المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في ضابط الكلام المبطل للصلاة] - تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي - جـ ١

[ابن العراقي]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازيصاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (399 - 476 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم وشيوخه

- ‌تلاميذه ومناصبه

- ‌مكانته وثناء العلماء عليه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "التنبيه

- ‌ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (…-665 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير

- ‌ترجمة شيخ الإسلام، إمام الأئمّة الأعلام أبو زكريّا يحيى بن شرف بن مري بن حزام محيي الدّين النَّوويّ صاحب "المنهاج" رَحِمَهُ الله تعَالى (631 - 676 ه

- ‌اسمه وكنيته ولقبه

- ‌مولده وصفته

- ‌نشأته وطلبه للعلم

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌عناية العلماء بكتاب "المنهاج

- ‌ترجمة الإمام الحافظ المحدّث، الأصوليّ الفقيه أحمد بن عبد الرّحيم بن الحسين الشافعيّ وليّ الدين، أبو زرعة، ابن العراقي رحمه الله تعالى (762 - 826 ه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده

- ‌أسرته

- ‌نشأته

- ‌رحلاته وشيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌المناصب التي شغلها

- ‌مصنفاته

- ‌وفاته

- ‌التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي

- ‌أ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف

- ‌ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي

- ‌ج- مصطلحات الكتاب

- ‌أولًا: مصطلحات كتب الشافعية:

- ‌ثانياً: المصطلحات الخاصة بالمؤلف في كتابه "تحرير الفتاوي

- ‌وصف النسخ الخطية

- ‌النسخة الأولى:

- ‌النسخة الثانية:

- ‌النسخة الثالثة:

- ‌النسخة الرابعة:

- ‌النسخة الخامسة:

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌وفي الختام:

- ‌[خُطبَةُ الكِتَاب]

- ‌كتابُ الطهارة

- ‌بابُ الاجتهاد

- ‌بابُ الآنية

- ‌باب أسباب الحَدَث

- ‌بابُ الاسْتِنْجاء

- ‌بابُ الوضوء

- ‌تَنْبيه [يستحب السواك في جميع الحالات]

- ‌بابُ المَسْح على الخُفَّيْن

- ‌تَنْبيه [في بقية شروط المسح على الخف]

- ‌بابُ الغُسل

- ‌تَنْبيه [في حقيقة الموجب للغسل]

- ‌بابُ النّجاسة

- ‌فائدة [ضابط اللون المعفو عنه في النجاسة]

- ‌بابُ التّيَمُّم

- ‌تَنبيهَان [فيما يراد بحاجة العطش، وفي محتَرَز المحترم]

- ‌تنبيه [في عدد أركان التيمم]

- ‌تنبيه آخَر [في عدد سنن التيمم]

- ‌فائدة [فيما لو تذكر الصلاة المنسية]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌(باب

- ‌فصْلٌ [لا يجب قضاء الصلاة على الكافر بعد إسلامه]

- ‌فصلٌ [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصْلٌ [من شروط الصلاة استقبال الكعبة]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌فائدة [فيما لو استطاع الصلاة قائماً منفرداً، أو مع الجماعة قاعداً]

- ‌فرعٌ [في النطق بالقاف مترددة بينها وبين الكاف]

- ‌تَنْبِيه [على حُسْن عبارة " التنبيه

- ‌تَنْبِيهٌ [على السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بصيغة الخطاب]

- ‌بابُ شروط الصّلاة

- ‌فَرْعٌ [عورة الخنثى الحر كالمرأة الحرة]

- ‌فَائِدَة [فيمن أحدث بغير اختياره]

- ‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

- ‌بابُ سجود السَّهو

- ‌باب سجود التِّلاوة

- ‌بابُ صلاة التَّطوّع

- ‌تَنْبِيْهٌ [على سقوط استحباب تحية المسجد]

- ‌بابُ صلاة الجماعة

- ‌تَنْبِيْهَان [على بقية الأعذار المرخصة في ترك الجماعة، ومعنى كلونها مرخصة]

- ‌بابُ صفة الأئمّة

- ‌تَنْبِيْهٌ [أما هو المراد بالأفقه والأقرأ ونحوها في باب الصلاة]

- ‌بابُ صلاة المسُافر

- ‌بابُ صلاة الجُمعة

- ‌تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌بابُ ما يُكْرَه لُبْسه وما لا يُكْرَه

- ‌بابُ صلاة العِيدَيْن

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب الاستسقاء

- ‌باب تارك الصّلاة

- ‌فائدة [تعليل الوجه القائل بنخس تارك الصلاة بحديدة]

- ‌كتاب الجنائز باب ما يفعل بالميت

- ‌باب غسل الميت

- ‌باب الكفن وحمل الجنازة

- ‌باب الصّلاة على الميّت

- ‌بابُ الدّفن

- ‌باب التّعزية والبكاء على الميّت

- ‌بابٌ في مسائل منثورة من زيادة "المنهاج" على "المحرّر

- ‌تنبيه [في الصور التي ينبش الميت لها]

- ‌كتاب الزّكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌بابُ زكاة النّبات

- ‌تنبيه [لا يختص التضمين بالمالك]

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرّكاز

- ‌بابُ زكاة التجارة

- ‌فائدة [تتعلق بنقص السعر أو زيادته عند الحلول]

- ‌بابُ زكاة الفطر

- ‌باب من تلزمه الزّكاة، وما تجب فيه

- ‌تنبيهٌ [في اشتراط تمام الملك]

- ‌بابُ أداء الزّكاة

- ‌باب تعجيل الزّكاة

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فصلٌ [في النية]

- ‌فصلٌ [أركان الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط صحة الصوم]

- ‌فصلٌ [شروط وجوب الصوم]

- ‌فصلٌ [من مات قبل تمكنه من قضاء ما فاته من رمضان]

- ‌فصلٌ [في الكفارة العظمى لإفساد الصوم بالجماع]

- ‌باب صوم التّطوّع

- ‌كتاب الاعتِكاف

- ‌فصلٌ [في التتابع]

- ‌كتابُ الحَجّ

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فصلٌ [نية الإحرام ومستحباته]

- ‌باب دخول مكّة

- ‌فصلٌ [شروط الطواف]

- ‌فصلٌ [في السعي]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمزدلفة وأعمال ليلة النحر]

- ‌تنبيهٌ [متى يلتقط حصى الجمار

- ‌فصلٌ [المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

- ‌تَنْبِيْهٌ [التحليل لو كانت المرأة رقيقة متزوجة]

- ‌تَنْبِيْهٌ آخَر [في إذن الزوج للزوجة بالحج]

- ‌كتابُ البيع

- ‌بابُ الرِّبا

- ‌بابُ البيوع المنهيّ عنها الباطلة

- ‌فَائِدَةٌ [بيع الرقيق بشرط العتق]

- ‌بابُ بيع الحاضر للبادي وتلقّي الرّكبان، والبيع على البيع والنّجش وغيرها

- ‌تَنْبيِهٌ [الجهل بتحريم النجش لا يسقط الإثم]

- ‌بابُ الخيار

- ‌فَصلٌ [في خيار الشرط]

- ‌فصَلٌ [خيار العيب]

- ‌فصلٌ [في التصرية]

- ‌بابٌ [ضمان المبيع]

- ‌بابُ التّولية والإشراك والمرابحة

- ‌بابُ بيع الأصول والثّمار

- ‌فصلٌ [لا يجوز بيع الثمار قبل بدوِّ الصلاح]

- ‌باب اختلاف المتبايعين

- ‌بابٌ العبد المأذون

- ‌كتابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ [شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في بقية شروط السلم]

- ‌فَصْلٌ [في الاستبدال عن المسلم فيه]

- ‌بَابُ القرض

- ‌كتابُ الرَّهْن

- ‌فَصْلٌ [في شروط المرهون به]

- ‌فَائِدَة [وقف الكتاب بشرط ألَاّ يعار إلَّا برهن]

- ‌فَصْلٌ [فيما يترتب على لزوم الرَّهْن]

- ‌فَصْلٌ [جناية المرهون]

- ‌فَصْلٌ [في الاختلاف]

- ‌فصَلٌ [تعلق الدين بالتركة]

الفصل: ‌فصل [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

الظل؛ فإنه لا يُطَهِّر قطعاً، كما قاله العراقيون، وقال الخراسانيون: فيه خلاف مرتب (1)، وخرج بالأثر: ما إذا كان للنجاسة جرم كالعذرة؛ فإن الأرض لا تطهر بالشمس والريح قطعاً.

571 -

قوله: (وإن كان على ثوبه أو بدنه نجاسة مما لا يدركها الطرف من غير الدماء .. فقد قيل: تصح، وقيل: لا تصح، وقيل: فيه قولان)(2) تقدم نظير هذا الخلاف في الماء، واختلاف التصحيح فيه في بابه (3)، صحح النووي: العفو (4)، والرافعي: عدم العفو (5).

572 -

قوله: (ولا تحل الصلاة في ثوب حرير)(6) هذا في حق الرجل والخنثى المشكل، ومع ذلك فالأصح: أنه يصلي فيه إذا لم يجد ساتراً غيره.

573 -

قول " الحاوي " في أمثلة ما لا يعفى عنه [ص 166]: (وبيض فيه دم) هذا تفريع على نجاسته، وهو الأصح، ووقع في " شرح الوسيط " للنووي طهارته (7).

‌فَصْلٌ [في ضابط الكلام المبطل للصلاة]

574 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (وإن تكلم عامداً .. بطلت صلاته) المراد: كلام البشر بحرفين أو حرف مفهم كـ (قِ) من وقى، وكذا حرف ممدود في الأصح، وقد صرح " الحاوي " بالأمرين بقوله [ص 167]:(وبكلام البشر حرفين وحرف مفهم أو ممدود)، وصرح " المنهاج " بالأمر الثاني بقوله [ص 107]:(تبطل بالنطق بحرفين أو حرف مفهم، وكذا مَدَّةٌ بعد حرف في الأصح)، وفاته التقييد بكلام البشر.

وقد استثنوا بعد ذلك من إبطال الكلام الصلاة: اليسير لنسيان، أو سبق لسان، أو جهل مع قرب العهد بالإسلام.

ويستثنى أيضاً: ما لو أجاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد ناداه في حياته .. فالأصح: لا تبطل، وفي إجابة أحد الوالدين أوجه:

- تلزم الإجابة ولا تبطل الصلاة.

(1) انظر " المجموع "(2/ 548).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 28، 29).

(3)

انظر مسألة رقم (23).

(4)

انظر " المجموع "(1/ 185)، (2/ 527).

(5)

انظر " فتح العزيز "(1/ 48، 49).

(6)

انظر " التنبيه "(ص 29).

(7)

شرح الوسيط (2/ 160).

ص: 283

- تلزم ولكن تبطل.

- لا تلزم، وصححه الروياني في " البحر "(1)، وقال السبكي في كتاب " بر الوالدين ": المختار: القطع بأنه لا يجيبهما إن كانت الصلاة فرضاً وقد ضاق الوقت، وكذا إن لم يضق؛ لأنها تلزم بالشروع، خلافاً لإمام الحرمين، وإن كانت نفلاً .. وجبت الإجابة إن علم تأذيهما بتركها، ولكن تبطل، وفي " المطلب ": إنه لم ير فيها نقلاً، وقد عرفت النقل فيها.

ويستثنى أيضاً: تلفظه بالنذر، فلا تبطل به الصلاة على الأصح في " شرح المهذب " لأنه مناجاة (2)، قال في " المهمات ":(وقياسه: التعدي إلى الإعتاق والوصية والصدقة وسائر القرب المنجزة) انتهى.

وقول المصلي لإبليس (3): ألعنك بلعنة الله؛ كما قاله شيخنا الإمام البلقيني، وإنذار مشرف على الهلاك؛ كما صححه في " التحقيق "(4)، لكن الأصح في " الشرح " و" الروضة " وغيرهما: البطلان مع وجوبه (5)، وتكلمه بكلام لم يسمع لعارض صياح ونحوه على أحد وجهين لوالد الروياني، لكن الأصح: البطلان، وذكرت الفرع؛ لاستغرابه.

وإذا تكلم عامداً بعد سلامه ناسياً .. فلا تبطل الصلاة، كما ذكره الرافعي في (الصيام)(6)، وقد تدخل هذه الصورة في الجهل بالتحريم.

575 -

قول " الحاوي "[ص 167]: (وضحك وبكاء وأنين وتنحنح) ظاهر عبارته: بطلان الصلاة بقليل هذه الأشياء وكثيرها، وليس كذلك، بل هي كالكلام؛ إن ظهر حرفان .. بطلت، وإلا .. فلا، وذكر المتكلمون على " الحاوي " أنها من الكلام، فيأتي فيها ما فيه، وليس في عبارته ما يدل على ذلك، وقد صرح بذلك " التنبيه " في النفخ والنحنحة مع تركه له في الكلام والقهقهة، فقال [ص 36]:(وإن نفخ أو تنحنح ولم يبن منه حرفان .. لم تبطل صلاته) وفي " المنهاج "[ص 107]: (الأصح: أن التنحنح والضحك والبكاء والأنين والنفخ إن ظهر به حرفان .. بطلت، وإلا .. فلا) وهو صريح في جريان الخلاف في الكل، وكذا في " المحرر " و" شرحي الرافعي "(7)، لكن في " الروضة " و" التحقيق " و" شرح المهذب ": تخصيص الخلاف

(1) بحر المذهب (3/ 37).

(2)

المجموع (4/ 94).

(3)

أي: ومما يستثنى أيضاً: قول المصلي لإبليس

إلخ.

(4)

التحقيق (ص 240).

(5)

فتح العزيز (2/ 49)، الروضة (1/ 291).

(6)

انظر " فتح العزيز "(3/ 231).

(7)

المحرر (ص 42)، فتح العزيز (2/ 44).

ص: 284

بالتنحنح، والجزم في المذكورات معه بذلك (1)، ولا معنى له، وقد صرح في " التتمة " بجريان الخلاف في الكل، إلا أنه حكاه قولين.

576 -

قول " التنبيه " بعد الكلام والقهقهة [ص 36]: (وإن كان ذلك ناسياً، أو جاهلاً بالتحريم، أو مغلوباً عليه، ولم يطل .. لم تبطل، وإن أطال .. فقد قيل: تبطل، وقيل: لا تبطل) الأصح: البطلان، وعليه مشى " المنهاج " و" الحاوي "(2)، لكن صحح السبكي تبعاً للمتولي: أن الكلام الكثير ناسياً لا يبطل، وأيضاً: فكان ينبغي تأخير هذا الفرع عن النفخ والنحنحة؛ ليعود للكل؛ كما فعل " المنهاج " و" الحاوي "، ومراد " التنبيه " بالغلبة عليه هو مرادهما بسبق اللسان، لكن التعبير بالغلبة أعم؛ لأنه يأتي في التنحنح ونحوه، بخلاف سبق اللسان، ثم إن " التنبيه " أطلق أن جهل التحريم عذر، وذلك إنما هو في حق قريب العهد بالإسلام؛ كما ذكره " المنهاج " و" الحاوي "(3)، وفي معناه: الناشئ في بادية بعيدة، كما في نظائره وإن لم يصرحوا به، بل حكى المحب الطبري وجهاً: أنه يعذر من لم يخالط العلماء.

577 -

قول " المنهاج "[ص 107] و" الحاوي "[ص 167]: (إنه يعذر في التنحنح للغلبة) محله: إذا كان قليلاً، فإن كثر .. أبطل؛ كما صرح به الرافعي في الضحك (4)، والباقي في معناه، وقول " المنهاج " [ص 107]:(وفي تنحنح ونحوه) قالوا: أراد بنحوه: ما ذكر بعده، وهو: الضحك والبكاء والأنين والنفخ، وهذا إن تأتى في الغلبة .. فلا يتأتى في المذكور بعده، وهو: تعذر القراءة.

578 -

قولهما أيضاً: (إنه يعذر في التنحنح أيضاً؛ لتعذر القراءة بدونه)(5) محله: في القراءة الواجبة، وهي:(الفاتحة) وبدلها، وقد قيده به في " التحقيق " و" شرح المهذب "(6).

قال شيخنا شهاب الدين: (وكذا التشهد الأخير والتسليمة الأولى فيما يظهر)(7).

ولم يذكر " التنبيه " العذر في التنحنح بتعذر القراءة.

579 -

قول " المنهاج "[ص 107]: (لا الجهر في الأصح) المتبادر إلى الفهم منه: أنه أراد به: الجهر بالقراءة، وذكر في " المهمات ": أنه يتناول كل جهر مأمور به، فيتناول الجهر بالقنوت

(1) الروضة (1/ 290)، التحقيق (ص 239)، المجموع (4/ 89).

(2)

الحاوي (ص 167)، المنهاج (ص 107).

(3)

الحاوي (ص 167)، المنهاج (ص 107).

(4)

انظر " فتح العزيز "(2/ 45).

(5)

انظر " الحاوي "(ص 167)، و" المنهاج "(ص 107).

(6)

التحقيق (ص 239)، المجموع (4/ 89).

(7)

انظر " السراج على نكت المنهاج "(1/ 314).

ص: 285

وبتكبير الانتقالات؛ حيث احتيج إليه في إسماع المأمومين، قال: إلا أن المتجه في القسم الأخير: أنه عذر، وفيما إذا حصل في أثناء السورة .. الجزم بأنه ليس عذراً؛ لحصول إقامة الشعار بالبعض.

580 -

قول " المنهاج "[ص 107]: (ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم؛ كـ {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ} إن قصد معه قراءة .. لم تبطل، وإلا .. بطلت)

قال في " الدقائق ": (يفهم منه أربع مسائل، إحداها: إذا قصد القراءة، والثانية: إذا قصد القراءة والإعلام، والثالثة: إذا قصد الإعلام، والرابعة: ألَاّ يقصد شيئاً، فالأولى والثانية لا تبطل الصلاة فيهما، والثالثة والرابعة تبطل الصلاة فيهما، وتفهم الرابعة من قوله: " وإلا .. فلا " (1)، كما تفهم الثالثة منها، وهذه الرابعة لم يذكرها " المحرر "، وهي نفيسة لا يستغنى عن بيانها، وسبق مثلها في قول " المنهاج " [ص 78]:" وتحل أذكار القرآن لا بقصد قرآن ") انتهى (2).

وما ذكره من البطلان فيما إذا لم يقصد شيئاً ذكره كذلك في " التحقيق "(3)، وقال في " شرح المهذب ":(إنه ظاهر كلام " المهذب " وغيره، وينبغي أن يفرق بين أن يكون انتهى في قراءته إليها .. فلا تبطل، وإلا .. فتبطل، قال: ودليل البطلان إذا لم يقصد شيئاً: أنه يشبه كلام الآدمي، وقد سبق عن الإمام وغيره في تحريم قراءة الجنب أن مثل هذا النظم لا يكون قرآناً إلا بالقصد، فإذا أطلق .. لم يحرم) انتهى (4).

وقال ابن الرفعة: (كلام " المهذب " منصرف إلى حالة الإعلام لا إلى حالة الإطلاق؛ لأنه قال: إن قصد التلاوة والإعلام .. لم تبطل، ثم عقبه بقوله: " وإن لم يقصد القرآن " أي: مع قصد الإعلام .. بطلت، قال: وما ذكره عن الإمام في الجنب صحيح، ولكن الفرق بينه وبين المصلي: أن كونه في الصلاة قرينة تصرف ذلك إلى القرآن) انتهى.

ومفهوم قول الحاوي [ص 167]: (وبالقراءة والذكر بمجرد التفهيم): عدم البطلان فيما إذا لم يقصد شيئاً، وبه صرح الحموي شارح " الوسيط " والبارزي والقونوي، وهو الظاهر، وكيف يفهم فيها البطلان من عبارة " المنهاج " مع قوله أولاً:(بقصد التفهيم)(5) ثم ذكر ما إذا قصد مع التفهيم قراءة، وما إذا لم يقصد؟ فإذا كان مورد القسمة قصد التفهيم .. فكيف تتناول عبارته ما إذا لم

(1) كذا في النسخ و" دقائق المنهاج "، ولعل الصواب:(وإلا .. بطلت) كما هي عبارة " المنهاج " المذكورة أول المسألة، وانظر " السراج على نكت المنهاج "(1/ 315).

(2)

الدقائق (ص 45).

(3)

التحقيق (ص 240).

(4)

المجموع (4/ 93)، وانظر " نهاية المطلب "(1/ 99).

(5)

المنهاج (ص 108).

ص: 286

يقصد شيئاً بالكلية؟ وقد سوى في " الحاوي " بين القراءة والذكر في ذلك، ولم يذكر " المنهاج " الذكر مع القرآن، لكنه عقبه بقوله:(ولا تبطل بالذكر والدعاء، إلا أن يخاطب) انتهى (1).

وقد يفهم من هذه العبارة: أن التفصيل المتقدم في القرآن لا يأتي في الذكر، والظاهر: أنه لم يرد هذا، وإنما هذه المسألة مستقلة.

581 -

قول " المنهاج "[ص 108]: (ولو سكت طويلاً بلا غرض .. لم تبطل في الأصح) يستثنى منه: ما إذا كان في اعتدال الركوع أو السجود بناءً على أنهما قصيران .. فتبطل الصلاة بتطويلهما بسكوت وغيره، واحترز بقوله:(بلا غرض) عن السكوت ناسياً، ولتذكر شيء نسيه، فالأصح فيهما: القطع بعدم البطلان.

582 -

قول " المنهاج "[ص 108] و" الحاوي "[ص 167]: (ويسن لمن نابه شيء: أن يسبح، وتصفق المرأة) فيه أمور:

أحدها: أن التنبيه يكون واجباً؛ كإنذار الأعمى، ومستحباً؛ كتنبيه إمامه إذا هم بترك مستحب؛ كالتشهد الأول، ومباحاً؛ كإذنه لداخل، وقد مثل " المنهاج " للثلاثة، فقال [ص 108]:(كتنبيه إمامه، وإذنه لداخل، وإنذاره أعمى) فيرد الواجب والمباح على تعبيرهما بالسنة، وجوابه: أنهما إنما أرادا: التفرقة بين حكم الرجال والنساء بالنسبة إلى التسبيح والتصفيق، ولم يريدا بيان حكم التنبيه.

ثانيها: أن ظاهر كلامهما: تخصيص التصفيق بالمرأة، وليس كذلك، فيسن للخنثى التصفيق أيضاً؛ كما ذكره أبو الفتوح بن أبي عقامة، وقد سلم " التنبيه " من الأمرين؛ لقوله [ص 36]:(سبح إن كان رجلاً، وصفق إن كانت امرأة) فلم يصرح بحكم التسبيح والتصفيق، ولم يعمم التسبيح، ويخص التصفيق بالمرأة، بل جعل التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، فبقي الخنثى مسكوتاً عنه، وقوله:(وإن كلَّمه إنسان أو استأذن عليه) مثال، والضابط: أن ينوبه شيء؛ كما في " المنهاج " و" الحاوي "(2).

ثالثها: محل التسبيح: إذا قصد الذكر والإعلام، أو الذكر فقط كما سبق بيانه.

رابعها: قد يفهم منع الرجل من التصفيق والمرأة من التسبيح، وليس كذلك، فيجوز لكل منهما ما يندب للآخر، وفي " الكفاية " وجه في تصفيق الرجل: أن عمدهُ مبطل.

خامسها: قال في " المهمات ": (لك أن تقول: سبق أن المرأة تجهر خالية وبحضرة النساء والمحارم، فلم لا تسبح في هذه الحالة؟ فإن صح ذلك في المرأة .. لزم مثله في الخنثى) انتهى

(1) انظر " المنهاج "(ص 108).

(2)

الحاوي (ص 167)، المنهاج (ص 108).

ص: 287

وهذه الثلاثة ينكت بها على " التنبيه " أيضاً.

583 -

قول " المنهاج "[ص 108]: (بضرب اليمين على ظهر اليسار) يشمل الضرب ببطن اليمين على ظهر اليسار، وبظهر اليمين على ظهر اليسار؛ لأنه لم يقيِّد بالظهر إلا في اليسار، وفي " الشرح " و" الروضة ": الاقتصار على الأولى (1)، وعبر في " التحقيق " بقوله:(تصفق بظهر كف على بطن أخرى ونحوه، لا بطن على بطن)(2) فتناول كلامه أولاً الضرب بظهر اليمنى على بطن اليسرى وبظهر اليسرى على بطن اليمنى، وقوله:(ونحوه) عكسهما، وهو: الضرب ببطن اليمنى على ظهر اليسرى، وببطن اليسرى على ظهر اليمنى، فهذه أربع صور، والممتنع واحدة، وهي: الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى، وقال الرافعي في هذه الصورة: لا ينبغي؛ فإنه لعب، ولو فعلته لعباً .. بطلت صلاتها وإن كان قليلاً، فإن اللعب ينافي الصلاة (3).

وقال في " شرح المهذب ": (قال أصحابنا: لا تضرب بالبطنين، وإن فعلته على وجه اللعب .. بطلت)(4).

وذكر الماوردي أن ظاهر المذهب: التصفيق كيف شاءت ولو ببطن على بطن، خلافاً للإصطخري؛ حيث قال: لا يجوز ذلك (5)، وهو ظاهر إطلاق " التنبيه " و" الحاوي " التصفيق، إلا أن " الحاوي " ذكر قبل ذلك بطلان الصلاة إذا كان على وجه اللعب، فمثَّل الفعل الفاحش بما إذا كان للعب؛ كضرب الراحتين.

وذكر النشائي أن قول " التنبيه ": (وصفقت) يشمل التصفيق بباطن الكفين (6).

وفيه نظر؛ إذ لا عموم في لفظه حتى يشمل هذه الصورة، وإنما هو مطلق، فظاهر إطلاقه يقتضي ذلك كما قدمته.

584 -

قول " المنهاج "[ص 108]: (ولو فعل في صلاته غيرها -أي: غير أفعالها- إن كان من جنسها .. بطلت، إلا أن ينسى) فيه أمران:

أحدهما: أنه يستثنى من ذلك: تكرير (الفاتحة) أو التشهد عمداً، فإنه لا يضر على النص، وقد ذكره " التنبيه "(7)، وقد يؤخذ من تعبير " المنهاج " بالفعل؛ لأنهما قول.

(1) فتح العزيز (2/ 49)، الروضة (1/ 291).

(2)

التحقيق (ص 240).

(3)

انظر " فتح العزيز "(2/ 49)،

(4)

المجموع (4/ 92).

(5)

انظر " الحاوي الكبير "(2/ 164).

(6)

انظر " نكت النبيه على أحكام التنبيه "(ق 31).

(7)

التنبيه (ص 36).

ص: 288

ثانيهما: أنه يستثنى منه أيضاً: ما لو جلس قبل سجوده جلسة خفيفة؛ أي: لا تزيد على قدر جلسة الاستراحة، فلا تبطل صلاته، قاله الرافعي في سجود السهو (1)، ومثله: إذا جلس للاستراحة بعد سجود التلاوة، ولو ركع أو سجد قبل الإمام .. فله العود ثانياً، كما سيأتي في (صلاة الجماعة)، فصدق أنه زاد ركوعاً، ولم تبطل.

ولو نزل من قيامه لحد الراكع لقتل حية ونحوها .. لم يضر، قاله الخوارزمي في " كافيه "، ولو سجد على خشن فرفع رأسه لئلا تنجرح جبهته ثم سجد ثانياً .. فهل تبطل صلاته؟ أو يفصل بين أن يكون تحامل على الخشن بثقل رأسه .. فتبطل بالعود، وإلا .. فلا؟ احتمالان للقاضي حسين يجريان فيما لو سجد على يده ثم رفعها وسجد على الأرض، وكل ذلك وارد على قول " التنبيه " [ص 36]:(وإن زاد ركوعاً، أو سجوداً، أو قياماً، أو قعوداً عامداً .. بطلت صلاته) ولا يردان على " الحاوي "؛ لقوله [ص 168]: (وتعمد زيادة ركن فعلي، لا قعود قصير).

نعم؛ يرد عليه ما ذكرناه من الركوع والسجود، وأيضاً: فليس كل قعود قصير يغتفر، فلو قعد من قيام ثم قام .. بطلت صلاته، لكنها إنما بطلت؛ لكونه قطع القيام ثم عاد إليه، فكأنه أتى بقومتين، قاله الإمام (2).

585 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (وإن خطا ثلاث خطوات متواليات، أو ضرب ثلاث ضربات متواليات .. بطلت صلاته) كذلك الخطوة الواحدة إذا كانت وثبة فاحشة، وقد صرح بها " المنهاج " و" الحاوي "(3)، وكذا الفعل الذي هو على جهة اللعب؛ كضرب الراحتين، وقد صرح به " الحاوي "(4)، وأغفله " المنهاج " أيضاً، وظاهر إطلاق " التنبيه ": أن السهو في ذلك كالعمد، وبه صرح " الحاوي " و" المنهاج "، وقال [ص 108]:(في الأصح)، وفي " الروضة ": إنه المذهب، وقطع به الجمهور (5)، واختار في " التحقيق " خلافه (6).

ويستثنى من كلامهم جميعاً: شدة الخوف، وهو مذكور في بابه.

586 -

قول " المنهاج "[ص 108]: (لا الحركات الخفيفة المتوالية؛ كتحريك أصابعه في سُبْحَةٍ أو حك في الأصح) مثل قول " الحاوي "[ص 167]: (لا كتحريك إصبع لسُبْحَة أو حكة) إن حمل الأصبع على الجنس، وإنْ حمل على التوحيد .. فمقتضاه: أن ذلك إنما هو إذا اقتصر على الحك

(1) انظر " فتح العزيز "(2/ 71).

(2)

انظر " نهاية المطلب "(2/ 273).

(3)

الحاوي (ص 167)، المنهاج (ص 108).

(4)

الحاوي (ص 167).

(5)

الروضة (1/ 294).

(6)

التحقيق (ص 242).

ص: 289

بأصبع واحد، فلو حك بأكثر منها .. ضر، وهذا بعيد، والتعبير بتحريك الأصابع يقتضي أن ذلك مع إقرار الكف، فلو حرك كفه في الحك ثلاثاً .. بطل، إلا أن يكون به جرب لا يقدر معه على الصبر، قاله الخوارزمي في " الكافي ".

587 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (وإن أكل عامداً .. بطلت صلاته، وإن كان ناسياً .. لم تبطل) فيه أمران:

أحدهما: محل عدم البطلان في النسيان: إذا قل الأكل، فإن كثر .. فالأصح: البطلان، وكذا في الصوم عند الرافعي (1)، لكن خالفه النووي فصحح: عدم بطلان الصوم بالأكل الكثير ناسياً (2)، وكأنَّ الفرق: أن للصلاة نظاماً يختل بالأكل، بخلاف الصوم؛ فإنه ليس بعبادة ذات نظام، وإنما هو انفكاك عن أمور معروفة، ومنع بعض شارحي " الوسيط " هذا الفرق، وقال: الصوم أيضاً ذو نظام، وهو: الإمساك من أول اليوم إلى آخره ينخرم بالأكل والشرب، قال في " المطلب ": ويقوي هذا تسوية الفوراني بين الوجهين في الصوم والصلاة، ولم يَبْنِ الصوم على الصلاة كما فعل غيره.

ثانيهما: كذلك العامد إذا جهل التحريم.

وقد سلم " المنهاج " من الأمرين، فقال [ص 108]:(وتبطل بقليل الأكل. قلت: إلا أن يكون ناسياً أو جاهلاً تحريمه) ولا بد من تقييد جاهل التحريم بكونه قريب الإسلام أو نشأ في بادية بعيدة، فقد ذكره الرافعي في نظير المسألة، وهو: الأكل في الصوم جاهلاً بتحريمه (3)، وصرح به في " الكفاية " هنا.

ويرد على عبارتهما: أن الشرب في ذلك كالأكل، وكأنهما تركاه لوضوحه، وسلم " الحاوي " من هذه الإيرادات كلها؛ لقوله في مبطلات الصلاة [ص 168]:(وبالمفطر) لكن يرد عليه على طريقة النووي: أن الأكل الكثير ناسياً لا يفطر مع إبطاله الصلاة، وجوابه: أنه أحال المسألة على الصيام، وقد ذكر هناك تبعاً للرافعي أن الأكل الكثير ناسياً يفطر.

588 -

قول " المنهاج "[ص 108]: (فلو كان بفمه سُكَّرَةٌ فبلع ذَوْبَهَا .. بطلت في الأصح) لا يرد على ذلك: أن الأصح في (الأيمان): أنه ليس أكلاً؛ لبنائها على العرف، وقد دخلت هذه الصورة في قول " الحاوي " [ص 168]:(وبالمفطر).

589 -

قول " المنهاج "[ص 109]: (ويسن للمصلي إلى جدار، أو سارية، أو عصاً مغروزة،

(1) انظر " فتح العزيز "(2/ 47).

(2)

انظر " المجموع "(6/ 334).

(3)

انظر " فتح العزيز "(3/ 203).

ص: 290

أو بسط مُصَلًّى، أو خَطَّ قُباَلَتَهُ دفعُ المار، والصحيح: تحريم المرور حينئذ) فيه أمور:

أحدها: أنه لم يذكر حكم الصلاة إلى ما ذكره من جدار وما بعده، وكذلك لم يذكره " الحاوي "، وإنما قال [ص 167]:(ونُدب دفع المار إن نصب علامة) ولا شك في استحبابه، فكان ينبغي أن يقال:(تسن الصلاة إلى كذا وكذا، ودفع المار بينه وبينها).

ثانيها: اقتصر في " الروضة " على أن له الدفع (1)، وذلك يشعر بإباحته، وبحث في " المهمات " وجوبه؛ لأن المرور محرم وهو قادر على إزالته، وإزالة المنكر واجبة، قال: ولا يخرج على الخلاف في دفع الصائل؛ لأن وجه عدم الوجوب هناك حديث: " كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل "(2).

ثالثها: قال في " المهمات ": (المتجه: إلحاق غير المصلي بالمصلي في الدفع، وعبروا بالمصلي نظراً إلى الغالب) انتهى.

وهذا لا تنافيه عبارة " الحاوي " لأنه إنما قال [ص 167]: (ونُدب دفع المار) ولم يقل: إن المصلي هو الدافع.

رابعها: أورد عليه: أن كلامه يقتضي التخيير بين هذه الأمور الخمسة، وأنها في مرتبة واحدة، وليس كذلك، والذي في " الشرح " و" الروضة ": يستحب للمصلي أن يكون بين يديه سترة من جدار، أو سارية، أو غيرهما، ولو كان في صحراء .. فينبغي أن يغرز عصاً، أو نحوها، أو يجمع شيئاً من رحله ومتاعه، فإن لم يجد شاخصاً .. خط خطاً أو بسط مصلى (3).

قال في " المهمات ": وما اقتضاه كلامه من أنَّ شرط الخشبة المغروزة والمتاع الموضوع: فقد الشاخص .. لم يرد به حقيقته، وإنما جرى على الغالب من حال المسافرين في عدم الجدار ونحوه. انتهى.

فيكون الجدار والسارية والعصى في مرتبة واحدة، والمصلى والخط في مرتبة، وفي " التحقيق ": فإن عجز عن سترة .. بسط مصلى، فإن عجز .. خط خطاً، فرتب الخط على المصلى (4).

قال في " المهمات ": (والحق: أنهما في مرتبة؛ لأن المصلى إنما قيل به قياساً على الخط، فكيف يكون مقدماً عليه؟ ) انتهى.

وعلى ذلك مشى " الحاوي "، فقال بعد الشاخص [ص 167]:(ثم مصلى، أو خطاً) انتهى.

(1) الروضة (1/ 295).

(2)

أخرجة أحمد (21101)، والطبراني في " المعجم الكبير "(3629) من حديث سيدنا خباب بن الأرت رضي الله عنه.

(3)

فتح العزيز (2/ 56)، الروضة (1/ 294).

(4)

التحقيق (ص 193).

ص: 291

وعندي أن هذا لا يرد على " المنهاج " لأنه لم يتصد لبيان حكم الصلاة إلى هذه الأمور، وإنما ذكر دفع المصلي المار بينه وبينها، والكل سواء في تمكنه من الدفع إذا صلى إليه.

خامسها: لم يبين القدر الذي يكون بين المصلي والسترة، وهو: ثلاثة أذرع فما دونها، كما صرح به " الحاوي "(1)، وإطلاق " المنهاج " يقتضي الدفع ولو زادت المسافة على ذلك.

سادسها: لم يبين قدر السترة، ولا " الحاوي "، وهو: ثلثا ذراع، قال في " المهمات ": وسكتوا عن قدر المصلى والخط، والقياس: أنهما كالشاخص.

سابعها: يرد على إطلاقه تحريم المرور: ما إذا كان في الصف المقدم فرجة .. فله المرور بين يدي من خلفه ليسدها، وقد صرح به " الحاوي " بقوله [ص 167]:(لا إن وجد فرجة في الصف السابق) ومقتضى تعليلهم بتقصير أهل الصف بتخلية تلك الفرجة: أنه لو لم يقع منهم تقصير؛ بأن جاء واحد بعد تكميل الصف الأول فجذب واحداً ليصطف معه .. أنه ليس لأحد المرور بين يديهما؛ إذ لا تقصير منهما، وهو محتمل.

ثامنها: مفهوم قوله وقول " الحاوي ": (ويحرم المرور حينئذ)(2) أنه إذا لم ينصب سترة ولا ما في معناها، أو تباعد عنها فوق ثلاثة أذرع .. لم يحرم المرور، ولكنه مكروه كما في " التحقيق "(3)، أو خلاف الأولى كما في " الروضة "(4)، وقال الخوارزمي في " الكافي ": إنه يحرم المرور في حريمه، وهو قدر إمكان السجود، فإن صح ذلك .. تقيد به إطلاقهما.

تاسعها: ومفهومهما: أنه لا يُندب دفع المار في هذه الصورة، وظاهر عبارة الرافعي: عدم جوازه (5)، ولا يلزم من كونه لا يستحب أنه لا يجوز، وقال في " المهمات ": وقياس قول الخوارزمي بتحريم المرور في حريمه: جواز الدفع في حريمه.

عاشرها: ظاهر عبارته وعبارة " الحاوي ": الاكتفاء بالخط على أيّ صفة كان، والمختار في " الروضة ": كونه طولاً إلى جهة القبلة (6)، وعبارة " التنبيه " [ص 36]:(وإن مر بين يديه مار وبينهما سترة، أو عصاً بقدر عظم الذراع .. لم يكره، وكذلك إن لم يكن عصاً وخط بين يديه خطاً على ثلاثة أذرع .. لم يكره، وإن لم يكن شيء من ذلك .. كره وأجزأته صلاته)، فلم يذكر حكم الصلاة إلى السترة ولا دفع المار، وإنما ذكر كراهة المرور في صورتين:

(1) الحاوي (ص 167).

(2)

الحاوي (ص 167)، وانظر " المنهاج "(ص 109).

(3)

التحقيق (ص 194).

(4)

الروضة (1/ 295).

(5)

انظر " فتح العزيز "(2/ 56، 57).

(6)

الروضة (1/ 295).

ص: 292

إحداهما: إذا مر بينه وبين السترة أو في الخط، وهذه من مفهومه، وهي كراهة تحريم على الصحيح، ويستثنى: ما إذا كان المرور لفرجة في الصف السابق كما تقدم.

الثانية: إذا لم تكن سترة ولا خط، وهو موافق لما قدمناه عن " التحقيق "، ويقيد بكلام الخوارزمي في تحريم المرور في الحريم إن صح، وذكره العصا بعد السترة يحتمل أن يكون من عطف الخاص على العام، ويحتمل أن يريد بالسترة: ما يستر جميع البدن، وعظم الذراع الذي ذكره هو ثلثا ذراع الذي ذكرناه، ولم يعتبر في السترة أن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع اكتفاءً بما ذكره في الخط، وفي معنى الخط: بسط المصلَّى كما تقدم، والله أعلم

590 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (إنه يكره الالتفات في الصلاة) أي: لغير حاجة، فمع الحاجة .. لا كراهة، كما صرح به " المنهاج "(1)، وحد الالتفات: ألَاّ يحول صدره عن القبلة، فإن فعل .. بطلت، وقال المتولي: إن الالتفات حرام.

591 -

قول " المنهاج "[ص 109]: (والقيام على رجل) أي: لغير حاجة أيضاً.

592 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (ولا يصلي وهو يدافع الأخبثين) المراد: مدافعة أحدهما، ولا يشترط اجتماعهما، وقد أوضح " المنهاج " ذلك بقوله [ص 109]:(والصلاة حاقناً أو حاقباً) وفي معناهما: الريح.

593 -

وقوله: (ولا يدخل فيها وقد حضر العشاء ونفسه تتوق إليه)(2) مثل قول " المنهاج "[ص 109]: (أو بحضرة طعام يتوق إليه) لكن تعبيره بالطعام أعم من تعبير " التنبيه " بالعشاء، ويرد عليهما: أن الشرب كالأكل، وأن توقان النفس في غيبة الطعام كحضوره، كما قاله في " الكفاية " في (صلاة الجماعة)، وأن محل ذلك في الأخبثين وفي الطعام: إذا اتسع الوقت، فإن ضاق .. فالأصح: الصلاة معه لحرمة الوقت، وتعبيرهما بتوقان النفس يفهم أنه إنما يأكل ما ينكسر به التوقان ولا يستكمل الأكل، وهو ما حكاه الرافعي عن الأئمة (3)، والذي قاله النووي في وقت المغرب: أن استكمال العَشَاء هو الصواب (4)، وقال ابن عبد السلام في " القواعد ": ينبغي أن تُؤَخَّرَ الصلاة بكل مُشَوِّشٍ يؤخِّرُ الحاكمُ الحُكْمَ بمثله (5).

594 -

قول " المنهاج " في المكروهات [ص 109]: (وأن يبصق قِبَلَ وجهه أو عن يمينه) أي:

(1) المنهاج (ص 109).

(2)

انظر " التنبيه "(ص 36).

(3)

انظر " فتح العزيز "(2/ 152).

(4)

انظر " المجموع "(3/ 35).

(5)

قواعد الأحكام في إصلاح الأنام (1/ 54).

ص: 293

بل يبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، كما قاله في " التنبيه "(1)، ومحل ذلك: إذا لم يكن في المسجد، فإن كان في المسجد .. فلا يبصق فيه بحال، وقد صرح بذلك " التنبيه " بقوله [ص 36]:(وإن بدره البصاق وهو في المسجد .. بصق في ثوبه وحك بعضه ببعض، وإن كان في غير المسجد .. بصق عن يساره أو تحت قدمه) أي: اليسرى، وفي " الروضة ": إن البصاق في المسجد خطيئة (2)، وفي " التحقيق " و" شرح المهذب ": حرام (3)، وقال المحاملي وسليم الرازي والجرجاني والروياني وصاحب " البيان ": إنه مكروه (4)، وقال في " الكفاية ": كلام " التنبيه " عام، والحكم خاص بالمصلِّي؛ فإن غيره يخرج من المسجد ولا يبصق في ثيابه، وفيه نظر؛ فإن الضمير في قوله:(بدره) للمصلي، وكذا سائر الأحكام، قال: وقوله: (في غير المسجد) ليس على التخيير؛ ففي الخبر: " عن تلقاء يساره إن كان فارغاً، أو تحت قدمه اليسرى "(5).

595 -

قول " المنهاج "[ص 109]: (والمبالغة في خفض الرأس في ركوعه) قال السبكي: تقييده بالمبالغة يدل على عدم الكراهة عند عدمها، وهو خلاف ما دل عليه الحديث وكلام الشافعي والأصحاب.

596 -

قولهم: (تكره الصلاة في الحمام)(6) هي كراهة تنزيه، ووقع في " شرح المهذب " في (باب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها) أنه لما صحح أن الصلاة في تلك الأوقات على التحريم .. علله بثبوت الأحاديث في النهي، فال: وأصل النهي للتحريم؛ كالصلاة في أعطان الإبل والحمام. انتهى (7).

قال في " المهمات ": وهو سهو، وأجاب عنه في " التوشيح ": بأن معناه: أن أصل النهي للتحريم ما لم يصرفه صارف، لا أن الصلاة في الحمام حرام. انتهى.

والأصح: أن علة الكراهة كونها مأوى الشياطين، فتكره في المسلخ أيضاً، وصرح به " الحاوي "(8)، وفي مكان تحقق طهارته من الحمام، وحكى القمولي وجهين في كراهة الصلاة في

(1) التنبيه (ص 36).

(2)

الروضة (1/ 297).

(3)

التحقيق (ص 243)، المجموع (4/ 111).

(4)

البيان (2/ 320)، وانظر " بحر المذهب "(2/ 219).

(5)

أخرجه أبو داوود (478)، والنسائي (726)، وأحمد (27264)، وابن خزيمة (876) من حديث سيدنا طارق بن عبد الله المحاربي رضي الله عنه.

(6)

انظر " التنبيه "(ص 29)، و " الحاوي "(ص 152)، و" المنهاج "(ص 109).

(7)

المجموع (4/ 159).

(8)

الحاوي (ص 152).

ص: 294

الحمام إذا كانت في داره، وكأن مدرك عدم الكراهة .. أنه ليس فيها داخلون يسلبون خشوعه.

597 -

قول " التنبيه "[ص 29]: (وقارعة الطريق) هي: أعلاه، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه، والكل محل كراهة؛ فلذلك أطلق " المنهاج " و" الحاوي " الطريق، ولم يقيداه بقارعته (1)، وتبرك الشيخ بلفظ الخبر، وكلامهم يشمل البرية أيضاً، وصححه في " الكفاية "، لكن صحح في " التحقيق ": أن الكراهة في البنيان دون البرية (2).

598 -

قول " المنهاج "[ص 109] و" الحاوي "[ص 151]: (والمزبلة) أي: مع بسط طاهر عليها.

599 -

قول " الحاوي "[ص 152]: (والعطن) أي: عطن الإبل، كما صرح به " التنبيه " و" المنهاج "(3)، وكأنه توهم أن العطن مختص بالإبل، وليس كذلك؛ فإنه يستعمل في غيرها أيضاً، ويرد عليهم: أن مأواها ليلاً كعطنها إلا أنه أخف منه.

600 -

وقول " التنبيه "[ص 29]: (ولا تكره في مراح الغنم) وكذا عطنها، وسكت عن البقر، وهي كالغنم؛ كما قاله ابن المنذر في " الإشراف " والمحب الطبري في " الأحكام "(4).

601 -

قول " الحاوي "[ص 151]: (والمقبرة) أي: الطاهرة، كما صرح به " المنهاج "(5)، وكذا النجسة إذا فُرش عليها طاهر، فإن صلى فيها بلا حائل .. لم تصح، وعليه يحمل قول " التنبيه " [ص 28]:(وإن صلى في مقبرة منبوشة .. لم تصح صلاته).

قال في " المهمات ": والكراهة للنجاسة التي تحته، أو لحرمة الميت، فتختص بما إذا حاذاه، فلو وقف بين الموتى .. لم يكره، لكن ابن الرفعة طرد الكراهة في الصلاة بجانب القبر وإليه، قال: وفيه نظر، ويحتاج إلى نقل، إلا أن يعلل بكونه موضع الشياطين. انتهى.

ولم أر كونها موضع الشياطين لغيره، وقال في " التوشيح ": ويستثنى: مقبرة الأنبياء عليهم السلام، فإذا كانت أرض ليس فيها إلا نبي مدفون أو أنبياء .. فلا تكره الصلاة فيها، بل يجوز، أفتى به الأخ الشيخ بهاء الدين أبو حامد (6)، وعلله: بأن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وأنهم أحياء في قبورهم يصلون، وعرض على والده فصوبه.

602 -

قول " الحاوي "[ص 152]: (والوادي) كذا أطلقه الرافعي، تبعاً للإمام والغزالي، وقال

(1) الحاوي (ص 151)، المنهاج (ص 109).

(2)

التحقيق (ص 182).

(3)

التنبيه (ص 29)، المنهاج (ص 29).

(4)

الإشراف (1/ 347)، غاية الإحكام في أحاديث الأحكام (2/ 144).

(5)

المنهاج (ص 109).

(6)

أحمد بن تقي الدين السبكي.

ص: 295

بعد تعليله بخوف السيل السالب للخشوع: فإن لم يتوقع السيل .. فيجوز أن يقال: لا كراهة، ويحتمل الكراهة لمطلق النهي (1)، وقال في " الروضة ": والصواب: ما ذكره الشافعي، وهو اختصاص الكراهة بواد خاص، وهو الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى فاتت الصبح، وقال:" اخرجوا بنا من هذا الوادي "، وصلى خارجه (2).

603 -

قول " التنبيه "[ص 36]: (أو ترك فرضاً من فروضها) أي: فروض الصلاة، وليس عائداً للنية كما قرره ابن الرفعة، وذلك يفهم بطلانها إذا صلاها قاعداً من غير عذر، وفي انعقادها نفلاً وجهان في " الاستذكار " للدارمي.

(1) انظر " نهاية المطلب "(2/ 334)، و" الوسيط "(2/ 171)، و" فتح العزيز "(2/ 18).

(2)

الروضة (1/ 278)، والحديث أخرجه مالك في " الموطأ "(26).

ص: 296