج " في ذلك مثل " التنبيه ".
397 -
قول " المنهاج "[ص 91]: (إنه يجب القضاء على السكران) أي: مختاراً بلا حاجة إذا علم كونه مسكراً، أو إن ظن أن ذلك القدر لا يسكر لقلته، فمان شرب دواءً مسكراً للحاجة أو لم يعلم أنه مسكر .. فكالجنون.
ويستثنى من السكر: زمن الحيض، فلا يجب قضاؤه، وهو داخل في قوله:(إنه لا يجب القضاء على الحائض)(6)، ولو طرأ على السكر جنون .. لم يقض إلا ما ينتهي إليه السكر غالباً في
(1) الحاوي (ص 151).
(2)
انظر " التنبيه "(ص 24)، و" المنهاج "(ص 91).
(3)
المهذب (1/ 51).
(4)
انظر " نهاية المطلب "(2/ 464).
(5)
انظر " فح العزيز "(1/ 394).
(6)
انظر " المنهاج "(ص 91).
الأصح، وقد استثناهما في " الحاوي " بقوله [ص 151]:(والسكران غيرهما) أي: غير زمن الجنون والحيض.
398 -
قول " التنبيه "[ص 24]: (ولا يعذر أحد من أهل فرض الصلاة في تأخيرها عن الوقت إلا نائم، أو ناس، أو معذور بسفر، أو مطر؛ فإنه يؤخرها بنية الجمع، أومن أكره على تأخيرها) فيه أمور:
أحدها: المراد بالنائم: من استغرق الوقت بالنوم، أو نام غلبة، أو ظن أنه يستيقظ قبل خروج الوقت، فإن دخل عليه الوقت وظن أنه لا يستيقظ قبل خروجه .. حرم النوم، وكذا إن استوى الأمران، كما أفتى به ابن الصلاح والسبكي (1)، ومن ظن قبل دخول الوقت أنه إن نام استغرق الوقت .. فالمنقول: أنه لا يحرم، وفيه نظر.
ثانيها: الأصح: امتناع التأخير بالمطر.
ثالثها: تصوير التأخير بالإكراه مشكل؛ فإن كل حالة تنتقل لما دونها إلى إمرار الأفعال على القلب، وهو شيء لا يمكن الإكراه على تأخيره، وهو بفعله غير مؤخر، وحمله في " شرح المهذب " على الإكراه على التلبس بمناف (2)، وكان القاضي الإمام زين الدين البلفيائي يقول: المراد: أكره على أن يأتي بها على غير الوجه المجزي من الطهارة ونحوها، ولا يكون الإكراه عذراً في الإجزاء؛ لندوره كالتيمم في الحضر، أو يكره المحدث على تأخيرها عن وقتها ويمنعه من الوضوء في الوقت، فيكون في معنى من لا ينتهي إليه النوبة في البئر إلا بعد خروج الوقت؛ فإنه يكون عذراً في التأخير على النص، وقال شيخنا تاج الدين السبكي في " التوشيح ": قد يقال: المكره قد يدهش حتى عن الإيماء بالطرف ويكون مؤخراً معذوراً، كالمكره على الطلاق لا تلزمه التورية إذا اندهش قطعاً، وإن لم يندهش على الأصح، بخلاف من أُلقي في الماء وهو يحسن السباحة فتركها، ولا مانع .. فلا قصاص ولا دية على الأصح، فإن قلت: المكلف لا يترك الصلاة ما دام عقله ثابتاً .. قلت: الدهشة مانعة من ثبوت عقله في تلك الحالة. انتهى.
رابعها: قال في " التصحيح ": (الصواب: أنه يُعْذَر في تأخير الصلاة عن وقتها من جهل وجوبها من غير تفريط في التعلم؛ كمن أسلم بدار الحرب وتعذرت هجرته، أو نشأ منفرداً ببادية ونحوها) انتهى (3).
ويعذر أيضاً: فيما إذا أخر لخوف فوات الوقوف بعرفة، كما صححه في " الروضة " خلافاً
(1) انظر " فتاوى ابن الصلاح "(1/ 228، 229) مسألة (74).
(2)
المجموع (3/ 69).
(3)
تصحيح التنبيه (1/ 109).
للرافعي (1)، وصحح ابن عبد السلام: أنه يصلي صلاة شدة الخوف (2).
ويعذر أيضاً: العاري إذا كان بينه وبين العراة نوبة وعلم أنها لا تنتهي إليه إلا بعد خروج الوقت على قولي، الأصح خلافه.
ويرد أيضاً: تأخير المغرب للجمع بالنسك على رأي.
وأجاب عنه في " الكفاية ": بأنه ليس في طريق العراقيين، وهو حاكيها.
وعن المسألتين قبله: بأن التأخير فيهما واجب عند من رآه، وليس مما نحن فيه.
ويعذر أيضاً: في التأخير للاشتغال بإنقاذ الغريق، ودفع الصائل على نفس أو مال، والصلاة على ميت خيف انفجاره، ذكره القاضي صدر الدين موهوب الجزري.
399 -
قول " التنبيه " في زوال العذر [ص 26]: (وإن كان بدون ركلعة .. ففيه قولان) الأصح: اللزوم أيضاً، لكنه أطلق دون الركعة، والخلاف إنما هو فى التكبيرة فما فوقها؛ ولذلك عبر " المنهاج " و" الحاوي " بالتكبيرة (3).
نعم؛ للجويني احتمال في بعضها (4).
400 -
قول " التنبيه "[ص 26]: (وفي الظهر والمغرب قولان، أحدهما: يلزم بما يلزم به العصر والعشاء) هذا هو الأصح.
401 -
قوله: (والثاني: يلزم بقدر خمس ركعات)(5) أي: أو أربع وتكبيرة على الأصح، فجزمه هنا في صلاتي الجمع باعتبار ركعة، وحكاية الخلاف فيما سبق لا نعلم له موافقاً عليه؛ لأن الخلاف في الجميع.
واعلم أنه يشترط في الوجوب بإدراك ركعة أو تكبيرة: استمرار السلامة حتى يمضى زمن الطهارة وتلك الصلاة، ولم يتعرض له في " التنبيه " و" المنهاج "، وذكره في " الحاوي " بقوله [ص 150]:(وخلا من الموانع ما يسعه والطهارة) وهو شامل لما عليه من وضوء، أو غسل، أو إزالة نجاسة.
قال في " المهمات ": (والقياس: اعتبار وقت الستر، ولو قيل باعتبار زمن التحري في القبلة .. لكان متجهاً) انتهى.
402 -
قولهما -والعبارة لـ" التنبيه "-: (ومن أدرك من وقت الصلاة قدر ما يؤدي فيه الفرض ثم
(1) الروضة (1/ 183)، وانظر " فتح العزيز "(1/ 376).
(2)
انظر " قواعد الأحكام في إصلاح الأنام "(1/ 98).
(3)
الحاوي (ص 150)، المنهاج (ص 92).
(4)
انظر " نهاية المطلب "(2/ 31).
(5)
انظر " التنبيه "(ص 26).