الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ صلاة التَّطوّع
643 -
قول "التنبيه"[ص 34]: (أفضل عبادات البدن الصلاة) قال النشائي: (لا شك أن محله: فيمن يتصور منه العبادات، فلا ترد الشهادتان) انتهى (1).
ووقع في أوائل "وسائل الحاجات" للغزالي أن الدعاء أفضل العبادات، وكأن مراده: من أفضلها، وفي "سنن أبي داوود والتِّرمِذي" وصححه من حديث النعمان بنُ بشير مرفوعًا:"الدعاء هو العبادة"(2).
644 -
قوله: (وتطوعها أفضل التطوع)(3) لا يرد على ذلك قول الشَّافعي رحمه الله: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة (4)؛ لأن طلب العلم فرض كفاية.
645 -
قول "المنهاج"[ص 115]: (صلاة النفل قسمان: قسم لا يسن جماعة) لو قال: (يسن فرادى) .. كان أحسن؛ فإن السنة: ألَاّ تكون في جماعة وإن جاز بالجماعة بلا كراهة.
646 -
قول "التنبيه" في الراتبة [ص 34]: (وأربع قبل الظهر) الأصح: أن راتبتها قبلها ركعتان فقط.
647 -
وقوله: (وأربع قبل العصر)(5) الأصح: أنَّه لا راتبة لها قبلها، والخلاف إنما هو في الراتب المؤكد مع أن الجميع سنة، كما أوضحه "المنهاج"(6).
وقال في "التصحيح": الأصح: استحباب ركعتين قبل المغرب (7).
وأورد عليه: أن كلام "التنبيه" في الراتب المؤكد، وليست الركعتان قبل المغرب من ذلك كما صرح به الرافعي (8)، ولذلك لم يذكرهما "الحاوي"، فلا وجه للاستدراك، وفاته أن يستدرك أن راتبة الظهر قبلها ركعتان فقط، وأنه لا راتبة للعصر قبلها كما تقدم، وقد استدرك هذين الأمرين شيخنا الإسنوي في "تصحيحه"، لكنه استدرك مع ذلك الركعتين قبل المغرب (9)، فتوجه الاعتراض عليه سواء أقلنا: إن كلام "التنبيه" في مطلق السنة أو في الراتبة المؤكدة خاصة،
(1) انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 29).
(2)
سنن أبي داوود (1479)، سنن التِّرمِذي (2969).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 34).
(4)
انظر "مسند الشَّافعي"(1225).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 34).
(6)
المنهاج (ص 115).
(7)
تصحيح التنبيه (1/ 134).
(8)
انظر "فتح العزيز"(2/ 117).
(9)
تذكرة النبيه (2/ 478، 480).
وكذلك يتوجه الاعتراض على "تصحيح النووي" على كل حال؛ لأنه إن كان كلام "التنبيه" في مطلق السنة .. فينبغي أن يذكر استحباب أربع بعد الظهر؛ لأن "التنبيه" لم يذكر بعدها سوى ركعتين، وفي "المنهاج" من زيادته [ص 115]:(هما - يعني: الركعتين قبل المغرب - سنة على الصحيح؛ ففي "صحيح البخاري" الأمر بهما)، وقال في "التحقيق":(إنه المختار)(1).
وذلك بمقتضى اصطلاحه يقتضي أن الراجح في المذهب خلافه، ثم إن الذي في "صحيح البخاري":"صلوا قبل المغرب"، قال في الثالثة:"لمن شاء" كراهية أن يتخذها الناس سنة (2)، أي: طريقة لازمة، وليس في روايته التصريح بالأمر بركعتين.
نعم؛ في "سنن أبي داوود": "صلوا قبل المغرب ركعتين"(3)، والمفهوم من لفظ "المنهاج" أنهما عند من استحبهما ليستا من الرواتب كما تقدم عن الرافعي (4)، لكونه أخرهما عن تمام الكلام في الرواتب، وقد يقال: عطفهما على أمثلة الرواتب يفهم أنهما منها، ويلزم "الحاوي" ذكرهما عند قوله [ص 173]:(ونُدب زيادة ركعتين قبل الظهر وأربع قبل العصر) وأن يذكر زيادة ركعتين بعد الظهر أيضًا، وفي "شرح المهذب": إنه يستحب ركعتان قبل العشاء (5).
648 -
قول "المنهاج"[ص 115]: (وبعد الجمعة أربع، وقبلها ما قبل الظهر) مخالف لقوله في "الروضة": قبلها أربع وبعدها أربع، كذا قاله بنُ القاص وآخرون (6)، ويحصل أيضًا بركعتين قبلها وركعتين بعدها، وفي "التحقيق": إنها كالظهر. انتهى (7).
ونص الشَّافعي في "الأم" في اختلاف على وابن مسعود: على أن بعدها أربعًا، وحكى عنه التِّرمِذي في "جامعه": أن بعدها ركعتين (8)، وفي "الكافي" للخوارزمي: أن السنة بعدها كهي بعد الظهر ركعتان، ثم ذكر أنَّه روي:(أنَّه عليه الصلاة والسلام كان يصلي بعدها ركعتين)، وروي:(أربعًا)، وروي:(ستًا)، قال: والأفضل: أن يصلي بعدها ستًا آخذًا بالأكثر، ركعتين ثم أربعًا بسلام واحدٍ. انتهى.
649 -
قوله: (ومنه الوتر)(9) أي: من النفل الذي لا يسن جماعة، فهو قسيم الراتبة لا قسم
(1) التحقيق (ص 224).
(2)
صحيح البخاري (1128)، (6934).
(3)
سنن أبي داوود (1281).
(4)
انظر " فتح العزيز"(2/ 117).
(5)
المجموع (4/ 11).
(6)
الروضة (1/ 333).
(7)
التحقيق (ص 225).
(8)
الأم (1/ 139)، جامع التِّرمِذي (2/ 399)(521).
(9)
انظر "المنهاج"(ص 115).
منها؛ إذ لو كان منها .. لقال: ومنها، وذلك يقتضي تفسير الرواتب بالسنن التابعة للفرائض، وهو الأصح، وعبارة "التنبيه" تقتضي تفسيرها بالسنن المؤقتة؛ حيث قال [ص 34]:(والسنة: أن يواظب على السنن الراتبة مع الفرائض) فإنه دال على صدق اسم الراتبة وإن لم تكن مع الفرائض، وهذا اصطلاح المتقدمين من الأصحاب، وفي عبارته شيء آخر، وهو: أن المواظبة على كل مسنون سنة، فما وجه تخصيص ذلك بالراتبة؟ ومراده: تأكدها على غيرها.
650 -
قولهم: (أكثر الوتر: إحدى عشرة ركعة)(1) هو المشهور، وصحح الرافعي في "شرح مسند الشَّافعي": أن أكثره ثلاث عشرة ركعة، قال السبكي: أنا أقطع بأن من أوتر بثلاث عشرة .. جاز وصح وتره، ولكني أحب الاقتصار على إحدى عشرة فما دونها؛ لأن ذلك غالب أحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
651 -
قول "التنبيه"[ص 34]: (ويسلم من كل ركعتين) أي: هو الأفضل، وهو معنى قول "المنهاج" [ص 115] و"الحاوي" [ص 172]:(إن الفصل أفضل) لكن الفصل فيما إذا أوتر بثلاث آكد منه فيما إذا أوتر بأكثر من ذلك؛ فإن السبكي قال: إن الوصل في الثلاث مكروه؛ لأن الدَّارَقُطني روى بإسناد رجاله ثقات: "ولا تشبهوا بصلاة المغرب"(2)، وفيما عدا الثلاث خلاف الأولى.
652 -
قول "المنهاج"[ص 115] و"الحاوي"[ص 172]: (وله الوصل بتشهد، أو تشهدين في الآخرتين) قد يفهم استواءهما، وهو وجه، قال الرافعي: إنه مقتضى كلام كثيرين (3)، لكن صحح في "التحقيق": أن الأفضل: تشهد واحد، وقيل: الأفضل: تشهدان (4).
653 -
قولهما أيضًا: (ووقته بين صلاة العشاء وطلوع الفجر)(5) وقع في "تعليق القاضي أبي الطيب" أن وقته المختار إلى نصف الليل، أو ثلثه كالفرض، وهذا مناف لقولهم:(إنه يسن جعله آخر صلاة الليل)(6) وقد علم أن التهجد في النصف الثاني أفضل، فكيف يكون تأخيره مستحبًا، ويكون وقته المختار إلى النصف أو الثلث؟ قال شيخنا الإمام سراج الدين: والأقرب حمل ذلك على من لا يريد التهجد.
قلت: ولو حمل على ذلك .. فهو بعيد أيضًا، والله أعلم.
(1) انظر "التنبيه"(ص 34)، و"الحاوي"(ص 172)، "المنهاج"(ص 115).
(2)
سنن الدَّارَقُطني (2/ 24، 26).
(3)
انظر "فتح العزيز"(2/ 122).
(4)
التحقيق (ص 225).
(5)
انظر "الحاوي"(ص 172)، و"المنهاج"(ص 115).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 34)، و"الحاوي"(ص 172)، و"المنهاج"(ص 116).
654 -
قولهما أيضًا: (ويسن جعله آخر صلاة الليل)(1) يقتضي أنَّه إذا لم يكن له تهجد .. فالأفضل تقديمه، وكذا هو في "الروضة" وأصلها (2)، ويوافقه قول "التنبيه" [ص 34]:(ويوتر بعدها -أي: بعد التراويح- في الجماعة، إلَّا أن يكون له تهجد .. فيجعل الوتر بعده)، وقيده في "شرح المهذب" بما إذا لم يثق بالاستيقاظ آخر الليل، فإن وثق به .. فتأخيره أفضل مطلقًا (3).
655 -
قولهم - وهو في "الحاوي" في (صفة الصلاة) -: (ويُندب القنوت آخر وتره في النصف الثاني من رمضان)(4) زاد "المنهاج"[ص 116]: (وقيل: كُل السَّنَةِ" واختاره في "التحقيق" (5)، وقال في "شرح المهذب": إنه قوي في الدليل؛ لحديث الحسن بنُ على رضي الله عنهما: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر)(6).
وقال السبكي: وليس فيه تصريح بأنه في كل السنة.
قلت: هو ظاهر في ذلك، والظهور كاف، والله أعلم.
وظاهر النص كراهته في غير النصف الأخير من شهر رمضان، والأشبه في "الشرح الصغير": عدمها.
656 -
قول "المنهاج"[ص 116]: (وهو كقنوت الصبح، ويقول قبله - ثم صحح أنَّه بعده -: "اللهم؛ إنا نستعينك ونستغفرك
…
" إلى آخره) محل الجمع بينهما: إذا كان منفردًا، أو إمامًا لمحصورين رضوا بالتطويل بهما، هالا .. اقتصر على قنوت الصبح، قاله في "شرح المهذب" في (صفة الصلاة)(7).
657 -
قوله: (وأن الجماعة تندب في الوتر عقب التراويح جماعة)(8) معطوف على المصحح، فيكون فيه خلاف، ولم يتعرض له الشارحون، وعبارة "الروضة" تقتضيه (9)، لكن خص في "التحقيق" الخلاف بغير رمضان (10)، وعبارة "الروضة": إذا استحببنا الجماعة في التراويح ..
(1) انظر "الحاوي"(ص 172)، و"المنهاج"(ص 116).
(2)
الروضة (1/ 329).
(3)
المجموع (4/ 19).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 34)، و"الحاوي"(ص 163)، و"المنهاج"(ص 116).
(5)
التحقيق (ص 226).
(6)
المجموع (4/ 21)، والحديث أخرجه أَبو داوود (1425)، والتِّرمِذي (464)، والنَّسائي (1745)، وأحمد (1735).
(7)
المجموع (3/ 267).
(8)
انظر "المنهاج"(ص 116).
(9)
الروضة (3301).
(10)
التحقيق (ص 226).
فتستحب الجماعة في الوتر بعدها (1)، ولم يقل الرافعي بعدها، بل قال: تستحب في الوتر أيضًا؛ أي: في رمضان، أما في غيره .. فلا تستحب فيه الجماعة (2)، وعبارة "المنهاج" تفهم أنَّه لو صلى التراويح فرادى .. لا يندب الجماعة في الوتر، وكذلك يفهمه قول "التنبيه" [ص 34]:(ويوتر بعدها في الجماعة) لكن عبارة الرافعي المتقدمة تقتضي استحباب الجماعة فيه إذا قلنا باستحبابها في التراويح وإن صلي التراويح فرادى.
658 -
قول "التنبيه"[ص 34]: (إن أكثر الضحى: ثمان ركعات) مخالف لقول "المنهاج"[ص 116] و"الحاوي"[ص 172]: (إن أكثره: ثنتا عشرة ركعة) وبالأول قال الجمهور كما حكاه في "شرح المهذب"(3)، وبالثاني قال الروياني، وضعفه في "التحقيق" جدًا (4)، وفي "الروضة": أفضلها: ثمان، وأكثرها: ثنتا عشرة (5)، والرافعي إنما حكاه عن الروياني فقط (6)، والحجة على الثمان حديث أم هانئ:(أنَّه عليه الصلاة والسلام يوم الفتح صلى ثمان ركعات وذلك ضحًا)(7)، قال السبكي: وليس فيه دليل على أن ذلك أكثرها.
قلت: لكن الأصل في العبادات التوقيف، ولم تصح الزِّيادة على ذلك، وحديث:"وإن صليتها ثنتي عشرة ركعة .. بنى الله لك بيتًا في الجنَّةَ" ضعفه البيهقي (8)، وقال الروياني في "الحلية": أكثرها اثنا عشر، وكلما زاد .. كان أفضل، وقال الحليمي: الأمر في مقدارها إلى المصلي كسائر التطوع، وهما غريبان.
659 -
قول "الحاوي"[ص 172، 173]: (بين ارتفاع الشمس والاستواء) تبع فيه الرافعي (9)، وكذا في "التحقيق" و"شرح المهذب" و"الكفاية"(10)، وذهب إليه السبكي، وحكى النووي في "الروضة" عن الأصحاب: أنَّه يدخل وقتها بطلوع الشمس ويستحب تأخيرها إلى ارتفاعها (11)، ولم يذكر "التنبيه" و"المنهاج" وقتها؛ كأنهما اكتفيا بلفظها دليلًا على وقتها،
(1) الروضة (1/ 330).
(2)
انظر "فتح العزيز"(2/ 132).
(3)
المجموع (4/ 41).
(4)
التحقيق (ص 228).
(5)
الروضة (1/ 332).
(6)
انظر "فتح العزيز"(2/ 130).
(7)
أخرجه البخاري (1052)، ومسلم (336).
(8)
انظر "سنن البيهقي الكبرى"(4685).
(9)
انظر "فتح العزيز"(2/ 130).
(10)
التحقيق (ص 228)، المجموع (4/ 41).
(11)
الروضة (1/ 332).