المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [خيار العيب] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌فصل [خيار العيب]

بقوله [ص 271]: (وحل الوطء لمن خُيّر) وكذا في الروضة وأصلها (1)، واستشكل؛ لأن حل الوطء يتوقف على حصول الاستبراء، والأصح في (باب الاستبراء): أنه لا يعتد به في زمن الخيار؛ لضعف الملك، وصحح الإمام والغزالي: الاكتفاء به (2)، وذكر في "الوجيز" الحل هنا على قاعدته المخالفة للمرجح هناك، فتبعه الرافعي على ذلك من غير بحث عنه (3)، وأجاب عنه في "المطلب": بأنه زال التحريم المستند لعدم الملك، وبقي التحريم المستند لعدم الاستبراء.

‌فصَلٌ [خيار العيب]

1804 -

قول المنهاج [ص 220]: (للمشتري الخيار بظهور عيبٍ قديمٍ) أراد بقدمه: كونه كان موجوداً عند العقد أو حدث قبل القبض، كما عبر به في "التنبيه"(4)، وقد ذكره "المنهاج" بعد ذلك في قوله [ص 220]:(سواء قارن العقد أم حدث قبل القبض) والاقتصار على ما قبل القبض كما فعل "الحاوي" مغن عن ذكر وجوده عند العقد، ويستثنى من الرد فيما إذا حدث العيب قبل القبض: ما إذا كان تعيبه بفعل المشتري، وقد صرح به "الحاوي"(5).

ويرد عليهم جميعاً: المفلس إذا كانت الغبطة في الإمساك، وكذا الولي، وكذا في القراض إذا تنازع المالك والعامل، وصورة الوكيل إذا رضيه الموكل، فليس للوكيل الرد، وقد يتناول قول "التنبيه" [ص 94]:(وإذا علم بالمبيع عيباً كان موجوداً عند العقد أو حدث قبل القبض) ما إذا لم يعلم به إلا بعد زواله، والأصح: سقوط الرد في هذه الصورة، وقد يرد ذلك على قول "المنهاج" [ص 220]:(بظهور عيب قديم)، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 273]:(ولا إن زال قبل فسخه).

1805 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (كخصاء رقيقٍ) تبع فيه "المحرر" و"الشرح"(6)، وهو يفهم أنه ليس عيباً في البهائم، وصرح الجرجاني بأنه عيب فيها؛ ولذلك لم يقيده في "الروضة" بالرقيق، بل أطلقه (7)، وهو ظاهر قول "الحاوي" [ص 273]:(أو خصياً) أي: المبيع، وإن

(1) الروضة (3/ 456).

(2)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 51)، و"الوجيز"(1/ 302).

(3)

انظر "فتح العزيز"(4/ 203).

(4)

التنبيه (ص 94).

(5)

الحاوي (ص 273).

(6)

المحرر (ص 144)، فتح العزيز (4/ 212).

(7)

الروضة (3/ 459).

ص: 739

كان شراحه حملوه على كون العبد خصياً، فليس في عبارته ما يدل على هذا التقييد.

1806 -

قولهما: (والزنا والسرقة)(1) قد يفهم أن المراد: قيام هذا الوصف به لإصراره عليه، وليس كذلك، بل هو عيب ولو تاب وحسنت حاله، كما حكاه الرافعي والنووي عن الأصحاب (2)، لكن في "الإشراف" للهروي: لو وجدت هذه الأشياء في يد البائع، وارتفعت مدة مديدة بحيث يغلب على الظن زوالها، ثم وجدت في يد المشتري .. قال الثقفي وأبو على الزجاجي: لا يجوز الرد؛ لاحتمال أن تلك المعاني ارتفعت ثم حدثت في يد المشتري، فصار كالمرض الحادث في يد المشتري. انتهى.

وقد يفهم أن المراد: اعتياده لذلك، وهو قول الغزالي وغيره (3)، والمشهور: الاكتفاء بمرة واحدة كما تقدم.

1807 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (وبوله بالفراش) له شرطان: الاعتياد في الأصح، والكبر؛ وضبط بسبع سنين، أو بمن يحترز مثله عنه.

1808 -

قولهما: (والبخر)(4) أي: الناشئ من المعدة، كذا قيده الرافعي والنووي (5)، بخلاف الناشئ من قلح الأسنان، وذكر القاضي مجلي: أن ذلك لا يسمى بخراً.

1809 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (والصنان) أي: المستحكم دون ما يكون لعارض.

1810 -

قول "التنبيه"[ص 95]: (أما إذا اشترى جارية، فوجدها ثيباً أو مسنة أو كافرة .. لم يجز ردها) محله في الثيب: إذا كان سنها يحتمل الثيوبة، لا صغيرة تَنْدُر ثيابتها، وفي الكافرة: أن يحل وطؤها، لا مجوسية ووثنية ونحوهما، فله حينئذ الرد، وكذا لو وجدها كتابية، أو وجد العبد كافراً أيّ كفر كان إن كان في بلاد الإسلام بحيث تقل الرغبة فيه، فإن كان قريباً من بلاد الكفر بحيث لا تقل الرغبة فيه .. فلا رد.

وقوله: (لم يجز ردها) أي: قهراً، وفي نفي الجواز مطلقا تَجَوُّزٌ، وكلام "الحاوي" - فيما لوشرط تهوّد جارية، أو تنصّرها، فخرجت مجوسية - يقتضي أن التمجس ليس عيباً؛ لكونه إنما ذكر الرد به بخلف الشرط.

1811 -

قول "الحاوي"[ص 273]: (أو مُحْرِمَة) أي: بإذن السيد، فإن كان بغير إذنه .. فلا

(1) انظر "التنبيه"(ص 95)، و"المنهاج"(ص 220).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 214)، و"الروضة"(3/ 459).

(3)

انظر "الوجيز"(1/ 302).

(4)

انظر "التنبيه"(ص 95)، و"المنهاج"(ص 220).

(5)

انظر "فتح العزيز"(4/ 213)، و"الروضة"(3/ 459).

ص: 740

رد؛ لأن له تحليلها، كما استدركه النووي في "الروضة"(1)، لكن قال شيخنا الإمام البلقيني: الصواب - بمقتضى نص الشافعي -: ثبوت الخيار ولو كان يمكنه تحليلها. انتهى.

1812 -

قوله: (أو خنثى)(2) أي: مشكلاً أو واضحاً، لكن في (الأحداث) من "شرح المهذب": لو اشترى خنثى وبان رجلاً، فَوُجِدَ يبول بفرجيه .. فهو عيب؛ لأن ذلك لاسترخاء المثانة، ولو كان يبول بفرج الرجل فقط .. فليس بعيب. انتهى (3).

1813 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (وكل ما ينقص العين أو القيمة نقصاً يفوت به غرضٌ صحيحٌ إذا غلب في جنس المبيع عدمه) بعد ذكره ما تقدم من العيوب .. من ذكر العام بعد الخاص، والتقييد بفوات غرض صحيح يتعلق بنقص العين خاصة، والاحتراز به عن قطع جزء يسير من الفخذ واندمل بلا شين، والختان بعد الاندمال؛ فإنه فضيلة لا عيب، فلو ذكره عقبه .. لكان أولى؛ إما بأن يقدم ذكر القيمة، كما فعل في "الحاوي"؛ حيث قال [ص 273]:(بعيب منقص القيمة أو العين مُفَوّت غرضٍ غالبِ العدم في أمثاله)، أو يُجعل هذا التقييد عقب نقص العين قبل ذكر القيمة، وهو أحسن، ولم يعتبر في "التنبيه" شيئاً من ذلك، بل ضبطه بالعرف فقال [ص 95]:(والعيب: ما يعده الناس عيباً).

1814 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (ولو حدث بعده .. فلا خيار) يتناول حدوثه في زمن الخيار، وهو مقتضى مفهوم "التنبيه" و"الحاوي"(4)، وقال ابن الرفعة: القياس: بناؤه على ما لو تلف حينئذ .. هل ينفسخ؟ والأرجح كما قال الرافعي عند الكلام على أقوال الملك: إن قلنا: الملك للبائع .. انفسخ، وإلا .. فلا، فإن قلنا: ينفسخ .. فحدوثه كوجوده قبل القبض (5).

1815 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (إلا أن يستند إلى سببٍ متقدمٍ؛ كقطعه بجنايةٍ سابقةٍ - أي: على القبض - فيثبت الرد في الأصح) أي: إن جهل المشتري السبب، فأما إذا علمه .. فلا رد ولا أرش في الأصح، وقد صرح به "الحاوي" بقوله [ص 274]:(إن جهل).

1816 -

قول "المنهاج"[ص 220]: (بخلاف موته بمرضٍ سابقٍ في الأصح) محل الخلاف: أن يكون المشتري جاهلاً به، ثم ليس المراد: نفي الرد؛ لتعذره بالموت، بل المراد: أنه مات

(1) الروضة (3/ 461).

(2)

انظر "الحاوي"(ص 274).

(3)

المجموع (2/ 64).

(4)

التنبيه (ص 95)، الحاوي (ص 273).

(5)

انظر "فتح العزيز"(4/ 199).

ص: 741

من ضمان المشتري، فلا ينفسخ العقد؛ ولذلك عبر به "الحاوي"(1)، وفي تعبير "المنهاج" بـ (الأصح) نظر؛ لأن المرجح: القطع به، فينبغي التعبير بـ (المذهب)، والخلاف عند البغوي في المرض المخوف، أما غيره .. فلا ينسب الموت إليه، والجراحة السارية كالمرض، وكذا الحامل إذا ماتت من الطلق.

1817 -

قولهم - والعبارة لـ"التنبيه" -: (ولو باع وشرط البراءة من العيوب)(2) أي: كلها، أما لو عين شيئاً منها وشرط البراءة منه: فإن كان مما لا يشاهد؛ كالإباق والسرقة .. برئ منه، وإن كان مما يشاهد؛ كالبرص: فإن أراه إياه .. برئ منه، وإلا .. ففيه الخلاف في الإطلاق؛ لاختلاف الغرض بقدره وموضعه.

1818 -

قول "التنبيه"[ص 95]: (ففيه ثلاثة أقوال، أحدها: يبرأ، والثاني: لا يبرأ، وعلى هذا يبطل البيع، وقيل: لا يبطل) الأصح - تفريعاً على عدم البراءة -: عدم البطلان، وعبارة "التنبيه" تقتضي ترجيح البطلان، وكذا تقتضيه عبارة "الحاوي" حيث قال في الشروط التي لا تبطل العقد:(وبراءة عيب، لا يعلم البائع في الحيوان)(3) فإنها تقتضي البطلان حيث فقد شرط صحة الشرط.

1819 -

قول "التنبيه"[ص 95]: (والثالث: أنه يبرأ من كل عيب باطن في الحيوان لم يعلم به البائع، ولا يبرأ مما سواه) هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"، لكنهما لم يشترطا كونه باطناً (4)، وعبارة "المنهاج" [ص 221]:(فالأظهر: أنه يبرأ عن عيبٍ بالحيوان لم يعلمه دون غيره) وفي بعض نسخه: (عن عيب باطن بالحيوان)، فلا إيراد عليه إذاً، وقال شيخنا ابن النقيب: قد رأيت لفظة: (باطن) مخرجة على حاشية أصل المصنف، لكن لا أدري هل هي بخطه أم لا؟ وليست في "المحرر"(5).

1820 -

قول المنهاج [ص 221]: (ولو هلك المبيع) أعم من قول التنبيه [ص 94]: (مات)، وقوله:(أو أعتقه)(6) في معناه: الوقف - وقد ذكره "التنبيه"(7) - والاستيلاد، فكلها إتلاف

(1) الحاوي (ص 274).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 95)، و"الحاوي"(ص 267)، و"المنهاج"(ص 221).

(3)

الحاوي (ص 267).

(4)

الحاوي (ص 267)، المنهاج (ص 221).

(5)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 76).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 221).

(7)

التنبيه (ص 94).

ص: 742

حكمي، والضابط: اليأس من الرد، كما ذكره "الحاوي"(1)، ويستثنى من الرجوع بالأرش فيما إذا أعتقه مسائل:

إحداها: لو كان العتق مشروطاً في بيع فأعتقه، ثم وجد به عيباً .. فلا أرش له، كما قال ابن القطان، وخالفه ابن كج فقال: عندي له الأرش، وصححه السبكي.

ثانيها: لو اشترى من يعتق عليه، ثم وجد به عيباً .. حكى فيه ابن القطان وجهين، وقال ابن كج: له الأرش، وصححه السبكي، وقد يقال: لا ترد هذه على عبارتهم وإن لم يجعل له الأرش؛ لأن الموجود فيها العتق لا الإعتاق، قال في "المهمات": وهذا الكلام مقتضاه حصول العتق جزماً، وأن التردد في وجوب الأرش، ويخالفه ما ذكره الرافعي في (الوكالة) فيما إذا اشترى الوكيل من يعتق على موكله وكان معيباً: أن للوكيل رده؛ لأنه لا يعتق على الموكل قبل الرضا بالعيب، ذكره في "التهذيب"(2).

قال في "المهمات": وليس بين المذكور هنا وفي الوكالة فرق إلا مباشرته، ولا أثر لها قطعاً مع صحة البيع في الموضعين والجهل بالعيب.

ثالثها: لو كان العبد كافراً .. فقال شيخنا الإسنوي: لا يرجع بالأرش؛ لأنه لم ييأس من الرد؛ فإنه قد يلتحق بدار الحرب، فيسترق، فيعود إلى ملكه.

قلت: وفيه نظر؛ فإنما ينظر إلى ما يقع غالباً، وهذا أمر نادر، ويفرض مثله في الوقف؛ بأن يستبدل به عند من يراه، فيصير ملكاً له، ولا نظر إلى مثل ذلك، والله أعلم.

ويستثنى من الرجوع بالأرش في جميع الصور: ما إذا كان العيب الذي علم به الخصاء .. فلا أرش؛ إذ لا ينقص به القيمة، بل تزيد، وقد يقال: لا حاجة لاستثنائها؛ لأن الرجوع بالأرش يستدعي نقصاً، وهو مفقود هنا، ومنع شيخنا الإمام البلقيني قولهم: إنه لا أرش في هذه الصورة، وقال: الذي أعتقده أحد أمرين: إما أن الخصاء (3) ليس بعيب، كما أفتى به القاضي الحسين في مسألة الحمار والفرس؛ لأن الناس لا يعدونه عيباً، وهو الذي اعتبره صاحب "التنبيه" وغيره، قال: وبتقدير أنه عيب .. فالتحقيق لزوم الأرش؛ أي: قبل اندمال الجرح، واستشهد له بمسألة الحر إذا جنى عليه جان جناية لا توجب أرشاً، وقومناه بعد الاندمال، فلم ينقص القيمة .. فإن الأصح: أنه يقوم في حال سيلان الدم، ويجب الأرش.

1821 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (وهو جزء من ثمنه نِسْبَتُهُ إليه نسبة ما نَقَصَ العيبُ من

(1) الحاوي (ص 276).

(2)

التهذيب (4/ 223)، وانظر "فتح العزيز"(5/ 235).

(3)

في النسخ: (الخصى)، ولعل الصواب ما أثبت.

ص: 743

القيمةِ لو كان سليماً) زاد في "المحرر" بعد قوله: (القيمة): (إلى تمامها)(1)، وكذا في "الروضة" تبعاً لـ"الشرح"(2)، ولابد منه؛ لأن النسبة لابد لها من منسوب ومنسوب إليه، وهي مذكورة هنا مرتين، فالأولى كاملة، والثانية ذُكر فيها المنسوب فقط، وهو القدر الذي نَقَّصَه العيب من القيمة، فيقال: نأخذ نسبة هذا القدر من ماذا؟ فيقال: من تمام القيمة، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 276]:(بنسبة نقصان أقل قيمتي العقد والقبض إليه).

1822 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (والأصح: اعتبار أقل قِيَمِهِ من يوم العقد إلى القبض) يقتضي اعتبار النقص الحاصل بينهما، وبه صرح في "الدقائق"(3)، لكن الذي في "المحرر" و"الشرح" و"الروضة": أقل القيمتين من يوم البيع ويوم القبض، وعليه مشى "الحاوي"(4)، ويوافق الأول تعبير "الروضة" وأصلها فيما إذا تلف الثمن .. أنه يأخذ مثل الثمن، أو قيمته أقل ما كانت من العقد إلى القبض، ولا فرق بينهما، وفي تعبيره بـ (الأصح) مناقشة؛ لأن المرجح: القطع به، فينبغي التعبير بالمذهب.

1823 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (ولو علم العيب بعد زوال ملكه إلى غيره .. فلا أرش في الأصح) ينبغي التعبير بـ (الأظهر) أو (المشهور) لأن المرجح منصوص، ومقابله تخريج ابن سريج، وذكر شيخنا الإمام البلقيني: أنه منصوص في "البويطي".

1824 -

قوله: (فإن عاد الملك .. فله الرد، وقيل: إن عاد بغير الرد بعيب .. فلا)(5) طريقة الإمام والغزالي (6)، ولم يجر الأكثرون الخلاف فيما إذا كان زواله عن ملكه بغير عوض.

ويستثنى من كلامهم: ما إذا أجاز المشتري الثاني العقد ورضي بالعيب .. فإنه يستقر سقوط الأرش والر د، حكاه في "الكفاية " عن الماوردي (7).

1825 -

قولهم - والعبارة لـ"المنهاج" -: (والرد على الفور)(8) فيه أمران:

أحدهما: محله: في بيع الأعيان، أما الواجب في الذمة ببيع أو سلم إذا قبضه فوجد به عيباً .. فقال الإمام: إن قلنا: لا يملكه إلا بالرضا .. فليس الرد فيه على الفور، وإن ملكناه بالقبض ..

(1) المحرر (ص 145).

(2)

فتح العزيز (4/ 246)، الروضة (3/ 472).

(3)

الدقائق (ص 60).

(4)

المحرر (ص 145)، فتح العزيز (4/ 246)، الحاوي (ص 276)، الروضة (3/ 472).

(5)

انظر "المنهاج"(ص 221).

(6)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 235)، و"الوجيز"(1/ 304).

(7)

انظر "الحاوي الكبير"(6/ 82).

(8)

انظر "التنبيه"(ص 94)، و"الحاوي"(ص 274)، و"المنهاج"(ص 221).

ص: 744

فيحتمل أنه على الفور، والأوجه: المنع؛ لأنه ليس معقوداً عليه، وإنما يجب الفور فيما يؤدي رده إلى رفع العقد، حكاه عنه الرافعي في (الكتابة)، وأقره عليه (1).

ثانيهما: يستثنى: قريب العهد بالإسلام، ومن نشأ ببادية بعيدة إذا ادعى الجهل بأن له الرد، وكذا لو ادعى أنه لا يعرف كونه على الفور، كما ذكره الرافعي (2)، وقال النووي في الصورة الثانية: إنما يقبل ممن يخفى على مثله (3)، وقال السبكي: ينبغي أن يقبل ممن يخفى عليه، ومن مجهول الحال.

1826 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (فلو علمه وهو يصلي أو يأكل .. فله تأخيره حتى يَفْرُغَ) أهمل من "المحرر" ما لو كان يقضي حاجته (4)، وفي معنى الاشتغال بهذه الأمور: حضور وقتها، وكذا لو كان في الحمام، كما في "المنهاج" في (الشفعة)(5)، وكل ما قيل في أحد البابين يجيء في الآخر؛ لاستوائهما في المعنى.

1827 -

قوله: (أو ليلاً .. فحتى يصبح)(6) كذا أطلقه الرافعي والنووي (7)، وأفهم كلام المتولي تقييده بمن لم يتمكن من الحاكم ولا الشهود ولا البائع، وصرح به ابن الرفعة، وقال: إذا تمكن من المسير بغير كلفة .. فكالنهار، ولا يكلف سرعة السير.

قلت: أخرج كلامه مخرج الغالب في الانقطاع عن التصرفات ليلاً، فلو كان هو والبائع مجتمعين في مكان واحد .. انتفى ذلك، وكذا لو كان العلم به في أوائل الليل بحيث لم تنقطع تصرفات الناس في حوائجهم غالباً، والله أعلم.

1828 -

قوله: (فإن كان البائع بالبلد .. رده عليه بنفسه أو وكيله أو على وكيله)(8) فيه أمور:

أحدها: اعترض عليه: بأن فيه نقصاً عما في "المحرر" فإن لفظه: (رد بنفسه أو وكيله عليه أو على وكيله)(9) أي: لكل منهما الرد على كل منهما، فقدم في "المنهاج" لفظة:(عليه)، ففاته النص على التخيير عند الرد على الوكيل.

ثانيها: محل الرد بوكيله: إذا لم يحصل بالتوكيل تأخير.

(1) انظر "نهاية المطلب"(19/ 394، 395)، و"فتح العزيز"(13/ 496).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 253).

(3)

انظر "الروضة"(3/ 478).

(4)

المحرر (ص 145).

(5)

المنهاج (ص 299).

(6)

انظر "المنهاج"(ص 221).

(7)

انظر "فتح العزيز"(4/ 251)، و"الروضة"(3/ 477).

(8)

انظر "المنهاج"(ص 221).

(9)

المحرر (ص 145).

ص: 745

ثالثها: بقي عليه: أن له الرد على وارث البائع أيضاً بعد موته، وعلى الموكل إن قلنا: يطالب بالعهدة، كما هو المذهب، والرد على البائع فيما إذا كان وكيلاً مبني على مطالبته بالعهدة، كما نبه عليه السبكي، وهو واضح.

1829 -

قوله: (ولو تركه ورفع الأمر إلى الحاكم .. فهو آكد)(1) اقتصر في "الحاوي" على التخيير بين الرد على المالك والرفع إلى الحاكم، ولم يذكر أنه آكد (2)، وصحح الإمام: أن العدول إلى الحاكم مع حضور الخصم تقصير (3)، وقال الغزالي: يُبدأ بالبائع، فإن عجز .. أشهد، فإن عجز .. فالحاكم (4)، وقال ابن الرفعة: إذا علم بحضرة أحدهم .. فالتأخير لغيره تقصير، ولم يذكر "التنبيه" الرفع إلى الحاكم، واقتضى كلامه تعيين الرد على المالك.

واعلم: أنه ليس المراد بالرفع إلى الحاكم: الدعوى؛ لأن غريمه غائب عن المجلس، وهو في البلد، وإنما يفسخ بحضرته، ثم يستعديه على غريمه، فإذا قلنا: إن القاضي لا يقضي بعلمه .. فأيّ فائدة لفسخه بحضرته مع غيبة غريمه؟ ! فلعل ما ذكروه مفرع على القضاء بالعلم، قاله السبكي رحمه الله.

1830 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (وإن كان غائباً .. رَفَعَ إلى الحاكم) أي: يتعين ذلك، والمراد: غيبته وغيبة وكيله، وطريقه في الرفع: أن يدعي الشراء ويبين العيب، ويثبت ذلك ببينة، ويفسخ به، ويحلف؛ لأنه قضاء على غائب، ويأخذ القاضي المبيع منه، ويضعه تحت يد عدل، ويعطيه الثمن من مال الغائب، فإن لم يجد سوى المبيع .. باعه فيه، كذا في "الروضة" وأصلها عن القاضي حسين (5).

قال في "المهمات": وهو يوهم أو يقتضي أن المشتري إذا فسخ بالعيب .. ليس له حبس المبيع لاسترداد الثمن، وليس كذلك، بل له حبسه إلى قبضه، كما نقله الرافعي في حكم المبيع قبل القبض "التتمة"، وأقره (6)، وبَنَى عليه امتناع تصرف البائع فيه.

واعلم: أن إطلاقهم الغيبة يتناول المسافة القريبة، وذكرهم التحليف يقتضي أن المراد: المسافة التي يحكم فيها على الغائب، ومال ابن الرفعة إلى الأول.

1831 -

قول "المنهاج"[ص 221]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 275]: (والأصح: أنه يلزمه

(1) انظر "المنهاج"(ص 221).

(2)

الحاوي (ص 275).

(3)

انظر "نهاية المطلب"(5/ 249).

(4)

انظر "الوسيط"(3/ 128، 209).

(5)

الروضة (3/ 477).

(6)

انظر "فتح العزيز"(4/ 298).

ص: 746

الإشهاد على الفسخ إن أمكنه حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم) فيه أمور:

أحدها: المراد: إشهاد اثنين، كما ذكره الغزالي (1)، قال ابن الرفعة: وهو احتياط؛ لأن الواحد مع اليمين كاف، ومال في نظيره من الشفعة إلى عدم الاكتفاء به، وحكاه عن "البحر"، ثم قال: ولا يبعد الاكتفاء به على رأي (2).

ثانيها: ما صرح به في "المنهاج" من أن الإشهاد على الفسخ لم يتعرض له "الحاوي"، وهو مقتضى كلام الغزالي، لكن الذي يقتضيه كلام الرافعي في (الشفعة): أنه يشهد على طلب الفسخ (3).

ثالثها: ينبغي إذا أشهد على الفسخ أن يكتفى بذلك، ولا يحتاج بعده إلى إتيان حاكم، ولا بائع إلا للمطالبة، لكن قوله:(حتى ينهيه إلى البائع أو الحاكم) ينافيه، كذا بحثه شيخنا ابن النقيب (4).

وجوابه: أن الاكتفاء بالإشهاد إنما هو عند تعذر البائع والحاكم؛ ولا تعذر هنا، فلا يكفي العدول إلى البدل مع القدرة على الأصل.

رابعها: ذكر الرافعي والنووي في نظيره من (الشفعة): أنه لا يجب الإشهاد (5)، والبابان مستويان في المعنى، وهو مقتضى عبارة "التنبيه" هنا؛ حيث لم يذكر الإشهاد.

1832 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (فإن عجز عن الإشهاد .. لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح) هو مفهوم من كون "الحاوي" لم يذكره، وهو في "الروضة" وأصلها محكي عن تصحيح الإمام والبغوي (6)، وصححه في "الشرح الصغير"، لكن قال في "المهمات": الراجح: أنه لا بد منه؛ فقد حكاه صاحب "التتمة" عن عامة الأصحاب، قال: وهو صريح في حكايته عن الأكثرين.

قلت: ليس الترجيح بالكثرة، بل بالدليل، ولا دليل على وجوب التلفظ بالفسخ في هذه الصورة، وليس هو أمراً يتعبد به، وإنما هو معاملة يعتبر فيها خطاب الغير، والله أعلم.

1833 -

قوله: (فلو استخدم العبد)(7) أي: في ذهابه لرده أو في المدة المغتفرة، وقد يخرج

(1) انظر "الوجيز"(1/ 304).

(2)

بحر المذهب (9/ 112، 113).

(3)

انظر "فتح العزيز"(5/ 505).

(4)

انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 82، 83).

(5)

انظر "فتح العزيز"(5/ 540)، و"الروضة"(5/ 108).

(6)

فتح العزيز (4/ 252، 253)، الروضة (3/ 477)، وانظر "نهاية المطلب"(7/ 324)، و "التهذيب"(4/ 352).

(7)

انظر "المنهاج"(ص 221).

ص: 747

بذلك ما إذا خدمه العبد من غير طلب منه، لكنه سكت، والظاهر: أنه لا يبطل حقه بذلك من الرد، كما لا يحنث إذا حلف لا يستخدمه، وقد يُدَّعَى دخول هذه الصورة في قول "الحاوي" [ص 275]:(وترك الانتفاع) لحصول الانتفاع بخدمته من غير طلب، وقد يقال: الانتفاع: طلب النفع، فهي حينئذ كعبارة "المنهاج"، وقد يتناول لفظ الاستخدام ما إذا طلب منه الخدمة، فلم يخدمه، وفيه بعد.

وقد يرد على "الحاوي": ما إذا علم بعيب الثوب في الطريق وهو لابسه، فلم ينزعه؛ فإنه انتفاع، لكنه يعذر به، كما حكاه الرافعي عن الماوردي، وأقره؛ معللاً بأن نزع الثوب في الطريق غير معتاد (1).

قال في "المهمات": ويتعين تصويره في ذوي الهيئات؛ فإن غالب المحترفة لا يمتنعون من ذلك.

1834 -

قول "المنهاج"[ص 221]: (أو ترك على الدابة سرجها) أي: إن لم يضرها وضعه، وفي معناه: الإكاف (2)، وقد ذكره "الحاوي"(3).

لا العذار (4)، فلا ينزعه، وقد ذكره "الحاوي"(5).

1835 -

قول "الحاوي"[ص 275]: (لا الركوب إن عَسُرَ القَوْدُ) أي: والسَّوْقُ، فمتى أمكن سَوقُها .. لا يعذر في ركوبها، وقد ذكره "المنهاج"(6)، وكان عذر "الحاوي" في كونه لم يذكره: أنه إذا عسر القَوْدُ .. فالسَّوْقُ أعسر غالباً، إلا في حق إبل العرب ونحوها، وذكر الماوردي والروياني أنه لا يضر الانتفاع اليسير؛ كاسقني ونحوه (7)، ورجح السبكي: أنه لا يضر الانتفاع ما لم يدل على الرضا كلبس الثوب والوطء، قال: ومحل الكلام في هذا: إذا لم نوجب التلفظ بالفسخ.

1836 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ولو حدث عنده عيبٌ .. سقط الرد قهرا) مثل قول "التنبيه"[ص 94]: (وإن وجد العيب وقد نقص المبيع عند المشتري) وفيه أمران:

(1) انظر "الحاوي الكبير"(5/ 261)، و"فتح العزيز"(4/ 254).

(2)

الإكاف: البرذعة. انظر "المعجم الوسيط"(1/ 22).

(3)

الحاوي (ص 275).

(4)

العذار من اللجام: ما سال على خد الفرس، وفي "التهذيب": عذار اللجام: ما وقع منه على خدي الدابة، وقيل: عذار اللجام: السيران اللذان يجتمعان عند القفا. انظر "لسان العرب"(4/ 549).

(5)

الحاوي (ص 275).

(6)

المنهاج (ص 222).

(7)

انظر "الحاوي الكبير"(5/ 261)، و"بحر المذهب"(5/ 256).

ص: 748

أحدهما: محل هذا: إذا لم يستند ذلك إلى سبب متقدم عند البائع؛ كقطع العبد بجناية سابقة .. فلا يمنع الرد، وهو مأخوذ من قول "المنهاج" فيما تقدم [ص 220]:(أن للمشترى الرد بالعيب الحادث بعد القبض إذا استند إلى سببٍ متقدم)، وذكره "الحاوي" أيضاً (1)، فإذا كان له الرد به .. فلأن لا يمنع الرد بغيره من طريق الأولى.

ثانيهما: إنما يسقط الرد إذا استمر ذلك العيب الحادث، فلو زال قبل علمه بالعيب القديم .. فله الرد فى الأصح، فلو لم يزل الحادث إلا بعد أخذ أرش القديم .. لم يكن له الفسخ ورد الأرش على الأصح، وكذا لو زال بعد قضاء القاضي بالأرش وقبل أخذه على الأصح في "أصل الروضة"، وحكاه الرافعي عن البغوي، وأقره (2)، خلافاً لقول "الحاوي"[ص 276، 277]: (وقبله بعد القضاء بالأرش .. جاز).

1837 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ثم إن رَضِيَ به البائع .. رده المشتري أو قَنِعَ به) أي: بلا أرش، وقد أوضحه "التنبيه" بقوله [ص 94]:(فإن قال البائع: أنا آخذه منك معيباً .. سقط حقه من الأرش) والمراد: أخذه معيباً بدون الأرش، أما لو طلب البائع رده مع أخذ أرش الحادث، وطلب المشتري الإمساك مع أخذ أرش القديم أو بالعكس .. فالأصح: إجابة من طلب الإمساك مع أخذ أرش القديم بائعاً كان أو مشترياً، وقد ذكره "المنهاج"(3).

ويستثنى من ذلك: ما لو كان ربوياً بيع بجنسه كالحلي، ثم اطلع على عيب قديم بعد حدوث آخر .. فالأصح: أنه يتعين الفسخ مع إعطاء المشتري للبائع أرش العيب الحادث، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 277]:(والرد بأرش الحادث في ربوي بيع بجنسه).

1838 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ويجب أن يُعْلِمَ المشتري البائع على الفور بالحادث) يستثنى منه: ما إذا كان الحادث قريب الزوال؛ كالرمد والحمى .. ففي اعتبار الفور في الإعلام قولان، لا تصحيح فيهما في كلام الرافعي والنووي، ولم يتعرض في "التنبيه" للمبادرة بالإعلام، ولابد من التنبيه عليهما في قوله:(وله أن يطالب بالأرش)(4).

1839 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ولو حدث عيبٌ لا يُعْرَفُ القديم إلا به ككسر بيضٍ ورانجٍ، وتقوير بطيخٍ مُدَوِّدٍ .. رَدَّ ولا أرش عليه في الأظهر)(5) فيه أمور:

(1) الحاوي (ص 274).

(2)

فتح العزيز (4/ 256)، الروضة (3/ 480)، وانظر "التهذيب"(3/ 457).

(3)

المنهاج (ص 222).

(4)

التنبيه (ص 94).

(5)

الرانج بكسر النون: الجوز الهندي. انظر "الدقائق"(ص 60).

ص: 749

أحدها: المراد: بيض النعام؛ فإنه يبقى له بعد كسره قيمة، بخلاف بيض الدجاج ونحوه؛ فإنه لا قيمة لمذره بعد الكسر، فلا يتأتى فيه الأرش، وهذا وارد على قول "الحاوي" أيضاً [ص 275]:(وإن نقص بما توقف عليه الوقوف) أي: على العيب؛ فإنه يتناول بيضة الدجاجة المذرة، ولا رد في هذه الصورة، بل يتبين بطلان البيع على الصحيح؛ لوروده على غير متقوم، وقد ذكر ذلك "التنبيه" بقوله [ص 94]:(وإن لم يكن لما بقي قيمة .. رجع بالثمن كله).

ثانيها: المراد: البطيخ المُدَوّد بعضه، أما المدود جميعه .. فهو كبيضة الدجاجة المذرة، فيرجع بجميع الثمن؛ لفساد البيع، وأطلق "التنبيه" ذكر البطيخ، والمراد: المُدَوّد، أما الحامض: فالغرز فيه كاف؛ لحصول المعرفة بذلك.

ثالثها: قوله: (في الأظهر) يحتمل عوده إلى الأرش ففط مع القطع بالرد، وهو ظاهر عبارة "المحرر"(1)، قال السبكي: ولكنها طريقة لم أعلم من قال بها وإن خرجت من الأقوال الثلاثة. انتهى.

ويحتمل عوده إليهما؛ أي: رد على الأظهر، ولا أرش إذا رد على الأظهر؛ فإن فيه أقوالاً حكاها في "التنبيه" من غير ترجيح، المرجحُ الرد مع الأرش، وعدم الرد، قال في "التصحيح": والأصح: أن له رده، ولا أرش عليه (2).

1840 -

قول "التنبيه"[ص 94]: (وإن اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيباً .. رده، وأمسك الآخر في أحد القولين) الأصح: خلافه، بل إما أن يمسكهما أو يردهما، وقد ذكره "المنهاج" بقوله [ص 222]:(ردهما لا المعيب وحده في الأظهر) ومحل المنع: إذا لم يتراضيا عليه، فيجوز حينئذ في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 274]:(فيرد حصّة عقدٍ، وبالرضا بعضاً).

واعلم: أن الرافعي والنووي حكيا وجهين في رد بعض المبيع قهراً إذا لم ينقص بالتبعيض كالحبوب، ولم يرجحا منهما شيئاً (3)، وقال شيخنا الامام البلقيني: الأصح: الجواز، ونص عليه الشافعي في "البويطي"، قال شيخنا: وعلى هذا يرد على "الحاوي" إطلاق: (وبالرضا بعضاً) أي: على مفهومه، فيقال: ويرد البعض بدون الرضا فيما إذا لم ينقص بالتبعيض كالحبوب ونحوها، ومحل الخلاف المتقدم: فيما لا يتصل منفعة أحدهما بالآخر، أما نحو: زوجي خف، ومصراعي باب .. فلا يجوز الإفراد قطعاً، وشذ بعضهم فحكى القولين، فلو باع بعض المبيع للبائع، ثم اطلع على عيب .. فهل له رد ما بقي على ملكه؟ حكى فيه البغوي في "فتاويه" قبل سجود السهو وجهين:

(1) المحرر (ص 146).

(2)

تصحيح التنبيه (1/ 299).

(3)

انظر "فتح العزيز"(4/ 273)، و"الروضة"(3/ 487).

ص: 750

أحدهما: لا يجوز؛ لتفريق الملك في المعنى.

الثاني: يجوز؛ إذ لا تفريق في الصورة، وجعل ذلك نظير من صلى قاعداً لعذر فنسي التشهد الأول، وقرأ (الفاتحة) .. هل له أن يعود إلى التشهد؟ فيه وجهان، الأصح: لا، حكاه شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه".

1841 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ولو اشترياه .. فلأحدهما الرد في الأظهر) بعد قوله: (ولو اشترى عبدَ رجلين معيباً .. فله رد نصيب أحدهما) يقتضي أن صورة المسألة: أنهما اشتريا عبد رجلين، وحينئذ .. تكون الصفقة في حكم أربعة عقود، وكان كل واحد اشترى الربع من هذا والربع من ذاك، ولكل منهما أن يرد بالعيب على أحد البائعين دون الآخر، وهذه مسألة صحيحة، لكن مسألة "المحرر" فيما لو اشترى اثنان من واحد (1)، فقول "المنهاج":(ولو اشترياه) أي: المبيع من رجل واحد، ولا يعود الضمير على المتقدم ذكره، وهو:(عبد رجلين)، وعبارة "التنبيه" في ذلك واضحة؛ حيث قال [ص 94]:(ولو اشترى اثنان عيناً، ووجدا بها عيباً .. جاز لأحدهما أن يرد نصيبه دون الآخر).

1842 -

قول "المنهاج"[ص 222]: (ولو اختلفا في قِدَمِ عيب .. صُدِّق البائع بيمينه) فيه أمور:

أحدها: المراد: ما إذا احتمل صدق كل منهما، أما إذا قطعنا بما ادعاه أحدهما .. فهو المصدق، وهذا يرد أيضاً على قول "الحاوي" [ص 277]:(والقول للبائع في حدوثه)، وعن ذلك احترز "التنبيه" بقوله [ص 95]:(يمكن حدوثه) فخرج بذلك ما إذا قُطع بالقدم أو الحدوث.

ثانيها: تناولت عبارته ما إذا ادعى البائع حدوثه حتى لا يُرَدّ عليه، وادعى المشتري قدمه ليرد، وهي مراده، وعكسه، وصورته في البيع: بشرط البراءة من العيوب، فيدعي المشتري حدوثه قبل القبض ليرد به؛ فإنه لا يبرأ منه، ويدعي البائع قدمه، والحكم فيها كالأولى على الظاهر، وقيل: المصدق المشتري، وخرجت هذه الصورة بقول "التنبيه" [ص 95]:(فقال البائع: حدث عندك، وقال المشتري: بل كان عندك)، وبقول "الحاوي" [ص 277]:(والقول للبائع في حدوثه)، فلم يتعرضا لهذه الصورة؛ لندورها.

ثالثها: تناولت عبارة "المنهاج" أيضاً ما إذا اختلفا في حدوث عيب يمنع الرد، فادعى البائع حدوثه، وادعى المشتري أن العيبين قديمان، لكن ذكر ابن القطان في مطارحاته: أن المصدق هنا المشتري، وجعلها قاعدةً، فحيث كان العيب .. يثبت الرد، فالمصدق البائع، وحيث كان يبطله .. فالمصدق المشتري، فهذه واردة على عبارة "المنهاج" وعلى عبارة "الحاوي" أيضاً؛

(1) المحرر (ص 146).

ص: 751

لأن البائع يدعي الحدوث، ومع ذلك فالمصدق المشتري، وعلى عبارة "التنبيه" أيضًا، فليس في لفظه ما يخرجها.

رابعها: إذا صدقنا البائع في حدوث العيب، فحلف، ثم جرى الفسخ بعده بتحالف، فطالب المشتري بأرشه، وزعم أنه أثبت حدوثه بيمينه .. فلا نجيبه إليه؛ لأن يمينه وإن صلحت للدفع عنه فلا تصلح لشغل ذمة المشتري، بل للمشتري أن يحلف الآن أنه ليس بحادث، ذكره في "الوسيط" تبعا للقاضي والإمام (1)، فقولهم: بتصديق البائع؛ أي: في دفع الرد عليه لا في تغريم المشتري الأرش إذا حدث عوده إليه.

1843 -

قول "التنبيه"[ص 95]: (وإن باعه عصيرًا وسلمه إليه، فوجد في يد المشتري خمرًا، فقال البائع: عندك صار خمرًا، وقال المشتري: بل كان عندك خمرًا .. ففيه قولان، أحدهما: القول قول البائع، والثاني: القول قول المشتري) الأصح: الأول، وصورة المسألة: أنه مضى زمن يمكن انقلابه فيه، وفي تعبيره أولًا بالعصير تجوّز، فإذا فرض المقبوض عصيرًا .. لم يحسن الاختلاف.

وجوابه: أنه عصير حقيقة إن صدق البائع، ومجازًا باعتبار ما كان إن صدق المشتري، وأحسن منه جواب آخر سيأتي ذكره.

فإن قلت: لم لا اسْتُغني في "التنبيه" بالمسألة قبلها، وهي الاختلاف في قدم عيب عن هذه المسألة، كما فعل "المنهاج" و"الحاوي"؟

قلت: الاختلاف هناك فيما يقتضي الرد مع صحة عقد، والاختلاف هنا في مبطل؛ فإن الخمر لا يصح بيعه.

فإن قلت: فهذا هو الخلاف في دعوى أحد المتبايعين صحة العقد والآخر فساده.

قلت: الظاهر: أنه غيره، وأن الكلام هناك في مقارنة المفسد للعقد، وهنا في مقارنته للقبض، وبهذا يظهر أنه لا تَجَوّز في قوله:(وإن باعه عصيرًا) فالمبيع عصير بلا شك، والنزاع في أنه صار خمرًا قبل القبض أو بعده.

1844 -

قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (والزيادة المنفصلة كالولد لا تمنع الرد)(2) يستثنى منه: ولد الأمة؛ فالأصح: منع التفريق بينهما في الصغر بالرد بالعيب، كما ذكره الرافعي والنووي في (التفليس)(3)، وصحح ابن الرفعة: جوازه.

(1) الوسيط (3/ 141)، وانظر "نهاية المطلب"(5/ 254).

(2)

انظر "التنبيه"(ص 102)، و"الحاوي"(ص 274)، و"المنهاج"(ص 222).

(3)

انظر "فتح العزيز"(5/ 46)، و"الروضة"(4/ 159).

ص: 752

1845 -

قول "المنهاج"[ص 223]: (ولو باعها حاملًا فانفصل .. رده معها في الأظهر) وهو معلوم من تمثيل "الحاوي" للزيادة المتصلة بـ (الحمل عند العقد)(1)، وقد يفهم ذلك من قول "التنبيه" [ص 94]:(وإن لم يعلم بالعيب حتى حَدَثَتْ له منها فوائد في ملكه .. أمسكها ورد الأصل) لأن الحمل الموجود عند العقد لم يحدث في ملكه، ومحل ذلك: إذا لم تنقص قيمة الأم بالولادة، فإن نقصت .. امتنع الرد، ذكره الرافعي والنووي (2).

وقال ابن الرفعة: إذا قلنا: العيب الذي تقدم سببه من ضمان البائع كما هو الأصح .. فينبغي أن يرد، ومحل ما بحثه ابن الرفعة: إذا كان جاهلًا بحملها، كما نبه عليه السبكي.

846 ا - قول "المنهاج"[ص 223]: (ولا يمنع الرد وطء الثيب) أي: إذا كان من المشتري، أما وطء غيره إذا كانت زانية به .. فهو عيب حادث يمنع الرد، ولا يرد ذلك على قول "الحاوي" [ص 275]:(وَوَطِئَ الثيب) لكونه أتى به فعلًا، فاسند الوطء للمشتري، وكذا لا يرد على مفهوم قول "التنبيه" [ص 94]:(بأن كانت جارية بكرًا فوطئها) لما ذكرناه.

1847 -

قول "المنهاج"[ص 223]: (وافتضاض البكر بعد القبض نقصٌ حَدَثَ) فيه أمران:

أحدهما: أن زوال البكارة بأيّ طريق كان ولو بوثبة كذلك.

الثاني: أن المفهوم من كونه نقصًا حدث: منع الرد، ويستثنى منه: ما إذا كان ذلك بزواج سابق، ويرد الأول على "التنبيه"، بل الإيراد عليه أبلغ؛ لقوله:(بأن كانت جارية بكرًا فوطئها)(3)، فلم يذكر إلا وطأه هو خاصةً، فخرج به وطء غيره لها.

ويختص بإيراد آخر، وهو أنه قد يطأ ولا تزول البكارة؛ لكونها غوراء، والمدار في سقوط الرد على زوال البكارة كما تقدم، ولا يرد عليه الثاني؛ لكونه إنما تكلم على وطئه هو، ولا يمكن أن يكون ذلك بزواج سابق، وصرح "الحاوي" بالمسألة بقوله [ص 274]:(وافتراع بنكاح)(4).

1848 -

قول "التنبيه"[ص 94]: (ومن علم بالسلعة عيبًا .. لم يجز أن يبيعها حتى يبين عيبها) كذلك غير البائع إذا علم بالعيب .. وجب عليه بيانه.

1849 -

قوله: (وإن تراضيا على أخذ الأرش .. فقد قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز)(5) الثاني هو الأصح، وعليه مشى "الحاوي"(6)، وقد تفهم عبارة "التنبيه" بقاء الخيار تفريعًا عليه، وهو

(1) الحاوي (ص 274).

(2)

انظر "فتح العزيز"(4/ 278)، و"الروضة"(3/ 491).

(3)

التنبيه (ص 94).

(4)

الافتراع: الافتضاض، يقال: افترع البكر، اقضها. انظر "لسان العرب"(8/ 250).

(5)

انظر "التنبيه"(ص 94).

(6)

الحاوي (ص 274).

ص: 753