الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ [ضمان المبيع]
1861 -
قول المنهاج [ص 224]: (المبيع قبل قبضه من ضمان البائع) أي: وإن عرضه على المشتري، فامتنع من قبوله، قال الرافعي في أوائل (الصداق): لكن لو وضعه بين يديه عند امتناعه من قبوله .. برئ في الأصح (1).
وقوله: (قبل قبضه) يفهم أنه بعده ليس من ضمانه، وصرح به "التنبيه" بقوله [ص 87]:(ولا يدخل المبيع في ضمان المشتري إلا بالقبض) ولا يستثنى من ذلك: ما إذا تلف بعد القبض في زمن الخيار، وقلنا: الملك للبائع .. فإنه ينفسخ؛ لأنه لا يلزم من انفساخه أن يكون من ضمان البائع، بل هو من ضمان المشتري؛ ولذلك يغرم للبائع قيمته، ويسترد منه الثمن، فقول شيخنا ابن النقيب في تلفه بعد القبض:(فيه - أي: في ضمانه - تفصيل)(2) مردود؛ فلا تفصيل في ضمانه، إنما التفصيل في انفساخ العقد بذلك، والله أعلم.
وقد يقال: إنما ضمنه المشتري ضمان يد، وأما ضمان العقد: فعلى البائع، ويستثنى من قولنا: إن المبيع قبل قبضه من ضمان البائع ثلاث مسائل:
إحداها: إذا اشترى أمة فوطئها أبو المشتري قبل القبض وأحبلها، ثم ماتت.
قال السبكي في تعليق له كما حكاه ولده في "التوشيح": مقتضى الفقه أنها تتلف من كيس المشتري؛ لأنها بالعلوق قدر انتقالها إلى ملك الأب، ومن ضرورة ذلك تقدير القبض وإن لم تحصل صورته، وقال: سألني عن هذة المسألة الوجيزي، فظهر لي فيها ذلك، فقال لي: إنه هو الذي ظهر له فيها أيضًا، ولم ير فيها نقلًا، وإنها إحدى ثلاث مسائل: يكون المبيع قبل القبض فيها من ضمان المشتري، هذه إحداها.
والثانية: إذا اشترى السيد من مكاتبه شيئًا، ثم عجز المكاتب نفسه قبل قبض السيد العين المبيعة.
والثالثة: إذا اشترى الوارث من مورثه عينًا، ثم مات الموروث قبل القبض. انتهى.
1862 -
قول "التنبيه"[ص 87]: (ولا يستقر ملكه علبه إلا بالقبض) ليس المراد: قبض المبيع، بل قبض المقابل، والمراد باستقرار الملك: الأمن من الانفساخ، ومتى لم يقبض البائع الثمن .. أمكن تلفه، فينفسخ البيع.
(1) انظر "فتح العزيز"(8/ 236).
(2)
انظر "السراج على نكت المنهاج"(3/ 93).
1863 -
قولهم فيما إذا تلف المبيع قبل القبض: (انفسخ البيع)(1) أي: بآفة سماوية، ويستثنى منه: ما لو طلبه المشتري، فمنعه منه وهو ظالم في منعه، فتلف .. فهو كما لو أتلفه البائع، كما حُكي عن القاضي حسين، وفيه احتمال للإمام (2).
ومفهوم كلامهم أنه بعد القبض لا ينفسخ ولو في الخيار، ويستثنى: ما إذا قلنا: الملك للبائع .. فالصحيح: انفساخه كما تقدم، وفي معنى التلف: وقوع الدرة في البحر، وانفلات الطير، وتعبير "المنهاج" بقوله [ص 224]:(فإن تلف .. انفسخ البيع) أحسن من قول "المحرر": (ومعناه: أنه إذا تلف .. انفسخ)(3) فإنه فسره بذلك، ولا ينحصر فيه، فإن تَعَيُّبَهُ أيضًا يثبت الخيار، فهو من أحكامه أيضًا.
1864 -
قول "المنهاج" فيما لو أبرأه المشتري عن الضمان [ص 224]: (ولم يتغير الحكم) تبع فيه "المحرر"(4)، ولا فائدة فيه مع قوله:(لم يبرأ) إلا مجرد التأكيد (5).
1864 -
قول "التنبيه"[ص 87]: (وإن أتلفه المشتري .. استقر عليه الثمن) بمعنى قول "المنهاج"[ص 224] و"الحاوي"[ص 273]: (وإتلاف المشتري قبضٌ)، وتناول تعبير "التنبيه" و"الحاوي" حالتي علمه بأنه المبيع وجهله بذلك، وفصل "المنهاج" بقوله [ص 224]:(إن علم، وإلا .. فقولان كأكل المالك طعامه المغصوب ضيفًا) والأصح: براءة الغاصب، فيكون هنا قبضًا، ومقابله: أنه كإتلاف البائع إن قدمه إليه البائع، وكإتلاف الأجنبي إن قدمه إليه أجنبي، فإن لم يقدمه إليه أحد .. فالظاهر: الجزم بأنه قبض، وعموم "المنهاج" يقتضي قولين.
ويستثنى من كونه قبضًا مسألتان:
الأولى: ما لو قتله لصياله عليه .. فالأصح عند النووي: أنه ليس قبضًا (6).
الثانية: ما إذا ارتد، وكان المشتري هو الإمام، فقتله للردة، فإن كان المشتري غيره، فقتله .. كان قبضًا، قاله البغوي في "فتاويه"، وأقره الرافعي عليه (7)، وفيه إشكالان:
أحدهما: أنه كما أن للإمام قتل العبد إذا ارتد .. كذلك للسيد؛ لأن الأصح: أن له إقامة الحد على عبده، فينبغي ألَاّ يستقر عليه الثمن بقتله كالإمام. وجوابه: أنه لو قتله، وقلنا: له ذلك ..
(1) انظر "التنبيه"(ص 87)، و"الحاوي"(ص 280)، و"المنهاج"(ص 224).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(5/ 201).
(3)
المحرر (ص 147).
(4)
المحرر (ص 147).
(5)
في حاشية (أ): (قال الزركشي: فائدة هذا مع ما قبله: نفي توهم عدم الانفساخ إذا تلف، وأن الإبراء كما لا يرفع الضمان لا يرفع الفسخ بالتلف ولا المنع من التصرف) انظر "مغني المحتاج"(2/ 66).
(6)
انظر "الروضة"(3/ 501).
(7)
انظر "فتح العزيز"(10/ 311).
لم يكن قاتلًا إلا بحكم الملك؛ فالملك هو الذي سلطه على ذلك، فلو قلنا: ينفسخ، ولا يستقر عليه الثمن .. لكنا قد تبينا بالآخرة أنه قتل غير مملوك له؛ فلذلك جعلنا قتله إياه قبضًا، ذكره في "التوشيح".
ثانيهما: أن المرتد غير مضمون على قاتله، فكيف يكون قتله قبضًا؟ ذكره في "المهمات"، قال: والقياس: أن تارك الصلاة وقاطع الطريق والزاني المحصن كذلك، وصورته: أن يزني كافر حر، ثم يلتحق بدار الحرب، ويُسْتَرَقُّ، قال: وفي الثلاثة الإشكال المتقدم.
قال ابن الرفعة في "المطلب": ولو قتله المشتري قصاصًا .. فيظهر أنه كالآفة السماوية.
وقال شيخنا الإمام البلقيني: هل يكون ذلك قبضًا حتى يستقر الثمن، أم لا يكون ويجعل بمنزلة ما لو صال على المشتري فقتله دفعًا؟ لم أقف على نقل فيها، لكن ما نقله النووي في (الغصب) قبل الكلام على نقل التراب فيما إذا قتل العبد المغصوب سيده وهو في يد الغاصب: أن لورثة السيد قتله، وأخذ قيمته من الغاصب، فكذلك يكون هنا، ولم يظهر لي بينهما فرق. انتهى (1).
1866 -
قول التنبيه [ص 88]: (فإن أتلفه البائع .. انفسخ البيع، وقيل: هو كالأجنبي) رجح طريقة القطع، والصحيح: الطريقة الثانية، وأصح القولين: الانفساخ، لكن صحح الرافعي في "الشرح الصغير" في أوائل الصداق مقابله، وتعبير "لمنهاج" بقوله [ص 224]:(والمذهب: أن إتلاف البائع كتلفه) لا يفهم منه ترجيح طريقة القطع ولا الخلاف؛ لأن اصطلاحه في ذلك الدلالة على أن في المسألة طريقين أو طرقًا، ولا يفهم منه ترجيح طريقة بعينها، لكن يكون المرجح: ما ذكره في الجملة.
1867 -
قول التنبيه [ص 87، 88]: (وإن أتلفه أجنبي .. ففيه قولان، أحدهما: ينفسخ البيع، والثاني: لا ينفسخ، بل يثبت للمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء، والرجوع على الأجنبي يالقيمة) الثاني هو الأصح، ورجحه "المنهاج"، فقال [ص 224]:(إنه الأظهر)، واعترض عليه: بأنه كان الأحسن: حذف (الأظهر)، وعطفه على (المذهب) في مسألة إتلاف البائع؛ فإن فيه طريقة قاطعة بأنه فسخ، فيكون أخصر وأفيد.
قال شيخنا الإمام البلقيني في "حواشيه": ويستثنى من إتلاف الأجنبي المقتضي لما ذكره: ما إذا كان حربيًا، أو قتله بحق من قصاص وغيره، وحينئذ .. ينفسخ البيع في ذلك، ويستثنى ذلك في الصرف أيضًا، وما إذا استولد الأب جارية اشتراها ابنه قبل القبض، لكن في هذه الأخيرة يكون قبضًا. انتهى.
وهذا الخيار مقتضى كلام القفال: أنه على التراخي؛ ففي "الروضة" وأصلها عنه: أنه لو
(1) انظر "الروضة"(5/ 39).
أتلف الأجنبي المبيع قبل القبض، وأجاز المشتري ليتبع الأجنبي، ثم أراد الفسخ .. فله ذلك، لكن قال القاضي حسين: فيه نظر، وينبغي ألَاّ يتمكن من الرجوع؛ لأنه رضي بما في ذمة الأجنبي، فأشبه الحوالة (1).
1868 -
قول "المنهاج"[ص 224]: (ولو عيبه الأجنبي .. فالخيار، فإن أجاز .. غرم الأجنبي الأرش) إنما يغرمه الأرش بعد قبض المبيع؛ لجواز تلفه في يد البائع، فينفسخ، حكاه الرافعي عن الماوردي، وأقره (2)، والمراد: الأرش الآتي في الجنايات؛ ففي يد العبد نصف القيمة، وفي يديه كمال القيمة.
1869 -
قوله (ولو عيبه البائع .. فالمذهب: ثبوت الخيار لا التغريم)(3) الخلاف إنما هو في التغريم، وأما الخيار: فلا خلاف فيه، فإن ألحقناه بالأجنبي .. فله أن يجيز، ويغرمه، أو بالآفة - وهو المذهب - .. فلا تغريم، فكان ينبغي أن يقول:(ثبت الخيار ولا تغريم على المذهب).
1870 -
قول "التنبيه"[ص 87]: (ولا يملك المشتري التصرف في المبيع حتى ينقطع خيار البائع ويقبض المبيع) يستثنى منه: الإعتاق والاستيلاد والتزويج؛ فتصح من المشتري قبل القبض، وقد ذكرها في "الحاوي"(4)، واقتصر "المنهاج" على الإعتاق (5).
ويستثنى أيضًا:
القسمة، فتجوز قبل القبض، وإن قلنا: إنها بيع، كما في "الروضة" وأصلها في أواخر هذا الباب عن "التتمة" من غير مخالفة (6).
والوقف، كما صححه في "شرح المهذب"(7)، وفي "الروضة" عن "التتمة" من غير مخالفة: أنه ينبني على القبول (8)، وقد علم أن الجهة العامة لا يشترط فيها القبول، وكذا المعين، كما اختاره في "الروضة" في (كتاب السرقة)(9).
والصدقة، كما ذكره في "الكفاية"، لكن الذي في الرافعي: أنها كالهبة، فتمتنع قبل
(1) الروضة (3/ 503).
(2)
انظر "الحاوي الكبير"(5/ 225)، و"فتح العزيز"(4/ 292).
(3)
انظر "المنهاج"(ص 224).
(4)
الحاوي (ص 280).
(5)
المنهاج (ص 224).
(6)
الروضة (3/ 522).
(7)
المجموع (9/ 252).
(8)
الروضه (3/ 506).
(9)
الروضة (10/ 144).
القبض (1)، ولم يذكر في "المنهاج" في ذلك قاعدة، بل منع البيع والإجارة والرهن والهبة، وجوز الإعتاق (2)، وكذا "الحاوي" إلا أنه زاد على الأربعة المذكورة: الكتابة، وضم إلى الإعتاق: الإيلاد والتزويج كما تقدم (3)، وقد دخل في تعبير "التنبيه"(4) بالتصرف جعله أجرة أو صداقًا أو عوض مصالحة أو رأس مال سلم، وكذا التولية والإشراك.
وفي معنى المبيع: كل ما كان في يد الغير مضمونًا عليه ضمان عقد، وهو المضمون بما يقابله من العوض، أما ما كان في يد الغير أمانة؛ كالمودع، أو مضمونًا ضمان يد، وهو المضمون بالقيمة؛ كالمستعار .. فيصح بيعه قبل القبض، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 280]:(فيما يضمن بالعقد).
ويستثنى من عبارة "التنبيه": ما لو باع في مدة الخيار أو وقف أو وهب أو أعتق بإذن البائع أو باع للبائع نفسه في مدة الخيار .. فإنه يصح على الأصح.
1871 -
قول "المنهاج"[ص 224]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 280]: (والأصح: أن بيعه للبائع كغيره) وهو داخل في عموم منع "التنبيه" التصرف (5).
محله: إذا باعه له بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقصان أو تفاوت صفة، وإلا .. فهو إقالة بلفظ البيع، كما في "الروضة" وأصلها عن المتولي من غير مخالفة (6)، لكن ذكر شيخه القاضي الحسين: أن في هذه الصورة وجهين مرتبين على الصورة الأولى، وأنهما مبنيان على أن العبرة في العقود باللفظ أو المعنى، ومقتضى ذلك تصحيح البطلان أيضًا؛ لأن الأصح كما في الرافعي في أوائل (السلم): أن العبرة باللفظ (7)، ويختص "المنهاج" بإيراد في تعبيره بـ (الأصح)، وكذا في "الروضة" لأنه جعل في "شرح المهذب" مقابله شاذًا ضعيفًا (8)، فينبغي حينئذ التعبير عنه بـ (الصحيح).
1872 -
قوله: (والثمن المعيّن كالمبيع، فلا يبيعه البائع قبل قبضه)(9) لا حاجة لهذه الزيادة، بل قد تضر؛ فإنها توهم جواز غير البيع؛ ولهذا عبر في "المحرر" بالتصرف؛ لتعم (10)،
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 295).
(2)
المنهاج (ص 224).
(3)
الحاوي (ص 280).
(4)
التنبيه (ص 87).
(5)
التنبيه (ص 87).
(6)
الروضة (3/ 507).
(7)
انظر "فتح العزيز"(4/ 395).
(8)
المجموع (9/ 254).
(9)
انظر "المنهاج"(ص 224).
(10)
المحرر (ص 148).
وكذا "التنبيه" بقوله [ص 87]: (ولا ينفذ تصرف البائع في الثمن إن كان معينًا حتى ينقطع خيار المشتري ويقبض الثمن) وهو داخل في قول "الحاوي"[ص 280]: (فيما يضمن بالعقد)، ثم زاد إيضاحًا، فمثل به بقوله [ص 280، 281]: (كمُعَيَّن الثمن).
1873 -
قول "المنهاج"[ص 225]: (ولا يصح بيع مسلم فيه) فيه نقص؛ لأن المبيع في الذمة إذا عقد عليه لا بلفظ السلم .. ليس سلمًا، ولا يصح بيعه ولا الاعتياض عنه، وأما قول "الحاوي" [ص 281]:(ودين السلم) .. فهو مثال مع دخول هذه الصورة في قوله أولًا: (فيما يضمن بالعقد)(1).
1874 -
قول "التنبيه"[ص 87]: (وإن كان الثمن في الذمة .. فهل يجوز قبل القبض؟ فيه قولان، أصحهما: أنه يجوز) تناول كلامه ما إذا كان بيعه للمشتري، وهو الاستبدال، وما إذا كان لأجنبي.
فأما الأول: فالجديد: جوازه، لكن يشترط القبض في المجلس فيما إذا استبدل موافقًا في علة الربا؛ كدراهم عن دنانير، وقمح عن شعير، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(2)، فإن استبدل غير موافق في علة الربا .. لم يشترط ذلك، لكن يشترط تعيين العوض في المجلس وإن لم يشترط عند العقد، ولم يتعرض لذلك "الحاوي"، وهو مفهوم قول "المنهاج" [ص 225]:(لا يشترط التعيين في العقد، وكذا القبض في المجلس) فدل على اشتراط التعيين في المجلس، والله أعلم.
والتصرف قبل القبض بالإبراء جائز، ولا يتصور الإبراء إلا قبل القبض.
وأما الثاني: فلا خلاف في منع بيعه بدين، فإن باعه بعين .. بطل أيضًا على الأصح عند الرافعي (3) والنووي في "المنهاج" حيث قال [ص 225]:(وبيع الدين لغير من عليه باطلٌ في الأظهر)، وهو مفهوم قول "الحاوي" [ص 281]:(يباع ممن عليه)، لكن صحح النووي في "الروضة" من زوائده هنا، وفي (الخلع) في "أصل الروضة": صحته، لكن بشرط أن يقبض مشتري الدين الدين ممن عليه، وأن يقبض بائع الدين العوض في المجلس، فإن تفرقا قبل قبض أحدهما .. بطل العقد (4).
قال السبكي: لم أره لغير البغوي والرافعي، وينبغي ألَاّ يشترط إلا القبض من أحد الجانبين، بل يكفي التعيين. انتهى.
وقال ابن الرفعة في "المطلب": مقتضى كلام الأكثرين مخالفتهما. انتهى.
(1) الحاوي (ص 280).
(2)
الحاوي (ص 281)، المنهاج (ص 225).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 304).
(4)
الروضة (3/ 514)، (7/ 435).
وكذلك لا يجوز رهن الثمن، ولا هبته؛ لأن الديون لا ترهن ولا توهب، كما هو الصحيح في موضعه.
1875 -
قول "المنهاج"[ص 225]: (ولو استبدل عن القرض وقيمة المتلف .. جاز)، اعترض عليه: بأنه يشعر بأن الإتلاف إذا أوجب المثل في المثلي، أو ما ليس قيمة للمتلف ولا مثلًا له؛ كالنقد في الحكومة .. لا يصح الاستبدال عنه، وليس كذلك، ولا يرد ذلك على "المحرر" لتعبيره بدين القرض والإتلاف (1)، وكذا لا يرد على تعبير "الحاوي" بقوله [ص 281]:(وغير المعاوضة كالقرض)، وإنما نشأ الخلل من تخصيص "المنهاج": دين التلف بالقيمة.
1876 -
قول "الحاوي"[ص 278]: (وقبض العقار بالتخلية) فيه أمران:
أحدهما: أنه يشترط مع ذلك: فراغه من أمتعة البائع، وقد ذكره "المنهاج"(2).
ثانيهما: العقار - كما قال الجوهري -: الأرض والنخيل والضياع (3)، أي: الأبنية، وفي "الروضة" وأصلها: وفي معنى الأرض: الشجر النابت، والثمرة المبيعة على الشجر قبل أوان الجداد. انتهى (4).
فليست الثمرة المبيعة على الشجر قبل أوان الجداد من العقار وإن كان لها حكمه، فلم يتناولها لفظ "الحاوي" ولا "المنهاج"، ولا يرد ذلك على "التنبيه" لقوله:(وفيما سواهما - أي: المنقول والمتناول باليد - التخلية)(5)، فدخلت فيه هذه الثمرة؛ فإنها لا تنقل ولا تتناول باليد في العادة الغالبة قبل أوان الجداد، وفيه نظر، ويرد عليه الإيراد الأول؛ فإنه لم يذكره، وتعبير "المنهاج" بأمتعة البائع يخرج ما عداه؛ كأمتعة المشتري والمستأجر والغاصب والمستعير، قال شيخنا الإسنوي: وفي هذا التعميم نظر.
1877 -
قول "المنهاج"[ص 225]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 278]: (وَقَبْضُ المنقول: تحويله) فيه أمران:
أحدهما: يستثنى من المنقول: الشيء الخفيف الذي يتناول باليد في العادة، فقبضه بالتناول؛ كالثوب ونحوه، وقد ذكره "التنبيه" بقوله [ص 88]:(وفيما يتناول باليد التناول) وحكاه في "الروضة" من زوائده عن جماعة (6)، وقال في "شرح المهذب": إنه لا خلاف فيه (7).
(1) المحرر (ص 148).
(2)
المنهاج (ص 225).
(3)
انظر "الصحاح"(2/ 754).
(4)
الروضة (3/ 515).
(5)
التنبيه (ص 88).
(6)
الروضة (3/ 521).
(7)
المجموع (9/ 263).
ثانيهما: خرج بذلك استخدام العبد وركوب الدابة والجلوس على الفراش، فلا يكون قبضًا، وقد ذكره في "الروضة" من زوائده، فقال: فلا يكفي استعماله وركوبها بلا نقل، وكذا وطء الجارية على الصحيح، ذكره في "البيان"(1)، لكن في الرافعي في أوائل (الغصب): لو ركب المشتري الدابة أو جلس على الفراش .. حصل الضمان، ثم إن كان ذلك بإذن البائع .. جاز له التصرف أيضًا وإن لم ينقله، وإن لم يكن بإذنه .. لم يجز له التصرف. انتهى (2).
وأسقطه النووي من "الروضة"، وهو وارد على "التنبيه" أيضًا إن صح ما ذكره الرافعي في ذلك، ويختص "التنبيه" بإيراد، وهو أنه أطلق النقل ولم يبين المحل المنقول إليه (3)، وأوضحه "المنهاج" بقوله [ص 225]:(فإن جرى البيع بموضع لا يختص بالبائع. .كفى نقله إلى حيز، وإن جرى في دار البائع .. لم يكف ذلك إلا بإذن البائع فيكون مُعِيرًا للبقعة)، وفيه أمور:
أحدها: أنه تبع "المحرر" في التعبير بقوله: (فإن جرى البيع)(4) ولا يستقيم؛ فإن جريان البيع لا مدخل له فيما نحن فيه، بل العبرة بوجود المبيع؛ ولهذا عبر الرافعي بقوله:(وإذا كان المبيع) بالميم، وكذا في "الروضة "(5)، ذكره شيخنا الإسنوي، فينبغي أن يقول:(فإن جرى البيع والمبيع بموضع لا يختص بالبائع)، ويُقَدَّر بعد قوله:(إلى حَيِّزٍ) أي: منه؛ فإن المعتبر أن يكون المكان المنقول إليه لا يختص بالبائع، ولا نظر إلى المكان المنقول منه.
ثانيها: اعترض عليه بأن قوله: (لا يختص بالبائع) مقلوب، وصوابه:(لا يختص البائع به) لأن الباء تدخل على المقصور الذي لا يتعدى (6).
ثالثها: دخل فيما لا يختص به البائع ما اختص به المشتري بملك أو إجارة أو إعارة، وما لا يختص به أحد؛ كمسجد وشارع وموات، وتناول أيضًا: المغصوب من أجنبي، قال شيخنا ابن النقيب: وفي الاكتفاء به نظر (7).
رابعها: في تعبيره بدار البائع نظر؛ فالمدار على الموضع المختص به، وإن لم تكن دارًا.
خامسها: قوله: (لم يكف ذلك) أي: النقل إلى حيز منها؛ فإنه لو كان في دار البائع، فنقله إلى موضع لا يختص البائع به .. كفى.
(1) الروضة (3/ 515)، وانظر "البيان"(5/ 35، 36).
(2)
انظر "فتح العزيز"(5/ 406).
(3)
التنبيه (ص 88).
(4)
المحرر (ص 149).
(5)
فتح العزيز (4/ 306)، الروضة (3/ 516).
(6)
قال في "مغني المحتاج"(2/ 73): (وفي التعبير بالصواب نظر؛ لأن دخولها على المقصور أكثري لا كلي).
(7)
انظر "السراج على نكت المتهاج"(3/ 101).
سادسها: قوله: (لم يكف ذلك) أي: في التصرف، ولكن يدخل في ضمانه، قال السبكي في (باب الغصب): ولا يكون غاصبًا قطعًا حتى لو خرج المبيع مستحقًا .. ليس للمالك مطالبته، وقال هنا: لا ينتقل ضمان العقد إليه، ولكن يدخل في ضمانه حتى يطالب به إذا خرج مستحقًا لوضع يده عليه، قال: وعبارة البغوي والرافعي غير صريحة في ضمان العقد (1)، أي: في أنه المراد، وما صرحت به من أنه المراد لم أره منقولًا، لكن فهمته من فقه الباب، فاعتمده، وإطلاق "المنهاج" ظاهر فيه.
سابعها: قوله: (إلا بإذن البائع) أي: في القبض والنقل، فإن لم يأذن إلا في النقل .. فأطلق الإمام والغزالي أنه لا يحصل القبض (2)؛ لأن الإذن في النقل لا يقتضي العارية، قال السبكي: ويحتمل أن يقال: إن كان بعد توفير الثمن .. كفى، قال: والظاهر: قول الإمام. انتهى.
وتوسَّط ابن الرفعة في "المطلب"، فقال: إن قبض الثمن، أو لم يقبضه ولكن علم أنه لا يثبت له حق الحبس .. فالذي يظهر: تضمنه للإعارة.
ثامنها: يستثنى من كلامه: ما لو وضعه في أمتعة سواء كانت له أم مستعارة من البائع، قاله القاضي حسين، وما قبضه بالتناول كالثياب، فماذا قبضها ووضعها شيئًا فشيئًا .. قال في "المطلب": فالذي يظهر أنه يكفي، وجزم به السبكي، وعبارة "الحاوي" [ص 278]:(ومن بيت من دار البائع إلى آخر بإذنه)، وقد عرفت ما يرد عليه مما تقدم.
ويستثنى من كلامهم جميعًا أمور:
أحدها: محل ذلك: ما إذا كان المبيع جزافًا غير مقدر بكيل ولا وزن ولا ذرع ولا عدٍّ، فإن كان مقدرًا .. فلا بد في حصول القبض مع ذلك من الذرع أو الكيل أو الوزن أو العد، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي" بعد ذلك (3)، لكن لم يذكر "المنهاج" العد، قال في "الكفاية": ويشترط رؤية المقبوض لصحة القبض، وخرجه الإمام على بيع الغائب (4).
ثانيها: محل ذلك أيضًا: إذا لم يكن المبيع تحت يد المشتري، فإن كان تحت يده ولو كانت يد ضمان فإن كان حاضرًا .. كان مقبوضًا بنفس العقد ولا يحتاج فيه إلى إذن البائع وإن كان له حق الحبس على الأصح، وإن كان غائبًا .. اشترط مضي زمن يمكن فيه المضي إليه في الأصح لا النقل.
نعم؛ يشترط إذن البائع إن كان له حق الحبس.
(1) انظر "التهذيب"(3/ 408)، و"فتح العزيز"(4/ 306).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(5/ 180)، و"الوسيط"(3/ 152).
(3)
الحاوي (ص 278)، المنهاج (ص 226).
(4)
انظر "نهاية المطلب"(5/ 177).
ثالثها: يستثنى من ذلك: القسمة، فلا حاجة إلى التحويل فيها ولو جُعلت بيعًا؛ إذ لا ضمان فيها حتى يسقط بالقبض، ذكره ابن الرفعة في بابها.
رابعها: يستثنى من ذلك: إتلاف المشتري المبيع؛ فإنه قبض كما سبق مع أنه ليس فيه صورة القبض المذكورة، والله أعلم.
1878 -
قول "الحاوي"[ص 278]: (ويَسْتَبدُّ بالقبض إن وَفَّر الثمن أو كان مؤجلًا) أحسن من قول "المنهاج"[ص 225]: (للمشتري قبض المبيع) فإنه قد لا تفهم عبارته استقلاله بذلك، ومرادهما: ما إذا كان مؤجلًا في ابتداء العقد وإن حل قبل التسليم، وقد ذكره "الحاوي" بعد ذلك، لكن قال في "المهمات" فيما إذا حل قبل التسليم: أن الصواب: جواز الحبس، كما رجحه في (الصداق)، فقد نص عليه الشافعي في مسألة البيع، كما نقله القاضي أبو الطيب في (كتاب الصداق) عن حكاية المزني في المنثور، ونسب خلافه إلى الخطأ. انتهى (1).
والمراد بتسليم الثمن: تسليم جميعه كما هو ظاهر العبارة، فأما إذا سلّم بعضه .. فلا أثر له في الأصح.
1879 -
قول المنهاج [ص 226]: (ولو كان له طعام مقدَّرٌ على زيد، ولعمرو عليه مثله .. فليكتل لنفسه ثم يكيل لعمرو) الأصح: أن استدامته في المكيال كالتجديد، وقد ذكره "الحاوي"، وذكر الطعام مثال، فغيره من المقدرات مثله؛ ولهذا ذكره "الحاوي" بعد ذكر مطلق المقدرات (2).
1880 -
قول المنهاج [ص 226]: (ولو قال: "اقبض من زيد ما لِيَ عليه لنفسك" ففعل .. فالقبض فاسد) أي: القبض الثاني، وهو تقدير انتقاله من يده إلى نفسه؛ لاتحاد القابض والمقبض، أما قبضه الأول من زيد لبكر .. فصحيح في الأصح، قال الرافعي: وهما مبنيان على القولين فيما إذا باع نجوم الكتاب وقبضها المشتري .. هل يعتق المكاتب؟ انتهى (3).
والأصح هناك: أنه لا يعتق تفريعًا على المذهب: أنه لا يصح بيعها، ومقتضاه: أنه لا يصح القبض هنا، وقد ذهب إلى ذلك شيخنا الإمام البلقيني، وقال: ما صححه هنا ممنوع؛ لتصحيحهم هناك عدم العتق، ولا فرق بين أن يأذن السيد للمكاتب بالإقباض أو للمشتري بالقبض، أو يقتصر على مجرد البيع، قال شيخنا: وأيضًا: فالإذن في الفاسد لا أثر له، كما لا أثر له في نقله عن ضمان الغصب، قال: وقد صحح الرافعي والنووي في (الحوالة) فيما إذا باع عبدًا وأحال بثمنه البائع على رجل، ثم رده بعيب: أنا إذا أبطلنا الحوالة .. ليس للبائع أن يقبضه للمشتري؛
(1) انظر "المجموع"(5/ 95).
(2)
الحاوي (ص 278، 279).
(3)
انظر "فتح العزيز"(4/ 308).
لعدم الحوالة والوكالة؛ ولأنه إنما يقبض لنفسه، ولم يبق له حق، فإذًا مجرد الإذن غير معتبر في براءة ذمة المحال عليه، فكذلك هنا. انتهى (1).
1881 -
قول "التنبيه" - وهو في (باب اختلاف المتبايعين) -[ص 97]: (وإن اختلفا في التسليم، فقال البائع: "لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن"، وقال المشترى: "لا أسلم الثمن" .. أجبر البائع على ظاهر المذهب) مثل قول "الحاوي"[ص 279]: (بدأ البائع) ومحله: إذا كان الثمن في الذمة، فإن كان معينًا .. فالأظهر: إجبارهما، وقد ذكره "المنهاج" فقال [ص 226]:(سقط القولان الأولان - يعني: إجبار البائع وإجبار المشتري - وأُجْبِرَا في الأظهر)، وظاهره: أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون الثمن نقدًا أو عرضًا، وصرح به الرافعي في "الشرح الصغير"، لكنه صور في "الكبير" محل سقوطها: بما إذا باع عرضًا بعرض، وإلا .. فلا يسقط إلا إجبار المشتري (2)، وضعفه في "الكفاية" لأن الثمن كما يكون نقدًا يكون عرضًا بإدخال الباء؛ فلذلك استدرك في "الروضة"، وقال: الذي قطع به الجمهور - وهو المذهب - سقوط إجبار البائع أيضًا؛ كما لو باعه عرضًا بعرض (3)، كذا في نسخة المصنف من "الروضة"، وليس في أكثرها.
ومحل كلامهم أيضًا: إذا لم يكن البيع عن الغير، فإن باع مال غيره بوكالة أو ولاية .. لم يأت إجبار البائع، ولا عدم إجبارهما، والمذهب: أنه لا يسلم المبيع حتى يقبض الثمن، كما ذكروه في بابي (الفلس) و (الوكالة)، وأفتى شيخنا الإمام البلقيني بحضوري: بأن لأمين الحكم تسليم المبيع قبل قبض الثمن.
1882 -
قول "المنهاج"[ص 226]: (وفي قولٍ: المشتري) محله: إذا كان الثمن حالًا في العقد كما عرف قريبًا.
1883 -
قول "التنبيه"[ص 97]: (فإن كان الثمن حاضرًا .. أجبر المشتري على تسليمه)، قال في "الكفاية": المراد: حضور نوعه؛ لأنه مفرع على إجبار البائع، ومحله: إذا كان في الذمة. انتهى.
وقد يقال مثل ذلك في قول "المنهاج"[ص 226]: (وإذا سلّم البائع .. أُجبر المشتري إن حضر الثمن) وقد يقال: لا يتعين ذلك في عبارته، بل هي متناولة لحضور نوعه إن كان في الذمة، وعينه إن كان معينًا؛ لأن قوله:(وإذا سلم البائع) يتناول تسليمه وجوبًا على القول به، وتبرعًا حيث لا نقول به، وعلى ذلك مشى في "الروضة" وأصلها (4)، فليس مفرعًا على إجباره، بخلاف عبارة
(1) انظر "فتح العزيز"(5/ 134، 138)، و"الروضة"(4/ 233).
(2)
فتح العزيز (4/ 312).
(3)
الروضة (3/ 522).
(4)
الروضة (3/ 522).
"التنبيه" فإنها مفرعة على الإجبار؛ فإنه ذكر هذه الجملة بالفاء مترتبة على قوله: (أجبر البائع على ظاهر المذهب)(1) أي: فإذا أجبر، فسلم .. أجبر المشتري على تسليم الثمن إن حضر نوعه، والمراد: حضوره في المجلس، وعبارة "الحاوي" في ذلك مثل عبارة "التنبيه" فإنه قال بعد البداءة بالبائع:(فيجبر المشتري حالًا)(2).
1884 -
قول "المنهاج"[ص 226]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 279]: (فإن كان معسرًا .. فللبائع الفسخ بالفَلَسِ) يقتضي أن له الاستقلال بذلك من غير توقف على حجر الحاكم، وهو مقتضى عبارة "الروضة" وأصلها هنا (3)، لكن في الرافعي في أول (التفليس): الذي يدل عليه كلام الأصحاب هنا تعريضًا وتصريحًا: افتقار الرجوع إلى توسط الحجر، وقد حكينا في الكلام على البداءة بالتسليم ما يشعر بخلافه، وأشار إلى المذكور هنا (4).
قال في "المهمات": وكلامه يقتضي أنه لم يظفر بخلاف في المسألة، وفيها وجهان شهيران حكاهما في "المهذب"(5)، وفي افتقار الرجوع بعد الحجر إلى إذن الحاكم وجهان، قال الرافعي: أشبههما: أنه لا يفتقر.
1885 -
قولهم فيما إذا كان ماله في البلد: (حجر عليه في أمواله حتى يسلم)(6) قال في "الروضة": هذا الحجر يخالف الحجر على المفلس من وجهين:
أحدهما: أنه لا يسلط على الرجوع إلى عين المال.
والثاني: أنه لا يتوقف على ضيق المال عن الوفاء، قال: واتفقوا على أنه إذا كان محجورًا عليه بالفلس .. لم يحجر هذا الحجر؛ لعدم الحاجة إليه (7).
قال شيخنا الإمام البلقيني: ويخالفه في أشياء غير ذلك: منها: أنه لا تحل به الديون، وإذا وفى الثمن .. لم يتوقف على فك القاضي، وينفق على زوجته نفقة الموسرين، ولا يتعدى للحادث، ولا يباع فيه المسكن والخادم؛ لإمكان الوفاء من غيره قطعًا في كل ذلك.
1886 -
قول "التنبيه"[ص 97]: (وإن كان غائبًا في بلد آخر .. بيعت السلعة في الثمن) وجه شرطه: أن يكون ذلك بعد الحجر، والأصح: أنه إن كان غائبًا في مسافة القصر .. كان للبائع فسخ
(1) التنبيه (ص 97).
(2)
الحاوي (ص 279).
(3)
فتح العزيز (4/ 313)، الروضة (3/ 523).
(4)
فتح العزيز (5/ 4).
(5)
المهذب (1/ 321).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 97)، و"الحاوي"(ص 279)، و"المنهاج"(ص 226).
(7)
الروضة (3/ 523).
البيع والرجوع في عين ماله كالمفلس، فإن صبر .. فالحجر كما ذكرنا، وإن كان دون مسافة القصر .. فكالحاضر في بلدة، فيحجر أيضًا، وقد ذكره كذلك "المنهاج" و"الحاوي"(1).
1887 -
قول "المنهاج"[ص 226]: (وللبائع حبس مبيعه حتى يقبض ثمنه إن خاف فوته بلا خلافٍ) فيه أمور:
أحدها: أن ذلك لا يختص بالبائع، بل للمشتري ذلك في الثمن، وإنما صرح بالبائع؛ لأنه قدم تصحيح إجباره، فذكر شرط وجوبه.
ثانيها: تبع في نفي الخلاف في ذلك "المحرر"(2) ولذلك عبر عنه شيخنا الإسنوي في "تصحيحه" بـ (الصواب)(3)، والذي في "الروضة" وأصلها: أنها طريقة الأكثرين (4)، قال الرافعي: توهمت طائفة أن الخلاف في الابتداء هو الخلاف في ثبوت الحبس.
إن قلنا: يبدأ بالبائع .. فليس له حق الحبس، وإلا .. فله، ونازع الأكثرون فيه، وقالوا: محل الخلاف: فيما إذا تنازعا في البداية فقط، وكل منهما باذلٌ ما عليه من غير خوف، فإن خاف كل منهما لو بذل تعذر ما عند صاحبه .. فله الحبس جزمًا (5).
ثالثها: محل ذلك في البائع: إذا كان الثمن حالًا، أما المؤجل: فليس له الحبس به؛ لرضاه بتأخيره ولو لم يتفق التسليم حتى حل الأجل كما تقدم، وقد سلم "الحاوي" من ذلك كله بقوله [ص 279]:(ولكلٍّ حبسُ عوضه إن خاف الفوت، لا للبائع إن أجل الثمن).
رابعها: قال القفال في "فتاويه": لو استبدل عن الثمن ثوبًا .. فليس له الحبس؛ لأنه أبطل حقه من الحبس بنقله إلى العين؛ إذ حق الحبس لاستيفاء عين الثمن، وهذا بدله. انتهى.
وهو بظاهره مخالف لقول "الروضة" وأصلها: ولو صالح من الثمن على مال .. فله إدامة حبسه لاستيفاء العوض. انتهى (6).
ولعل الأول محمول على ما إذا استبدل عينًا، والثاني ما إذا استبدل دينًا (7).
* * *
(1) الحاوي (ص 279)، المنهاج (ص 226).
(2)
المحرر (ص 150).
(3)
تذكرة النبيه (3/ 107).
(4)
الروضة (3/ 524).
(5)
انظر "فتح العزيز"(4/ 315).
(6)
الروضة (3/ 524).
(7)
قال في "مغني المحتاج"(2/ 76): (والمعتمد: إطلاق عبارة "الروضة" كما جرى عليه ابن المقري في "روضه").