الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ [شروط وجوب الصوم]
1311 -
قول "التنبيه"[ص 65]: (يجب صوم رمضان على كل مسلم) ثم قال: (فأما الكافر إن كان أصلياً .. لم يجب عليه) مخالف للمرجح في الأصول عند أصحابنا: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة (1)، ولذلك لم يذكر "المنهاج" الإسلام في شروط الوجوب، وكأن مراد "التنبيه": نفي الوجوب الذي يترتب عليه القضاء عند الفوات، فإن خطاب الكفار بالفروع إنما تظهر فائدته فيما يقال في تضعيف العذاب في الآخرة، ولكن لا يصح إطلاق اشتراط الإسلام في وجوب الصوم، لانتقاض ذلك بالمرتد مع وجوبه عليه، وأمره بقضائه، وقد ذكره "التنبيه" فقال [ص 65]:(وإن كان مرتداً .. وجب عليه) وأهمل "التنبيه" و"المنهاج" ذكر النقاء عن الحيض والنفاس، وكان ينبغي ذكره كما ذكراه في شروط وجوب الصلاة، فإن الأصح عند النووي من زيادته: عدم وجوبه على الحائض، وأن القضاء بأمر جديد، ونقله هو وابن الرفعة عن الجمهور (2)، والخلاف في الرافعي بلا ترجيح، أحدهما: هذا، والثاني: أنه وجب ثم سقط عنها (3)، وحكى ابن الرفعة أن فائدة الخلاف فيما إذا أوجبنا التعرض للأداء والقضاء في النية، يعني إن قلنا: وجب ثم سقط .. فتنوي القضاء، لوقوعه خارج الوقت الذي وجب فيه، وإن قلنا: لم يجب إلا بعد ذلك .. فتنوي الأداء؛ لأنه وقت وجوبه، قال شيخنا الإسنوي في "التنقيح": وهذا في غاية الضعف؛ لأنه خارج وقته الأصلي على كل تقدير، وإنما امتنع الوجوب، لعدم الأهلية، وصار كما إذا نام إلى أن خرج الوقت .. فإنه ينوي القضاء مع أن الوجوب لم يتعلق به.
ويمكن خروج الحائض والنفساء بذكر "التنبيه" و"المنهاج" القدرة على الصوم (4) " فإنهما عاجزتان عنه شرعاً، والعجز الشرعي كالحسي.
1312 -
قول "التنبيه"[ص 183]: (إن الصبي يؤمر به لسبع) محله: فيما إذا أطاق ذلك، كما ذكره "المنهاج"(5)، وأن يكون مميزًا، وفي معنى الصبي: الصبية، وكان ينبغي لـ"المنهاج" ذكر الضرب على تركه لعشر كما فعل في الصلاة، وقد ذكره "التنبيه" هنا (6).
(1) انظر "التبصرة" للشيرازي (ص 80)، و"المنخول"(ص 31)، و"التحبير شرح التحرير"(3/ 1144).
(2)
انظر "الروضة"(1/ 135).
(3)
انظر "فتح العزيز"(1/ 294).
(4)
التنبيه (ص 65)، المنهاج (ص 183).
(5)
المنهاج (ص 183).
(6)
التنبيه (ص 65).
1313 -
قوله: (ومن ترك الصوم جاحداً لوجوبه .. كلفر)(1) لا يتوقف ذلك على تركه، فمجرد الجحد كاف في التكفير، وإنما أداه إلى ذكر الترك: التقسيم، ومحل التكفير أيضاً: ما إذا كان قديم الإسلام، فإن كان حديث عهد بالإسلام .. عُزفَ وُجوبَه، فإن أنكره بعد ذلك .. كفر، وأجيب عنه: بأن هذا ليس جاحداً؛ لأن الجحد إنكار ما سبق الاعتراف به، كما تقدم في الصلاة.
1314 -
قول "الحاوي"[ص 228]: (ويبيح الفطر: المرض) قد يوهم الإباحة بمطلق المرض، وفي "التنبيه" [ص 66]:(ومن مرض وخاف الضرر) فزاد خوف الضرر، وفي "المنهاج" [ص 183]:(ضرراً شديداً) فزاد تقييد الضرر بالشدة، وقال الرافعي: شرط إباحة المرض: أن يجهده الصوم، ويلحقه ضرر يشق احتماله، كما عددنا وجوه المضار في التيمم (2)، وذكر مثله في "الروضة" إلا أنه قال: فيلحقه ضرر، بالفاء بدل الواو (3)، ومقتضاهما: أنه لا بد مع الضرر المقرر في التيمم من أن يجهده الصوم؛ أي: يحصل له به ألم كبير، فلو لم يجهده الصوم، لكن قال له الطبيب: إن لم تفطر باستعمال هذا الدواء تضررت .. لم يكن له الفطر، لكن عبر في "المحرر" بـ (أو)(4)، ومقتضاه: أن الاجتهاد والضرر المعروف في التيمم كل منهما على انفراده يبيح الفطر، وصوبه في "المهمات"، وقال الإمام: عندي أنه كل مرض يمنع من التصرف مع الصوم (5)، واستحسنه في "المهمات".
1315 -
قول "التنبيه"[ص 66]: (والأفضل: أن يصوم) محله: ما إذا لم يتضرر به، فإن تضرر .. فالفطر أفضل، وقد ذكره "الحاوي"(6)، وألحق به المتولي: من يطيقه وسفره للغزو أو الحج، وخاف لو صام أن يضعف عنهما.
1316 -
قول "المنهاج"[ص 183]: (ولو أصبح المسافر والمريض صائمين ثم أرادا الفطر .. جاز) قد يفهم أنه لا كراهة في ذلك، وكذا صحح في "شرح المهذب"(7)، واختار السبكي: الكراهة فيما إذا كان لغير حاجة.
1317 -
قولهما: (إنه لا يجب قضاء ما فات بالجنون)(8) يستثنى منه: ما لو ارتد ثم جن ..
(1) انظر "التنبيه"(ص 65).
(2)
انظر "فتح العزيز"(3/ 217).
(3)
الروضة (2/ 369).
(4)
المحرر (ص 113)
(5)
انظر "نهاية المطلب"(4/ 51، 52).
(6)
الحاوي (ص 228).
(7)
المجموع (6/ 257).
(8)
انظر "التنبيه"(ص 65)، و"المنهاج"(ص 183).
فإنه يجب قضاء مدة الردة ولو كانت في زمن الجنون في الأصح، وقد ذكره "الحاوي" فقال [ص 228]:(وجنون غير المرتد) وهو مفهوم من إطلاقهما قضاء زمن الردة، فصار بين إثباتهما قضاء الردة ونفيهما قضاء الجنون عموم وخصوص من وجه لا يمكن الحكم لأحدهما إلا بدليل خارجي، فأحسن "الحاوي" باستثناء زمن الردة من الجنون.
1318 -
قول "التنبيه"[ص 66]: (وإن بلغ الصبي أو قدم المسافر وهما صائمان .. فقد قيل: يلزمهما إتمام الصوم) هو الأصح، وعليه جرى "المنهاج" و"الحاوي"(1)، وقوله:(وعندي: اْنه يلزم المسافر دون الصبي)(2) هو قول ابن سريج، وقال النووي في "التصحيح": فيهما خلاف تركه المصنف (3).
قال النشائي: هو ممنوع؛ فهذا اللفظ ظاهر في الخلاف، وإن إلزام الإتمام لهما ضعيف عنده، وإن سُلّم .. فقوله:(وعندي) كذا في مقابلة ذلك خلاف، وهو ثابت في الصبي، وللفرق وجهٌ، وهو أهلية المسافر للفرض، ولم أر له موافقاً. انتهى (4).
1319 -
قوله: (فإن قامت البينة بالرؤية يوم الشك .. وجب عليهم قضاؤه، وفي إمساك بقية النهار قولان، الأظهر: وجوبه)(5) وعليه مشى "الحاوي" و"المنهاج" لكنه عبر بقوله: (والأظهر: أنه يلزم من أكل يوم الشك ثم ثبت كونه من رمضان)(6)، فقيّد محل الخلاف بأن يكون أكل، ومقتضاه: أن حكم من لم يأكل بخلافه إما مجزوم فيه بالوجوب - وهو الذي يقتضيه نقل "الكفاية" عن الأكثرين - أو فيه خلاف مرتب، وأولى بالوجوب، والذي في "أصل الروضة" عن "التتمة": أن القولين فيما إذا بأن أنه منه قبل الأكل، فإن بان بعده: فإن لم نوجبه هناك .. فهنا أولى، وإلا .. فوجهان، أصحهما: الوجوب (7)، وعبارة "المحرر":(أصبح مفطراً)(8)، وهي أعم من الأكل؛ فإن تارك النية مفطر، وصوب في "المهمات" ما في "المنهاج" فإن الأكثرين على القطع بالوجوب إذا لم يأكل، وفي "الروضة": إن الممسك ليس في صوم (9)، وعبارة الرافعي: ليس في عبادة (10)، ولا يلزم من
(1) الحاوي (ص 228)، المنهاج (ص 183).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 66).
(3)
تصحيح التنبيه (1/ 222).
(4)
انظر "نكت النبيه على أحكام التنبيه"(ق 59).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 65).
(6)
الحاوي (ص 229)، المنهاج (ص 184).
(7)
الروضة (2/ 372).
(8)
المحرر (ص 114).
(9)
الروضة (2/ 371).
(10)
انظر "فتح العزيز"(3/ 222).