الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظاهر كلامهما طرد القولين في الحدثين، وصححه النووي تبعاً للمتولي (1)، وخصهما البغوي بالأصغر، وقال: لا يصح من الجنب قطعاً؛ لأن القراءة لا تحسب منه، قال الرافعي: وهذا أوضح (2).
ولم يذكر "المحرر" و"الحاوي" الستر، وقد ذكره "المنهاج" كما تقدم.
تَنْبِيهٌ [فيما أهمل من شروط الخطبتين]
أهمل "التنبيه" من شروط الخطبتين: كونهما بالعربية، وإسماعهما أربعين كاملين أو تسعة وثلاثين، وكونهما بعد الزوال، والموالاة بين الأولى والثانية، وبين الثانية والصلاة، وترتيب الأركان، وهو على رأي الرافعي كما تقدم، وقد ذكر ذلك "الحاوي"، وكذا "المنهاج" إلا أنه لم يصرح بالموالاة بين الثانية والصلاة، بل أطلق اشتراط الموالاة (3).
832 -
قول "الحاوي"[ص 190]: (وتصير ظهراً إن فات شرط) أي: من الشروط التي ذكرها هنا، وهي الخاصة بها، أما الشروط المشتركة بينها وبين غيرها .. فتبطل بفواتها، وهذا واضح.
833 -
قول "التنبيه" في السنن [ص 44]: (وأن يسلم على الناس إذا أقبل عليهم) وكذا يسلم على من عند المنبر قبل الصعود، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(4)، وكذا يسلم عند دخول المسجد كما في "شرح المهذب"(5)، ومقتضى هذا أنه لا يسلم على كل فوج يتخطاهم في طريقه إلى المنبر، فيستثنى ذلك من إفشاء السلام إن صح، والله أعلم.
834 -
قول "التنبيه" -والعبارة له- و"الحاوي": (وأن يجلس إلى أن يؤذن المؤذن)(6) أحسن من قول "المنهاج"[ص 135]: (ويجلس، ثم يُؤَذَّن) لأنه قد يُقرأ بكسر الذال .. فيوهم أنه هو الذي يؤذن، فينبغي أن يُقرأ بفتحها، ومع ذلك ففي عبارتهما زيادة فائدة، وهي: اقتضاؤها كون المؤذن بين يديه واحداً، وقد نقل في "البيان" عن صاحب "الإفصاح" والمحاملي استحبابه، نقله الرافعي (7).
(1) انظر "المجموع "(4/ 435).
(2)
انظر "التهذيب"(2/ 341)، و"فتح العزيز"(2/ 288).
(3)
الحاوي (ص 190)، المنهاج (ص 135).
(4)
الحاوي (ص 191)، المنهاج (ص 135).
(5)
المجموع (4/ 447).
(6)
التنبيه (ص 44)، الحاوي (ص 192).
(7)
البيان (2/ 577)، وانظر "فتح العزيز"(2/ 294).
ونص في "الأم" على كراهة الزيادة عليه في هذا المحل (1)، حكاه في "المهمات"، وعبارة "المحرر":(ويشتغل المؤذن بالأذان كما جلس)(2)، وتعبير "المنهاج" لا يدل على هذا التعقيب، وإنما لم يستعمل هذه العبارة؛ لما ذكره في "الدقائق": أن قوله: (كما جلس) ليست عربية، ويطلقها فقهاء المعجم بمعنى: عند (3).
835 -
قولهما: (وأن تكون الخطبة قصيرة)(4) عبر "الحاوي "بأن تكون قصداً (5)، أي: متوسطة بين الطول والقصر، وهو الموافق لـ"الروضة" وأصلها (6).
836 -
قول "التنبيه"[ص 44]: (ويعتمد على سيفٍ أو قوسٍ أو عصاً) أحسن من قول "المنهاج"[ص 135]: (ويعتمد على سيفٍ أو عصاً ونحوه) لتصريحه بالقوس الذي أبهمه "المنهاج" بقوله: (ونحوه) ففي الحديث: (أنه عليه الصلاة والسلام كان يتوكأ على قوس أو عصا)(7)، وعبارة "الحاوي" [ص 192]:(ويشغل يداً بنحو سيفٍ وأخرى بالمنبر) ولم يبين التي يشغلها بالسيف، وهي اليسرى، كما صرح به القاضي حسين والبغوي والخوارزمي، ولم يتعرض له الأكثرون (8).
837 -
قول "الحاوي"[ص 192]: (وإن نَسِيَ بـ "المنافقين" في الثانية) أي: إن نَسِيَ قراءة (الجمعة) في الأولى .. قرأها مع (المنافقين) في الثانية، فالباء في قوله:(بالمنافقين) للمصاحبة، قال في "الروضة": ومعنى النسيان: تركها سواء كان ناسياً أو عامداً أو جاهلاً (9).
838 -
قول "التنبيه"[ص 44]: (والسنة لمن أراد الجمعة: أن يغتسل لها عند الرواح) فيه أمران:
أحدهما: قد يفهم أنه لا يتيمم لها عند العجز؛ لأن الغرض بالغسل التنظيف، والأصح: أنه يتيمم، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(10).
(1) الأم (1/ 195).
(2)
المحرر (ص 70).
(3)
الدقائق (ص 47).
(4)
انظر "التنبيه"(ص 44)، و"المنهاج"(ص 135).
(5)
الحاوي (ص 192).
(6)
الروضة (2/ 32).
(7)
أخرجه أحمد (17889)، وابن خزيمة (1452)، والطبراني في "الكبير"(3165) من حديث شعيب بن زريق الطائي عن الحكم بن حزن الكلفي.
(8)
انظر "التهذيب"(2/ 342).
(9)
الروضة (2/ 45).
(10)
الحاوي (ص 191)، المنهاج (ص 135).
ثانيهما: قد يفهم من تعبيره وتعبير "الحاوي" بالرواح أن الأفضل: تأخيره إلى بعد الزوال، فالأحسن: قول "المنهاج"[ص 135]: (وتقريبه من ذهابه أفضل).
839 -
قول "التنبيه" في (باب الغسل المسنون)[ص 20]: (وهو اثنا عشر غسلاً) يرد عليه أغسال أخرى، منها: الغسل من الحجامة، والخروج من الحمام؛ كما اختار النووي الجزم به، وحكى عن النص: أُحِبُّ الغسل من الحجامة، والحمام، وكل أمر غَيَّر الجسد، قال: فأشار الشافعي إلى حكمته أن ذلك يغير الجسد ويضعفه، والغسل يشده وينعشه (1).
ومنها: الغسل لكل اجتماع، وفي كل حال يغير رائحة البدن، حكاه في "الروضة" عن الأصحاب (2).
ومنها: الغسل للاعتكاف، نص عليه كما في "اللطيف" لأبي الحسن بن خيران، ولكل ليلة من رمضان، قاله الحليمي، ولحلق العانة، قاله المحاملي وأبو حامد العراقي في "الرونق"، وللوادي عند سيلانه كما ذكروه في (الاستسقاء)، ولدخول الكعبة، حكاه في "النهاية" عن صاحب "التلخيص"، وهو غلط (3)، ولدخول الحرم والمدينة كما سنذكره، ولا يرد ذلك على "المنهاج" إذ ليس في عبارته ما يدل على الحصر.
840 -
قول "التنبيه"[ص 20]: (وغسل المجنون إذا أفاق) كذلك المغمى عليه، وقد ذكره "المنهاج"(4).
841 -
قولهما: (والكافر إذا أسلم)(5) أي: إن لم يجنب في كفره، فإن أجنب .. فالأصح: وجوب الغسل ولو اغتسل في زمن الكفر.
842 -
قول "التنبيه"[ص 20]: (والغسل لدخول مكة) كذا لدخول الحرم، ولدخول المدينة، كما ذكره فيهما أبو بكر الخفاف في كتاب "الأقسام والخصال"، وذكره النووي في "مناسكه" لدخول المدينة (6).
843 -
قوله: (وغسل الرمي)(7) أي: أيام التشريق كل يوم غسلاً، ولا يستحب لرمي جمرة العقبة، واستحبه الخفاف، وهو غريب.
(1) انظر "الروضة"(2/ 44).
(2)
الروضة (2/ 44).
(3)
التلخيص (ص 179)، نهاية المطلب (2/ 530)، وقد تقدم ذكر ذلك في (باب الغسل) مسألة (214).
(4)
المنهاج (ص 135).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 20)، و"المنهاج"(ص 135).
(6)
الإيضاح في المناسك (ص 157).
(7)
انظر "التنبيه"(ص 20).
844 -
قوله: (وغسل الطواف)(1) أي: طواف الركن كما قيده في "الكفاية"، وهو موافق لاقتصار "التنبيه" عليه في (الحج)، وهو قديم جزم به النووي في "مناسكه الكبرى"، والجديد الصحيح: المنع، واستحبه القديم لطواف الوداع، وجزم به النووي في "مناسكه" أيضاً (2)، وأجرى القاضي أبو الطيب القديم في طواف القدوم أيضاً، والمشهور خلافه.
845 -
قوله: (وغسل الوقوف بعرفة)(3) كذلك بمزدلفة بالمشعر الحرام، لا للمبيت بها، وفي "المنهاج" [ص 135]:(وأغسال الحج) وأحال تفصيلها على بابها.
846 -
قول "المنهاج"[ص 135]: (وليس للجديد -أي: في ترجيح غسل غاسل الميت- حديث صحيح) فيه نظر؛ فقد صحيح الترمذي وابن حبان وابن السكن حديث أبي هريرة في ذلك (4)، وصحح ابن خزيمة والحاكم والبيهقي حديث عائشة فيه (5).
847 -
قول "التنبيه"[ص 44]: (وأن يبكر بعد طلوع الشمس) الأصح: استحبابه من طلوع الفجر، وهو مفهوم من عبارة "الحاوي" لعطفه على الأحكام المرتبة على الفجر (6)، وأطلق "المنهاج" التبكير، ولم يذكر وقته (7)، ويستثنى من التبكير: الإمام، فيحضر وقت الصلاة، قاله الماوردي (8).
848 -
قول "التنبيه"[ص 44]: (وأن يتنظف بسواك) أي: لتغير الفم، لا للصلاة؛ لأن سواك الصلاة مستحب وإن لم يحصل به تنظف، مع أنه قد سبق السواك عند تغير الفم في بابه، وكأن المذكور هنا استحبابه لخصوص تغير الفم يوم الجمعة، تعظيماً لشأن الجمعة، واستحبابه خاصاً غير استحبابه عاماً.
849 -
قوله: (وإن حضر والإمام يخطب .. لم يتخط رقاب الناس)(9) فيه أمور: أحدها: أنه يفهم أنه لا بأس بالتخطي قبل الخطبة كمذهب مالك رضي الله عنه (10)، وليس كذلك؛ ولذلك لم يقيده به "المنهاج" و"الحاوي"(11).
(1) انظر "التنبيه"(ص 20).
(2)
الإيضاح في المناسك (ص 38).
(3)
انظر "التنبيه"(ص 20).
(4)
سنن الترمذي (993)، صحيح ابن حبان (1161).
(5)
صحيح ابن خزيمة (256)، مستدرك الحاكم (582)، سنن البيهقي الكبرى (1328).
(6)
الحاوي (ص 191).
(7)
المنهاج (ص 136).
(8)
انظر "الحاوي الكبير"(2/ 452).
(9)
انظر "التنبيه"(ص 45).
(10)
انظر "المدونة"(1/ 159).
(11)
الحاوي (ص 192)، المنهاج (ص 136).
ثانيها: لم يبين حكم التخطي، والمشهور: كراهته، وعبارة "المنهاج" تقتضي أنه خلاف الأولى؛ لعده في السنن: ألَاّ يتخطى (1)، واختار في (الشهادات) من "الروضة" تحريمه (2)، وعليه نص الشافعي كما نقله الشيخ أبو حامد، وهو مفهوم قول "الحاوي" [ص 192]:(وللإمام ومن بين يديه فرجة تخطي الرقاب) فإنه يقتضي أن غيرهما ليس له ذلك.
ثالثها: يستثنى من كراهة التخطي وتحريمه شيئان:
أحدهما: الإمام، فله التخطي في مضيه للمنبر والمحراب إذا لم يجد طريقاً سواه، ولا ترد هذه على "التنبيه" لفرضه المسألة فيمن عدا الإمام بقوله [ص 45]:(حضر والإمام يخطب) والحاضر والإمام يخطب غير الإمام قطعاً.
الثاني: غير الإمام إذا وجد في الصفوف التي بين يديه فرجة .. فله التخطي إليها بشرط أن يكون التخطي بصف أو صفين، فإن زاد .. فالكراهة باقية، قاله الشيخ أبو حامد وغيره، ونص عليه في "الأم"(3)، وقال في "شرح المهذب" فيما إذا كان بينه وبينها أكثر من صفين: إن رجا أن يتقدموا إليها إذا صلوا .. لم يتخط، وإلا .. تخطى إليها، وهذا كله في الاستحباب، ولا يكره التخطي في حالة من هذه الأحوال سواء كانت الفرجة قريبة أم بعيدة. انتهى (4).
وهو خلاف النص كما تقدم، وهاتان الصورتان واردتان على "المنهاج"، وقد ذكرهما "الحاوي" كما تقدمت عبارته، لكن يستثنى من إطلاقه تخطي الرقاب لمن بين يديه فرجة: ما إذا زادت على صفين كما تقدم، والله أعلم.
850 -
قول "المنهاج"[ص 136]: (وأن يتزين بأحسن ثيابه) قد يفهم ترجيح غير الأبيض على الأبيض إذا كان أحسن، وليس كذلك؛ ولذلك عقبه "التنبيه" بقوله [ص 44]:(وأفضلها البياض)، وكذا قال "الحاوي" [ص 191]:(ولبس البيض).
851 -
قول "التنبيه"[ص 45]: (والمستحب أن يقرأ "سورة الكهف" يوم الجمعة) زاد "المنهاج"[ص 136]: (وليلتها)، وأكثر الكتب ساكتة عن تعيين وقت قراءتها من اليوم، وحَكى في "الذخائر" خلافاً في أنه قبل طلوع الشمس أو بعد العصر، ولا شك أن هذا الخلاف في الأولوية، وفي "الشامل الصغير": عند الرواح إلى الجمعة.
852 -
قول "المنهاج"[ص 136]: (ويحرم على ذي الجمعة التشاغل بالبيع وغيره بعد الشروع
(1) المنهاج (ص 136).
(2)
الروضة (11/ 224).
(3)
الأم (1/ 198).
(4)
المجموع (4/ 466).
في الأذان) المراد بذي الجمعة: من تلزمه، ومفهومه: أنه لو كان أحد المتبايعين لا تلزمه .. لا تحرم عليه، وليس كذلك كما جزم به الرافعى والنووي (1)، لكن في "المهمات": المعروف أنه لا يأثم إلا من تلزمه الجمعة، وحكاه عن النص وجماعة، ومحل التحريم: إذا سمع النداء فتشاغل بالبيع مستقراً سواء أكان مفوتاً للجمعة أم لا، أما لو بادر وبايع في طريقه ماشياً أو في المسجد .. لم يحرم، قاله المتولي، وارتضاه النووي (2).
853 -
قول "التنبيه" فيمن حضر والإمام يخطب [ص 45]: (ولا يزيد على تحية المسجد بركعتين يتجوز فيهما) فيه أمران:
أحدهما: أنه يفهم أن من حضر قبل الخطبة .. له الزيادة على التحية، ويستثنى منه: ما بعد جلوسه على المنبر، قال في "شرح المهذب": المشهور: منع الصلاة مطلقاً سواء وجب الإنصات أم لا، وسواء قرب الإمام أو بعد (3).
ثانيهما: يستثنى من فعل التحية: ما لو دخل في آخر الخطبة .. فلا يصليها خشية فوات أول الجمعة مع الإمام، كذا في "الروضة" تبعاً لأصلها (4)، وفي "شرح المهذب": حمل ذلك على ما إذا ظن فوات تكبيرة الإحرام مع الإمام، وإلا .. صلاها، قال: وإطلاق من أطلق محمول على هذا، ويستحب للإمام أن يزيد في الخطبة قدراً يمكنه الإتيان بالركعتين فيه، نص عليه في "الأم"، وأطبق عليه الأصحاب كما في "شرح المهذب"(5).
وعبارة "الحاوي" في المندوبات [ص 191]: (وفي الخطبة ترك غير التحية) فيرد عليه هذان الأمران، ويرد عليه أمران آخران:
أحدهما: كونه جعل ترك غير التحية مندوباً، وقد حكى الأصحاب الإجماع على الامتناع، وهو يقتضي التحريم.
ثانيهما: قد يفهم كلامه جواز التحية في هذه الصورة بأكثر من ركعتين؛ فإن النووي في "شرح المهذب" جوز الزيادة في التحية على ركعتين إذا أتي بسلام واحد (6)، وأخرج ذلك "التنبيه" بقوله:(بركعتين) وإن صح كلام النووي .. فينبغي أن يستثنى منه هذه الصورة، وما إذا دخل وقت الكراهة.
(1) انظر "فتح العزيز"(2/ 316)، و"المجموع"(4/ 419).
(2)
انظر "المجموع"(4/ 419).
(3)
المجموع (4/ 472).
(4)
الروضة (2/ 30).
(5)
الأم (1/ 198)، المجموع (4/ 472، 473).
(6)
المجموع (4/ 56).
854 -
قول "الحاوي" في المندوبات [ص 191]: (ورد السلام) كما صححه في "الشرح الصغير"، وفي "الكبير" تصحيح الوجوب عن البغوي، وأقره، وتبعه في "الروضة"، وعزاه في "شرح المهذب" للبغوي وآخرين، وصححه، وقال: إنه ظاهر نص "المختصر"(1).
855 -
قوله: (وللعجائز الحضور)(2) له ثلاث شروط: أن يأذن زوجها، وألَاّ تلبس لباساً ذا شهرة وزينة، وألَاّ تتطيب، وقد تفهم عبارته عطفه على المندوبات مع أنه جائز فقط، لكن استحبوا في العيدين الخروج لهن.
856 -
قول "التنبيه" في (صلاة الجماعة)[ص 38]: (وإن أحدث الإمام فاستخلف مأموماً .. جاز في أصح القولين، إلا أنه لا يستخلف إلا من لا يخالفه في ترتيب الصلاة) فيه أمور:
أحدها: لو عبر بقوله: (وإن بطلت صلاة الإمام) كما فعل "الحاوي"(3)، أو بقوله:(وإذا خرج الإمام من الصلاة بحدث أو غيره) كما فعل "المنهاج"(4) .. لكان أولى؛ ليشمل الحدث وغيره، فالمسألة أعم والحدث مثال.
ثانيها: قوله: (فاستخلف) قد يفهم أنه لا يجوز للمأمومين الاستخلاف، وليس كذلك؛ ولهذا عبر "المنهاج" بقوله [ص 136]:(جاز الاستخلاف في الأظهر)، وهو أعم من استخلاف الإمام واستخلاف المقتدين، وأعم منهما قول "الحاوي" [ص 181]:(فتقدم واحد .. جاز) لأنه يشمل سورة ثالثة، وهي: تقدمه بنفسه.
ثالثها: قوله: (مأموماً) يقتضي أنه لا يجوز له استخلاف غير المأمومين، وليس كذلك، بل يجوز استخلاف غير المأمومين إلا في الجمعة كما قاله الأكثرون؛ ولذلك أطلق "المنهاج" جواز الاستخلاف، ثم قال [ص 136]:(ولا يستخلف للجمعة إلا مقتدياً به قبل حدثه)، ولم يقيد "الحاوي" ذلك بالمأموم هنا (5)، وقيده به في الجمعة فقال [ص 189]:(فيقدم من اقتدى به)(6).
رابعها: قوله: (إلا أنه لا يستخلف إلا من لا يخالفه في ترتيب الصلاة) لا يجتمع ظاهره مع قوله: (فاستخلف مأموماً) فإن المأموم يوافق إمامه في ترتيب الصلاة، وحمله في "الكفاية" على أن المراد: معرفته بنظم صلاة الإمام؛ فإنه متى لم يعرف نظم صلاة الإمام .. لم يجز استخلافه،
(1) فتح العزيز (2/ 291)، الروضة (2/ 29)، المجموع (4/ 442)، وانظر "مختصر المزني"(ص 27، 28)، و"التهذيب"(2/ 341).
(2)
انظر "الحاوي"(ص 192).
(3)
الحاوي (ص 181).
(4)
المنهاج (ص 136).
(5)
أي: في صلاة الجماعة.
(6)
في (ب): (لكنه لم يستثن الجمعة؛ وكأن ذلك لما قرره في أول "الجمعة" أن شرطها: ألَاّ يتقدمها جمعة أخرى).
كما قال في "الروضة": إنه الأرجح دليلاً، وقال في "شرح المهذب": إنه الأقيس، لكن صحح الشيخ أبو على: الجواز، وصححه في "التحقيق"(1)، وهو مقتضى إطلاق "المنهاج" و"الحاوي".
ويرد على "المنهاج" أمران:
أحدهما: أنه أطلق جواز استخلاف غير المقتدي به في غير الجمعة، وإنما يجوز استخلاف غير المقتدي إذا لم يخالف ترتيب صلاة الإمام، فإن خالف؛ بأن يكون في الركعة الثانية أو الرابعة أو الثالثة في المغرب .. لم يجز إلا مع تجديد نية القوم، وقد ذكره "الحاوي" بقوله [ص 181]:(لا في الثانية والرابعة وثالثة المغرب غير المقتدي بلا تجديد النية).
ثانيهما: في قوله: (ولا يشترط كونه حضر الخطبة ولا الركعة الأولى في الأصح فيهما)(2) فإن الذي في "الروضة" تبعاً لأصلها فيما إذا لم يحضر الركعة الأولى .. قال الإمام: إن منعنا إذا لم يحضر الخطبة .. فكذا هنا، وإن جوزناه .. فهنا قولان، أظهرهما وبه قطع الأكثرون: الجواز. انتهى (3).
وذلك يقتضي التعبير في المسألة الثانية بالأظهر أو المذهب.
857 -
قول "التنبيه"[ص 45]: (وإن زُحِمَ عن السجود وأمكنه أن يسجد على ظهر إنسان .. فعل) أي: مع مراعاة التنكيس، ولو عبر بقوله:(على شيء) .. لكان أعم، وقد عبر "المنهاج" بقوله [ص 137]:(على إنسان) فحذف لفظ: (الظَّهر) ليتناول القدم وغيره من الأعضاء، لكن وقع فيما أورده على "التنبيه" حيث قال في "التحرير": لو حذف لفظ (إنسان) .. لعم (4).
858 -
قوله: (وإن لم يزل الزحام حتى ركع الإمام في الثانية .. ففيه قولان، أحدهما: يقضي ما عليه، والثاني: أنه يتبع الإمام)(5) الأصح: الثاني، وعليه مشى "المنهاج بقوله [ص 137]:(والأظهر: أنه يركع).
859 -
قول "المنهاج"[ص 137]: (فلو سجد على ترتيب نفسه عالماً بأن واجبه المتابعة .. بطلت صلاته) أي: إن لم ينو المفارقة، فإن نوى المفارقة .. فهي بغير عذر، والأصح: جوازها، لكن لا تصح جمعته.
(1) الروضة (2/ 14)، المجموع (4/ 212)، التحقيق (ص 267).
(2)
انظر "المنهاج"(ص 136).
(3)
الروضة (2/ 15)، وانظر "نهاية المطلب"(2/ 508، 509).
(4)
تحرير ألفاظ التنبيه (ص 87).
(5)
انظر "التنبيه"(ص 45).
860 -
قوله: (وإن نَسِيَ أو جَهِلَ .. لم يُحْسَب سجودُهُ الأول، فإذا سجد ثانياً .. حُسِبَ)(1) المراد بسجوده ثانياً: أنه لما فرغ من سجدتيه .. قام فقرأ وركع وسجد، وما ذكره من حسبان السجود الثاني .. قال في "المحرر": إنه المنقول عن الصيدلاني وغيره (2)، لكن في "الروضة" تبعاً لأصلها: إن المفهوم من كلام الأكثرين أنه لا يعتد له بشيء مما يأتي به على غير المتابعة، وإذا سلم الإمام .. سجد سجدتين لتمام الركعة، وفاتته الجمعة؛ لأنا على هذا القول نأمره بالمتابعة بكل حال، فكما لا يحسب له السجود والإمام راكع لأجل المتابعة .. لم يحتسب به وهو في ركن بعده. انتهى (3).
وفي "شرح المهذب" عن الجمهور: أنهم قطعوا بعدم الاحتساب. انتهى (4).
وذلك يفهم أنهم صرحوا به، لا أنه مفهوم من كلامهم، واختار السبكي ما في "المنهاج"، وقال: إنما لم يحسب سجوده والإمام راكع؛ لأنه يمكنه بعد ذلك أن يتابعه فيه فيدرك الجمعة، وأما بعده .. فينبغي أن يحسب له، وإلا .. فتفوته الركعة، ولا نسلم وجوب المتابعة حينئذ، وإطلاقهم محمول على ما إذا تأتى له إدراك [الركعة](5) ثم استشهد لذلك، ثم قال: فثبت أن ما في "المنهاج" هو الأصح من جهة الفقه، قال: وصورة المسألة ما إذا لم يزل نسيانه، أو جهله حتى أتى بالسجود الثاني، فإن زال قبله .. فعلى المفهوم من كلام الأكثرين: تجب متابعة الإمام فيما هو فيه. انتهى.
وقول "التنبيه"[ص 45]: (فإن أدرك الإمام قبل السلام -أي: بعد فعل ما عليه- .. أتم الجمعة) يشمل ما إذا تابع الإمام، وما إذا مشى على ترتيب نفسه، وقد عرفت ما في مشيه على ترتيب نفسه من التفصيل بين العلم والجهل، وقوله:(إن لم يدرك السلام .. أتم الظهر) صورته: أن تكون الزحمة عن السجود في الركعة الأولى أو في الثانية ولم يكن أدرك مع الإمام الأولى، فأما إذا كان في الثانية وقد أدرك الأولى .. حصلت له الجمعة، وقوله بعده:(وإن لم يزل الزحام حتى ركع الإمام في الثانية)(6) يقتضي أن صورة المسألة: أن الزحمة في الأولى.
(1) انظر "المنهاج"(ص 137).
(2)
المحرر (ص 72).
(3)
الروضة (2/ 20).
(4)
المجموع (4/ 484).
(5)
في (أ) و (ب): (الجمعة)، والمثبت من باقي النسخ.
(6)
انظر "التنبيه"(ص 45).