الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفا: (حتى يَرى البيتَ)، وقال في المروة:(حتى يصعد المروة، ويفعل مثل ما فعل على الصفا)(1)، ومن المعلوم أنه لا يرى البيت من المروة، وَرُقيّ قامة على الصفا مع رؤية البيت متلازمان غالبًا؛ ولذلك قال في "الروضة" وأصلها: ويرقى على الصفا بقدر قامة رجل، حتى يتراءى له البيت، وقال في المروة: يرقى عليها بقدر قامة رجل، ولم يقل: حتى يتراءى له البيت (2)، ولعل قول "التنبيه":(ويفعل مثل ما فعل على الصفا) لم يندرج فيه الرقي حتى يرى البيت، والله أعلم.
1489 -
قول "التنبيه"[ص 76]: (ثم يدعوا بما أحب، ثم يدعوا ثانيًا وثالثًا) فيه أمران:
أحدهما: قال صاحب "المذاكرة": المعروف في كثير من الكتب المشهورة أنه لا يدعوا بما أحب إلا بعد أن يدعوا ثانيًا وثالثًا.
ثانيهما: أنه لم يذكر تكرير الذكر، وقد ذكره "المنهاج" من زيادته، فقال [ص 200]:(ويعيد الذكر والدعاء ثانيًا وثالثًا)، وجزم الرافعي في "الشرح" بأنه لا يعيد الدعاء ثالثًا (3).
1490 -
قول "المنهاج"[ص 200]: (وأن يمشي أول المسعى وآخره ويَعْدُوَ في الوسط، وموضع النوعين معروفٌ) لم يُفصح عن موضع العدو، وقد أوضحه "التنبيه" بقوله [ص 76]:(ويمشي حتى يكون بينه وبين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد نحوُ ستة أذرع، فيسعى سعيًا شديدًا حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذَين بفناء المسجد وحذاء دار العباس، ثم يمشي حتى يصعد المروة)، وعبارة "الحاوي" بمعناه (4)، ومحل ذلك: في الرجل، أما المرأة: فتمشي ولا تسعى، كما صرح به "التنبيه"(5)، والخنثى كالمرأة، قاله أبو الفتوح.
فصلٌ [في الوقوف بعرفة]
1491 -
قول "التنبيه"[ص 76]: (فإذا كان في اليوم السابع من ذي الحجة .. خطب الإمام بعد الظهر بمكة، وأمر الناس بالغدو إلى منى من الغد) فيه أمور:
أحدها: المراد: الإمام الأعظم، أو نائبه في ذلك؛ ولهذا عبر "المنهاج" بـ (الإمام أو منصوبه)(6)، وعلى هذا تحمل عبارة "الحاوي" أيضًا (7).
(1) التنبيه (ص 76).
(2)
الروضة (3/ 89).
(3)
فتح العزيز" (3/ 407).
(4)
الحاوي (ص 246).
(5)
التنبيه (ص 76).
(6)
المنهاج (ص 200).
(7)
الحاوي (ص 246).
ثانيها: المراد: صلاة الظهر، كما عبر به "المنهاج"(1)، وذلك وارد على "الحاوي" أيضًا.
ثالثها: ذكر الظهر في عبارة الثلاثة جريٌ على الغالب، فلو كان يوم جمعة .. خطب بعد صلاة الجمعة، ولا تكفي عنها خطبة الجمعة.
رابعها: قد يتوهم من إطلاقه أنه يخطب خطبتين، وليس كذلك، بل يأتي بخطبةٍ فردةٍ، كما صرح به "المنهاج" و"الحاوي"(2).
خامسها: تعبيرهم بالغدو يقتضي أن يكون خروجهم إلى منى بكرة النهار قبل الزوال، وهو المرجح في "الروضة" وأصلها هنا، فقال: المشهور: استحباب الخروج بعد الصبح بحيث يصلون الظهر بمنى (3)، وقال في الباب قبله في المتمتع الواجد للهدي: يستحب أن يحرم بالحج يوم التروية، وهو الثامن، ويتوجه بعد الزوال إلى منى (4).
سادسها: يستثنى من خروجهم بعد الصبح: ما إذا كان يوم جمعة؛ فإنهم يخرجون قبل الفجر على المشهور، قال شيخنا ابن النقيب: كذا أطلقوه، وهو محمول على من تلزمه الجمعة كالمكي، والمقيم بها إقامة مؤثرة، أما حاج لم يقم بها الإقامة المؤثرة .. فله الخروج بعد الفجر (5).
قلت: وكذا إذا أمكنه إقامة الجمعة بمنى.
سابعها: اقتصر "التنبيه" على أمرهم بالغدو إلى منى، وزاد "المنهاج" و"الحاوي": تعليمهم ما أمامهم من المناسك (6)، وهو محمول على ما أمامهم من المناسك إلى الخطبة الثانية، كما في "الروضة" وأصلها في الكلام على الخطبة الثانية المشروعة بنمرة أنه يخبرهم في كل خطبة عما بين أيديهم من المناسك إلى الخطبة الأخرى (7).
قال في "المهمات": وهو خلاف مذهب الشافعي؛ فإنه نص على استحباب تعليم الجميع في هذه الخطبة، فقال في "الإملاء": يخطب يوم السابع بمكة بعدما يصلي الظهر، فيأمر الناس بالمضي إلى منى، والإحرام، والصلاة بمنى، والمسير إلى عرفة، وحضور الصلاة بعرفة، وغير ذلك من حجه. انتهى.
(1) المنهاج (ص 200).
(2)
الحاوي (ص 246)، المنهاج (ص 200).
(3)
الروضة (3/ 92).
(4)
الروضة (3/ 53).
(5)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(2/ 293).
(6)
الحاوي (ص 246)، المنهاج (ص 200).
(7)
الروضة (3/ 93).
1492 -
قول "المنهاج"[ص 200]: (فإذا طلعت الشمس .. قصدوا عرفات) و"الحاوي"[ص 246]: (وسار إلى عرفات بعد الطلوع) يعتبر مع الطلوع إشراق الشمس على ثبير، وبه عبر "التنبيه"، وهو جبل كبير بمزدلفة على يمين الذاهب إلى عرفات، وتعبيرهما بعرفات أولى من قول "التنبيه" [ص 76]:(سار إلى الموقف) لأنه قال بعد ذلك: (ثم يروح إلى الموقف)(1)، وفي قوله:(واغتسل للوقوف، وأقام بنمرة)(2) ما يوهم تقديم الاغتسال على الإقامة بنمرة، وليس كذلك؛ فإن الغسل إنما يكون عند التوجه إلى الموقف، والواو لا تقتضي ترتيبًا، وعبارة "الحاوي" توهم استمرار سيرهم إلى عرفات، وليس كذلك، بل يقيمون بنمرة بقرب عرفات حتى تزول الشمس، كما صرح به "التنبيه" و"المنهاج"(3)، لكن ليس في عبارته تصريح بأن الخطبتين والصلاتين بنمرة، وصرح "التنبيه" بذلك، فعبارته أحسن.
1493 -
قول "التنبيه"[ص 76] و"الحاوي"[ص 246]: (أنه يفرغ من الخطبة الثانية مع فراغ الأذان) صححه النووي والرافعي في "الشرح الصغير"، وحكى النووي في "الروضة": أن الرافعي صحح أن يفرغ منها مع فراغ الإقامة، ثم استدركه عليه (4)، وهو وهمٌ؛ فلم يصحح الرافعي في "الشرح الكبير" شيئًا.
1494 -
قولهم: (ثم يصلي بالناس الظهر والعصر جمعًا)(5) قد يوهم أن هذا الجمع للنسك؛ لكونه لم يخصُّه بالمسافر، وكذا صححه النووي في "مناسكه"(6)، لكن الأصح في "الروضة" وأصلها وغيرهما: أنه للسفر، فلا يجوز للحاضر، ولا للمكي في الأصح؛ لقصر سفره (7).
1495 -
قول "المنهاج"[ص 200]: (ويقفوا بعَرَفَةَ إلى الغروب) بالنصب عطفًا على (يخطب) من قوله [ص 200]: (يستحب للإمام أو منصوبه أن يخطب) اعترض عليه بأمرين:
أحدهما: أنه قد يفهم أن الوقوف مستحب، وهو ركن، وجوابه: أنه مقيد بالاستمرار إلى الغروب، وذلك مستحب على الصحيح، وقيل: واجب.
الثاني: أن معناه يؤول إلى أنه يستحب للإمام أو منصوبه أن يقفوا، فكان الأولى: أن يُفْرد، فيقول:(ويقف)، وكذا ما بعده من قوله: (ويذكروا الله
…
إلى آخره) (8).
(1) التنبيه (ص 76).
(2)
التنبيه (ص 76).
(3)
التنبيه (ص 76)، المنهاج (ص 200).
(4)
الروضة (3/ 93).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 76)، و"الحاوي"(ص 246)، و"المنهاج"(ص 200).
(6)
الإيضاح في المناسك (ص 92).
(7)
الروضة (3/ 93).
(8)
المنهاج (ص 200).
1496 -
قول "التنبيه"[ص 76]: (والأفضل: أن يقف عند الصخرات بقرب الإمام) محله: في الرجل، أما المرأة: فيندب لها الجلوس في حاشية الموقف، كما ذكره النووي في "شرح المهذب" و"المناسك" عن الماوردي، وأقره (1)، قال في "المهمات": وقياسه: استحباب ذلك للخنثى أيضًا، ويكون على ترتيب الصلاة، قال: ثم يتعدى النظر إلى الصبيان عند اجتماعهم مع البالغين، ثم قال: إنه يتجه أنه لا يستحب لها قصد الوقوف مع الرجال عند الصخرات، وأما أمرها بمفارقة أهلها وخيامها الساترة لها، والوقوف في حاشية الموقف المؤدي غالبا إلى ضياع بعضهم من بعض .. فيبعد جدًا، وليس نظير الصلاة. انتهى.
1497 -
قوله: (وأن يكون راكبًا في أحد القولين)(2) فيه أمور:
أحدها: أن هذا هو الأصح.
ثانيها: محل ذلك: في الرجل، أما المرأة: فيستحب لها أن تكون قاعدة؛ لأنه أستر لها، قاله الماوردي (3)، وجزم به النووي في "تصحيحه" فقال:(وأن الوقوف راكبًا أفضل، إلا المرأة .. فقعودها أفضل)(4)، واعترضه النشائي في "نكته": بأنه استثناء في غير موضعه، ومحله إذا قلنا: الترجل أفضل .. فتكون المرأة قاعدة لا واقفة، وإلا .. فالراكب قاعد غالبًا (5).
قال في "المهمات": ولا شك في قعودها إذا لم تكن في هودج ونحوه، فإن كانت كما هو الغالب .. ففيه نظر، والمتجه: الوقوف، قال: والخنثى كالمرأة.
ثالثها: محل الخلاف أيضًا: فيمن من لا يحتاج إلى ظهوره ليُستفتى ويقتدى به، فإن كان .. فالأفضل في حقه: الركوب قطعًا، وكذا إذا شق عليه الوقوف ماشيًا، أو ضعف به عن الدعاء، قاله في "شرح المهذب"(6).
1498 -
قول "المنهاج"[ص 200، 201]: (ويكثروا التهليل) أي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) إلى (قدير)، قاله في "التنبيه"(7).
1499 -
قولهم - والعبارة لـ "المنهاج" -: (وأخروا المغرب ليصلوها مع العشاء بمزدلفة جمعًا)(8) فيه أمران:
(1) المجموع (7/ 323)، الإيضاح في المناسك (ص 96)، وانظر "الحاوي الكبير"(4/ 94).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 77).
(3)
انظر "الحاوي الكبير"(4/ 94).
(4)
تصحيح التنبيه (1/ 251).
(5)
نكت النبيه على أحكام التنبيه (ق 70).
(6)
المجموع (8/ 106).
(7)
التنبيه (ص 77).
(8)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و"الحاوي"(ص 246)، و "المنهاج"(ص 201).
أحدهما: أنه يوهم أن الجمع للنسك؛ لعدم تخصيصه بالمسافر، كما تقدم في جمع الظهر والعصر، والمشهور: أنه للسفر، كما تقدم في نظيره، فيحمل كلامهم على من سفره بعيد في الأصح.
ثانيهما: أنهم أطلقوا ذلك تبعًا للأكثرين، وقال الدارمي والبندنيجي والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ والطبري والعمراني: إن ذلك إذا لم يخش فوت وقت الاختيار للعشاء، فإن خشي ذلك .. جمع بالناس في الطريق، ونص عليه الشافعي (1).
قال في "شرح المهذب": ولعل إطلاق الأكثرين محمول على ما لم يخش فوت وقت الاختيار؛ ليتفق قولهم مع نص الشافعي وهذه الطائفة الكثيرة الكبيرة (2).
واستنبط في "المهمات" من قول الشافعي في "الإملاء": (وأكره للرجل إذا دفع من عرفة أن يعرج حتى يأتي المزدلفة، فإن فعل .. لم يصل المغرب والعشاء حتى يأتي المزدلفة، إلا أن يدركه نصف الليل
…
إلى آخره) أن استحباب التأخير إنما هو لمن قصد الدخول إليها، فإن لم يقصد .. فلا يستحب له هذا الجمع بناء على أن قول الشافعي:(فإن فعل) أي: أتى المزدلفة، قال: وهي مسألة حسنة ومتجهة في المعنى؛ لأنه إن كان غريبًا .. فهو في المنزل في وقت الأولى، والسنة فيه تقديم الثانية إليها، فلا يرحل حتى يصلي، وتأخيره عليه الصلاة والسلام لمعنى مناسب، وهو اشتغاله بقصد النسك، وإن كان مقيمًا .. فهو إنما يجمع على قولٍ للنسك وهو قصدُ مزدلفة، وذلك مفقود، ونازعه والدي رحمه الله في ذلك، وقال: الظاهر: أن مراد الشافعى بقوله: (فإن فعل) أي: عرّج للنزول قبل المزدلفة، فلا تؤخذ منه هذه المسألة.
1500 -
قول "المنهاج"[ص 201]: (وواجب الوقوف: حضوره بجزءٍ من أرض عرفات، وإن كان مارًا في طلب آبقٍ ونحوه) أشار بقوله: (وإن كان مارًا) إلى أنه لا يشترط المكث، وليس ذلك في "المحرر"، قال الإمام: ولم يخرجوا ذلك على الخلاف في صرف الطواف إلى جهة أخرى، ولا يمتنع طرده، والظاهر: عدمه (3).
1501 -
قولهم: (إنه لا يصح وقوف المغمى عليه)(4) كذا في "المحرر" و"الشرحين"(5)، ووهم النووي، فصحح في "أصل الروضة": الصحة، وصرح في "شرح المهذب" بأن الرافعي
(1) انظر "البيان"(4/ 323).
(2)
المجموع (8/ 121).
(3)
انظر "نهاية المطلب"(4/ 312، 313).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 77)، و "الحاوي"(ص 242)، و"المنهاج"(ص 201).
(5)
المحرر (ص 128)، فتح العزيز (3/ 416).
صححه، ثم استدرك عليه فصحح المنع من زوائده (1).
ويؤخذ المنع في المجنون من طريق الأولى، وصرح به في "المحرر"(2)، قيل: والمراد بعدم الإجزاء: أنه لا يقع فرضًا؛ فإن المتولي قال: إذا وقف مجنونًا .. يقع حجه نفلًا، حكاه عنه الرافعي والنووي، وأقرّاه (3)، فالمغمى عليه أولى بذلك، وقد اعتمد ذلك شيخنا الاسنوي في "تصحيحه"(4)، لكنه قال في "المهمات": إنه خلاف مذهب الشافعي؛ فإنه قال في "الإملاء": فاته الحج، وكان كمن لم يدخلها في أنه لا حج له، وفي "الأم" نحوه؛ ولذلك أطلق "التنبيه" أنه إذا وقف مغمى عليه .. فاته الحج (5).
قال الأصحاب: وتشترط الإفاقة أيضًا عند الإحرام والطواف والسعي (6)، ولم يتعرضوا للحلق، وقياس كونه نسكًا: اشتراطها فيه.
1502 -
قول "المنهاج"[ص 201]: (والصحيح: بقاؤه إلى الفجر) كان ينبغي التعبير بـ (المذهب) كما في "المحرر"(7)، وكذا في "الروضة": صح على المذهب، وبه قطع الجمهور، وقيل: في صحته قولان (8).
1503 -
قول "التنبيه"[ص 77]: (ومن أدرك الوقوف بالنهار .. وقف حتى تغرب الشمس، فإن دفع قبل الغروب .. لزمه دم في أحد القولين) الأصح: أنه لا يلزمه دم، ولكن يستحب؛ ولذلك قال "المنهاج" [ص 201]:(أراق دمًا استحبابًا)، وعد "الحاوي" الوقوف إلى الغروب من السنن (9).
لكن صحح النووي في "مناسكه": الوجوب (10)، ومحلهما: إذا لم يَعُدْ، فإن عاد فكان بها عند الغروب .. فلا دم، وكذا إن عاد ليلًا في الأصح، ذكره "المنهاج"(11)، وصحح في "شرح المهذب": القطع به (12)، فينبغي على طريقته التعبير بالمذهب.
(1) الروضة (3/ 95)، المجموع (8/ 104).
(2)
المحرر (ص 128).
(3)
انظر "فتح العزيز"(3/ 416)، و"الروضة"(3/ 95)، و "المجموع"(8/ 104).
(4)
تذكرة النبيه (2/ 62).
(5)
التنبيه (ص 77).
(6)
انظر "المجموع"(7/ 28).
(7)
المحرر (ص 128).
(8)
الروضة (3/ 97).
(9)
الحاوي (ص 246).
(10)
الإيضاح في المناسك (ص 100).
(11)
المنهاج (ص 201).
(12)
المجموع (8/ 102، 103).
1504 -
قول "التنبيه" وهو في (باب الفوات والإحصار)[ص 80]: (وإن أخطا الناس في العدد فوقفوا في غير يوم عرفة .. أجزأهم) يتناول ما لو وقفوا الحادي عشر، ولا يجزئهم قطعًا، والثامن، ولا يجزئهم أيضًا، فإن علموا قبل فوت الوقوف .. وجب الوقوف في الوقت، وإن علموا بعده .. وجب القضاء في الأصح، ذكره "المنهاج"(1).
فلذلك فرض "المنهاج" المسألة في وقوف اليوم العاشر، و"الحاوي" فيما بين زوال الشمس يوم النحر والفجر (2)، فدخل في عبارته ليلة الحادي عشر، ولم تتناولها عبارة "المنهاج"، وذكرها السبكي بحثًا، فقال: الذي يظهر أنها كالعاشر؛ فإنها من تتمته، وقد عرفت أنها منقولة، وصحح القاضي الحسين: عدم الإجزاء فيما إذا وقفوا فيها.
وبين عبارة "المنهاج" و"الحاوي" تفاوت آخر، وهو أن "المنهاج" عبر بقوله [ص 201]:(ولو وقفوا اليوم العاشر غلطًا) و"الحاوي" بقوله [ص 242]: (ولكثيرين كالطين)، فاقتضت عبارة "المنهاج" فيما لو تبين لهم الحال قبل الزوال، فوقفوا عالمين الصحة بناء على أن قوله:(غلطًا) مفعولًا له؛ لأنهم إنما فعلوا ذلك لأجل الغلط، وإن كانوا حالة الوقوف عالمين بالحال، واقتضت عبارة "الحاوي" في هذه الصورة: البطلان وعدم الاحتساب؛ لأنهم لم يقفوا غالطين، بل عالمين، والأول هو الذي عليه عامة الأصحاب، كما حكاه الرافعي، وصححه في "شرح المهذب"(3)، والثاني هو الذي قال البغوي: إنه المذهب (4)، وأطلق القاضي حسين في ذلك وجهين من غير ترجيح، وإذا أعربنا قول "المنهاج":(غلطًا) مصدرًا في موضع الحال .. استوت عبارته مع عبارة "الحاوي" في ذلك.
واعلم: أن الرافعي صوّر المسألة بما إذا غم هلال ذي الحجة، فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين، ثم قامت البينة - إما بعد وقوفهم، أو في أثنائه -[أن الهلال كان قد أهل](5) ليلة الثلاثين، وفي إطلاق الغلط والخطأ في العدد على هذا التصوير نظر، وإنما هو جهل، والتعبير بالغلط يتناول ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب، وكذا يتناوله تعبير "التنبيه" بالخطأ في العدد مع أنه لا يجزئ كما صرح الرافعي في الكلام على الغلط بالتقديم، وحينئذٍ .. فما اقتضاه كلامهم ليس الحكم فيه كذلك، وما الحكم فيه ذلك .. لا يقضيه كلامهم، والله أعلم.
(1) المنهاج (ص 201).
(2)
الحاوي (ص 242).
(3)
فتح العزيز (3/ 419، 420)، المجموع (8/ 221).
(4)
انظر "التهذيب"(3/ 263).
(5)
ما بين معقوفين زيادة من "الشرح الكبير" ولا بد منها.