الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المتولي وغيره: يحل بمضي الثلاث؛ فإنها عربية كوامل، وهو الصواب عند الرافعي والنووي (1)، وأبداه الإمام احتمالًا (2)، قالوا: وانما يُراعى في الشهر الأول العدد إذا عقد فِى غير اليوم الأخير، واعترض في "المهمات" على هذا الحصر: بأنه لو وقع العقد في الليلة الأخيرة .. كان كاليوم في أنَّه لا يُراعى فيه العدد أيضًا؛ للمعنى الذي ذكره.
فَصْلٌ [شروط السلم]
1986 -
قول "المنهاج"[ص 237]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 291]: (يشترط كون المُسْلَم فيه مقدورًا على تسليمه عند وجوب التسليم) كذا في "المحرر" تبعًا للغزالي (3)، وقال الرافعي: هذا الشرط لا يختص بالسلم، بل يعم كل بيع. انتهى (4).
وأجيب: بأن التصريح به للفروع المترتبة عليه، وقد يجاب: بأن المقصود بيان موضع القدرة، وهي حالة وجوب التسليم، وتارة يقترن بالعقد لكون السلم حالًا، وتارة يتأخر عنه فيما إذا كان مؤجلًا، بخلاف البيع؛ فإن المعتبر اقتران القدرة فيه بالعقد في كل حال، والله أعلم.
وقد يرد على عبارة "المنهاج": ما إذا قدر على تسليمه، لكن بمشقة عظيمة في تحصيله كقدر كثير من الباكورة، وفيه وجهان، قال الرافعي: أقربهما إلى كلام الأكثرين البطلان (5)، ولا يرد ذلك على "الحاوي" لتصريحه به بقوله [ص 291]:(لا وقت الباكورة في قدرٍ عسر التحصيل).
1987 -
قول "المنهاج"[ص 237]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 291]: (فإن كان يوجد ببلدٍ آخر .. صح إن اعتيد نقله للبيع، وإلا .. فلا) حكاه في "الروضة" وأصلها عن الإمام (6)، قال الرافعي: وسيأتي في آخر الفصل ما يُنازع في الإعراض عن مسافة القصر (7)، وأسقط ذلك من "الروضة"، ومراد الرافعي به: ما إذا أسلم فيما يعم، فانقطع في محله، وأمكن نقله من بلدة أخرى من غير فساد؛ فالأصح: أنَّه إن كان دون مسافة القصر .. وجب، وإلا .. فلا، وقال الإمام هنا: لا اعتبار بمسافة القصر كما قال هناك (8)، فيحتاج على طريقة النووي إلى الفرق بين
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 399)، و"الروضة"(4/ 10).
(2)
انظر "نهاية المطلب"(6/ 30).
(3)
المحرر (ص 159)، وانظر "الوجيز"(1/ 321).
(4)
انظر "فتح العزيز"(4/ 401).
(5)
انظر "فتح العزيز"(4/ 401).
(6)
الروضة (4/ 12)، وانظر "نهاية المطلب"(6/ 8).
(7)
انظر "فتح العزيز"(4/ 401).
(8)
انظر "نهاية المطلب"(6/ 8).
المسألتين، وأما الرافعي: فمشير إلى التسوية بكلامه المتقدم.
1988 -
قولهما - والعبارة لـ"المنهاج" -: (ولو أسلم فيما يعم فانقطع في محله .. لم ينفسخ في الأظهر)(1) كذا لو وجد في محله وماطله به حتَّى انقطع .. ففيه القولان، وقيل: لا ينفسخ في هذه قطعًا، وهذا يرد أيضًا على قول "الحاوي" [ص 291]:(وان انقطع .. خُيّر في المحل) فإنه وإن لم يقيد الانقطاع بكونه في المحل .. فقد قيد التخيير به.
1989 -
قولهم في المسألة المذكورة - والعبارة لـ"المنهاج" -: (فيتخير المسلم بين فسخه، والصبر حتَّى يوجد)(2) قد يفهم من إطلاق الخيار أنَّه على الفور، لا سيما مع قول "التنبيه" و"المنهاج" أولًا:(إنه بيع مخصوص)(3) لكن الأصح: أنَّه على التراخي، فإن قلت: قد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 291]: (فإن أجاز، ثم بدا له .. يتمكن من الفسخ).
قلت: هذه مسألة أخرى غير كونه على التراخي، ولا يلزم من التراخي أنَّه إذا اختار خصلةً .. يجوز له الرجوع عنها كالمفلس.
1990 -
قول "المنهاج"[ص 237]: (ولو عَلِمَ قبل المحل انقطاعه عنده .. فلا خيارَ قبلهُ في الأصح) ينبغي أن يقول كما في "الروضة": لم يتنجز حكم الانقطاع في الأصح (4)؛ لأن مقابل المرجح تنجز حكم الانقطاع حتَّى ينفسخ العقد على قول، ويثبت الخيار على الثاني، وكذا عبر به الرافعي في "الشرح"، وإن كانت عبارة "المحرر" كـ "المنهاج"(5).
1991 -
قول "التنبيه"[ص 98]: (ويجوز فيما يكال بالكيل، وفيما يوزن بالوزن، وفيما يذرع بالذرع، وفيما يعد بالعد) فيه أمران:
أحدهما: أنَّه يقتضي منع السلم في المكيل وزنًا وفي الموزون كيلًا، وليس كذلك، وقد صرح به "المنهاج" بقوله [ص 237]:(ويصح المكيل وزنًا وعكسه) لكن جواز الموزون كيلًا أطلقه الأصحاب، وحمله الإمام على ما يُعد الكيل في مثله ضابطًا، فلو أسلم في فتات المسك والعنبر ونحوهما كيلًا .. لم يصح، حكاه الرافعي عنه، وأقره (6)، وصححه النووي في "التصحيح" فقال: يصح في كل ما يتأتى كيله سوى المسك ونحوه كيلًا (7)، ومشى عليه "الحاوي" بقوله [ص 291]:
(1) انظر "الحاوي"(ص 291)، و"المنهاج"(ص 237).
(2)
انظر "التنبيه"(ص 99)، و"الحاوي"(ص 291)، و"المنهاج"(ص 237).
(3)
التنبيه (ص 97)، المنهاج (ص 236).
(4)
الروضة (4/ 12).
(5)
فتح العزيز (4/ 403)، والمحرر (ص 159).
(6)
انظر "نهاية المطلب"(6/ 49)، و"فتح العزيز"(4/ 408).
(7)
تصحيح التنبيه (3/ 109).
(بالوزن في كبير الجرم؛ كالبيض، وما لا يُعتاد كيله).
لكن جزم الرافعي بعد ذلك بالجواز في اللآلئ الصغار إذا عم وجودها كيلًا ووزنًا (1).
قال النووي: وهو مخالف لما قدمه عن الإمام فيما لا يُعد الكيل فيه ضبطًا، فكأنَّه اختار هنا إطلاق الأصحاب. انتهى (2).
وقال شيخنا الإمام البلقيني: ليس مخالفًا لما تقدم؛ لأن فتات المسك والعنبر ونحوهما، إنما لم يُعد الكيل فيهما ضبطًا؛ لكثرة التفاوت بالثقل على المحل أو تركه، وفي اللؤلؤ لا يحصل بذلك تفاوت؛ كالقمح والفول، فصح فيه كيلًا، فلا مخالفه. انتهى.
ثانيهما: ما ذكره من السلم فيما يُعد بالعد ذكره "المنهاج" أيضًا (3)، ولم يذكر "الحاوي" العدد إلَّا مع الوزن في اللبن، ومع الذرع في الثوب (4)، وقال ابن يونس: المنقول في مشاهير الكتب: أن العدد في المعدود لا يكفي وحده، وقال ابن عجيل اليمني: لعل مراد "التنبيه": إذا أسلم في دراهم أو دنانير وكان وزنها معروفًا بالاستفاضة .. فإنه عند العقد يُكتفى بذكر العدد، وعند الاستيفاء لا بد من الوزن؛ ليُتحقق الإيفاء.
1992 -
قول "المنهاج"[ص 237]: (ولو أسلم في مئة صاع حنطةٍ على أنَّ وَزْنَها كذا .. لم يصح) في معنى الحنطة: الثياب، بخلاف الخشب؛ لأن زائده يُنحت.
1993 -
قول "التنبيه"[ص 98]: (وقيل: يجوز في الجوز واللوز كليلًا) هو الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(5)، لكنهما قيدا جواز السلم فيهما وفي نحوهما بقيد عبر عنه "المنهاج" بقوله [ص 237]:(في نوع يقل اختلافه)، و"الحاوي" بقوله [ص 292]:(إن استوت قشوره).
واعلم: أن الرافعي أطلق جواز السلم في ذلك وزنًا، ثم قال: واستدرك الإمام فقال: قشورهما مختلفة، فمنها غلاظ ومنها رقاق، والغرض يختلف باختلافها، فليمتنع السلم فيهما بالوزن. انتهى (6).
ومقتضى ذلك: منع السلم لكونهما مظنة الاختلاف، ومقتضى "المنهاج" و"الحاوي": الجواز إن لم يختلف، وقال النووي في "شرح الوسيط" بعد حكايته لمقالة الإمام: المشهور في
(1) انظر "فتح العزيز"(4/ 411).
(2)
انظر "الروضة"(4/ 17).
(3)
المنهاج (ص 237).
(4)
الحاوي (ص 291، 292).
(5)
الحاوي (ص 292)، المنهاج (ص 237).
(6)
فتح العزيز (4/ 406)، وانظر "نهاية المطلب"(6/ 50).
المذهب: هو الذي أطلقه الأصحاب، ونص عليه الشَّافعي. انتهى (1).
وقال في "المهمات": الصواب: التمسك بما في "شرح الوسيط" لأنه متتبع لا مختصر.
1994 -
قول "المنهاج"[ص 237]- والعبارة له - و"الحاوي"[ص 291]: (ويجمع في اللَّبِنِ بين العدِّ والوزن) قال في "الروضة": كذا قال أصحابنا الخراسانيون، ولم يعتبر العراقيون أو معظمهم الوزن، ونص الشَّافعي في آخر (السلم) من "الأم" على أن الوزن فيه مستحب لو تركه، فلا بأس، لكن يشترط: أن يذكر طوله وعرضه وثخانته، وأنه من طين معروف. انتهى (2).
1995 -
قول "التنبيه" فيما إذا أسلم على مكيال بعينه [ص 99]: (لم يصح) محله: إذا لم يكن معتادًا، فإن اعتيد الكيل به .. صح على الأصح، وعليه مشى "المنهاج" و"الحاوي"(3)، لكن قد تفهم عبارة "المنهاج" صحة الشرط فيما إذا اعتيد الكيل به، وليس كذلك، بل السلم صحيح والشرط لاغٍ؛ كسائر الشروط التى لا غرض فيها، وقد ذكر ذلك "الحاوي" بقوله [ص 292]:(وفسد تعين المكيال لا العقد إن اعتيد)، فلو شرطا ألَّا يبدَّل .. بطل كما دل عليه كلام الرافعي في (المسابقة)(4).
1996 -
قول "التنبيه"[ص 99]: (أو أسلم فيما لا يؤمن انقطاعه؛ كثمرة قرية بعينها .. لم يصح) محله: إذا كانت القرية صغيرة، فإن كانت كبيرة .. صح في الأصح، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(5)، وقد يفهم من عبارة "المنهاج" أن الصورة: أن يسلم في جميع ثمرتها، وليس كذلك؛ فإن هذا باطل، وإنما الصورة: أن يسلم في قدر معين منها.
1997 -
قول "التنبيه"[ص 97]: (ولا يجوز حتَّى يضبط بالصفات التي تختلف بها الأغراض عند أهل الخبرة)، مثل قول "المنهاج" [ص 238]:(ومعرفة الأوصاف التى يختلف بها الغرض اختلافًا ظاهرًا)، وقول "الحاوي" [ص 293]:(وصفات فيها غرض ظاهر) وعبر بعضهم بما تختلف به القيمة، ومنهم من يجمع بينهما، وأورد الرافعي على هذا الشرط: أن كون العبد قويا في العمل أو كاتبًا مثلًا أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة، ولا يجب التعرض لها (6).
قال شيخنا الإسنوي: وتصحيح الضابط أن يزاد فيه، فيقال: من الأوصاف التى لا يدل الأصل على عدمها؛ فإن الكتابة والقوة فضيلة، الأصلُ عدمُها.
(1) انظر "الأم"(3/ 80).
(2)
الروضة (4/ 14)، وانظر الأم (3/ 126).
(3)
الحاوي (ص 292)، المنهاج (ص 237).
(4)
انظر "فتح العزيز"(4/ 407).
(5)
الحاوي (ص 291)، المنهاج (ص 238).
(6)
انظر "فتح العزيز"(4/ 410).
1998 -
قول "التنبيه" عطفًا على ما لا يصح السلم فيه [ص 98]: (وما يجمع أجناسًا مختلفة) فيه أمران:
أحدهما: كذا في أكثر النسخ، والذي في نسخة المصنف:(مختلطة) بالطاء، وهو الصواب؛ فإن الاختلاط أخص، وهو المقتضي للبطلان.
ثانيهما: لا بد مع اختلاطها من كونها مقصودة غير منضبطة، فلو كانت غير مقصودة؛ كالجبن يخالطه الأنفحة، أو منضبطة؛ كالعتَّابي والخز .. صح السلم فيهما، وقد ذكره "المنهاج" و"الحاوي"(1)، لكن في عبارة "المنهاج" إيهام؛ لقوله:(والأصح: صحته في المختلط المنضبط؛ كَعَتابيٍّ وخز، وجبنٍ وأقطٍ وشَهْدٍ، وخلِّ تمرٍ أو زبيب)(2) وفيه أمور:
أحدها: أنَّه ينبغي أن يزيد بعد قوله: (المنضبط): (المقصود الأركان).
ثانيها: أن قوله: (وجبن) وما بعده ليس معطوفًا على (العتابي) المجرور بالكاف؛ فإنه ليس من المختلط المنضبط، وإنَّما هو معطوف على (مختلط) المجرور بـ (في)، وهذه الأمور ما عدا (الشهد) أحد الخَلِيطَين فيها غير مقصود، بل للإصلاح والاختلاط في الشهد خلقيٌّ، وقد قطع في "المحرر "الجبن وما بعده عما. قبله، فقال: (والأصح: صحته في المختلطات التي تنضبط صفاتها؛ كالعتابي والخز، وكذلك في الجبن
…
إلى آخره) (3).
ثالثها: توسيط الشهد بينها غير حسن؛ لأنه من غير نوعها كما قد عرفت، فكان ينبغي فصله عنها بتقديم كما في "الحاوي"(4)، أو تأخير، واختار السبكي المنع في الشهد، خلافًا للرافعي والنووي، وعزاه للنص (5).
1999 -
قولهما - والعبارة لـ"التنبيه": (فإن أسلم فيما لا يعم؛ كالصيد في موضع لا يكثر فيه)(6) أي: ولا في بلد آخر قريب منه.
2000 -
قول "التنبيه"[ص 97]: (وما لا يضبط بالصفة .. لا يجوز السلم فيه؛ كالجواهر) أي: الكبار، فيصح السلم في اللآلئ الصغار، وقد قيد "المنهاج" و"الحاوي" اللآلئ بالكبار، والصغار ما قصدت للدواء لا للزينة (7)، وضبطه الجويني: بسدس دينار تقريبًا وإن قصد للزينة.
(1) الحاوي (ص 294)، المنهاج (ص 238).
(2)
المنهاج (ص 238).
(3)
المحرر (ص 160).
(4)
الحاوي (ص 294).
(5)
انظر "الأم"(3/ 106)، و"فتح العزيز"(4/ 410)، و"الروضة"(4/ 17).
(6)
انظر "التنبيه"(ص 98)، و"المنهاج"(ص 238).
(7)
الحاوي (ص 294)، المنهاج (238).