الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة
1744 -
قول "المنهاج" في عَسبِ الفَحْلِ [ص 215]: (فيحرم ثمن مائه، وكذا أجرته في الأصح) يقتضي أن الخلاف في الإجارة وجهان، وصرح بذلك "التنبيه" في (باب الإجارة)(1)، وكذا هو في "الروضة" و" الشرحين"(2)، وحكاهما في "المحرر" قولين (3)، والأول هو المعتمد.
1745 -
قول "التنبيه" في (باب ما يجوز بيعه وما لا يجوز)[ص 89]: (وبيع حَبَل الحَبَلة في قول الشافعي، وهو أن يبيع بثمن إلى أن تحبل هذه الناقة، وتلد، ويحبل ولدها) اعترض عليه: بأن المنقول عن الشافعي: ويلد ولدها (4)، وكلاهما باطل؛ للجهالة، وما ذكره الشيخ هو في "الصحيحين" عن ابن عمر (5).
1746 -
قوله: (ولا يجوز تعليق البيع على شرط)(6) استثني منه: ما إذا قال: إن كان ملكي .. فقد بعتكه؛ فإنه يصح كما في "زوائد العمراني" في (الوكالة).
1747 -
قول "المنهاج"[ص 215]: (والملامسة؛ بأن يلمس ثوباً مطوياً ثم يشتريه على أن لا خيار له إذا رآه، أو يقول: "إذا لمسته .. فقد بعتكه") فسرها الشافعي، وتبعه الرافعي في كتبه والنووي في "الروضة" بأن يلمس ثوباً مطوياً، فيقول صاحبه: بعتكه بشرط قيام لمسك مقام نظرك (7)، وفيه مخالفة لما في "المنهاج"، وجزم "التنبيه" بالتفسير الثاني، فقال [ص 89]:(وهو أن يقول: "إذا لمسته .. فقد وجب البيع") ومعناه: انعقد، ولا يصح أن يكون المراد: لزم؛ لكونه ذكره مثالاً لتعليق البيع على شرط.
1748 -
قول "المنهاج"[ص 215]: (وبيع الحصاة؛ بأن يقول: "بعتك من هذه الأثواب ما تقع هذه الحصاة عليه"، أو يجعلا الرمي بيعاً، أو "بعتك ولك الخيار إلى رميها") فيه أمران:
(1) التنبيه (ص 123).
(2)
فتح العزيز (4/ 101)، الروضة (3/ 396).
(3)
المحرر (ص 140).
(4)
انظر "الأم"(3/ 118).
(5)
أخرجه البخاري (2036)، ومسلم (1514) من حديث سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية؛ كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تتتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 89).
(7)
انظر "مختصر المزني"(ص 88)، و"فتح العزيز"(4/ 103)، و"المحرر"(ص 140)، و "الروضة"(3/ 396).
أحدهما: أن قوله ثانياً: (بعتك) معطوف على قوله أولاً: (بعتك)، وفصل بينهما بقوله:(يجعلا)، فلو قدّمه عليه .. لكان أولى، وإذا أخره عنه .. فكان ينبغي أن يزيد فيه لفظة:(يقول) ليصح عطفه على (يجعلا)، وينتظم المعنى.
ثانيهما: قوله: (ولك الخيار) مثال، فلو قال:(ولي الخيار) .. كان كذلك، وكذا لو قال:(لزيد الخيار) فيما يظهر.
1749 -
قوله: (ولو اشترى زرعاً بشرط أن يحصده البائع، أو ثوباً ويخيطه .. فالأصح: بطلانه)(1) فيه أمران:
أحدهما: أنه ينبغي على اصطلاحه التعبير بالمذهب؛ فإن المرجح في "الروضة": القطع بالبطلان، وقيل: قولان (2)، فاقتصر "المنهاج" على طريقة الخلاف، وهي ضعيفة، وحكاها وجهين، وهي قولان.
ثانيهما: عبر "المحرر" بقوله: (بشرط أن يخيطه)(3) كما في الزرع، وعبر "المنهاج" في كل منهما بعبارة؛ تنبيهاً على جواز كل منهما في كل منهما، قال في "شرح المهذب": سواء قال: على أن يحصده أم ويحصده، وقال أبو حامد: لا يصح الأول قطعاً، وفي الثاني الخلاف (4).
1750 -
قول "التنبيه": في المقبوض ببيع اقترن بشرط فاسد [ص 90]: (وإن هلك عنده .. ضمنه بقيمته أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف) يقتضي وجوب القيمة وإن كان المبيع مثلياً، وكذا أطلقه الرافعي، وصرح به الماوردي (5)، والذي حكاه غيرهم: أن هذا في المتقوم، أما المثلي: ففيه المثل، ويوافقه قول "الحاوي" [ص 268]:(وحيث فسد لو قبض المشتري .. فهو كالمغصوب).
1751 -
قول "التنبيه"[ص 90]: (وإن كانت جارية فوطئها .. لزمه المهر وأرش البكارة إن كانت بكراً) المهر اللازم فيما إذا كانت بكراً: مهر بكر كما ذكره الرافعي والنووي هنا (6)، وقالا في (الجنايات): مهر ثيب (7)، قالا في (الغصب): وهو ما رجحوه (8)، وصححا في الرد
(1) انظر "المنهاج"(ص 215، 216).
(2)
الروضة (3/ 398).
(3)
المحرر (ص 140).
(4)
المجموع (9/ 355).
(5)
انظر "الحاوي الكبير"(5/ 319)، و"فتح العزيز"(4/ 123).
(6)
انظر "فتح العزيز"(4/ 123)، و"الروضة"(3/ 409).
(7)
انظر "فتح العزيز"(11/ 87)، و"الروضة"(10/ 56).
(8)
انظر "فتح العزيز"(5/ 471)، و"الروضة"(5/ 59).
بالعيب: وجوب مهر بكر فقط، واندراج الأرش فيه (1).
1752 -
قوله: (فإن أولدها .. فالولد حر)(2) محله: إذا جهل المشتري، أو كان العوض مقصوداً، بخلاف الدم والميتة.
1753 -
قوله: (وإن وضعته ميتاً .. لم يلزمه قيمته)(3) أي: بغير جناية، فإن كان بجناية .. وجبت الغرة على عاقلة الجاني، وعلى المشتري الأقل من قيمته يوم الولادة لو كان حياً، والغرة، ويطالب به المالك من شاء منهما.
1754 -
قوله: (وإن شرط ما فيه مصلحة للعاقد؛ كخيار الثلاثة والأجل والرهن والضمين .. لم يفسد العقد)(4) فيه أمور:
أحدها: أن كلامه يقتضي جواز الاسترسال في اشتراط ما فيه مصلحة للعاقد، وقد صرح الإمام بأنه ممتنع، بل يتبع فيه توقيف الشارع كالخيار وما في معناه (5)، فإن هذه الأشياء في المعاملات كالرخص في العبادات.
ثانيها: يشترط في كل من الأجل والمرهون والضامن أن يكون معلوماً؛ ولذلك قال "الحاوي"[ص 267]: (ومعلوم أجل ورهن وكفيل)، و"المنهاج" [ص 216]:(والأجل والرهن والكفيل المُعَيَّنَاتِ) ولو قال: (المعينين) تغليباً للعاقل، وهو الكفيل .. لكان أولى، وتعبير "الحاوي" بـ (العلم) أحسن من تعبير "المنهاج" بـ (التعيين) فإنه يكفي في الرهن الوصف بصفات السلم، وحينئذ .. يكون معلوماً وليس معيناً، وقالوا في الكفيل: إن المعتبر المشاهدة أو المعرفة بالاسم والنسب، ولا يكفي الوصف، وفيه احتمال للرافعي، وجعل الاكتفاء بقوله:(موسر ثقة) أولى من مشاهدة من لا يعرفه (6).
ثالثها: يشترط فيها أيضاً: أن يكون الثمن في الذمة، كما صرح به "المنهاج"(7)، واقتصر "الحاوي" على قوله [ص 267]:(بالثمن) ولم يقيده بكونه في الذمة، ولا بد منه، بل لو عكس واقتصر على ذكر الذمة من غير تقييد بالثمن، فقال:(لعوضٍ في الذمة) .. لكان أشمل؛ لتناوله المبيع في الذمة، مثل: اشتريت منك صاع بُرّ في ذمتك صفته كذا، فيصح اشتراط الثلاثة فيه،
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 123)، و"الروضة"(3/ 409).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 90).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 90).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 90).
(5)
انظر "نهاية المطلب"(5/ 31).
(6)
انظر "فتح العزيز"(4/ 108).
(7)
المنهاج (ص 216).
وذلك يرد على قول "المنهاج" أيضًا [ص 216]: (الثمن في الذمة).
رابعها: أطلق الثلاثة اشتراط الأجل، وقال الروياني: لو أجل الثمن ألف سنة .. بطل العقد؛ للعلم بأنه لا يعيش هذه المدة (1)، قال الرافعي: فعلى هذا يشترط في صحة الأجل: احتمال بقائه إليه (2).
قال النووي: لا يشترط احتمال بقائه إليه، بل ينتقل إلى وارثه، لكن التأجيل بألف سنة وغيرها مما يبعد بقاء الدنيا إليه فاسد (3).
قلت: إنما ينتقل إلى الوارث مؤجّلاً إذا كان الذي مات هو البائع، أما إذا مات المشتري .. فإنه يحل الدين ويسقط الأجل، فأيّ فائدة في أجل يقطع بسقوطه قبل انتهائه؟ !
خامسها: لو قال: (صح الشرط) .. كان أحسن من قوله: (لم يفسد العقد) فإنه لا يلزم من عدم فساد العقد صحة الشرط.
سادسها: لا بد من تقييد الرهن بأن يكون غير المبيع، فلو شرطا رهنه .. لم يصح على المذهب؛ لأنه لم يدخل في ملك المشتري إلا بعد الشرط؛ ولذلك قال "الحاوي" [ص 267]:(ورهن غير المبيع)، ولم يتعرض "المنهاج" أيضاً لذكر ذلك هنا.
1755 -
قول "التنبيه"[ص 90]: (وإن شرط العتق في العبد .. لم يفسد العقد) فيه أمور:
أحدها: لا يلزم من كون العقد لا يفسد أن يصح الشرط؛ ولذلك قال "المنهاج"[ص 216]: (فالمشهور: صحة البيع والشرط)، وهو مفهوم من قول "التنبيه" [ص 90]:(فإن امتنع من العتق .. أجبر عليه).
ثانيها: تناول كلامه ما إذا شرط مع العتق الولاء للبائع، والبيع في هذه الصورة باطل، وقد ذكرها "المنهاج"، إلا أنه عطفها على ما عبر فيه بالأصح (4)، فاقتضى أن الخلاف فيها وجهان، وعبر في "الروضة" بقوله: المذهب، وبه قطع الجمهور (5)، ولم يتعرض لها "الحاوي"، فهي واردة عليه أيضاً.
ثالثها: وتناول كلامه أيضاً ما إذا شرط إعتاقه بعد شهر مثلاً، والأصح فيها: البطلان، وقد ذكرها "المنهاج" و"الحاوي"(6).
(1) انظر "بحر المذهب"(6/ 147).
(2)
انظر "فتح العزيز"(4/ 107).
(3)
انظر "الروضة"(3/ 399).
(4)
المنهاج (ص 216).
(5)
الروضة (3/ 403).
(6)
الحاوي (ص 267)، المنهاج (ص 216).